اقرأ أمثال 1 -- 3

لا يوجد شيء يمكن أن نربحه في هذا العالم - حتى لو ربحنا العالم كله (متى 26:16؛ مرقس 36:8؛ لوقا 25:9) - يمكن أن يقارن بالقيمة الأبدية للحكمة الروحية الحقيقية. هذه الحكمة لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى إلا بالتأمل في كلمة الله.

إن مرشدنا المحب، الذي يقودنا إلى أفضل ما في الحياة، ينصحنا قائلا: يا ابني إن قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك، حتى تميل أذنك إلى الحكمة وتعطّف قلبك على الفهم، إن دعوت المعرفة، ورفعت صوتك إلى الفهم، إن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز، فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة الله (أمثال 1:2-5).

هذا الرسالة موجهة إلى "ابني" (أمثال 1:2). فمثل الابن الذي يثق ثقة مطلقة في أبيه، ينصحنا الرب أن نقبل ... ونخبئ ... ونميل أذننا ... وندعو ... ونرفع صوتنا [أي نطلب بصوت عال] ... ونطلب ... ونبحث عن الحكمة كما يبحث الإنسان عن الكنوز الخفية (أمثال 1:2-4). هذا الفصل يركز على أهمية اختياراتنا. وكأن الرب يقول لنا: "خذ تعليمي بجدية". فإن اكتساب الحكمة من الرب ليس أمرا تلقائيا، ولا يحدث بأن ينجرف الإنسان إليه. وإنما الأمر يحتاج إلى قرار إرادي بالبدء والاستمرار. فهذه الكلمات تحتاج إلى إخلاص نابع من قلب موحد: إن دعوت المعرفة ورفعت صوتك إلى الفهم (أمثال 3:2). فالأمر يتطلب تصميما ثابتا.

توجد خطوط إرشادية بها يصبح الخضوع الكامل ممكنا للذين لديهم استعداد أن يطيعوا قول الرب: توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقك اعرفه وهو يقوّم سبلك. لا تكن حكيما في عيني نفسك (أمثال 5:3-7). عندما تكون لدينا هذه الرغبة ونتمسك بها بإصرار فلا بد أن نتلامس مع حكمة الله وقوته التي تحفظنا من الشر.

إنه لأمر عجيب حقا هذا الكم الكبير من التعليم الدراسي الذي نعتقد أنه أساسي استعدادا لمدة حياتنا القصيرة التي تبلغ فقط 70 سنة. فإننا نقضي ست سنوات - من الدراسة اليومية - في المرحلة الابتدائية، ومع ذلك فهي ليست كافية للوصول إلى أهداف الحياة. ثم ست سنوات أخرى في المراحل الأعلى وتكون هذه أيضا غير كافية، ثم أربع سنوات في الكلية لمن يريدون التخصص في العلوم أو الطب أو غيرها من المجالات الفنية. أما في الحياة المسيحية، فعلى النقيض تماما، إذ يبذل معظم المسيحيين القليل جدا من الوقت والجهد في إعداد أنفسهم لما يريدهم الرب أن يكونوا من أجل تحقيق الغرض الذي من أجله خلقهم. إن الحصول على أفضل ما يريده الله لنا استعدادا للأبدية وأيضا لهذه الحياة، معناه التكريس والالتزام بنفس القدر الذي لدى أولئك الذين يطلبون أهدافا عالمية.

إن السلوك بالروح لا تحبط هذه الطاقة الزائدة التي نسعى بها وراء النجاح الزمني. وإنما على العكس، فهي تدعونا إلى تحويل نفس هذه الطاقة - مثل الشخص الذي يبحث عن الفضة أو الكنوز الثمينة (أمثال 4:2) - إلى البحث عن الحكمة التي لا يستطيع أحد أن يعطيها إلا الله وحده. وهذا يعني عمرا بأكمله من المجهود الروحي المتزايد، يقضيه الإنسان في قبول كلام الله، وتخبئة وصاياه، وإمالة أذنه إلى الحكمة، وطلبها بصوت عال، والبحث والتنقيب عن الحق (أمثال 1:2-4).

إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر، فسيُعطى له (يعقوب 5:1).

إعلان عن المسيح: كالخالق الذي أسّس الأرض وثبّت السموات (أمثال 19:3). كل شيء قد خُلق في المسيح.

أفكار من جهة الصلاة: انتظر الرب فسيجدد قوتك (إشعياء 31:40).

عودة للفهرس