اقرأ إرميا 34 -- 36

بعد أربع سنوات من تعيين فرعون مصر ليهوياقيم ملكا على يهوذا، هزم نبوخذنصر المصريين، واستولى على أورشليم، وجعل يهوياقيم ملكا خاضعا له. وعلى عكس أبيه التقي يوشيا، كان يهوياقيم حاكما قاسيا وشريرا. وأخذ نبوخذنصر بعض الإٍسرائيليين البارزين، بما فيهم دانيال ورفقائه الثلاثة، كما أخذ من الهيكل بعض آنية بيت الله (دانيال 2:1).

في ذلك الوقت، تكلم الرب إلى إرميا، والذي بدوره أمر سكرتيره باروخ أن يسجل في درج [وهو لفافة من ورق البردي أو الجلود تكتب عليها الوثائق] كل أحكام الرب التي كلمه بها على إسرائيل وعلى يهوذا وعلى كل الشعوب من اليوم الذي كلمتك فيه من أيام يوشيا إلى هذا اليوم (إرميا 2:36). لقد كان هدفه هو أن يقود شعب يهوذا إلى التوبة (إرميا 3:36).

وطلب منه أن يقرأ هذا الدرج في ثلاث مناسبات. اقرأ في الدرج الذي كتبت عن فمي كل كلام الرب في آذان الشعب في بيت الرب في يوم الصوم ... واقرأه أيضا في آذان كل يهوذا القادمين من مدنهم ... لعلهم يرجعوا كل واحد عن طريقه الرديء (إرميا 6:36-10). ولا يقال شيء عن رد فعل الشعب باستثناء أن ميخا تقابل مع جميع الرؤساء وأخبرهم بكل الكلام الذي سمعه عندما قرأ باروخ السفر في آذان الشعب... فأرسلوا إلى باروخ وطلبوا منهم أن يقرأه مرة أخرى على مسامعهم، فقرأ باروخ في آذانهم (إرميا 13:36-15). ويبدو أنهم ارتعبوا من كلمات النبي، فألح هؤلاء الرؤساء على باروخ قائلين: اذهب واختبئ أنت وإرميا (إرميا 19:36)، وفي نفس الوقت أرسلوا وفدا لإخبار الملك.

بعد ذلك أرسل الملك رجلا اسمه يهودي ليحضر الدرج (إرميا 20:36-21). كان هذا في شهر كسلو الذي يوافق شهري نوفمبر وديسمبر عندنا - وكان الجو بارداً وماطرا، والكانون [أي المدفأة] قدامه متقد (إرميا 22:36). وللمرة الثالثة بدأ يهودي في القراءة، ولكن الملك لم يدعه يكمل القراءة. فبعد أن قرأ يهودي ثلاثة شطور [أي عواميد] أو أربعة ، استشاط الملك يهوياقيم غضبا وانتزع الدرج من يده، وشقه بمبراة [أي مطواة] (إرميا 23:36)، وكلمة شقه تحمل معنى التقطيع عدة مرات، ثم بعد ذلك ألقاه في النار. كان هذا هو كل ما استطاع أن يفعله كملك - أما أن يفند محتوياته فلقد كان ذلك فوق حدود استطاعته. وعلى الرغم من أن الدرج قد احترق إلا أن الحق الموجود بداخله لا يمكن تدميره أو إخماده. ولكن رد فعل يهوياقيم كان يشير إلى رفضه وكراهيته للحق.

إن الحق أبدي - لأن كلمة الله تبقى إلى الأبد (1 بطرس 25:1). وكما قال الرب يسوع: كلامي لا يزول (لوقا 33:21).

ومثل يهوياقيم، فإن الكثيرين اليوم يختمون مصائرهم ويقطعون على أنفسهم كل رجاء في الحياة الأبدية برفضهم قراءة كل الحق الذي أعطاه لنا الرب لنعد به أنفسنا لعمل ما يرضيه. إن التاريخ يسجل مناسبات عديدة فيها أحرق الكتاب المقدس؛ ولكن ما الفرق بين الذي يحرق الكتاب وبين الذي يتجاهله في حياته؟ لقد كانت دائما كلمة الله موضع هجوم وموضع تقطيع بالألسنة المتمردة وبالقلوب المتحجرة. إن يهوياقيم لم يكن رافضا للكتاب في حد ذاته وإنما كان يرفض إله الكتاب. إن أوراق الواعظ يمكن تمزيقها بسهولة، ولكن الحق الذي تحتويه العظة لا يمكن أبدا أن يزول.

فدعونا لا ننسى أبدا كلمات المسيح الذي قال: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد... بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم (متى 28:10).

إعلان عن المسيح: بصفته الشخص الذي يريد الحرية للمأسورين (إرميا 13:34-16؛ قارن مع إشعياء 1:61). قال يسوع: روح الرب عليّ ... لأنادي للمأسورين بالإطلاق (لوقا 18:4-19؛ قارن مع 2 كورنثوس 17:3).

أفكار من جهة الصلاة: يجب أن تكون صلواتك مقدمة إلى الله بقلب خاضع (لوقا 42:22).

عودة للفهرس