2استباق  النبي الوحي  والتنزيل

 

ظاهرة غريبة أيضا انفرد بها نبي الإسلام على أنبياء الله أجمعين. وهي استباقه واستعجاله لوحيه .

هذا ما يؤكده الواقع القرآني حين عاتب النبي قائلا : لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) ِ. القيامة 16-19.

هذا التوبيخ يدل على ان النبي كان يستبق الوحي أحيانا .

قال الطبري في تفسيره : َاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله قِيلَ لَهُ : { لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ } فَقَالَ بَعْضهمْ : قِيلَ لَهُ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء عَجِلَ بِهِ , يُرِيد حِفْظه مِنْ حُبّه إِيَّاهُ , فَقِيلَ لَهُ : لَا تَعْجَل بِهِ فَإِنَّا سَنَحْفَظُهُ عَلَيْك .

عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّ النَّبِيّ  كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن تَعَجَّلَ يُرِيد حِفْظه فَقَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : ( لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ ) .

عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّ النَّبِيّ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن تَعَجَّلَ بِهِ يُرِيد حِفْظه. تفسير الطبري .

وفسره البيضاوي : لا تحرك ) يا محمد ( به ) بالقرآن ( لسانك ) قبل أن يتم وحيه ( لتعجل به) لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك .. وهو اعتراض بما يؤكد التوبيخ على حب العجلة.  

وفي ( أسباب نزول ) الآية 34 من سورة القيامة نقل السيوطي مثالا على هذه العجلة المذمومة: اخرج النسائي عن سعيد بن جبير انه سأل ابن عباس عن قوله:{ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى } لقيامة 3): أَشَيْء قَالَهُ رَسُول اللَّه مِنْ قِبَل نَفْسه , أَمْ أَمْر أَمَرَهُ اللَّه بِهِ ؟ قَالَ : بَلْ قَالَهُ مِنْ قِبَل نَفْسه , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه) . راجع ايضا تفسير الطبري في شرحة لسورة القيامة اية 34 .

وفسر البيضاوي قوله : ( ثم إن علينا بيانه ) بيان ما أشكل عليك من معانيه وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب .

عتاب الله لنبيه حين عاتبه قائلا : لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه ، لن يجدي نفعا مع النبي .

لهذا يعود الله لتحذيره مرة أخرى في قوله تعالى : ( وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) . طه 114 .

قال البيضاوي في تفسير قوله ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) نهي عن الاستعجال في تلقي الوحي من جبريل عليه السلام ومساوقته في القراءة حتى يتم وحيه بعد ذكر الإنزال على سبيل الاستطراد وقيل نهي عن تبليغ ما كان مجملا قبل أن يأتي بيانه ( وقل رب زدني علما ) أي سل الله زيادة العلم بدل الاستعجال فإن ما أوحي إليك تناله لا محالة (ولقد عهدنا إلى آدم ) ولقد أمرناه يقال تقدم الملك إليه وأوعز إليه وعزم عليه وعهد . راجع تفسير البيضاوي ، تفسير اية سورة طه 114 ,

وقال القرطبي في تفسير قوله ايضا : (تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ.....)

قَالَ اِبْن عَبَّاس كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُبَادِر جِبْرِيل فَيَقْرَأ قَبْل أَنْ يَفْرُغ جِبْرِيل مِنْ الْوَحْي حِرْصًا عَلَى الْحِفْظ , وَشَفَقَة عَلَى الْقُرْآن مَخَافَة النِّسْيَان , فَنَهَاهُ اللَّه عَنْ ذَلِكَ وَأَنْزَلَ " وَلَا تَعْجَل بِالْقُرْآنِ " وَهَذَا كَقَوْلِهِ : " لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَلَ بِهِ .  الْقِيَامَة 16 .

وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : لَا تَتْلُهُ قَبْل أَنْ تَتَبَيَّنهُ . وَقِيلَ : " وَلَا تَعْجَل " أَيْ لَا تَسَلْ إِنْزَاله " مِنْ قَبْل أَنْ يُقْضَى " أَيْ يَأْتِيك " وَحْيه " . وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَا تُلْقِهِ إِلَى النَّاس قَبْل أَنْ يَأْتِيك بَيَان تَأْوِيله . راجع :  تفسير القرطبي تفسير اية سورة طه 114

 

سؤال : لو ان الله قد أوحى لنبي الإسلام بنفس الطريقة الذي أوحى بها لأنبيائه السابقين . اي بغير واسطة ‏. فهل كان النبي سيستبق الوحي ؟ .

هل حدث ان نبيا من أنبياء الله استبق الوحي واستعجله ، كما فعل نبي الإسلام صلوات الله عليه وسلم ؟ .

عودة