أعجوبة من يسوع العجيب

دعيت في الصيف قبل الماضي من قبل احدى الطوائف لألقي بعض الرسائل عن اختبار نقاوة القلب . وهناك رأيت خادماً لله شاباً سمعت عنه كيف شفاه الرب من مرض السل وهو في مرحلته الخطيرة ؛ فاتصلت به ، وطلبت منه ان يروي لي قصة شفائه ، لأني كنت قد سمعت قصته من أناس آخرين ولكني قصدت أن اسمعها منه شخصياً لأتحقق مقدار صدق ما سمعت . فبادرني بالقول : لا أريد أن اشهد لك شخصياً بل أريد أن اشهد أمام الجماعة كلها . وكنا وقتئذٍ في مدينة الاسكندرية .

قال ذلك الخادم الشاب : بعد ان تخرجت من مدرسة اللاهوت وقضيت وقتي في خدمة الجيش اردت ان اخدم الرب بكل قوتي ، ولكنني لاحظت ان أقل مجهود يجعلني ألهث من التعب وارتمي على الأرض وبعد الكشف الطبي تقرر ان اذهب الى مستشفى الأمراض الصدرية للمعالجة . وقال لي طبيب المستشفى انه يلزمني علاج لمدة ستة شهور . وقال للاشخاص الذين رافقوني انه يلزمني علاج لمدة سنة على الأقل .

اما من جهة حالتي التي عرفتها بصراحة بعد شفائي فهي ان احدى رئتيَّ كانت قد تلفت تماماً واصبحت سوداء ، والرئة الأخرى اسودّ معظمها . ولذا عند نزولي عن فراشي وبمجرد السير قليلاً ، كنت كأني انازع الحياة ، لأنه لم يكن لي ولو نصف رئة اتنفس بها . وقد قطع الرجاء من شفائي كل من كان يزورني من الخدام والاخوة والاقرباء . وذلك لأن خادماً قبلي كان قد اصيب بنفس الداء ولكن بدرجة أخف ، فأودى بحياته . وعرفوا ذلك بكونهم كانوا يعدّون كم مرة كنت اسعل في الدقيقة . وكانت المساعدات المالية تأتيني ، لكن عندما قطع الرجاء من شفائي توقفت هذه المساعدات التي كانوا قد خصصوها لي . وجاء أحدهم ليخبرني بالأمر صراحة .

بعد خروج المخبر يئست جداً خصوصاً لأن المستشفى في ذلك الوقت لم يكن فيه من العلاج اللازم الا الشيء اليسير الذي لم تكن منه فائدة تذكر هذا بالإضافة الى قساوة البشر وعدم الشعور بشدّة مرضي وآلامي النفسية . وقد جعلني كل هذا اجثو وانا على فراشي واحول وجهي الى الحائط واصلي صلاة هي نحيب وبكاء مع حزن عميق بانكسار لا يوصف وقلت : "يا رب لماذا تسمح لي بكل هذا ، أنا الذي كرست حياتي لخدمتك ‍ انت تعلم ان رئتي الزم ما يكون لخدمتك ‍‍ انظر ما فعل البشر معي " . وصرت اصلي بحزن ومرارة واكتئاب قلب . واثناء الصلاة شعرت وكأن يداً كبيرة ـ بخلاف المعتاد ـ امتدت ومرّت على صدري ، ثم أمسكتني هذه اليد القوية وشعرت كأنها تخرجني من هوة عميقة . وبعد ان انهيت صلاتي ومسحت دموعي نزلت عن فراشي امشي واجري دونما شعور بالتعب . شكراً للرب يسوع العجيب قد خلق لي رئتين جديدتين .

جرت العادة في المستشفى ان يكشف علينا طبيب بالأشعة كل اسبوعين . فلما رأني الطبيب وكان مسيحياً قال بلهجة التعجب : يا فلان اخبرني ماذا فعلت هل اتى لك احد بعلاج ما ؟ قل الحق هل استعملت شيئاً لم اعرفه ؟ هل .. هل.. وهل؟ فقلت له : افرض ان احد اتاني بعلاج فهل يمكن ان ذلك العلاج يشفيني في عدة ايام ؟ .. أما قلت لي ان علاجي يحتاج الى ستة شهور ؟ ‍ (مع العلم انك اخبرت غيري ان علاجي يحتاج سنة على الأقل) .

اخيراً عرّفته بقصتي وبما رأيت وشعرت فقال: لا شك ان معجزة من الله جرت فيك ولا حاجة لبقائك في المستشفى .

وبعد فحص الدم في المختبر خرجت من المستشفى . وبعد مدة من الزمن ، طلبت من طبيب المستشفى ان يعطيني شهادة تثبت اني كنت مصاباً بمرض السل . لكن اسمع ما قاله لي الطبيب: انا لست مجنوناً حتى اعطيك شهادة بانك كنت هنا في المستشفى ، لأن من يكشف عليك لا يعقل ان يصدّق انك كنت يوماً ما مريضاً هكذا . الا تعلم ان رئتيك احسن من رئتيَّ ؟‍ وفوق ذلك كله وجدت عند تحليل دمك ان الجرثومة الموجودة في جسم كل انسان غير موجودة فيك . فأنا قابل للعدوى واما انت فلا، ولذا انا افكر ان امزّق سجلك باعتبار كأنك لم تدخل المستشفى ابداً .

وهكذا رفض الطبيب اعطاء الأخ خادم الله ورقة تثبت انه كان موجوداً في مستشفى الأمراض الصدرية.

انا شخصياً رأيت هذا الخادم الشاب ، القوي الجسم ، الصحيح البدن ، الذي شهد بهذا أمام حوالي سبعين من الرجال والنساء . ومنهم من رآه اثناء مرضه وزاره في المستشفى وثبت صحة هذه الشهادة .

أليس مسيحنا عجيباً ؟ أولا يزال "هو هو أمساً واليوم والى الأبد" اذاً يستطيع كل سقيم مسكين ان يراه الآن ويتقابل معه كل منكسر القلب ومنسحق الروح . آمين

أني أنا الرب شافيك . خروج 15 :26

ــــــــ

القس توفيق مشرقي