الفصل الثاني  خلافات حول المعمودية   

مجمل الخلافات

فاعلية المعمودية 

المعمودية من عمل الكهنوت

لزوم المعمودية

المعمودية بالتغطيس 

معمودية الأطفال 

أسئلة حول المعمودية

 أهمية الماء ورموزه في الكتاب  

الماء والدم

هل  المعمودية تعاد 

أسئلة حول المعمودية

1-   السؤال الأول :

إذا كانت المعمودية تجديداً ، فلماذا نخطئ  بعد المعمودية ؟

المعمودية تجديد حسب تعليم الكتاب { رو4:6}. ولكنها ليست عصمة ، نأخذ في المعمودية تجديد حسب تعليم الكتاب ، ونعماً جديدة ، أو نأخذ طبيعة جديدة ، كما قال الرسول : {بمقتض رحمته خلصناً بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس }{تي5:3} هذه الطبيعة لها قوة وقدرة علي الحياة الروحية .

 ولكن لا عصمة لنا طالما نحن في الجسد . هنا في أختيار . ومازلنا في حريتنا ، نعمل الخير أو الشر ، لأن نعمة التجديد التي أخذناها في المعمودية لا تلغي نعمة الحرية التي لنا ، والتي نحن بها علي صورة الله ومثاله ولذلك فالصديق يسقط سبع مرات ويقوم . أما العصمة أو إكليل البر ، فنناله في الحياة الأخري . وفي ذلك يقول معلمنا بولس الرسول وهو ينسكب سكيباً ووقت إنحلاله في حضر { وأخير وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الديان العادل }{2تي8:4}.

السؤال الثاني :

هل تسري مفاعيل المعمودية ؟ إذا كان الكاهن الذي يجريها سئ السيرة ؟

إن النعم التي تأخذها في المعمودية هي من الله ، وليست من الكاهن الذي هو مجرد خادم لله مانحها . تتوقف علي صدق مواعيد الله ومواهبه ، ولا تتوقف علي سيرة الكاهن . إن الكاهن مثل ساعي البريد ، يحمل لك خطاباً مفرحاً . سواء كان هذا الساعي  جميل الخلقة أو دميمها ، فالخطاب المفرح هو هو لا يتغير .

 أو هو كالزارع الذي يلقي البذار في الأرض فتثمر ، سواء كان هذا الزراع باراً أو مخطئاً . المهم في البذرة وقوة الحياة التي فيها ، وليس في يد الزراع التي تلقيها .

وأنت قد تشرب الماء في كوب من ذهب أو كوب من نحاس . والماء هو هو بنفس طبيعته لم يتغير بنوع الكأس الذي يقدم لك الماء فيه .

وهنا نحن نتكلم عن المعمودية وفاعليتها . ولا يجوز أن نخرج العقيدة من ناحيتها الموضوعية إلي نواح شخصية تتعرض لأدانة الآخرين ، دون النظر إلي ما منحه الرب للبشر في المعمودية حسب كلمته الصادقة في الإنجيل .

السؤال الثالث :  

كيف خلص اللص دون معمودية ؟

وفي إجابتنا عن هذا السؤال نقول إن اللص قد نال معمودية هي أفضل معمودية وكلنا نحاول أن نعتمد علي مثالها . لأنه ما هي المعمودية سوي موت مع المسيح كما شرح معلمنا بولس {رو6} واللص اليمين قد مات مع المسيح فعلاً ، وصار موته بهذا الوضع معمودية ومثال ذلك معمودية الدم التي نقولها عن الشهداء الذين آمنوا بالمسيح ، فقتلوهم في عصور الاضطهاد قبل أن ينالوا نعمة المعمودية بالماء . فصار موتهم هذا معمودية . ماتوا مع المسيح كاللص .

وقد شرحنا هذا الموضوع في كتاب الخلاص .

السؤال الرابع :

إن كانت المعمودية لأزمة هكذا ، فلماذا قال الرسولان  بولس وسيلا لسجان فيلبي { آمن بالرب يسوع فتخلص ..}

{أع31:16}.ولم يقولا له آمن واعتمد . وهذا دليل علي كفاية الإيمان . أما الجواب هو أن الرسولين كان يكلمان إنساناً غير مؤمن ، مهما فعل لا يمكن أن يخلص بدون إيمان . لذلك كان عليهما أن يوجهاه إلي هذا الإيمان أولاً لكي  يخلص . فإن قبل الإيمان ، يشرحان له باقي الأمور اللازمة .

ولذلك فإن بعد قول الرسول هذا حدث أمران هما :

أ- ( كلماه وجميع أهل بيته بكلمة الرب }{أع32:16}.

ب- ( اعتمد في الحال هو والذين له أجمعون }{أع33:16}.

هكذا لا يجوز أن نضع أمامنا آية واحدة ، وننسي باقي الآيات المتعلقة بالموضوع فإلي جوار إيمان سجان فيلبي ، نضع عماد سجان فيلبي . وإلي جوار قول الرسولين :{آمن.. فتخلص }{نضع أمامنا أيضاً قول الرب نفسه :{من آمن واعتمد ، خلص {1بط3: 21، تي 5:3}.

 (*) أنظر تفسيراً مفصلاً لهذه النقطة في كتابنا { الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي }{الطبعة الرابعة من ص 25- ص32).  

السؤال الخامس: 

إن كانت المعمودية ضرورية ، فهل كل أنبياء العهد القديم أعتمدوا ؟

والإجابة هي : لو كانت وصية المعمودية موجودة في أيامهم لكان يلزمهم العماد، كلن هذه الوصية وضعت في المسيحية فلماذا ؟ لن المعمودية هو موت مع المسيح والمسيح ي\لم يكن قد مات في العهد القديم .

ولكن أنبياء العهد القديم مارسوا من رموز المعمودية ما أمكنهم ممارسته في أيامهم كالختان وعبور البحر . ومارسوا الاحتفال بخرف الفصح الذي يرمز إلي دم المسيح .

ولا يجوز أن نطالب أشخاصاً بشريعة لم تكن موجودة في أيامهم .

السؤال السادس :

هل الخلاص بالكلمة وليس بالماء ؟

وهل قول الرسول عن الكنيسة : { مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة }{أف26:5}. تعني أن هذا الغسل كان بالكلمة ؟ أي الخلاص بالكلمة .

وماذا عن باقي الآيات تدل علي لزوم الكلمة للخلاص مثل { مولودين ثانية لا من زرع يفني ، بل مما لا يفني ، بكلمة الله الحية الباقية إلي الأبد}{1بط23:1} وأيضاً { شاء فولدنا بكلمة الحق }{يع18:1} ولم يقل ولدنا بالمعمودية – أو خلصنا بالمعمودية !!

ما أهمية الماء للخلاص ؟

مادام الرب قد قال { من آمن واعتمد خلص }{إذن الخلاص يكون هكذا ..

ولكن عبارة من آمن ، لابد أن يسبقها شئ آخر هو التعليم أو الكرازة لان الرسول يقول { كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به ؟ وكيف يسمعون بلا كارز ؟}{ رو14:10}. من هنا جاءت أهمية الكلمة ..

الكلمة أولاً ، نتيجة لها يحدث الإيمان . ونتيجة للإيمان تتم المعمودية ، ونتيجة للمعمودية الخلاص والولادة الجديدة .

ومع ا، الخلاص والميلاد كلاهما بالمعمودية ، إلا أنه لابد من الكلمة أولاً لأنها هي التي تقود إلي الإيمان ، وبالإيمان المعمودية . لذلك قال الرسول { ولدنا بكلمة الحق }{مولودين بكلمة الله }.. علي أعتبار أن الكلمة هي الأصل الذي قاد إلي كل هذا ..

أ قول الرسول عن الكنيسة ر مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة {أف26: 5}. فمعناه أن هذا التطهير تم

بالمعمودية { غسل الماء }.. بالكلمة أي التبشير والكرازة وخدمة الكلمة التي من نتيجة كان الإيمان ثم المعمودية .

نلاحظ هنا قوله { بغسل الماء بالكلمة } ولم يقل بغسل الماء الذي هو الكلمة . ولو كان غسل الماء يعنى الكلمة، ما كان هناك داع لهذا التكرار . إنما غسل الماء بالكلمة معناه غسل الماء التي تم نتيجة لعمل الكلمة ، فلولا الكلمة ومفعولها ما أقبل الناس إلى غسل الماء أى المعمودية.

أما من جهة عبارة " مولودين بكلمة الله" (1بط 1: 23) وعبارة"شاء فولدنا بكلمة الحق"( يع1: 18)، فنلاحظ فيهما أنه لم يذكر الإيمان؟! إن هذا مستحيل . ولكنه لم يذكر الإيمان هنا لأنه مفهوم ضمناً .

الأشياء المفهومة ضمناً ،لا داعي لتكرارها في كل مناسبة .لا نستطيع في كل مناسبة أن نكرر

 عبارات : الكلمةــ الإيمان ــ المعمودية ــ الميلاد الثاني …

إن الكرازة لها أهميتها . ولا ينكر أحد أهمية خدمة الكلمة. ولكن لا نستطيع مطلقاً أن نقول إنه يمكن لأناس أن يكونوا "مولودين بكلمة الحق " سواء آمنوا أم لم يؤمنوا هكذا أيضاً في المعمودية.

أما عبارة " غسل الماء بالكلمة ، فتعنى الأمرين معاً : الكلمة والمعمودية ونلاحظ فيهما أيضاً أنه لم يذكر ( الإيمان الذي هو مفهوم ضمناً).

البروتستانت يركزون باستمرار على الإيمان . فهل عدم ذكر عبارة الإيمان في

(أف5: 26، يع1: 18،1بط1: 23)

يعني عدم أهمية الإيمان ولزومه ؟ طبعاً لا . ففي بعض الأحيان عدم ذكر شئ لا يعني بالضرورة عدم لزومه ، إنما قد يعني أنه مفهوم ضمنناً ، هكذا في المعمودية .

السؤال السابع .

إذا ما هو مركز الماء في الخلاص والميلاد الثاني ؟

أ - أن كان الماء لم يذكر في عبارة "ولدنا بكلمة الحق " وعبارة " مولودين بكلمة الله " الإ أنه قد ذكر صراحة  في قول الرب : " أن كان أحد لا يولد من الماء والروح ، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله " ( يو5:3}. هنا ولادة صريحة من الماء .

المقصود بالماء أن يكون ماءاً حقيقياً وليس رمزاً ..

ب - وهذا واضح في قبول إيمان كرنيليوس واصحابة الأمميين وضمهم إلي عضوية الكنيسة .

هنا أشخاص أبرار . كان إيمانهم بدعوة من الله ، وظهور ملاط لكرنيليوس ورؤيا لبطرس ، وأمر إلهي . وقد بشرهم بطرس بالكلمة ، وحل الروح القدس علي جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة { أع44:10}.وتكلموا بألسنة .

أكان كل هذا يكفي لميلادهم الثاني ؟ أكان يمكن لبطرس أن يقول لهم : مبارك لكم جميعاً هذا الميلاد الجديد ؟ كلا بل أن القديس بطرس قال بعد كل هذا : { أتري يستطيع أحد أن يمنع الماء حتي لا يعتمدوا باسم الرب }{أع10: 47،48}.

ويعلق كاتب سفر أعمال الرسل علي هذا بقوله مباشرة :{إن الأمم قبلوا كلمة الله }{أع1:11}. هنا إذن مكان الماء إلي جوار الكلمة . وهنا الماء لا يعني الكلمة ، كما ظن البعض في ظن {أف26:5}.

ج - وهناك مثال آخر واضح للماء ، في معمودية الخصي الحبشي ؟\:

لما آمن الخصي . يقول الكتاب : { وفيما هما سائران في الطريق أقبلا علي الماء . فقال الخصي : هوذا ماء . ماذا يمنع أن اعتمد . فقال فيلبس : إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز . فأجاب وقال : أنا أومن أن يسوع المسيح هو أبن الله .. فنزلا كلاهما إلي الماء ، فيلبس والخصي الحبشي ، فعمده }{أع8: 36-38}.

هنا المعمودية ماء ، تماماً مثل معمودية كرنيليوس والذين معه ، معمودية ماء حقيقي ، كانت لازمة بعد الكلمة مباشرة ، ولم يكن الماء فيها هو الكلمة .. فإن كان الخصي قد ولد بالكلمة ، وغسل بالكلمة ، ماذا كانت الحاجة إلي الماء …؟!

وفي هذا المجال أود أن أتحدث عن موضوع هام هو :

اهمية الماء ورموزه

وذلك لنفهم لماذا اختير الماء للغسل والولادة الجديدة في سر المعمودية المقدس .. منذ البداية ، في قصة الخلقة ، والماء له علاقة بالحياة .

يقول الكتاب : { وروح الله يرف علي وجه المياه }{تك2:1}.ويذكر أيضاً أن الله قال : { لتفض المياه زحافات ذات أنفس حية ، وليطر طير ..} {تك20:1}. وهكذا خرجت الحياة من الماء ، ونري ربطاً ما بين الماء وروح الله .

ونقرأ أيضاً ان، الله يشبه ذاته بالماء . فيقول في تبكيته للشعب : { تركوني أنا ينبوع المياه الحي ، لينقروا لأنفسهم آباراً مشققة .}{إر13:2}. وكما ذكر هذا في العهد القديم ذكر نفس المعني في العهد الجديد في قوله السيد المسيح له المجد : {من آمن بي – كما قال الكتاب – تجري من بطنه أنهار ماء حي . قال عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه }{يو7: 38،39}.

ويشبه هذا قول السيد المسيح عن نفسه أنه المعطي الماء الحي في حديثه مع المرأة السامرية عن الماء الحي ، إذا يقول : {بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلي حياة أبدية }{يو4 10-14}. الماء إذا يرمز إلي الحياة ، وأحياناً إلي الروح القدس نفسه . وما أجمل قول الوحي الإلهي في المزمور الأول عن الرجل البار إنه : {يكون كشجرة مغروسه علي مجاري المياه تعطي ثمرها في حينه }{مز3:1}أي ثمر الروح . ويعوزنا الوقت أن نربط بين الماء والحياة والروح القدس في الكتاب المقدس . الذي يستمر من أول سفر التكوين { تك 3:1}. إلي آخر سفر الرؤيا { أنا أعطي العطشان ينبوع ماء الحياة مجاناً }{رؤ6:21}{وأراني نهراً صافياً من ماء  حياة لامعاً كبللور  ، خارجاً من عرش الله والخروف }{رؤ1:22}

 {من يعطش فليأت ، ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجاناً }{رؤ17:22}.

وفي عبور البحر الأحمر كان الماء يرمز للحياة والموت معاً . موت الإنسان العبد ، وحياة الإنسان الحر ، الخارج من الماء .

وفي لقان خميس العهد ، كان الماء يرمز إلي التطهير . لذلك قال الرب بعد غسل أرجل تلاميذه قال لهم : {أنتم طاهرون ..}{يو10:13}. ويقول المرتل في المزمور : { أغسل يدي بالنقاوة }.

لعل هذا هو غسل الميلاد بالكلمة، التطهير الذي نناله في حميم الميلاد الجديد . وينطبق عليه في المعمودية قول الرسول للعبرانيين : {مغتسله أجسادنا بماء نقي }{عب22:10}.

ولا أريد أن أترك الحديث عن الماء ، دون أن اذكر معجزة عظيمة حدثت وقت صلب المسيح خاصة بالماء والدم .

الماء والدم

 

لما طعن الجندي جنب المسيح وهو علي الصليب ، خرج من جنبه { دم وماء }{يو24:19}.

 فما الحكمة اللاهوتية من هذا ؟

حرج من جنبه الدم الذي يعطي معني الفداء . ولكن كيف ننال نحن هذا الفداء نناله بالماء { المعمودية }لذلك حسن أن أجتمع علي الصليب الدم والماء ، ليعطي الوسيلة للفداء . إن دم المسيح الذي يطهرنا من الخطية نناله بالماء . ما أجمل – في سر الأفخارستيا – أن نمزج الدم بالماء .

ولعل موضوع الدم والماء يظهر واضحاً في قول القديس يوحنا الحبيب الذي شهد هذا الحادث

{ خروج الدم والماء } وهو إلي جوار الصليب :

{ الذين يشهدون في الأرض هو ثلاثة : الروح والماء والدم . والثلاثة هم واحد { 1يو8:5}.إن  الفداء الذي نناله توضحه هذه الآية .

الفداء قدمه لنا الدم { دم المسيح }. ونحن ننال استحقاقات هذا الدم بالميلاد من الماء والروح .

إذن في المعمودية تجتمع هذه الثلاثة في الشخص الواحد المعمد : أعني الدم والروح والماء .

السؤال الثامن :

ولعل أحداً يسأل : هل الماء له كل هذه الفاعلية ؟

أ)إن هذا السؤال يذكرني بالاحتجاج الذي احتج به نعمان السرياني حينما طلب إليه اليشع أن يغتسل في الأردن لكي يطهر . فاستكثر هذا أن يكون الأمر مجرد عسل في الماء ، وعندهم أنهار في دمشق أفضل من أنهار إسرائيل {2مل5: 10-12}ولكنه لما أطاع واغتسل ، نال الطهارة بهذا الإيمان . وملاحظة بسيطة هنا . ا، النبي أمره بالاغتسال في الأردن الذي صار فيما بعد نهر المعمودية أيام يوحنا المعمدان { مت6:3} فهل نستكثر علي الماء مفعوله ، كما حدث مع نعمان السرياني ؟!

إن الله يعطي النعمة بالطريقة التي يريدها . وهنا لم تكن النعمة في مجرد ماء الأردن ، إنما السر في القوة التي وضعها الله في هذا الماء للتطهير .. ونفس الأمر نقوله إلي حد ما عن المعمودية كما سنشرح .

ب) مثال آخر : حينما شفي الرب الرجل المولود أعمي . وضع طيناً في عينيه وقال له : 

{أذهب اغتسل في بركة سلوام . فمضي واغتسل وأتي بصيراً }{ يو9: 6،7} كان يمكن بمجرد الإيمان أن ينال هذا الأعمي  بصراً . ولكن الله أراد أن يمنحه النور- والمعمودية استنارة – عن طريق الماء . فليكن مشيئة الرب فيما يريد . إننا لا نرسم له خططاً ينفذها تبارك اسمه ..

ج- ومع كل ذلك نقول في الإجابة هذا السؤال إن ماء المعمودية ليس مجرد ماء بسيط عادي . والإنسان المعمد لا يولد من الماء  فقط ، إنما من الماء والروح .

الروح القدس يقدس هذا الماء لكي تصبح له طبيعة خاصة يمكن بها لمن يغطس فيه أن يولد من الماء والروح . وبهذا يأخذ استحقاقات دم المسيح في الفداء حينما – في هذا الماء – يدفن المعمد مع المسيح ، ويشترك مع المسيح في موته ، لكي يستحق أن يشترك معه في قيامته .

ولذلك فنحن أثناء تقديس ماء المعمودية ، نسكب عليه من زيت الميرون المقدس الخاص بالمسحة المقدسة ، مسحة الروح القدس ، لكي يتقدس الماء بالروح . ومن يولد منه يولد من الماء والروح .

وفي تقديس هذا الماء يصلي الكاهن صلوات معينة خاصة بتقديس الماء وحلول الروح لتقديسه . وأيضاً يتلو تلاوات من كلمة الله . وهكذا فإن ماء المعمودية الذي نغتسل به يكون قد تقدس بالكلمة .

السؤال التاسع :

أليس من الأفضل أن تقول إن المعمودية قيامة مع المسيح وليس موتاً ، لأن الموت لا يفيدنا بل يضرنا ، وإنما القيامة هي التي تفيد ؟

المعمودية هي موت مع المسيح وقيامته معه ، كما شرح الرسول في رسالته إلي أهل رومية : {إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته ، نصير أيضاً بقيامته . إن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه}

{رو6: 5،8}.

وفي هذا الأمر لا يجوز لإنسان أن يعتمد علي فكره ، ويخرج عن تعليم الكتاب ، قائلاً إن الموت لا يفيدنا بل القيامة . وهوذا الكتاب يقول عن المعمودية : {أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح ، اعتمد لموته دففنا معه بالمعمودية للموت }{رو6: 3،4}. ويكرر هذا المعني في رسالته إلي  كولوسى فيقول {مدفونين معه في المعمودية ، التي فيها أيضاً أقمتم معه }{مو12:2}. وفي هذا النص نري المعمودية موتاً وقيامة معاً .. حقاً إن الذين يحتقرون الموت مع المسيح ، لا ينالون بركة قيامته .

وهنا نسأل : لماذا في المعمودية ؟ وما أهمية ؟

أ) ليكون لنا شركة مع السيد المسيح . فالرسول لم يقل فقط أنه يدخل في قوة قيامته وإنما قال : {لأعرفه وقوة قيامته ، وشركة آلامه ، متشبهاً بموته }{في10:3}. وقال في هذا أيضاً : { مع المسيح صلبت }{غل20:2}.

وعبارة الموت مع المسيح تتكرر كثيراً في {رو6}.

ب) لابد للإنسان في المعمودية أن تموت طبيعته الفاسدة ، لكي يأخذ طبيعة أخري جديدة . وهذا ما عبر عنه الرسول بصلب الإنسان العتيق في المعمودية فيقول في نفس الفصل من الرسالة إلي ورمية { عالمين هذا أن إنسانناً العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية ، كي لا تعود نستعبد للخطية . لأن الذي مات قد تبرأ من الخطية }{رو6:6 ،7}هنا فائدة الموت . وليس الموت ضرراً كما يظن البعض فإن طبيعتنا الفاسدة من الخير لها ولنا أن تموت ، لكي نقوم بطبيعة أخري علي صورة الله . أما الطبيعة الفاسدة فليست لها قوة القيامة مع المسيح . فمن الضرورة أن تموت لتحيا .

ج- لإننا في شركة الموت ، نعترف ضمناً أننا كنا تحت حكم الموت { أمواتاً بالخطية }{وإن المسيح قد مات عنا ودفن ، ولذلك فنحن نعتمد لموته ، مادامت أجرة خطيتنا هي الموت ، مدفونين معه بالمعمودية . وذلك نستحق بركة القيامة مع المسيح .

د- بديهي أن القيامة معناها القيامة من الموت . فالذي يقوم مع المسيح في المعمودية . هو بالضرورة الذي مات ليقوم لأنه إن لم يمت فكيف يقوم إذن ؟

إن حكم الموت لم نرثه من الوالدين المباشرين ، حتي نخلص منه بمعموديتهما . إنما حكم الموت قد ورثناه من آدم وحواء مباشرة ، من الإنسان الأول . وذلك لأننا كنا في صلب آدم حينما فسدت طبيعته وحكم عليه بالموت ، فأصبح كل ما في صلبه مائتاً ، ونحن خرجنا من صلب آدم حكم الموت .

ولذلك أصبح حكم الموت هو علي كل ذرية آدم ، وليس فقط علي قايين وهابيل وشيث.

وفي ذلك يقول الكتاب : {كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم ، وبالخطية الموت . وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع }{رو12:5}. ويقول أيضاً : {لأنه في آدم يموت الجميع ، هكذا أيضاً في المسيح سيحيا الجميع }{1كو22:15}.

إذن الموت كان حكماً علي كل البشرية ، لأنها ذرية آدم . يولد كل إنسان محكوماً عليه بالموت ، إذ كان في صلب آدم حينما حكم عليه الموت .

والخلاص من الموت حكماً هو خلاص شخصي ، لكل فرد علي حده أياً كان  والذاه ، قد نالا الخلاص أم لم ينالاه . وهذا الخلاص يحتاج إلي التوبة والإيمان بدم المسيح والمعمودية ، وباقي وسائط النعمة . ومع ذلك لا يوجد والدن بدون خطية ..

وصدق المرتل في المزمور حينما قال : {لأني هانذا بالإثم ولدت ، وفي الخطية حبلت بي أمي }{مز50}. إننا في الفساد نولد إلي أن نعتق من عبودية الفساد {رو21:8} . ومتي سنعتق من هذا الفساد ؟  يقول الرسول عن جسدنا {يزرع في فساد ، ويقام في عدم فساد لأن هذا الفاسد لأبد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم فساد } { رو21:8}. ومتي؟  حينما يبوق فيقام الأموات .

 هل المعمودية تعاد

سؤال

هل المعمودية تعاد ؟! ألسنا نقول في قانون الإيمان { نؤمن بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا }؟ ألم يقل الكتاب المقدس {معمودية واحدة }{أف5:4}.

الجواب

نعم ، قد قال الكتاب { معمودية واحدة }. ولكن ليتنا نقرأ الآية كاملة ، حيث تقول { إيمان واحد ،

 معمودية واحدة }{أف5:4}.

فحيثما يوجد الإيمان الواحد ، توجد معه المعمودية الواحدة .

ولذلك نحن لا يمكن مطلقاً أن بعيد معمودية إنسان تعمد في كنيسة لها نفس إيماننا الأرثوذكسي .

كذلك المعمودية ، ينبغي أن يقوم بها كاهن شرعي له كل سلطانه الكهنوتي الذي يسمح له باجراء سر المعمودية المقدس ، مؤمناً كبل فاعلية هذا السر ..

فمثلاً الكنائس التي لا تؤمن بسر الكهنوت ، وليس لها كهنة ، كما لا تؤمن بأن المعمودية سر ، ولا تؤمن بفاعلية المعمودية كما نؤمن ، فكيف نقبل معموديتها .

ونفس الوضع مع الكنائس التي تؤمن بسر المعمودية وفاعليته ، وبسر الكهنوت ولكنها مغلقة علينا بحرم الآباء.

ينبغي أن تزال الحروم أولا ، ثم نقبل أسرارها الكنسية .

الصفحة الرئيسية