أحداث منفلوط الدامية 26/4/1990م

فى تقرير مركز حقوق الإنسان المصرى

http://www.alkalema.net/copt/copt37.htm  

 

 الزفة" التي أشعلت الفتنة


في منفلوط 1990
صباح العيد - كانت منفلوط على موعد مع أحداث دامية ، راح ضحيتها 6 قتلى و50 جريحا واعتقل على أثرها أكثر من 200 شخص .

الطائفيون يطالبون بمعاهدة مع أهل الذمة
أمير الجماعة الطائفية يهدد : يمكننا اقتلاع النصارى من جذورهم !
رجال الدين المسيحي : لا يمكننا الخروج لمواساة المصابين
انطلقت جموع تصل أعدادها إلى 1000 شخص بعد صلاة العيد في مظاهرة احتجاج على قرار المسئولين بمنع خروج زفة المحمل هذا العام واستيقظت شوارع منفلوط صباح العيد على الصدامات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن . وانجلى غبار المعركة عن قتلى وجرحى ، ومحلات محطمة وسيارات محروقة .. وجروح أعمق مما يبدو بكثير .
لقد تحول "المحمل" في منفلوط .. من عيد للسلام والتآخي .. ليوم يعطل فيه القانون . تمارس فيه ما فيه المصالح والطائفية دورها في تصفية الحسابات التجارية من تجارة المخدرات .. إلى استقطاب الغوغاء لوجهات نظر سياسية وقبلية هذا ما أكده المسئولون وبعد أن كان المسيحيون يتقدمون صفوف العيد ، أشار مأمور المركز أن نسبة هجرتهم من المدينة في ذلك اليوم وصلت 100% .
باختصار فكرة المحمل منذ أيام الفاطميين ، حيث كانت ترسل كسوة الكعبة الشريفة عبر مدينة منفلوط . وتحول الأمر إلى احتفال سنوي أقرب إلى المولد الذي يشارك فيه الجميع . وفي السنوات العشرة الأخيرة كما يؤكد العميد محمد أبو ريه ، مأمور مركز منفلوط ، انقلب احتفال المحمل إلى مناسبة لتعاطي المخدرات وأعمال البلطجية ، ويضيف وصار المحمل فرصة لتدمير وإتلاف ممتلكات المسيحيين وتطرق المأمور للظروف التي تمر بالبلاد وارتباط ذلك بقرار القيادة السياسية بإلغاء الاحتفال لمنع تصاعد الأحداث .. خاصة وأسيوط تعيش حالة من التوتر الشديد بعد الأحداث الطائفية في المنيا والفيوم ، وإشهار إلى أن هناك أحداثا يومية فردية تمارس ضد المسيحيين .

أطفال الخرافة :
ويرى العميد أحمد السرسي رئيس مدينة ومركز منفلوط أن يوم المحمل تحول إلى مناسبة يتعطل فيها القانون . ويروي قصة غريبة أنه فوجئ في بروفات حفل أعياد الطفولة أطفال صغار أقل من عشر سنوات يتدربون وهم يحملون الخناجر والسكاكين وجذوع الشجر .. وعندما سئل عن ذلك ، قالوا : أنها صورة مصغرة للمحمل .. ويبتسم قائلا : وبالطبع ألغيت هذه الفقرة من الحفل ، لأنها منافية للدين والأخلاق ويتساءل كيف نعلم الأطفال العنف والخرافة !! ويضيف المتحدث : في الأعوام السابقة تعهدت الأجهزة الشعبية بمرور الاحتفال بسلام وعلى الرغم من ذلك حدثت تجاوزات متعمدة وعنيفة ضد المسيحيين .

مذبحة المحمل :
ويهتم عبد الله حسن أمير الجماعة الإسلامية بمنفلوط رجال الأمن ورئيس المدينة بأنهم السبب الحقيقي لتفجير الأحداث .. ويشير إلى أن تلك الجهات لم تقنع أحدا بإلغاء المحمل .. بل أن القضية أكبر من قصة المحمل ، ويشير إلى الاعتداء على المصلين في صلاة العيد الذي وصل إلى قتل الأطفال بملابس العيد .

ونفت جميع المصادر رواية أمير الجماعة وأكد مأمور المركز العميد أبو ريه أن أحدا لم يتعرض لصلاة وأشار إلى أن قرار منع المحمل صائب وإلا لكان هناك مذبحة في منفلوط لا يعلم عدد ضحاياها إلا الله ويشير رئيس المدينة العميد لاسرس إلى أن قرار منع المحمل اتخذ من أعلى السلطات السياسية في أسيوط بعد رفع الأمر إليها من القيادات الشعبية والتنفيذية في المدينة وأن تلك الأجهزة عملت أربعة شهور لإقناع المواطنين عبر أكثر من عشرات ندوات واتصالات مع العائلات والعصيبات . ويقول الحاج أحمد ميرغني الشلح ، أمين تنظيم أكثر مما تحتمل .. والأجهزة الشعبية ، حاولت إقناع الجميع بقدر ما تستطيع وليس وراء الأحداث أية قوى سياسية ولا جماعات الإسلامية ، ولكنها بعد الأحداث ، يبدو أنها تريد أن تركب الموجة . ويتعرض الشلح للإتهام الخاص بالإعتداء على المصلين ويؤكد أنه بعد صلاة العيد تجمعت "الشلة" التي لم تقتنع بالقرار ، وتصدى لهم رجال الأمن ولم يتعرض أحد لا لصلاة العيد ولا للمصلين ويضيف أسامة القوصي مدير إيرادات بمجلس المدينة ، أنه صلى العيد مع جماعة الأخوان المسلمين ولم يحدث شئ .. وبعد أن ذهب المصلون للمنازل بنصف ساعة تصدى الأمن للبلطجية ، ويشير رئيس المدينة إلى أن الجماعات الإسلامية نظمت مسيرة ليلة العيد المدينة ولم يتعرض لهم أحد . ويتساءل إذا كانت هناك نية للإعتداء ، فلماذا لم يهاجمهم الأمن ؟ ويرى أنهم يريدون أن يركبوا الموجة بعد الأحداث ولم يقتل أي أطفال بعد الصلاة والطفل الذي قتل كان في أحداث المحمل ، وأكد والده في التحقيقات أنه أصيب عندما ذهب ليشاهد ما حدث.

الشائعة الشهيرة :
ويتخطى أمير الجماعة الإسلامية قضية المحمل لأنها بدعة وضلال ويرى أن الأمر أخطر من ذلك وأن هناك شبكة لتنصير المسلمات يتزعمها نصراني يدعى ضياء لوندي .

ويكذب سعد جودة وكيل المجلس المحلي هذه الواقعة ويشير إلى أن المجلس المحلي فور سماع الإشاعة شكل لجنة لتقصي الحقائق وثبت أن الموضوع غير صحيح وكل ما في الأمر أن هناك إحدى الفتيات المسلمات على علاقة طيبة مع الفتيات المسيحيات . وذهبت معنا الفتاة إلى الصلاة في المسجد . ويضيف وكيل المجلس أنه في الغريب أن هذه الإشاعة بنفس الاختلاق (مدرس وتلميذة من المدرسة) متكررة بنفس التفاصيل في معظم مدن الجمهورية ، ومن الطرف الآخر أكد مطران الأقباط الأرثوذكس الأنبا انطونيوس للحاج الشلح أنه إذا ثبت صدور أي شئ من المدرس "ضياء" فإنهم في الكنيسة مستعدون لتطبيق الحكم الذي يصدره الأخوة المسلمون ويؤكد الشلح أن الواقعة ثبت أنها كاذبة ومنافية للحقيقة .

لسنا طرفا في المحمل :
منذ أحداث المنيا وكل كاهن يسير في الشارع يتعرض للاعتداء . هكذا بدأ القس ابرام راغب حديثه مؤكدا عيل أن تعليما الأنبا انطونيوس أسقف منفلوط هي ضبط النفس والحفاظ على الوحدة الوطنية وسلامة مصر من الفتنة ويضيف الكاهن إلى أن ممتلكات المسيحيين مصرية بالأساس والاعتداء عليها يعطي سلاحا لأعداء الوطن الذين لا يفرق رصاصهم بين صدور المسيحيين والمسلمين . ويشير المتحدث إلى أن المسيحيين كانوا يشاركون دائما في المحمل ويستحضر دافعه تاريخية في سنة 1949 عندما رفض مدير المديرية عزيز باشا أباظة حينذاك خروج المحمل فذهب إليه وفد من الشيخ عثمان المقدم والشيخ كهني والمتنيح الأنبا لوكاس نيابة عن أهالي منفلوط للتوسط بخروج المحمل ووافق مدير المديرية وتقدم المطران مسيرة المحمل ويأسف الكاهن لتزامن الاعتداء على المسيحيين في السنوات الأخيرة مع خروج المحمل ، إلا أنه يؤكد أن الكنيسة ليست طرفا في إلغاء الاحتفال ويؤكد على أن المسيحيين كانوا يغادرون المدينة في وقت الاحتفال ويستطرد إلى أن الأمر قد وصل إلى قطع الطريق على المسيحيين والتعرض لهم في أي ظرف وفي أي مكان والأكثر من ذلك يقول أنا أريد أن أخرج للذهاب لمواساة المنكوبين ولا أستطيع .
ويؤكد على ذلك القس سلوانس حنا والكاهن مقار فهمي الجزية .. والحصانة النصرانية:
وفي مسجد الرحمن المواجه للمطرانية استكملنا الحديث مع أسير الجماعة الإسلامية الذي برر الاعتداء على ممتلكات المسيحيين بأن الناس اعتقدت أن النصارى السبب في عد خروج المحمل فقاموا بالاعتداء عليهم ، والمخرج من هذه المشكلة في رأي الأمير لن يأتي إلا من خلال الدولة الإسلامية التي يحكمها خليفة المسلمين والذي يوقع معاهدة بين المسلمين وأهل الذمة يلتزم فيها هؤلاء بأنهم لن يخرجوا عنها وحدد أمير الجماعة أهم بنود المعاهدة المقبلة هكذا :
 عدم بناء كنائس .
 - عدم إظهار شعائرهم .
 - والأهم هو دفع الجزية .
فقط في هذه الحالة يضمن الأمير للنصارى أموالهم وممتلكاتهم وأدانهم ويرجع الأمير الاعتداء السابق لمشكلة المحمل لاستفزازات النصارى بها من أمريكا .
ويؤكد الأمير رغم نفي الجميع أن النصارى اعتدوا على عقيدة المسلمين وأعراضهم من جانب المبشرين تارة وفجرة النصارى تارة أخرى .
ويتساءل الأمير :
وبعد ذلك نتهم بالاعتداء على ممتلكاتهم ويختم حديثه بإطلاق صيحة مدوية نحن على استعداد لاقتلاعهم من جذورهم.


هكذا تكلم القسيس :
انفعل الأب موسى حنا زكا راعي كنيسة الملاك ميخائيل سنورس ، وهو يجيب على السؤال الذي وجهته الصحيفة الأمريكية التي جاءت خصيصا لتغطية أحداث سنورس سألت الصحفية: ألا تفكر في الهجرة إلى أمريكا بعد كل ما جرى ؟
أجاب الأب موسى حنا والغضب بشكل ملامح وجهه .. لا أحد يا سيدتي يترك وطنه لمجرد أحداث "عابرة" من الممكن حدوثها بين المسلمين أو بين الأقباط من أبناء الوطن الواحد .
قال القسيس لقد سمعت هذا السؤال يتردد أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية على السنة مراسلي الصحافة والإذاعة الذين جاءوا من أنحاء العالم ، والحقيقة أنني شعرت بالحزن .. ولولا حرصي على الحقيقة .. لرفضت الرد .
قال القسيس .. لقد اصطحبت هؤلاء المراسلين إلى مدرسة النهضة المسيحية التي أقامتها الكنيسة لكي يشاهدوا على الطبيعة أن ثلثي التلاميذ من المسلمين . وأننا نبدأ يومنا بالاستماع إلى تلاوة القرآن من الإذاعة المدرسية وأن التلاميذ يحصلون على إجازة يومي الجمعة والأحد.
"جريدة الأهالي 2/5/1990"

الفهرس