مقدمة لسفر إشعياء

كان إشعياء النبي يعيش في أورشليم،عاصمة اليهودية. وقد استمرت خدمته لما يقرب من 60 سنة خلال فترة حكم عزيا، ويوثام، وآحاز، وحزقيا، وربما منسى.

ويحتوي سفر إشعياء على 66 أصحاحا - مثل عدد أسفار الكتاب المقدس. والأصحاح المحوري (53) يحتوي على النبوة المميزة بشأن آلام مخلصنا الذي ينبغي أن يشغل مكانا محوريا في حياتنا.

وتتضح أهمية هذا السفر من عدد المرات التي اقتبس فيها منه في العهد الجديد. وقد ذكر سفر إشعياء بالاسم 21 مرة في العهد الجديد.

الأصحاحات 1-7 تغطي النبوة الأولى لإشعياء وهي تركز على اليهودية وأورشليم. وقد وبخهم قائلا: ويل للأمة الخاطئة ... اسمعوا كلام الرب ... كفوا عن فعل الشر. ثم حرضهم على التوبة، وأخيرا حذرهم قائلا: إن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف (إشعياء 4:1،10،16،18-20). والأصحاحات 2-4 تخبر عن المجد المستقبلي لبيت الرب. والأصحاحات 5-7 تتحدث عن العذراء وابنها عمانوئيل (10:7-16).

الأصحاحات 8-12 تنبئ عن سقوط المملكة الشمالية التي كانت قد اتحدت مع سوريا في دولة متحدة من أجل صد غزو الآشوريين الذين كانوا أقوى إمبراطورية في العالم في ذلك الوقت. وعندما رفض آحاز أن ينضم للتحالف، قامت إسرائيل وسوريا بغزو اليهودية. وقد أصروا على استبدال آحاز بطبيئيل (وهو سوري على الأرجح) وبالتالي يلزمون اليهودية بالانضمام إليهم. وتوجد نبوة عن الهزيمة في أصحاح 9 مع رؤية مستقبلية عن فادي البشرية، يليها رؤية عن الملكوت الآتي للملك البار.

بعد ذلك وجه رسالته إلى الأمم الوثنية التي كانت تحيط باليهودية وإسرائيل (إشعياء أصحاح 13-23): بابل، وأشور، وفلسطين، وموآب، ودمشق، وإثيوبيا، ومصر، ودومة [أدوم]، والعربية، وأورشليم، وصور.

ثم اتجهت رسالته بعد ذلك إلى العالم كله - معلنا عن الدينونة التي ستحدث في يوم الرب (إشعياء 1:24،4-5،17-22؛ 6:25-12؛ 21:26؛ 1:27).

وقد نطق إشعياء بست لعنات في الأصحاحات الست التالية (أصحاح 28-33) - أولا بخصوص السكيرين في السامرة، ثم بخصوص المرائين، والمخططين للشر في أورشليم، وجميع المتمردين على الرب، وصانعي التحالف غير المقدس، والآشوريين المخربين.

وقد أنبأ إشعياء أيضا عن ملكوت المسيا (أصحاح 32) والضيقة العظيمة التي ستحدث (أصحاح 34) والتي سيليها الملك الألفي للمسيح (أصحاح 35).

ويتكلم الأصحاحان 36-37 عن القوة العليا، ثم عن دمار أشور.

ويتكلم الأصحاحان التاليان (38-39) عن حزقيا الذي أوشك على الموت، ولكنه نال شفاء معجزيا بسبب صلاته. ونظرا لغرابة الأمر، فلقد جاء مندوبون من بابل لزيارته.

والأصحاحات 40-50 مخصصة لسلطان الله على مصير دولتي أشور وبابل وكورش عبد الرب.

يلي ذلك نبوات عجيبة عن المسيح، يهوه الحقيقي (أصحاح 49-50)؛ وردّ إسرائيل وفداء العالم (أصحاح 51-55). ثم نجد عرضا للخطايا السائدة في ذلك الوقت (أصحاح 56-59). ويظهر المسيا بوضوح في الأصحاحات 60-62. في الناصرة قرأ يسوع من أصحاح 61 وطبق كلماته النبوية على نفسه. والأصحاحان 63-64 فيهما تأملات مؤسفة عن الخطية والألم، ثم صلوات من أجل النجاة. والأصحاحات الختامية هي استعراض للسماء الجديدة والأرض الجديدة (أصحاح 65-66).

اقرأ إشعياء 1 -- 4

كشف إشعياء لشعب إسرائيل عن مدى غبائهم وعنادهم قائلا: الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف [أي لا يعرفني ولا يعترف بي ربا له] (إشعياء 3:1). وقد استخدم هذين التشبيهين - الثور لأنه أقل الحيوانات ذكاء والحمار لأنه أكثرها عنادا - وكلاهما يشير كيف أن بني إسرائيل كانوا ناكرين للجميل وإلى أي مدى ابتعدوا عن المصدر الحقيقي للإرشاد.

وقد كشف إشعياء عن شر الإسرائيليين في زمنه فقال: تركوا الرب، استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى وراء (إشعياء 4:1). كان الهدف الرئيسي لإشعياء هو أن يشجع الشعب ليسمعوا كلام الرب ... ويصغوا إلى شريعة إلهنا (إشعياء 10:1). فإن هذا من شأنه أن يقود الأمة إلى الشعور بخطيتها والرغبة في البر.

أكد الرب لإسرائيل أن العبادة الحقيقية والذبائح والتقدمات هي مصدر سرور له، ولكنها تصبح مكرهة له عندما يقدمها الناس ولا تكون لديهم الرغبة في خدمته بكل قلوبهم (إشعياء 13:1).

وقد وجه أيضا إشعياء التحذير لبني إسرائيل بأنهم إن لم يتوبوا فسيؤكلون بالسيف (إشعياء 20:1). فإن الأمان الذي يتوهمونه على أساس عهدهم مع الرب هو أمان كاذب. فلم يكن بنو إسرائيل مجرد ضحايا للزمان الذي كانوا يعيشون فيه. وإنما البلاد المحيطة التي هددت أمنهم كانت تنفذ أوامر الرب وتجري قضاءه.

إن إهمال بني إسرائيل لكلام الرب قد فتح الباب لشرور عديدة. وقد فضح إشعياء قادة الأمة قائلا: رؤساؤك متمردون ولغفاء اللصوص [أي رفقاء اللصوص] ؛ كل واحد منهم يحب الرشوة ويتبع العطايا [أي يسعى وراء المكسب] (إشعياء 23:1). فبتجاهلهم لكلمة الله حولوا العبادة إلى مجرد طقوس.

لابد أن يأتي يوم دينونة على جميع الذين يرفضون إعلان كلمة الله المقدسة، وهلاك المذنبين والخطاة يكون سواء، وتاركو الرب يفنون (إشعياء 28:1).

ثم تطلع إشعياء إلى المستقبل البعيد وتنبأ قائلا: ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتا في رأس الجبال ... وتسير شعوب كثيرة ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب ... لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب (إشعياء 2:2-3، أيضا 11،17).

إن أول مؤشر لانحدار الشخص هو أنه لا يجد وقتا لقراءة الكتاب المقدس، وهذه إهانة لله. وعندما نفعل ذلك فإننا أيضا نحرم أنفسنا من المصدر الحقيقي الوحيد للحياة الروحية والحماية والإرشاد. فعندما نستبعد كلمة الله من حياتنا، يبدأ إخلاصنا للرب ينقص وتصبح الخطية أمرا حتميا.

لم يحدث أبدا أن اكتشف أحد الحق من جهة الله، وأن الإنسان خاطئ، وأن المسيح هو المنقذ، بدون الكتاب المقدس. كتب يعقوب قائلا: وُلدنا بكلمة الحق ... فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة [أي المزروعة في قلوبكم] القادرة أن تخلص نفوسكم (يعقوب 18:1،21). وكتب بطرس قائلا: مولودين ثانية ... بكلمة الله ... وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به (1 بطرس 23:1؛ 2:2).

إعلان عن المسيح: بصفته الشخص الذي "يقضي بين الأمم" (إشعياء 2:2-4؛ قارن مع ميخا 1:4- 3). إن ربنا يسوع المسيح هو القاضي العادل الذي سيكافئ الذين يطيعون كلمته وينتظرون مجيئه (رومية 17:6-18؛ 2 تيموثاوس 1:4-8). إن "غصن الرب" يشير إلى المسيح نفسه كذرية داود (إشعياء 2:4).

أفكار من جهة الصلاة: ترجى الرب في صلاة شفاعية من أجل الآخرين عندما تكون لديك تساؤلات (خروج 11:32).

اقرأ إشعياء 5 -- 9

كانت إسرائيل وسوريا قد وحدتا صفوفهما للتغلب على مملكة يهوذا وخلع الملك آحاز (إشعياء 6:7). في ذلك الوقت تكلم الرب من خلال إشعياء لتشجيع آحاز الشاب بإعطائه فرصة لكي يثق في حماية الرب له، فقال له: اطلب لنفسك آية من الرب إلهك [أي اطلب علامة تثبت لك أن الرب قد تكلم وأنه سينفذ كلامه] ((إشعياء 11:7). وحيث أن أباه وجدّه كانا تقيين، فلقد كان آحاز مدركا تماما لقدرة الله ووجوده. ولكنه رفض أن يطلب قائلا: لا أطلب ولا أجرب الرب ((إشعياء 12:7). وفي الواقع فإن تواضعه هذا كان مجرد رياء. فبدلا من أن يضع ثقته في الرب، كان آحاز قد دفع مبلغا كبيرا من المال للآشوريين لكي يحاربوا سوريا وإسرائيل (2 ملوك 7:16-9). ولكن هذا وضع يهوذا أيضا تحت سيطرة الآشوريين مثلما تنبأ إشعياء: إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا [أي إن لم تؤمنوا بالرب وبكلام أنبيائه بدلا من الاعتماد على أشور، فلن تجدوا الأمان] (إشعياء 9:7). وقد كان زمن ملك آحاز الشرير زمنا مظلما حقا على يهوذا سواء من الناحية الروحية أو الاقتصادية.

وفيما بعد جاء الملك الآشوري الغالب شلمنأسر، والذي تولى الحكم بعد تغلث فلاسر، وهاجم السامرة التي هي عاصمة المملكة الشمالية؛ وبعد حصار ثلاث سنين، سقطت وانهزمت هزيمة ساحقة مثلما أنبأ إشعياء تماما: في مدة خمس وستين سنة ينكسر أفرايم حتى لا يكون شعبا (إشعياء 8:7؛ أيضا 2 ملوك 4:17-6).

كان إشعياء هو الناطق عن لسان الرب الذي كان لديه قصد نبوي مجيد للغاية في دعوته لآحاز إذ قال: اطلب لنفسك آية ... ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل [ومعنى هذا الاسم "الله معنا"] (إشعياء 11:7،14). وبعد سبعمائة سنة أكد ملاك الرب هذا الكلام للعذراء مريم قائلا: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله (لوقا 35:1).

كان يسوع هو الله ظاهرا في شكل إنسان - أي إنسان والله في آن واحد. وقد حبلت به العذراء مريم بطريقة سماوية. وفتح الطريق لخلاص الخطاة الهالكين بواسطة حياته الكاملة التي بلا خطية، ثم مات على الصليب نيابة عنا، ودُفن، وقام من الموت.

والكلمة [أي المسيح] صار جسدا [صار إنسانا] وحل بيننا [عاش بيننا فترة]؛ ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا (يوحنا 14:1).

وقد رأى أيضا النبي إشعياء رؤية مجيدة أخرى عن ملك الملوك الأبدي، ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام (إشعياء 6:9). فحيث أنه الابن الخالق الكائن منذ الأزل (يوحنا 1:1-3؛ عبرانيين 3:1؛ 3:11)، فهو أيضا عجيبا في حياته على الأرض، وعجيبا في انتصاره على الموت، وعجيبا في منحه الحياة الأبدية لجميع الذين يؤمنون. هو وحده المشير العجيب - معلن الحق - لأنه هو الحق. إنه يقدم لنا المشورة في داخلنا بأن يعرفنا بما هو صواب من خلال كلمته ومن خلال المعلمين الأمناء.

إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله [المشير الكلي الحكمة] الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر فسيُعطى له (يعقوب 5:1).

إعلان عن المسيح: بصفته عمانوئيل، ابن العذراء (إشعياء 14:7). توجد نبوات أخرى عن المسيح في إشعياء 14:8؛ 2:9،6-7. يخبرنا إشعياء 6:9 بأنه يولد لنا ولد (ولادته)، ونعطى ابنا (صلبه)، وتكون الرياسة على كتفه (مجيئه الثاني) (رؤيا 11:19-21؛ أيضا متى 21:1-25؛ 13:4-16؛ لوقا 26:1-33؛ 1 تيموثاوس 16:3).

أفكار من جهة الصلاة: عبر عن امتنانك لما يقدمه الرب لك من خيرات (تثنية 11:26).

اقرأ إشعياء 10 -- 14

عندما شنت مملكة إسرائيل الشمالية، بالتحالف مع سوريا، هجومها على يهوذا (إشعياء 1:7-7)، تنبأ إشعياء بأنها سوف تنهزم أمام الآشوريين وستؤخذ إلى السبي ((إشعياء 8:7). وقد كان زمنا عصيبا وكئيبا مليئا بالارتباك والتردد، لا يعرف الشعب ماذا يصدق وأي الطرق يسلك ((إشعياء 22:8). وعلى الرغم من أن بني إسرائيل لم ينكروا وجود الله، إلا أن معظمهم كانوا قد تحولوا عن الرب وعن كلمته التي تحتوي وحدها على الحلول لجميع مشاكل الحياة. وكانوا قد أضافوا عبادة الآلهة الكاذبة الملهمة من الشيطان وكانوا يستشيرون العرافين طلبا للإرشاد.

وكان إشعياء قد حذر قائلا: ألا يسأل شعب إلهه؟ إلى الشريعة وإلى الشهادة، إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر ((إشعياء 19:8-20). وبنفس الطريقة فإن كثيرين اليوم يلجأون إلى اليوجا، وفلسفات العصر الحديث، والتأمل، وتحضير الأرواح، وغيرها من الديانات "البديلة" التي هي في الحقيقة استبدالات شيطانية لكلمة الله الواحد الحقيقي.

وتطلع إشعياء إلى ما بعد الغزو الآشوري إلى الزمن الذي فيه ستسود بابل على العالم. ثم أنبأ أيضا، على الرغم من غرابة الأمر، بأن بابل ستنهزم وستفنى قبل حدوثه بـ 180 سنة. ثم تنبأ إشعياء بأن بابل، بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين ... لا تعمر إلى الأبد ((إشعياء 19:13-20).وقد ظلت هكذا إلى يومنا هذا. وعلى النقيض الآخر، فلقد تنبأ بأن مملكة يهوذا ستنهزم أيضا، ولكن سترجع ... بقية يعقوب إلى الله القدير ((إشعياء 21:10).

بعد ذلك تطلع إشعياء إلى الأمام 700 سنة، إلى ولادة يسوع ابن داود، فقال: ويخرج قضيب من جذع يسّى ... ويحل عليه روح الرب ((إشعياء 1:11-2). وقد سجل متى البشير في سلسلة نسب يسوع أن: يسى ولد داود الملك (متى 6:1)؛ ويوحنا المعمدان أقر قائلا: وإذا السموات قد انفتحت له، فرأى [أي يوحنا] روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه (متى 16:3). وأكمل إشعياء قائلا بأنه في ملكوته ستمتلئ الأرض من معرفة الرب ... ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم (إشعياء 6:11-7،9-10).

وقد أكد يوحنا ذلك في بطمس: أنا يسوع أرسلت ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس، أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير (رؤيا 16:22).

لقد دعي إشعياء لتعزية وتشجيع بقية صغيرة وأمينة (إشعياء 9:1) واعداً إياهم بغد أكثر إشراقا - وبأنه سيأتي ملك يحكم بالبر ويمنح السلام والأمان لليهود والأمم على السواء. وإلى أن يأتي ذلك اليوم، علينا أن نعرّف بين الشعوب بأفعاله ونذكر بأن اسمه قد تعالى! (إشعياء 4:12).

ومن الأمور الملحوظة في نبوة إشعياء عن المسيا أنها تخلو من أي إشارة إلى بركات زمنية. فلقد كانت البركات الروحية مستحوذة على كل اهتمام إشعياء في هذه الترنيمة المفرحة: رنموا للرب لأنه قد صنع مُفتَخرا [أي صنع أمورا مجيدة]؛ ليكن هذا معروفا في كل الأرض. صوّتي واهتفي يا ساكنة صهيون، لأن قدوس إسرائيل عظيم في وسطك ((إشعياء 5:12-6).

إعلان عن المسيح: بصفته من نسل يسى، أبي داود الملك (إشعياء 1:11). يخبرنا إشعياء 11 عن ملك المسيح على الأرض بالبر (متى 31:25-46؛ رؤيا 20-21).

أفكار من جهة الصلاة: اشكر الرب لأن جميع قديسيه هم في يده (تثنية 1:33-3).

اقرأ إشعياء 15 -- 21

عاد إشعياء بأفكاره من الملك المستقبلي المجيد إلى رئيس السلام، ليعلن عن العديد من الأحمال التي سيتم رفعها: في سنة وفاة الملك آحاز كان هذا الوحي (إشعياء 28:14).. من جهة موآب : إنه في ليلة خربت عار موآب ((إشعياء 1:15).. من جهة دمشق : هوذا دمشق تزال من بين المدن وتكون رجمة ردم ((إشعياء 1:17).. أشدود [في فلسطين] - سرجون ملك أشور حارب أشدود وأخذها ((إشعياء 1:20).. يسوق ملك أشور سبي مصر وجلاء كوش الفتيان والشيوخ عراة وحفاة ((إشعياء 4:20).. بابل - قد أبطلتها ((إشعياء 2:21).

كانت بابل هي المدمر العظيم - والقوة التي ستحمل أيضا الشعب اليهودي إلى السبي. ولكن الرب أعلن قائلا: هأنذا أهيج عليهم الماديين ((إشعياء 17:13). فيا لها من نبوة مذهلة، إذ أن مادي كانت أمة صغيرة وقليلة الشأن في هذا الوقت! ولكن ربما المذهل أيضا هو التنبؤ بأن يهوذا ستتعرض لكارثة قومية وحزن وإحساس بالعجز التام. قال النبي: لذلك الثروة التي اكتسبوها وذخائرهم يحملونها إلى عبر وادي الصفصاف ((إشعياء 7:15). فإنهم لم يتمكنوا من أخذ شيء معهم، وهذا يشير إلى فناء الممتلكات الأرضية. فإنه خوفا من أهوال الحرب، حاول الأغنياء أن يجمعوا بسرعة أشياءهم الثمينة ليهربوا إلى عبر الحدود، ولكنهم هناك فقدوا ممتلكاتهم.

وعندما فقد يهوذا كل شيء - الهيكل، والأسوار، والمدينة، والثروة، ووسائل الترف - عندئذ فقط تحولت قلوبهم عن الأوثان ليعبدوا الله الحي. فلقد تحولت خسارتهم "المأساوية" إلى بركة عظيمة.

لا يوجد شيء يحجب إرادة الله عن الأبصار مثل النجاح والسلام الطويل والأمان المادي. قال سليمان بحكمته: يوجد شر خبيث رأيته تحت الشمس: ثروة مصونة لصاحبها لضرره (جامعة 13:5). وقد قال الكثير ربنا يسوع عن الثروة، وهو كلام نادرا ما يتردد على مسامعنا: ويل لكم أيها الأغنياء (لوقا 24:6). ولكن في تجاهل تام لتحذيرات الرب، انخدع الناس اليوم بوسائل الرفاهية، فاستمروا يكنزوا لهم كنوزا على الأرض ... حيث ينقب السارقون ويسرقون (متى 19:6). إن الأمان المادي يغذي الاكتفاء بالذات، بدلا من الاعتماد على الرب، وهو يؤدي إلى الطمع الذي بدوره يدمر الرغبة في الاستثمار في الكنوز الأبدية.

إن ربنا يسوع لم يشجعنا أبدا على تكديس الممتلكات المادية. وإنما قال: انظروا وتحفظوا من الطمع؛ فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ... بع كل مالك وأعط الفقراء ... وتعال اتبعني حاملا الصليب [أي سالكا نفس الطريق التي سلكتها أنا] (لوقا 15:12؛ مرقس 21:10).

وأسفاه على المؤمنين والكنائس والطوائف الذين يكدسون الأموال في البنوك والأسهم والسندات وغيرها من طرق الاستثمار الأرضي، غير عالمين أنهم يخدعون أنفسهم.

وعلى النقيض الآخر نجد الأشخاص ذوي البصيرة الروحية، الذين يستثمرون ثروتهم في القيم الأبدية - لتغيير حياة الناس وإتمام الإرسالية العظمى التي ائتمنهم الرب عليها. فمع أنهم قد تخلوا عن الغنى الأرضي، إلا أنهم ربحوا كنوزا أبدية، إذ أن الله قد اختار فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان (يعقوب 5:2).

إعلان عن المسيح: بصفته الشخص الذي سوف يجلس على عرش داود (إشعياء 5:16؛ قارن مع لوقا 32:1-33) وبصفته المخلص (إشعياء 20:19).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن يعطيك إرشادا محددا في كل ما تفعله (قضاة 1:1-2).

اقرأ إشعياء 22 -- 26

النقطة الرئيسية في قراءة اليوم هي "يوم الرب" الذي سيأتي سريعا. وقد أبلغت الرسالة أولا ليهوذا، ثم لإسرائيل، ثم للأمم الوثنية المحيطة، وأخيرا للعالم أجمع. ويقال في ذلك اليوم هوذا هذا إلهنا انتظرناه ... أيها الرب إلهنا قد استولى علينا سادة سواك، بك وحدك نذكر اسمك. هم أموات لا يحيون، أخيلة لا تقوم (إشعياء 9:25؛ 13:26-14).

على مدى قرون عديدة واجه بنو إسرائيل أعداء كثيرين - ابتداء من العبودية على يد فرعون في مصر، ثم المضايقات من الشعوب المحيطة - الفلسطينيين، والآشوريين القساة، وأخيرا البابليين. لقد سيطر حقا على إسرائيل "سادة سواك" ((إشعياء 13:26).

وقد أنبأ النبي إشعياء عن الدمار الكامل الذي سيلحق ببابل على يد مملكة لم تكن قد وجدت بعد، تحت قيادة رجل اسمه كورش كان سيولد بعد 150 سنة. وكورش هذا هو الذي سيطلق سراح الشعب اليهودي ويعطي الحرية للجميع. كان الأمر كله يبدو مستحيلا. ولكن بنفس اليقين الذي تحققت به هذه النبوة، يمكننا أن نتأكد أن المسيح الملك - الإله القدير ... رئيس السلام ((إشعياء 6:9) - سيمنحنا الحرية، ليس لكي نفعل الخطية، وإنما لكي نتحرر من الخطية - لأنه يعظم انتصارنا بالذي أحبنا (رومية 1:6-2؛ 37:8).

إن تاريخ إسرائيل يمثل اختبار كل مؤمن حقيقي. كان هناك قبلا أعداء أقوياء يسيطرون على أذهاننا وأجسادنا ونفوسنا وأرواحنا - " سادة سواك " متمثلين في الديانات التقليدية، والعادات الاجتماعية، والشهوات الجسدية - شهوة الجسد [أي اشتهاء المتعة الحسية]، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة (1 يوحنا 16:2). هذه القوى الشديدة التابعة للشيطان وأعداء الروح تحاول أن تيئسنا وتهزمنا وتخدعنا وتفقدنا حريتنا التي لنا في المسيح. فالشيطان يحاول أن يفرض علينا مشاعر الإجهاد والإحباط والضيق وغيرها الكثير من أعراض عدم الإيمان التي تقاوم الحياة الممتلئة بالروح القدس. ولكن هؤلاء السادة السابقين هم أموات لا يحيون، أخيلة لا تقوم [أي خيالات عديمة القدرة].

عندما يكون إيماننا ثابتا في الرب، فإنه يحفظنا في سلام تام لأن أذهاننا وميولنا مرتكزة عليه: تحفظه سالما سالما لأنه عليك متوكل (إشعياء 3:26). والسلام الذي يتكلم عنه إشعياء هنا يعني حرفيا السلام الفائض المستمر الذي لا ينتهي، والذي يبقى في كل الأوقات وتحت كل الظروف. هذه حقيقة، لأنه كما يقول إشعياء: كل أعمالنا صنعتها لنا ((إشعياء 12:26).

وهذا السلام التام لا ينتج عن إغماض العينين وإنكار الهيجان الحادث حولنا، ولكنه ينتج عن الاعتراف بوجود المسيح في داخلنا. لذلك كان المسيحيون الأوائل قادرين على مواجهة الأسود - فإنهم لم يدخلوا الساحات الرومانية بمفردهم بل برفقة المسيح الموجود في داخلهم. لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم (1 يوحنا 4:4).

فلنطرح أرواح الشك - هي أخيلة لا تقوم - ولنخضع لسلطان كلمة الله: لا تملكنّ الخطية في جسدكم المائت [أي الذي عمره قصير] لكي تطيعوها في شهواته ... بل قدموا ذواتكم لله ... وأعضاءكم آلات بر لله (رومية 12:6-13).

إعلان عن المسيح: بصفته الشخص الذي معه مفتاح بيت داود (إشعياء 22:22). المسيح هو القدوس الحق الذي له مفتاح داود، الذي يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح (رؤيا 7:3).

أفكار من جهة الصلاة: سبح الرب من أجل الصلوات المستجابة (1 صموئيل 10:1-11،20،27-28).

اقرأ إشعياء 27 -- 31

كانت المملكة الشمالية جميلة وهادئة عندما نادى إشعياء قائلا: ويل لإكليل فخر سكارى أفرايم [الويل للسامرة التي هي تاج افتخار السكيرين في أفرايم والأسباط العشرة] (إشعياء 1:28).

كان إشعياء شديد اللهجة. وقد حذر الشعب من تدمير أنفسهم بواسطة الانغماس في شهوات الذات ورفض كلمة الله. فإن إسرائيل التي كانت تنعم في الترف الزائد، بما فيها من بيوت للصيف وبيوت للشتاء، وقصور من العاج، وحدائق، ومزارع كروم وتين وزيتون، وبيوت مصنوعة من حجارة منحوتة، وأسرّة [جمع سرير] من عاج، والتي فيها يدهن الناس أجسامهم بأفخر الأطياب (1 ملوك 39:22؛ عاموس 15:3؛ 9:4؛ 11:5؛ 4:6،6)، قد جعلت من هذه الأشياء آلهة أخرى.

بعد ذلك تحول إشعياء إلى وضع يهوذا، وأدانها لأنهم اتبعت مثال السامرة. كانت يهوذا أيضا قد دخلت في تحالف سري عسكري مع مصر، ولكن النبي أشار إلى هذا التحالف أنه ملجأ الكذب ... عهد مع الموت ... تكونون له للدوس [أي سيجعلكم تحت أقدامه] (إشعياء 17:28-18).

إن كل خاطئ اليوم لديه ملجأ كذب . فالسكير يظن أنه يستطيع أن يتحكم في نفسه وأنه سوف يمتنع عن الشراب قبل أن يلحق به الدمار؛ والمقامر يظن أنه يستطيع أن يرهن ماله مرة أخرى ويكون رابحا؛ والزاني والفاسق يظن أنه لن يكتشف أمره أبدا؛ واللص والإنسان غير الأمين يعتقد أنه قد اختار أقصر الطرق إلى النجاح. هؤلاء جميعا أقنعوا أنفسهم أنهم حالات استثنائية، وشأنهم شأن يهوذا فإنهم مخدوعون وقد صنعوا - دون أن يعلموا - عهدا مع الموت الذي نهايته عذاب أبدي.

وقد ناشد إشعياء شعبه بأن يضعوا ثقتهم في الرب الذي هو أكثر ضمانا من "حجر أساس" هيكل سليمان. لقد كان "حجر أساس" الهيكل حجرا ضخما. فبعض حجارة الهيكل كان طولها يزيد على 30 قدما، ووزنها أكثر من مائة طن. وهي لا تزال موجودة إلى اليوم. وبعد ذلك تنبأ إشعياء عن مجيء المسيح: هأنذا أؤسس في صهيون حجرا، حجر امتحان، حجر زاوية كريما، أساسا مؤسسا (إشعياء 16:28). إن المسيح هو الأساس المؤسس لخلاصنا.

المسيحية تبدأ بالإيمان الفردي. إذ من اللحظة التي يؤمن بها يصبح المسيحي عضوا في كيان أكبر، يشبه بالمبنى الذي يستخدم فيه العديد من القطع لبنائه. وكما أن المصمم الرئيسي للمبنى لديه الحكمة من جهة استخدام المواد المختلفة بأفضل طريقة مناسبة، كذلك فإن المسيح يستخدمنا بحسب اختياره في إتمام خدمته (رومية 4:12-8).

فنحن مبنيون على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه رأس الزاوية. ومن خلاله كل جزء يتحد بالمبنى، وهكذا ينمو المبنى ليصبح هيكلا مقدسا.

ويؤكد الروح القدس لجميع المؤمنين أنهم يستطيعون أن يضعوا ثقتهم الكاملة في المسيح، لأنه مكتوب: ها أنا أضع في صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة وكل من يؤمن به لا يخزى (رومية 33:9؛ أيضا 1 بطرس 6:2).

إعلان عن المسيح: بصفته حجر الامتحان [أي الحجر المختبر] ، حجر الزاوية الكريم، الأساس المؤسس [أي المتين] (إشعياء 16:28). لقد أصبح يسوع هو حجر الزاوية الأساسي (متى 42:21-46؛ أعمال 10:4-12؛ رومية 29:9-33؛ أفسس 8:2-22؛ 1 بطرس 6:2-8).

أفكار من جهة الصلاة: سبح الرب لأن كلماته صادقة (2 صموئيل 28:7).

اقرأ إشعياء 32 -- 37

مرت عشرون سنة بعد أن غزا سنحاريب، ملك أشور،المملكة الشمالية ودمرها. وكان في السنة الرابعة عشرة للملك حزقيا أن سنحاريب ملك أشور صعد على كل مدن يهوذا الحصينة وأخذها (إشعياء 1:36). في ذلك الوقت كان غرب آسيا بأكمله تحت السيطرة الأشورية، بما في ذلك بابل ومادي وأرمينيا، والجوزان، وسوريا، وفينيقيا، ودمشق، والسامرة، وفلسطين، وأدوم.

وقد هزم ملك أشور 46 مدينة وقرية من يهوذا في حملة واحدة وأخذ إلى السبي حوالي 200.000 من سكانها. وأرسل ملك أشور ربشاقى [رتبة عسكرية] من لاخيش [القلعة اليهودية المشرفة على الطريق من مصر] إلى أورشليم إلى الملك حزقيا بجيش عظيم (إشعياء 2:36) لكي يتفاوض مع حزقيا بشأن الاستسلام الكامل وغير المشروط.

وأرسل حزقيا ألياقيم رئيس الكهنة، وشبنة الكاتب، ويوآخ المسجل، ليسألوا ربشاقى عن مطالبه. فاستهزأ ربشاقى بهم أولا بسبب إيمانهم بالرب إله حزقيا، وسخر أيضا من اتكالهم على مصر لأجل مركبات وفرسان (إشعياء 9:36). فلقد كانت مصر هي الأمة الوحيدة في العالم التي تصلح أن تكون حليفا عسكريا قويا. فلقد كان في مصر جيش مدرب، ومركبات وخيول كثيرة، وأسلحة وفيرة للحرب. وفي ذلك الوقت كانت مصر على صلة وثيقة بإثيوبيا وكانا يقدران أن يأتيا معا إلى الحرب بقوات بلدين كبيرين - بجيش عدده على الأقل مليون جنديا (2 أخبار 9:14).

وحتى ذلك الحين لم تكن أشور قد انهزمت في أي معركة. وعندما عاد ألياقيم وشبنة ويوآخ بالرد النهائي للأشوريين إلى حزقيا، ذهب حزقيا في الحال إلى بيت الرب، ونشرها [أي الرسائل] أمام الرب. وصلى حزقيا إلى الرب قائلا ... أمل يا رب أذنك واسمع ... كل كلام سنحاريب الذي أرسله ليعيّر الله الحي. حقا يا رب إن ملوك أشور قد خربوا كل الأمم وأرضهم ... والآن أيها الرب خلصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب وحدك (إشعياء 14:37-20). لقد كانت صلاة حزقيا مؤسسة على رغبته في أن يكرم الله الحي، الرب وحده.

بعد ذلك أرسل إشعياء إلى حزقيا الإجابة التي أخذها من الرب: هكذا يقول الرب إله إسرائيل الذي صليت إليه ... إني أحامي عن هذه المدينة لأخلصها (إشعياء 21:37-35). في تلك الليلة خرج ملاك الرب وقتل 185 ألف جنديا من معسكر أشور. وعندما استيقظ سنحاريب في الصباح التالي وجد جيشه بأكمله ميتا. وعندما عاد إلى نينوى قتله ابناه (إشعياء 36:37-38).

كم هو ضروري أن نتبع مثال حزقيا، لكي يتمجد الرب في صلواتنا وطلباتنا. فإننا نقدر نحن أيضا أن نحصل على إرشاد الرب وحمايته؛ ولكننا نحتاج أن نتجه إلى الرب يوميا في الصلاة - معترفين باتكالنا الكامل عليه وراغبين في أن نرى مشيئته تتحقق من خلالنا.

ولا زال الرب يقول لنا: ادعني فأجيبك وأخبرك بعظائم وعوائص لم تعرفها (إرميا 3:33). كذلك فإن الرب يسوع يؤكد لنا قائلا: إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم (يوحنا 7:15).

إعلان عن المسيح: بصفته الصخرة العظيمة (إشعياء 2:32). إن المسيح متاح دائما لجميع الذين يضعون ثقتهم فيه ولا يضعونها في القوة البشرية، للحصول على الراحة والأمان في أرض معيية. الرب صخرتي وحصني ... من هو صخرة سوى إلهنا؟ (مزمور 2:18،31؛ أيضا متى 28:11-30). وبصفته الملك الذي سيجري القضاء على الأرض (إشعياء 17:33؛ 4:34-5). في ذلك اليوم سيرى المؤمنون الحقيقيون الملك في قوته وجلاله العظيم، ولكن الهالكين سيواجهون هوانا وخزيا (متى 30:24؛ 2 بطرس 10:3).

أفكار من جهة الصلاة: صل متذكرا بأنه ليس مثل الرب (2 ملوك 14:19-15،19).

اقرأ إشعياء 38 -- 42

كانت قد مرت حوالي 13 سنة منذ أن جاء إشعياء إلى حزقيا بهذا الخبر المثير أن الرب قد وعد قائلا: أحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي (إشعياء 21:37، 35-36). في ذلك الوقت قتل ملاك الرب 185 ألفا من جنود سنحاريب، وهكذا نجت مملكة يهوذا الصغيرة بطريقة معجزية من جيوش الإمبراطورية الأشورية العالمية التي لا تقهر.

في تلك الأيام مرض حزقيا للموت. فجاء إليه إشعياء النبي وقال له: هكذا يقول الرب أوص بيتك لأنك تموت ولا تعيش (إشعياء 1:38؛ 2 ملوك 1:20؛ أيضا 2 أخبار 24:32-26). حتى هذا الوقت لم يكن حزقيا قد أنجب ابنا بعد، وبالنسبة لليهودي فإن عدم إنجاب ذرية من الذكور كان يعتبر أمرا محزنا. وكذلك فإن موت الإنسان في منتصف عمره كان يعتبر علامة على الغضب الإلهي (أيوب 32:15؛ 15:22-16؛ مزمور 23:55؛ أمثال 27:10؛ جامعة 17:7). ولكن الأسوأ من هذا كله هو أن نسل داود سينقطع!

كان حزقيا قد اختبر من قبل استجابات معجزية لصلواته، فوجه حزقيا وجهه إلى الحائط وصلى إلى الرب وقال: آه يا رب، اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب سليم، وفعلت الحسن في عينيك. وبكى حزقيا بكاء عظيما (إشعياء 2:38-3). وعندما قال حزقيا أنه سار أمام الرب بالأمانة وبقلب سليم (قارن إشعياء 17:38)، فلقد كان يعني أنه لم يعبد الأوثان على الإطلاق، وخدم الرب بأمانة، ولم يحد عن وصاياه متعمدا. وقد صادق الكتاب المقدس على صلاة حزقيا أنها صحيحة (2 ملوك 3:18-6؛ 2 أخبار 20:31-21).

ولم يكن إشعياء قد ابتعد كثيرا عن فراش حزقيا في القاعة الوسطى بالقصر، إلا وسمع صوت الرب قائلا: اذهب وقل لحزقيا، هكذا يقول الرب ... قد سمعت صلاتك، قد رأيت دموعك؛ هأنذا أضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة (إشعياء 5:38؛ 2 ملوك 5:20-6).

لا ينبغي أبدا أن نتردد في الصلاة عندما يكون هدفها إكرام الرب، حتى ولو بدت الظروف ميئوسا منها.

ولكن هذا لا يعني أن الرب سيجيب دائما كل الصلوات بطريقة معجزية. فإن الرسول بولس ترك تروفيمس مريضا في ميليتس (2 تيموثاوس 20:4).

إننا كثيرا ما نقبل بسهولة شكوى الشيطان علينا - بأننا لا نستحق أن يستجيب الله صلواتنا. فمع أننا يجب أن نعرف أخطاءنا وأن نعترف بخطايانا؛ ولكن في نفس الوقت يجب أن نكون مدركين للأمور الجيدة التي أجراها الروح القدس بعمله الداخلي في حياتنا وكيف أننا نسعى بإخلاص للتشبه بالمسيح وتمجيده في حياتنا، لأن هذا يعظم نعمة الله. وفوق ذلك فإن الله ينتظر منا أن نجعل إرادته تتحقق من خلال صلواتنا. إن الذين يثقون في الرب وينتظرونه لا بد أن يكتشفوا قيادته لهم لأجل تحقيق مقاصده.

إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة؛ الأِشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدا! ... لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه (2 كورنثوس 17:5،21).

إعلان عن المسيح: كالخالق (إشعياء 28:40؛ قارن مع يوحنا 1:1-3)؛ والراعي (إشعياء 11:40؛ قارن مع يوحنا 11:10)؛ والفادي (إشعياء 14:41). وبصفته ملاك الرب (إشعياء 26:27).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب الرب في الصلاة باستمرار واعتمد على قوته (1 أخبار 11:16).

اقرأ إشعياء 43 -- 46

كانت عاصمة بابل محاطة بأسوار كثيفة يبلغ ارتفاعها حوالي 300 قدما وعرضها يكفي لأن تسير مركبتان فوقها جنبا إلى جنب. وكان البابليون متأكدين أنه لا يمكن لأحد أن يغزو مدينتهم العظيمة. ومع ذلك فلقد تنبأ إشعياء بأن رجلا اسمه كورش سيرأس إمبراطورية كانت في ذلك الوقت أمة غير منظمة وقليلة الشأن. وقال أيضا أن كورش سيغزو بابل عن طريق بوابات عبر النهر الذي يمر في وسط المدينة: هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما وأحقاء ملوك أحل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق (إشعياء 1:45).

لم يكن في استطاعة أحد سوى روح الله أن يعطي لإشعياء مثل هذه التفاصيل المذهلة بخصوص هزيمة بابل. وقد أعطى أيضا تفاصيل مدهشة بأنها لن يعاد بناؤها ولن يسكنها أحد فيما بعد: وتصير بابل، بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين، كتقليب سدوم وعمورة، لا تعمر إلى الأبد (إشعياء 19:13-20؛ أيضا 22:21).

وفي الساعة المحددة سقطت مدينة بابل أمام القوات المشتركة لدولتي مادي وفارس. فلقد تم تحويل مسار نهر الفرات الذي يمر في وسط مدينة بابل، واجتازت جيوش مادي وفارس على مجرى النهر اليابس من خلال بوابتين كانت قد تركت مفتوحة في تلك الليلة بالذات (إشعياء 27:44).

نظرا لأن أورشليم كانت صغيرة جدا وضعيفة بالمقارنة مع إمبراطورية بابل العملاقة، فإن نبوة إشعياء عن أورشليم كانت أكثر عجبا إذ قال عن أورشليم ستعمر ولمدن يهوذا ستبنين وخربها أقيم (إشعياء 26:44). كل هذا قيل في الوقت الذي كان فيه الهيكل لا يزال قائما والأسوار في حالة ممتازة والأمة لا تزال تتمتع بحريتها. والأكثر من ذلك فإنه قد يبدو من غير المعقول أن قائدا وثنيا يسعى إلى تحرير اليهود من الأسر ثم يحثهم على الرجوع إلى أورشليم وإعادة بناء الهيكل. ولكن الرب قال عن كورش أنه راعيَّ [أي الحاكم الذي ينفذ مشيئتي] فكل مسرتي يتمم (إشعياء 28:44). وقد حدث ذلك في تمام انتهاء 70 سنة على ذهاب يهوذا إلى السبي. لم تكن هناك نبوة مثل هذه يصعب تحقيقها.

إن نبوة إشعياء تدل على العلم المسبق الذي يمتلكه الرب وحده. وتحقيق هذه النبوات يجب أن يزيل كل شك من جهة اهتمامه بنا وقدرته الفائقة على إتمام وعوده. فالكتاب المقدس يعلن لنا أن لدى الله خطة كاملة لحياتنا. لذلك فمن المهم جدا أن نقرأه يوميا، لأنه بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نصبح الأشخاص الذين يريدنا الرب أن نكون ونستعد لتحقيق القصد الذي من أجله خلقنا.

فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر [أي لا تتشكلوا بحسب عادات هذا العصر] (رومية 1:12-2).

إعلان عن المسيح: بصفته الفادي (إشعياء 1:43؛ 22:44-24). بموته على الصليب، صنع المسيح الفداء لجميع الذين يؤمنون به كالمخلص (1 كورنثوس 20:6؛ 1 بطرس 18:1-19).

أفكار من جهة الصلاة: مجّد الرب لأنه يقدر أن يستخدم قادة الدول لتحقيق مقاصده (عزرا 27:7- 28).

اقرأ إشعياء 47 -- 51

يبدو أن المسبيين اليهود القلائل الذين ظلوا أمناء للرب كان يطغي عليهم الحزن في كثير من الأحيان، فيقولوا: قد تركني الرب، وسيدي نسيني (إشعياء 14:49). فإنه من الطبيعي أن تقع الدينونة على الأشرار، أو ربما أيضا على المرتدين، ولكن الأمر الذي يثير العجب هو أن تحدث أشياء رديئة لأكثر المؤمنين إخلاصا - أولئك الذين يخافون الله ويسمعون لصوت مسيحه ومع ذلك يسلكون في ظلمات وضيق شديد (إشعياء 10:50). ولكن التعجب من هذا الأمر يدل على نقص الإيمان الناتج عن عدم فهم كلمة الله فهما صحيحا.

لقد كان الرب قريبا جدا من شعبه المتألم في السبي في بابل، وكان يتكلم إليهم بكلمات الشفقة والعطف قائلا: أنا أنا هو معزيكم. من أنت حتى تخافي من إنسان يموت، ومن ابن الإنسان الذي يجعل كالعشب [أي الذي يفـنى كالعشب] ، وتنسي الرب صانعك باسط السموات ومؤسس الأرض (إشعياء 12:51-13).

كان الرب يذكر بني إسرائيل أنهم لا زالوا شعبه. وقد عرفوا عن طريق الأنبياء أن آلامهم وخسائرهم الفادحة كانت ضرورية لتحريرهم من عبادة الآلهة الكاذبة ولإعدادهم لكي يصبحوا رعايا ملكوت أبدي أكثر مجدا بما لا يقاس. وقد ذكّرهم الرب أيضا بأمانته معهم في الماضي وأكد لهم أنه لا يزال يحبهم.

فعندما ينقطع رجاء بعد رجاء، وتفشل خطة بعد خطة، وتواجهنا تجربة بعد تجربة، فإننا نحتاج أن نتذكر نبوة إشعياء عن ابن الله الكامل: بذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين، وجهي لم أستر عن العار والبصق. والسيد الرب يعينني (إشعياء 6:50-7). لقد علمنا الرب أن نتوقع مثل هذه الآلام قائلا: ليس التلميذ أفضل من المعلم ولا العبد أفضل من سيده (متى 24:10). فلا ينبغي أن نندهش عندما نواجه صعوبات في هذه الحياة.

فإن كل واحد منا إما أنه قد تعرض بالفعل أو سوف يتعرض لتجارب قاسية من قوات الشر. فلا تنزعجوا إذا وجدتم فجأة أن كل عالمكم ينهار من حولكم.

وإذ نستمر مصلين بحرارة وإصرار ومثابرة، فإننا نحتاج نحن أيضا أن نتذكر كلام إشعياء إلى الشخص المتألم: من منكم خائف الرب سامع لصوت عبده؟ ... فليتكل على اسم الرب ويستند إلى إلهه (إشعياء 10:50). إن الذي يشك في محبة الرب واهتمامه ورعايته الشخصية يفترض أنه غير قادر على إتمام وعده: ها أنا معكم كل الأيام (متى 20:28؛ أيضا 2 تيموثاوس 7:1). والأكثر من ذلك فإنه يفترض أن قدرة الإنسان على إيذائه أكبر من قدرة الله على حمايته.

ولكن القرار الأخير هو لنا، إذ علينا أن نتحول من الشك القائل: "لماذا أنا دون غيري؟" إلى اليقين القائل: "من هو المتحكم في أمور العالم؟". إن الرب قادر على إخراج البركة من الانكسار، والنصرة من الشدائد، مثلما فعل مع أيوب الذي تألم أكثر من أي إنسان آخر في الكتاب المقدس باستثناء الرب يسوع. ولكن أيوب انتصر على محنته بسبب إيمانه بأن الرب هو المتحكم في الأمور، لأنه يعرف طريقي إذا جرّبني أخرج كالذهب (أيوب 10:23).

إعلان عن المسيح: بصفته نور الأمم (إشعياء 6:49) الذي أحضر نور الخلاص الإلهي لجميع أمم الأرض (لوقا 32:2؛ أعمال 47:13).

أفكار من جهة الصلاة: صلِّ وتشفّع من أجل أسرتك (أيوب 5:1).

اقرأ إشعياء 52 -- 57

وصف إشعياء المسيا وملك الملوك بأنه المخلص المتألم. وقد كان ذلك مخالفا تماما لما هو متوقّع، حتى أنه يبدأ كلامه بالقول: من صدّق خبرنا؟ (إشعياء 1:53). عندما خدم الرب يسوع في أرض الموعد، لم يؤمن سوى أشخاص قليلين بأنه المسيح ابن الله الحي (متى 16:16). وقد استمر هذا الوضع على مدى 2000 سنة منذ ذلك الحين. نبت قدامه كفرخ [أي مثل نبات غض] وكعرق [أي مثل جذر] من أرض يابسة (إشعياء 2:53). هذا يشير إلى حالة الفساد الذي كان في العالم عند ولادته ولا يزال موجودا حتى الآن.

لم يدافع المسيح عن حقوقه ولم يحاول أن يفرض سيطرته على الآخرين. إنه عبد فريد لأنه حمل خطايا جميع الذين يعترفون بذنبهم ويخضعون حياتهم له. وهو بعد ذلك يقوم بالتشفع من أجلهم. لقد تحقَّقت في يسوع مواصفات العبد المتألم بشكل تام وأصبح مثالا للمؤمنين الذين يريدون أن يخدموا الرب اليوم. لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه . لم يكن فيه شيء يجذب الانتباه لأنه جاء من عائلة فقيرة - كان ابنا لنجار ونشأ في مدينة قليلة الشأن هي الناصرة. كمستَّر عنه وجوهنا [أي مثل شخص محتقر عندما يراه الناس يغطون وجوههم] محتقر فلم نعتدّ به [لم نقدر قيمته] (إشعياء 3:53)؛ وهذا يعني أن العالم رفض أن يقبله كما هو بالحقيقة فعلا - الله الخالق العظيم. لقد كان محتقرا من جهة أن الناس لم يلتفتوا كثيرا إلى تعاليمه، ومن جهة أنهم طردوه بعنف من المجمع في بلده وأرادوا أن يطرحوه من فوق الجبل، وأيضا من جهة أن كثيرين من تلاميذه رجعوا إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه (يوحنا 66:6). لقد تجنبه معظم القادة والحكام (يوحنا 48:7)، وحتى تلاميذه فعندما شعروا أن حياتهم في خطر فلقد تركوه وهربوا (متى 56:26). لقد حمل ابن الله الكامل الذي بلا خطية جميع خطايا الذين سيقبلون إليه لينالوا غفرانه والحياة الأبدية.

إنه حقا أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها (إشعياء 4:53). وكلمة "أوجاعنا" تعني جميع أنواع الألم النفسي وأيضا الجسدي. لم يجنب نفسه آلام البشر، ولكنه توحد مع البائسين والمرضى والعميان والبرص والفقراء والحزانى والمتألمين لفقدان أحبائهم.

تأديب سلامنا عليه [أي التأديب اللازم لإعطائنا السلام] (إشعياء 5:53) - بمعنى أن التأديب الذي وقع عليه أنهى العداوة التي بين الإنسان الساقط والله القدوس.

كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا (إشعياء 6:53). "كلنا" تعني أكثر من مجرد إسرائيل، فهي تشمل البشرية كلها. ليس بار ولا واحد (رومية 10:3).

مبطلا بجسده ناموس الوصايا في فرائض لكي.. يصالح الاثنين [أي اليهود والأمم] في جسد واحد مع الله بالصليب ... فجاء وبشركم بسلام أنتم البعيدين والقريبين (أفسس 15:2-17).

إعلان عن المسيح: بصفته الشخص المرفوض من شعبه (إشعياء 3:53؛ قارن مع لوقا 18:23؛ يوحنا 11:1)؛ والذي ظل صامتا عندما اتهم زورا (إشعياء 7:53؛ مرقس 4:15-5)؛ ودفن مع الأغنياء (إشعياء 9:53؛ متى 57:27-60)؛ وصلب مع الأشرار (إشعياء 12:53؛ مرقس 27:15-28).

أفكار من جهة الصلاة: مّجد اسم الرب وشخصه وصفاته وأنت تصلي صلاة التسبيح (مزمور 1:8-9).

اقرأ إشعياء 58 -- 63

توجد طاقة معجزية تنطلق من السماء بواسطة الصوم لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى. ونجد المثال على ذلك في حياة موسى الذي صام 40 يوما في مناسبتين. وقد صام شعب نينوى ليتجنب الهلاك؛ وصامت إستير وشعبها لكي ينالوا النجاة؛ وصام دانيال ثلاثة أسابيع ليتغلب على القوات الشيطانية؛ وصام الرب يسوع 40 يوما عندما كان الشيطان يجربه؛ وصام كرنيليوس فحصل على التجديد (أعمال 30:10). لقد أعطانا الرب يسوع توجيهات خاصة عن الصوم (متى 16:6-18؛ لوقا 35:5).

ولكن بني إسرائيل تذمروا قائلين: "إننا نصوم ولكن صلواتنا لا تُستجاب" - لماذا؟ لقد كشف الرب، من خلال إشعياء، المتطلبات الأساسية اللازمة ليكون الصوم فعالا. أولا، لم يحقق صوم الإسرائيليين النتائج والبركات المرجوة لأن صومهم كان محوره الذات، وقد وضّح لهم ذلك قائلا: ها إنكم للخصومة والنزاع تصومون (إشعياء 3:58-4). وكانوا أيضا يصومون لكي يراهم الآخرون - يوما يحني فيه الإنسان كالأسلة رأسه ويفرش تحته مسحا ورمادا. هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب؟ (إشعياء 5:58).

بالإضافة إلى ذلك كانت هناك ثلاثة أسباب أخرى جعلت صومهم باطلا: النير [أي الأحمال التي يثقّلون بها على المظلومين]، والإيماء بالإصبع [أي أنهم يشيرون بإصبعهم استهزاء بالبائسين أو الأتقياء]، وكلام الإثم [أي كل أنواع الغش والقسوة والظلم والشر في الكلام] (إشعياء 9:58). فإذا كان ما نعمله للرب أو للناس يضع نيرا عليهم - كأن نتوقع مثلا خدمات خاصة في المقابل - أو إذا كان هناك إصبع ممدود بالاستهزاء، أو كلام صعب أو ظالم أو شرير، فهذا دليل على وجود مشكلة كبرياء تسمى بالبر الذاتي.

كثيرون يظنون أن المسيحية هي مجموعة أشياء لا نعرفها. ولكن المسيحية في الواقع هي شيئا نتحول إليه - إذ نتحول إلى آنية مختارة لخدمة الرب. أليس هذا صوما أختاره: حل قيود الشر، فك عقد النير، وإطلاق المسحوقين أحرارا، وقطع كل نير؟ أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك؟ (إشعياء 6:58-7).

إن الروح القدس الساكن فينا يجعل نور محبة الله تشع من خلالنا. فإن الحياة الممتلئة بالروح القدس هي التي تقودك إلى نزع النير من وسطك ... وإنفاق نفسك للجائع وإشباع النفس الذليلة ... وعندئذ يشرق في الظلمة نورك، ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر، ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك (إشعياء 9:58-11). ما أكثر الناس الذين لم يحصلوا بعد على كلمة محبة الله. فليست لديهم كتب مقدسة ولا وسائل تعليمية. هذا من شأنه أن يجعلنا نعيد تقييم أولوياتنا من جهة ما ينبغي أن نحتفظ به لأنفسنا.

هناك فرق بين أن تكسر للجائع خبزك (ع 7) وبين أن تنفق نفسك للجائع (ع 10). فالأولى معناها أنك تعطي ثم تمضي إلى حال سبيلك، أما الثانية - تنفق نفسك للجائع - فهي تعني أكثر من ذلك بكثير. إنها تعني تقديم محبة الله وعطفه وحنانه إلى عالم جائع وضائع ومحتضر.

ولما رأى الجموع تحنن عليهم إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها (متى 36:9).

إعلان عن المسيح: بصفته الشخص الممسوح ليبشر المساكين (إشعياء 1:61-2). لقد بشر يسوع بهذا الجزء أمام القادة في الهيكل (لوقا 16:4-22)، وتوقف في منتصف القراءة، مبينا أنه إن كان قد حقق الجزء الأول، إلا أن الجزء الثاني - يوم الانتقام - لم يأتِ بعد. إن المسيح يشفي المنكسري القلوب (إشعياء 1:61؛ مزمور 3:147) ويحررنا بحقه (يوحنا 32:8-36).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن يطهرك من الخطايا المستترة (مزمور 12:19).

اقرأ إشعياء 64 -- 66

لقد رأى إشعياء الأشوريين الأقوياء وهم يهزمون الشعوب الأخرى. وبلا شك أنه تشجع أثناء فترة حكم الملك حزقيا الذي جاء بعد آحاز الشرير. ولكن بعد موت حزقيا تولى الحكم ابنه منسى الشرير. وقد كان واحدا من أشر الملوك في تاريخ يهوذا. أثناء هذه الفترة أطلق إشعياء هذه الصرخة المدوية: ليتك تشق السموات وتنزل، من حضرتك تتزلزل الجبال ... منذ الأزل لم يسمعوا ولم يصغوا لم تر عين إلها غيرك يصنع لمن ينتظره (إشعياء 1:64،4).

لقد كانت "جبال" المقاومة ترتفع من الخارج وأيضا من الداخل. لقد وصلت مملكة يهوذا إلى مستويات منحدرة جدا لأن ليس من يدعو باسمك أو ينتبه [أي يستيقظ وينهض] ليتمسك بك (إشعياء 7:64). لقد ترك الشعب الرب، وكانوا إما ينصتون للأنبياء الكذبة الشائعين أو يتحوّلون إلى الآلهة الكاذبة التي تعبدها الشعوب المحيطة.

كانت معظم أرض يهوذا قد أصبحت مهجورة - مدن قدسك صارت برية ... وأورشليم موحشة (إشعياء 10:64). كان شعبها قد تشتت ولم يتبقّ سوى أقلية صغيرة أمينة للرب. وفي يهوذا كان الناس يتجاهلون كلمة الرب المعلنة بواسطة الأنبياء: بسطت يديَّ طول النهار إلى شعب متمرّد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره (إشعياء 2:65).

عندما كان إشعياء لا يزال شابا في مقتبل العمر، انتصرت أشور على إسرائيل الشمالية وأخذت معظم أهلها للسبي. وبعد 13 سنة انهزمت السامرة وذهبت بقية إسرائيل إلى السبي في مناطق متفرقة من المملكة الأشورية. وبعد 20 سنة أخرى، استولت أشور على 46 مدينة في يهوذا وسبوا حوالي 200.000 من مواطنيها.

وكما قال إشعياء، يجب علينا نحن أيضا أن نستمر صارخين إلى الرب في الصلاة معترفين بالمشاكل التي تواجه شعبنا - مترجين حضوره لأن من حضرتك تتزلزل الجبال (إشعياء 1:64).

قد يبدو أحيانا أن حتى علاقتنا بالرب تتعطل بسبب مشاكل تبدو بلا حل - وكأنها "جبال" شاهقة. ولكن الرب يريدنا أن ندرك أنه هو الإله القدير الذي خلق الكون وهو يقدر أن يحمي ويعول ويرشد جميع الذين يصلون إليه ويتمسكون به مثلما فعل إشعياء.

بعض هذه "الجبال" هو نتيجة للمقاومة الصريحة من الشيطان. ولكن بعضها الآخر نابع أساسا من عدم أمانتنا في قراءة كلمة الله والصلاة والمواظبة على العبادة مع الآخرين (عبرانيين 25:10). إن الخطية والأنانية والاهتمام بالذات تتحوّل إلى "جبال" تحرمنا من الطاقة الروحية، لذلك يجب أن نتوب عنها.

وعندما نصلي، فإن الرب سيزيل جميع "جبال" الصعوبات أو يمنح قوة للتغلب عليها، فجميعها بلا استثناء يمكننا أن نتخطاها. وقد اقتبس الرسول بولس من إشعياء في رسالته إلى كنيسة كورنثوس: ما لم تر عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه (1 كورنثوس 9:2).

إعلان عن المسيح: بصفته خالق السموات الجديدة والأرض الجديدة (إشعياء 17:65؛ 22:66؛ قارن مع 2 بطرس 13:3). وبصفته الشخص الذي سيظهر مجده بين الأمم (إشعياء 18:66-19؛ رؤيا 12:5-13).

أفكار من جهة الصلاة: اشكر الرب من أجل أعماله الصالحة (مزمور 6:26-7).

 

عودة للفهرس