الفصل العاشر وساطة الكنيسة

 قال القديس بولس عن عمل  السيد المسيح الكفارى في الفداء : { يوجد .. وسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية من أجد الجميع }{1تي5:2ؤ. وواضح هنا أن الكلام عن الفداء .

وبنفس المعني قال القديس يوحنا الرسول :{ إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الله الآب : يسوع المسيح البار . وهو كفارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا العالم كله {1يو2: 1،2}. وواضح أن الكلام عن الكفارة والشفاعة الكفارية .

إذن الوساطة التي تحدث عنها بولس الرسول خاصة بالفداء .

والشفاعة التي تحدث عنها الرسول خاصة بالكفارة .. 

ولكن أخوتنا البروتستانت يستخدمون هاتين الآيتين إستخداماً واسعاً يخرجهما عن موضوع الكفارة والفداء ، غلي أنكار كل ما يعتقدونه وساطة بين الله والناس .

فيعتقدون بعلاقة مباشرة بين الله والناس ..

تجعلهم في غير حاجة إلي الكهنوت ووساطة الكنيسة ‍‍.!

هم يعتبرون الكهنوت وساطة ، فلا يؤمنون به ‍‍‍‍!!

وكذلك شفاعة القديسين وساطة ‍. فلا يعتقدون بها ‍‍‍!

وأيضاً الإعتراف ، والتحليل هما من عمل الكهنوت ، فلا حاجة لهم بهما ، إنها في علاقة مباشرة يعترفون علي الله ، ويأخذون المغفرة منه مباشرة …

وحتي بعد الوفاة ، لا أهمية في نظرهم للصلاة علي الموتي ، لأنها شفاعة من الكنيسة فيهم ..‍!  ولون من الوساطة ‍!

ولنضرب مثلاً آخر بالمعمودية .

الولادة الجديدة التي ننالها في المعمودية {يو3: 5، تي 3،5}، وكذلك التبرير وغفران الخطايا بالمعمودية

{أع2: 38،22: 16}. يعتقد الإنسان البروتستانتي أنه ينال كل هذا بمجرد إيمانه . ويدخل الأمر إذن في علاقته المباشرة مع الله ، ولا حاجة إلي الكهنوت والكنيسة …

كأن المعمودية لا قيمة لها ، ولا علاقة لها بموضوع الخلاص ‍‍!! وكأن السيد المسيح لم يقل { من آمن واعتمد خلص }{مر16:16}. مع باقي الآيات التي تربط بين المعمودية والخلاص ، مثل {1بط3: 20،21}. {تي5:3}.

وهكذا يصل إلي الخلاص اللحظي ، أو الخلاص في لحظة !

ولأن المعمودية تتم عن طريق الكهنوت والكنيسة ، إذن لا دخل لها في موضوع خلاصه الذي يتوقف في اعتقاده علي مجرد العلاقة المباشرة بينه وبين الله ، دون وساطة الكنيسة ! أي بإيمانه الشخصي …

 الإيمان

وهنا أحب أن أسأل سؤالاً  بخصوص هذا الإيمان .

الإيمان الذي يري المسيحي البروتستانتي ، أنه ينال به التبرير والتجديد والتبني ومغفرة الخطايا ، والخلاص عموماً‍‍‍‍‍‍‍‍‍…

حتي يقول البعض { كله بإيمان }.

كيف ينال الإنسان الإيمان ؟ أليس عن طريق الكنيسة ؟

يقول القديس بولس الرسول في شرح عبارة { كل من يدعو بأسم الرب يخلص }{رو13:10}. { فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به ؟ وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به ؟ وكيف يسمعون بلا كارز ؟ وكيف يكرزون لإن لم يرسلوا ؟ د

{ رو10: 14،15}. لإذن لابد من كارز يكون واسطة للإيمان . وهذا الكارز لابد أن ترسله الكنيسة .. إذن الكنيسة هي الوسيط الذي يوصل الإيمان إلي الناس ، والإيمان بالله . هوذا بولس الرسول يقول لهل كورنثوس عن وساطته هو وزميله أبلوس :

} فمن هو بولس ؟ ومن هو أبلوس ؟ بل خادمات آمنتم  بواسطتهما { } كو3: 5 {.

إذن كان بولس وأبلوس  وسيطين ، عن طريقهما وصل الإيمان إلي أهل كورنثوس . ونفس الوضع قيل في الإنجيل عن يوحنا المعمدان الكاهن { هذا جاء للشهادة ليشهد للنور ، لكي يؤمن الكل بواسطته }{يو7:1}. هذه إذن هي أول وساطة بين الله والناس : توصيل الناس إلي الإيمان بالله …

 وإن لم يكن هناك وسطاء بين الله والناس ، فماذا كانت إذن وظيفة الأنبياء والرسل والمعلمين ؟‍‍‍‍!

هوذا الكتاب يقول عن الرب { وهو اعطي البعض أن يكونوا رسلاً ، والبعض أنبياء والبعض مبشرين ، والبعض رعاة ومعلمين }{أف11:4}. لماذا ؟ ما هو عمل كل هؤلاء ، إلا أن يكونوا وسطاء بين الله والناس . وذلك قال عن عملهم { لأجل تكميل القديسين ، لعمل الخدمة ، لبنيان جسد المسيح }{اف12:4}. إنهم ينقلون الإيمان إلي الناس …

فهل إن آمنوا يتركونهم ؟‍! كلا ، بل يعمدونهم ؟

وهكذا قال السيد المسيح لرسله القديسين { اذهبوا إلي العالم أجمع .وإكرزوا  بالإنجيل للخليقة كلها . من آمن واعتمد خلص }{مر16: 15،16}. وقال لهم أيضاً { أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم . وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس . وعلموهم جميع ما أوصيتكم به }{مت28: 19،20}.

وبعمل الكنيسة في الكرازة والتعليم ، إنتشر الإيمان .

 المعمودية

وكانت الكنيسة تعمد كل من يؤمن ..

الذين آمنوا في يوم الخمسين منن اليهود ، عمدهم الرسل وكانوا نحو ثلاثة آلاف { أع2: 37-41{. وعمدوا أهل السامرة

لما آمنون { أع8: 12،16}. والخصي الحبشي لما آمن اعتمد {أع8: 37،38}.. وسجان فيلبي الذي قال له بولس الرسول { آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك }{أع31:16}. هذا { اعتمد في الحال ، هو والذي له أجمعون }رأع33:16}. وكذلك اعتمدت ليديا بائعة الأرجوان هي وأهل بيتها {أع15:16}.

إذن كانت الكنيسة واسطة في نشر الإيمان ، وفي تعميد المؤمنين وأهلهم …

هل يجرؤ أحد إذن أن يقول – في غير موضوع الكفارة والفداء – لا وسيط بين الله والناس ؟ الكنيسة إذن كان من عملها الكرازة ونشر الإيمان . وكان يقومون أيضا بتعميد المؤمنين . والكتاب كان يسميهم أحيانا { سفراء }{2كو20:5}. أو { وكلاء الله }{ تي7:1}. أو { وكلاء سرائر الله }{1كو1:4} وماذا أيضاً ؟

عهد الرب إليهم ايضاً بالتعليم ، الذي لم يعهد به لكل احد .

 التعليم

بعد أن عهد الرب لتلاميذه بالكرازة والتعميد ، قال لهم :

} وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به {} مت20:8{.

وهكذا عطف الرسل علي { خدمة الكلمة }{أع4:6}.، الكلمة التي قال عنها القديس يعقوب الرسول { شاء فولدنا بكلمة الحق }{1يع18:1}.. الكلمة توصل إلي الإيمان ، والإيمان يوصل إلي المعمودية ، والمعمودية بها الميلاد الثاني . والأصل هو كلمة التعليم .

وكما قال القديس بولس  الرسول عن علاقة المسيح بالكنيسة { لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة }{أف26:5}. فالكلمة توصل الإيمان ، والإيمان يوصل إلي المعمودية وغسل الماء . وهذا الغسل من الخطايا يؤدي إلي التطهير والتقديس

وكما أن المعمودية والإيمان لهما علاقة بالخلاص {مر6:16}. كذلك كلمة التعليم ..

هي التي توصل إلي الإيمان والمعمودية ، ومن ثم إلي الخلاص .أو توصل إلي التوبة فالخلاص . هكذا قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف {لاحظ نفسك والتعليم وداود علي ذلك ز لأنك إن فعلت هذا ، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً }{1تي16:4}.

 الولادة من الله

إذن الكنيسة تلد الناس بالإيمان والمعمودية .

تلدهم بالروح القدس { من الماء والروح }{يو5:3}. تلدهم لله ، فيصرون أبناء الله .. وفي هذا المعني يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلي فليمون { أطلب إليك من أجل ابني أنسيموس ، الذي ولته في قيودي }{ فل10}.وبولس الرسول كان بتولاً وهو هنا يقصد الولادة الروحية لأنسيموس . وبالمثل يقول لأهل كورنثوس { وإن كان لكم ربوات من المرشدين ، لكن ليس آباء كثيرون . لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل }{1كو15:4}.

للكنيسة عمل آخر غير ولادة أبناء الله ، وهو :

 منح الروح القدس

الكنيسة هي الوسيط في منح الروح القدس للمؤمنين المعمدين

هل يستطيع أحد ان يحيا حياة روحية بدون عمل الروح القدس فيه ؟ وإن كان هذا أمراً حيويا لكل مؤمن ، فكيف ينال الروح القدس ؟

يقول الكتاب أنه لما علم الرسل أن أهل السامرة  قبلوا الإيمان ، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا لإعطائهم الروح القدس { حينئذ وضعا الايادي عليهم ، فقبلوا الروح القدس }{ أع17:8}. وبالمثل حدث لأهل افسس بعد عمادهم  { لما وضع بولس يديه عليهم ، حل الروح القدس عليهم }{أع6:19}.

ثم صار منح الروح القدس بالمسحة المقدسة }1يو2: 20،27}.

وكيف ينال المؤمن هذه المسحة ؟ بواسطة الكنيسة طبعاً ، لنه لا يمسح نفسه .. هل نقول إذن : لا وسيط ؟! لقد نلت الروح القدس عن طريق هذا الوسيط ….

والمسحة لها تاريخ طويل في العهد القديم ، منذ أن أمر الرب موسى بعملها { دهناً مقدساً للمسحة }{خر52:30}. ليمسح بها خيمة الإجتماع والمذابح والأواني { ويقدسها فتكون قدس أقداس }،، ويمسح بها هرون وبنيه كهنة

{خر30: 25-30،40: 9-16}. وبالمسحة المقدسة مسح صموئيل الملوك فحل عليهم الروح  القدس {1صم10:10،16: 13}.

وهنا يذكرنا بوساطة أخري للكنيسة ، وهي :

 إقامة خدام الرب

 لا يمكن أن يبني ملكوت الله بدون خدام للرب . والله عهد بهذا الأمر إلي الكنيسة . خذوا مثلاً لذلك في إقامة برنابا وشاول للخدمة . يقول الكتاب { وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس : أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه }{أع2:13}.

علي الرغم من هذه الدعوة الإلهية إلا أن ذلك كان لابد أن يمر من خلال القنوات الشرعية ، أعني الكنيسة ووضع اليد …

يقول الكتاب { فصاموا حينئذ وصلوا ، ووضعوا عليهما الأيادي وأطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلي سلوكية }{أع4:13}. فلم يعتبروا مرسلين من الروح القدس ، فلا بعد أن نالا وضع اليد من الكنيسة .

نفس الوضع تقريبا نراه بالنسبة إلي تيموثاوس الأسقف .

يقول له القديس بولس الرسول { أذكرك أن تضرم أيضا موهبة الله التي فيك بوضع يدي }{2تي6:1}. إنها موهبة من الله . ولكنها تنال بواسطة ، وهي وضع اليد من سلطة كهنوتية في الكنيسة .

ومع أن البروتستانت يؤمنون بوضع اليد في إقامة الخدام – والقياس مع الفارق – إلا أنهم لا يتكلمون عن الكنيسة كوسيط بين الله والناس {ومن له أذنان للسمع فليسمع }{مت43:!3}.

 الرعاية والتوبة

هل ترك الله خرافه بدون رعاة ؟! كلا . يقول الرسول : وإحترزوا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله التي أقتناها بدمه }{أع28:20}.

أقامهم الله للاهتمام بأولاده ، فهم وكلاؤه .

ولعل من أهم الأمور مصالحتهم مع الله بقيادتهم إلي التوبة . وفي هذا يقول القديس بولس الرسول {وأعطانا خدمة المصالحة .. إذن نسعي كسفراء عن المسيح ، كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله}

{2كو5: 18،20}.

أليست هذه وساطة ؟! في عمل صلح بين الله والناس .

ليتنا إذن نقرأ هذا المقال من أوله .. ونري عناصر الوساطة التي تقوم بها الكنيسة .

وكلها وساطة خاصة بالخلاص .

وهكذا يقول الرسول في قيادة الناس إلي التوبة {من رد خاطئاً عن ضلال طريقة يخلص نفساً من الموت ، ويستر كثرة من الخطايا }{يع20:5} وايضاً { وخلصوا البعض بالخوف ، مختطفين من النار }{يه23}.

كما أن قيادة الناس للإيمان والمعمودية هي للخلاص أيضاً { مر16:16}. والتعليم أيضا هدفه الخلاص كذلك {1تي16:4}.

وكذلك باقي الأمور التي تقوم بها الكنيسة .

الصفحة الرئيسية