أسطورة انشقاق القمر

رأى بعضهم في مطلع سورة القمر معجزة خارقة. فجاء الحديث فوثّق الخبر، فتداولته الكتب (الصحاح)! وصحيح البخاري يجعل المعجزة بناء على طلب الكفار. ومُسند أحمد يذكر المعجزة لكن لا يشير الى طلب الكفار لها، فهي عنده خاليه من عنصر التحدي. وأكثر الروايات تؤيد رواية أحمد في مسنده.

وفي حديث البخاري أن أهل مكة سألوا محمدا آية فانشق القمر بمكة
مرتين! إنما حرف الاية يقول: "أتت الساعة وانشق القمر". فانشقاق القمر مرتبط بقدوم الساعة. وان "الساعة" في لغة الكتاب، وفي لغة القرآن، كناية عن يوم الدين. وانشقاق اقمر من أشراط الساعة. فليس هو حديث يجري في حياة محمد، هذا بنص القرآن القاطع.

قال القرطبي في تفسيره: "قال القوم: لم يقع انشقاق
القمر بعد. وهو منتظر. أي أقترب قيام الساعة وانشقاق القمر. وأن الساعة إذا ما قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره. وكذا قال القشيري. وذكر الماوردي: ان هذا قول الجمهور. وقال: لأنه اذا انشق ما بقي أحد الا رآه، لأنه آية والناس في الآيات سواء. وقال الحسن: اقتربت الساعة، فاذا جاءت انشق القمر بعد النفخة ... وقيل: "وانشق القمر" أي وضح الامر وظهر، والعرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح. وقيل: انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها، كما يُسمى فلقاً لانفلاق الظلمة عنه".

ففي نظر المفسرين
المدركين، تعبير "انشقاق القمر" إمّا حقيقي، وهو من أشراط الساعة في اليوم الاخر، وإمّا مجازي فليس من حادث طبيعي.

وقال محمد عبدالله السمان (محمد الرسول البشر ص 85): ولو سلمنا جدلا بأن
الانشقاق قد حدث، فهل من العقل والمنطق بألاّ ترى الدنيا بأسرها هذا الانشقاق! لأت القمر للدنيا كلها وليس لمكة وحدها، إن هذا حدث ضخم، وليس بالامر الهيّن اليسير. ولو حدث حقا لكان على الاقل دونته كتب التاريخ المعاصر، وتغنى به الشعراء المعاصرون وما أكثرهم في جزيرة العرب يومئذ".

كذلك، لو حدث شيء من ذلك القبيل،
لآمن العرب من دون جهاد وقتال، ولعرفه الفرس والروم وآمنوا بمحمد، من دون فتوحات وحروب!!!!

فنحن لا نرى في الاية القرانية، على نقيض
حرفها ومعناها، حادثا تاريخيا جرى على يد محمد معجزة له! فهذا يناقض علم الفلك، وارتباط عالمنا الشمسي بجاذبية واحدة، وارتباط هذه الجاذبية الشمسية بالجاذبية الكونية. ولينفكر البعض في ما يترتب على انشقاق القمر من أحداث وأخطار في مدار القمر كما في مدار الارض، في الهواء كما في البحر، في النبات والحيوان والانسان.

إن انشقاق القمر
شرط من أشراط الساعة: هذا كل ما في آية القرآن. ومن الظلم للقرآن والعقل والعلم أن ينسب للقرآن ما هو منه براء.

فهذه معجزة استنبطوها للنبوة في القرآن، وتهافتها في ذاتها يقضي عليها قضاء
مبرما. إنما هي الحماسة التي تدفع بالشعب ومن يجاريه من العلماء بالحديث والتفسير، الى استنباط معجزات من "آيات متشابهات" في القرآن، لأنهم يشعرون بالفطرة، مثل أهل مكة أنفسهم، أن المعجزة دليل النبوة الأوحد، "سنة الانبياء الأولين"، "السلطان المبين" من لدن الله، وأنه لا نبوة بدون معجزة، فإذا لم يجدوها في القرآن خرقوها بالحديث والتفسير.

والاغرب، ان
صريح القرآن هو بمنع المعجزة عن محمد منعا مبدئيا مطلقا (الاسراء 59) وامتناع المعجزة عنه امتناعا واقعيا مطلقا (الاسراء 29). لذلك وقف المعتزلة قديما بوجه الحماسة الشعبية تجاه أهل الكتاب، وخماسة المخدثين والمفسرين، بإعلانهم: " لم يجعل الله القرآن دليل النبوة". وعلماء العصر في التفسير والسيرة، اضطروا الى أن يعلنوا موقف القرآن السلبي من كل معجزة، وأن يصرحوا مثل الاستاذ درزوة: "إن حكمة الله اقتضت أن لا تكون الخوارق دعامة لنبوة سيدنا محمد عليه السلام، وبرهانا على صحة رسالته وصدق دعوته".

أجل لم " يذكر القرآن لمحمد معجزات" على الاطلاق... فما هو الدليل أذن على نبوة محمد؟؟؟؟

منذ أول يوليو 2002

 

 للاتصال بنا

:
:

الصفحة الرئيسية