الرسالة إلى تيطس

 

كنيسة السيدة العذراء بالفجالة

 

 

المقدمة. 1

الإصحاح الأول. 2

الإصحاح الثاني. 6

الإصحاح الثالث.. 9

 


 

المقدمة

كتب الرسالة بولس الرسول إلي تلميذه تيطس الأسقف المسئول عن جزيرة كريت.

تكشف الرسالة علي أن المسيحية ليست عقائد ذهنية ولا فلسفات جدلية بل هي حياة وروح يعيش بها الأسقف كما العلماني كل فى حدود عمله.

يشير فيها الرسول إلي لزوم التدقيق الشديد في إختيار رجال الكهنوت.

بها بعض التوجيهات الرعوية للأسقف في كيف يتعامل مع شعبه.

تيطس من انطاكية الشام ويري البعض أنه إبن أخ والي جزيرة كريت وهو من أصل أممي ومن والدين أمميين (غل 2 : 3) وآمن علي يدي بولس الرسول لذلك يدعوه إبنه الصريح (1 : 4) وكان يباشر الكرازة تحت إشراف بولس الرسول، ولكن لا نعرف متى آمن أو كيف أو أين، لكنه حضر مع الرسول مجمع أورشليم (أع 15). وكان مع بولس في كريت ثم تركه بولس ليكمل الأعمال الناقصة وليقيم فيها أساقفة وكهنة وكان هذا بعد سجن بولس الأول. وكان تيطس مع بولس في سجنه الثاني ولكنه لم يبق معه حتى المحاكمة بل تركه وذهب إلى دلماطية لأجل الخدمة (2 تي 4 : 10) ثم عاد إلي كريت وكرز في الجزائر المجاورة (من التقليد) وإنتقل وعمره 94 عاماً. ويجعله أهل البندقية كأحد الكارزين لهم.

إتسمت كريت بالفساد، هذا وقد قام فيها بعض المعلمين الزائفين الذين ينادون بخرافات يهودية، لذلك يشجع الرسول تلميذه تيطس لكي يقاومهم.

دخلت المسيحية إلي كريت مع بعض الذين آمنوا يوم الخمسين (أع 2 : 11) ثم غالباً ذهب لهم بولس الرسول بعد سجنه الأول (تي 1 : 5).

يري البعض أن الرسالة كتبت من أفسس، وآخرون أنها كتبت من نيكوبوليس، وذلك بعد سجن بولس الأول أي حوالي 63م  أو سنة 64م.


 

الإصحاح الأول

آيات 1، 2 :- بولس عبد الله و رسول يسوع المسيح لأجل إيمان مختاري الله و معرفة الحق الذي هو حسب التقوى. على رجاء الحياة الأبدية التي وعد بها الله المنزه عن الكذب قبل الأزمنة الأزلية.

عبد الله = هو بحريته قبل العبودية لله، فالعبودية لله تحرر. وهو كخادم لله إستعبد نفسه لله لكي يصل بشعبه لحرية مجد أولاد الله. حمل نير الخدمة ليكون عبداً لله. وهو يكتب بهذا لتلميذه تيطس حتي لا تضيق نفسه من الفساد المنتشر في كريت، فعلي تيطس أن يعتبر نفسه عبداً لأجل إيمان مختاري الله = فالله له هنا مختارين، عليهم كخدام لله أن يعملوا علي إجتذابهم وقوله مختارى الله يجعل الخادم لا يتكبر إذا نجح في إجتذاب أحد، لأن الله هو الذى إختاره وعمل معه. وما هو موضوع الكرازة معرفة الحق = وهذه لا تعني نظريات فلسفية وعقائد مجردة بل بحسب التقوي = هي حياة يلمسها كل واحد في الخادم والمخدوم. وغاية الكرازة = رجاء الحياة الأبدية فالأيمان بدون رجاء يملأ النفس يأساً أما الرجاء فيعطى فرحاً وسط الآلام. المنزه عن الكذب = فيها إشارة لما سيأتي فيما بعد عن الكذب المنتشر فى كريت، والله وعد أدم بهذا الخلاص، بل الخلاص في فكر الله قبل الأزمنة الأزلية. والله يعد ويفعل ولا يكذب.

 

آية 3 :- و إنما أظهر كلمته في أوقاتها الخاصة بالكرازة التي أؤتمنت أنا عليها بحسب أمر مخلصنا الله.

كلمته = الكلمة هو الإبن يسوع. أظهر = تجسد = في أوقاتها الخاصة = حدث التجسد في ملء الزمان (غل 4 : 4).  بالكرازة = هذا هو موضوع كرازاتي.

 

آية 4 :- إلى تيطس الإبن الصريح حسب الإيمان المشترك نعمة ورحمة وسلام من الله الآب والرب يسوع المسيح مخلصنا.

تيطس الإبن = فقد آمن علي يديه وله محبة خاصة في قلبه الإيمان المشترك = هو إيماني وإيمانك وإيمان الكنيسة كلها، الإيمان المسلم مرة للقديسين (يه 3) لا نستطيع أن نغير فيه شيئاً بل ندافع عنه.

الإبن الصريح my true son in our common faith  أنت أبني فإيمانك هو مطابق لإيماني

 

آية 5 :- من أجل هذا تركتك في كريت لكي تكمل ترتيب الأمور الناقصة و تقيم في كل مدينة شيوخا كما أوصيتك. 

الأمور الناقصة = لا بد وأنه كانت هناك أمور تسلم شفاهة من الرسل إلى تلاميذهم، وهذا ما تسميه الكنيسة التقليد، فالكتاب المقدس لم يشرح لنا كيفية إقامة الكهنة من أساقفة وقسوس وشمامسة ولا الصلوات التي ترفع في كل سر ولا ترتيب الصلوات الجماعية يقيم شيوخاً = المقصود قسوساً (أساقفة وقسوس)

 

آيات 6 – 9 :- إن كان أحد بلا لوم بعل إمراة واحدة له أولاد مؤمنون ليسوا في شكاية الخلاعة و لا متمردين. لأنه يجب ان يكون الاسقف بلا لوم كوكيل الله غير معجب بنفسه و لا غضوب و لا مدمن الخمر و لا ضراب و لا طامع في الربح القبيح. بل مضيفا للغرباء محبا للخير متعقلا بارا ورعا ضابطا لنفسه. ملازما للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم لكي يكون قادرا ان يعظ بالتعليم الصحيح و يوبخ المناقضين.

سبق شرح معظم هذه الصفات في رسالة (1تي) بلا لوم = بحياته السماوية التقوية، فمن أشتهر عنه الخطية سيعجز عن أن يعلم. ولا حظ أن الرسول لم يقل " بلا خطية " وإلا استحال وجود من يستحق الأسقفية، لكن المطلوب أن لا تكون هناك تهمة موجهة له أو مشهور عنه إنحراف ما. كوكيل لله = الله وكّله علي رعاية نفوس أولاده. وعلي الوكيل أن يمثل موكله (الله). غير معجب بنفسه = غير مستبد، يسمع الرأي الآخر وينفذ الأحسن.

ولا مدمن الخمر = لاحظ أنه لم يقل ولا شراب خمر حتي لا تصير وصية. وهو سمح لتيموثاوس أن يشرب خمراً قليلاً في أسقامه أي للضرورة

ولا طامع في الربح القبيح = إشتهر الكريتيون بمحبة الغني فخشي بولس أن يتسلل أحد هؤلاء لكرسي الأسقفية بقصد الربح القبيح

متعقلاً = غير متسرع في كلماته وتصرفاته، وقوراً، رزيناً في إرشاداته لا يضطرب حتي في المواقف التي تثير الغضب، ولا تصغر نفسه في المواقف التي تثير الحزن = ضابطاً لنفسه = ولا يرتع مما يحدث من حوادث هائلة ولا يهزه الفرح. ملازما للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم = أي بحسب ما تلقنه من تعليم وعقائد من الرسول بولس. ويوبخ المناقضين = من لا يعرف أن يعلم ويرد على الهراطقة لا يصلح للمنصب، والسبب موجود في آية 10 أن هناك متمردين كثيرين يقاومون الإيمان.

 

آية 10 :- فإنه يوجد كثيرون متمردين يتكلمون بالباطل و يخدعون العقول و لا سيما الذين من الختان.

المتمردين هم من الهراطقة وغالباً كان غالبيتهم من اليهود الذين يريدون الإرتداد للطقوس الناموسية.

 

آية 11 :- الذين يجب سد أفواههم فإنهم يقلبون بيوتا بجملتها معلمين ما لا يجب من أجل الربح القبيح.

سد أفواهم = هذا عمل الأسقف أن يفحمهم بمنطقه فيسد أفواههم، يقلبون بيوتا = بكلماتهم الباطلة حطموا سلام لبيوت وسببوا إنقسام الكنيسة. هدفهم الربح القبيح ليس الهدف هو مجد الله لكن الربح المادي أو اكتساب جماهير أكبر تؤيدهم، هدفهم حب الظهور وعمل أحزاب

 

أيات 12 – 14 :- قال واحد منهم. و هو نبي لهم خاص. الكريتيون دائما كذابون وحوش ردية بطون بطالة. هذه الشهادة صادقة فلهذا السبب وبخهم بصرامة لكي يكونوا أصحاء في الإيمان. لا يصغون إلى خرافات يهودية و وصايا أناس مرتدين عن الحق.

إشتهر الكريتيون بالكذب. وحيث وجد الكذب أي عدم الحق تتسلل الرذائل واحدة فواحدة. غير أن الرسول لم يرد أن يصفهم بهذا من عندياته حتي لا يكرهونه فلا ينصتون له، بل إستند علي قول أحد شعرائهم يدعي ابيمينيدس الذي عاش في حوالي القرن السادس قبل الميلاد، وكان الشعراء في نظرهم في مرتبة الأنبياء = وهو نبي لهم خاص = فكانوا يقولون أن ما يقوله الشعراء هو بالوحي وبمكاشفة ربانية. وقال أفلاطون أن الشعراء أبناء الآلهة.

والشاعر ابيمينيدس هو الذي أوصي بإقامة مذبح لإله مجهول كما فعلوا في أثينا وهذا الشاعر هو الذي قال مخاطبا الإله الأسمي " لقد صنعوا لله قبرا أيها القدوس الأعلى والكريتيون دائماً كذابون وحوش ردية بطون بطالة (إشارة لشدة نهمهم في الأكل واللذات واللهو) ولكنك لست ميتاً إلي الأبد أنت قائم وحي لأنه بك نحيا ونتحرك ونوجد.

ولقد اقتبس بولس الرسول البيت الأخير في خطابه أمام الأريوس باغوس (اع17 :28) واقتبس البيت الثاني = الكريتيون دائما كذابون هنا. بل كان هناك مثل شعبي في كريت "تكرت مع الكريتي" أي كذب مع الكاذب أو عليه. وكان عمل تيطس أن يغير طبع هؤلاء بتعليمهم المسيحية. ونلاحظ هنا أن بولس لم يخجل من إستعمال شعر أحد الشعراء لكى يكسب على كل حال قوم ولأجل البنيان، أي لأجل أن يتركوا الخرافات اليهودية ووصايا المرتدين عن الحق = من يهود وغيرهم.

 

آية 15 :- كل شيء طاهر للطاهرين و أما للنجسين و غير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا و ضميرهم.

حيث يكون الإنسان طاهراً يكون كل شئ له طاهراً، كل خليقة الله له طاهرة. ونحن نصير طاهرين بالإيمان (أع 15 : 9) ولكن غير الطاهرين فإن قلبهم يكون نجساً ويرون كل شئ نجسا بحسب نظرة قلبهم كمن يلبس نظارة سوداء فسيري كل شئ به سواد، فهم اعتبروا اللحوم نجسة بل حتي الكلمات الطاهرة لها معاني نجسة عند البعض، والتصرفات الطاهرة تؤول عند البعض ممن قلوبهم نجسة إلي نجاسة.

 

آية 16 :- يعترفون بأنهم يعرفون الله و لكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين و من جهة كل عمل صالح مرفوضون.

يحذر الرسول تلميذه تيطس من هؤلاء المضللين وهنا يضع شرطاً مهماً به نعرف المضللين، إذ نجد أنهم يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكن معرفتهم معرفة نظرية عقلانية بلا خبرة حياة تقوية = لكنهم بالأعمال ينكرونه. هم لهم غيرة التدين ومظهره ولكنهم بأعمالهم وأفكارهم الغريبة عن عمل الله وفكره يرفضون الله، بهذا يصيرون رجسين لأنهم مناقضون لروح الله القدوس عاصين لفكره رافضين كل عمل صالح. مرفوضون = مترجمة غير مؤهلين


 

الإصحاح الثاني

فى الإصحاح الثانى يقدم صورة للسلوك المسيحى فى الفكر والقول والعمل فهو تكلم فى الإصحاح السابق عن التعليم المغلوط. وخير علاج للتعليم المغلوط هو الحض على السلوك الصحيح أو التعليم الخلقى الإيجابى، فمن يتتبع التعليم الخاطئ هو فاسد فى قلبه وفى حياته، أما المسيحى الحقيقى فهناك إنسجام بين عقيدته الصحيحة وسلوكه الخارجى.

 

آية 1 :- و أما أنت فتكلم بما يليق بالتعليم الصحيح.

على المعلم أن يلتزم بالتعليم الصحيح والوصايا الرسولية.

 

آية 2 :- أن يكون الأشياخ صاحين ذوي وقار متعقلين أصحاء في الإيمان و المحبة و الصبر.

الأشياخ = المتقدمين فى السن. صاحين = كجنود متيقظين فإن عدو الخير يهاجم أولاد الله فى كل شئ وكل مرحلة من العمر. ذوى وقار = لا يتصرف إلا بما يليق كابن لله وقدوة للصغار. يحمل جسدهم الهزيل نفساً صحيحة قوية فى الإيمان والمحبة والصبر = وضع الصبر هنا بدلاً من الرجاء لأن الشيوخ سناً يحتاجون الصبر أكثر ما يحتاجون.

 

آية 3 :- كذلك العجائز في سيرة تليق بالقداسة غير ثالبات غير مستعبدات للخمر الكثير معلمات الصلاح.

أن العجائز يكن قدوة للحدثات فى ملابسهن وأقوالهن فى ورع وإحتشام بلا أحاديث باطلة. غير ثالبات = يمتنعن عن أن يتكلمن فى سيرة الآخرين وإدانتهم. غير مستعبدات للخمر الكثير = هذا ما إشتهر به الكريتيون كما قال أفلاطون. بل يكن معلمات للحدثات

 

آيات 4، 5 :- لكي ينصحن الحدثات أن يكن محبات لرجالهن و يحببن أولادهن. متعقلات عفيفات ملازمات بيوتهن صالحات خاضعات لرجالهن لكي لا يجدف على كلمة الله.

علي الكبار سناً أن يعلمن الحدثات أن يكن محبات لرجالهن = حتي لا يظن أن المسيحية أعطت الحرية للنساء أن يتمردن علي رجالهن، تاركين بيوتهن، مهملات في تربية أولادهن، فيجدف الرجال علي الله وعلي كلمة الله  بسبب نسائهم، بل علي المرآة أن تكون معينة للرجل علي خلاص نفسه بسيرتها الصالحة.

 

آيات 6 – 8 :- كذلك عظ الأحداث أن يكونوا متعقلين. مقدما نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة و مقدما في التعليم نقاوة و وقارا و إخلاصا. و كلاما صحيحا غير ملوم لكي يخزى المضاد إذ ليس له شيء رديء يقوله عنكم.

أنه كشاب يلزمه أن يكون قدوة للشبان فيحدثهم بسلوكه قبل لسانه. غير ملوم = اللوم سيحدث لو تعارضت أقواله مع أعماله.

 

آيات 9،10 :- و العبيد أن يخضعوا لسادتهم و يرضوهم في كل شيء غير مناقضين. غير مختلسين بل مقدمين كل أمانة صالحة لكي يزينوا تعليم مخلصنا الله في كل شيء.

علي العبيد أيضاً أن يكسبوا سادتهم للإيمان بأعمالهم الصالحة مختلسين = كانوا يستخدمون العبيد في إدارة أعمالهم وحوانيتهم مما يسهل عملية الاختلاس.  لكي يزينوا = من تواضع الله أنه يعتبر أمانة العبيد كأنها زينة لتعاليمه، بها يظهر جمال وقوة تعاليمه وكما قال من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحاً، كذا من أمانة أولاد الله يسبح الآخرين الله.

 

آية 11 :- لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس.

هو يطلب أن يكون الجميع قدوة، فإذا سأل أحد " ومن أين لى أنا الضعيف قوة لأنفذ كل هذا، هنا يجيب الرسول أن الله أعطانا نعمة أي قوة تساندنا، نحن نعيش لا بإمكانياتنا البشرية بل بإمكانيات الله القادر علي كل شئ. لجميع الناس = أي أن النعمة متاحة لجميع الناس ولكن من يخلص هو الذي استخدم النعمة ولم يزدري بها.  فلا يمكن تجاهل الآيات التي تتكلم عن عقاب الأشرار. وكون أن النعمة هي التي تساعدنا علي الخلاص، فهذا يتضح من قول بولس الرسول " أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني فى4 : 13 هذه النعمة عطية مجانية ظهرت مخلصة لجميع الناس، إذ جاء الإبن الكلمة لخلاص العالم كله. النعمة ظهرت للجميع للعجائز وللأحداث وللعبيد والأحرار...

 

آية 12 :- معلمة إيانا ان ننكر الفجور و الشهوات العالمية و نعيش بالتعقل و البر و التقوى في العالم الحاضر.

هذا هو عمل المسيح فينا، أنه النور المبدد للظلمة فخلال موته وقيامته، اللذان لنا حق الشركة معه فيهما بالمعمودية يصير لنا الموت عن حياتنا القديمة والحياة بحسب الإنسان الجديد الذي نحيا فيه بالتعقل والبر والتقوي = أي كل رغبة لنا تكون تحت سيطرة وسلطان الروح القدس، الكنيسة تختبر عمل النعمة في غربتها هنا = في العالم الحاضر.

 

آيات 13، 14 :- منتظرين الرجاء المبارك و ظهور مجد الله العظيم و مخلصنا يسوع المسيح. الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل اثم و يطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في أعمال حسنة.

عمل المسيح فينا بنعمتة يعطينا أن نعشق الحياة الأبدية فأن كان العربون هو مفرح هكذا فكم وكم تكون الحقيقة في الأبدية. وهذا الرجاء المبارك في ظهور مجد الله هو ما يدفعنا لقمع الجسد وإلي محبة الآخرين وإلي حياة التقوي.  وهذا ما نردده في ختام قانون الإيمان " وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي "

مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع =  (و) هنا تعني أي فالمسيح هوالله العظيم

 

أية 15 :- تكلم بهذه و عظ و وبخ بكل سلطان لا يستهن بك أحد.

لا يستهن بك أحد = فلتكن أعمالك حسنة فلا يهينك أحد.


 

الإصحاح الثالث

يتحدث الرسول هنا عن العلاقات مع الغير خاصة مع الرئاسات الحاكمة.

 

آية 1 :- ذكرهم أن يخضعوا للرياسات و السلاطين و يطيعوا و يكونوا مستعدين لكل عمل صالح.

ذكرهم = أي أن ما جاء بالرسالة ليس بالأمر الجديد إذ سبق هو وعلمهم إياه. وقول الرسول هنا فيه يرد علي إشاعات اليهود والوثنين أن الكنيسة تقيم دولة داخل الدولة، وان الكنيسة تعصي قوانين الدولة.  لهذا أيضا طلب المسيح دفع الجزية وقال أعط ما لقيصر لقيصر.

 

آية 2 :- و لا يطعنوا في أحد و يكونوا غير مخاصمين حلماء مظهرين كل وداعة لجميع الناس.

لا يطعنوا في أحد = لا يتكلموا علي أحد بالسوء، ليس عملنا هو البحث عن أخطاء الغير والطعن فيهم،  وإنما الحب يستر أخطاء الغير غير مخاصمين = في الإنجليزية مشاغبين فالمطلوب ألا يهاجموا أحد أو يعتدوا علي أحد بل يظهروا وداعة لكل أحد. حلماء = كأبناء لله طويل ألاناة فالحب بكل أثاره هو سمة المسيحي الحقيقي بغض النظر عن شر الناس المحيطين به.

 

آية 3 :- لأننا كنا نحن أيضا قبلا أغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات و لذات مختلفة عائشين في الخبث و الحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضا.

كان هذا هو حالنا قبل عمل النعمة فينا، ضعفاء ساقطين. فلماذا نحن لا نحتمل ضعفات الآخرين الآن،  لكن علينا أن نصلي ليعطيهم الله نعمة،  بل لو تخلت عنا نعمة الله لصرنا أسوأ الناس.  ولكن بالمعمودية حصلنا علي إنساننا الجديد وصارت لنا إمكانية الحياة الجديدة النامية.

 

آية 4 :- و لكن حين ظهر لطف مخلصنا الله و إحسانه.

ما حصلنا عليه كان بفضل النعمة الإلهية.  ومن ناحية أخري ليس لي أن احتج بضعفي لأن النعمة قادرة أن تهبني الحب وكل فضيلة سماوية.

 

آية 5 :- لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني و تجديد الروح القدس.

غسل الميلاد الثاني = المعمودية.  تجديد الروح القدس = هذه أكبر النعم التى يحصل عليها الإنسان، أن الله يرسل روحه القدوس فيسكن فينا ويرافقنا ويسندنا ويهيئنا للعرس السماوي خلصنا = إذاً لا يمكن التمتع بالخلاص خارج المعمودية يو 3 : 3. ولا يفهم من قوله خلصنا أي أن كل من إعتمد قد ضمن الخلاص فالروح القدس يكمل العمل بأن يجدد، وهناك من يتجاوب مع الروح القدس  وهناك من يقاومه فيحزنه ويطفئه فلا يتجدد وبالتالي يفقد فرصة الخلاص.  نحن سائرون في طريق الخلاص حتي النفس الأخير.  فالمعمودية تغفر كل خطايانا فإن مات أحد بعد المعمودية يخلص،  ولكن حياتنا بعد المعمودية طويلة إما نُغِلب ونتجدد وإما نُغلَب ونهلك لذلك نسمع كثيراً في سفر الرؤيا من يغلب يأخذ كذا وكذا.

 

آية 6 :- الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا.

الروح القدس حل علي المسيح يوم عماده لحسابنا،  فصار يحل علينا نحن جسده.

 

آية 7 :- حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية.

حتي إذا تبررنا = تبررنا أي نحيا في بر،  وهذا يعطيه الروح القدس الذي "يبكت علي بر" حتي نصنع البر، ومن يفعل البر يفعله بمعونة الروح فيخلص " فالروح يعين ضعفاتنا" (رو8: 26).

 

آية 8 :- صادقة هي الكلمة و أريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة فإن هذه الأمور هي الحسنة و النافعة للناس.

يتضح هنا أهمية الأعمال للخلاص،  فمن يجاهد،  ليعمل أعمال صالحة،  يعطيه الروح القدس بر المسيح كحياة فيخلص.

صادقة هي الكلمة = هي أية 7 الكلمة هي ما ذكر في آية 7.

 

آية 9 :- و أما المباحثات الغبية و الأنساب و الخصومات و المنازعات الناموسية فإجتنبها لأنها غير نافعة و باطلة.

 

الرسول مهتم بأن ننشغل بالأعمال الصالحة التى للبنيان ولا نضيع طاقاتنا في المناقشات الغبية مع المقاومين والمبتدعين وذلك تحت دعوي الدفاع عن الحق.  الرسول يود أن لا يضيع الوقت في مثل هذه المهاترات. المباحثات الغبية = أى المناقشات التي لا تقوم علي أساس التعرف بالحق أو تذوقه بل لمجرد التعصب و إبراز القدرة علي الكلام والإقناع.  وهناك كثيرون يناقشون لغرض المناقشة وليس للبنيان. الأنساب = اليهود يضيع منهم الوقت في البحث عن نسبهم لإبراهيم أو داود أو غيرهم من الأباء،  واليونان مهتمين بانتسابهم للآلهة الخصومات = المناقشات مع الهراطقة، والرسول يود ألا نتعب فيها بغير جدوي، دون أن نجني منها شيئاً، لأنها تنتهي إلي لا شئ. لأنه إن صمم إنسان جاحد علي عدم تغيير رأيه مهما حدث، فلماذا تتعب نفسك وتزرع علي الصخر، مع أنه كان يليق بك أن  توجه مجهودك لمن يستفيد به، فإذ  يتصلف الإنسان في عناده يليق بنا ألا نجادله بعد بل نعرض عنه. المنازعات الناموسية = النابعة من شروحات التلمود مثل السؤال الذي قدم للمسيح " أي وصية أعظم في الناموس " وكان من أسئلتهم الناموسية هل لو وضعت دجاجة بيضة يوم سبت هل يجوز أكلها.

 

آية 10 :- الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة و مرتين إعرض عنه.

المبتدع = أي الهرطوقي الذي يثير تحزبات في الكنيسة.

 

آية 11 :- عالما أن مثل هذا قد إنحرف و هو يخطئ محكوماً عليه من نفسه.

محكوماً عليه من نفسه = مثل هذا يكون ضميره غير مستريح، ولكنه يعاند بإصرار فهو حكم علي نفسه بضميره، ولكن يعاند ليكسب ماديا.

 

آية 12 :- حينما أرسل إليك أرتيماس او تيخيكس بادر أن تأتي إليَ الى نيكوبوليس لأني عزمت أن أشتي هناك.

طلب الرسول تلميذه تيطس أن يأتي إليه ليزوده بالنصائح علي أن يحل محله في الرعاية ارتيماس أو تيخيكس،  ليرعوا كنيسة كريت.

 

آية 13 :- جهز زيناس الناموسي و أبلوس بإجتهاد للسفر حتى لا يعوزهما شيء.

ربما سيسافران (زيناس أو ابلوس) إلى بولس، وهو يطلب أن يجزل لهما تيطس العطاء فيسافرا فى يسر، ويتعلم الكل العطاء بسخاء خاصة فى الخدمة.

 

آية 14 :- و ليتعلم من لنا أيضا أن يمارسوا أعمالا حسنة للحاجات الضرورية حتى لا يكونوا بلا ثمر.

ينهى الرسول رسالته بالإهتمام بالأعمال الصالحة وهنا يكررها للأهمية

 

آية 15 :- يسلم عليك الذين معي جميعا سلم على الذين يحبوننا في الإيمان النعمة مع جميعكم آمين.

النعمة مع جميعكم = صلاة لأجلهم

الصفحة الرئيسية