الفصل الرابع الشفاعة

أمثلة للشفاعة

هل يعرف الملائكة والقديسون حالتنا

دالة القديسين عن الله 

روحانية التشفع بالقديسين

شفاعتان

البروتستانت ينكرون الشفاعة كلية سواء بالعذراء ا, القديسين ، ويعتمدون في ذلك علي قول يوحنا الرسول

{لنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار } {1يو1:2}.وأيضاً قول الرسول { لأنه يوجد إله واحد ، ووسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح }{1تي1:2}.

1-    والحقيقة أن هناك فارقاً أساسياً كبيراً بين شفاعة المسيح وشفاعة القديسين : فشفاعة المسيح شفاعة كفارية ..

أي أن السيد المسيح يشفع في مغفرة خطايانا باعتباره الكفارة التي نابت عنا في دفع ثمن الخطية .

 فكأن شفاعته معناها أن يقول للآب {أترك لهم حساب خطاياهم ، لأني حملت عنهم هذه الخطايا }{اش6:53}. وهكذا يقف وسيطاً بين الله والناس . بل أنه الوسيط الواحد الذي وقف بين الله والناس : أعطي الآب حقه في العدل الإلهي ، أعطي الناس المغفرة ، بأن مات عنهم كفارة عن خطاياهم .

وهذا هو المعني الذي يقصده القديس يوحنا الرسول ، فهو يقو {إن أخطأ أحد ، فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار ، وهو كفارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً }{1يو2: 1،2}. هنا تبدو الشفاعة الكفارية واضحة ، فهي شفاعة في الإنسان الخاطي {إن أخطأ أحد } وهذا الخاطئ يحتاج إلي كفارة . والوحيد الذي قدم هذه الكفارة هو يسوع المسيح البار . لذلك يستطيع أن يشفع فينا ، بدمه المسفوك عنا .

ونفس المعني أيضاً يحمله قول بولس الرسول عن السيد المسيح باعتباره الوسيط الوحيد بين الله والناس . فيقول في ذلك { وسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح ، الذي بذل نفسه فديه لأجل الجميع }{1تي5:2}.

فهو هنا يشفع باعتباره الفادي الذي بذل نفسه ودفع خطايانا .

هذا اللون من الشفاعة لا نقاش فيه مطلقاً . إنه خاص بالمسيح وحده أما شفاعة القديسين في البشر فلا علاقة لها بالكفارة ولا الفداء . وهي شفاعة فينا عند السيد المسيح نفسه .

2-    شفاعة القديسين فينا هي مجرد صلاة من أجلنا ولذلك فهي شفاعة توسلية غير شفاعة المسيح الكفارية .

والكتاب يوافق عليها ، إذا يقول { صلوا بعضكم لأجل بعض }{يع16:5}. والقديسون أنفسهم كانوا يطلبون صلوات الناس عنهم . فالقديس بولس يقول لأهل تسالونيكي { صلوا لأجلنا}{2تي1:3} . ويطلب نفس الطلبة  من العبرانيين {عب18:13}. ويقول لأهل أفسس {مصلين بكل صلاة وطلبة .. لأجل جميع القديسين ، ولأجلي لكي يعطي لي كلام عند افتتاح فمي }{أف18:6}. وطلب الصلاة لا حصر له في الكتاب المقدس .

فإن كان القديسون يطلبون صلواتنا ، أفلا نطلب نحن صلواتهم ؟

وأن كنا نطلب الصلاة لأجلنا من البشر الأحياء ، الذين لا يزالون في فترة الجهاد {تحت الآلام مثلنا }. أفلا نطلبها من القديسين الذين أكملوا جهادهم ، وأنتقلوا إلي الفردوس ، يحيون فيها مع المسيح ..

وهل هؤلاء قلت مكانتهم بعد أنتقالهم من الأرض إلي الفردوس . بحيث كان يحوز لنا أن نطلب صلواتهم  وهم علي الأرض . واصبحت  صلواتهم محرمة وهم قريبون من الله في الفردوس .

وأن كنا نطلب صلوات البشر ، هل كثير أن نطلب صلوات الملائكة ؟ !

أمثلة للشفاعة

3- إن الله يطلب من الناس شفاعة الأبرار فيهم .

يطلب ذلك بنفسه ويقبله ويفسح له مجالاً لكي يحدث . وسأضرب بعض أمثلة لهذه الشفاعات التي قبلها الله :

أ)* قصة أبينا إبراهيم وأبيمالك الملك :م

لقد أخطأ أبيمالك وأخذ سارة زوجة إبراهيم ، وضمها إلي قصره وفعل ذلك بسلامة قلب ، لأن إبراهيم كان قد قال عنها أنا أخته . فظهر الرب لأبيمالك في حلم ، وأنذره بالموت . ثم قال له {{ فالآن رد إمراة الرجل . فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا }}{ تك20: 1-7}.

كان يستطيع أن يغفر للرجل ، بمجرد رده للمرأه إلي زوجها ، ولكنه اشترط للمغفرة ، أن يصلي إبراهيم لأجله ، فتحيا . وهكذا نري أن الله اشترط وطلب شفاعة إبراهيم في أبيمالك .

ب)* قصة أيوب الصديق وأصحابه الثلاثة} أي42 {.

بنفس الطريقة أشترط الرب شفاعة أيوب الصديق أصحابه الثلاثة و صلاته من اجلهم لكي يغفر الرب لهم . وفي هذا يقول الكتاب {إن الرب قال لأليفاز التيماني قد أحتمي غضبي عليك وعلي صاحبيك . والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش ، واذهبوا إلي عبدي أيوب واصعدوا محرقة . وعبدي أيوب يصلي من أجلكم ، لأني أرفع وجهه لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم }{أي42: 7،8}.

في كلا الحادثين ، الله يكلم الشخص بنفسه ، ولكنه لا يعطيه غفراناً مباشراً ، وإنما يشترط صلاة القديس من أجله ، لكي ينال المخطئ هذا الغفران ، ولكي يرفع الله وجه هذا القديس ويعطيه كرامة أمام الناس . ويقبل الله هذه الوساطة ، بل يطلبها .

ج)* شفاعة إبراهيم في سادوم :

كان يمكن لله يعاقب سادوم ، دون تدخل أبينا إبراهيم في الموضوع . وإبراهيم لم يتدخل من نفسه ، وإنما الرب هو الذي عرض عليه الأمر وأدخله فيه ، وأعطاه فرصة للتشفع في هؤلاء الناس ، وقبل شفاعته . وسمح أن تسجل لنا هذه الحادثة ، لكي يرفع وجه إبراهيم أمام العالم كله ، ويرينا الله كيف يكرم قديسيه .. وفي هذا قال الكتاب : {فقال الرب هلي أخفي عن إبراهيم ما أنا أفعله ؟{ تك17:18}.

وعرض الرب موضوع سادوم علي إبراهيم وأعطاه فرصة أن يتشفع فيها ، عسي أن يوجد في المدينة خمسون ، أو 45، أو 40، أو 30، أو 20، أو 10، فلا يهلك الرب المدينة من أجل هؤلاء .

ومجرد أن الرب لا يهلك المدينة من أجل هؤلاء الأبرار الذين في المدينة لا يعطينا فقط مجرد فكرة عن كرامة إبراهيم أمام الرب ، إنما أيضاً كرامة هؤلاء الأبرار أمام الله .

{{فقال الرب : إن وجدت في سادوم خمسين باراً .. فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم }} {لأ أفعل من أجل الأربعين ..} لا أهلك من أجل العشرين }{لا أهلكهم من أجل العشرة }{تك18: 26إلي 32}.

إن عبارة { من أجل ..}لها قيمتها اللاهوتية الدالة علي إنقاذ الله لأشخاص ، من أجل آخرين وتعطي دلالة وأضحة علي وساطة الأبرار من أجل الخطاة ، وقبول الله هذه الوساطة ، حتي أن يطلب هؤلاء وأولئك ..

د)* شفاعة موسى في الشعب :

أراد الله أم يهلك الشعب لعبادة العجل الذهبي . ولكنه لم يفعل مباشرة ، وإنما عرض المر علي موسى النبي ، وأعطاه فرصة للشفاعة فيهم وقبل شفاعته .

وكما قال له إبراهيم ر حاشاك يارب }، قال له موسى { ارجع يارب عن حمو غضبك } .

وأندم علي الشر بشعبك اذكر إبراهيم واسحق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم ..} {خر32: 7-14}.

هـ – هذه أمثلة صلوات الذين انتقلوا فلهم مكانة أكبر لدرجة أن الله كان يرحم الناس من أجلهم حتي دون أن يصلوا . فكم بالأولي إن صلوا لأجل أحد :

ومن أمثلة ذلك ما فعله الرب من أعمال الأشفاق والرحمة من أجل داود عبده بسبب خطية سليمان . قرر الله يمزق مملكته .؟ ولكنه يقول له عن تقسيم المملكة .  أحياء من أجل أحياء . أما الالذال

{ إلا أنني لا أفعل ذلك في أيامك من أجل داود أبيك ، بل من يد ابنك أمزقها . علي أني لا أمزق منك الملكة كلها ، بل أعطي سبطاً واحداً لابنك ، لأجل داود عبدي ، ولأجل أورشليم التي اخترتها }{1مل11: 12،13}. ويكرر الرب نفس الكلام في حديثه مع يربعام { هأنذا أمزق المملكة من يد سليمان وأعطيك عشرة أسباط . ويكون سبط واحد من أجل داود عبدي ، ومن أجل أورشليم التي اخترتها }{1مل11: 31،32}…

{ ولا آخذ كل المملكة من يده ، بل أصيره رئيسا واحد كل أيام حياته ، لأجل داود عبدي لهذا قال المرتل { من أجل داود عبدك لا ترد وجهك عن مسيحك }{مز10:132}. إن كنت هكذا مكانة داود عند الرب ، فكم بالأكثر تكون العذراء ، والملائكة ومكانة يوحنا المعمدان أعظم من ولدته النساء ، وكم تكون مكانة الشهداء الذين تعذبوا وذاقوا الموت من أجل الرب .

لذلك ، مادمنا نطلب صلوات رفقائنا علي الأرض ، فلماذا لا نطلب صلوات أولئك الذين { يضيئون كالكواكب إلي أبد الدهور }{دا3:12}. ولماذا لا نطلب صلوات اولئك الذين جاهدوا الجهاد الحسن ، وأكملوا السعي  وحفظوا الإيمان} {2تي7:4}. وأن كانت الشفاعة – وهي صلاة – تعتبر وساطة ، وإن كانت كل وساطة غير مقبولة ، تكون إذن كل صلاة إنسان من أجل إنسان آخر هي أيضاً وساطة مرفوضة إذ لنا وسيط وأحد …!

ويرفض وساطات الصلاة ، يكون الرسول إذن قد أخطأ {حاشا } حينما قال { صلوا بعضكم لأجل بعض} {يع16:5}،علي اعتبار أن العلاقة بين الإنسان  والله ، علاقة مباشرة ، وهي في ظل الحب الإلهي لا تحتاج إلي صلاة من أحد …!

وبالتالي تكون كل الصلوات من أجل الآخرين التي وردت في الكتاب لا معني لها وضد الحب الإلهي !!

لأن الله يحب الناس ، وهو غير محتاج إلي الآخرين يصلون عن أولاده ويذكرونه برعايته الأبوية لهم وبحبه الأبوي !

ويكون هؤلاء أيضاً قد أساءوا فهم القصد الإلهي ، حينما طلب الله من أبيمالك  أن يصلي عنه إبراهيم {تك7:20}. وحينما طلب من أصحاب أيوب أن يصلي عنهم أيوب {8:42}.

إن صلوات البشر بعضهم لأجل بعض { منتقلين ومجاهدين } دليل علي المحبة المتبادلة بين البشر ودليل علي إيمان البشر الأحياء بأن الذين انتقلوا ما يزالوا أحياء يقبل الله صلواتهم ، دليل علي إكرام الله لقديسيه .

من أجل هذا سمح الله بهذه الشفاعات ، لفائدة البشر . وهذه الشفاعة أقامت جسراً ممتداً بين سكان الأرض . ولم تعد السماء شيئاً مجهولاً مخفياً في نظر الناس . واصبح  للناس إيمان بالأرواح وعملها ومحبتها .

هناك سؤال هام كثيراً ما يقدمه منكرو الشفاعة وهو :

هل يعرف الملائكة والقديسون حالتنا علي الأرض ؟

ونجيب علي هذا السؤال بنعم . أما الأدلة فهي :

أ- لا شك أن معرفة السماء أكثر من معرفة الأرض .

لذلك من المذهل أن يسأل أحد : هل القديسون في السماء يعرفون أخبارنا وصلواتنا علي الأرض ؟

هوذا بولس الرسول يجيب ويقول { فإننا ننظر في مرآة في لغز لكن حينئذ وجهاً لوجه ، الآن أعرف بعض المعرفة ، لكن حينئذ سأعرف كما عرفت }{1كو12:13}.

إذن معرفتنا في العالم الآخر ستزيد ، وستنكشف لنا أسرار كثيرة عندما نخلع هذا الجسد المادي الذي يقيد الروح ، حينئذ ، هناك ستتسع معرفة الروح ، وستخرج من نطاق {بعض المعرفة } إلي مجال أوسع .

يضاف إلي هذه المعرفة ، ما يعلنه الرب للأرواح ، أي ما يدخل في نطاق الكشف الإلهي .

ب- معرفة الملائكة واضحة من قول الرب أنه { يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من 99 باراً لا يحتاجون إلي توبة { }لو10:15{.

ومعني هذا أن أخبار الأرض تصل إلي سكان السماء، سواء كانوا ملائكة أو أرواح قديسين . فيعرفون من يتوب ، ومن لا يحتاجون إلي توبة ، ويسرون لتوبة الخاطئ لأنهم إن كانوا لا يعرفون فكيف سيفرحون ؟!

ج- الملائكة تعرف صلواتنا ، لأنها تحمل صلواتنا إلي عرش الله .

والشهادات كثيرة علي هذا في سفر الرؤيا .

ورد في سفر الرؤيا {8: 3-5}: { وجاء ملاك آخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب ، وأعطي بخوراً كثيراً لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم علي مذبح الذهب الذي أمام العرش ، فصعد البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله }.

وهنا تري صلوات القديسين تصعد أمام الله ، من يد الملاك ومبخرته . فكيف لا يعرفها ..؟

وكما يعرف الملائكة صلواتنا ويعرفونها ، كذلك الحال ايضاً بالنسبة إلي الأربعة والعشرين قسيساً :

ورد في {رؤ8:5}عن الأربعة والعشرون قسيساً : {ولهم كل واحد قيثارات ، وجامات من ذهب ، مملؤءة بخوراً هي صلوات القديسين ، داخل مجامرهم يرفعونها إلي الله . وهذا دليل علي معرفتهم لهذه الصلوات التي يرفعونها إلي الله . ولا شك أنه مما يمكن أن يقال ايضاً ذكر { ملائكة الأطفال } حيث قال الرب { أنظروا لا تحتقرا احد هؤلاء الصغار ، لأني أقول لكم أني ملائكتهم في السموات كل حين ينظرون إلي وجه أبي الذي في السموات {مت10:18}

د- مثال آخر هو قصة إبراهيم  والغني ولعازر} لو16{ . 

قال إبراهيم للغني { أذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك ، وكذلك لعازر البلايا }{لو25:16}. فمن أين عرف إبراهيم البلايا التي احتملها لعازر المسكين ، ومن أين عرف تنعم الرجل الغني ؟ وكيف قال عن أهل الغني انه { عندهم موسى والأنبياء ، بينما أبونا إبراهيم انتقل من الأرض قبل موسى بمئات السنين ، وقبل باقي الأنبياء ، ولكنه عرف هذا كله ؟

وكيف لا يعرف إبراهيم ، وهو الذي قال عنه الرب { {رأي يومي ففرح }{يو56:8}.

شهادة من أنفس الذين استشهدوا :

يقول القديس يوحنا في سفر الرؤيا {6: 9-11}.إنه لما فتح الختم الخامس ، رأي نفوس الذين استشهدوا تحت المذبح ، يصرخون بصوت عظيم قائلين { حتي متي أيها السيد القدوس والحق ، لا تقضي وتنتقم لدمائنا من المساكين علي الأرض ؟ فاعطى كل واحد ثياباً بيضاً ، وقيل لهم أن يستريحوا زماناً قليلاً حتي يكمل العبيد رفقاؤهم سلسلة الشهداء …

إذن فهؤلاء قد عرفوا – بعد وفاتهم – ان الرب لم ينتقم لهم بعد . وهم يصرخون إلي الله : إلي متي يترك الشر ينتصر في الأرض ؟ وإلي متي تترك الأقوياء بالجسد يحطمون أولادك ؟ وإلي متي سيسفكون هذه الدماء ؟ فمن أين لهؤلاء أن يعرفوا كل هذا ؟

أنهم يعرفون . وعندما سيكمل العبيد رفقاؤهم ، سيعرفون ..

قصة عجيبة عن إيليا النبي }2أي21{.

تروي القصة أن يهورام الملك قتل جميع أخوته ، وسلك في الفساد في طريق آخاب الردية ، وأقام مرتفعات للأصنام ، وعمل الشر في عيني الرب ..

وإذ بكتابة من إيليا النبي تصل إليه .. كان إيليا قد ترك الأرض ، وصعد إلي السماء منذ سنوات خلت .

{ أتت إليه كتابة من إيليا النبي تقول : هكذا قال الرب إله داود أبيك : من أجل أنك لم تسلك في طريق يهوشافاط أبيك وطرق آسا ملك يهوذا ، بل سلكت في طرق ملوك إسرائيل .. وقتلت أيضاً أخوتك من بيت أبيك الذين هم أفضل منك ، هوذا الرب يضرب شعبك وبنيك ونساءك وكل مالك ضربة عظيمة ..}{2أي21: 12-14}.

كيف حدث كل هذا ، وكيف عرف إيليا كل هذه الأخبار بعد انتقاله من الأرض ؟ وكيف أرسل كتابه إلي يهورام ينذر فيها بأن الرب سيضربه وأهله وشعب ضربة عظيمة بسبب خطاياه .. ؟

هل بعد هذا نتكلم عن معرفة القديسين ؟

5- أمور تشرح عظمة القديسين ومعرفتهم ورسالتهم :

I-     صموئيل النبي في حياته استشير في موضوع الأتن الضائعة {1صم9}. وقيل

أ- {هوذا رجل الله في هذه المدينة ، والرجل مكرم . كل ما يقوله يصير . لنذهب الآن إلي هناك لعله يخبرنا عن طريقنا التي نسلك فيها }{1صم9-6}.

فإن رجل الله – وهو علي الأرض – يكشف له الله الخفيات .. فكم بالأولي حينما يكون بالروح طليقة في السماء ، مع الله ؟!؟

II-  لقد عرف أليشع  وهو علي الأرض – بما فعله جيحزي في الخفاء ، حين أخذ هدايا من نعمان السرياني {2مل5: 15-27}.

جـ – وقال عنه واحد من عبيد ملك آرام لسيده الملك { أليشع النبي الذي في إسرائيل ، يخبر ملك إسرائيل بالأمور التي تتكلم بها في مخدع مضجعك }{2مل12:6}.

د. وقد عرف أليشع – هو في الجسد الخفاء – له هذه الموهبة المجاعة – أن ملك إسرائيل قد أرسل رسولاً يقتله {2مل32:6}.

فإن كان إليشع – هو في الجسد – له هذه الموهبة التي يعرف بها أشياء في الخفاء فكم بالأولي تكون معرفته بعد خلع الجسد ، وهو في السماء .

هـ- بنفس الوضع عرف القديس بطرس الرسول بأنه بعد ذهابه ستدخل بين أهل أفسس ذئاب خاطفه لا تشفق علي الرعية {أع29:20}.

فإن كان الرسل يعرفون هذه المعرفة وهو الأرض ، فكم بالأولي سيكشف الله لهم في السماء ؟!

إن هؤلاء القديسين لهم معرفة ولهم رسالة من أجل الناس . كما أن حياتهم التي كانت علي الأرض ، لم تنته بذهابهم إلي السماء .

نحن نطلب تدخلهم أكثر مما نطلب من الذين يجاهدون مثلنا علي الأرض ولم يصلوا بعد …

6- أمثلة أخري عن عظمة هؤلاء القديسين :

    إن كانت عظام أليشع النبي . قد أستطاعت أن تعمل عملاً ، وتكون بركة لقيام ميت ، بمجرد الملامسة ، بدون صلاة ، وهي عظام لا روح فيها {2مل21:13}. فكم بالأكثر إذن تكون روح أليشع ، ولا شك أنها أقوي من عظامه قدرة ، ومعرفة ، وحياة ، ودالة عند الله ! وكم تكون إذن أرواح أمثال أليشع من القديسين .

ب – إذا كانت المناديل والعصائب التي علي جسد بولس الرسول لها بركة لشفاء المرضي واخراج الأرواح الشريرة {أع13:19} فكم بالأولي روح بولس الرسول وأرواح أمثاله من القديسين

7- القديسون الذين انتقلوا ، مازالوا أحياء :

وقد شرح الرب ذلك بقوله للصدوقيين { أما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب . وليس الله إله أموات بل إله أحياء }{مت22: 31،32}.

إذن هؤلاء القديسون لا يزالون أحياء . لماذا نعتبرهم موتي فلا نطلب صلواتهم ؟!

لا ننسي أيضاً ظهور موسى وإيليا مع الرب علي جبل التجلي – موسى هذا الذي كان قد مات بالجسد منذ حوالي أربعة عشر قرناً ، هو ما يزال حياً مع الرب تماماً مثل إيليا الذي صعد إلي السماء . إن أرواحهم لم تمت بل هي في الفردوس وهي تري أكثر مما نري نحن.

8- أمثلة من شفاعة الملائكة :

نري في سفر زكريا النبي مثالين لشفاعة الملائكة هما :

أ- شفاعة ملاك الرب في أورشليم ، إذ صلي وقال { يارب الجنود إلي متي أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا التي غضبت عليها هذه السبعين سنة }{زك12:1}.

فإن كان ملاك الرب بالأكثر يشفع هكذا في أورشليم حتي دون تطلب هذا منه ، فكم بالأكثر إن طلبن صلواته ؟!

ب- شفاعة ملاك الرب في يهوشع الكاهن ، ووقوفه ضد الشيطان الذي يقاومه وقوله له

{لينتهرك الرب يا شيطان ، لينتهرك الرب  أفليس هذا شعلة منتشلة من النار{زك3: 1،2}.

أ‌-      مثال آخر من سفر التكوين هو : حراسة الملاك لابينا يعقوب وتخليصه له . وقد تحدث عن هذا فقال عند مباركة أفرايم ومنسي { الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك الغلامين }{تك16:48}.

د- لا تنسي أيضاً قول الكتاب عن الملائكة أنهم {أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص }{عب14:1}. فإن كان لهم عمل من أجل البشر علي الأرض ، ألا يكون لهم نفس العمل في السماء ؟!

دالة القديسين عند الله

أ) إننا نطلب شفاعة القديسين من أجل الدالة العظيمة التي لهم عند الله . ومن أجل إمكانياتهم الواسعة بعد خروجهم من الجسد ، وطاقاتهم الروحية الأكثر قدرة ومن أجل محبة الله لهم وتكليفه لهم بأعمال رحمة وخدمة للبشر ،ومن أجل معرفتهم وهم خارج الجسد بشكل أوسع بكثير من معرفتهم وهم في الجسد .

ب) ونحن نذكر في هذه الدالة للقديسين كيف أن الله كان أحياناً يتسمى بأسمائهم ، فيقول { أنا إله إبراهيم وإله أسحق وإله يعقوب }{خر6:3}.

ج )  ولهذا فإن الآباء والأنبياء كانوا يذكرون الرب بقديسيه ، حتي يحن قلبه ويشفق ، بمجرد سماع أسمائهم وتذكر عهوده لهم . وهكذا فإن موسى النبي حينما شقع في الشعب حتي لا يفني ، قال للرب {اذكر إبراهيم واسحق وإسرائيل عبيدك ، الذين حلفت لهم بنفسك ، وقلت لهم أكثر نسلكم كنجوم السماء } {خر13:32}.

د  - ونحن نتذكر أنه لما حدث أن حزائيل ملك آرام ضايق إسرئيل ، يقول الكتاب { فنحن الرب عليهم ورحمهم ، والتفت إليهم ، لأجل عهده مه إبراهيم واسحق ويعقوب . ولم يشأ أن يستأصلهم وأن يطرحهم عن وجه }{2مل13: 22-23}.

هـ – وفي دالة القديسين عند الله ، نضرب مثلاً لذلك بتوبيخ الله لهرون ومريم أمام موسى : إن كان منكم نبي للرب ، فبالرؤيا استعلن له ، في الحلم أكلمه . وأما عبدي موسى فليس هكذا ، بل هو أمينة في كل بيتي . فماً إلي فم وعياناً أتكلم معه ، لا بالألغاز . وشبه الرب يعاين . فلماذا لا تخشيان أن تتكلما عن عبدي موسى }{عدد12: 5-8}.

و  - ومن أمثلة هذه الدالة ، قول الرب لرسله { الذي يسمع منكم ، يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني }{لو16:10}. وقله أيضاً { إن كان أحد يخدمني يكرمه الآب}{يو26:12}.

10- اعتراضات . والإجابة عليها :

I-      يقول إننا في التشفع بالقديسين نتوجه إليهم بالصلاة .

ونحن نقول إننا لا نصلي للقديسين ، وإنما نطلب صلواتهم ، ونطلب معونتهم لنا .

حديثنا إلي العذراء ليس هو صلوات موجه إليها ، إنما هي مخاطبة بنين لأمهم ، نوع من المناجاة وليس من الصلاة ، راجين منها أن تشفع فينا ، وهي الملكة القائمة عن يمين الملك .

ب-   يقولون إن الشفاعة هي نوع من الوساطة :

فنقول : وماذا في ذلك ؟ مادام الله نفسه قبل هذه الوساطة ، بل وطلبها بنفسه ، حينما طلب من ابيمالك أن يصلي إبراهيم لأجله لئلا يهلك {تك7:20}. وحينما طلب من أصحاب أيوب أن يصلي أيوب لأجلهم لئلا يصنع معهم حسب حماقاتهم {أي8:42}. وكذلك حينما سمح لإبراهيم أن يشفع في سادوم {تك18}.و وسمح لموسى أن يشفع في الشعب {خر32}. وسمع لكليهما وقبل شفاعتهما .

روحانية التشفع بالقديسين

أ – الشفاعة بالقديسين تحمل معني الإيمان بالحياة الأخري ، الإيمان بأن الذين أنتقلوا

ما زالوا أحياء ، ولهم عمل . إنه إيمان بالصلة الدائمة بين السماء والأرض . وإيمان أيضاً باكرام القديسين ، مادام الله نفسه يكرمهم .

ب- الشفاعة هي بركة حب بين أعضاء الجسد الواحد … 

الكنيسة هي جسد واحد ، المسيح رأسه وكلنا أعضاؤه سواء في السماء أو علي الأرض . والحب والصلوات والشركة ، أمور متبادلة بين أعضاء الجسد الواحد : نحن نشفع فيهم بصلواتنا عن الراقدين . وهو يشفعون فينا بصلواتهم أيضاً ، أنها رابطة لا تنفصم .

لماذا يريد منكرو الشفاعة تحطيم هذه الشركة ؟ فلا صلاة منا لأجل الراقدين ، ولا شفاعة من الراقدين فينا ؟هل المحبة القائمة بين كل مؤمن والله والآب ، تمنع وجود المحبة والصلة بين الأنبياء وبعضهم البعض ؟ّ

أليس السيد المسيح قد طلب من الآب قائلاً { ليكونوا واحداً كما نحن }{ليكونوا هم أيضاً بمجرد الصلة التي بينهم وبين أرواح المنتقلين . ويضيفون إلي صلواتهم الخاصة صلوات أقوي وأعمق صادرة لأجلهم ، من العالم الآخر .. وفي كل ذلك لا يخسرون شيئاً .

أما منكرو الشفاعة ، فإنهم يخسرون هذه الصلة وهذه الصلوات بلا مقابل .. بل يخسرون إيمانا بسيطاً غير معقد ، نلاحظه في كل من يحتفلون بأعياد القديسين ، ومن يزورون كنائسهم ، ومن يطلبون صلواتهم …

بأي وجه سيقابلون القديسين في العالم الآخر ، وقد رفضوا إكرامهم ورفضوا صلواتهم وشفاعتهم ؟. ً

د  - والشفاعة تحمل في طياتها تواضع القلب ….

فالذي يطلب الشفاعة ، هو إنسان متضع ، غير مغرور بصلته الشخصية بالله ، يأخذ موقف الخاطي الضعيف الذي يطلب شفاعة غير فيه …

وعلي العكس فمنكر الشفاعة ، قد يسأل في انتفاخ :

ما الفرق بيني وبين هؤلاء القديسين ؟ إن الصلة بيني وبين الله ، أقوي من أن تحتاج إلي وساطتهم !! { واضعاً نفسه في مصاف القديسين والشهداء والملائكة }.

يخجل هؤلاء قول بولس الرسول { صلوا لأجلنا }{عب18:13}.، ولأجل جميع القديسين }أف8:6}.

هـ – الشفاعة دليل علي عدل الله في مبدأ تكافؤ الفرص ..

إن كان الله قد سمح للشيطان أن يحارب أولاد الله ، ويجربهم ويظهر لهم في رؤي وفي أحلام كاذبة ، ويضايقهم . فالأولي يقتضي العدل ومبدأ تكافؤ الفرص أن يسمح للملائكة واللارواح الخيرة ، أن يساعدوا  أولاده علي الأرض ، كما سمح للأرواح الشريرة أن تضايقهم . وبهذا العدل من جهة تدخل العالم الآخر { الأرواح } في حياة البشر . 

وإن كان الله قد سمح للشيطان أن نضرب أيوب فليسمح أيضاً للملائكة أن تعصب ضربات البشر ، وأن تخدم

أولاده  حتي بدون طلبهم ، فكم بالأولي إن طلبوا { أليسوا جميعهم أرواحاً خادمة ، مرسلة للخدمة ، لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص }{عب14:1}.فمادام هؤلاء مرسلين لهذا العرض ، فلا مانع إذن من أن نطلب تدخلهم لمساعدتنا ، وهو قريبون منا .

12- الشفاعة واقع نعيش فيه :

شفاعة القديسين – بالنسبة إلينا – ليست مجرد لاهوتي تثبته آيات من الكتاب المقدس ، إنما هو واقع نعيشه .

إنه تاريخ حي علي مدي الأجيال ، يروي الرابطة العجيبة التي بين المنتقلين ومن يحيون علي الأرض .

إنه صلة حية بالقديسين الذين يشفقون علي أوضاعنا أكثر منا ، وباشفاق حقيقي . حتي أمن كثير من مشاكلنا تحا أحياناً دون أن نصلي ، من أجل تشفعات القديسين فينا ، دون أن نطلب ذلك . إنهم أكثر منا فهما وتطبيقاً لتلك الآية التي تقول { بكاء مع الباكين ، وفرحاً مع الفرحين }{رو15:12}.

إن الشفاعة دليل علي الرابطة بين أعضاء الكنيسة الذين علي الأرش والذين في السماء – إمها كنيسة واحدة – جزء منها علي الأرض ر نسميه الكنيسة المجاهدة }و جزء منها في السماء { نسميه الكنيسة المنتصرة } . وهما يتبادلان الصلاة .

والذين يرفضون شفاعة القديسين ، كأنما هم يتجاهلون المعجزات العجيبة التي بشهد الناس بحدوثها لهم ، بصلوات القديسين ، أو في أعيادهم ، أو في كنائسهم وأديرتهم .

إنها محاولة لالغاء الواقع والتاريخ ، ، وليسن مجرد إنحرافات في التفكير النظري اللاهوتي .

يكفي أن نذكر هنا المعجزات التي حدثت في ظهور العذراء في الزيتون سواء للمسيحيين أو للمسلمين ، وسجلت بأصوات الناس مجرد أو بكتاباتهم .. وكذلك المعجزات الي تحدث باسم مارجرجس والملاك ميخائيل وباقي القديسين .

كل هذا لا يكفي عند البروتستانتية التي ترفض صلوات القديسين وترفض شفاعاتهم
، وترفض معجزاتهم لغير ما سبب .

اقرأوا  أيضاً سير القديسين ، لكي تروا تدخلات الملائكة والقديسين في حياة الناس :

 ظهوراتهم ، وتنبؤاتهم ، ووعودهم ، وتبشيراتهم ، سواء بميلاد  قديس من أم عاقر أو باختبار قديس لخدمة الله ، أو لإشادة في طريق ما ..

والموضوع بالنسبة إلي الشعب وصلتهم ، وتبشيراتهم سواء بميلاد  قديس من أم عاقر أو باختبار قديس

لخدمة الله ، أو لإرشاده في طريق ما . 

والموضوع بالنسبة إلي الشعب وصلتهم بالقديسين ،؟ ليس هو معرفة يوم وليلة ، إنما هي عشرة زمن طويل  ، وعلاقة لا نستطيع أن نفصلها أبداً . إنها صداقة بين الشعب عامة ، والملائكة والقديسين .

ولذلك فإن إدعاءات البروتستانت ضد القديسين ، ولا تجد لها مجالاً إطلاقاً ، لأنها تتحدي اعتقادات ومشاعر تجري في دم الناس .

الصورة الطقسية التي تعطي معاني عقيدية هامة منها :

1-     العذراء مع المسيح . فأهميتها العقيدية أنها والدة الإله .

2-     تلبس تاجاً كملكة ، كما يلبس المسيح تاجاً كملك الملوك .

3-     هي عن يمين المسيح . كما قيل في المزمور { قامت الملكة عن يمينك ايها الملك }{مز54}.

4-     النجوم والملائكة في الصورة ، باعتبار العذراء السماء الثانية .

5-     هالة النور رأسها كقديسة { مت14:5}. وكذلك فوق رأس المسيح .

الصفحة الرئيسية