الفصل العاشر

وحدانية الله الجامعة

في اسفار العهد الجديد

 

نقولها بكل ثقة ويقين,, إننا معشر المسيحيين الذين نؤمن بوحي الكتاب المقدس إيماناً يقينياً لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه,,

نؤمن كذلك إيماناً يقينياً بوحدانية الله الجامعة,,

وننقل هنا ماكتبه المستشرق العظيم الدكتور صموئيل زويمر الذي عاش في مصر ردحاً من الزمن، وتعلّم القرآن، وتحدث إلى كثيرين من علماء الأزهر وشيوخ المسلمين,

يقول الدكتور زويمر إن الله روح غير محدود, سرمدي دائم الوجود,,, غير متغير في وجوده وحكمته وقدرته وقداسته وعدله وحقه,, إنه لا يتجزأ ولا يتقسم ولا يتعدد ولا تحيط به الأكوان,, ويعجز عن إدراك كنه ذاته كل مخلوق وإنسان * كتاب المسيح كما يراه المسلمون صفحة 90 ,

هذا هو إيمان المسيحيين الحقيقيين, وضعوه في كلمات واضحة المعاني في قانون الإيمان قبل ظهور محمد وظهور الإسلام بمئات السنين, وهذه كلمات قانون الإيمان,

نؤمن بإله واحد الآب ضابط الكل,, خالق السماء والأرض,, وكل ما يُرى وما لا يُرى,

وبرب واحد يسوع المسيح, ابن الله الوحيد,, المولود من الآب قبل كل الدهور, نور من نور, إله حق من إله حق,, مولود غير مخلوق,, ذو جوهر واحد مع الآب,, هو الذي به كان كل شيء,, الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء,, وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء وصار إنساناً,, وصُلب عنا على عهد بيلاطس البنطي,, وتألم وقُبر وقام أيضاً في اليوم الثالث على ما في الكتب المقدسة,, وصعد إلى السماء,, وهو جالس عن يمين الآب,, وسيأتي أيضاً بمجد ليدين الأحياء والأموات, الذي ليس لملكه نهاية,,

ونؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب والابن المسجود له والممجد مع الآب والابن,, الذي تكلم بالأنبياء,

ونؤمن بكنيسة واحدة جامعة رسوليه,, ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا,, وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي, آمين ,

كتب المسيحيون الأولون قانون الإيمان على أساس إعلانات الكتاب المقدس الكريم,, لأنه ليس بين البشر من يستطيع أن يخبرنا بيقين سليم عن من هو الله,, وما هي صفاته وسجاياه سوى الله العلي العظيم,, وقد أعلن الله عن وحدانيته الجامعة لثالوثه العظيم,, متدرجاً في إعلانه عن ذاته بحسب ما رأى في حكمته من استعداد البشر لتقبل هذا الحق الثمين,

وليس أمام الإنسان خيار,, فإما أن يقبل بالإيمان إعلان الله عن ذاته وصفاته,, وإما أن يقع فريسة سهلة لفوضى وتشويش فلسفة الإنسان,

والآن إلى إعلانات الله عن ذاته في أسفار العهد الجديد,

ظهرت إعلانات الله تبارك اسمه عن ذاته في التوراة وأسفار العهد القديم في الآيات التي ذكرناها في الفصل السابق,, وقد تدرج في سامي حكمته في إعلانه عن وحدانيته الجامعة بصورة مستترة,, وسبب ذلك هو أن الشعب الإسرائيلي الذي أعلن الله ذاته لأنبيائه عاش أربعمئة سنة في أرض مصر,, وكانت مصر وقتئذ مسرحاً لعبادة الأصنام,, كثرت تماثيلها وتعددت آلهتها, فلو أن الله جلَّ اسمه أعلن للإسرائيليين الخارجين من مصر عن وحدانيته الجامعة بكلمات صريحة لغلبت الأفكار والعقائد المصرية على تفكيرهم وشوهت الإعلانات الإلهية,, لهذا اقتضت حكمة الله أن يتدرج في إعلانه عن وحدانيته في ثالوثه العظيم بقدر ما رأى في حكمته وعلمه من استعداد البشر لتقبل إعلانه الكامل عن شخصه الكريم,

إن من يدرس الأديان البشرية,, ديانات مصر، وبابل، واليونان، والهند يسترعي انتباهه وجود الثالوث في هذه الأديان,

ففي مصر وجد ثالوث إيزيس، وأوزوريس، وحورس,

وفي بابل وُجد ثالوث براهما، وفشنو، وسيفا,

وفي اليونان علّم أفلاطون الذي عاش 400 سنة قبل الميلاد، بوجود ثالوث افترض فيه وجود العقل السامي على العالم، والعقل المتحرك الذي أخرج إلى الوجود التصور الإلهي، والروح العظيم الذي يحيي العالم ويحركه, وهو بحسب تعليمه جزء أزلي من الله متحد بالمادة,,,

وهنا يخطر في ذهننا سؤال: من أين جاء البشر بعقيدتهم عن الثالوث؟,,, وجوابنا: إن وجود الثالوث في الديانات القديمة يؤكد أن له أصل توارثته الأجيال قبل أن تتدهور إلى عبادة الأوثان,, يؤكد أن الإنسان عرف وحدانية الله الجامعة منذ وجوده,,, ثم بتدهوره وابتعاده عن الله الحي الحقيقي الذي أعلن ذاته لآدم,, ابتدع لنفسه ثالوثاً ليس هو المعلن في كلمة الله وعن هذا يقول بولس الرسول:

لِأَنَّ غَضَبَ اللّهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِا لْإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللّهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لِأَنَّ اللّهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لِأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلَاهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِا لْمَصْنُوعَاتِ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلَا عُذْرٍ. لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللّهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِله، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلَاءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللّهِ الذِي لَا يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الْإِنْسَانِ الذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَحَّافَاتِ * رومية 1: 18-23 ,

من هذه الكلمات المنيرة نرى أن الناس منذ خلق آدم عرفوا الله في وحدانيته الجامعة في ثالوثه العظيم,, ولكنهم في ظلام قلوبهم الغبية، أبدلوا الله الجامع في وحدانيته، بثالوث من ابتداع عقولهم المظلمة,, وهكذا حلَّ الاعتقاد الزائف الرذيل مكان الجوهر الأزلي الأصيل,

وعاد الله يعلن ذاته للبشر,, أعلن وحدانيته الجامعة في ثالوثه العظيم في ألفاظ صريحة في كتاب العهد الجديد,

إعلانات الله عن ذاته في كتاب العهد الجديد

وأول إعلان: جاء في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله في ثالوثه العظيم جاء في بشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء,,,

عندما جاء الملاك جبرائيل ويسميه القرآن جبريل لتبشير مريم العذراء بأن الله اصطفاها من بين نساء العالمين ليولد منها المسيح,, قال جبرائيل لمريم:

وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذا يَكُونُ عَظِيماً، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الْإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ . فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: كَيْفَ يَكُونُ هذا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ فَأَجَابَ الْمَلَاكُ: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابنَ اللّهِ * لوقا 1: 31-35 ,

في هذه الآيات الباهرات نجد الثالوث العظيم

العلي هو الله الآب

يسوع ومعناها المخلص هو ابن العلي

الروح القدس بحلوله على مريم العذراء يهيء الجسد للمسيح لعمل الفداء,

لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: ذَبِيحَةً وَقُرْبَاناً لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَداً * عبرانيين 10: 5 ,

هنا لا بد من القول: إنه من غير الممكن للإنسان المحدود أن يصير إلهاً غير محدود,,, ولكن من الممكن جداً لله غير المحدود أن يتجسد في صورة إنسان ويظل بلاهوته غير محدود,

لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللّهِ * لوقا 1: 37 ,

إن الملك في قدرته أن يرتدي ثياب جندي ويظل ملكاً,,

وقد أكّد المسيح وجوده في كل مكان بكلمات صريحة فقال:

وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلَّا الذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الْإِنْسَانِ الذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ * يوحنا 3: 13 ,

لِأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ * متى 18: 20 ,

وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الْأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ * متى 28: 20 ,

كلمات تنطق بنورها الوهاج بأن المسيح مطلق الوجود وهي صفة لا توجد في غير الله,

يذكر القرآن في سورة آل عمران النص التالي:

إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * سورة آل عمران 3: 45 ,

ويقول في سورة النساء:

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ * سورة النساء 4: 171 ,

الله جلّ جلاله بشر مريم العذراء بولادة المسيح إن الله يبشرك ,

المسيح هو كلمة من الله إن الله يبشرك بكلمة منه ,

المسيح هو كلمة الله إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ,

المسيح روح من الله وروح منه ,

هذا ما يشهد به القرآن,

ونقرأ عن المسيح في إنجيل يوحنا:

فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللّهَ * يوحنا 1: 1 ,

وَالكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الْآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً * يوحنا 1: 14 ,

المسيح كلمة الله,, ولا يمكن أن تحمل الكلمات معنى أن الله قال للمسيح كن فكان ,,,

إن نصوص القرآن في سورتي الأنبياء 21: 91، والتحريم 66: 12 تنفي أن الله تبارك اسمه قال للمسيح كن فكان ,,

وعلى هذا الأساس الصريح يكون النص القائل إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * سورة آل عمران 3: 59 منسوخاً بالنصوص المؤكدة أن الله لم يقل لآدم كن فكان، وبالتالي لم يقل للمسيح كن فكان,, لا سيما أن القرآن يسمح بهذا النسخ في نصوصه إذ يقول في سورة البقرة:

مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ * أي ما نزل ونرفع من حكم آية أَوْ نُنْسِهَا * أي نمحها من القلوب نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * سورة البقرة 2: 106 ,

المسيح هو كلمة الله بشهادة القرآن,,

وهنا نذكر ما قاله الإمام محمد بن أدريس الشافعي أحد الأئمة الأربعة الكبار في الإسلام,, قال الإمام الشافعي في قضية خلق القرآن ,, كلام الله ليس بمخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر,, ا,ه ,

والمسيح كلمة الله,, وكلام الله ليس بمخلوق فمن قال مخلوق فهو كافر,

ونعود مكررين أنه لا عبرة بما يُقال أن المسيح وجد بكلمة كن فقد ثبت من القرآن أن آدم لم يُخلق بكلمة كن بل نفخ الله فيه من روحه ولم يقل له كن فكان,

كذلك المسيح لم يوجد بكلمة كن فكان بل أكدت نصوص القرآن أن الله جلَّ اسمه نفخ في مريم من روحه، فتجسد منها المسيح كلمته,

الإعلان الثاني: في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله في ثالوثه العظيم جاء وقت معمودية المسيح,,,

وهذا ما نقرأه في إنجيل متى الرسول:

فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هذَا هُوَ ابنِي الْحَبِيبُ الذِي بِهِ سُرِرْتُ * متى 3: 16 و17 ,

في هذا المنظر الرهيب,, والإعلان السماوي المهيب,, أعطى الله الدليل عن وحدانيته الجامعة في ثالوثه العظيم,, هذا الدليل رأته العيون,, ولمسته الأيدي,, وسمعته الآذان,

أما الدليل الذي رأته العيون:

وإذا السموات قد انفتحت له, فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه ,

وقد شهد يوحنا المعمدان بأنه رأى هذا المنظر العظيم فقال:

إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَا سْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِا لْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ، فَه ذَا هُوَ الذِي يُعَمِّدُ بِا لرُّوحِ الْقُدُسِ. وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذا هُوَ ابنُ اللّهِ * يوحنا 1: 32-34 ,

يوحنا كان قريباً للمسيح من جهة الجسد,, ولكنه لم يعرفه باعتباره ابن الله إلا بعد أن رأى الروح نازلاً ومستقراً عليه,

ويقرر القرآن أن الله أيد المسيح بالروح القدس وَآتَيْنَا عِيسَى ابنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ * سورة البقرة 2: 87 ,

* اقرأ أيضاً سورة البقرة 2: 253 وسورة المائدة 5: 110 ,

أما الدليل الذي لمسته الأيدي:

فهو المسيح الصاعد من الماء,

فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ * متى 3: 16 ,

* أما الدليل الذي سمعته الآذان:

فكان صوت الآب شاهداً عن ابنه من السماء,

وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هذا هُوَ ابنِي الْحَبِيبُ الذِي بِهِ سُرِرْتُ * متى 3: 17 ,

في هذا المنظر العجيب

سمعنا الآب متكلماً من السماء,

ورأينا الابن الحبيب صاعداً من الماء

ورأينا الروح القدس مستقراً على ابن الله صانع الفداء,

وليس أروع من هذا المنظر لإظهار وحدانية الله الجامعة في ثالوثه العظيم,

الإعلان الثالث: في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله في ثالوثه العظيم جاء في أمر المسيح الكريم:

بعد قيامة المسيح من الأموات ,, ظهر لتلاميذه في الكثير من المناسبات لمدة أربعين يوماً,, وقبل صعوده إلى السماء أعطاهم أمره الكريم قائلاً:

فَا ذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الْأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِا سْمِ الْآبِ وَالا بْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الْأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ * متى 28: 19 و20 ,

وفي أمر المسيح الكريم ملاحظة جديرة بالاعتبار هي أن المسيح لم يقل في أمره وعمدوهم بأسماء الآب والابن والروح القدس بل قال باسم ,, فالله واحد في جوهره ولاهوته، لكننا نجد في وحدانيته الثالوث العظيم الآب والابن والروح القدس ,

الإعلان الرابع: في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله في ثالوثه العظيم جاء على لسان بولس الرسول:

تحدث بولس الرسول إلى المؤمنين في كورنثوس عن المواهب الروحية فقال:

فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ وَل كِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ. وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ وَل كِنَّ الرَّبَّ وَاحِدٌ. وَأَنْوَاعُ أَعْمَالٍ مَوْجُودَةٌ وَلكِنَّ اللّهَ وَاحِدٌ، الَّذِي يَعْمَلُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ * 1 كورنثوس 12: 4-6 ,

والآيات ليست في حاجة إلى تفسير فهي تتحدث عن:

الروح القدس: الروح واحد

والرب يسوع: الرب واحد

والله الآب: الله واحد

الإعلان الخامس: في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله في ثالوثه العظيم جاء أيضاً على لسان بولس الرسول في البركة الرسولية:

نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللّهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ * 2 كورنثوس 13: 14 ,

فالرب يسوع هو مصدر النعمة * يوحنا 1: 16 و17 ,

والله هو معلن المحبة وساكب المحبة * يوحنا 3: 16 ورومية 5: 8 ,

والروح القدس هو روح المحبة وغارس المحبة * رومية 5: 5 ,

الإعلان السادس: في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله في ثالوثه العظيم جاء كذلك على لسان بولس الرسول:

بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْمَدْعُوُّ رَسُولاً، الْمُفْرَزُ لِإِنْجِيلِ اللّهِ، الَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ، عَنِ ابنِهِ. الذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ، وَتَعَيَّنَ ابنَ اللّهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا * رومية 1: 1-4 ,

والآيات تضيء بلمعان يبهر الأبصار متحدثة عن وحدانية الله الجامعة,,,

فبولس الرسول يعلن عن عبوديته للمسيح الذي كان قبلاً يضطهد المؤمنين به,, ويعلن بغير تحفظ أن المسيح ربه يسوع المسيح ربنا ,

ويعلن أن الإنجيل,, إنجيل الله,, وأن المسيح هو ابن الله الذي تنبأ عنه الأنبياء المفرز لإنجيل الله,, الذي سبق فوعد به بأنبيائه في الكتب المقدسة عن ابنه ,

ويعلن أن المسيح قد أعلن بقيامته بقوة الروح القدس أنه فعلاً وحقاً ابن الله ,

فالآب والابن والروح القدس,, الله الجامع في وحدانيته يظهر بوضوح في هذه الآيات,

الإعلان السابع: في كتاب العهد الجديد عن وحدانية الله قي ثالوثه العظيم جاء في سفر رؤيا يوحنا آخر أسفار العهد الجديد:

في هذا السفر النبوي العجيب,, نرى بصورة لا مثيل لها مجد الله الواحد الجامع في وحدانيته ثالوثه العظيم,

يُوحَنَّا، إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ التِي فِي أَسِيَّا: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلَامٌ مِنَ الْكَائِنِ وَالذِي كَانَ وَالذِي يَأْتِي، وَمِنَ السَّبْعَةِ الْأَرْوَاحِ التِي أَمَامَ عَرْشِهِ، وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الْأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الْأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الْأَرْضِ. الذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً لِلّهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الْآبِدِينَ. آمِينَ * رؤيا 1: 4-6 ,

في هذه الآيات نرى الثالوث العظيم:

الآب الكائن والذي كان والذي يأتي,

الابن الذي جعل المؤمنين به ملوكاً وكهنة لله أبيه,

والروح القدس - السبعة الأرواح التي أمام عرشه - وهذا هو الروح القدس في وصفه السباعي كما جاء في سفر إشعياء 11: 1 و2,

بعد كل هذه الآيات البينات عن وحدانية الله الجامعة في ثالوثه العظيم,, إذا وضعنا في أذهاننا أن الله روح * يوحنا 4: 24 وأنه لا شبيه ولا مثيل له * إشعياء 40: 18 ,, قبلنا بالإيمان إعلان الله عن ذاته في ثالوثه الكريم,,, وصدقنا أن الآب هو الله ,, وأن الابن هو الله ,, وأن الروح القدس هو الله وأن الثالوث الكريم إله واحد في ذاته وجوهره,

ونحن نقرأ في الكتاب المقدس عن الآب أنه الله والله نفسه أبونا * 1 تسالونيكي 3: 11 ,

ونقرأ عن الابن أنه الله واما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور * عبرانيين 1: 8 ,

ونقرأ عن الروح القدس أنه الله,, قال بطرس لحنانيا الذي كذب عليه:

لَماذَا مَلَأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ,,, أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللّهِ * أعمال 5: 3 و4 ,

والكتاب المقدس يعلن أن كل واحد في الثالوث متميز عن الآخر,, دون انفصال لأحدهم عن الآخر,, وهو أمر يتفرد به الله الواحد الذي لا مثيل ولا شبيه له,

ونسجل هنا ما كتبه الدكتور بوردمان وهو يشرح تعليم الكتاب المقدس عن الثالوث الإلهي العظيم ,, قال الدكتور بوردمان :

إن الآب هو ملء اللاهوت غير المنظور اللّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ * يوحنا 1: 18 ,, و الابن هو ملء اللاهوت متجسداً وَالكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً * يوحنا 1: 14 فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللَّاهُوتِ جَسَدِيّاً * كولوسي 2: 9 ,, و الروح القدس هو ملء اللاهوت عاملاً في حياة البشر وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ * يوحنا 16: 8 وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ * يوحنا 16: 13 ,

هذه هي إعلانات الله عن ذاته في الكتاب المقدس,,

ولا طريق لمعرفة الله الحي الحقيقي إلا بإعلانه عن ذاته في كلمته,,

وقد قبل المسيحيون إعلانات الله كما أعطاها لهم,, وآمنوا بوحدانيته الجامعة,, فباركهم الله وأنار لهم وبهم شتى دوائر الحياة,

الصفحة الرئيسية

truth4islam@hotmail.com