البابا شنوده الثالث  

سنوات مع أسئلة الناس

الجزء الثانى أسئلة للاهوتية وعقائدية

So MANY YEARS with THE PROBLEMS OF PEOPLE

Part II Theological & Dogmatic Problems

by H. H. pOpe Shenouda III 

الباب الثالث :

لاهوتيات وعقائد

35-كيف أن المسيح يسأل؟

36-قدوس أم مقدس ؟

37-حكم الإعدام

38-سؤال فى الألحاد

39-أخطاء الأنبياء

40-حول مسحة الميرون

41-الكون ونهايته

42-غواية الشيطان

43-معمودية الكبار

44-لماذا خلقنا الله ؟ ولماذا نموت ؟

45-الجناز العام

46-ما سر التحول من الفرح إلى الحزن

47-لماذا نحتفل بآلام المسيح ؟

48-وضع اليد

49-الخلاص والخطية

50-لماذا بقى الشيطان ؟

51-سؤال من الأستاذ توفيق الحكيم

52-حول معرفة المستقبل أو الغيب

53-الإعداد للميلاد

 

1-هل الإنسان مخير أم مسير ؟

2-لماذا خلق الله الإنسان ؟

3-هل الضمير هو صوت الله ؟

4-المجنون ومحاسبته على خطاياه

5-هل الجسد وحده يخطئ ؟

6-هل يتزاوج البشر والشياطين

7-هل يعمل الروح القدس فى غير المؤمنين ؟

8-متى أخذ التلاميذ الروح القدس ؟  

9-هل يوجد إنجيل لبولس ؟ 

10 -ما الفرق بين المسيح أبن الله ، و نحن أبناء الله ؟   

11-آدم و المسيح

12-لماذا بعد الخلاص يتعب الرجل ، و تحبل المرأة بالوجع ؟

13-لماذا لم نمت بعد الخطية مباشرة ؟

14-لماذا نموت و الخلاص قد تم ؟

15-موقفنا من دم المسيح

16-كيف يموت و هو الله ؟   

17-كيف مات المسيح ، بينما لاهوته لم يفارق ناسوته ؟   

18-جسد المسيح فى الكنيسة و الإفخارستيا

19-حول السبت و الأحد 

20 -لماذا نعمد الطفل و هو لم يؤمن ؟

21-لماذا يخطئ الإنسان و قد تحدد فى المعمودية ؟  

22-هل تؤخذ بركة من إنسان ؟   

23-الثالوث المسيحى ، و ما يدعى بالثالوث الوثنى 

24-هل التجسد يعنى التحيز ؟

25-هل المسيح لليهود فقط 

26-ما معنى الجلوس عن يمين الآب ؟

27-معنى شركاء الطبيعة الإلهية

28-هل معجزات المسيح تمت بالإيحاء ؟ 

29-هل معجزات المسيح تمت بالصلاة ؟

30 -هل لقب ابن الإنسان ضد لاهوت المسيح

31-حول تحضير الأرواح 

32-هل يمكن أن يخلص الشيطان ؟

33-الذين لا تصلى عليهم الكنيسة بعد موتهم 

34-المغفرة قبل الصلب

35-ما معنى أن المسيح يصلى و أنه يتعب ؟

مقدمة

الباب الأول

أسئلة عقائدية ولاهوتية

1 ـ هل كل شئ من الله ؟

2 ـ لماذا أغفر لهم يا أبتاه ؟

3 ـ الاختيار

4 ـ حول الهندسة الوراثية

5 ـ هل جميع البشر أبناء الله ؟

6 ـ إجهاض المشوهين والمعوقين

7 ـ الجحيم والعذاب

8 ـ لماذا نصلي على الموتي

9 ـ فقد رآى الآب

10ـ هل قاموا بجسد ممجد

11 ـ لماذا تأخر عمل الفداء

12 ـ ما معني اغفر له

13 ـ من أغوي الشيطان ؟

14 ـ لماذ1 لم يمت الشيطان ؟

15 ـ هل نصلي من أجل الشيطان

16 ـ كيف رأوا الله

17 ـ حرية مجد أولاد الله

18 ـ جسد آدم قبل الخطية

19 ـ لماذا لم يغفر ليهوذا ؟

20 ـ القداسات القديمة

21 ـ أسماء الكنائس

22 ـ علاقة القيامة بالخلاص

23 ـ لماذا معمودية واحدة ؟

24 ـ هل يجوز تمجيد العذراء

25 ـ مصادر التقليد

26 ـ عظم ولحم ودم

27 ـ صلاة الغائب

28 ـ التجسد والظهور

29 ـ نوعية موت المسيح

30 ـ هل الروح تنمو ؟

مقدمة الكتاب

حينما اردت أن أصدر مجموعة هذه الكتب تحت إسم " سنوات مع أسئلة الناس " ، وضعت أمامى آلافاً من الأسئلة كنت قد أجبت عنها على مدى أكثر من عشرين عاماً.  ثم قسمتها إلى أبواب ، لتكون أسئلة كل باب متجانسة معاً.

وصدر الجزء الأول من المجموعة عن الأسئلة الخاصة بالكتاب المقدس.

   وقد شمل أربعين سؤالاً ، طالما تتكرر على أفواه الكثيرين ، البعض منها أجيب عنه فى اختصار ، والبعض الآخر فى شئ من الإسهاب.وروعى فى الحالين التركيز الشديد فكانت إجابة الأربعين سؤالاً 64 صفحة فقط .

ونفذ الجزء الأول بسرعة ، واضطررنا إلى إعادة طبعته قبل أن يصدر الجزء الثانى  الذى بين يديك

   وهذا الجزء الثانى يشمل أسئلة لاهوتية وعقائدية من التى تشغل عقول الناس ، راعينا فيها على قدر الإمكان أن تكون فى أسلوب سهل يمكن أن يفهمه الكل..

   على أن الأسئلة اللاهوتية المتجمعة عندنا تحتاج إلى أكثر من الكتاب.وكذلك الأسئلة الخاصة بالكتاب المقدس.

لكننا نريد أن يكون الجزء الثالث من المجموعة فى باب جديد.

   وأمامنا أسئلة فى موضوعات روحية ، أسئلة فى موضوعات خاصة بالأسرة والنواحى الاجتماعية ، وأسئلة خاصة بالخدمة ، وأخرى خاصة بالطقوس ، وأسئلة خاصة بالمسيح

 والفداء.وتوجد أسئلة عامة...

غالباً سيكون الجزء الثالث خاصاً بالأسئلة الروحية.

   نرجو أن تكون لهذا الكتاب رسالته ، وبخاصة فى محيط الشباب ، و فى الخدمة ، ولطلبة المعاهد الدينية ، ولكل من يسأل..

البابا شنودة الثالث 

الباب الأول

أسئلة عقائدية و لاهوتية

1

هل كل  شئ من الله ؟

سؤال

هل إحساسي خطأ أم  صواب ،حينما أشعر أن كل ما يحدث لي هو من الله  وأن الله يضع الناس  في طريقي ، ويحركهم  في اتجاهات معينة ؟

 الجواب

كل ما يحدث  حولك أو لك من الخير هو من الله .

روح الله القدوس يحرك  الناس إلي الخير ، يرشدهم  إلي حياة  البر .  يضعهم في طريقك لفائدتك  . ويقول الكتاب " كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله   "( رو 8: 28) . ولكن ماذا عن الشر الذي يحدث لك ، أو يحدث من حولك ؟ هل نجرؤ ونقول إن الله   قد حرك الناس لفعله ؟! حاشا

إذن الشر الذي  يحدث  لك ، ليس هو من الله . لأن الله لا يحرك الناس لفعل الشر

إنه تبارك  أسمه -  قد منح  الناس حرية إرادة . وقد تنحرف حرية إرادتهم نحو الشر . ليس لأن الله يحركهم إليه ، وإنما لأن الشر الذي في قلوبهم هو السبب في ما يرتكبونه من أخطاء نحوك  أو نحو غيرك .

والله لا يريدهم أن يخطئوا . ولكنه  يسمح ان يحدث هذا ، ويعاقب عليه

 فهو لا يشاء الشر ،   ولا يحرك الناس إليه ، ولكنه في نفس  الوقت لا يسير الناس نحو الخير ، ولا يرغمهم عليه . بل يحثهم عليه ، ولكنه يتحرك لحرية إرادتهم أن تشترك مع المشيئة الإلهية . وأن رفضت  ذلك   ، لا يرغمها . إلا في  حالات الإنقاذ   التي تتدخل فيها إراده الله لمنع   شر، احبائه

فلا تبالغ ، ولا تقل إن كل  شئ يحدث  لي هو من الله .

بل  قل : وأما الشر   فهو  من الشيطان أو من الناس الأشرار .

ومع ذلك ، فالله قادر أن يحول الشر إلي الخير

كما حدث   في قصة يوسف الصديق مع أخوته ." الشر الذي فعلوه به ، كان منهم هم من حسد هم وغيرتهم وقساوة قلوبهم . ولكن الله حول الشر  إلي خير . ولذلك قال يوسف لأخوته " أنتم أردتم  لي شراً أما  الله فأراد  به خيرا " ( تك 50: 0)

الله لم يحرك إخوة يوسف نحو الشر ، . ولكنه حول  شرهم  إلي  خير . وبنفس  الأسلوب نقول إن الله لم يحرك  يهوذا  إلي خيانة  معلمة   نتيجة   هذه الخيانة إلي الخير .  

2

 لماذا  : إغفر لهم يا أبتاه ؟

سؤال

أليس السيد المسيح له سلطان  أن يغفر الخطايا ، كما  قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك ( مر 2: 5، 10) . فلماذا   وهو علي الصليب ، طلب المغفرة للناس من   الآب قائلاً " يا أبتاه أعفر لهم .." ( لو 23: 34) .

الجواب

السيد المسيح كان علي الصليب ممثلاً للبشرية المحكوم عليه  بالموت ..

وهو كإبن للإنسان  قد مات عن البشرية علي الصليب لكي يخلصها . وذلك بأن يدفع للعدل الإلهي  ، ثمن الخطية   الذي هو الموت ( رو 6: 23) . فلماذا دفع   هذا الثمن بسفك دمه علي الصليب ، قال " يا أبتاه أغفر لهم " بمعني:

الآن وقد استوفي العدل الإلهي  حقه ، يمكن  أيها الآب أن تغفر لهم

 . أنا دفعت   لك ثمن  خطيتهم . وقد وضعت  علي إثم جميعهم  ( أش 53: 6) . ومادمت قد مت عنهم ، لم يعودوا هم مستحقين للموت . فأغفر إذن لهم . ومادام الابن الوحيد  قد بذل   نفسه  عنهم ، إذن هم لا يهلكون بعد ( يو 3: 16) . فقد محيت  خطاياهم بالدم .

ومادامت خطاياهم قد محيت  بالدم  ، أذن  قد أستوفي  العدل  الإلهي حقه  ، واصبحوا   مستحقين للمغفرة   . فاغفر  لهم ،لأنهم أصبحوا يرتلون قائلين  عني : " الذي أحبنا ، وقد غسلنا  من خطايانا بدمه " (( رؤ 1: 5) . وطبعاً  هذه المغفرة  التي طلبها   الفادي من  الاب ، او من  عدله  الإلهي ،  لا تعطي إلا للذين يؤمنون ( يو 3: 16) ، ويعتمدون  ( مر 16: 16) ، ( أع 2: 38) ، ويتوبون ألخ

كما  أن السيد المسيح قد قدم لهم  عذراً .

قائلاً " لأنهم لا يدرون   ماذا يفعلون "( لو 23: 34) ، اي لأنهم لا يعرفون أن هذا المصلوب هو إبن الله الوحيد  . وكما قال الرسول " لأنهم لو عرفوا ، لما صلبوا   رب المجد "(   1 كو 2: 8)

هنا السيد المسيح يتكلم باعتبارة  الفادي ، النائب عن البشرية   الذي يموت عنها  ، ويقدم   نفسه  ذبيحة  للأب عنها .

3

 الأختيار

سؤال

كيف أن أشخاصاً أختارهم الرب من طفولتهم ، أو من بطون أمهاتهم ، أو دعاهم أن يكونوا رسلاً أو أنبياء أو مسحاء أو ولدتهم أمهاتهم قديسين ، أو صنعوا معجزات أذن ما ذنب الذين لم يكن لهم هذا الاختيار الإلهي ، ولم يولدوا قديسين كغيرهم ؟! 

الجواب

أريد أن أقسم الاختيار إلي نقطتين أساسيتين : الاختيار للنبوة أو الكهنوت ، والاختيار للحياة المقدسة والخلاص .

أما الإختيار للخلاص و للحياة المقدسة ، فهو لكل أحد .

فالكتاب يقول إن الله يريد أن الجميع يخلصون ، وإلي معرفة الحق يقبلون " ( 1 تي 2: 4) . حتي الخطاة ، لا يسر الله بهلاكهم ، بل برجوعهم إليه . وهكذا يقول في سفر حزقيال النبي " هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب إلا برجوعه عن طرقه فيحيا "( حز 18: 23) .

ولم يقل الكتاب أن الله احب مجموعة معينة .

 بل قيل " هكذا أحب الله العالم "( يو 3: 16) .

ونحن نقول عن الرب في ختام كل ساعات الصلاة بالأخبية " الداعي الكل إلي الخلاص من أجل الموعد بالخيرات المنتظرة . إذن الدعوة للخلاص هي لجميع الناس . ولكن البعض يرفضونها وقد قال الرب لأورشليم الخاطئة " قاتلة الأنبياء ، وراجمة المرسلين إليها ": كم مرة أردت .. ولم تريدوا "( مت 23: 27) .

ولكن في حياة القداسة : ليست الأهمية في نقطة البداية ، بل في كيفية النهاية .

v وهكذا يقول الكتاب " انظروا إلي نهاية سيرتهم ، فتمثلوا بإيمانهم "( عب 13: 7). ولهذا في اعياد القديسين ، نحتفل بيوم نياحتهم أو إستشهادهم ، وليس بيوم ميلادهم ، إلا لو كان ذلك الميلاد محاطاً بمعجزة معينة لأن المهم هو كيف انتهت حياة الإنسان . فقد يولد الإنسان شريراً ، وينتهي بالقداسة ، مثل القديس موسى الأسود ، والقديس اوغسطينوس وغيرهما . وقد يولد إنساناً وثنياً ، ويعيش في منتهى القسوة والاضطهاد للكنيسة ، مثل اريانوس وإلي أنصنا ومع ذلك أنتهت حياته كقديس وشهيد

وقد يولد إنساناً قديساً من بطن أمه ، ويتعرض للهلاك .

مثل شمشون الجبار الذي كان نذيراً للرب من بطن أمه ( قض 13: 7) . وكان " روح الرب يحركه " ( قض 13: 25 ) . ومع ذلك عاش فترة طويلة في الخطية مع نساء زانيات ( قض 16: 1) ، كانت اخرهن دليلة التي علي يديها وبسببها كسر نذرة ( قض 16: 19 ). وفارقه الرب ( قض 16:20) . وعاش في الذل باقي أيام حياته ، لولا ان رحمة الرب أدركته يوم وفاته . ولكنه خلص في موته ( عب 13: 32) .

إن مثال شاول الملك يعطينا برهاناً آخر .

لقد اختاره الرب مسيحاً له ، وارسل صموئيل النبي فمسحه ( 1 صم 10: 1) . وأعط الله قلباً آخر ، وحل عليه روح الرب فتنبأ ( 1 صم 10:9- 11) . ومع كل ذلك عاش شاول في معصية الله ، وفي الحسد و الحقد و القتل " وفارق روح الرب شاول ، وبغته روح ردئ من قبل الرب "( 1 صم 16: 14) . ومات شاول هالكا

 والأختيار ليس في كل حالة دليلاً علي الخلاص .

فقد اختار الرب يهوذا الإسخريوطي كواحد من الأثني عشر ( مت 10: 4) . وخانه يهوذا ومات هالكاً . وكان بلعام واحداً من الأنبياء . ونطق روح الله عليلا فمه بنبوءات ، كما قيل في الكتاب " فوافي الرب بلعام ، ووضع كلاماً في فمه "( عد 23: 16) وأيضاً فكان عليه روح الله ، فنطق بمثله "( عد 24: 2، 3) مع كل ذلك هلك بلعام ، كما شهد الرب بذلك في سفر الرؤيا ( رؤ 2: 14) ، وكما ورد في رسالة بطرس الثانية ( 2 بط 2: 15) وفي رسالة يهوذا ( يه 11) .

أم الكهنوت فهو إختيار من الله .

وهكذا يقول القديس بولس الرسول " لا يأخذ أحد هذه الكرامة من نفسه ، بل المدعو من الله كما هارون أيضاً "( عب 5: 4) . وهكذا اختار الله  رسلة الإثني عشر ، وقال لهم " لستم أنتم أخترتموني ، بل أن أخترتكم ، واقمتكم لتذهبوا وتاتوا بثمر.." ( يو 15: 16) . ومع ذلك فليس الإختيار دائماً دليل علي الخلاص . فالكهنة في أيام السيد المسيح أخطأوا ، وحكموا عليه ظلماً في مجمع السنهدريم ، وقدموه للصلب . وبعد قيامته قاوموا القيامة بكل وسائلهم التي وصلت إلي الكذب والرشوة وشهود الزور ( مت 28: 11- 15) . واضطهدوا الرسل وسجنوهم وجلدوهم ( أع 4: 1-3) أع 5: 40) .

أذن لا تفكر في الأختيار لوظائف معينة ، بل اهتم بنقاوة القلب التي بها سوف تعاين الله ( مت 5: 8) .

ولا تحسد الذين نالوا مواهب ، فكثيرون نالوا مواهب وهلكوا ، كما ورد في ( مت 7: 22- 23) . وقد سبق أن كتبنا كلم مقالاً طويلاً في هذا الموضوع في ( كتاب سنوات مع أسئلة الناس ج5 من ص 45ألي 52) . والسيد المسيح وبخ تلاميذه علي فرحهم بإخراج الشياطين وقال لهم " لا تفرحوا بهذا ، إن الإرواح تخضع لكم . بل افرحوا بالحري ان أسماءكم قد كتبت في السموات "( لو 10: 20) .

هنا وأتعرض لسؤالك الخير الذي تقول فيه :

 ما ذنب الذين لم يولدوا قديسين ؟

فاقول لك : أن الذين لم يولودا قديسين ، أمامهم الفرصة ان يصيروا قديسين ، وسيكون أجرهم أعظم ، لأنهم بذلوا مجهوداً في ضبط أنفسهم وتغيير حياتهم ، وفي الإنتصار علي الخطية ، كما فعل موسي الأسود  ، وأوغسطينوس ، مريم القبطية وساره التائبة .

وحسب جهد الإنسان في الوصول إلي القداسة ، سيكون جره .

 لأن الكتاب يقول إن الله " سيجازي كل واحد حسب تعبه " ( 1كو 3: 8 ) . فالذي ولد وديعاً ، ولا يمكن أن يكون أجره عند الله ، مثل الذي جاهد بكل قوة لكي يصير وديعاً .

حتي الذين نالوا الإختيار ، قد دخلوا في الإختبار لتختبر إرادتهم .

اختيارهم لا يمنع حرية إرادتهم ، ولا يمنع حروب الشياطيين لهم ، ولا يمنع سقوطهم وقيامهم ، وجهادهم للبقاء فيما وهبهم الله أياه من نعمة . فبعض الذين اختبروا من بطون أمهاتهم عاشوا قديسين ك حياتهم ، مثل يوحنا المعمدان ( لو 1: 15) الذي شهد عنه الرب أه اعظم من ولدته النساء ( مت 11: 11) ز

وبولس الرسول علي الرغم ممن ان الله اختاره من بطن أمه ( غل 1: 15) . إإلا انه قضي فترة مضطهداً من للكنيسة ومفترياً ومجدفاً ( 1تي1 : 13 ) . ثم دعاه الرب ثانية ( أع 9) وصار إناه مختاراً ورسولاً من أعظم الرسل

المهم أن الإنسان المختار تتفق إرادته الحرة ، مع أرادة الله في اختياره ، وتكون إرادته الحرة خيرة .

4

 حول الهندسة الوراثية

سؤال

نري بعض العلماء يتحكمون في النسل وتشكيله بما يسمونه ( الهندسة الوراثية ) . فهل تصرفهم هذا يؤثر علي الدين ، وعلي أيماننا بقدره الله كخالق ؟!

الجواب

إنهم يلجأون إلي طريقة التهجين للحصول علي أصناف معينه .

كما يحدث في تهجين الحيوانات للحصول علي أصناف جديدة أقوي . او ما يحدث في تطعيم أصناف من النباتات بأصناف اخري للوصول إلي أنوع أجود . ولكن الخطورة مع هؤلاء أنهم بدأو في تطبيق نفس النظرية العلمية علي الإنسان .

إنهم يختارون حيوانات منوية من رجال بصفات خاصة ، يخصبون بها بويضات من نساء لهن صفات خاصة ، للوصول إلي نوعية من البشر بطريقة أطفال الأنابيب  .

ويمكن أن يحتفظوا في متحفهم بالبويضات المخصبة من كل الأنواع : فيها  الأبيض والأشقر والأسمر والأسود والطويل و القصير .. وفيها التي تتصف بصفات معينة كالذكاء و الفن والشعر والموسيقي . أو التي تتصف بقوة الشخصية أو بالحكمة أو الإرادة أو الروح المرحة أو الروح الجادة .

ويتركون لمن تأتي إليهم من النساء الحرية في اختيار البويضة المخصبة التي تريدها لكي تزرع في رحمها . كأن تقول أريد ولداً أبيض ، طويل القامة ، أشقر الشعر ، عيناه خضراوان . ويكون ذكياً ومرحاً وأدارياً !!

وطبعاً هذا كله ضد الدين ، وضد علم الأسرة والاجتماع . ويظهر فيه كبرياء الإنسان وغروره .

1-ففي هذا الموضوع يفقد الشخص هويته وانتماءه His Identity .

فلا يعرف من هو أبوه الحقيقي ؟ ومن هي أمه صاحبة المخصبة ، وإن كان يعرف الأم الحاضنة التي لا دخل لها في نسبه ، والتي ربما لا تتصف بشيء من صفاته وأيضاً لا يعرف ما هو جنسه ، وما هو اصله ، وما هو موطنة !! 

2- يدخل في رحم المرأة ما لا يحق دخوله شرعاً

لأنه حتي لو كانت  البويضة من نفس المرأة ، لا يجوز من الناحية الدينية أن تخصب بحيوان منوي ليس من زوجها الشرعي .. فكم بالأولي لو كانت حتي البويضة ليست لها وهنا نسال بأي حق تصير أماً . وقد قامت مشاكل في بلاد الغرب بين الأم صاحبة البويضة ، وألام التي احتضنت البويضة في رحمها ، وولدت وأرضعت ..!

3- غرور من الإنسان أن يتدخل في تشكيل الطبيعة البشرية .

أن كان قد تدخل في الحيوان والنبات ، فإن الإنسان ذا الطبيعة العاقلة الناطقة ليس له أن يتدخل في عقلية ومواهبه وشكله وطبيعته عموماً .. وليس له أن يدعي أنه يمكنه الحصول بذلك علي تكوين الإنسان المثالي الأجيال Super man  ، وأن يغرق العالم بأصناف منه أو من غيره ، أو جيل من الأغبياء ، أو من اصحاب المواهب ..!! إن مشكلة  برج بابل التي عاقب الله عليها ( تك 11: 1-9) هي أخف بكثير مما يفعله أصحاب نظرية الهندسة الوراثية باسم العلم !!

4- ومع كل هذا ، فما يعمله العلماء هو من باب الصناعة وليس الخلق .. فهم لا يستطيعون أن يخلقوا حيواناً منوياً وأحداً ، ولا بويضة بشرية . إنما هم يتصرفون فيما خلقه الله من المنويات والبويضات .

كذلك هم لا يستطيعون أن يوجدوا حيوانات منويه لها صفات خاصة من المواهب ، إنما يأخذونها كما هي بما وضعه الله فيها من مواهب ثم يحاولون أن يتعاملوا معها علمياً . وكذلك مع البويضات .

5- كذلك تتداخل في عملياتهم نواح من الإجهاض .

وذلك بخصوص البويضات المخصبة ، التي تهمل ، أو لا يجدونها صالحة للإستعمال أو التي تباد في بعض العمليات .

6- كذلك عملياتهم ضد قدسية الزواج .

لأنهم يخصبون أية بويضة من أي حيوان منوي ، بدون أيه رابطة شرعية أو دينية بينما ، وحتى بدون مبدأ الإيجاب و القبول .

وكأنهم إن حصلوا علي أبناء يكون جميعهم أبناء غير شرعيين .

7- وهم أيضاً يتدخلون في الطبيعة البشرية ، ويتحكمون في الجينات ، وفي الهرمونات والكروموزومات ، ويشكلونها حسبما يريدون .

8- ونحن لا نعرف مصير ما يعلمون .

إن الإجيال المقبلة هي التي ستحكم علي نتائج كل تلك العمليات . فما اسهل أن يبدو نجاح ظاهري في بعض العمليات ، . فما اسهل أن يبدو نجاح ظاهري في بعض العمليات ، ويثبت المستقبل كارثة لا ندري مداها

9- هنا ونسأل سؤالا أخطر :

ماذا لو إزداد غرور العلماء أو حبهم للإستطلاع في إنتاج أنواع من البشر دخل في تركيبتهم أنواع من الحيوانات ؟

في الواقع ان الأمر يحتاج من الدول أن تسن قوانين لمنع التمادي في حب الاستطلاع هذا . ولا يترك العلم إلي لون من التسيب يقف فيه ضد الدين ، وقوانين الأسرة والمجتمع والأخلاق .   

5

 هل جميع البشر أبناء لله ؟

سؤال

يقول البعض إن جميع البشر أبناء لله باعتبار انهم خليقته . ولهذا قيل عن أدم إنه ابن الله ( لو 3: 38) .

فهل كل من خلقهم الله أبناء الله له ؟ وما معني النبوة لله ؟

ومن هم أبناء الله حسب تعليم الكتاب واعتقاد الكنيسة ؟

الجواب

ليس كل إنسان إبناً لله . فالنبوة لله تربط بالإيمان .

وتعاليم الكتاب واضح جداً في هذه النقطة إذ يقول :

" وأما كل الذين قلبوه ، فإعطهم سلطان أن يصيبروا أولاد الله ، أي المؤمنون باسمه "( يو 1: 12) . أنظر أيضاً ( 1 يو 4: 3) . هنا التركيز علي الإيمان بقبول المسيح ، وليس علي الخلق ، كما دعي أدم إبناً لله

فإن كان آدم قد دعي إبن الله ، فليس كل أولاده كذلك .

إن النبوة لله ليست وراثه بالجسد ، إنما هي بالإيمان حسب تعليم الكتاب الذي يقول عن أولاد الله " الذين ولدوا ليس من دم ، ولا من مشيئة جسد  رجل ، بل من الله "( يو1: 13) . فالولادة من الله ، إنما الولادة من الله هي " ولادة من فوق ".. هي ولادة من الروح القدس ، ولادة من الماء والروح . كما قال السيد المسيح لنيقوديموس " إن كان أحد لا يولد من الماء والروح ، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله "( يو 3: 5)

الولادة من آدم ، هي ولادة بالجسد ، أما الولادة من الروح فهي الولادة من الله ، التي بها نخلص . كما قال الكتاب " .. بل بمقتضي رحمتة خلصنا ، بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس 

"( تي 3: 5)

إذن النبوة لله ، تأتي بهذا الميلاد الثاني :

الذي له صفات : الولادة من فوق ، الولادة من الماء و الروح ، الميلاد الثاني ، الولادة من الله .. به يموت هذا الإنسان العتيق الذي ولد من آدم ونسله بالجسد ( رو 6: 4) ، ويولد إنسان جديد علي صورة المسيح . كما قيل في الرسالة إلي غلاطية " لإن جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح ، قد لبستم المسيح "( غل 3: 27) . لبستم البر للمسيح ، لبستم صورته ، لبستم هذه النبوة التي من فوق .

أما عن آدم : فحتي جميع أولاده ، لم يدعوا أبناء لله .

لقد قيل عن السيد المسيح في سلسلة نسبة الآدمي " إبن أنوش بن شيث بن آدم ، إبن الله ( لو 3: 38 ) . إذن نسل شيث وأنوش هم الذين دعوا أبناء الله . أما نسل قايين فدعاهم الكتاب اولاد الناس . وهكذا قيل في بداية قصة الطوفان : " رأي أولاد الله بنات الناس أنهن حسنات " (تك 6: 2) . كان أولاد الله هم نسل شيث . وبنات الناس هم نسل قايين .

إذن منذ آدم وأولادة ، بدأ التفريق بين أولاد لله وأولاد الناس .

 بدأ التمييز بينهما . ولم يعد الجميع أولاداً لله فالنبوة بالجسد ليست هي دليل البنوة لله . كذلك لا يمكن أن نقول إن النبوة لله تأتي  بأعتباره الخالق ، والكل من خلقة ، والكل من خلقة ومن صنعه " الكل به وله قد خلق "( كو 1: 16) . فهل كل ما خلقه الله من أبنائه ؟!

هل الطبيعة من أبناء الله ؟ هل الجبال والأنهار من ابنائه؟!

بل هل الشيطان أيضاً من أبناء الله ؟!

لأن الشيطان أيضاً مخلوق ، وقد خلقه الله ملاكاً . وبسقوطه وتمرده تحول إلي شيطان . ولكنه علي أيه الحالات من خلق الله أم ترانا نقول  إنه كان ابناً لله وهو ملاك فلما سقط لم يعد إبناً هو وكل جنودة .. إذن لو طبقنا هذا المبدأ علي الساقطين المتمردين من البشر ، لا نستطيع أن نسميهم أبناء .

وفي هذا يقول الكتاب حكماً واضحاً قاطعاً ، وهو :

" بهذا أولاد الله ظاهرون ، وأولاد إبليس ( ظاهرون ) " ( 1 يو 3: 10) .

هنا تفريق آخر ، فليس الجميع إذن أبناء الله رأينا التفريق الأول في عبارة " اولاد الله ، واولاد الناس ". وهنا  التفريق الثاني بين أولاد الله وأولاد إبليس

وقد استخدم الرب هذا التعبير في توبيخه لليهود الذين كانوا يفتخرون بأنهم أبناء إبراهيم ( لأنهم من نسله بالجسد ) . فقال لهم :

" أنتم من أب هو إبليس. وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا "( يو 8: 14) .

ولعله بهذا المعني خاطبهم القديس يوحنا المعمدان بقوله " يا أولاد الأفاعي ، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي "( مت 3: 7) ( لو 3: 7) . وبنفس التعبير خاطبهم السيد المسيح قائلاً " يا أولاد الأفاعي ، كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار ؟!" ( مت 12 : 34) . وأستخدم هذا التعبير نفسه في توبيخه للكتبة و الفريسيين . فقال لهم " أيها الحيات أولاد الأفاعي ، كيف تهربون من دينونة جهنم ؟! "( مت 23: 33) .

ومن المحال طبعاً ، أن يكون البعض أولاداً للأفاعي في نفس الوقت !!

 فالأفعي هي الحية القديمة أي الشيطان ( رؤ 20: 2) . وأولاد الأفاعي هو أولاد الشيطان . وهذا إثبات للتفريق بين أولاد الله ، وأولاد الشيطان ، علماً بأن الكل هم من خلق الله . ولكن الخلق لايعني بالضرورة البنوة لله .

هناك أيضاً ميزات روحية يتصف بها أولاد الله ، وتميزهم

فلما أدعي اليهود أنهم أولاد أبراهيم قائلين " إننا ذرية إبراهيم "( يو 8: 33) ، أجابهم فلما أدعي اليهود أنهم أولاد ابراهيم قائلين " أننا ذرية إبراهيم "( يو 8: 33) ومن المحال طبعاً ، أن يكون البعض أولاداً لله وأولاد للأفاعي في نفس الوقت !!

فالأفعي هي القديمة أي الشيطان ( رؤ 20: 2) . وأولاد الأفاعي هم أولاد الشيطان . وهذا إثبات للتفريق بين اولاد الله ، وأولاد الشيطان ، علماً بأن الكل هم من خلق الله . ولكن الخلق لا يعني بالضرورة النبوة لله .

هناك أيضاً ميزات روحية يتصف بها |أولاد الله ، وتميزهم

فلما أدعي اليهود أنهم أولاد إبراهيم قائلين " أننا ذرية إبراهيم "( يو 8: 33) . أجابهم الرب " لو كنتم أولاد إبراهيم ، لكنتم تعلمون أعمال إبراهيم "( يو 8: 39) . إذن هنا شرط  يلغي مجرد النبوة بالجسد وهنا نشير بان القديس بولس الرسول ربط النبوة لإبراهيم بإيمان إبراهيم ، وليس بالنبوة الجسدية لإبراهيم فقال :

" اعملوا إذن أن الذين هم من الإيمان ، أولئك هم أبناء إبراهيم "( غل 3: 7) . 

وأضاف أذن أن الذين هم من الإيمان ، يتباركون مع إبراهيم المؤمن ( غل 3: 9) . فمن هم إذن إبناء ابراهيم في العهد الجديد ؟ يقول القديس بولس الرسول " فإن كنتم للمسيح ، فأنتم إذن نسل إبراهيم ، و حسب الموعد ورثة " ( غل 3 : 29 )

إذن انتفت هنا البنوة الجسدية ، وركز الرسول على البنوة بالإيمان

لا تقل أذن أنا ابن الله ، لأني ابن لأدم ، وآدم ابن روحي لله ( لو 3: 38) . فالنبوة بالجسد لن تنفع بشئ لمن هو بعيد عن الإيمان . وكذلك النبوة لأبراهيم بالجسد ، لن تنفع الذي ليس له إيمان . فالذين افتخروا بهذه النبوة الجسدية ، وبخهم القديس يوحنا المعمدان قائلاً لا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا ابراهيم أباً ، لأني لأقول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لابراهيم "( مت 3: 9) .

إن العهد الجديد يركز علي الإيمان ، وليس علي النبوة بالخلق ، أو النبوة بآدم . فقايين أول إنسان لعن علي الأرض ، كان إبناً لآدم . وهو أيضاً أول إنسان قد هلك .. أيقول في هلاكه " أنا إبن لله "!! حاشا.. بل هو ابن للهلاك

أبناء الله أيضاً ، هم الذين علي صورته ومثاله . هم أبناء له في القداسة و البر

وهذا هو التعليم الكتابي ، للذين يؤمنوهن حقاً بالكتاب و تعليمه . وأود هنا أن أورد بعض آيات من الكتاب المقدس عن النبوة لله ، حتي تكون أمام أعيننا باستمرار ، ولا تتيهنا عنها أفكار غريبة :

( 1 يو 2: 29) " أن علمتم أنه بار هو ، فاعلموا أن كل من يصنع البر هو مولود منه ". ماذا إذن عن الذي لا يصنع البر ؟

( 1 يو 3: 9، 10) " كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية .. ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله .. بهذا اولاد الله ظاهرون ".

( 1يو 5: 18) " تعلم أن كل من ولد من الله لا يخطئ بل المولودمن الله يحفظ نفسه ، والشرير لا يمسه ".

( رو 8: 14) " لأن جميع الذين ينقادون بروح الله ، أولئك هم أولاد اله " .

فهل أعداء الله الذين يقاومونه و يعيشون في النجاسة والإثم باستمرار ، ولا يعيشون في حياة البر ، بل يجدفون علي روحه القدوس ، هل هؤلاء يمكن أن نسميهم أولاد الله ؟!

أنظر ماذا يقول الرسول للذين لا يقبلون التأديب :

" إن كنتم تحتملون التاديب ، يعاملكم الله كالبنين . فإي ابن يؤدبه أبوه ؟! ولكن إن كنت بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نغول لا بنون "( عب 12: 7، 8) .

عبارة تغول لابنون " تعني أنه ليس الكل بنين

أنظروا ماذا قال الرب للعذاري الجاهلات ، مع أنهن كن عذاري ، وكن ينتظرون العريس ولكن لأنه لم يكن عندهن زيت في آنيتهن .. أغلق بابه في وجوههن ، ولما قلن له " ياربنا ياربنا افتح لنا اجابهن بقوله " الحق أقول لكن إني لا أعرفكن "( مت 25: 12) . وبالمثل اولئك الذين يقولون له في اليوم الخير " يارب يارب ، أليس باسمك تنبأنا ، وباسمك أخرجنا شياطين، وبأسمك صنعنا قوات كثيرة " فيجيبهم قائلاً :

" أني لم أعرفكم قط . أذهبوا عني يا فاعلي الإثم "( مت 7: 22، 23) . فهل فاعلو الإثم ، الذين قال لهم الرب " اذهبوا عني لا أعرفكم قط " .. هل هؤلاء نقول عنهم إنهم أبناء الله ؟!

أم قد صار لقب " أبناء الله " لقبا رخيصاً في أعين البعض يطلقونه علي غير المؤمنون يطلقونه ايضاً علي فاعلي الإثم بلا أي سند من الكتاب ، بل بمعارضة صريحة لأقول الكتاب ..!!

إن أبناء الله ، يسميهم الكتاب " أبناء النور " (لو 16: 8) .

ذلك لن الله هو النور الحقيقي . وهو الذي قال " أنا هو نور العالم . من يتبعني لا يسلك في الظلمة ( يو 8: 12). فماذا عن الذين أحبوا الظلمة أكثر من النور ( يو 3: 19) وصاروا أبناء للظلمة . واستمروا هكذا لإى أن طرحوا أخيراً في الظلمة الخارجية ، حيث البكاء وصرير الأسنان ( مت 8: 12) . هب أبناء الظلمة هؤلاء ، نسميهم أبناء الله ، أي أبناء النور ؟!ّوهنا احب ان أسأل أسئلة صريحة عن النبوة لله :

هل الملحدون وعابدو الأصنام هي أيضاً أبناء لله ؟!

هل إنسان الخطية ضد المسيح Anti Christ الذي سيدعي الألوهية وسيكون بسببه الارتداد العام ( 2 تس 2) هو أيضاً أبن لله ؟!

هل المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة ، الذين سيحاولون أن يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً ( مت 24: 24) .. هل هؤلاء أيضاً أبناء لله ؟!

علماً لأن كل هؤلاء من خلق الله وأبناء لأدم . فهل بنوتهم لآدم تعطيهم الحق في أن يكونوا أبناء الله ، وهم أعداء لله وغير مؤمنين وهل الوجود الملحد ، الذي يحيا في شهوات العالم ، ويقول " من الخير ان الله لا يوجد ، لكي أوجد أنا ".. هل هذا كذلك ابن الله تماماً . وهنا أسأل

هل الذين يرفضون البنوة لله ، نسميهم أولاد الله ؟1

ونعطيهم بنوة لا يعترفون بها ، ولا يريدونها ؟! هلي البنوة إسم فخري ، أم هي إنتماء لذلك فالذين يقولون أن أهل العالم كله أبناء لله ، مؤمنين وملحدين ، أبراراً ونجسين أرجو من هؤلاء ان يعيدوا قراءاتهم للكتاب ، ويعرفوا ما هو المعني الحقيقي للبنوة لله

( 6 )

إجهاض المشوهين والمعوقين !!

سؤال

سيدة حامل في الشهور الأولي . وعند عمل أشعة تلفزيونية ، وجد بالجنين تشوهات تجعله معوقاً بعد ولادته . فهل إجهاض الجنين في هذه الحالة خطية أو قتل نفس ؟

الجواب

لاشك أن إجهاض الجنين عملية قتل . وليس من حقنا قتل جنين ، ولو كان عمره يوماً واحداً .

أنها حياة ، لو أعطيت فرصة لكان لها وجود وعمل في المجتمع . وربما كان يستمر وجودها في الملكوت الأبدي .

وليس التشوه أو التعويق عذر لنا في إنهاء حياة أحد . وما أكثر المشوهين والمعوقين في العالم . فهل من حقنا قتلهم وإبادتهم ؟!

بل بعض المعوقين صاروا عباقرة ...

بتهوفن كان معوقاً في سمعه . وصار عبقرياً في الموسيقي .

وديديموس الضرير كان معوقاً في بصره ، ومع ذلك صار عبقرياً في إكتشافه الكتابة البارزة ، وكان من أعظم اللاويين في عصره . وعهد إليه اقديس أثناسيوس الرسولي بإدارة الكلية اللاهوتية .

والقديس يعقوب المقطع صار مشوهاً ومعوقاً . وبقي قديساً عظيماً ...

أنت لا تعرف مصير المعوق أو المشوه ، ماذا سيكون مستقبله . وحتى لو كانت حياته ستقاسي بعض الآلام ، فليس من حقك أن تنهي حياته إشفاقاً عليه !!

إن الحياة والموت هي في يد الله وحده .

هو الذي يحيي ويميت ، حسب حكمته ومشيئته الصالحة .

وليس من اختصاص إنسان أن يباشر هذا الحق الإلهي ، إلا في نطاق وصايا الله ، مثل الحكم بإعدام القاتل حسب قول الرب " سافك دم الإنسان يسفك دمه ، ( تك9 : 6 ) . ولم يصرح الرب بسفك دم المعوقين ...

على أن هناك نقطة أخري أحب أن أقولها وهي :

هذا الجنين المشوه ، ربما يكون سبب تشويهه راجعاً إلى خطأ أبوية .

والطلب يقدم نصائح هامة للعناية بالجنين ، ويضع قواعد صحيه قد تؤدي مخالفتها إلى الإضرار بالجنين من نواح متعدد . والأم التى تطلب السماح بإجهاض جنينها خوفاً من أن يصير مشوهاً أو معوقاً ، ربما تكون هي السبب في ذلك .. فهل تعطي على أخطائها بقتل الجنين ؟! أي بجريمة أكبر ..!

( 7 )

الجحيم والعذاب

سؤال

هل الأشرار يعذبون الآن في الجحيم عذاباً فعلياً يشعرون به ؟ أم أن الجحيم مكان إنتظار كما أن الفردوس مكان انتظار للأبرار .. ؟

الجواب

العذاب الفعلي الحقيقي يكون بعد القيامة والدينونة .

كما ورد في الإنجيل " تأتي ساعة يسمع فيها جميع الذين في القبور صوته . فيقوم الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة " ( يو5 : 28 ، 29 ) . ولكنهم لا يذهبون بعد القيامة مباشرة ، إلى الجزاء الأبدي ، إنما لابد من الدينونة العامة قبل ذلك .

في الدينونة العامة يقف الكل أمام الرب ليصدر حكمة .

وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول " لأنه لابد أننا جميعاً أمام كرسي المسيح ، لينال كل واحد ما كان بالجسد ما صنع خيراً كان أم شراً " ( 2كو5 : 10 ) .

وقد أعطانا الإنجيل صورة عن هذه الدينونة في ( مت5 : 31 ـ 46 ) .

حيث يقول " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده ، وجميع الملائكة القديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ز ويجتمع أمامه الشعوب ، فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء . فيقيم الخراف عن يمينه ، والجداء عن يساره . ثم يقول الملك للذين عن يمينه : تعالوا إلى يا مباركي أبي ، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم ، لأني ... ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته ، لأني .." ( مت25 : 31 ـ 42 ) .

وحينئذ ، بعد هذه المحاكمة ، يمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي ، والأبرار إلي حياة أبدية " ( مت25 : 46 ) .

إذن العذاب البدي ، يكون بعد القيامة ، والدينونة العامة ... وعن هذه الدينونة يقول المصلي ، في صلاة الستار بالأجنبية :

" يارب إن دينونتك لمرهوبة : إذ تحشر الناس ، وتقف الملائكة ، وتفتح الأسفار وتتكشف الأعمال ، وتفحص الأفكار . أية أدانه تكون إدانتي أنا المضبوط بالخطايا ، من يطفئ لهيب النار عني ، من يضئ ظلمتى إن لم ترحمني أنا يارب ...

وقد تحدث سفر الرؤيا عن هذه الدينونة .

حيث تحدث سفر الرؤيا عن هذه الدينونة .

حث قال القديس يوحنا الرائي " ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله وانفتحت أسفار . وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة . ودين الأموات بما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم ... وكل من لك يوجد مكتوباً في سفر الحياة طرح في بحيرة النار " ( رؤ20 : 11 ـ 15 ) ... هذه هي جهنم الآشرار .

أما الجحيم فهو مكان إنتظار لأرواح الأشرار .

والعذاب الأبدي ، يكون للجسد والروح معاً بعد القيامة .

أما العذاب في الجحيم ، إنما هو عذاب نفسي ، من الخوف والقلق والإضطراب ، إذ يتذكر الخاطئ كل خطاياه ، التي لم يتب عنها . لأن كل الذين يموتون ـ أبرار أو أشراراً ـ " أعمالهم تتبعهم " كما يقول الكتاب ( رؤ14 : 13 ) .

تقف أمامهم كل صور خطاياهم ،  عذابات جهنم ، فهي في بحيرة النار والكبريت .

تسبقها أحداث هامة هي : المجيء الثاني ، والقيامة ، والدينونة .

( 8 )

لماذا نصلي على الموتي ؟

سؤال

لماذا نصلي على الموتى ؟

الجواب

لأن يوم الدينونة العامة لم يأت بعد .

ذلك اليوم الذي قال عنه القديس يوحنا الرائي في سفر الرؤيا " ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله . وانفتحت أسفار بحسب أعمالهم " ( رؤ20 : 2 ) .

يوم الدينونة لم يأت بعد . وأرواح الموتي في مكان انتظار ، تحب أن تكون مسترثيحة . وكما يقول الكتاب إن " أعمالهم تتبعهم " ( أع14 : 13 ) . طبعاً هناك نفوس مطمئنة جداً ، بينما نفوس أخري تحتاج إن تطمئن . وربما تتساءل : هل غفر الله لي تلك الخطايا ؟ هل أنا تبت قبل الموت توبة حقيقية ؟ وهل قبل الله توبتي ؟

نحن نصلي من أجل هذه النفوس أن يريحها الله في مكان الإنتظار .

نطلب لها النياح أي الراحة . نطلب أن ينيح الله نوسفهم في فردوس النعيم ، أي يريح تلك النفوس ويطمئنها على مصيرها ، ولا تكون قلقة تتعبها صور خطاياها التي تتعبها . طبعاً الخطايا التي تاب عنها الإنسان يمحوها الله ، ولا يعود يذكرها . ولهذا نقول عن هؤلاء التائبيين " طوبي للذي غفر إثمه وسترت خطيته . طوبي للإنسان الذي لا يحسب له الرب خطية " ( مز32 : 1 ، 2 ) ( رو4 : 7 ، 8 ) .

نصلي أن الرب لا يحسب لهم خطاياهم ، فلا تتبعهم وتتعبهم .

لذلك عندما نطلب لأرواحهم نياحاً ، إنما نطلب راحة لنفوسهم وأفكارهم ومشاعرهم ، وأطمئناناً ، وعلى الحكم الذي سوف يسمعونه من فم الله يوم الدينونة .

( 9 )

فقط رأي الآب

سؤال

حينما اشتهي فيلبس أن يري الآب ، قال له السيد المسيح " الذي رأني فقد رأي الآب ( يو14 : 9 ) . وقال له أيضاً " أنا في الآب ، والآب في " فهل السيد المسيح هو الآب أيضاً ؟

الجواب

كلا ، فهذه هي طريقة سابليوس ، الذي اعتقد أن الآب هو الآبن هو الروح القدس أقنوم !! فحرمته الكنيسة .

ولكن لأن الآب لا يري ، فقد رأيناه في إبنه ، الذي هو " صورة الله غير المنظور ( كو1 : 15 ) . وهو " بهاء مجده ورسم جوهره " ( عب1 : 3 ) . وعن هذا يقول لنا إنجيل يوحنا " الله لم يره أحد قط . الإبن الوحيد الكائن في حضن الآب هو خبر " ( يو1 : 18 ) أي أعطانا خبراً عن الآب ، أي رأينا صورة الآب في إبنه .

إن كان الآب هو الإبن ، لا يكون هناك تثليث ...

( 10 )

هل قاموا بجسد ممجد ؟

سؤال

أولئك الموتى الذين قاموا في العهد القديم ، مث ابن الشونمية أو ابن أرملة صرفة صيدا . والذين قاموا في العهد الجديد ، مثل لعازر ، وإبنه يايرس وأبن أرملة نايين ..هل قاموا بجسد ممجد ، أم بنفس أجسادهم السابقة .

الجواب

ليس من المعقول أن يكونوا بأجساد ممجده ، لأنهم ماتوا بعد ذلك ، والجسد الممجد لا يموت .

والوحيد الذي قام بجسد ممجد ، هو السيد المسيح له المجد ، لذلك دعي باكورة الراقدين ( 1كو15 : 20 ) ، أي أنه الباكورة في القيامة بجسد ممجد ...

أما الذين ماتوا قبله ، واللذين ماتوا بعد ذلك واقامهم الآباء الرسل ، فكلهم قاموا بأجساد عادية قابلة للتعب والمرض والموت ، قاموا بأجساد قابلة للفساد ، سنتحل ويأكلها الدود ، أو تحترق وتتحول إلى تراب . إنها أجساد غير ممجده . وهذه الأجساد التي قاموا بها وماتوا بها ، تنتظر القيامكة العامةو في اليوم الأخير .

أما في القيامة العامة ، فسنقوم بأجساد ممجده .

سنقوم بقوته هو له المجد " الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده " ( في3 : 21 ) .

( 11 )

لماذا تأخر عمل الفداء ؟

سؤال

لماذا لم يقم الله بعمل الفداء منذ أيام آدم ، حسب وعده الإلهي له ؟ لماذا تأخر آلاف السنين ، حتى أتم

هذا الفداء ؟

الجواب

لم يكن القصد مجرد عمل الفداء ، وإنما بالأكثر إيمان الناس بهذا الفداء ، وبالمخلص الذي يفديهم . وبهذا يخلصون .

وهذا الأمر كان يلزمه مدي زمني لشرح عملية الفداء وتدريب الناس على قبولها وعلى محبة الله الذي يفديهم . ولو أن الأمر منذ آدم ما كان أحد قد فهمه ولا قبله . ثم من الذي يموت من أبناء عوضاً عن الكل ؟!

كان على البشر إذن أن تفهم فكره الفداء ذاتها وهي :

1 ـ مبدأ الكفارة أن نفساً تموت عوضاً عن نفس .

على شرط أن تكون النفس التي تقوم بعملية الكفارة نفساً بارة بلا خطية . لأن النفس الخاطئة تموت عن خطيتها فلا تفدي أحداً . أما النفس البارة فيمكنها أن تموت عن غيرها . ولم يكن في البشرية أحد باراً ، غذ الجميع زاغوا وفسدوا وأعوازهم مجد الله ( مز14 : 1 ، 2 ) .

2 ـ كان عليهم أن يعرفوا أن الخطية موجهة ضد الله . ومادام الله غير محدود ، إذن فالخطية الموجهة ضده غير محدودة . والكفارة التي تبذل لمغفرتها ينبغي أن تكون غير محدودة . ولا يوجد غير محدود إلا الله ، لذلك كان يجب أن يقوم الله بهذه الكفارة . فيعطي مغفرة غير محدودة ، تكفي لمغفرة جميع الخطايا الناس في جميع العصور .

3 ـ وهذا الأمر كان يعني عقيدة التجسد ...

4 ـ وكل هذا كان يلزمه مدي زمني طويل شرحه وتدريب الناس عليه . وهكذا بدأ الله يعلمهم فكرة الذبائح ولزومها لمغفرة الخطايا . وأخذ الناس يمارسون تقديم الذبائح حتى صارت هذه عقيدة مستقرة عندهم .

5 ـ وكان يلزم أن يولد الفادي من عذراء ، حتى يكون قدوساً في ميلاده ، بغير زرع بشر ، فلا يرث الخطية الأصلية التي فسدت بها كل البشرية ، واستحقت العقوبة .

6 ـ إذن كان يجب الإنتظار حتى تولد تلك العذراء القديسة التي تحتمل هذا المجد العظيم ، أن تكون وعاء للتجسد الإلهي ... وطبعاً انتظرت البشرية حتى تولد هذه القديسة

7 ـ وأيضاً كان لابد من انتظار فترة تتكامل فيها النبوات من جهة هذا المولود الفادي والظروف الخاصة به ، حتى يمكن أن تتعرف عليه البشرية وتعرف أن هذا هو المسيا المنتظر الذي سوف يخلصهم ويفديهم ، ويؤمنوا به فادياً ومخلصاً .

8 ـ وكان لابد أيضاً الإنتظار حتى يولد المعمدان الذي يهيئ الطريق قدامه بمعمودية التوبة . واحتاج هذا أيضاً إلى زمن .

9 ـ وكان لابد من نقل النبوات إلى لغة عالمية لكي يعرفها بها الناس . بل لابد أن توجد تلك اللغة العالمية أولاً ( أي اليونانية ) التي ترجمت إليها كل كتب العهد القديم وما تحمله من نبوءات ورموز . وكان ذلك في عهد بطليموس الثاني ( فيلادلفوس ) في القرن الثالث قبل المسيح .

10 ـ وكان لابد من الإنتظار أيضاً حتى يولد أولئك الذين يحملون مسئولية الكرازة وتوصيلها إلى العالم كله بكل أمانة ودقة . وطبعاً استغرق كل ذلك وقتاً .

11 ـ لهذا قال القديس بولس الرسول عن التجسد الإلهي " ولكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله إبنه مولوداً من إمراة تحت الناموس ، ليفتدي الذين تحت الناموس " ( غل4 : 4 ) .

هذا هو ملء الزمان ، الذي كملت فيه كل النبوءات والرموز الخاصة بمجئ المسيح للفداء ، وكمل فيه استعداد البشرية لقبول رسالة الفداء ، وكمل إعداد الأشخاص الذين يخدمون الرسالة ونقلها إلى كل الناس .

وبهذا حينما يتم الفداء يفهمه الناس ويؤمنون به ، ومن يؤمن به ينال الخلاص الذي أراد الله تقديمه للناس بالكفارة .

وهكذا شرح السيد المسيح لتلاميذه جميع ما تكلم به الأنبياء من جهته وابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر الأمور المختصة ما هو مكتوب عنه في ناموس والأنبياء والمزامير .. أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث ، وأن يكرز باسمه بالتوية ومغفرة الخطايا لجميع الأمم ( لو24 : 44 ـ 47 ) .

تري لو كان الأمر قد بدأ قبل عصر الأنبياء ، وقبل إنتشار فكرة الكفارة والذبيحة والفداء ، من كان سيعرف ؟ ومن كان سيؤمن ؟!

أم هل المقصود أن يتم الفداء ، ولا يلاحظه أحد ، ولا يدركه أحد ، ولا يؤمن به أحد ؟!

ولا يعرف أحد أنه " هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل إبنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " ( يو3 : 16 ) .

إن أعمال الله كلها بحكمة ... وليست السرعة هي الهدف . إنما الهدف هو إيمان الناس بالفداء حينما يقوم به الله ، لكي بهذا الإيمان يخلص الجميع . ولكي يعرفوا مقدار محبة الله لهم حتى جعلته يفديهم ويخلصهم . وفي هذا قال القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولي " في هذا هي المحبة : ليس أننا نحن أحببنا الله ، بل أنه هو أحبنا وأرسل أبنه الوحيد كفارة عن خطايانا " ( 1يو4 : 10 ) . ومن له أذنان للسمع فليسمع .

( 12 )

ما معني " اغفر له " ؟

سؤال

يقول الكتاب : إذا إخطأ إليك أخوك سبع مرات سبعين مرة ، اغفر له " ( مت18 : 21 ، 22 ) .

فكيف اغفر له ، والمعروف أنه " لا يغفر الخطايا إلا الله وحده " ( مر2 : 7 ) . أما أنا فإنني إنسان خاطئ . كيف أغفر ؟!

الجواب

الغفران أيها الإبن المبارك على ثلاثة أنواع .

1 ـ مغفرة من الله تبارك إسمه ، الذي بيده الثواب والعقاب في الأبدية ، وهو الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله ( مت16 : 27 ) . وكما قال عنه ابونا إبراهيم أبو الآباء والأنبياء إنه " ديان الأرض كلها " ( تك18 : 25 ) .

2 ـ النوع الآخر من المغفرة هي التي في سلطان الكهنوت .

هؤلاء الذين قال لهم الرب ـ بعد منحهم الروح القدس : " من غفرتم له خطاياه ، غفرت له . ومن أمسكتم خطاياه ، أمسكت خطاياه ، أمسكت " ( يو20 : 23 ) . ومغفرتهم تأتي عن طريق الروح القدس الذي فيهم . وأيضاً تأتي بصلاة يطلبون فيها من الله المغفرة للتائبين ، وتسمي " صلاة التحليل " . يقولون فيه للرب عن الخاطئ " حالله ، باركه ، طهره ، قدسه " .. إلخ

3 ـ النوع الثالث هو مغفرة لبشر بعضهم لبعض .

وهي التي نصلي بها في الصلاة الربية قائلين " اغفر لنا ذنوبنا ، كما نغفر نحن أيضاً لمن أخطأ إلينا " (مت6 : 12 ) . وقد علمنا الرب أن نقول هذه الصلاة . وقال " إن غفرتم للناس زلاتهم ، يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم " ( مت6 : 14 ، 15 ) .

4 ـ واعرف أن مغفرتك لأخيك ، معناها أن تسامحه ، وتصفي قلبك من نحوه .

لا تحفظ له من قلبك حقداً ولا عداوة . ولا تطلب الإنتقام منه بسبب خطيئته من نحوك  . وتبقي خطيته بعد ذلك تحتاج إلى مغفرة من الله ، ذلك إذا تاب ، لأن مغفرة الله له تتعلق بمصيره الأبدي . أما مغفرتك أنت له فتتعلق بحقوقك الأرضية من جهته ، وتنازلك أنت عن ذلك ، كما تنازل الرب عن مجازاتك عن خطاياك .

حتى لو كانت إنساناً خاطئاً ، فبإمكانك أن تسامح من أخطأ إليك .

وقد ضرب الرب أمثلة عن معاقبة الذين لم يغفروا للناس زلاتهم "  ( أنظر مت18 : 23 ـ 35 ) .

( 13 )

من أغوي الشيطان ؟

سؤال

إن كان الشيطان قد أغوي الإنسان فسقط ، فمن إذن الذي أغوي الشيطان فسقط ؟

الجواب

الشيطان لم يغوه أحد ، إنما سقط بحرية إرادته ، التي أتجهت إلى كبرياء القلب ( أش14 : 13 ، 14)

ولا يشترط في كل خطية ، أن تكون بإغواء من الخارج . فقد لا يكون هناك إغراء من الخارج ، ويسقط الشخص بسبب فساد القلب من الداخل ، أو إتجاه حرية الإرادة إلى الفساد .

والشيطان سقط ، بسبب أنه في قلبه ، أراد أن يرتفع ويصير مثل الله ( أش14 : 13 ، 14 ) .

( 14 )

لماذا لم يمت الشيطان ؟

سؤال

إن كانـت أجرة الخطية هي الموت ( رو6 : 23 ) . فلماذا لم يمت الشيطان ، باعتباره أول كائن أخطأ ؟

الجواب

المقصود بالموت بالنسبة إلى الشيطان : الهلاك الأبدي .

أما الإنسان فلأن طبيعته فيها الجسد والروح ، فإن موته الجسدي هو إنفصال الروح عن الجسد ، بالإضافة إلى الموت الأبدي للخطاة .

أما الشيطان ، فليس له جسد . لذلك ليس له موت جسدي .

ولكنه سيموت في نهاية الزمان الموت الأبدي ، أي العذاب الأبدي .

وعن ذلك قال سفر الرؤيا " وابليس الذي كان يضلهم ، طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب . وسيعذبون إلي أبد الأبدين ، آمين " ( رؤ20 : 10 ) .

( 15 )

هل نصلي من أجل الشيطان ؟

سؤال

سمعت هذا السؤال أثناء رحلتي إلى رومانيا ، من أحد الاباء :

هل يجوز أن نصلي من أجل الشيطان ، من واقع قول السيد المسيح " أحبوا أعداءكم .. احسنوا إلى مبغضيكم . وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم " ( مت5 : 44 ) ولكي لا يكون في قلبنا حقد ضد أحد ، ولا حتى الشيطان ..

الجواب

أولاً : ما هو الهدف من هذه الصلاة ؟ هل هي لأجل خص الشيطان ؟ هل لا يمكن أن يكون . لأن الرب قد حكم بهلاكه . إذ يقول سفر الرؤيا " وإبليس الذي كان يضلهم ، طرح في بحيرة النار والكبريت ، حيث الوحش والنبي الكذاب ، وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين " ( رؤ20 : 10 ) . وقد قال السيد الرب " رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء " ( لو10 : 18 ) .

*أم الصلاة هي لهداية الشيطان . وهو لن يتوب ولن يهتدي . ولن يكف عن محاربة الله وملكوته . حتى إن سفر الرؤيا يقول عن الشيطان بعد أن يحل من سجنه " ثم متي تمت الألف سنة ، يحل الشيطان من سجنه ، ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض .. " ( رؤ20 : 7 ، 8 ) .

*ويقول أيضاً " وحدثت حرب في السماء : ميخائيل وملائكته حاربوا التنين ، وحارب التنين وملائكته . ولم يقووا . فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء . فطرح التنين العظيم ، الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان ، الذي يضل العالم كله . طرح  إلى الأرض ، وطرحت معه ملائكته ( رؤ12 : 7 ـ 9 )

*كذلك خطيئة الشيطان ليست للغفران ، لأنها خطيئة للموت . وعنها وعن أمثالها من خطايا أتباعه والخاضعين له ، قال القديس يوحنا الرسول " توجد خطية للموت ليس لأجل هذه أقول أن يطلب " ( 1يو5 : 16 ) .

*حقاً يمكنك أن تحب أعداءك . ولكن لا تحب أعداء الله . والشيطان عدو لله . وإن كان الرب قد قال " من أحب أباً وأماً أكثر مني فلا يستحقني " ( مت10 : 37 ) وهي محبة طبيعية . فكم بالأولي الشيطان ؟! لا يمكن أن نحبه ولا أن نصلي لأجله .

*لو صلينا لأجل الشيطان ؟! لا يمكن صلواتنا مشيئة الله ، الذي قرر هلاكه ، إذ قام بتخريب في ملكوته لا يحصي . ونحن في صلواتنا نقول لله " لتكن مشيئتك " .

*ولو صلينا لأجل الشيطان ، لصرنا منكرين لأيقونة رئيس الملائكة ميخائيل ، وهو يطعن الشيطان بالحربة ، وقد داسه بقدميه ، وأمسك ميزان العدل الإلهي الذي يحكم بهلاك الشيطان .

*ولو صلينا لأجل الشيطان ، لكنا ضد طقس جحد الشيطان الذي نقوم به في المعمودية . ونقول فيه " أجحدك أيها الشيطان ، وكل أعمالك الشريرة ، وكل حيلك الرديئة والمضلة ، وكل جيشك وكل سلطانك .. أجحدك أجحدك ..

*إذن نفهم وصية السيد المسيح بمفهومها السليم ، ونفهم المحبة بمفهومها السليم ، داخل محبة الله وداخل مشيئته ...

( 16 )

كيف رأوا الله ؟!

سؤال

قال الكتاب " دعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلاً : لأني نظرت الله وجهاً لوجه " ( تك32 : 30 ) فكيف يحدث هذا بينما الكتاب يقول أن الرب قال لموسي في سفر الخروج " لا تقدر أن تري وجهي . لأن الإنسان لا يراني ويعيش " ( خر33 : 20 ) .

الجواب

اللاهوت لا يمكن أن يراه أحد ، لأنه لا يدرك بالحواس . و لذلك عندما أراد الله أن نراه ، رأيناه في صورة إبنه متجسداً ، كما قيل " عظيم هو سر التقوي : الله ظهر في الجسد " ( 1تي 3 : 16 ). في العهد القديم كانوا يرون الله في ظهورات . أما علي هيئة ملاك كما ظهر موسى النبي في العليقة ( خر3 : 2 ـ 6 ) . وإما على هيئة أحد الرجال كما ظهر لأبينا إبراهيم عند بلوطة ممرا ( تك18 : 2 ، 16 ، 17 ) . أما بالنسبة إلى أبينا يعقوب فقد ظهر له في هيئة إنسان صارعه حتى طلوع الفجر ( تك32 : 24 ) . وقد عرف أنه الله ، لأنه لما باركه قال له " لأنك جاهدت مع الله والناس وغلبت " ( 32 : 28 ) .

( 17 )

حرية مجد أولاد الله

سؤال

ما معني حرية مجد أولاد الله التي ذكرها القديس بولس الرسول في ( رو8 : 21 ) . وما حددوها ؟ ومتى نصل إليها ؟ وهل يستطيع رجل أن ينام إلى جوار إمراة غريبة ، ولا يتعب روحياً ، لأنه وصل إلى مستوي حرية مجد أولاد الله ؟ ( إذ قد سمعنا من واعظ مثل هذا الكلام عن نفسه ) !!

الجواب

لكي تفهم العبارة التي قالها القديس بولس الرسول ، يحسن أن تقرأ الفقرة كلها كما وردت في ( رو8 : 18 ـ 25 ) .

إنه يتكلم عن المجد العتيد فينا ( ع18 ) ، ونتوقعه بالصبر ( ع25 ) . هذا من جهته " كل الخليقة تئن وتتمخض معاً إلى الآن " ونحن الذين لنا باكورة الروح ، نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا ، متوقعين التبني فداء أجسادنا " ( ع22 : 23 ) .

الخليقة حالياً قد أخضعت لبطل . ولكنها ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله ( رو8 : 20 ، 21 ) .

نحن لا نعيش حالياً في حرية مجد أولاد الله . بل نرجو هذا ، ونتوقعه بالصبر .

نتوقع وننتظر أن هذه الطبيعة البشرية سوف تعتق من عبودية الفساد . ولكن متى يحدث هذا ؟ أنه يحدث في القيامة . " حينما يقام الموتي عديمي فساد " . حينما هذا الجسد الفاسد " يلبس عدم فساد . وهذا المائت يلبس عدم موت " ( 1كو15 : 52 ، 53 ) .

إذن حرية مجد أولاد الله ، تكون في الأبدية ، بعد القيامة .

على الأرض هنا ، ليست أجسادنا في حالة المجد ، بل إن الرسول يقول عن الجسد في الموت والقيامة " يزرع في فساد ، ويقام في عدم فساد . يزرع في هوان ، ويقام في مجد .يزرع في ضعف ويقام في قوة " ( 1كو15 : 42 ، 43 ) .

ليس ههنا طبيعة الجسد الممجدة . هنا الجسد يشتهي ضد الروح ، والروح ضد الجسد . وهذان يقاوم أحدهما الآخر ، حتى تفعلون ما لا تريدون " ( غل5 : 16 ، 17 ) .

ولكننا سندخل في حرية مجد أولاد الله ، في القيامة ، حينما تعتق طبيعتنا من عبودية الفساد ، حينما نقام بأجساد روحانية .

لنا على الأرض حرية ، حينما نتحرر تماماً من سيطرة الخطية ، والعادات والأفكار لرديئة ، وكل شهوات القلب الخاطئة ، وكل انحراف الغرائز والمشاعر .. ولكن هذه الحرية لا ندعيها لأنفسنا ، وإنما توهب لنا من الله ، كما قال الرب : "  ، حينما نتحرر تماماً من سيطرة الخطية ، والعادات والأفكار لرديئة ، وكل شهوات القلب الخاطئة ، وكل انحراف الغرائز والمشاعر .. ولكن هذه الحرية لا ندعيها لأنفسنا ، وإنما توهب لنا من الله ، كما قال الرب : " ن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً " ( يو8 : 36 ) .

والرسول في هذا الإصحاح ( رو8 ) ، الذي يتكلم فيه عن حرية مجد أولاد الله ( رو8 )

إنما من أول الإصحاح ، يتحدث بتفصيل عن الجسد وخطورة إنحرافاته ، حينما يسلك الإنسان حسب الجسد :

فيقول إن " إهتمام الجسد هو موت " ، " إهتمام الجسد هو عداوة لله " " الذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله " ( رو8 : 6 ـ 8 ) . ويقول أيضاً " إن عشتم حسب الجسد فستموتون " ( رو8 : 13 ) .. ويتطور إلى أن يتحدث عن المجد العتيد أن يستعلن فينا ، بعتق الخليقة من عبودية الفساد ( رو8 : 18 ، 21 ) .

وفي الإصحاح السابق له ( رو7 9 ، يتحدث أيضاً عن الجسد وحروبه الصعبة فيقول :

" أما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية .. إنى أعلم أنه ليس ساكناً في ، أي في جسدي شئ صالح " ( رو7 : 14 ، 18 ) .

ويشرح هذه الطبيعة التي لم تعتق بعد من عبودية الفساد ، فيقول " لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده ، فإياه أفعل .. فلست بعد أفعله أنا ، بل الخطية الساكنة في ( رو8 : 19 ، 20 ) . ويشرح سبب ذلك فيقول : " أري ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ، ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي . ويحي أنا الإنسان الشقي ، من ينقذني من جسد هذا الموت " ( رو8 : 23 ، 24 ) .

ثم يتدرج إلى الإصحاح الثامن . فيتحدث عن خطورة السلوك عن الجسد ، وعن الطبيعة التي أخضعت للبطل . وعن انتظارنا أن تعتق من عبودية الفساد ، إلى حرية مجد أولاد الله ( رو8 : 20 ، 21 ) .

نحن على الأرض في فترة اختبار ، ونحتاج إلى جهاد ، لكي تنتصر الروح على الجسد .

فنسلك حسب الروح ، وليس حسب الجسد ( رو8 : 1 ) . ولكي نقدم أجسادنا ذبيحة حية مقدسة " ( رو12 : 1 ) . ولكي بالروح نميت أعمال الجسد ( رو8 : 13 ) . وهذا الأمر يحتاج بلا شك إلى جهاد وإلى نعمة . وإن لم تجاهد ، سوف نتعرض إلى توبيخ القديس بولس نفسه الذي قال :

" لم تقاوموا بعد حتى الدم ، مجاهدين ضد الخطية " ( عب12 : 4 ) .

فهل الذين يحتاجون إلى هذا الجهاد حتى الدم ، قد وصلوا بعد إلى حرية مجد أولاد الله ؟! إن القديس بولس أرسل هذا التوبيخ إلى العبرانيين الذين قال لهم " أيها الأخوة القديسون ، شركاء الدعوة السماوية " ( عب3 : 1 ) .

فإن كان أولئك القديسون لم يصلوا بعد إلى حرية مجد أولاد الله ، بل يقول لهم الرسول " إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم " ( عب3 : 7 ، 15 ) . فماذا نقول نحن عن أنفسنا ، وعن جيلنا الذي نعيش فيه بكل حروبه ...

إن هذه التي قال عنها القديس بطرس الرسول " أصحوا واسهروا . لأن إبليس خصمكم كأسد زائر ، يجول ملتمساً من يبتلعه هو . فقاوموه راسخين في الإيمان ، عالمين أن نفس هذه الآلام تجري على أخوتكم الذين في العالم " ( بط5 : 8 ، 9 ) . فهل نفعل عن الصحو والسهر والمقاومة ضد هذه الآلام معتمدين على أننا قد وصلنا إلى حرية مجد أولاد الله ؟! وكيف يجوز لرجل متدين ، أن يسمح لنفسه بأن ينام إلى جوار إمراة غريبة ليست من محارمه ، بحجة حرية مجد أولاد الله ، ناسياً قول الكتاب عن الخطية إنها :

" طرحت كثيرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 ) .

وكيف ينسي ايضاً قول الكتاب عن هذه المحاربات النسائية " أيأخذ لإنسان ناراً في حضنه ، ولا تحترق ثيابه ؟! أو يمشي إنسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه ؟! هكذا من يدخل على إمراة صاحبة " ( أم6 : 27 ، 28 ) .

إن المتواضعين المحترسين ، الذين يهربون من هذه العثرات ، هم الذين ينجون من الخطية . وهنا اذكر موقف القديس الأنبا بيشوي حينما حدثه تلاميذه عن تحدي إمراته خاطئة له ، فرجع إلى الوراء ثلاث خطوات ، وهو يرسم نفسه الصليب . فقال له تلاميذه " هل أنت يا أبانا تخشي هذه المرأة ؟! " فأجاب بإتضاع :

إن المرأة هي التي أسقطت آدم وشمشون وداود وسليمان ، من هو بيشوي المسكين حتى يقف أمامها ؟!

قال هذا على الرغم من قداسته ، وعلى الرغم من أنه بعد ذلك استطاع أن ينقذ تلميذه اسحق منها ...

إن الإنسان المتدين ، الذي ينام إلى جوار إمراة غريبة ، بحجة حرية مد أولاد الله هو أولاً لم يفهم معني هذه الآية ، وثانياً هو ينسى أن إبليس عدونا يجول كأسد زائر لكي يبتلعه هو أو يبتلع المرأة . وينسي المرأة . وينسي أنه قد يفقد ما يدعيه لنفسه من حرية ومجد ، ويفقد ما له من تدين .

 حقاً إنها حرب من الشيطان ، يدفع بها إنساناً متديناً إلى مجازفة خطيرة كهذه ، محارباً إياه يسئ تفسيرها .

وكأنه يقول له " اطرح نفسك إلى أسفل ، فتحملك الملائكة " ( مت4 : 6 ) . إن قال هكذا فينبغي أن يجييب بعبارة السيد المسيح " مكتوب أيضاً : لا تجرب الرب إلهك " ( مت4 : 7 ) .. من الخطر حقاً ، ومن الخطأ أيضاً ، أن يرتئي أحد فوق ما ينبغي أن يرتئي " ( رو12 : 3 ) . وليس من الحكمة ولا من الحكمة ولا من الروحانية ، أن يلقي أحد نفسه في جب الأسود ، ويقول : لابد أن الله سيرسل ملاكه ، ليسد أفواه الأسد !! ( دا6 : 22 ) .

حرب الشيطان تبدأ أولاً بالكبرياء ، فيقنع إنساناً أنه قد وصل إلى حرية مجد أولاد الله .

فإذا ما قبل منه هذا الفكر واقتنع به ، وحينئذ يشعره بأنه قد وصل بهذا المجد إلى درجة من العصمة ، ارتفع بها فوق مستوي السقوط ، ولم تعد كل الحروب والعثرات بقادرة عليه !! وهكذا توقعه في الكبرياء والثقة بالذات ، وبالتالي في عدم الحرص ، وفي عدم السهر على خلاص نفسه ، وحينئذ يضربه الشيطان الضربة التي يسقطه بها ، كما قال الكتاب :

" قبل الكسر الكبرياء . وقبل السقوط تشامخ الروح " ( 16 : 18 ) .

لقد منحنا الله حرية ، ولكنه لم يمنحنا عصمة ..

وقد منحنا نعمة وقوة ، ولكنه لم يمنع الحروب الروحية عنا بل قد علمنا أن نقول كل يوم " لا تدخلنا في تجربة . لكن نجنا من الشرير " . فنحن إذن نطلب المعونة الإلهية كل يوم . وهذا يدل على أننا غير معصومين . ولم نصل بعد إلى هذا المجد ، الذي قد أنعتق تماماً من عبودية الفساد ، ومن جسد هذا الموت ( رو7 : 24 .

هنا وأختم بعبارة هامة قالها القديس بولس الرسول أيضاً :

إنكم إنما دعيتم إلى الحرية أيها الأخوة ، ولكن لا تصيروا الحرية فرصة للجسد " ( غل5 : 13 ) .

( 18 )

جسد آدم قبل الخطية

سؤال

هل كان جسد آدم ـ قبل الخطية ـ قابلاً للموت والضعف والمرض ؟

الجواب

طبعاً هذه الأمور كلها لم تحدث إلا بعد الخطية .

ولكن لولا أن الجسد كان قابلاً ، ما كانت ـ بالخطية ـ قد حدثت .

لولا أن الجسد كان قابلاً للموت ، ما كان الله يقول لآدم عن الشجرة المحرمة : يوم تأكل منها موتاً تموت ( تك2 : 17 ) .

مهما قلنا عن جسد آدم ، في نقاوته وقداسته الأولي ، إلا انه كان جسداً مادياً من تراب .

لم تكن فيه خطية ، لكنه كان قابلاً للخطية ، ونتائجها .

وقد أخطأ فعلاً ، وكان من نتائج الخطية الضعف والمرض ، سواء المرض الجسدي ، أو النفسي كالخوف ( تك3 : 10 ) .

إذن جسد آدم لم يكن معصوماً . كان نقياً ، وفي بساطة كاملة لا تعرف شراً . وعلى الرغم من هذا كله لم يكن معصوماً .. وقد أخطأ .

فرق كبير بين جسد آدم ، وأجساد البشر بعد القيامة .

جسد آدم كان مادياً وترابياً وحيوانياً . وعلى الرغم من بره ونقاوته ، كان معرضاً لما تتعرض له المادة والتراب والهيولانية . أما أجساد القيامة فهي روحانية وسماوية ، بعيدة كل البعد عن الفساد ، قد أقيمت في مجد ( 1كو15 : 43 ) .

أجساد القيامة أسمي بكثير من جسد آدم .

إنها غير قابلة للموت ، لأنها نالت الحياة الأبدية .

وهي غير قالبة للفساد بكل أنواعه ، لأنها أقيمت في غير فساد .

وهي قد تخلصت من المادة بكل أنواعها .

( 19 )

لماذا لم يغفر ليهوذا ؟

سؤال

لماذا لم يغفر الرب ليهوذا ، مثلما غفر لصالبيه ولبطرس الذي أنكر ؟ وإن كان يهوذا قد انتحر ، ألا يجوز أن نعتبر أنه لم يكن حينذاك متكاملاً لعقله ، بحيث يغفر له ضمن الذين لا تقع عليهم مسئولية بسبب حالتهم العقلية ؟

كما أنه أليس الشيطان هو المحرك ليهوذا ، فلماذا يتحمل الدينونة ؟

الجواب

عجيب يا أخي كل هذا الدفاع عن يهوذا ، الذي ثبت أنه هلك !!

فقد قال عنه الرب " ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان . كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد "

 ( مت26 : 24 ) .

وفي مناجاته للآب قال " الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد ، إلا إبن الهلاك ليتم الكتاب "

( يو17 : 12 ) . وفي كلامه مع بيلاطس ، قال له " . لذلك الذي أسلمني إليك له خطية أعظم "

( يو19 : 11 ) . وعندما غسل الرب أرجل تلاميذه ، قال لهم " أنتم طاهرون ، ولكن ليس كلكم . لأنه عرف مسلمه .." ( يو13 : 10 ، 11 ) .

وعندما اختار الآباء الرسل بديلاً ليهوذا ، تذكروا ما قيل عنه سفر المزامير " لتصر داره خراباً ، ولا يكون فيها ساكن ، وليأخذ وظيفته ( أسقفيته ) آخر " ( أع1 : 20 ) ( مز69 : 25 ) .

أما عن أن الشيطان كان المحرك ليهوذا :

فهذا صحيح ، إذ قيل عنه يوم الفصح الأخير " فبعدما أخذ اللقمة دخله الشيطان .. " وأنه بعد ذلك " خرج للوقت وكان ليلاً ( يو13 : 27 ، 30 ) . والشيطان كما حرك يهوذا حرك رؤساء الكهنة أيضاً . وهو يحرك أعوانه في كل زمان ومكان . وهو الذي حرك حواء في الخطية الأولي ( تك3 : 1 ـ 7 ) .

ولكن كان على يهوذا عدم الخضوع لمشورة الشيطان .

والكتاب يقول " قاوموا إبليس فيهرب منكم " ( يع3 : 7 ) . ويقول أيضاً " قاوموه راسخين في الإيمان ، عالمين أن نفس هذه الآلام تجري على أخوتكم الذين في العالم " ( 1بط5 : 9 ) . الشيطان عمله أن يحرك الناس نحو الخطية . ولكن عليهم ألا يستسلموا له ، بل يقاوموه بكل قوة . والرسول يوبخ على عدم الجدية في المقاومة فيقول " لم تقاوموا بعد حتى الدم ، مجاهدين ضد الخطية " ( عب12 : 4 ) . أما عن المقارنة بإنكار بطرس ، فنقول : هناك فرق بين خطية الضعف وخطية الخيانة .  بطرس الرسول كان يحب المسيح من كل قلبه . وقد أنكره عن خوف في حالة ضعف . وبعدها بكي بكاء مراً ( مت26 : 75 ) . وبعد القيامة قال للسيد " يارب أنت تعلم كل شئ أنت تعلم أني أحبك " ( يو21 : 17 ) .

أما يهوذا فقد كان خائناً ، إذ باع سيده بالمال ، واسلمه إلى أيدي أعدائه بنفسية رخيصة . ولم يبال بكل الإنذارات التي أنذره بها الرب وهي كثيرة !! وقد قيل في حقارة نفسيته : " حينئذ ذهب واحد من الإثنى عشر يدعي يهوذا الأسخريوطى وقال : ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم ؟ فجعلوا له ثلاثين من الفضة . ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه " ( مت26 : 14 ـ 16 ) .

فعل هذا ، وكان واحداً من تلاميذه ، وفي موقع المسئولية .

إذ كانت في يده عهده الصندوق ، ليدفع منه للفقراء . وللأسف لم يكن يبالي بالفقراء ، " وكان الصندوق عنده ، وكان يحمل ما يلقي فيه " ( يو12 : 6 ) . ولاشك أن الرب كان يعرف ، ولم يشأ أن يكشف سرقته للناس ... ولأنه كان واحدا من الخاصة ، قيل عن الرب إنه " جرح في بيت أحبائه " ( زك13 : 6 ) . وقيل عنه في المزمور " الذي أكل خبزي رفع على عقبه " ( مز41 : 9 ) . حقاً ما أخس الخيانة ، حين تأتي من الأصدقاء ومن المحسن إليهم !!

حقاً ، إنه ندم ، ولكن بعد فوات الفرصة .

بعد أن حكم مجلس السنهدريم بإدانة الرب يسوع وأنه مستحق الموت " وأوثقوه ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي " . حينئذ لما رأي يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ، ندم ورد الثلاثين من الفضة ... قائلاً : أخطأت إذ أسلمت دماً برئياً .. " ( مت27 : 1 ـ 4 ) ... سهل على الإنسان أن يحتمل احتقار الآخرين له . لكن من الصعب أن يحتمل احتقار نفسه . وهذا ما حدث مه يهوذا ...

وصل يهوذا إلى احتقاره لنفسه . ولم يحتمل . " فمضي وخنق نفسه " ( مت27 : 5 ) .

ولم يخنق نفسه ، هو فاقد العقل ...!

بكل عقل حكم على نفسه أنه قد أخطأ إذ أسلم دماً برئياً ، وبعقل أعاد المال إلى رؤساء الكهنة ، واعترف بخطيئته . ولما رفض الكهنة إلغاء الصفقة التي بينهم وبينه ، " طرح الفضة في الهكيل وانصرف " ( مت27 : 5 ) . وليست هذه تصرفات إنسان فاقد العقل . بل بكل عقل فعل هذا . وبعدها " مضي وخنق نفسه " .

أما قول الرب " يا أبتاه اغفر لهم ، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون " ( لو23 : 34 ) ، فإنها لا تنطبق عليه .

إنه بلا شك كان يدري كل ما فعل ...

أما الذين صلبوا السيد المسيح ، فقد قال عنهم الرسول " لأنه لو عرفوا ، لما صلبوا رب المجد " ( 1كو2 : 8 ) . ومع ذلك فقول السيد لم يكن يعني أن خطاياهم قد غفرت . إنما يعني أن باب الغفران قد فتح أمام الجميع بصلبه . ومع ذلك كان للغفران شروط : منها الإيمان ( يو3 : 16 ) ، والتوبة والمعمودية ( أع2 : 38 ) ( مر16 : 16 ) . ولمزيد من الشرح ، يمكن أن تقرأ كتابنا 0 الخلاىص في المفهوم الأرثوذكسي ) .

( 20 )

القداسات القديمة

سؤال

هل كانت هناك قداسات قديمة ، منذ أيام الرسل ؟ وما هي أقدم القداسات ؟ وهل حدث عليها تغيير ؟ وكيف كان الرسل يمارسون قول الرب " من يأكل جسدي ويشرب دمي ، يثبت في وأنا فيه " ( يو6 : 56 ) ؟

الجواب

طبعاً كانت هناك قداسات ، على الأقل لكي يطيعوا قول الرب عن سر الإفخارستيا " اصنعوا هذا لذكري " ( لو22 : 19 ) .

وهذه القداسات سلمها الرب لهم .

وغالباً كان ذلك خلال الأربعين يوماً التي قضاها معهم بعد القيامة ( أع1 : 3 ) . وحتى القديس بولس الرسول ، الذي لم يكن من الإثني عشر بل آمن فيما بعد ( أع9 ) ، هذا أيضاً تسلم هذا السر من الرب ، كما قال في رسالته الأولي إلى أهل كورنثوس " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً : إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها ، أخذ خبزاً وشكر فكسر ، وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم . اصنعوا هذا لذكري . كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي . اصنعوا هذه كلما شربتم لذكري . فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس ، تخبرون بموت الرب إلى أن يجئ " ( 1كو11 : 23 : 26 ) .

ونلاحظ من قول القديس بولس الرسول ملاحظتين :

1 ـ أن الرسول تسلم السر من الرب ، وسلمه لآخرين .

2 ـ كما نلاحظ أن العبارات التي قالها في رسالته هي نفس العبارات التي نقولها في القادس حالياً . مما يدل على أن صلوات القداس هي تسليم إلهي رسولي .

يقال إن أقدم قداس ، هو قداس القديس يعقوب أسقف أورشليم .

والقديس يعقوب ( الصغير ) بن حلفي هو واحد من الإثني عشر ( مت10 : 3 ) . وبينما كان باقي الرسل أساقفة مسكونيين أو توزعوا على بلاد العالم ، إلا أن القديس يعقوب الرسول بقي في أوشيلم أسقفاً لها . وقداسه كان يمارس به سر الإفخارستيا في بدء الكنيسة الأولي في أورشليم .

ومن القداسات القديمة أيضاً قداس مارمرقس الرسول .

الذي كان يصلي به في الإسكندرية 0 أنظر كتابنا عن مارمرقس الرسول الفصل الخاص بالقداس ) . وبمرور الوقت أضيفت إضافات كثيرة على هذا القداس ، وبخاصة في عهد القديس كيرلس الكبير عمود الدين ، وسمي بالقداس الكيرلسى ، وهو أحد القداسات الثلاثة المحفوظة في كنيستنا .

وتوالت القداسات وكثرت ، وضعها الرسل والآباء الكبار .

ولدينا القداس الباسيلى ، للقديس باسيليوس الكبير رئيس أساقفة قيصارية كبادوكيا . والقداس الغريغوري للقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات . وكلاهما من آباء القرن الرابع الميلادي .

وبعض الكنائس تصلي بقداس القديس يوحنا ذهبي الفم ، وهو في أواخر القرن الرابع . ومما يجدر الإشارة إليه أن المتنيح القمص مرقس داود ترجم 14 قداساً للآباء القدامى . وتستخدم تلك القداسات في الحبشة .

صلب هذه القداسات واحد . لكن يوجد تغيير في الصياغة .

فمثلاً القداس الغريغوري موجه للإبن ، بينما القداس الباسيلى موجه إلى الآب . في كل منهما توجد مثلاً صلاة صلح . ولكن صياغتها في الباسيلى غير صياغتها في الغريغوري في كل منهما توجد أواشى ، وتوجد قسمة ، ويوجد الجزء الخاص بحلول الروح القدس وتقديس السر ... إلخ . ولكن في الصياغة كل منهما له أسلوبه ...

وكما قلنا ، بمرور الوقت أضيفت إضافات :

إليه أسماء آباء الرهبنة الذين عرفوا في القرنين الرابع والخامس وما بعدهما . ولم تكن توجد أسماء أبطال الإيمان مثل أثناسيوس وباسيليوس وغريغوريوس ( من القرن الرابع ) ، وكيرلس وديسقورس ( من القرن الخامس ) ، وساو يرس الأنطاكي ( من القرن السادس ) .. إلخ .

وكيفية ممارسة سر الأفخارستيا ، موجودة في قوانين الرسل .

( 21 )

أسماء كنائس

سؤال

كثيراً ما تبني كنائس على أسماء شهداء ، فلماذا لا تبني كنائس على أسماء قديسين غير شهداء ؟

الجواب

ليست كل الكنائس على أسماء شهداء ...

أولاً : ما أكثر الكنائس المبنية على اسم القديسة العذراء .

والقديسة العذراء قد تنيحت وليست شهيدة ، وتكاد لا تخلوو مدينة في مصر أو بعض أحيائها إلا وفيها كنيسة على إسم القديسة العذراء مريم . وكذلك في بلاد المهجر .. وبعض أديرة الرهبان والراهبات على إسم العذراء أيضاً .

وهناك كنائس على أسماء رهبان .

كنائس كثيرة بنيت على إسم القديس الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان سواء في مصر أو في المهجر . والقديس الأنبا أنطونيوس لم يكن شهيداً . وكنائس أخري على إسم القديس الأنبا بولا ، أو القديس تكلا هيمانوت ...

كذلك هناك كنائس على أسماء ملائكة .

والملائكة بالطبع ليسوا شهداء .. وما أكثر الكنائس التي بنيت على إسم الملاك ميخائيل . وبعض الكنائس على إسم الملاك جبرائيل ، أو الملاك روفائيل .

كذلك توجد كنائس على أسماء بتوليين غير شهداء .

فمثلاً توجد كنائس على إسم القديس يوحنا الحبيب ، وهو الوحيد بين الرسل الإثني عشر الذي لم يمت شهيداً .

كذلك الكنائس التي بنيت على إسم القديس الأنبا رويس ، والقديس الأنبا برسوم العريان وأمثالهم .

كنائس أخري على أسماء بطاركة أو أساقفة .

مثل الكنائس التي بنيت على إسم القديس اثناسيوس الرسولى ، ولم يكن شهيداً .. وكنائس أخري على إسم القديس أنبا ابرآم أسقف الفيوم ، وكنائس على إسم القديس أوغسطينوس أسقف هبو ... وغيرهم وكلهم لم يكونوا شهداء .

بل هناك كنائس بنيت على أسماء علمانيين لهم أهميتهم :

مثال ذلك الكنائس التي بنيت على إسم الملك قسطنطين ، والملكة هيلانة . والكنائس التي بنيت على إسم القديس سمعان الدباغ ، وغيرهم .

لا تظن إذن أن كل الكنائس بنيت على أسماء شهداء . فما بنيت على إسماء غير الشهداء هي أكثر ...

( 22 )

علاقة القيامة بالخلاص

سؤال

من المعروف ان السيد المسيح مات على الصليب كذبيحة حب غير محدودة عن خطايا البشر ، أي أنه كان لابد أن يموت عن الإنسان المحكوم عليه بالموت ليخلصه .ولكن ما هي علاقة القيامة بالخلاص من الناحية اللاهوتية ؟

الجواب

لكي يؤمن الناس أن المسيح ذبيحة غير محدودة ، لابد من إثبات لاهوته ، فاللاهوت هو غير المحدود ، الذي يمكن أن يقدم كفارة غير محدودة ، تكفي لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور . وهذا هو السبب في التجسد الإلهي . ولكن إن كان المسيح قد مات ولم يقم ، فسوف يعتبره الناس شخصياً عادياً ، أمكن للموت أن ينتصر عليه ، بل أمكن للذين قدموه إلى الموت أن ينتصروا عليه . وهنا لا يثبت لاهوته ، وبالتالي لا يثبت قضية الخلاص ...

من أجل هذا القديس بولس الرسول في إصحاح القيامة " . وإن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل هو إيمانكم . أنتم بعد في خطاياكم . إذن الذين رقدوا في المسيح أيضاً قد هلكوا " ( 1كو15 : 17 ، 18 ) . ولهذا ايضاً كانت القيامة هي مركز تبشير الرسل الإثني عشر بعد يوم البندكستى ( أع1 : 22 ) ( أع4 : 2 ) " وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم " ( أع4 : 33 ) ...

فلما قام السيد المسيح ، كانت قيامته برهاناً عظيماً على لاهوته ، إذ أنه الوحيد الذي قام بذاته من بين الأموات ، دون أن يقمه أحد . في اليوم الثالث كما سبق وقال . وخرج من القبر المغلق الذي كان عليه حجر عظيم جداً ( مر19 : 4 ) وكان مختوماً وعليه حراس ( مت27 : 66 ) .

نقطة أخري وهي أن خطية الإنسان كانت عقوبتها الموت . وكان لابد لخلاصنا . أن يدفع ثمن الخطية الذي هو الموت . وبعد أن يخضع للموت ، ينتصر على الموت . لأنه لا يكفي فقط أن يخلصنا من الخطية ، بل أن يخلصنا أيضاً من الموت . وهكذا قيل " مخلصنا يسوع المسيح ، الذي أبطل الموت ، وأنار الحياة والخلود " ( 2تي1 : 10 ) ... فبموته داس الموت " وناقضاً أوجاع الموت ، إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه " ( أع2 : 24 ) . وبقيامته أعطي الطبيعة البشرية الرجاء أن تقوم من الموت . وكما قال القديس بولس الرسول " لأنه كما في آدم يموت الجميع ، هكذا في المسيح سيحيا الجميع .. المسيح باكورة ، ثم الذين للمسيح في مجيئه " ( 1كو15 : 22 ، 23 ) .

( 23 )

لماذا معمودية واحدة ؟

سؤال

لماذا نؤمن بمعمودية واحدة ، وبأن المعمودية لا تعاد ؟ ما الحكمة أو السبب في مثل هذا الإيمان ؟

الجواب

الإيمان بمعمودية واحدة هو تعليم كتابي رسولي ، حسبما ورد في الرسالة إلى أفسس " رب واحد ، إيمان واحد ، معمودية واحدة " ( أف4 : 5 ) .

أما الأسس التي بني عليه هذا الإيمان فهي :

*المعمودية هي موت مع المسيح ، كما قال القديس بولس الرسول " ام تجهلون أننا كل من أعتمد ليسوع المسيح ، اعتمدنا لموته ، فدفنا معه بالمعمودية للموت " ... ( رو6 : 3 ) وأيضاً ( كو2 : 12 ) . وطبيعي أن الإنسان يموت مرة واحدة .

*وبالمعمودية نصير أولاد الله ، إذ نولد من الماء والروح ( يو3 : 5 ) . وطبيعي أيضاً أن ألإنسان يولد مرة واحدة .

*وبالمعمودية نتخلص من الخطية الجدية وكل الخطايا السابقة ، فتغفر كلها لنا ، كما قال القديس بطرس الرسول " توبوا ، وليعتمد كل واحد منكم على إسم يسوع المسيح لغفران الخطايا .. " ( أع2 : 38 ) . ومادمنا قد تخلصنا من الخطية الأصلية ، فما الداعي للمعمودية مرة أخري ؟! إن الخطايا العرضية التى نقع فيها بعد ذلك ننال المغفرة عنها في سر التوبة ...

*وفي المعمودية يموت إنساننا العتيق ، وندخل في جدة الحياة ( رو6 : 6 ، 4 ) .. أي ننال التجديد ، أي تجديد الطبيعة . ومادمنا قد تخلصنا من هذا العتيق ، فلماذا تكرار المعمودية إذن ؟!

*وفي المعمودية ننال الخلاص ، حسب قول الرب " من أمن واعتمد خلص " ( مر16 : 16 ) زأيضاً حسب قول القديس بولس الرسول " .. بل بمقتضي رحمته خلصنا ، بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس " ( تي3 : 5 ) .

*إذن فقد أدت المعمودية عملها في هذا الغرض . فلا معني لتكرارها من أجله .

*لأجل هذا كله نذكر الإيمان بمعمودية واحدة ضمن بنود قانون الإيمان المسيحي . فنقول فيه " نؤمن بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا " .

( 24 )

هل يجوز تمجيد العذراء؟

سؤال

أليس المجد لله . ونحن نقول له " لك المجد .. " . لماذا إذن نمجد العذراء ؟ ونقول في ترتيلنا " مجد مريم يتعظم .. ملكوها في القلوب .. ؟

الجواب

المجد الذي يختص به الله وحده ، هو مجد الألوهية .

وهو الذي قال عنه " مجدي لا أعطية لآخر " ( أش42 : 8 ) .

ولكن الله يمجد أبناءه ورسله ومختاريه وشهداءه بأنواع أمجاد كثيرة .. وقد قيل إن الذين سبق فعرفهم ، سبق فعينهم .. وهؤلاء دعاهم .. وبررهم .. وهؤلاء مجدهم أيضاً ( رو8 : 30 ) .

كذلك فإن الرب قد وهب المجد ، لكل من يتألم من أجله . وينطق هذا على الشهداء والمعترفين ، ومن يتحملون الألم في الخدمة . وهكذا قيل :

" إن كنا نتألم معه ، فلكي نتمجد أيضاً معه " ( رو8 : 17 ) .

بل ما أعجب قول السيد المسيح للآب عن رسله :

" وأنا أعطيهم المجد الذي أعطيتني " ( يو17 : 22 ) .

فإن كان هذا قد قيل عن التلاميذ ، إلا يليق المجد بالسيدة العذراء التي هي أن روحية لكل هؤلاء ، بل هي أم لمعلمهم وربهم . فإن كان هذا قد قيل عن التلاميذ ، إلا يليق المجد بالسيدة العذراء التي هي أم روحية لكل هؤلاء ، بل هي أم لمعلمهم وربهم .

على أن المجد الذي يقدم للسيدة العذراء وللآباء الرسل وللشهداء لا يمكن أن يعتبر إنتقاصاً من مجد الله الذي خلق الإنسان للمجد . وأول مجد منحه الله لنا أنه خلقنا كشبه على صورته ومثاله ( تك1 : 26 ، 27 ) .

ثم هناك مجد آخر منحه الله للكهنوت . وهكذا قال الرب لموسي عن هرون أخيه رئيس الكهنة " اصنع ثياباً مقدسة لهرون أخيك للمجد والبهاء " ( خر28 : 2 ) . وبالمثل قال عن أبناء هرون الكهنة " .. وتصنع لهم قلانس للمجد والبهاء " ( خر2 : 40 ) .

إلا يليق بنا إذن أن نمجد العذراء ، الملكة القائمة عن يمين الملك ( مز45 : 9 ) ، التي جميع الأجيال تطوبها ( لو1 : 48 ) .

( 25 )

مصادر التقليد

سؤال

ما هي مصادر التقاليد المعتبرة في الكنيسة ؟

الجواب

1 ـ المصدر الأول هو قوانين الكنيسة . وتشمل قوانين الآباء الرسل وتعاليمهم ، وقوانين المجامع المسكونية والمجامع الإقليمية أو المكانية المقبولة في الكنيسة . وكذلك قوانين الآباء الكبار معلمي البيعة.

2 ـ المصدر الثاني هو طقوس الكنيسة ، لأنه تحمل العديد من الحقائق اللاهوتية ومن العقائد ، ومن الفهم الكنسي السيلم الذي أودعته الكنيسة في صلواتها وفي ليتورجياتها وبخاصة لو كانت هذه الطقوس قديمة جداً ، أو كان لها الطابع الرسولي الذي انتقل إليها في الطقس عبر الأجيال . لأن الطقوس هي حياة الكنيسة العملية في جو العبادة المقدس .

3 ـ التقاليد أيضاً حملتها إلينا اقوال الآباء الأول ، الذين عاشوا حياة الكنيسة وتعليمها في أزهي عصورها ، ونقلوا كل ذلك في كتاباتهم ...

4 ـ وقد تشمل التقاليد أيضاً ما تركته الكنيسة الأولى في سائر فنونها ، وبخاصة في العمارة والأيقونات . لأننا لا نستطيع أن نفصل الأيقونة عن العقيدة وعن التاريخ ، وما أكثر ما نفهمه من الأيقونات . وهذا موضوع طويل ، ليس الآن مجال شرحه .

والعمارة مثلاً تعطينا فكرة عقيدية : كان تكون المعمودية في الجزء البحري الغربي من الكنيسة . أو يكون جرن المعمودية صغيراً يدل على معمودية الأطفال ... إلخ .

( 26 )

عظم ولحم ودم

سؤال

جسدنا في القيامة العامة سيقوم بلحمه وعظامه ودمه ، كما قال السيد المسيح بعد قيامته " انظروا يدي ورجلي ، إني أنا هو . جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام ، كما ترون لي " ( لو24 : 39 ) .

فلماذا يكون جسدنا في القيامة لحماً وعظماً ، بدون دم ؟!

الجواب

يؤسفنى أن أقول إن مقدمة السؤال خطأ . وقد بني على هذا الخطأ السؤال عن الدم . والحقيقة هي :

إن جسدنا في القيامة سيكون جسداً روحياً .

وهذا ما قد ذكره القديس بولس الرسول في رسالته إلى كورنثوس ، فيما نسميه بإصحاح القيامة ( 1كو15 ) ، إذ قال عن جسد القيامة :

" يزرع في هوان ، ويقام في مجد .. يزرع جسماً حيوانياً ، ويقام جسماً روحانياً .. وكما لبسنا صورة الترابي ، سنلبس صورة الروحاني ايضاً ( 1كو15 : 43 ـ 49 ) . إلى أن ختم هذا التعليم بقوله :

" .. إن لحماً ودماً لا يقدر أن يرثا ملكوت الله "

" ولا يرث الفساد عدم فساد " ( 1كو15 : 50 ) .

لماذا تتكلم إذن عن اللحم والعظام والدم ؟! وسؤالك عن الدم غريب بعض الشيء ، لأن اللحم الحي فيه دم ، والعظم الحي فيه دم .. إنما المهم الذي ينبغي أن تعلمه ، هو أننا سوف لا نقوم بعظم ولحم ، وإنما بأجساد روحانية حسب تعليم الرسول .

سنقوم بجسد ممجد ن مثل جسد المسيح الممجد ، وذلك أيضاً حسب قول الرسول " .. ننظر مخلصاً هو الرب يسوع الذي سيغير شكل تواضعنا ، ليكون على صورة جسد مجده " ( في3 : 21 ) .

هذا الجسد الممجد هو نفس الجسد ، ولكن في حالة من التجلي ..

إذن ماذا عن اللحم والعظام في القيامة السيد المسيح ؟

إنها حالة استثنائية استلزمها قيامة السيد له المجد . لأن التلاميذ ظنوه خيالاً ، أي مجرد روح أو شبح ( لو24 : 37 ) . فأراد أن يثبت لهم قيامة جسده من الأموات ، باستبقاء ما أمكنهم جسه من لحم وعظام !! أما جسده الممجد ، فظهر في دخوله من الأبواب المغلقة للقاء تلاميذه في العليه ( يو20 : 19 ، 26 ) . وكذلك في صعوده إلى السماء ( أع1 : 9 ) . بل إن خروجه من القبر المغلق أثناء القيامة يثبت ذلك أيضاً .

لذلك نصيحتي لك أيها الابن المبارك :

لا تقرأ من الكتاب آية واحدة ، أو فصلاً واحداً ، إنما اقرأ كل ما يتعلق بالموضوع الذي تدرسه .

إلى جوار ( لو24 : 39 ) اقرأ ( 1كو15 : 43 ـ 50 )

واقرأ أيضاً ( فى3 : 21 ) ، وكذلك ( يو20 : 19 ، 26 ) . وإيضاً ( أع1 : 9 ) .

( 27 )

صلاة الغائب

سؤال

حضرت صلاة في إحدي الكنائس ، ولم يكن هناك صندوق ولا جثة . وقيل إنها صلاة الغائب . فهل هذا جائز طقسياً ؟

الجواب

نعم . يوجد في الطقس ما يسمي بصلاة الغائب .

ذلك لأنه في بعض الأحيان قد لا توجد الجثة .

مثل إنسان مات في حادث طائرة ، أو غرف في سفينة في المحيط ، أو في زلزال ، أو في نسف مكان أثناء الحرب ، أو في أية كارثة مشابهة . ولم يمكن العثور على الجثة وحينئذ يمكن الصلاة على روحه صلاة الغائب . وهي صلاة جناز كامل ...

وأتذكر أنني صليت صلاة الغائب على الإمبراطور هيلاسلاسى .

وذلك في الكاتدارئية الكبري بالقاهرة بعد إعلان وفاته باعتباره من أبناء الكنيسة القبطية . وكان أثناء حكم منجستو الشيوعي لأثيوبيا . ولم يكن أحد يعرف أين دفن الإمبراطور !! وقد اشترك في هذه الصلاة معي مطران من نيودلهى بالهند ، مارغريغوريوس . وكان من بين الحاضرين الوزير السابق الأستاذ مريت غالي ( المتنيح ) .

وليس غريباً أن نصلي على الذين فارقوا عالمنا الفاني ، في غياب جثثهم .

فنحن باستمرار نصلي أوشية الراقدين ، عن الموتي عموماً ، حيث لا توجد جثة . وكذلك كل ترحيم نصليه في أي قداس ، هو صلاة على أحد الراقدين أو عن بعضهم ، حيث لا توجد جثة أيضاً .

والصلاة أصلاً عن النفوس ، وليس عن الأجساد ...

ونحن في كل جناز ، نقول " هذه النفس التي اجتمعنا بسببها اليوم .. يارب نيحها في فردوس النعيم " ..

و نحن لا نطلب النياح للجسد الذي سيأكله الدود ويتحول إلى تراب ، إنما نطلب النياح للروح التي لم تمت ، سواء كان الجسد الميت موجوداً أو غير موجود ...

وحتى في حالة حضور الجسد الميت ، تكون الصلاة من أجل الروح . والذين يذهبون إلى المقابر للصلاة من أجل موتاهم ، تكون صلواتهم من أجل نياح ( راحة ) أرواحهم ، وليس من أجل نياح الجسد .

إن الأجساد ، أو العظام الباقية منها ، ما هي إلا لتذكرنا بالأرواح التي كانت تسكنها ، والتي هي لا تزال حية ...

( 28 )

التجسد والظهور

سؤال

هل كان لله تجسدات في العهد القديم ، قبل تجسده من القديسة العذراء مريم في العهد الجديد ؟ وهل كان ظهوره لكثير من الأنبياء مثل إبراهيم وموسى ، واشعياء حزقيال ودانيال أنبياء الله كانت كلها تجسدات ؟

الجواب

يجب أن نفرق تماماً بين التجسد والظهورات .

عبارة تجسد ، معناها أخذ جسداً . أما الظهورات فمعناها أخذ شكلاً ظهر به .

وقد أخذ الرب شكل ملاك الرب ظهر به لموسي في العليقة ( خر3 : 2 ، 3 ) . واخذ أيضاً شكل ملاك الرب ظهر به لمنوح حينما بشره بميلاد شمشون ( قض13 : 3 ) . وظهر أيضاً على عرشه وحوله السارافيم ، كما ظهر لأشعياء ( أش6 : 1 ، 2 ) وظهر بشكل إبن إنسان كما رآه دانيال ( دا7 : 13 ) . وظهر أيضاً لأبينا إبراهيم كإنسان ومعه رجلان عند بلوطة ممرا ( تك18 : 2 ) . كذلك ظهر لأبينا يعقوب بهيئة إنسان صارعه حتى الفجر ( تك32 : 24 ، 30 ) .

ولكن هذه كلها ظهورات .. أما تجسده من العذراء مريم فهو ناسوت كامل ، أخذ كل مراحل الحمل . وبعد الولادة أخذ كل مراحل النمو كإنسان ( لو2 : 52 ) .

وهذا لم يحدث بالنسبة إلى ظهوره لأحد من الآباء والأنبياء . وإنما هو شكل ظهر له ثم اختفي . أما كون الشكل له وجه أويد وما إلى ذلك ، هذا من لوازم الشكل الذي ظهر به ... أما عن كيف صارع يعقوب ، فهذه قوة من الله شعر بها يعقوب ، ولكنها ليست تجسداً .

أما من جهة تجسده من العذراء ، فكان له طبيعة التجسد : ومنها تألمه وسفك دمه ، وموته ، وقيامته وصعوده .

وأيضاً بعد قيامته رآه تلاميذه ، وحبسوه بأيديهم كما في ( لو24 : 39 ) ، ( يو20 : 27 ) . وهكذا تظهر الطبيعة البشرية كاملة . كما أن هذا الناسوت عاش مع الناس سنوات طويلة ، وليس مثل ظهورات كان يبدو فيها أمام الناس لمدة لحظات أو دقائق ثم يختفي ولا يرونه بعد ...

كذلك فتجسده من العذراء باق لم يفن ولم يزل ..

وقد قال للص اليمين " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو23 : 43 ) . وقال بولس الرسول " لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ، ذاك أفضل جداً " ( فى2 : 23 ) . وقد رآه يوحنا الحبيب في سفر الرؤيا أكثر من مرة .

أما الظهورات فقد انتهت بوقتها ، وليست لها استمرارية كالتجسد .

لعله قد وضـح بعد كل هذا ، أن هناك فرقاً أو فروقاً عديدة بين التجس والظهورات التي في العهد القديم .

( 29 )

نوعية موت المسيح

سؤال

لقد تعلمنا منكم أنه عندما حكم على الإنسان بالموت ، كانت هناك أنواع من الموت هي : الموت الروحي وهو الإنفصال عن الله ، والموت الأدبي ، وهو فقدان الصورة الإلهية والموت الجسدي وهو إنفصال الروح عن الجسد .

ونحن نقول إن السيد المسيح قد فدانا ومات نيابة عنا . ولكن السيد المسيح مات موتاً جسدياً فقط . وبقي الموت الروحي والأدبي بلا فداء !

الجواب

هناك نوع رابع من الموت لم تذكره ، وهو الموت الأبدي ، وهذا هو الذي تعلق بالخلاص الذي قدمه السيد المسيح بالفداء على الصليب .. والموت الأبدي يعني الهلاك الأدبي .

فكلنا كنا تحت حكم هذا الموت الأبدي . وكما قال القديس بولس الرسول " كنتم أموتاً بالذنوب والخطايا " ( أف2 : 1 ) . وقال أيضاً " ونحن أموات بالخطايا ، أحياناً مع المسيح " ( أف2 : 5 ) .

هذا الموت الأدبي . فدانا منه السيد المسيح بموته ، إذ كانت كفارته كافيه لغفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور .

أما من جهة الموت الأدبي والموت الروحي فهذا شأن الخطاة ، وما كان ممكناً أن يموته المسيح ، لأنه قدوس بلا خطية . ولو كانت له خطية ، ما كان ممكناً أن يفدينا . لأن الذي له خطية يموت عن خطيته . أما الذي بلا خطية ( المسيح ) فيمكن أن يموت عن الآخرين . إذ ليست له خطية يدفع ثمنها بالموت . فهو إذن يدفع ثمن خطايا الآخرين .

والموت الروحي ، الذي هو الإنفصال عن الله ، يمكن أن يتخلص مه الإنسان بالرجوع إلى الله ، أي بالتوبة . أما فقدان الصورة الإلهية ، فقد جاء السيد المسيح في كمال بره وقاسته ليعيد إلينا الصورة الإلهية ، حتى نتمثل به فيها .

( 30 )

هل الروح تنمو ؟

سؤال

نحن نعلم أن روح الإنسان تولد مع جسد الإنسان من لحظة الحمل به . ولكن الجنين ينمو من نطفة صغيره إلى أن يكمل جسداً .

فهل روح الإنسان تنمو بنمو جسده ؟

أم الروح جوهر لا ينمو ؟

الجواب

ولماذا تتكلم فقط عن الجنين ؟ فكل إنسان يولد كطفل ، ثم ينمو كفتي ثم شاباً ثم رجلاً . وهكذا الإثاث . فهل تكبر الروح في كل مراحل نمو العمر ؟

إن الروح هي الروح ، تمنح حياة للإنسان أياً كان عمره .

إن الروح هي الروح ، تمنح حياة للإنسان أياً كان عمره .

ونمو الروح ليس هو النمو في القامة الجسدية .

إنما هو نمو في المعرفة ، وفي الصلة بالله .

ليس هو نمواً في الحجم ، إنما في الحالة والنوعية ، في الفضيلة والبر والقداسة . ومحبة الله ...

 1-

هل الإنسان مخير أم مسير ؟

سؤال