الفصل الخامس

المسيحية

المسيحية في الجزيرة

حسب ما قرأنا في الفصول السابقة كانت هناك أديان عديدة قد انتشرت في شبه الجزيرة العربية? ولعل المسيحية كانت أكثر هذه الأديان انتشاراً? وهذا لأنها ديانة مُبشرة وليست ديانة مغلقة كاليهودية, وبالرغم من عدم وجود تاريخ محدد لانتشار المسيحية في وسط العرب? إلا أن المرجح عندي أنها بدأت في الانتشار في أواخر القرن الأول الميلادي تقريباً? فلو نظرنا للإنجيل - كمرجع تاريخي - نجد أنه كان هناك عرب في مدينة أورشليم في يوم الخمسين (يوم العنصرة) سمعوا البشارة من بطرس تلميذ المسيح (أعمال الرسل 2:12) بل إن الأمر بلغ أن يكون حاكم دمشق ونائب قيصر عليها هو الحارث العربي (2 كورنثوس 11:32),

ولم يقتصر الأمر على هذا بل إن بعض الباحثين يرى أن تلاميذ المسيح أرسلوا بعضاً منهم لدعوة العرب إلى المسيحية? وهذا مثل ما قاله شيخو: من أن متى? برتلماوس? تداوس? وتوما? ومتيا قد ذهبوا إلى الجزيرة لحمل بشارة المسيح للعرب (النصرانية وآدبها - شيخو ص 23),

والرأي السابق وإن كان فيه شيء من المغالاة إلا أنه يعطي صورة ليست بعيدة عن الواقع فكتب التاريخ الإسلامي تذكر قصصاً لتنصر قبائل عربية بكاملها لسبب أو لآخر مثل ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية من قصة فيميون - لعله فيليمون - الذي عاش في نجران وتسبب في أن يتبعه أهل نجران على دين النصرانية (البداية والنهاية 2:168), ومثل قصة أصحاب الأخدود التي لا يخلو منها أي تفسير للقرآن (راجع تفاسير القرطبي? وابن كثير? والرازي? في تفسير سورة البروج),

ويذكر الدكتور جواد علي ما كان بشأن إحدى البدع عند نصارى العرب وأنه أقيم مجمع سنة 246 م سُمي مجمع العربية لمقاومة هذه البدعة (المفصل 6:634: ?Religious Encyclopaedia, vol, I,p.122.A

وهذا الحادث يوضح ما كان عليه العرب النصارى من شأن فلو لم يكن عددهم كبيراً وله تأثير لما أقيم مجمع خاص بهم? ولعل ما يوضح الصورة أكثر هو عدد القبائل العربية التي دخلت في المسيحية سواء في شمال أم في جنوب الجزيرة,

الصفحة الرئيسية