اختيــار آخـر أفكار أحمد ديدات

- وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ (يوحنا 1:1).

- شهود يسوع.

- الجنس في الكتاب المقدس.

- الســـيف.

- من هو مؤسس المسيحية؟

- لا تدينوا.

- آية يونان.

- الله أم الشيطان؟

- هل القرآن كلمة الله؟

عودة للرئيسية

هل القرآن كلمة الله؟

 

في آخر مثال لنا من أفكار أحمد ديدات أقوم بأكبر اقتباس، وذلك لإيضاح أن ديدات في مهاجمته للكتاب المقدس إنما يثبت أن القرآن ليس كلمة الله.

 

ثلاثة درجات من الشواهد

نعترف نحن المسلمين بلا تردد أنه يوجد في الكتاب المقدس ثلاث أنواع من النصوص يمكن التعرف عليها دون الحاجة إلى متخصص في هذا المجال وهي:

 

1- يمكنك أن تتعرف في الكتاب المقدس على ما يمكن تسميته " كلام الله ".

2- يمكنك أيضاً تمييز ما يمكن تسميته " كلام أنبياء الله ".

3- أما غالبية نصوص الكتاب المقدس فهي روايات أما شهود عيان أو شهود سمع، أو ما يكتب عن أحاديث الناس، وهو ما نطلق عليه " كلام المؤرخ ".

 

ولمزيد من التوضيح نرى الأمثلة التالية:

 

النوع الأول:

- " أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ " ( تثنية 18:18 ).

- " أَنَا أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ " ( اشعياء 11:43 ).

- " اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ لأَنِّي أَنَا اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرَ " ( اشعياء 22:45 ).

 

بدون أي صعوبة سوف تتفق معي أن ضمير المتكلم هنا هو الله، إذا فهذا هو كلام الله.

 

النوع الثاني:

- " وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)" 

( مت46:27 ).

- " فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ " ( مرقس 29:12 ).

- " فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ " ( مرقس 18:10 ).

 

فأي طفل قادر على تأكيد أن يسوع " صرخ"، " أجاب "، و" قال "، وكلامه وصراخه منسوب إليه بمعنى أن أنها كلمات نبي الله.

 

النوع الثالث:

- " فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إلاَّ وَرَقاً لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ" ( مرقس 13:11 ).

 

فأغلب نصوص الكتاب المقدس هي من هذا النوع الثالث، وتنسب لشخص ثالث، ليس هو الله ولا نبي الله، فهو مؤرخ.

 

من السهل لأي مسلم التمييز بين هذه الأنواع الثلاثة من النصوص لأنه يوجد مثلها في عقيدته، وهو محظوظ بين ابناء العقائد الأخرى لأنه يميز بين هذه النصوص في كتب منفصله.

 

الأول: كلمة الله وهو القرآن.

الثاني: أقوال نبي الله وتوجد في كتب الحديث.

الثالث: كلام المؤرخين وهي كتب السيرة.

 

فالمسلم يحفظ هذه الأنواع الثلاثة بغيرة شديدة دون خلط، كل في مكانه حسب سلطته فلا يعادل بينهم، في حين أن الكتاب المقدس يخلط بين هذه النصوص المختلفة.

(Ahmed Deedat, The Choice, pp. 4-6; also published in, Is the Bible God's Word?, Durban, RSA: IPCI, pp. 4-6)

 

يقوم السيد ديدات بمهاجمة الكتاب المقدس، عن طريق محاولة تصنيف نصوصه، ولكن لو كان ما يقوله صحيحاً، فأنه يثبت أن معظم القرآن ليس هو كلمة الله. فلنرى ما يقوله في تقسيم الكتاب المقدس إلى ثلاث أنواع من الشهادة:

 

- النوع الأول: كلمة الله، مثل  " أَنَا أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ " ( اشعياء 11:43 ).

- النوع الثاني: كلمة نبي الله، مثل " فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ " ( مرقس 29:12 ).

- النوع الثالث: كلام المؤرخ، مثل  " فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إلاَّ وَرَقاً لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ" ( مرقس 13:11 ).

 

فيستنتج ديدات أن الكتاب المقدس هو خليط من النصوص، يحتوي على ثلاثة " أنواع " وبعض هذه النصوص فقط هو كلمة الله، ثم يدّعي أن القرآن كله هو " النوع الأول " أي كلمة الله.

 

وللرد يجب إيضاح نقطتين في الدفاع عن محتوى الكتاب المقدس، ثم نرى ما إذا كان كلام السيد ديدات عن القرآن سليماً بأنه يحتوي فقط على كلام الله.

 

أولاً: يتجاهل أحمد ديدات القرآن الذي يقول بكل وضوح أن الكتاب المقدس هو كلمة الله، دوق تفريق بينه وبين القرآن:

" قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ( آل عمران 84 ).

ثانياً: يحتوي الكتاب المقدس فعلاً على هذه الأشكال من التدوين، ولكنها يعترف بها جميعاً كوحي من الله الذي استخدم أنبيائه لتكليمنا بطرق عديدة.

 

 " اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ " ( عبرانيين 1:1 ).

 

فالسيد ديدات يتجاهل ما يقوله القرآن عن الكتاب المقدس وما يقوله الكتاب المقدس عن نفسه، ولكن الأهم أن ما يقوله السيد ديدات عن القرآن ليس سليماً، فهو يدّعي أنه لا يحتوي إلا على كلام الله، ولكن أي قارئ للقرآن يمكن أن يدرك عدم صواب ما يقوله ديدات، ولنتأمل المثال التالي: 

 

" بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ، مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ " ( الفاتحة ).

 

فلو نظرنا لأول سورة في القرآن نجد أنها صلاة موجهة إلى الله إذاً فهي ليست كلام الله، فهي أما صلاة محمد أو المجتمع الإسلامي الأول إلى الله.

 

فبمقياس السيد ديدات تكون سورة الفاتحة هي من النوع الثاني لأنها ليست خطاب الله، ولكنها صلاة النبي أو أحدهم إلى الله.

 

ولنأخذ المثال التالي:

 

وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا " ( مريم 64 ).

 

في هذه الآية المتكلم هو ملاك الله، ولكن ليس الله، وهو يتكلم عن الله، فبمقياس السيد ديدات هذه الآية تصنف تحت النوع الثاني، مثل معظم القرآن.

 

وأخيراً، فالقرآن يحتوي بعضاً من النوع الأول الذي يظهر كخطاب الله مثل:

" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ " ( الذرايات 57،56 )

فماذا نستنتج من مما سبق؟ لو أن الكتاب المقدس يحتوي على بعض الفقرات التي يمكن تصنيفها بكلام الله، فالمثل ينطبق على القرآن تماماً، والحقيقة أن معظم نصوص القرآن هي من النوع الثاني وليس الأول. وبمقياس السيد ديدات فأن جزء صغير من القرآن من القرآن يمكن إعتباره كلام الله.

 


 

تلخيص

 

رأينا في هذه النقاط أن أفكار أحمد ديدات هي خاطئة بشكل فاضح، فقد أساء اقتباس وتفسير فقرات مهمة من الكتاب المقدس، وبذلك أضّل قراءه ودفعهم لرفض الكتاب المقدس، وقد أظهر لنا أن لا معرفة له بلغات الكتاب المقدس. وبلا حق أنتقد المسيحية، في حين أن معظم هذا النقد يمكن أن يوجه إلى الإسلام أيضاً، وفي بعض الموضوعات ليس له فهم كافي بالإسلام، فيجب الاحتراس مما يقوله ويعلمه عن الكتاب المقدس والمسيحية.