بحثي عن الحقيقة"

وليد

عزيزي المسلم. دعني أقول لك لماذا آمنت

مقدمة  

شهادة عادل محمد النجار

كمسلم سابق كنت دائماً توجه لي الأسئلة التالية :

لماذا تحولت من الإسلام إلي المسيحية ؟ وكنت أجيب بالرد التالي : الإسلام دين ولكن المسيحية ليست كذلك. المسيحية هي علاقة سامية مع خالقنا الممجد الأبدي. وقد أعلن المسيح ذلك "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17 : 3). وكلمة يعرفوك هنا في معناها الأصلي تعني معرفة واختبار شخصي. ولهذا يقرر المسيح أن الحياة الأبدية التي يعطيها هو (يوحنا 4 : 14، 5 : 21، 6 : 27) هي علاقة واختبار شخصي بين الأشخاص الذين يؤمنون بالمسيح والله الآب والله الابن.

ما الذي تقدمه المسيحية ولا يقدمه الإسلام ؟ وأجيب بالرد التالي : وماذا الذي لدي الإسلام لكي يقدمه ولم يقدمه الرب يسوع ؟ لقد وعد المسيح كل من يأتي إليه بغفران الخطايا بدمه الثمين الذي سفك علي الصليب، ويمنحه قوة سماوية ليتغلب علي الخطية والتجارب، وطبيعة جديدة تمجد الله والعيش طبقاً لإرادته، السلام الأبدي لكل من يؤمن ويثق فيه كالأسلوب الوحيد للمصالحة بين البشر الخطاة والله القدوس. وجوده الحقيقي مع المؤمنين وهم يسعون لحبه واتباعه وخدمته وأخيراً سوف ينتظرهم في الحضور الإلهي الممجد للثالوث الأقدس.

ألا تشعر بالعار لتركك للإسلام وتحولك للمسيحية ؟ وأجيب بلا تردد. كلا. لماذا .

وذلك لأن حالتي السابقة -  طبقاً لدينونة الله -  تقول أنني عدو لله. ويعزي هذا إلي أفكاري وكلماتي وأفعالي الشريرة والتي هي ثمرة لطبيعتي الشريرة. والله القدوس والذي عيناه أطهر من أن تنظرا إلي الشر أعلن نفسه علي أنه عادل وسيعاقب كل من يخطئ وكلنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين وتحت دينونته العادلة.

ورغم هذا فقد كشف الله عن ذاته "الرب إله رحيم ورؤوف بطئ الغضب وكثير الإحسان والوفاء" (خروج 34 : 6) "ولا يسر بموت الشرير" (حزقيال 18 : 23). ولهذا فقد قام بمبادرة وخطة للفداء تحقق عدالته وتعلن رحمته أيضاً للجميع. ويشار إلي هذه الخطة علي أنها إنجيل الله (رومية 1 : 3) أو الأخبار السارة وقد تحققت من خلال الحياة البارة والموت الكفاري والقيامة المعجزية والصعود المجيد للوسيط الوحيد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي أعطي نفسه فدية من أجل الجميع (1 تيموثاوس 2 : 5 - 6) ، ولكني الآن تمتعت برحمة الله ولم أعد عدواً لله ولكن ابناً له. إنني أؤمن به لأنه هو قلب ومركز الإنجيل يسوع المسيا. ولهذا "فإني لست أستحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن" (رومية 1 : 16 -  17).

ما الذي يعيدك للإسلام مرة أخري ؟ وأجيب : ولماذا أريد أن أعود للإسلام ؟ إن المسيح يقول بكل جرأة "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني له حياة أبدية ولن يأتي إلي دينونة ولكنه انتقل من الموت إلي الحياة" (يوحنا 5 : 24). ونري في هذه الكلمات وعداً ثميناً من الرب يسوع. إذا سمعنا كلامه وآمنا به وبالذي أرسله (الآب) فلن نأتي إلي دينونة. إن الدينونة هي غضب الله الأبدي الذي يصب علي الذين يخطئون ضد الله ورفضوا الإيمان به وقبول خطته للفداء. وهذه الدينونة يتحدث عنها الكتاب بكلمات "الموت" (رؤيا 20 : 14، 21 : 8). ويقول المسيح أن من يؤمن به وبالآب فقد انتقل من الموت إلي الحياة. لقد هربوا من دينونة نيران الجحيم ويتمتعون بالأمان في الحياة الجديدة التي أعطاهم إياها الله.

ما الذي أدي إلي هذه الانتقال الجذري من إيمان أبائي إلي الإيمان بيسوع الذي أحبني وبذل نفسه لأجلي ؟ إن السبب الأول هو الله نفسه. فالمسيح المسيا قال "لا أحد يأتي إلي إن لم يجذبه أبي الذي أرسلني وسوف أقيمه في اليوم الأخير" (يوحنا 6 : 44). إن الآب هو الذي جذبني إلي الابن الغالي حتي أتمتع بخلاصه الأبدي الذي أعده لي من قبل تأسيس العالم. (أفسس 1 : 3 -  7).

ولكن كيف جذب الآب القدوس هذا الشخص الخاطي إلي الإيمان به وهو وحده الطريق والحق والحياة.

ولدت لوالدين مسلمين بالإسكندرية بمصر. ومات أبي سنة 1963 وكان عمري ثلاث سنوات. وتزوجت أمي بمهندس كهرباء إنجليزي مقيم بالقاهرة وكان قد أسلم. وبعد تعقيدات رسمية وقانونية بالداخلية المصرية تمكنت أمي وحماها أن يأخذاني إلي انجلترا.

وفي السنوات التالية نشأت علي العقيدة الإسلامية واعتبرت نفسي مسلماً. تعلمت أسس الدين الإسلامي وشجعوني لممارسة واجبات المسلم ولا أؤمن بالدين المسيحي لأنه فاسد وهو دين الرجل الأبيض. ولهذا حاولت الاحتفاظ بهويتي الإسلامية وأبقيت المسيحية علي بعد ذراع مني.

ورغم هذا ففي سنوات المراهقة تعودت علي السرقة وممارسة الجنس مع البريطانيات واستمر هذا معي حتي بداية العشرين من عمري. وكنت أعرف دائماً أن ما أفعله خطأ، ورغم هذا فلم أقدر مدي جاذبية هذه الأعمال، أمام إله قدوس وعادل، ولم تكن لدي القوة علي تغيير نفسي وأن أحيا الحياة الصحيحة ورغم إيماني بوجود الله فكنت أعيش كما لو لم يكن موجوداً.

وفي عام 1984 انتقلت إلي جنوب كاليفورنيا بأمريكا مع صديقتي الإنجليزية بهدف بداية حياة جديدة والبحث عن مستقبل أفضل. وقد اخترنا أمريكا لأن صديقتي عملت هناك لعدة سنوات ووعدوها بوظيفة أخري. وبعد بضعة شهور من الوصول إلي أمريكا بدأت علاقتنا تضعف. وتعاطيت المخدرات وانهارت علاقتنا تماماً. واستمريت في تعاطي المخدرات لأخبئ شعوري بالفراغ والوحدة. ولأول مرة في حياتي أشعر بأنني مفقود ومنعزل. وهنا في بلد تعداده 250 مليون نسمة ورغم هذا سيطر علي الشعور بالوحدة والضياع.

وفي تلك الفترة بدأت أتعامل مع أناس دعوا أنفسهم "المسيحيين المولودين ثانية". والتقيت بهم في العمل وعلي الشواطئ وفي منازل زملائي بالعمل. ولست أدري لماذا كانوا مختلفين وغير عاديين في تصرفاتهم ولم ألتفت إليهم ولا إلي ما يقولونه. وبصراحة اعتقدت أنهم متدينون مهوسون أو أناس تافهون.

وبعد مضي سنة في الولايات المتحدة بدأت أسأل نفسي عن معني وغرض وجودي في الحياة. فهي أكثر من أن تكون مجرد دائرة لا نهائية من العمل والنوم والأكل والتنفس. وبدأت هذه الأسئلة تشغل تفكيري اليومي. وبحثت عن إجابة لهذه الأسئلة في اكتساب المعرفة أو الذهاب للكلية أو الحصول علي وظيفة بمرتب أكبر أو التمادي في علاقات جنسية أو تعاطي كميات أكثر من المخدرات. ولكنه كان بحثاً بلا جدوي.

وشعرت كما لو أنني موضوع في دائرة للبحث عن معني وغرض وجودي وكلما إزداد بحثي كلما ازداد شعوري بفراغ عميق. وزاد علي ذلك شعوري بالخطية وعدم قدرتي علي تغيير ذاتي وأن حياتي في انحدار والدينونة قادمة. وأتذكر يوماً بعد ما أخذت كمية كبيرة من المخدرات شعرت أن ما أفعله هو خطية عظيمة وأنا تحت دينونة الله بسبب سلوكي الخاطئ ولكني لا أستطيع أن أساعد نفسي أو أغير طبيعتي الشريرة. وفي هذه اللحظة صرخت إلي الله الخالق ليخلصني من عبودية الخطية وعقابها الموت. وكانت هذه الجملة بمثابة مشنقة فوق رأسي في انتظار أمر من الله لكي تنهي حياتي لأنني أخطأت قدامه.

وإذ بالله الذي لا يرفض خاطئ تائب توبة حقيقية (لوقا 18 : 9 -  14) استمع إلي صلاتي واستجابها. وبعد فترة وجيزة كنت أتحدث مع شابة تسكن في غرفة بجواري في نفس المبني. وبدأت تحدثني عن المسيحية لا كديانة بل كعلاقة وشركة مع الله. وشعرت بدوار في رأسي. كيف يمكننا نحن الذين نشبه النمل بمقارنتنا مع الله يكون لنا علاقة مع الخالق العظيم ؟ وبالنسبة لي فإن الله سام وعال جداً ولهذا فلا أعرفه. ثم أخبرتني أن هذه العلاقة الشخصية يمكن أن نحصل عليها من خلال يسوع المسيح ابن الله. وبدأت أشعر بالدوار مرة أخري. وكل ما تعلمته كمسلم بدأ يطفوا علي السطح. كيف يكون المسيح ابن الله ؟ هل الله له زوجة ؟ كيف يمكنك أن تقول علي مجرد إنسان أنه الله ؟ وسألت كل هذه الأسئلة وأكثر. وأخبرتها أنها علي خطأ وأن المسيح هو مجرد نبي وليس الله.

وأثناء هذا النقاش تلقيت مكالمة تليفونية من زميلي في العمل يسألني إذا كنت أرغب في حضور اجتماع بالكنيسة فوافقت وسألتني الشابة أية كنيسة سأذهب إليها. وتصادف أنها نفس كنيستها. وعندما عرفت أنني سأحضر اجتماع شباب قالت لي "إن أمراً مدهشاً سوف يحدث لك". ورددت عليها بسخرية. هل سأصبح مسيحي مثلك. ولعدة أسابيع حضرت الخدمات بالكنيسة واندهشت لوجود عدد كبير من الشباب. ولم تكن هذه العظة طقسية وتقليدية كالتي كنت أحضرها في أنجلترا. ولكن في ذات الوقت لم تثير دهشتي. وبينما كان القسيس يحكي عن حياته السابقة وخبراته وشروره شعرت وكأنه يرسم صورة لحياتي الشخصية. ثم بدأ يتحدث عن قداسة الله المخيفة وكراهيته للخطية وعن يوم الدينونة الذي سوف يصب فيه الله غضبه علي الأشرار. وبدأت أشعر بالحضور المقدس وأنا أفحص قلبي وعقلي وشعوري بطبيعتي الفاسدة. ثم شعرت بتبكيت وتزايد علي خطاياي وخوفي من الدينونة الآتية.

وتلي ذلك أعزب ما سمعت من كلمات. وتحدث القس طبقاً لما ورد في الكتاب المقدس عن الله القدوس والعادل والبار وهو أيضاً رحيم وحنان وغافر وفي محبته دبر لنا عملاً فدائياً الذي به يمكن للخاطئ أن يصطلح مع الله القدوس. وبإمكاننا الحصول علي هذا الفداء من خلال حياة البر، والموت النيابي والقيامة المعجزية والصعود الممجد لإبن الله الذي حمل عنا لعنة الخطية علي الصليب وبذلك فقد أرضي عدالة ومنح الرحمة للخطاه. وكل ما يتطلبه الله منا هو التوبة والإيمان بشخص المسيح.

شعرت بنوع من التمزق بين كل ما تعلمته كمسلم وبين ما أسمعه الآن. نصف تفكيري يريد أن يؤمن بكل ما أسمع والنصف الآخر متمسك بالمعتقدات القديمة. وشعرت بمعركة داخلية في عقلي وروحي. وأخيراً تركت الاجتماع وأنا مدرك أن كل ما قيل هو الحق كله. وشعرت بحاجة شديدة للمخلص. ورغم هذا فقد شعرت بنوع من التحفظ وتراجعت عن قبول فكرة المسيح المخلص.

وبعد بضعة أسابيع حضرت اجتماعاً آخر حيث منحني الله القدرة للتوبة لكي أؤمن بالعمل المجيد للرب يسوع. وتأكدت دون أدني شك أن خطاياي قد غفرت وشعرت بتغيير داخلي ورغبة للمعرفة والحب والخدمة والطاعة وعبادة خالقي وفادي المبارك. كما هو مكتوب :

"لأننا كنا نحن أيضاً قبلاً أغبياء، غير طائعين، ضالين، مستعبدين لشهوات ولذات مختلفة، عائشين في الخبث والحسد، ممقوتين، مبغضين بعضنا بعضاً. ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضي رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغني علينا بيسوع المسيح مخلصنا حتي إذ تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية". (تيطس 3 : 3 -  7).

ومنذ ذلك اليوم المجيد في يوليو سنة 1986 ازدادت رغبتي في تمجيد إله خلاصي لأحبه وأطيعه وأخدمه وأعبده فهو الذي مات طوعاً علي صليب الجلجثة من أجلي لكي يعلن : "ليس بأحد غيره الخلاص فليس هناك اسم آخر تحت السماء به ينبغي أن نخلص". (أعمال 4 : 12) "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن علي الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فيلبي 2 : 10 -  12).

لذلك أشجعك أيها القارئ العزيز أن تهرب من الغضب الآتي واطلب الرب مادام يوجد وادعوه وهو قريب ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلي الرب فيرحمه وإلي الهنا لأنه يكثر الغفران". (أشعياء 55 : 5 -  7).

"لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بار ربما لأجل الصالح يجسر أحد أن يموت ولكن الله بين محبته لنا ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا فبالأولي كثيراً ونحن متبررون الآن بدمه نخلص به من الغضب" (رومية 5 : 6 -  9).


أيضاً إقرأ له المقال الذي عنوانه :" أقوال يسوع " أنا هو " تثبت ألوهيته

الصفحة الرئيسية