عدم تحريف الكتاب المقدس

مقدمة

 التعريف بالكتاب المقدس

 محتويات الكتاب المقدس

 وحي الكتاب المقدس

 الاعتراضات والرد عليها

 إنجيل واحد أم أربعة؟

 أدلة عدم تحريف الكتاب المقدس

 أدلة عدم نسخ [أي تغييره] الكتاب المقدس

الخاتمة

 

عودة للرئيسية

الباب الأول

هل يوجد إنجيل واحد أم أربعة؟

 

يقول أصحاب هذا الاعتراض أن المفروض هو أن الإنجيل قد أنزل على سيدنا عيسى عليه السلام، استنادا إلى قول القرآن الكريم في:

 

سورة المائدة (46)

     "وقفينا على أثرهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين  يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور .. .. "

[وانظر أيضا: سورة المائدة (47)  وسورة الحديد (27)]

 

    فلماذا يوجد عند النصارى أربعة أناجيل هي: إنجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا؟

 

    وللرد على هذا الاعتراض علينا أن نناقشه من عدة زوايا:

+ الزاوية الأولى: مفهوم الوحي في المسيحية والإسلام

+ الزاوية الثانية: كيف يؤمنون بإنجيل برنابا، إن كانوا لا يؤمنون إلا بإنجيل عيسى؟

+ الزاوية الثالثة: الإنجيل وبشائره الأربعة، والقرآن ونسخه السبع.

 

الفصل الأول

مفهوم الوحي في المسيحية والإسلام

 

   فالوحي في الإسلام هو أن القرآن مكتوب منذ الأزل في لوح محفوظ كما هو واضح في:

 

+ (سورة البروج 21و22): "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ" وقد أُمْليَ على النبي محمد كما هو واضحة في:

 

+ (سورة العلق 1): "اقرأ باسم ربك   الذي خلق"

أما مفهوم الوحي في الكتاب المقدس فيختلف عن مفهومه في الإسلام. فالوحي في المسيحية هو أن الروح القدس يوجه الرسل والأنبياء فيعبرون بكلامهم عن المعاني التي يريد الله أن يبلغها للناس  بحسب قول الكتاب المقدس في:

 

+ (2بطرس 1: 21): "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس"

   هذا من زاوية أولى ومن الزاوية الثانية:

الفصل الثاني

كيف يزعمون بإنجيل برنابا بينما لا يؤمنون إلا بإنجيل عيسى؟

 

 

  والعجيب أيها الأحباء أن الذين يعترضون على وجود أربعة أناجيل لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا ويقولون أنه لا يوجد أناجيل بأسماء أشخاص سوى إنجيل واحد هو إنجيل سيدنا عيسى عليه السلام، نراهم ويا للعجب يؤمنون بوجود إنجيل لشخص آخر يسمونه إنجيل برنابا !!! عجباً كيف يؤمنون بإنجيل برنابا وينكرون الأناجيل الأربعة؟ وأين إيمانهم بإنجيل واحد هو إنجيل سيدنا عيسى؟؟!! أترك هذا السؤال للعقلاء والفهماء ليجيبوا على البسطاء من إخوانهم!! [أما بخصوص حديثنا عن إنجيل برنابا فسوف نتناوله بأكثر تفصيل فيما بعد]

 

  هذه زاوية أخري بقي أن نعرض الأمر من زاوية ثالثه:

الفصل الثالث

الإنجيل وبشائره الأربعة والقرآن ونسخه السبع

[أو ما يعرف في المصطلح الإسلامي بالأحرف السبعة]

 

أولاً:

الإنجيل وبشائره الأربع

 

   يوضح الكتاب المقدس أنه لا يوجد في المسيحية سوى إنجيل واحد الذي هو بشارة المسيحية الوحيدة وهي خلاص العالم، يتضح ذلك من الآيات التالية:

1ـ (مر1: 14و15): يقول المسيح "لقد تم الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل".

2ـ (مت4: 23) قيل عن المسيح "كان يطوف في الجليل كله يعلم في مجامعهم ويبشر بإنجيل الملكوت".

3ـ (رو1: 16) معلمنا بولس الرسول يقول "لأني لست أستحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن

وقد دُوِّن هذا الإنجيل الواحد بواسطة أربعة من تلاميذ المسيح كل كتب البشارة لفئة معينة من البشر فمتى كتب البشارة لليهود معلنا لهم خلاص المسيح، ومرقس كتبها للرومان، ولوقا كتبها لليونان، ويوحنا كتبها لسائر الشعوب. وإذا أردنا أن نعبر عن هذه الحقيقة بالمصطلح الإسلامي الصحيح نقول أن الإنجيل الواحد قد كتب بأربعة أحرف.

ربما يكون هذا الكلام غريبا على البعض في هذه الغرفة‍ فيتساءلون ما معنى: كتب بأربعة أحرف؟ أو ما المقصود بتعبير أحرف؟

لكي نفهم هذا التعبير علينا أن نستعرض أولا استخدامه الأساسي بالنسبة للقرآن الكريم.

 

ثانيا:

القرآن ونسخه السبع

 

    قد تعجب يا عزيزي القارئ لو علمت أن القرآن لم يكن واحدا، بل كان هناك سبعة قرآنات مختلفة، أطلق عليها اسم "الأحرف السبعة"، وقد قام الخليفة عثمان ابن عفان بحرق ستة قرآنات منها، وأبقى على قرآن واحد فقط منها، وهو الموجود الآن بين أيدي المسلمين. وقد دفع عثمان حياته من أجل هذه الفعلة، فاغتالوه ومات مقتولا.

 

(1) الأدلة على وجود القرآنات السبعة:

1ـ يقول أبو جعفر النحاس في كتاب (الناسخ والمنسوخ) "يفهم من سلف الأمة وخيار الأئمة معنى : نزل القرآن على سبعة أحرف، من أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني. ومن الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي ابن كعب إنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة، دون ما في ذلك من معاني. وأنهم احتكموا للنبي ص فاستقر كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال رسول الله ص للذي ارتاب منهم عند تصويبهم جميعا: إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف"

2ـ  وقد ورد هذا التعبير أيضا في حديث قدسي شريف للنبي محمد ص، نقله الشيخ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن جزء 1 ص46و51) قال: "من روايةِ جَمْعٍ من الصحابة وأحدٍ وعشرين صحابيا أن عثمان قال على المنبر: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف. فشهدوا بهذا "

 

(2) معنى تعبير الأحرف السبع:

    وقد علق السيوطي على هذا الحديث بقوله: "اختُلف في معنى هذا الحديث على نحو أربعين قولا (منها):

1ـ أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة، عبر عنها بألفاظ مختلفة [نحو: أقبل وتعال وهلم وعجل واسرع ] وهذا ما أيده وهب وسفيان والطبري وغيرهم"

2ـ وذهب ابن عبد البر إلى أن الحروف التي نزل عليها القرآن إنها معان متفق علي مفهومها، مختلف مسموعها

3ـ وأنهى السيوطي بحثه بقوله: "قد ظن كثير من العوام أن المراد بها (الأحرف السبعة) القراءات السبع لمصحف عثمان وهذا جهل قبيح"

4ـ ويشرح الشيخ أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري هذا الحديث الشريف في كتابه (جامع البيان في تفسير القرآن جـ1ص48) قائلا:

 أ ـ إن اختلاف الأحرف السبعة هو اختلاف الألفاظ باتفاق المعاني (فمن هذا يتضح أن القرآن كان له سبعة أحرف أي سبعة نصوص أو سبع نسخ مختلفة)

 ب ـ ويكمل الطبري: "فإن قال قائل ما بال الأحرف الستة الأخرى غير موجودة الآن؟ رغم أن الرسول قد أقر السبعة وأمر بحفظها؟ فذلك تضييع لما أمروا به."

 

(3) حرق القرآنات الستة:

1ـ يتساءل الشيخ أبو جعفر الطبري قائلا: ما القصة في ذلك؟

ويجيب على ذلك قائلا: "إن الأحرف أو النسخ الستة الأخر أسقطها عثمان ومنع تلاوتها" (جامع البيان في تفسير القرآن جـ 1ص 66)

2ـ وقد جاء في دائرة المعارف العربية المعروفة باسم (الموسوعة العربية الميسرة ص 1187) تحت عنوان عثمان بن عفان "قامت ضده معارضة قوية انتهت بالثورة عليه وقتله. وأسباب الثورة متنوعة منها مخالفته الدين بإحراقه المصاحف كلها ما عدا المصحف الذي أمر بتعميمه"

3ـ ويوضح الإمام الطبري في كتابه (جامع البيان في تفسير القرآن  الجزء الأول ص 66) السبب الذي جعل عثمان ابن عفان يحرق المصاحف الستة الأخرى هو اختلاف المسلمين واقتتالهم على أفضلية النسخ فكل فئة متمسكة بالنسخة التي لديها.

 

خلاصة

من كل هذا نستطيع أن نرى:

 

أولاً: بخصوص القرآن:

1ـ أنه كان من عصر الرسول إلى عهد عثمان ابن عفان في سبع مصاحف متفقة المعنى ولكنها مختلفة في التعبير.

2ـ أن عثمان بن عفان قد أحرق ستة مصاحف وأبقى على مصحف واحد هو الموجود مع الناس الآن.

3ـ لماذا أحرقت تلك المصاحف الستة، ألم يكن وجودها الآن أفضل من كل ما كتبه المفسرون من تفاسير متعارضة ومتضاربة لألفاظ النسخة الباقية. لعل هذا ما دعا الثوار أن يسفكوا دم عثمان ويستحلوه، لأنه حرق النسخ الأخرى. فماذا كان في تلك النسخ حملته على حرقها يا ترى؟ وكان الأحرى به أن يتركها معتبرا إياها نظير التفاسير الكثيرة، وإلا كان يلزم أن تحرق كل تفاسير القرآن أيضا.

 

 ثانياً: بخصوص الإنجيل:

1ـ شكرا لله أن نسخ الكتاب المقدس الأربعة محفوظة لدينا وفي متناول أيدينا لنقرأها وندرسها ونجد مدى التطابق والتكامل بينها فيزاد إيماننا بوحدانية الإنجيل رغم تعدد نسخه.

2ـ إذن فوجود الأربعة أناجيل أو البشائر ليس نقيصة في المسيحية بل على العكس إيجابية تفرد بها الإنجيل.