شهادتي لرئيس السلام

آمنت لذلك تكلمت-مزمور 116: 10

منذ أول يوم وعيت به على هذه الدنيا لم أر أمامي غير الإسلام طريقاً للحياة السعيدة فلقد نشأت في عائلة محافظة من الناحية الدينية. منذ صغري وأنا أقرأ القرآن بل وأترقب موعد ترتيله كل مساء أمام شاشة التلفزيون. كان والدي قد دخل الإسلام لأسباب شخصية أما والدتي فرفضت التحول معه وبقيت على نصرانيتها ولكن جميع أخوتي وأخواتي هم مسلمون حتى الآن. أما أنا فكما قلت كنت مولعاً بالقرآن وبتلاوته وكنت الأول بين أقراني في درس الدين الإسلامي وكنت اطمح حقا بمستقبل زاهر بين العلماء الأفاضل

وطالما سهرت الليالي متخيلاً نفسي على منبر الجامع أجاهر باسم الله بالبرهان والحجة غير خائف بالله لومة لائم ولطالما كنت أواضب على التمرين لالقاء الخطب الدينية الرنانة والمفعمة بثقل اللغة وسلاسة الأسلوب وكثافة المعنى حتى أنني اذكر على سبيل المثال أنني واجهت تحدياً من أستاذي في اللغة العربية وكان التحدي هو أن اكتب له رسالة توازي في ثقلها اللغوي رسائل أبن العميد فما كان مني إلا أن حجزت نفسي في غرفتي ولم تغب الشمس على ذلك اليوم إلا والرسالة جاهزة وكان أستاذي يقرؤها بالرضى والقبول.

وكبرت معي رغبتي في اعتلاء منصب مرموق في الجامع فكنت أتنافس مع المؤذن على الآذان وبعض الأحيان كنت اجمع حولي بعض الشباب في الجامع وكنا نتعرض لكثير من القضايا الحساسة في المجتمع الإسلامي. وفي إحدى المرات قرأ علينا أحد أفراد الحلقة قصيدة طويلة مفادها الجهاد ضد الحكومة الكافرة والسعي لإرجاع الحكم للقرآن واقامة الحد للشريعة الإسلامية التي بات الشعب تائها بدونها. وعلى الرغم من حذرنا الكبير وخوفنا من أن تسمعنا مخابرات الدولة وجواسيسها صفقنا وابتهجنا بتلك القصيدة الرائعة

وكان من ضمن التعليقات التي نتجت عن ذلك أن أحدنا علق قائلاً:" نعم ولله العزة والسلطان, لا بد أن ترجع البلاد إلى حكم الشريعة الشريفة يوماً ما بعون الله جل جلاله وعند ذاك سوف لن نبقي على غير المسلمين بيننا. كل من يدين بغير الإسلام ديناً يطرد وهو صاغر ذليل ويبقى الدين عند الإسلام وحده ولا دين سواه"

وصرخنا جميعا الله أكبر.وبعد قليل تفرقنا كل واحد إلى بيته ولكنني لم أكن في راحة من أمري.

لقد كنت مقتنعا تمام الاقتناع برأي الأخ ولكن في داخلي ابتدأ صراع خفي. ماذا لو تحقق الحلم السعيد

ونجح المسلمون في السيطرة على زمام الأمور في البلاد؟ هل هذا يعني إخراج جميع من لا يدين بالإسلام ورميهم على الحدود خارج البلاد؟

هل هذا يعني أن والدتي وخالاتي واقاربي النصارى جميعاً سيذلون ويهانون ويطردون من بلادهم لمجرد انهم غير مسلمين؟ انه غير ممكن بل مستحيل الحصول .أي إنسان عاقل لا يمكن أن يتصور أن أي دولة إسلامية من الممكن أن تقوم بهذه الفعلة اللاانسانية الشنيعة.

نزعت هذه الأفكار عن رأسي واعتبرت أن الأخ قد بالغ في حماسه للدين اكثر من الضروري ومرت الأيام. وكنت كلما دخلت البيت ورأيت والدتي تقرأ إنجيلها ضحكت سراً أو علقت قائلاً:" يا أم لماذا لا تقرأي القرآن فيكون بركة لك وتكوني أنت بركة لنا. أليس القرآن افضل من هذا الكتاب الذي لعبت به يد كل من هب ودب؟" فكانت هي ترد علي ضاحكة:" أخرس يا ولد. لكم دينكم ولي ديني!"

كان والدي قد فارق الحياة منذ كنت صبياً لذلك والدتي كانت لنا الأب والام في آن واحد ولطالما كان أقاربي من جهة الوالدة يزوروننا وكنت أنا انتظر ذلك بفارغ الصبر لأنني كنت جاهداً أن أقنعهم بدخول الإسلام فكنت اطرح عليهم الأسئلة المحرجة مثل إذا كان عيسى عليه السلام هو الله فكيف تقبلون أن الله ينام أو يجوع أو يذهب إلى الحمام؟ وكنت استخدم الآليات التي يوظفها الشيخ احمد ديدات والشيخ صبحي وممن قبلهم

من الأعيان أمثال ابن تيمية وابن القيم وما شابه. ولانهم جهلاء بكتابهم وبدينهم لم يقدروا على إجابتي وكنت اسعد بان أرى احمرار وجوههم وعجزهم الكامل عن مواجهة نور الإسلام. فكان إيماني بهذا الدين يزداد قوة يوما بعد يوم.

ولكن بالرغم من كل هذا الإيمان كانت فرائصي ترتعد عند ذكر الموت وكنت ابحث بالقرآن عن أي شيْ يهبني سلام الروح والعقل ولكن دون جدوى ولربما ابشع الأمور أكثرها رعباً إلى نفسي كان حضور الملاكين ناكر ونكير في القبر حال دفن الميت ورحيل أهله عنه .

وكنت اجلس لساعات مع الشيخ حسن إمام الجامع فأساله لماذا يجب على المؤمن هذا الحد. ألست أصلي الخمس صلوات أصوم رمضان وأودي ما فرض عليّ من أمور ديني ودنياي. فكان يقول لي دائماً مهدئاً:" لاتخف يا بنيّ ليس منا إلا واردها! فلكي تصل الجنة لابد لناكر ونكير أن يزوروك في القبر وان يستوفوا منك حقوق الدنيا وما عملته يداك وبعد أن يوزنوا أعمالك الصالحة واعمالك الطالحة ويسألونك من هو إلهك ومن هو نبيك وما هو دينك فتجيب الله ربي ومحمد نبيي والإسلام ديني عند ذاك تفتح لك نافذة من الجنة إلى يوم القيامة." فقلت له: "ولكن ماذا لو فلت لساني من الخوف لضيق القبر وشكل الملاكين ولم اجب الجواب الصحيح؟"

فقال لي:" عند ذاك يابني يضربك ناكر بفأسه في قمة رأسك فيقسم جسدك ألف قسما ثم يجمعك من جديد ويعيد عليك السؤال فإذا أخطأت يضربك ثانية وهكذا حتي تقول أن الله ربي ومحمد نبيي والإسلام ديني" فقلت له :"وماذا عن غير المسلمين؟" فقال:" كل من وافته المنية وهو كافر فعذابه في القبر إلى يوم القيامة ثم عذابه في الجحيم إلى أن يشاء الله." وأذ ظن هذا الشيخ انه أراحني لكنه لم يزرع في داخلي إلا المزيد من الخوف وعدم الاطمئنان خاصة بعد قرأت كتاب الإسراء والمعراج لابن سيرين واطلعت كيف أن ملاك الموت يأتي بشكله المرعب ويقبض الأرواح تارة بسرعة شديدة وتارة ببطيء شديد حسب أعمال الإنسان. كانت الكوابيس لا تفارق سريري ولطالما صحوت فزعاً في منتصف الليل بعد حلم مزعج بناكر ونكير. وفي إحدى الليالي إذ أنا نائم رأيت في حلمي أنني قد مت وان جسدي قد وضع في صندوق فخم وأنني رفعت على اكتف أصحابي وكان الموكب سائراً بصمت ولكن العجيب في الأمر أنني أنا أيضاً كنت سائرا في الموكب! ولم افهم معنى ذلك الحلم إلا أن والدتي قالت لي أنني سوف ارتاح من جميع همومي وسوف يرفعني الله فوق جميع أقراني والذين سيظنون أنني قد مت سيفاجئون بأنني حي!

لم اعر انتباهاً لذلك الحلم ولا للتفسير واعتبرته من أضغاث الأحلام ولكن لم تمضي أيام معدودات حتى رأيت حلماً آخر وفيه رأيت أنني مع أعز صديقين على نفسي وكنا نحن الثلاثة نمشي في المدينة وكانت المدينة مهجورة من الناس لا صوت ولاحركة فيها فإذا بنا قد دخلنا في مقبرة كبيرة جداً وتدرجنا في أحد السراديب وهناك رأيت أبي واخوتي واصحابي الآخرين وشيخ الجامع وتقريباً كل من اعرف ميت وموضوع على رف في جدار السرداب وأذ التفت باحثاً عن صديقيّ لم اجدهما ولكنني سمعت صوت احدهما صارخاً لطلب النجدة فركضت نحو الصوت وكنت فزعاً يا ترى ماذا حدث لصاحبي. وهناك عثرت عليه وهو وقع في بئر عميقة. كان بقدرتي سماع صوته ولكن لم استطع أن أراه وكنت أحاول إخراجه قدر المستطاع ولكنني فشلت لذلك. حتى اختفى صوته عني فكنت اصرخ منادياً إياه وصديقي الآخر ولكن دون جدوى. الاثنين اختفيا تماماً عني. فكنت ابكي بكاء مراً على الجميع وأنا امشي في تلك المقبرة الشاسعة وفجأة تغير المشهد إلى ظلمة تامة وهناك من بين ذلك الظلام الدامس رأيت رجلان قدما نحوي بثياب بيضاء لم أر في حياتي انصع بياضا منها، وكان جميل الخلقة مبتسم المحيا فنظر نحوي وقال لي: " ماذا تفعل هنا؟ هذا ليس مكانك." فقلت له:" أهلي يا سيدي وأصحابي كلهم هنا موتى." فقال مبتسما: "لاتخف أنا سوف أعينك تعال معي وسوف أخرجك من هذه المقبرة اعطني يدك." ومد لي يده ليأخذني ولكنني صحوت عندها وكنت في غاية الإرهاق. وبعد فترة ليست بالقصيرة كنت في المسجد مع رفاقي كالمعتاد وأذ كنا في الحلقة دخل علينا رجال المخابرات وارادوا استجوابنا عن شخص كان يصلي معنا ولكن يبدو انه كان يشكل خطراً على أمن الدولة ولان المخابرات دخلوا المسجد بأحذيتهم احتج كبيرنا واراد طردهم فصفعه أحدهم على وجهه ومن غير أن نعلم وجدنا أنفسنا تحت أرجل الحكومة. أما أنا فنالني أخمص الرشاش من أحدهم على مؤخرة رأسي ولم اعرف بعد ذلك أين ذهبت ولا أين أتيت. لستة اشهر تقريباً كان اخوتي يتناوبون على اصطحابي إلى المستشفى لاخذ العلاج المناسب كنت في حالة فقدان للذاكرة طوال تلك الفترة وقد عانيت آلاماً لا تنسى فقد كنت أشاهد وجهي في المرآة ولكنني لا أتعرف على نفسي مطلقاً ولم اقدر كذلك على التعرف على أهل بيتي ولا حتى على والدتي.

وبعد سنة من ذلك كنت قد شفيت تماماً ورجعت اليّ ذاكرتي بالكامل وعندها صارحت أهلي برغبتي بترك البلاد والرحيل إلى أي بلد في العالم. كانت والدتي تبكي لفراقي ولكنها فضلت أن تحرم مني على أن ابقى أسيراً في وطني.

وقبل أسبوع من رحيلي سمعت والدتي وهي تصلي في الفجر وتسال ربها أن يمشي معي وان يقودني وان يحميني وكانت وهي تصلي كأنها تتكلم مع شخص ما، فنصت إليها حذراً وإذا بها تكرر اسم عيسى الذي كانت تدعوه يسوع وتطلب منه كل هذه الطلبات فخرجت أنا اليها وقبلت رأسها وقلت لها: " يا أم لا تطلبي أي شيْ من أي إنسان بل من الله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان هو يجيب طلبتك." فحضنتني وهي تذرف الدموع وقالت: " نعم يا ولد كلامك حق. الله وحده سوف يسمع صلاتي."

وهكذا رحلت إلى الغربة وبعد أن كنت مدللاً في بيت أمي (إذ أنني اصغر اخوتي عمراً) أصبحت ذليلاً في بلاد الغرب وكنت اعمل حمالاً في الميناء وهناك تعرفت على شخص عربي فعرض عليّ الكتاب المقدس وبدأت أقرأ به وكنت امضي الليالي ضاحكاً وساخراً من الأسماء اليهودية في العهد القديم ولكن يوماً بعد يوم كنت ازداد إعجاباً بالأحداث التي كانت مخفية عني في الماضي إلى أن وصلت يوماً إلى سفر أشعياء النبي وفي الإصحاح التاسع قرأت "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفيه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام."

وقفت كثيراً عند هذه الكلمات التي لم اسمع بحياتي بمثلها من هو هذا الأب الأبدي ومن هوهذا الابنالذي يدعوه كتاب اليهود رئيس السلام؟ كنت اعلم مسبقاً أن النصارى يدعون عيسى ابن الله ويدعون الله الآب ولكن الذي كنت اعرفه هو أن اليهود من الموحدين على ملة إبراهيم عليه السلام ولكنهم من المغضوب عليهم لتكذيبهم رسالة محمد. فكيف أذن ينسب أنبيائهم بالبنوية والأبوية لله سبحانه وتعالى؟

فبدأت أسال ذلك الصديق الذي أهداني الكتاب فإذا به حاضر بالإجابة مهما صعب السؤال ولم اقدر أن أفند حججه وبراهينه القوية مهما حاولت. وفي يوم آخر وصلت في قراءتي إلى إنجيل يوحنا إصحاح 14 فقرأت على لسان عيسى قائلا "سلاماً أترك لكم. سلامي أعطيكم." فقفزت في موضعي صارخاً "رئيس السلام!!"

وابتدأت التهم الكتاب التهاماً باحثاً عن هذا الرئيس فوجدت الكتاب الذي بين يديّ كله من اوله إلى آخره يتحدث وينبىْ عن هذا الرئيس ففي رسالة القديس بولس الرسول إلى أفسس إصحاح 2 يقول " لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحدا" وفي رسالة رومية يقول " فأذ قد تبررنا في الأيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" وفي نفس الرسالة 15 يقول "أله السلام معكم أجمعين." وفي رسالة غلا طية 5 يقول " وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف." ونمت تلك الليلة وأنا لاول مرة بحياتي أنام في سلام واطمئنان!

وفي الغد قابلت صاحبي وحدثته بالأمر فطرح علي أن يصلي معي وبدأ يتكلم وهو مغمض العينين ولاول مرة في حياتي شعرت بأنني ظلمت والدتي عندما كنت اهزأ بها وهي تصلي مثل هذا الأخ. وعلى الرغم من أنني لمن يعرفني شديد الطباع قوي البنية قاسي الوجه إلا أنني انفجرت باكياً بلا انقطاع ولكنني بعدها شعرت بسلام عجيب ولاول مرة دعوت عيسى. " يسوع المسيح رئيس السلام" ومن هناك بدأت رحلتي الجديدة منذ تسع سنين وسيبقى يسوع في حياتي أباً أبدياً رئيس السلام وملك الملوك. آمين

عبد يسوع المسيح : abdualmasih@hotmail.com

 

------------

عزيزي القارئ : ان المسيح الحي المقام من الاموات لا يزال يُخَلّص كل من يؤمن به . استجر به حالاً تائباً من كل قلبك يسمعك وينقذك من قصاص خطاياك ويعفيك من الدينونة الرهيبة ومن غضب الله في العذاب الابدي والطرح في جهنّم النار، يكتب اسمك في كتاب الحياة ويجعلك مقبولاً لدى الله بالبر والتقوى . ان السيد المسيح يعرض نفسه عليك الآن ليُخلّصك من عبودية خطاياك والقصاص المتوجب عليها . فهل تستجيب له وتتبعه قبل فوات الاوان ؟ واذا

الفهرس