اقرأ إرميا 41 -- 44

بعد أن انهزم صدقيا أمام نبوخذنصر، قام نبوخذنصر بتعيين جدليا حاكما على فقراء الأرض الذين لم يسبوا إلى بابل (إرميا 7:40). وكان جدليا، وهو صديق لإرميا، من أسرة مرموقة وذات نفوذ. وكان جده هو شافان الذي عمل كسكرتير للدولة في أيام الملك يوشيا والذي أعلن للملك عن اكتشاف سفر الشريعة (2 ملوك 10:22). وكان والد جدليا، أي أخيقام، هو الذي أنقذ إرميا من القتل على يد إحدى العصابات بعد الاتهام الشائن له في الهيكل (إرميا 24:26).

وأقام جدليا حكومته في مدينة المصفاة، والتي تبعد حوالي خمسة أميال شمال أورشليم. وعندما هاجم نبوخذنصر اليهود، كان إسماعيل وهو قائد أحد الأحزاب الوطنية المعادية لبابل، وهو أيضا من العائلة المالكة ومن بيت داود، قد هرب مع كثيرين غيره عبر الأردن والتجأوا إلى ملك عمون. ولكنه عندما سمع أن جدليا قد تعين حاكما من قبل البابليين رجع إلى يهوذا.

فاستقبله جدليا بحفاوة وأقام له وليمة تكريما له مع بعض الجنود البابليين المقيمين بالمصفاة. وفي هذه المناسبة بالتحديد، قام إسماعيل ورفقاؤه العشرة بقتل جدليا والجنود البابليين (2 ملوك 25:25؛ إرميا 7:40 - 18:41).

وتوقع الإسرائيليون أن نبوخذنصر لابد أن ينتقم، لذلك طلبوا من إرميا أن يصلي لأجلهم قائلين: فيخبرنا الرب إلهك عن الطريق الذي نسير فيه والأمر الذي نفعله (إرميا 3:42). فأعلن لهم الرب أنهم يجب أن يمكثوا في يهوذا وألا يخافوا من ملك بابل (إرميا 10:42-11). ولكنهم في الواقع لم يسألوا هل ينبغي أن يمكثوا في أرض الموعد، لأنهم كانوا قد اتخذوا قرارهم بالفعل بالهروب إلى مصر (إرميا 19:42-21). فطلبوا من إرميا أن يصلي من أجلهم لأنهم كانوا يريدون أن يعرفوا إلى أين يتجهون وأي طريق يسلكون لتنفيذ خطتهم المسبقة. فتجاهلوا تحذير الرب وهربوا إلى مصر وأجبروا إرميا على الذهاب معهم.

كانت مصر - التي ترمز إلى العالم - تبدو مكانا آمنا. وقد كانت واحدة من أعظم البلاد المنتجة للقمح في العالم القديم، لذلك شعر اللاجئون أنه لن يعوزهم الطعام. والأكثر من ذلك فإنهم كانوا يعتبرون مصر من البلاد الصديقة. ولشدة العجب فلقد تركوا الصديق الحقيقي الوحيد والتجأوا إلى مستعبديهم السابقين.

ولم يكن هناك أشق على نفس إرميا من أن يُجبر على الذهاب إلى مصر كرهينة. وهناك شاهد الناس وهم ينحدرون أكثر في الخطية وفي الوثنية، رافضين الله الحقيقي وعابدين آلهة مصر التي تعرف باسم ملكة السموات (إرميا 15:44-19).

قد يقول البعض أن إرميا النبي العظيم كان بلا شك يستحق معاملة أفضل من ذلك نظرا لولائه وإخلاصه للرب بدلا من أن يجبر على الذهاب إلى مصر. ولكن إرميا لم يكن يتوقع حياة سهلة. وعلى الرغم من ضيقه بسبب عدم إيمان الشعب إلا أنه لم يكن لديه ما يخاف منه. لقد كان خادما لله العلي وكان يعتبر ذلك امتيازا له أن يخدمه.

ومثل إرميا فإننا لن نختبر السلام الحقيقي - سلام الله الذي يفوق كل عقل (فيلبي 7:4) - إلا بعد أن نتخلى بإرادتنا عن اهتماماتنا لنكون له شهودا، بغض النظر عن النتائج.

من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح (فيلبي 8:3).

إعلان عن المسيح: من خلال "عبيدي الأنبياء" (إرميا 4:44؛ قارن مع أعمال 20:3-21).

أفكار من جهة الصلاة: رنم للرب وسبّحه حتى في أوقات الشدة (أعمال 22:16-25).

عودة للفهرس