المسيح الاله في القرآن




الله يبشر زكريا بيحيى , وعلامة نبوته تصديقه بكلمة الله : "......ان الله يبشرك بيحيى . مصدقا بكلمة من الله ..." (آل عمران 39)اذا اولى صفات يحيى انه مصدق بكلمة من الله اب لعيسى ابن مريم , انه كلمة "كائنة " من الله (الجلالان كل البشارات في القرآن تبشر بعيسى ابن مريم أنه "كلمة الله (
-الله يبشر مريم مباشرة بكلمة منه :" اذا قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك "بكلمة منه " اسمه المسيح ابن مريم , وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين "(آل عمران 45) ايضا اولى اسماء مولود مريم واول القابه التي تسمع به مريم هو انه "كلمة الله "ومريم صدقت بالمسيح وانجيله (مائدة 78):جاء في سورة التحريم في قراءة صحيحة :" ومريم ابنة عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا , وصدقت "بكلمة ربها " وكتابه وكانت من القانتين"
والقرآن عندما اراد ان يستجمع اوصاف والقاب المسيح ليعرف به ,يلقبه بهذا اللقب العظيم الفريد :" يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق :انما المسيح اين مريم , رسول الله , وكلمته –القاها الى مريم – وروح منه , فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا "ثلاثة " انتهوا , خير لكم :انما الله اله واحد !سبحانه ان يكون له ولد , له ما في السماوات وما في الارض , وكفى بالله وكيلا , لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون" (نساء 170و171)
"كلمة الله " هذا اللقب الوحيد الذي خص القرآن به عيسى ابن مريم وحده , يخلق اشكالا ومشكلة في القرآن : فالقرآئن تدل على انه يختلف في مفهومه ومدلوله عما يصرح به القرآن عن عيسى ابن مريم , وهو حجر عثرة ايضا عن المفسرين , فهم يتخبطون خبط عشواء في تفسيره :يرون فيه أكثر مما يقرون ولا يجهرون , ولا يفهم معنى اللقب الكامل الا بمقارنته بالانجيل الذي نقل عنه وقد سبق الى تعريف المسيح به .
معناه في القرآن
هذا اللقب الفريد في القرآن لا ننفي ان القرآن لم يعطه اي معنى , او بمعنى آخر, لم يفسره او يشرح معناه , فالقرآن اهتم بنكران البنوة الجسدية واتخاذ الله المسيح اتخاذا ابنا له,او نكران جعله الها اضافة الى امه و الله , ولكنه قبل بنبوته ورفعه يها فوق الجميع .
يبدو من ترجم لمحمد, الانجيل العبراني (وهو القس ورقة بن نوفل ابن عم محمد , كما ذكرت اخبار السيرة النبوية) , لم يترجم له كتب مسيحية اخرى , ولا اطلعه على العقيدة المسيحية وفلسفتها , بل اكتفى بتلقينه العقيدة النصرانية الحنفية, الا ان الترجمة الحرفية للانجيل العبراني , ابقى حقيقة المسيح , كما تؤمن به المسيحية , ظاهرة كعين الشمس , من خلال هذا اللقب السامي للمسيح بانه كلمة الله وروح منه .
معناه لدى المفسرين :
تجاهل صفة المسيح في القرآن المترجم, كونه كلمة الله وروح منه , ورفض محمد تأليه المسيحيين له , مع جهله الواضح لحقيقة ايمان المسيحيين الحقيقي به, وهذا يظهر في النصوص القرآنية التي لا علاقة لها بالمصدر الانجيلي, كان سهلا ان يعلن محمد هذا الرفض في وجه اي كان , ما دامت نصال االسيوف وحوافر الخيل كانت تسبق وصول اعلانه هذا الى اي مكان.
ولكن هذا لم يكن حال المفسرين , فاسم المسيح "كلمة الله " كانت مشكلة لهم .
-الجلالين في تفسيره آل عمران 39 :"مصدقين من الله " يقول : سمي كلمة لأنه خلق بكلمة كن ! , الا انه في آل عمران 45 يمر على التعبير دون ان يشرحه مما يدل على تحذر , في سورة النساء 170 يمر ايضا بالاسم مرور الكرام , مكتفيا يالأشارة الأولى :" سمي كلمة الله لأنه خلق بكلمة كن !
الا ان السؤال البديهي الذي تجاهله وتجاهله جميع المفسرين ,:لماذا سمي وحده بهذا الاسم "كلمة الله " وقد خلق البشر كلهم والانبياء والمرسلون , والملائكة المقربون بكلمة "كن " , ولم يقل الانجيل والقرآن والتوراة عن احد من المخلوقين أن اسمه "كلمة الله "؟؟!!! ثم كيف "روح الله " يكون مجرد أمر؟؟!! اليس في التفسير تناقض وارتباك؟؟؟؟
وجاء في البيضاوي :"مصدقا بكلمة من الله " اي عيسى , سمي بذلك لأنه وجد بامره تعالى دون أب فشابه البدعيات التي هي عالم الامر , او بكتاب الله . ليس المعنى الثاني مقصودا , ثم اليس كل الأنبياء والصالحين وجدوا "بأمره " تعالى ؟؟ فلماذا لم يسم الانجيل والقرآن أحدا منهم "كلمة الله " وأختص عيسى ابن مريم وحده بهذا الاسم ؟ ويمر على الآية 45 يمر مرور الكرام مع انه يعدد الاسماء والاحوال التي يصف القرآن بها " الكلمة " الذي يبشر به الله مريم , كذلك في الآية 170 من النساء .كانه يشعر بخطر هذه الصفة فيتحاشى عن سبر معانيه
والزمخشري ايضا يسير حسب سابقيه , ويتحذر بحذرهم ويقول قولهم
والسؤال الذي تهربوا منه هو: لماذا آدم لم يسمه القرآن والأنجيل والتوراة " كلمة الله " و "روح منه" مع ان خلقه اغرب من خلق عيسى كما يذكر " ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له :كن فيكون !"(آل عمران 59) فآدم أحق من المسيح بلقب "كلمة " لأنه أول من وجد بكلمة "كن"
قال الرازي : سمي عيسى كلمة الله من وجوه :
1-انه خلق بكلمة الله وهو قوله "كن " من غير واسطة الاب ......
2- انه تكلم في الطفولية وآتاه الله الكتاب في زمان الطفولة فكان في كونه متكلما بالغا مبلغا عظيما فسمي كلمة اي كاملا في الكلام .
3-ان الكلمة كما انها تفيد المعاني والحقائق كذلك عيسى كان يرشد الى الحقائق والاسرار الألهية كما سمي القرآن "روحا"
4- انه حقق كلمة بشارة الانبياء به كما قال "وحقت كلمة ربك "
5-ان الانسان يسمى فضل الله ولطف الله فكذا عيسى عليه السلام كان اسمه العلم "كلمة اللله وروح الله " وكلامه على قول اهل السنة صفة قديمة قائمة بذات الله "
-6اضاف في آل عمران 45 :" سمي كلمة الله كأنه صار عين كلمة الله الخالقة له لوجوده المعجز او لانه ابان كلمة الله افضل بيان
7- في النساء 170 يختار ما اجمع عليه القوم :" المعنى انه وجد بكلمة الله وامره من غير واسطة ولا نطفة "

الجواب عليها جميعا : ان كل هذه التعريفات تنطبق على سائر الانبياء , في عرفهم , وخصوصا على خاتم النبيين محمد:فلماذا لم يسم القرآن محمدا بأنه "كلمة الله " وهو عندهم "اول خلق الله " وخاتم رسل الله واكملهم في الكلام المعجز, وقرآنه روح من أمره تعالى , وقالوا هو النبي الامي المكتوب عندهم في التوراة والانجيل , فبه حقت اكثر من عيسى كلمة الله , وقد ابان كلمة الله الأخيرة , خير بيان وأفضله حسب رايهم ؟؟؟!!.....الا ان القرآن يشهد بأن عيسى وحده دون العالمين خص بهذا اللقب العظيم , حتى صار اسم علم له , بل دلالة على ان كلام الله هي كلامه , "وكلامه صفة قديمة قائمة بذات الله " على قول اهل السنة.
التفسير الصحيح
ان النصوص واضحة تعني اسم شخص لا مجرد امر الهي.
-فالله يبشر زكريا بيحيا ويصفه بانه اول من يصدق بعيسى انه "كلمة الله " (آل عمران 39) ويحيى ليس اول من آمن بكلام الله ولا افضل من آمن به , بل يحيى اول من آمن بعيسى أنه كلمة الله وهو يصدق بشخص اسمه كلمة الله وليس مجرد أمر او صفة , وجاء يحيى ليصدق ويبشر "بكلمة الله " الشخص المنتظر.
- ومريم آمنت "بكلمة ربها وكتابه "(تحريم 12) والنص هنا يوضح بأن كلمة الرب غير كتاب الرب , فهي آمنت بعيسى وانجيله .
"اذ قالت الملائكة : يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه , اسمه المسيح عيسى ابن مريم "(آل عمران 45) ليس اوضح ولا اصرح :" الكلمة " المبشر به اسمه المسيح عيسى ابن مريم .
ومن يقرا هذه الآية باخلاص :"انما المسيح , عيسى ابن مريم : رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه "(نساء 170) لا يستطيع الا الاقرار بديهيا أن "الكلمة " اسم "شخص " لوروده بين الاسمين "رسول الله .....وروح منه " فهو مرادف للأسماء المحيطة به , وهو خبر ثان معطوف على رسول الله وكلاهما خبران للمسيح عيسى ابن مريم, وروح منه خبر ثالث معطوف على "كلمته " يوضحه ويؤكده , ف"كلمته " تعني لقب بين القاب المسيح فكيف يكون مجرد أمر؟؟؟!!!
والى ذلك فان لفظ "الكلمة " ورد في آل عمران 45 في المذكر "بكلمة اسمه المسيح واما قوله في سورة النساء "كلمته القاها الى مريم " فانثها حملا على اللفظ , لأن معنى التذكير صريح من الاسماء الثلاثة المحيطة به "رسول الله وكلمته وروح منه"
فهذا "الكلمة " الملقى الى مريم هو "روح الله " فكيف يكون مجرد أمر؟ وهو "رسول الله " فكيف يكون مجرد كلام ؟
"القاها " : فالكلمة الملقاة كائنة قبل ان تلقى الى مريم وقبل مريم : فهذا الأبن الذي سيولد , موجود قبل امه !
"يبشرك بكلمة منه " مولود مريم كائن قبل مريم وهو "منه " اي من الله لا من العدم ! بل لا يمكن ان يكون من العدم كسائر المخلوقين لأنه "كلمة من الله "
"منه " تدل على صلة المصدر, قال البيضاوي :"ذو روح صدر منه " اذن عن طريق الصدور لا عن طريق الخلق , والا فما معنى هذه التأكيدات التي خلص بها :"كلمته...كلمة منه....روح منه" اذا كان يتساوى في طريقة وأصل وجوده مع سائر الناس؟؟؟

النص الثاني لا يختلف عن النص الثاني كما يريد ان يوحي برنابا ولا يغير شيء في موضوع المسيح كلمة الله , الذي يذخر الانجيل في كثير من الاماكن في الاعلان عنها , فهذا النص لا يعلن فقط الوهية المسيحية بقوله :"وكان الكلمة الله " بل في قوله في البدء كانت الكلمة .......بها كل شيء عمل و بدونها لم يكن شيء"
ماذا تعني عبارة " بها كل شيء عمل و بدونها لم يكن شيء" ؟
تعني ان المسيح الكلمة هو نطق الله الذاتي وليس نتيجته كما حاول المفسرون تفسير "كلمة الله " في القرآن, فبالمسيح كان كل شيء ومن دونه لم يكن شي , اذا المسيح هو نطق الله وفكره المتفاعل والصادر عنه
ان الله هو الوجود , والوجود هو الحياة , والله هو الحي القيوم , يحيا ويتفاعل ويتسلسل في ذاته الواحدة .
و هذا التفاعل والتسلسل روحي عقلي, فالمسيح هو إبن الله , أي فكر الله الجوهري , فهل يمكن أن يكون الله من دون عقل ؟؟؟ وهل يكون عقله الا غير محدود كذاته , وفكره الذي هو منتوج عقله , وهو غير محدود في الله كعقله , هو ما يسميه الانجيل بلفظ علمي فلسفي لاهوتي " كلمة الله" , وبتعبير شعبي تفهمه الجماهير "إبن الله " , الا تسمي الناس الافكار بنات العقل ؟؟ وعندما يستعمل الانجيل لفظة "كلمة " يدل بصراحة على ان بنوة الابن من الآب وفي الآب , ضمن الذات أو الطبيعة الالهية الواحدة , هي بنوة فكرية نطقية عقلية , و إن الولادة في الجوهر الألهي الفرد هي روحية الهية , فوق الزمان والمكان , وفوق الجسد والمخلوق , يتسلسل كلمة الله من جوهر الله كما يصدر نطقنا من عقلنا , وهذا الصدور أو التسلسل غير المخلوق , نتيجة التفاعل الألهي , لا يمكن التعبير عنه تماما بكلام مخلوق , فيسميه الأنجيل بلغة بشرية تقرب غير المدرك من إدراكنا " ولادة وبنوة " ثم "أبا وإبنا " . فكلمة الله أو نطق الله الصادر عن القوة العاقلة في الله , هو في وضع يشبه عند البشر وضع ابن من ابيه , وفي علاقة ولادة روحية وبنوة عقلية تشبه فينا ولادة الفكر من العقل , فليس في ذلك اذن رفع مخلوق الى صفة خالق , ولا حط الخالق الى درجة المخلوق , بل هو تفاعل روحي وتسلسل عقلي , بل هو ولادة روحية وبنوة عقلية في الذات الألهية الواحدة .

هذا في الانجيل و ونعود الى القرآن لنجد التعبير الحرفي ذاته ولكن من دون ان يؤخذ بحقيقته ووذلك لجهل محمد بهذه الحقيقة الروحية للمسيح بدليل ان القرآن ينكر البنوة الجسدية ولم يجادل في كلمة الله كروح محض مولود من الله غير مخلوق منه.
وسر "الروح " الألهي ظل مغلقا على جميع الأنبياء , ولسان حالهم جميعا لم يختلف عن لسان حال محمد فب القرآن:" ويسألونك عن الروح ؟قل :الروح من امر ربي , وما أوتيتم من العلم الا قليلا "(اسراء 58) حتى قال أحدا تعليقا على هذه الآية:لقد مضى محمد ولم يدر ما الروح.
وميزة الأنجيل , عن كل وحي وتنزيل , انه كشف "سر الروح " وميزة الأنجيل بحسب يوحنا انه جاء بالكشف الاوفى :
ان الحياة الدينية المسيحية , تبدا بولادة جديدة "من فوق" اي سماوية , ويفسر يسوع انها ولادة حقيقية لكنها روحية :"بالماء والروح"(يوحنا3:5) وهو اشارة للعماد المسيحي وعمل الروح غير محسوس مثل "الريح تهب حيث تشاء ...(يوحنا 3:8) ويعلق على الخلاف الذي كان قائما بين السامريين على مكان العبادة : :"ان الساعة آتية , وها هي حاضرة حيث العابدون الحقيقيون يعبدون الآب بالروح والحق"(يوحنا4:23)
الكلام عن الروح وعمله في الأنسان طويل , في الأنجيل , فالعقيدة المسيحية هي "روح" اي روحية حقيقية لا مجازية , يفعل روح الله فيها , لذلك فهي حياة الهية تفعل بذاتها في الانسان , بفعل روح الله والمسيح.
نعود الى لقب المسيح في القرآن, ولا شك هو بحسب ترجمة القس ورقة للانجيل العبراني كما نقل أهل السيرة:
"إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه "(النساء 171)
قالوا معناه في ما ورد عن آدم "فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "(حجر 19) , " ثم سواه ونفخ فيه من روحه "(سجدة 9) , وعن مريم يقول القرآن :" فنفخنا فيها من روحنا "(انبياء 91) , و "فنفخنا فيه من روحنا " (تحريم 12) فكما نفخ الروح في آدم نفخ ايضا في مريم !
وفاتهم الفرق العظيم والبون الشاسع بين التعبيرين : فعن آدم ومريم فالروح نفخ فيهما اما عن المسيح فهو روح منفوخ , ملقى الى مريم
في الأول "الروح" متميز عن آدم ومريم , اما في الثاني "فروح منه " و"المسيح "شخص واحد على حد التحديد :" انما المسيح ....روح منه" فروح منه خبر ثالث من المبتدأ اي المسيح
فلفظ "روح منه" تعريف بالمسيح و بشخصه يدل على مصدره الذي هو الله , فهل الروح المسيح هي منسوبة لله نسبة خلق ام نسبة مصدر؟ انها نسبة مصدر , لأنها تفسير للقب السابق "كلمته وروح منه" , فالقرآن يعطف "روحا منه " على قوله "كلمته" :فالأسمان يفسر احدهما الآخر : فالمسيح هو كلمة الله وروح الله :كلمة الله من حيث الأقنوم وروح الله من حيث الطبيعة .
(إنما المسيح عيسى ابن مريم :رسول الله وكلمته ......وروح منه هذه الالقاب الثلاثة تتساند وتفسر بعضها بعضا ويكمل بعضها بعضا , وفي تفاسير المفسرين لهذا اللقب العظيم الفريد حيرة , يشعرون انه يعني صلة خاصة بالله ولكن لا يجرؤون على اعلانها
 

عودة