رَحمَة الله

المائدة السماوية

تدخل الشيخ عبد العليم الشرقاوي قائلاً:

كل من يقرأ القرآن يلاحظ بأنّ عيسى أحب أتباعه كثيراً واعتنى بهم، ونجد خبراً غريباً بإنزاله مائدة من السماء، بل نجد أن هناك سورة بأكملها تحمل اسم المائدة:

«إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ»                 (المائدة 5 : 112-115).

قال الشيخ متولي صابر:

يتّضح أنّ عيسى أخذ أتباعه إلى البرية حيث خاطبهم مدة طويلة أكثر من المعتاد، فشعروا بالجوع ولم تكن بقربهم محلات كي يبتاعوا منها ما يلزمهم من الطعام.

قال الشيخ أحمد البعمراني:

يظهر لي أن طلب الحاضرين كان بمثابة تجربة لله ولرسوله، لم يريدوا أن يؤمنوا بالله القدير الرزاق حتى يروا البيّنات ويملأوا بطونهم أوّلاً، وهذا جزء من الكفر والعياذ بالله، بل تمادوا في كفرهم وأبرزوا رغبتهم بأن يختبروا أعمال عيسى العجيبة.

لاحظ الشيخ عبد الله السفياني:

لم يستجب عيسى لطلبهم مباشرة، بل طلب منهم أن يؤمنوا بالله أولاً لأنه بدون الإيمان ليس في استطاعته أن يقدم لهم أي شيء.

 

أضاف الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

استغربت كثيراً من صلاة عيسى، لأنّه لم يبدأ صلاته بـ «يا الله» أو«يا رب» بل افتتح صلاته باسم «اللَّهم» فكل ما أعرفه عن هذا الاسم أنه يوازي في اللغة العبرانية كلمة «إلوهيم»، التي هي صيغة الجمع لكلمة الله: «الله هم»، على الرغم من أنّ «اللَّهم» استخدمت في الدعاء بشكل أوسع.

قفز الشيخ عبد السميع الوهراني:

ما تقولونه هو شرك بالله، هذا تجديف بحق الله، الله يلعن كل من يشرك به.

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

لسنا من المشركين ولا واحد منّا كذلك. كلنا مسلمون نخلص العبادة لله. إنّنا فقط نستخدم عقولنا ونريد أن نفهم ونستوعب ما ورد في القرآن، وكلمة «اللَّهم» ربما تعني بأنّ الثالوث أو الأقانيم الثلاثة هم الذين اشتركوا كوحدة كاملة للقيام بمعجزات.

أجاب الشيخ محمد الفيلالي:

لو كان الاسم تجديفاً لما ورد في افتتاحية دعاء عيسى، ولو كان غير مقبول لما استجاب الله القدير لهذا الدعاء. ونجد بعد هذه الكلمة مباشرة أنّ ابن مريم يخاطب الله بـ_«ربنا» الأمر الذي يدل على العهد الذي يجمع بين الله وبني اسرائيل، فكان لابن مريم وحوارييه علاقة شخصية مع رب العالمين بسبب الميثاق الذي يجمعهم.

استمرّ الشيخ عبد العليم الشرقاوي في التحدث:

طلب عيسى من ربه مائدة من السماء لأنّه شعر أنّ الجوع قد أَلَـمَّ بتلاميذه بعدما أصغوا إلى حديثه بما فيه الكفاية وبعد ذلك طلبوا الخبز،إذ لم يهتموا به أولاً.

تدخّل الشيخ محمد الفيلالي:

لم يطلب عيسى من ربه أن ينزل عليه خبزاً فحسب بل طلب وليمةً فاخرةً لأتباعه، وهنا أتساءل ماذا كانت تحتوي هذه المائدة من أنواع اللحوم المرخّص لهم بأكله؟ وهل المشروبات كانت تشتمل على الماء والخمر أم على الماء واللبن فقط؟ وأية فاكهة أعطاهم الله؟ هل كان هناك بطيخ ورُمَّان وتين وعنب وبرتقال؟ أم كانت المائدة تحتوي على أطعمة سماوية لا مثيل لها في دنيانا؟ لقد حوت هذه المائدة ملذّات الفردوس وهذا ما سيناله المقرّبون إلى الأبد.

قال عبد الله السفياني:

لم تكن المائدة معدّة للرَّاسخين وللأتقياء فقط، بل كانت أيضاً للمبتدئين وللضعفاء في الإيمان، وكانت الدعوة موجّهة حتى للفاشلين، فيظهر لي أنّ هذه الوليمة أعدّت حتى تكون عيداً كبيراً من السماء على الأرض، فأشرقت النعمة على جميع أتباع عيسى إذ اعتبروا سواسية، فليس هناك فرق بينهم إذ الكل يعيش من فضل ربهم الرزاق.

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

لقد استجاب الله لصلاة عيسى ابن مريم وأنزل عليه المائدة السماوية التي تعتبر إحدى المعجزات البارزة وإحدى بيّنات عيسى التي تثبت رسوليته، فلشفاعة عيسى سلطان على تحريك يد الله.

لاحظ الشيخ متولي صابر:

بعد هذه المعجزة، حذّر القدير المتعالي ضيوفه من عذاب شديد، لا ولن يعذب به أي إنسان آخر في الدنيا والآخرة، إن لم يؤمن به وبقدرة عيسى وبسلطانه، وبقي من المتكبرين المشككين والرافضين لبيناته. فالله الرزاق الذي يرزق بغير حساب هو أيضاً المعذب لكل من لا يؤمن به.

الصفحة الرئيسية

الافتتاحية: رؤيــا

الجزء الأول: البحث بين طلاب الحق في النصوص القرآنية

اللقاء الأول: مريم أم عيسى ابن مريم

اللقاء الثاني: عيسى ابن مريم روح الله وكلمته

اللقاء الثالث: علّم الله عيسى الكتب السماوية

اللقاء الرابع: بيّنات عيسى المسيح وآياته

التكلّم في المهد

خلق الطير

إبراء الأكمه والأبرص

إحياء الموتى

بصيرة نافذة ثاقبة

المائدة السماوية

مجدّد الأذهان

أم المعجزات

اللقاء الخامس: أخلاق عيسى ابن مريم وصفاته

بارُّ بأمه

وديع ومتواضع القلب

مشفق على المساكين

رحمة من الله

لا يتاجر بكلمة الله

غلامٌ زكيٌّ

أحيا الجميع

عزوبية عيسى

رجل السلام

اللقاء السادس: موت عيسى ابن مريم

وفاة عيسى ومكر الله

صلب عيسى

شُبِّه لهم

الفصح في التوراة

غضب الله على الجميع

الأعمال الحسنة والإنابة

اللقاء السابع: بَعْث عيسى من بين الأموات ورفعه إلى الله

رفع عيسى

وجيه في الدنيا والآخرة

تحقيق كفارة عيسى

شفاعة عيسى

عيسى بين البنوّة و الولادة - مجيء عيسى لثاني

الصفحة الرئيسية