هل معرفة الله ممكنة؟

ما هو المراد بقولنا أن معرفة الله ممكنة؟

بما تقوم معرفتنا بالله؟

كيف نتأكد من أن هذه الطريقة هي الصحيحة لمعرفة الله؟

ما هي فائدة الوحي في معرفة الإنسان لله؟

ما هي الطرق المختلفة التي يعلن بها الله لنا ، من خلال الكتاب المقدس؟

 

هل معرفة الله ممكنة؟

نعم ، وكما يستدل من نص الكتاب المقدس ، قال السيد المسيح له المجد أن الحياة الأبدية تقوم بمعرفة الله ، ويسوع المسيح الذي أرسله ( يوحنا17 : 3 )، وقال المرنم في المزامير ، أن الله معروف في يهوذا ( مزمور 76 : 1 ) . وتنبأ أشعياء قائلاً : " لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب " ( أشعياء 11 : 9 )، وقال بولس الرسول عن الوثنيين أنهم " عرفوا الله ولم يستحسنوا أن يبقوه في معرفتهم" ( رومية 1 : 19 و 20)

 

ما هو المراد بقولنا أن معرفة الله ممكنة؟

معرفةالمراد بهذه العبارة ، أمر واجب ، ولذلك نقول ، على سبيل السلب ، أنه ليس المراد بها

أننا نقدر أن نعرف الله معرفة تامة ، لأنه غير محدود وأزلي ، ونحن لا نقدر أن نستقصي معرفة غير المحدود ، وغير المتناهي

1

ولا أننا نقدر أن ندرك صفاته وأعماله إدراكاً تاماً ( لأن إدراك أمر ما إدراكاً تاماً هو بمثابة معرفة حقيقته ونسبته إلى ما سواه ، فنعرف مثلاً قوة النمو مما نراه من نتيجتها ، ولكن لا نعرف حقيقتها

2

ولا كيفية فعلها). والله هو فوق إدراكنا ، وإلى نهاية القدير لا نقدر أن نتنتهي ( أيوب 11 : 7 )

وعلى سبيل الإيجاب نقول أن معرفتنا بالله جزئية وناقصة . أي لا نعرف كل ما في الله ، وما نعرفه إنما نعرفه بعض المعرفة ، فنعرف أنه تعالى يعلم كل شئ ، ويعمل دائماً دون أن نفهم كيفية علمه وعمله ، ونعرف أنه ذو مشاعر ، أي يحب ويترأف ويرحم ويبغض الخطية . ولكن حقيقة مشاعره تعالى مستترة عنا كأفكاره ومقاصده ، فكيف نعرف طبيعته تماماً ، ونحن لا نعرف إلا قليلاً عن طبيعتنا وعن كيفية علاقة النفس بالجسد ، وتأثير كل منهما على الآخر . على أنه في الحالتين ، لا يقدر أحد أن ينكر هذه المعرفة ، وإن كانت جزئية وناقصة

 

بما تقوم معرفتنا بالله؟                                                                      أول الصفحة

إن معرفتنا بالله تقوم بنزع كل ما يجعل حداً له تعالى من عقولنا ، وبنسبة كل فضيلة إليه إلى درجة غير متناهية ، وكذلك كل صفة ظاهرة في أعماله ، وبما شابهه لأننا أولاده ننسب إليه صفات طبيعتنا الروحية والعقلية إلى درجة غير محدودة . قال الرسول بولس بناء على هذا المبدأ الأصلي في الديانة ، أي مشابهتنا لله " فإذ نحن ذرية الله لا ينبغي أن نظن أن اللاهوت شبيه بفضة أو ذهب ، أو حجر نقش صناعة أو اختراع إنسان " ( أعمال 17 : 29 ). فيلزم عن كوننا ذريته تعالى أنه ليس مجرد اسم أو جوهر بدون صفات ، أو علة مجهولة ، أي قوة لا تستقصى ، بل هو مشابه لنا وصورته علينا ، ونحن مشتركون في طبيعته لأنه أبونا ، ونحن بنوه

 

كيف نتأكد من أن هذه الطريقة هي الصحيحة لمعرفة الله؟                                أول الصفحة

يتبين صدق هذه الطريقة لمعرفة الله مما يلي

 شهادة الاعتقاد العام بصحتها . إنه أمر طبيعي أن الإنسان يحسب طبيعته الإنسانية مشابهة لطبيعة الله ، وأنها صورتها ، ودليل عليها ، فإن أهل الأديان البربرية ينسبون إلى ما يعبدونه صفات كصفاتهم ، وكذلك الذين يعتقدون بآلهة كثيرة يحسبون آلهتهم أشخاصاً لهم عقول وأعمال ، ولم يذهب غير ذلك إلا قوم من الفلسفة البشرية . ولكن آراء عموم الناس تستحق أن يرتكن إليها أكثر من الإرتكان على أراء الفلاسفة بدون إرشاد الوحي . لأن ما يؤمن به الإنسان ، طبعاً ، يؤمن به عقلاً ، وعمومية الاعتقاد ترجح صحته

شهادة الوجدان .إن طبيعتنا الأدبية تضطرنا إلى هذا الاعتقاد، إذ أن جميع البشر يشعرون بأنهم مسئولون لمائن أعظم منهم ، يعرف طبيعتهم وأعمالهم ، وسوف يجازيهم حسب استحقاقهم. فيلزم أن ذلك الإله يعلم ، ويقصد ، ويعمل ، لأنه يثيب ويعاقب ، وأنه عاقل ذو مشيئة وصفات أدبية . ولا ريب في صدق هذا الإعلان الطبيعي عن الله ، وإلا فتكون طبيعتنا مركبة على كيفية تنبئ بما هو غير صحيح وهو باطل بالبداهة

شهادة الميل الطبيعي في البشر إلى العبادة التي هي نسبة الكمال إلى المعبودوتقديم الشكر له على  بركاته ، وإلتماس دوامها منه ، والاعتراف والتضرع والتسبيح له . وفي الطبيعة البشرية ميل شديد إلى العبادة على ما تقدم ، وذلك يستلزم وجود معبود شخصي يحبه الإنسان ويخشاه ويتكل عليه ، وأن لذلك المعبود صفات مثل صفاتنا ليقدر أن يسمع اعترافنا وتسبيحنا ، ويحبنا ويملأ حاجاتنا ، ويكفي أنفسنا خيراً ، وهذا الميل دليل راهن على وجود معبود يشبهنا في طبيعته

عدم بقاء الله على صورة حقيقية إذا جردنا عنه كل صفات طبيعتنا أي إن لم تصح نسبة صفات طبيعتنا إلى الله ، فيكون سبحانه على صورة مجهولة عندنا . ولو فرضنا أن الله روح وجردنا عنه صفات طبيعة الإنسان ، أي الشعور بذاته ، والعقل ، والمشيئة ، والفضل ، ... لما بقي شئ مطلقاً ، وتسميتنا ذلك اللاشئ " الله" وعبادتنا إياه لهي بمثابة " كفر"

شهادة أعمال الله في الخليقة فإنها تشهد بالمشابهة الكائنة بين طبيعتنا وطبيعته ، لأنه يحق لنا أن ننسب إلى علة ما كل الصفات اللازمة لتسبيب معلولاتها ، فإن دلت المعلولات على العقل والمشيئة والفضائل ، فلابد من وجود تلك الصفات إلى حد لا يوصف ، كان لا بد من وجودها في الله إلى غير حد ، وذلك كقولنا أن إعلان الله ذاته في أعماله الخارجية يطابق إعلانه ذاته في طبيعة الإنسان

شهادة الكتاب المقدس. فإنه ينسب إلى الله فضائل طبيعتنا بلا حد ، وذلك يثبت صحة ما قلناه من أن طبيعة الله تعرف من طبيعة الإنسان ، فكما أننا نحن نشعر بوجودنا ، كذلك يشعر الله بوجوده ، وكما أننا أشخاص ولنا مشيئة ، كذلك هو ، وكما أن لنا طبيعة أدبية ، وإن كانت ساقطة ، كذلك له طبيعة أدبية إلا أنها كاملة الجودة . وفضلاً عن ذلك ، كل ما بين الله وبيننا من النسب على ما جاء في الكتاب المقدس يستلزم أن طبيعته كطبيعتنا

شهادة طبيعة المسيح . لأن الله قد أعلن لنا ذاته في ابنه يسو المسيح ، الذي هو إله حقيقي ، فكل ما أعلن في طبيعته أعلن عن الله ، إذ قال السيد المسيح " أنا والاب واحد " . ونعلم من طبيعة المسيح أن الله مع كونه غير محدود ، وغير متناه ، يفتكر ويشاء ويعمل ويحب ويبغض ويسمع الدعاء ويشعر باحتياجاتنا ، وأننا نقدر أن نخاطبه كما يخاطب الإنسان إنساناً آخر ، أي أن طبيعته مشابهة لطبيعتنا ، وعلى هذه الكيفية نعرف

 

ما هي فائدة الوحي في معرفة الإنسان لله؟                                                  أول الصفحة

الوحي مفيد جداً لتكميل معرفتنا بالله من النظر إلى بنية طبيعتنا الأدبية العقلية . لأن الله جعل الحواس والعقل والضمير وسائط للإنسان لإكتساب المعرفة . ومادامت على وضعها الأصلي وتحكم في ما هو ضمن دائرتها فشهادتها صادقة تستحق كل الإرتكان عليها ،  وهي بجملتها تكفي لبيان نسبتنا إلى العالم المادي ، وإلى جنسنا البشري ، ولولا تأثير الخطية فينا وتغير نسبتنا إلى الله ، وتعطل قوى العقل ، وقطع المشاركة بيننا وبين الله بسببها ، ربما لم نحتاج إلى مرشد آخر سواها . ولكن لما سقط الإنسا من حالته الأصلية لم يبق عقله وضميره كافيين لإرشاده في الأمور المختصة بالله ، فاحتاج إلى هداية الوحي الإلهي الذي يعلمنا تعليماً حقيقياً عن الله ومطاليبه ، وعن أنفسنا وإحتياجاتنا ، وعن وسائط الفداء . ولذلك مع كل المعرفة بالله التي نحصلها من الطبيعة ، ومن إرشاد الضمير ، لا نزال محتاجين إلى الوحي لأجل تكميل تلك المعرفة وتوسيعها وتثبيتها

 

ما هي الطرق المختلفة التي يعلن بها الله لنا ، من خلال الكتاب المقدس        ؟         أول الصفحة

إن الله يعلن لنا في الكتاب المقدس من خلال
بالأسماء والألقاب والصفات المستعملة له فيها ، مثل " يهوه " و " إيل " و " ألوهيم" و " أدوناي" و " إيل شداي" و " ملك " و " مشترع" و "قاضي " و "صخر" و....الخ 1
بالأعمال التي تنسب إليه تعالى 2
بالعبادة المأمور بها له 3
بإعلانه في يسوع المسيح 4


أول الصفحة

أرغب في توجيه سؤال لكم

صفحات أخرى ذات صلة بالموضوع

هل حقاً أتى الله تعالى في جسم بشر؟

هل يوجد إله؟

ماذا تعني العبارة " صفات الله"؟

هل علم الكتاب المقدس عن التثليث؟

 الرجوع إلى قائمة " ركن الأسئلة المشهورة"