حارة النصارى

وكنت من فترة لأخرى أشعر بأن هناك بوادر لذوبان الفوارق الدينية هذه وأشعر كمسلم بأنه لا يوجد مسيحى في الحارة وبالرغم من قلة هذه الأوقات التى ترمينى في حضن هذا الإحساس الاانها كانت من أروع الفترات التى عشتها في الحارة وقد تجلى في مواقف كثيرة رائعة تناسى فيها أهل الحارة معتقداتهم وعبر كل منهم عن انتمائه للحارة …… فقط الانتماء للحارة …… فحارتنا كان يتوسطها بيت لرجل متوسط الحال …… بناه من الطوب اللبن وسقفه من الحطب والخشب والجريد …… وكان يخصص من سطح المنزل مخزنا لوقود الفرن من " القش " وسيقان القطن والذرة اليابسة …… وفى يوم الجمعة ووقت كان مسلمى الحارة يفترشون مسجدها الذى يبعد مسافة حوالى نصف الكيلو عن الحارة وإذا بالسنة اللهب تتصاعد من هذا المنزل البسيط …… وتعالى صوت النساء بالصياح والعويل …… حريقه …… حريقه فخرج جميع مسيحي الحارة في مظاهرة احتفالية لا تسفر عن شئ سوى الحب والوحدة والانتماء …… خرج كل المسيحيون في لوحة بدأت تتكامل حتى أصبحت بانوراما مضيئة لهذا المشهد المأسوى …… بانوراما لهذه الوحدة …… التى سرعان ما تذوب وتنسى …… التى سرعان ما تفسر بأوجه شتى …… خرج المسيحيون ومن منهم لم يك قد أكمل ثيابه …… خرجوا بالصفائح والقدور ولما بلغنا الخبر تركنا الصلاة ………… وأسرعنا …… فوجئنا بذلك الحشد …… بتلك المنظر البديع …… عم فوزى … نعيم الترزى … كمال السباك … وغيرهم يطفئون النار بصورة فريدة من الإخلاص وكأن المنزل الذى احترق هو منزلهم جميعا …… حتى الأطفال كانوا يحملون " الجرادل " الصغيرة …… وأصرح ولاول مرة اننى لم أساعد في إخماد نيران ذلك الحريق …… إذ اننى عندما أفقت من استتباع هذا المشهد ـ الذى ألب على كل ما سمعته عن المسيحيين والنصرانيين ـ كان الحريق قد أخمد … !!

وما كان من المسلمين إلا التقدم بالشكر المشوب بالغيرة وكظم الغيظ للمسيحيين وعلى رأسهم عم فوزى …… أقصد …… " المعلم فوزى " !!!

ولم يكن إخماد الحريق بهذه الطريقة هو النهاية للأحداث المأسوية لتلك المنزل البائس من فرط بؤس صاحبه وسوء أحواله …… فالنيران قد أتت على محتويات المنزل وأهمها كانت " بقرته " التى يعيش على ألبانها وزبدها وكذا " جاموسته " فقد نفقت في الحريق …… وقد جرت العادة انه في مثل هذه الظروف أن يتكاتف الجميع ويهبوا لجمع التبرعات لمن لحقت به الكارثة وكان من الطبيعى أن يتقدم كل من له المقدرة على المساعدة علاوة على مبلغ يقدم من مجلس الحارة الذى كان بحوزة المعلم عبده الجزار في تظاهرية اشتراكية بليغة المعنى والهدف خالية من التنظير الجاف …… ولكن في حالتنا تلك فكل الأمور تلك كانت غير كفيلة بحل المشكلة لهذا الرجل …… إذ احترق بيته وفراشه …… تقدم أكثر من شخص من المسلمين لاستضافته …… واستقر الرأى على منزل المعلم عبده الجزار لاستضافته هو وأولاده وزوجته .

وكانوا جميعا يرقدون في غرفة واحدة …… ولكم كان الوضع سيئا جدا …… وهنا يحدث ما لا يتوقع ـ بل الذى أصبح من كثرته لابد وأن يكون متوقعا ـ لقد ذهب المعلم فوزى للمعلم عبده طالبا استضافتهم في شقة بالطابق الثانى بمنزله حيث إنها شقة مخصصة لأى من أولاده في المستقبل عند زواجهم …… وهنا تعمل الغيرة في نفوس وقلوب سكان الحارة …… فيرفضون طلب المعلم فوزى .

ـ لما نبقى نقصر في حقه …… ابقى تعالى خده عندك …… !!

( وهنا تدخل والدى بحدة قائلا )

ـ الراجل ده مش ممكن يدخل بيتك حتى لو نام في الشارع يا جدع انت فاهم ولا لأ

ـ ليه يعنى يا أبو أحمد ؟ …… دا احنا جيران والنبى وصى على سابع جار …… والناس لبعضيها …… دانا يا راجل لسه ايديا محروقة من حريق الراجل اللى انت مش عايزه يقعد عندى …… !!

ـ اسمع يا معلم فوزى …… صحيح النبى وصى على سابع جار …… لكن وصانا احنا مش انتم …… انت نسيت انت ايه ولامين ؟

وهنا ينتهى هذا الحوار وانسحب المعلم فوزى بحدة صامتة واتجه نحو منزله ……………

وألح على سؤالا ألست أنا من قاطنى هذه الحارة " حارة النصارى " !!!!!!!

كانت زوجـة الرجـل صاحب الكارثـة صغيـرة السن وعلى قـدر من الجمـال وكان المعلـم عبده …… يـ …… عطف عليها وعلى أولادها !!!.

ولكن زوجته قد فسرت ذلك تفسيرا خاصا وما لبثت حتى نشبت بين الزوجين مشاجرة انتهت بمنح زوجة المعلم عبده الجزار مهلة يوم واحد لتبحث لها عن مأوى آخر لها ولأولادها …… !!!

وهنا يعود نجم المعلم فوزى من جديد في البزوغ …… لاعادة المحاولة مرة أخرى ولكن هذه المرة بدون استئذان أحد …… بل وأعلن في سابقة هى الأولى من نوعها في أذنى …… بل ولم أشهدها قط حتى الآن أن وقف أمام منزله وأعلن بجرأة !!

سأستضيفهم عندى مهما حدث ……

ـ أظن حرام على أى حد في الدنيا إن احنا نسيب عيال صغيرة تنام في الشارع يا رجالة!!!

وأسكنهم المعلم فوزى شقته وبدأ في جمع مبالغ من أصدقائه لاعادة ترميم المنزل وإزاء هذا التصرف لم يقدر أحد من المسلمين أن يعترض عليه كما حدث في السابق ………

ولكن هذا الهدوء ليس من سمات حارتنا ……… فسرعان مادعى والدى لاجتماع يعرب فيه عن استيائه وشجبه من فكرة مكوث حسين وزوجته واقامتهم في شقة هذا النصرانى الذى يدعى والدى انه يرغب في تنصيرهم كما كانوا يحاولون معى بمساعدة ابنهم الصغير !!

وأخيرا قد قدر لى أن أستمع الى اعتراض واضح وصريح على حديث والدى من أحد أفراد الاجتماع

ـ لأ يا حاج ……… المعلم فوزى معملش حاجة غلط … يعنى كنت عايز حسين وولاده يناموا في الشارع …… بعد ما طردتهم مرات المعلم عبده الجزار …… الراجل فوزى ده عمل اللى ماحـدش فينا قدر يعمله …… ونسيبـنا بقى من موضـوع الدين ده …… ده موضوع بتاع ربنا .

لم يطرى والدى بهذا التعليق وانتهى الاجتماع على أن لا نتفق …… وتمر الأيام ويعيد حسين بناء بيته …… ويتبرع المعلم فوزى بكامل الأثاث من ورشته الخاصة ـ حيث كان من أمهر النجارين في القرية بأجمعها بشهادة جميع قاطنيها على السواء ـ مما أثار حقد وغضب الجميع …… ولكن ظلوا جميعا يضمرون الغيظ …… وما كنا فقط نستطيع عمله إذ ذاك هو إرسال الطعام في أوقاته إلى حسين وأفراد أسرته من نفس طعامنا بانتظام وكذلك المعلم عبده الجزار الذى كان يرسل به بين الحين والآخر ببعض اللحوم من دكانه الخاص …… والحاج بدوى الذى يرسل له بعض حاجيات البقالة كالزيت والسمن والسكر والحبوب …… مدفوعين جميعا بعدم ترك الساحة لفوزى

"واللى زيه" عدا المعلم عبده الجزار الذى كان يفعل هذا بعيدا عن مرأى ومسمع امرأته فقط !!

ثم ما أن لبث والدى حتى اقترح بأن يرد جميع أفراد الحارة ثمن الأثاث الذى تبرع به المعلم فوزى لحسين ولكن ما كان من المعلم فوزى إلا أن رفض هذا الإجراء الذى اعتبره إهانة وأمام إصرار الجميع اضطر لاخذ المبلغ وعلى الفور أهداه إلى حسين كى ما يبدأ به حياته …… الأمر الذى أثار الموقف اكثر من ذى قبل وكان وقتا عصيبا سرعان ما استتبت الأمور بعده بعض الشئ ولكن لم يسلم الجميع من الشعور بالخجل تجاه المسيحيين أجمعين ………………

……………… ولم يمضى وقت طويل حتى شاءت الأقدار وجاءت الرياح بما يشتهى أهل الحارة إذ قد هاجم مجموعة من اللصوص محل رجل مسيحى يدعى " زكى " ونهبوا كل ما فيه …… وفى الصباح جاءنا الخبر …… وعندها تهلل والدى بالحمد لله ……

ـ أهو جه اليوم اللى نرد فيه للملاعين جمايلهم علينا ونخلص ……

وأسرع جميع أهالى الحارة من المسلمين وعلى الفور جمعوا مبلغا من المال يفوق ما جمعوه لحسين !؟ واشتروا لزكى ثلاجة جديدة وأغدقوا " الدكان " بضاعة وأصلحوا ما قد أتلفه اللصوص …… ثم وقفوا في كبرياء المعطى بسخاء وقال والدى :

ـ ناقصك حاجة ياسى زكى ؟ عايز حاجة تانى ؟

ـ أبدا يا حاج هو انتوا خليتو الواحد محتاج حاجة …… كتر خيركم ربنا ما يحرمناش منكم .

ـ طيب … طيب …… أصل احنا برضوا ما حدش أحسن مننا في حاجة … لو احتجت حاجة ابعتلى ابنك وشوف احنا هانعمل معاك ايه !!

واستمر الوضع على هذا الحال بيننا نحن المسلمين وبين المسيحيين في حلبة " حارة النصارى " …… التى يوميا ما كانت تشهد تخطيطا وتكتيكا لانزال الهزيمة بهذا الجنس البائد " المسيحيين " !!!

كان المأثور الشعبى لدينا في الثقافة " الحارتية " ملئ بعدم انتماء هؤلاء النصارى لبلادهم بل انهم يتمنون أن تغتصب هذه البلاد وأن تقع في أيدى الاستعمار الذى بالطبع سيورثهم حريتهم إذ أنهم من نفس الدين فهم لا ولاء لهم مطلقا وانهم سيسلمون البلاد للأعداء لإبادة جميع المسلمين …… بل كنا لانسر بدخولهم الجيش المصرى وكان من الصعب أن تتغير لدينا هذه الفكرة ……

ولكن دائما تعودنا الرياح بمجيئها بما لا تشتهى السفن …… فلقد جاء ذلك اليوم المهيب الذى كنا ننتظره بفارغ الصبر السادس من أكتوبر 1973 وهب جميع المجندين في الحارة الى ثكناتهم العسكرية …… وقد كان لدينا من حارتنا خمسة عشر شابا مجندا …… عشرة من المسيحيين وخمسة من المسلمين !!!

وطوال أيام الحرب …… لاحظنا جميعا اندفاع المسيحيين بقوة التغيير لأفكارنا المطبوعة عنهم في الأذهان …… فكانوا يقدمون جميع المواد الشحيحة بالسوق لكل سكان الحارة …… تبرع بالدماء …… تقديم لأولادهم في معسكرات الدفاع الشعبي في أثناء ثغرة الدفرسوار …… تقديم للتبرعات المادية والعينية …… ولكن ما رواه العائدين المسلمين والمسيحيين كان أروع جمالا وأشهى من كل ما رأيت وعاصرت ………

فلقد أصيب هانى ابن المعلم فوزى في المعركة وكان بحاجة الى عملية نقل دم سريع ولم تكن فصيلته متاحة ولم يجدوها سوى لدى ابن حسين الفلاح صاحب كارثة المنزل المحترق لتسطر واحدة من ملاحم الإخاء الحقيقى الذى لا يفصل فبه حقد أو رغبة في التعالى أو …… أو …… ولكم تمنيت أن تظل هذه الملاحم قائمة ولكن اصطدمت بحواجز وعقبات تارة باسم الدين وأخرى باسم العرف … وتارة باسم الكرامة … !!!

امتزجت دماء العنصرين وتاهت الدموع وتجلطت الأحقاد وتداخلت الضحكات لدرجة اللاتمييز وعدم القدرة على معرفة من أو من أين يأتى الضحك اللذيذ …… كانت علامات السعادة بنصر أكتوبر تملأ القلوب والبسمة لا تفارق شفاههم وغاصت حارة النصارى في أحلى أيامها … فلقد نام الحقد وهدأ الحسد ……………………………………………

……………………… .. ولكن كان هذا الهدوء بمثابة الهدوء الذى يسبق العاصفة …… فلقد عادت الصيحات والصراخ والعويل تنبعث ثانية من بيوت الحارة …… صرخات …… وصرخات ……… هذه المرة من هذا المنزل المسيحى …… منزل نعيم الترزى .

ولا أخفى اننى كنت أهيم ولعا بأن أرى ما يحدث في البيوت المسيحية إبان المشاكل التى تعترضهم إذ كانت قلما تحدث والتى جميعها تحل بالهدوء ولكن خاب ما تمنيت إذ كان هذا الصراخ لوفاة ابن الأوسطى نعيم الترزى !!

توقف القطار فجأة فارتجت أوصالى فجأة وبدأت جفونى فى الاستيقاظ من الغفوة التى كنت قد ذهبت أغط فيها كان من الواضح أن هناك تعثر في طريق قطارنا الذى عادة ما يقابل مثل هذه الأعطال شأنه في ذلك شأن جميع ليالينا التى نستبق فيها عشق التآلف بدون جدوى ولكن هدوء الخارج لتوه من غفلته قد اخترق بصياح امراءة من الكرسى الخلفى يبدو أنها قد لامست أحد الوقوف صدفة أو عن قصد المهم أن ملامحها قد سرقتنى لتدخلنى الى ذلك الوجه الذى لم أنساه حتى الآن انه وجه زينب ففى صباح يوم ما فوجئنا بها وهى زوجة عم عبد الرازق تندفع داخل منزلنا باكية ونائحة تلطم خديها وتشق ثيابها عن صدرها …… وحاولت والدتى تهدئتها دون جدوى … فصاح والدى ـ لما له من نفوذ على جميع أعضاء الحارة ـ في وجهها طالبا منها الهدوء فكان !!

أخذت زينب تكفكف دموعها بهدوء وهى تحكى :

ـ أنى وحشة يا حاج ؟ …… شوفت على يا حاج حاجة مش كويسة ؟ …… قوللى يا أبو أحمد ايه رأيك في …… !؟

ـ جرى ايه يا وليه …… انت بنت ناس طبعا …… ومن أشرف ستات الحارة والدنيا كلها … في ايه …… !؟

ـ خمستاشر سنة يا حاج من يوم ما اتنيلت اتجوزت عبد الرازق وأنا خدماه هو وولاده وراضية بعيشتى معاه على الحلوة والمرة …… ( صارخة تلطم خديها )

ـ كملى يا ست زينب …… قوليللى ايه اللى حصل ؟

ـ مصيبة يا حاج …… مصيبة !!

تصدق يا حاج …… عبد الرازق متجوز عليا !!

ـ ايه الكلام ده يا أم خميس !؟

ـ والمصحف الشريف يا حاج زى ما بقوللك متجوز عليا في السر هوه ناقص ايه بس ياخواتى …… ده حتى مش قادر يصرف على ولاده …… ودا انت شايف يا حاج أنا باروح أخبز لدى شوية ولدى شوية عشان يطلعلى قرشين يساعدونا ع المعايش …… يرضى ربنا بقى اللى هوه بيعمله معايا دا يا حاج

( لاطمة خديها مرة أخرى )

ـ مين اللى قالك يا أم خميس !؟

ـ كتير …… كتير كانوا بيقولولى من زمان لما كان بيتأخر بره ويقول آل كان عنده شغل … امبارح بعت الواد خميس وراه عرف العنوان وجه قاللى …… رحت ع العنوان اللى هو فيه وشفت اللى ياريتنى ما شوفته …… لقيته هناك في عزبة " العربى " …… في بيت مراته التانية … أبوس ايدك يا حاج ( مندفعة الى يده لتقبيلها وهو في سرعة شديدة ساحبا إياها ) خليه يطلقنى يا حاج أنا مش ممكن أعيش معاه بعد اللى حصل !

لم أنسى أبدا تلك الانكسار وهذى الدموع والثياب الممزقة وكسر الرأس وكأنها فقدت عزتها مع هذا التعس ولاترى أمامها سوى نظرات الإشفاق التى تهرب منها بسرعة أقوى من بكائها للنظر في الأرض قائلا :

ـ صحيح الكلام اللى بتقوله أم خميس دا يا عبد الرازق ؟ انت متجوز عليها ؟

ـ حصل يا عم الحاج!

ـ طب وهى قصرت معاك في حاجة يا عبد الرازق ؟

ـ أبدا !!!!

ـ طب ليه بقى يا أخى …… فراغة عين !؟

ـ بصراحة بقى دا حقى يا حاج والشرع حللى أربعة مش اتنين ؟ ولا ايه ؟ يبقى اللى أنا عملته كده غلط بقى في نظركم !؟

ـ يعنى هو الشرع في دى بس بيمشى …… ولخمره اللى بتشربها كل يوم دى مش في الشرع ما فيهاش شرع !!!؟

ـ الحمد لله …… بطلت وأم خميس عارفه حتى اسألها .

ـ طب كويس ياسيدى …… الولاد بقى هتعمل معاهم ايه ؟ ولما يجيلك عيال من التانية هتحب مين فيهم يا عبد الرازق ؟

ـ هحبهم زى بعض يا حاج دول من صلبى ودول من صلبى !!

ـ (هنا تتدخل زينب صارخة ) أبدا يا حاج لا يمكن أعيش معاه وأنا لى ضره إن كان عايزنى يطلقها وان كان عايزها يطلقنى .

ـ اسمعى يا أم خميس ما هو دا شرع ربنا ( تضرب على صدرها بشدة شاهقة مولولة " ياخرابى ياخرابى" ) ما احنا ما نقدرش نلومه قدام شرع ربنا يا زينب …… لكن لو هو قصر معاكى أو مع عياله هيبقى في كلام تانى …… ياللا …… ياللا قومى ارجعى لبيتك وعيالك وسيبي الموضوع لربنا ولينا .

(انحنى عبد الرازق مقبلا يد والدى قائلا ):

ـ ربنا يخليك لينا يا حاج وما يحرمناش منك .

ومع مرور الأيام …… وضح تقصير عبد الرازق مع زوجته الأولى وأولاده منها …… الأمر الذى انطبع على أولاده في ملابسهم الرثة وهبوط مستواهم الدراسى وكثرة مشاكلهم مع والدتهم بسبب عدم وجود أب ريفى …… تعلم أحدهم التدخين في سن صغيرة وتورط الأخر في أعمال سرقة .

ـ عاجبك حال ولادك يا عبد الرازق ومراتك هوه ده اللى احنا اتفقنا عليه ؟

ـ والله يا حاج بقى أنا باعمل كل اللى أقدر عليه …… وبعدين ياسيدى لا يكلف الله نفسا الاوسعها .!

ـ ماكان من الأول يا عبد الرازق …… لما انت عارف إن الله لا يكلف نفسا الاوسعها رحت اتجوزت تانى ليه ؟

ـ دا نصيبى يا حاج وكل شئ قسمة ونصيب …… لكن أنا عند وعدى شوفوا اللى انتوا عايزينه وأنا اعمله ..!

ـ ارجع لبيتك وعيالك يا عبد الرازق …… ابنك خميس باظ في المدارس وابنك عربى بيسرق خيار من مزرعة أبو قاسم .

ـ ما قدرش يا حاج …… مراتى التانية حامل …… لكن إن كانت زينب عايزه تطلق معنديش مانع !!!

(هنا بكت زينب وقالت ) :

ـ أمرى لله …… حسبى الله ونعم الوكيل فيك يا عبد الرازق … طلقنى … السرقة والبهدلة أهون من عشرتك يا ناقص …… طلقنى

ـ انت طالق …… طالق …… طالق .

حمل هذا الكتاب

الصفحة الرئيسية

 الاولى
الثانية
الثالثة
الرابعة
الخامسة
السادسة
السابعة
الثامنة
التاسعة
العاشرة
الاخيرة

الصفحة الرئيسية