اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ  

سورة الحفد

اللهم إياك نعبد.

ولك نصلي ونسجد.

وإليك نسعى ونحفد.

نرجو رحمتك ونخشى عذابك.

إن عذابك بالكفار ملحق.


"اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق"
روايات المسلمين القائلة أنهما قرآن منزل!
 

لنستعرض بعض رواياتهم التي تدل على أنهما سورتان كغيرهما من سور القرآن، وأن بعض الصحابة كان يقرأ بهما في صلاته بل ومنهم من يحلف بالله أنهما نزلتا من السماء، وتارة أخرى تخبرنا الروايات كتابة بعض الصحابة للسورتين بين سور مصاحفهم، وهاك نبذة منها:

النص على كونهما سورتين:

وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين (اللهم إياك نعبد) (واللهم إنا نستعينك). وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قنت عمربالسورتين. وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبى ليلى أن عمر قنت بهاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك) و (اللهم إياك نعبد). الدر المنثور ج 6 ص 420.

وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال: كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك) و (اللهم إياك نعبد). وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال يقرأ في الوترالسورتين: (اللهم إياك نعبد) (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك).

"وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال: نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات".

عن أبي اسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين (إنا نستعينك) و (نستغفرك). محمع الزوائد 7 157. والاتقان في علوم القرآن 3/36.

وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال كان أبو عبد الرحمن يقرئنا (اللهم إنا نستعينك) زعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله كان يقرئهم إياها ". الدر المنثور ج 6 ص 422.

وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات عن أبان بن أبي عياش قال سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت فقال: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك) قال أنس: والله إن أنزلتا إلا من السماء! الدر المنثور ج 6 ص 420.

ولا أرى نصوصا هي أوضح وأجلى بيانا مما سبق في إثبات كونهما سورتين كغيرهما من سور القرآن.

دمج بعض الصحابة لهما في المصحف

وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه ". الاتقان في علوم القرآن 2/35-37

وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين، وفي مصحف أبي ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع.

وأخرج ابن أبى شيبة في المصنف ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ...) وزعم عبيد أنه بلغه انهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود ". الدر المنثور ج 6 ص 421.

شبهة!

قد يقال إن تلك الروايات التي تحكي كتابة السورتين في مصحف كل من أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس لا يستفاد منها أنهم ألحقوها بالمصحف كسورتين مثل بقية سور القرآن وإنما كتبتا كذكر ودعاء في آخر المصحف حتى يسهل إيجادهما وقراءتهما، فليس كل ما يضاف في آخر المصحف يعتبر من القرآن المنزل، وهذا أشبه بما يفعل اليوم من دمج دعاء ختم القرآن في آخره وهذا لا يعني أنه دمج كسورة في المصحف.

وهذا الكلام غير صحيح لأن الروايات صريحة في كونهما سورتين ولم يعهد التعبير بالسورة عن الدعاء، وقد صرحت رواياتهم عن كيفية وضع أبي بن كعب هاتين السورتين في مصحفه وكيفية ترتيبهما، وهذا بيانه: قال ابن أشته في كتاب المصاحف: أنبأنا محمد بن يعقوب، حدثنا أبو داود حدثنا أبو جعفر الكوفي قال: هذا تأليف مصحف أبي: الحمد ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران ثم الأنعام ثم الأعراف ثم المائدة ثم يونس ثم الأنفال - إلى أن يقول - ثم الضحى ثم ألم نشرح ثم القارعة ثم التكاثر ثم العصر ثم سورة الخلع ثم سورة الحفد ثم ويل لكل همزة ... إلخ ". الاتقان في علوم القرآن 1/64 طبعة الحلبي.

وقال النديم في الفهرست: "اب ترتيب القرآن في مصحف أبي بن كعب: ... الصف، الضحى، ألم نشرح لك، القارعة، التكاثر، الخلع ثلاث آيات، الحفد ست آيات اللهم إياك نعبد وآخرها بالكفار ملحق، اللمز، إذا زلزلت، العاديات، أصحاب الفيل، التين، الكوثر، القدر، الكافرون، النصر، أبي لهب، قريش، الصمد، الفلق، الناس، فذلك مائة وستة عشر سورة قال إلى هاهنا أصبحت في مصحف أبي بن كعب وجميع آي القرآن في قول أبي بن كعب ستة آلاف آية ومائتان وعشر آيات وجميع عدد سور القرآن ". الفهرست ج 1 ص 40.

فالكل متفق على أن السورتين وقعتا بين السور، وترتيبهما بهذا النحو في مصحف أبي بن كعب شاهد على أنهما دمجتا كسورتين من سور المصحف لا كدعاء ألحق في آخر صفحاته! بل إن راوي الرواية قد صرح بكونهما سورتين، فجزئيتهما واضحة لا غبار عليها، ومما يزيد الأمر وضوحا هذه الرواية: وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي قال: "قرأت أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أبي بن كعب هاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك) ، والأخرى، بينهما (بسم الله الرحمن الرحيم) قبلهما سورتان من المفصل وبعدهما سور من الفصل "الدر المنثور ج 6 ص 420

وواضح من موضع السورتين في المصحف أن دمجهما كان باعتبار قرآنيتهما وإلا لو كانت دعاء لما صح أن توضع بين السور بل توضع في آخر المصحف أو في هامش الصفحات، وهذا التقريب ليس بذاك الشيء بعد صراحة الروايات السابقة ونصها على أنهما سورتان.

من عدهما سورتين من الصحابة والتابعين

إن أدنى مراجعة لرواياتهم تزودنا بقائمة بأسماء سلفهم الذين كانوا يقولون بقرآنيتهما، وهم: أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وإبراهيم، وسفيان الثوري، والحسن البصري، وعطاء بن رباح، وأبو عبد الرحمن بزعم عطاء بن السائب، وقد قال ابن عباس وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الرحمن بن أبزى وعبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب كان يقرأ هاتين السورتين في الصلاة.

أين ذهبت؟!

السؤال المهم الذي يلزمهم الإجابة عنه هو، أين ذهبت هاتان السورتان؟ ولماذا لم تكتبا في المصحف زمن عثمان؟ خاصة وأن الصحابة كانوا يقرؤونها بعد وفاة النبي بمدة طويلة إلى ما بعد زمن عثمان، وكتبوهما في مصاحفهم؟

 

الصفحة الرئيسية