مقدمة لسفر متى

كاتب إنجيل متى هو رجل يهودي كان يشغل منصبا هاما ومربحا كجامع للجزية في الحكومة الرومانية، ولكن يسوع قال له اتبعني (متى 9:9)، فأدرك أن الأرباح المادية لا يمكن أن تقارن بالقيمة الأبدية للفرص التي لا يتيحها إلى يسوع وحده.

وقد كتب متى أساسا إلى اليهود، واقتبس من جميع أسفار العهد القديم تقريبا. وقد استخدم أكثر من 100 اقتباسا مباشرا وغير مباشر من الناموس والأنبياء والمزامير. وقد كان هدف متى هو تأكيد الحقيقة أن يسوع هو المتمم لجميع النبوات المعطاة لإسرائيل بشأن المسيا الملك. ولذلك فإن العبارة " لكي يتم ما قيل " تتكرر 13 مرة في إنجيل متى (22:1؛ 15:2،17،23؛ 14:4؛ 17:8؛ 17:12؛ 14:13،35؛ 4:21؛ 56:26؛ 9:27،35).

وحيث أن رغبة كل يهودي كانت مركزة في المسيا الموعود به وملكوته، فلقد استخدم متى عبارة " ملكوت السموات " 33 مرة وسجل سبعة أمثال تبدأ بالعبارة " يشبه ملكوت السموات " (متى 24:13،31،33،44،45،47،52). والأمثال والتعاليم من الصفات البارزة في إنجيل متى لأن الشعب يريد أن يسمع ماذا سيقول الملك.

وقد سجل متى أيضا 23 معجزة كدليل على أن يسوع هو المسيا. وآخر هذه المعجزات هي معجزة ذبول شجرة التين، وهي ترمز إلى القضاء على إسرائيل - وتخبرهم بأن ملكوت الله سوف ينزع منهم (متى 43:21).

ويقدم متى الهدف من إنجيله في الكلمات الافتتاحية: كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (1:1). والكلمات ابن داود ابن إبراهيم تأتي 10 مرات في إنجيل متى. فإن "ابن داود" تربط المسيح بالعرش، أما "ابن إبراهيم" فهي تربطه بالمذبح. يبدأ متى إنجيله بسلسلة نسب يسوع ويقودنا إلى ولادته المعجزية. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل (متى 22:1؛ إشعياء 14:7). وقد حققت ولادته في بيت لحم نبوة ميخا بأن المسيا سوف يولد في مدينة داود (ميخا 2:5؛ أيضا لوقا 4:2).

وقد تتبّع متى سلسلة نسب يسوع من إبراهيم إلى داود، كدليل على أن يسوع قد تمم نبوات العهد التي أعطاها لهم الله (تكوين 1:12-3؛ 2 صموئيل 8:7-17). ثم استمرت السلسلة حتى يوسف الذي كان الأب الشرعي، مع أنه ليس الفعلي، للرب يسوع. ويؤكد إنجيل متى الولادة الطبيعية لكل ابن من أبيه من خلال تكرار كلمة "ولد" في جميع المراحل. أما في العدد 16 فإننا نلاحظ تغييرا واضحا إذ يقول: يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع (متى 16:1).

وقد كان السنهدريم يحتفظ بالسجلات المدنية حتى يستطيع اليهود أن يعرفوا سلسلة أنسابهم. ولكن أعداء المسيح لم يحاولوا أبدا أن ينقضوا دعواه بأنه من العائلة المالكة - ابن داود. فلو كان يوسف هو الأب الفعلي ليسوع، لما كان من حق يسوع أن يجلس على كرسي داود، لأن يوسف كان من يكنيا الذي حرمه الرب من أن يملك على إسرائيل (إرميا 23:22-30؛ أيضا 2 ملوك 8:24-15؛ 2 أخبار 8:36-10). ولكن مريم كانت من نسل ناثان، وهو ابن آخر من أبناء داود، والذي لم يكن من نسل يكنيا (لوقا 31:3؛ 2 صموئيل 15:5).

اقرأ متى 1 -- 4

كان هناك وعد بالزواج بين مريم ويوسف (متى 18:1). وهذا الوعد هو ما يسمى بالخطوبة - فهو عبارة عن عقد يتم بواسطة أفراد الأسرة. وكان هذا العقد يستمر لمدة سنة ولكنه كان ملزما مثل الزواج تماما حتى أن فسخه يعتبر طلاقا (تثنية 13:22-30؛ 21:23-23؛ 1:24-5). وهذا يفسر ما قاله الملاك ليوسف: مريم امرأتك (متى 20:1).

أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وُجدت حبلى من الروح القدس (متى 18:1). وعندما شرحت مريم ليوسف أنها حامل بفعل معجزي من الله، وجد أنه من الصعب قبول ذلك، وبدأ يفكر في الطلاق (متى 19:1). ولكنه تلقى إعلانا إذ قد ظهر له ملاك الرب في حلم قائلا: يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم، وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي (متى 20:1-22).

فلقد سبق وقيل في النبوة أن المسيا سيأتي من بيت داود الملك، وكان كل من مريم ويوسف من نسل داود. وكانت أيضا معجزة الولادة من عذراء من المواضيع البارزة في النبوة القديمة. فلقد ذكرت في أول وعد في الكتاب المقدس: نسل المرأة (تكوين 15:3) أي بدون رجل. ولقد ذكر متى اسم الأب الحقيقي: من الروح القدس (متى 20:1). فإن ابن العذراء هذا هو الذي يسحق رأس الحية (تكوين 15:3).

هذا ما أعلنه أيضا النبي إشعياء: ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل [أي الله معنا] (إشعياء 14:7). فالنبي إشعياء يتكلم عن العذراء الوحيدة في تاريخ البشرية التي كانت ستحبل بطريقة معجزية. وقد أدى ذلك إلى ولادة الشخص الوحيد الذي هو "الله معنا". لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام (إشعياء 14:7؛ 6:9). فهو الله، والآن هو عمانوئيل، الله معنا. والكلمة صار جسدا وحل بيننا (يوحنا 1:1،14).

لقد تعينت مريم لتصبح أم الرب، وأؤتمن يوسف على رعايته لفترة معينة. لقد وُلد الرب يسوع من خلال حبل معجزي في شبه جسد الخطية (رومية 3:8) ولكن بدون أن يرث خطية آدم. لقد ربط خالقنا نفسه بطبيعتنا البشرية برابطة معجزية بين البشري والأزلي، لكي يفتدينا من الخطية ويخلقنا من جديد على صورة الله.

تبدأ المسيحية بمعجزة - طفل بيت لحم - الذي كان ابن الله وابن مريم في آن واحد. والولادة الجديدة التي تكلم عنها يسوع (يوحنا 3:3،5) هي معجزة تحدث في حياة كل الذين يقبلونه ... الذين وُلدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله (يوحنا 12:1-13).

شواهد مرجعية: متى 23:1 (انظر إشعياء 14:7)؛ متى 6:2 (انظر ميخا 2:5)؛ متى 15:2 (انظر هوشع 1:11)؛ متى 18:2 (انظر إرميا 15:31)؛ متى 3:3 (انظر إشعياء 3:40)؛ متى 4:4 (انظر تثنية 3:8)؛ متى 6:4 (انظر مزمور 11:91-12)؛ متى 7:4 (انظر تثنية 16:6)؛ متى 10:4 (انظر تثنية 13:6)؛ متى 15:4-16 (انظر إشعياء 1:9-2).

أفكار من جهة الصلاة: حدد مكانا مناسبا ووقتا تقضيه مع الرب يوميا (يشوع 8:1).

اقرأ متى 5 -- 6

عندما سمع يسوع أن يوحنا قد أُلقي القبض عليه ووُضع في السجن، انصرف إلى الجليل ... وأتى فسكن في كفرناحوم التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم، لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل: أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم (متى 12:4-15 ؛أيضا إشعياء 1:9-2). فذاع خبره في جميع سورية.. فتبعته جموع كثيرة من الجليل والعشر المدن وأورشليم واليهودية ومن عبر الأردن (متى 24:4-25).

وأخذ يسوع الجموع إلى مكان مفتوح في الجبل حيث جلس، كالملك على مملكته، وأذاع عشرة مبادئ روحية لكي تكون منهجاً لسلوك رعاياه (أصحاح 5-7). وهذه الرسالة المشهورة تعرف باسم الموعظة على الجبل. وهي رسالة عن أسلوب حياة الذين يولدون من الروح (يوحنا 3:3-5). وأولى كلمات الملك تعلن عن طريق السعادة الحقيقية. فالسعادة والبركة لا تكمن فيما نمتلكه أو نناله أو نحققه، ولكن فيما نحن عليه! وهذا المفهوم الجديد يختص بحالتنا الداخلية وكوننا في علاقة صحيحة مع الرب وهذا يتناقض تماما مع الأعمال الدينية المتزمتة والتقاليد التي يلتزم بها الفريسيون. فالذين يتبعون يسوع يجب أن يعبدوه بالروح والحق (يوحنا 23:4).

بدأ يسوع كلامه قائلا: طوبى [أي ما أسعد] للمساكين بالروح [أي المتواضعين الذين يعتبرون أنفسهم قليلي الشأن] (متى 3:5). فالمسكين بالروح هو المتواضع الذي اكتشف ضرورة التخلي عن الثقة في الذات والاعتداد بالذات. هؤلاء الأشخاص لا يتباهون بالإنجازات بل يمجدون الرب الذي أعطاهم القدرة. هذا بالمقابلة مع الشخص المعتد بذاته.. المكتفي بذاته.. المحقق لذاته الذي ينال إعجاب العالم. فالمسكين بالروح هو الشخص الذي يدرك أنه بدون الرب لا يستطيع أن يفعل شيئا. وكما قال النبي في القديم: عرفت يا رب أنه ليس للإنسان طريقه، ليس لإنسان يمشي أن يهدي طريقه (إرميا 23:10).

والبركة التالية مختصة بالحزانى، لأنهم يتعزون! (متى 4:5). وهذه ليست إشارة للحزن على فقد الممتلكات المادية أو على الآمال غير المحققة أو على موت الأحباء، بل هو الحزن على كل ما يعيق النمو إلى صورة المسيح. إنه الحزن الذي ينشئ توبة. هناك الآلاف من الناس اليوم يعترفون بأن المسيح قد مات من أجل الخطاة، ولكنهم لم يحزنوا أبدا على خطاياهم الشخصية. إن هذه البركة مخصصة ليس فقط للذين قد حزنوا بل للذين لا زالوا يحزنون في كل مرة يبكتهم الروح القدس على الأخطاء.

ويعلن الملك أن النمو الروحي والرضى الحقيقي مذّخرَين للودعاء لأنهم يرثون الأرض! (متى 5:5). فالوداعة ليست ضعفا، وهي واضحة في حياة موسى الذي كان أكثر الناس وداعة على الأرض (عدد 3:12). والوداعة هي الإخلاص الذي لا يتزعزع والخضوع غير المشروط للمسيح الرب، مهما كانت المقاومة. فالودعاء يحتملون الأمور التي يسعى الآخرون إلى تجنبها.

قال يسوع: تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب (متى 29:11).

شواهد مرجعية: متى 21:5 (انظر خروج 13:20؛ تثنية 17:5)؛ متى 27:5 (انظر خروج 14:20؛ تثنية 18:5)؛ متى 31:5 (انظر تثنية 1:24)؛ متى 33:5 (انظر عدد 2:30؛ تثنية 21:23)؛ متى 38:5 (انظر خروج 24:21؛ لاويين 20:24؛ تثنية 21:19)؛ متى 43:5 (انظر لاويين 18:19).

أفكار من جهة الصلاة: اذهب إلى الله بروح الاتضاع واحمده على أمانته وعظمته (2 صموئيل 18:7-22).

اقرأ متى 7 -- 9

كان اليهود يظنون أنهم مختارون من الله ليرثوا ملكوته لمجرد أنهم من نسل إبراهيم وأنهم شركاء في عهده بواسطة الختان (تكوين 12 و 15). ولكنهم كانوا يتجاهلون مسئوليتهم من جهة إطاعة الكلمة. وبذلك فلقد أدى تذكرهم لعهد إبراهيم مع تجاهلهم للطاعة المطلوبة من جانبهم إلى شعور كاذب بالأمان بل وأيضا إلى التكبر على الأمم.

ولذلك فلا بد أن اليهود قد صدموا عندما سمعوا الرب يقول: ادخلوا من الباب الضيق؛ لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب ... الذي يؤدي إلى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه (متى 13:7-14). لقد أعلن الرب بوضوح أن أغلبية الناس المتدينين في عصره كانوا على الطريق الواسع الذي يؤدي إلى الهلاك ، ونفس الشيء يمكن أن يقال عن أيامنا. فالتعاليم الكتابية أصبحت غريبة على "العالم المسيحي" في أيامنا كما كانت حينئذ.

يفترض معظم الناس أن السماء يمكن الوصول إليها بشروط أسهل كثيرا من تلك المحددة في الموعظة على الجبل. ولكن المسيح يصر على أن العين اليمنى يجب أن تقلع - أي أن تلك الشهوات المحببة يجب أن تنزع. واليد اليمنى التي تمسك بالأوثان المحبوبة يجب أن تُقطع (متى 29:5-30). إن كلمة الله واضحة: لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون (رومية 13:8).

إن الدخول من الباب الضيق يعني أكثر من مجرد رفع اليد في نهاية العظة، أو التوقيع على بطاقة اتخاذ القرار، أو حتى الانضمام إلى الكنيسة والحصول على المعمودية، وإن كانت هذه الأِشياء كلها جيدة. إن الدخول من الباب الضيق هو التصميم الصادق على التحول عن الطريق الواسع - لكي نخدم الآن مخلصنا بدلا من أن نخدم شهوة الجسد (1 يوحنا 15:2-17). هذه هي التوبة الحقيقية التي علّم بها يسوع (متى 17:4).إن الدخول من الباب الضيق (متى 14:7) أكثر من مجرد عمل ذهني. لأن القلب يؤمن به [أي يثق الشخص ويتمسك ويعتمد على المسيح] للبر [أي للقبول أمام الله] (رومية 10:10). إن جميع الذين يدخلون بصدق من الباب الضيق لن يعودوا يشتركون في أعمال الظلمة بل بالحري يوبخوها [وذلك من خلال حياتهم التي تكون في تناقض واضح معها] (أفسس 11:5). إن أفكارنا وعواطفنا ورغباتنا وأحاديثنا وتصرفاتنا يجب أن تكون كلها متفقة مع كلمة الله المقدسة.

الطريق الواسع والأكثر شيوعا، هو طريق الإرادة الذاتية والمتعة الذاتية. وهو واسع لأنه لا يحتوي على قواعد أو إنكار للذات، وإنما فقط تلك القواعد التي يستسيغها الشخص. ففيه يوجد متسع لكل شخص. إنه طريق يظهر للإنسان مستقيما وعاقبته طرق الموت (أمثال 12:14). إن الأنبياء الكذبة المنتشرين في أيامنا الحالية يفتخرون بأنهم متسعو الذهن ومتحررون، ويرفضون كل من ينادي بالخضوع أو التوبة أو الطاعة.

ولكن رسالة الرب واضحة: ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات (متى 21:7).

شواهد مرجعية: متى 23:7 (انظر مزمور 8:6)؛ متى 4:8 (انظر لاويين 49:13)؛ متى 17:8 (انظر إشعياء 4:53)؛ متى 13:9 (انظر هوشع 6:6).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب الرب عندما تكون مضطهدا (مزمور 8:102-13).

اقرأ متى 10 -- 11

بعد الموعظة على الجبل أجرى الرب 11 معجزة (متى 8-10). فتعجب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل. أما الفريسيون فقالوا: برئيس الشياطين يخرج الشياطين (33:9-34).

بعد ذلك نقرأ أن يسوع تحنن على الجموع إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها. حينئذ قال لتلاميذه: الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون. فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده (متى 36:9-38).

لقد اختار يسوع أناسا عاديين من المجتمعات التي علّم فيها، وقال لهم: ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام. ولكن احذروا من الناس (متى 16:10-17). فالذئب هو العدو الطبيعي للحمل. ومع أن الذئاب في عالم البشر قد يتنكرون أحيانا في ثياب الحملان (متى 15:7)، إلا أن عداوتهم للمسيح ولكلمته تكون ظاهرة من تحت ثيابهم التنكرية. فالذئب دائما يكون متأهبا لتدمير الشخص الذي يتجه حديثه وسلوكه وضميره إلى تمجيد المسيح وكلمته. إن العالم يطارد اليوم تلاميذ المسيح بكل قسوة تماما مثل الهجوم الذي تعرض له المسيح من هيرودس ومن القادة الدينيين وأيضا من بيلاطس الذي - بعد أن قال: إني لا أجد علة في هذا الإنسان (لوقا 4:23) - اشترك في الحكم على يسوع بالموت (متى 24:27-26). إننا نحتاج أن نتذكر أن كلمات يسوع " ليس التلميذ أفضل من المعلم " تنطبق علينا (متى 24:10).

إن المسيحي له طبيعة الحمل، ولكنه لا يجب أن يكون مستضعفا. فالحمل يرمز للبراءة ولكن ليس للجبن. والخراف بطبيعتها تحتاج إلى راع؛ لأنها في عدم وجود راعي يلاحظها فإنها تضل بمفردها وتقع فريسة للوحوش. والأسوأ من ذلك فإن القطيع بأكمله قد يضل ويسير بلا هدف. ومهما كان عدد القطيع، فهذا لا يضمن سلامته، لا بد من وجود راع. وكلنا كغنم نحتاج إلى الراعي الصالح لكي يضمن سلامتنا.

فمع المسيح، يستطيع المسيحي أن يقف بثبات أمام أشد الأعداء ضراوة. لقد طمأننا قائلا: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها؛ بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم (متى 28:10). لا ينبغي للمسيحي أن يتوقع اللطف من العالم الشرير بينما لقي سيده منه أشد العداء. إن الاضطهاد المسيحي،عادة في شكل ضغوط من أجل التساهل، كان على مر العصور اختبارا للأمانة. فالاضطهاد يقسم الناس فورا إلى مؤمنين ومنتفعين، حنطة وزوان. إن أوقات السلام تجعل الغنم عادة تسترخي فيصيبها الفتور واللامبالاة. ولكن في أزمنة الاضطهاد يزداد اعتماد الغنم على الراعي.

وتابع يسوع كلامه قائلا أن ملكوت السموات يغصب والغاصبون يختطفونه (متى 12:11) أي أن الملكوت سيدخله الرجال والنساء الذين لا يخجلوا أو يتراجعوا أمام منطق الأصدقاء، أو أمام ضغوط المقاومين. فإن تلاميذه الحقيقيين، مثل الرسل الذين تعرضوا للضرب بسبب شهادتهم بإيمانهم بالمسيح، كانوا فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه (أعمال 40:5-42).

شواهد مرجعية: متى 11:1،35-36 (انظر ميخا 6:7)؛ متى 5:11 (انظر إشعياء 5:35؛ 1:61)؛ متى 10:11 (انظر ملاخي 1:3)؛ متى 23:11 (انظر حزقيال 20:26؛ 14:31؛ 18:32،24)؛ متى 29:11 (انظر إرميا 16:6).

أفكار من جهة الصلاة: عندما تكون ضعيفا اعلم أن الرب قوي ويقدر أن يقويك (قضاة 15:6-16).

اقرأ متى 12

بينما كان الرب يشفي الجموع الكثيرة خرج الفريسيون وتشاوروا عليه لكي يهلكوه (متى 14:12). لقد وصلت البغضة والشراسة لدى القادة الدينيين إلى ذروتها عندما أحضروا إلى يسوع رجلا مجنونا أعمى وأخرس، فشفاه حتى أن الأعمى الأخرس تكلم وأبصر، فبهت كل الجموع وقالوا ألعل هذا هو ابن داود؟ (متى 22:12-23). لقد كان الشعب مقتنعا بأن يسوع هو الشخص الذي تمت فيه النبوات عن المسيا، ولكن في أذهان القادة الدينيين كان هذا الرجل مهدِّدا لسلطتهم لذلك يجب أن يوقفوه.

وقد حاول القادة الدينيون أن يفسدوا إيمان الشعب بأن يسوع هو المسيا، فقالوا: هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين (متى 24:12). لقد ارتكب القادة الدينيون خطية التجديف على الروح القدس لأنهم حاولوا عمدا أن ينسبوا إلى الشيطان المعجزة التي أجراها الروح القدس بواسطة المسيح. فالذي يجدف على الروح القدس هو الشخص الذي يقاوم عمدا المصدر الوحيد للحياة الروحية.

لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح القدس فلن يُغفر للناس (متى 31:12).

كان بولس مقاوما للمسيح وكان مجدفا (1 تيموثاوس 13:1)، ولكنه فعل ذلك بجهل، لذلك لم يكن ذلك تجديفا على الروح القدس. فالتجديف على الروح القدس أكثر من مجرد خطية، إنه حالة التصميم على مقاومة الروح القدس عمدا (1 يوحنا 16:5؛ 2 تيموثاوس 8:3؛ يهوذا 4:1،12-13؛ عبرانيين 4:6-8؛ 26:10-31). فإن عدم الإيمان المتعمد ورفض الاعتراف بالخطايا والإصرار على عدم قبول المسيح مخلصا وربا هو الخطية التي لا تُغفر.

ولكن قادة الدين رفضوا أن يعترفوا بريائهم، فاستمروا في استجواب الرب قائلين: يا معلم نريد أن نرى منك آية [أي لتثبت لنا أنك أنت المسيا] (متى 38:12). كانوا قد رأوا من قبل العديد من المعجزات، لذلك أجابهم قائلا: جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي (متى 39:12).

وآية يونان النبي كانت بلا شك تعبر عن العديد من الأفكار. أوضحها هي المقارنة بين الثلاثة أيام والثلاث ليالي التي قضاها يونان في بطن الحوت (يونان 17:1) وموت المسيح ودفنه وقيامته التي استغرقت أيضا ثلاثة أيام وثلاث ليالي. كان يسوع يريد أن ينبه هؤلاء الرجال المتدينين إلى قساوة قلوبهم. فعندما كرز يونان الذي أتى من الجليل مثل يسوع إلى المدينة الوثنية نينوى، قبل شعبها كلمة الرب وتابوا بسبب معجزة واحدة، وهي أن يونان قد نجا من بطن الحوت. ولكن أمام المعجزات العديدة التي صنعها ابن الله نفسه، رفض معلمو الناموس أن يؤمنوا بذاك الذي حكمته من الأزل وإلى الأبد (مزمور 13:41)؛ والذي قال عنه بولس أنه قوة الله وحكمة الله (1 كورنثوس 24:1).

شواهد مرجعية: متى 7:12 (انظر هوشع 6:6)؛ متى 18:12-21 (انظر إشعياء 1:42-4)؛ متى 40:12 (انظر يونان 17:1).

أفكار من جهة الصلاة: اعترف بخطاياك إلى الرب، فإنه رحيم وغفور (دانيال 4:9-9).

اقرأ متى 13 -- 14

قدم يسوع بعد ذلك سبعة أمثال نبوية تختص بملكه، وذلك لأن أهم شيء كان يشغل بال الشعب اليهودي كله هو استرداد الملك الأرضي. فلقد كانوا يتوقعون من المسيا أن يؤسس مملكة أرضية قوية كتلك التي كانت لداود. وحتى بعد قيامة يسوع، كان هذا هو الاهتمام الأقصى لدى التلاميذ فسألوه قائلين: يا رب، هل في هذا الوقت تردّ الملك إلى إسرائيل؟ (أعمال 6:1). ولهذا السبب كان التلاميذ قد سألوه من قبل قائلين: لماذا تكلمهم بأمثال؟ فاقتبس يسوع من إشعياء 9:6 قائلا: لأن قلب هذا الشعب قد غلظ، وآذانهم قد ثقل سمعها، وغمضوا عيونهم (متى 10:13،15).

والأمثال السبعة هي إعلانات هامة عن أسرار ملكوت السموات التي لا يمكن أن يفهمها غير أتباعه (متى 11:13). وقد وصف يسوع أولا أربعة أنواع من ردود الفعل لدى الذين يسمعون كلمته. فإن رد الفعل عند البعض يكون اللامبالاة المدمرة لصاحبها؛ هؤلاء يمثلون البذار التي سقطت على الطريق، فجاءت الطيور وأكلتها (متى 4:13). والطيور تعني المؤثرات الخارجية الشريرة. فمهما كانت البذار ثمينة، فهي قد تسقط فقط على الأرض وليس داخل الأرض. إن بذار كلمة الله مهددة دائما بالضياع إن لم نخبئها في قلوبنا (مزمور 11:119). ولا يشعر الإنسان بضياعها لأنه لم يسبق له أن استمتع بقيمتها.

ويبدو أن البعض الآخر يتقبلون كلمة الله، ولكنهم سرعان ما يفقدون اهتمامهم؛ هؤلاء مثل البذار المزروعة على الأماكن المحجرة (متى 5:13)، أي أنه توجد صخور صلبة تحت غطاء رقيق من التربة. وحيث أن البذار تنبت بسرعة وتكبر، فإن هؤلاء "المتجددين" يبدون ممتلئين بالحيوية لأنهم يقبلون الكلمة بفرح (20:13). ولكن في غضون بضعة شهور، أو حتى بضعة أيام، يفقدون كل اهتمام روحي. وعندما يواجهون الاضطهاد أو المقاومة أو حتى التوبيخ من كلمة الله، فإنهم حالا يعثرون [ويبدأون يشكون في الشخص الذي كان ينبغي أن يثقوا فيه ويطيعوه] (متى 21:13) وذلك لأنه لا يوجد عمق حقيقي في إيمانهم.

وآخرون ينشغلون جدا بهموم العالم وغرور الغنى [أي مباهجه الخادعة] (متى 22:13). هؤلاء يمثلون البذار التي وقعت على أرض جيدة - فهم ليسوا غير مبالين كما في المثال الأول، وليسوا سطحيين كما في المثال الثاني. ولكنهم ذوي رأيين، فيسمحون للاهتمامات الأخرى أن تشغل مكانا مساويا في قلوبهم (يعقوب 8:1). والنتيجة المأساوية تكون مثل ترك الأشواك في حديقة جيدة. فتكون النتيجة أن "أشياء" أخرى تزاحم كلمة الله فتخنق الكلمة وتجعلها بلا ثمر (متى 22:13). وهذا المثل يعني أن أغلبية المدعوين "مسيحيين" في وقتنا الحالي هم على الطريق الواسع الذي يؤدي إلى الهلاك.

ولكن سقطت بعض البذار على الأرض الجيدة (متى 8:13). هذه تمثل الأقلية الذين ليس فقط يؤمنون بكلمة الله، ولكنهم يَدَعونها -أي كلمة الله - تكسر الأماكن المحجرة التي لم يتم إخضاعها لله - وتقتلع أشواك الدوافع المختلطة التي تدمر الفعالية الروحية.

إن قدرتنا على الإثمار تتوقف على مدى تحررنا من الاهتمامات المادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من الاهتمامات فنصبح قادرين على الإتيان بثمر.. بعض مئة وآخر ستين وآخر ثلاثين (متى 23:13).

شواهد مرجعية: متى 14:13-15 (انظر إشعياء 9:6-10)؛ متى 32:13 (انظر مزمور 12:104؛ حزقيال 23:17؛ 6:31؛ دانيال 12:4)؛ متى 35:13 (انظر مزمور 2:78)؛ متى 41:13 (انظر صفنيا 3:1)؛ متى 43:13 (انظر دانيال 3:12).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب الرب في أزمنة الضيق (متى 24:8-25).

اقرأ متى 15 -- 17

بعد إطعام 4000 رجلا، بالإضافة إلى النساء والأطفال، بالقرب من كفرناحوم، صرف يسوع الجموع، ونزل في قارب وعبر بحيرة مجدل (متى 38:15-39) بالقرب من المكان الذي يلتقي فيه نهر الأردن مع بحر الجليل (بحيرة جنيسارت) ثم سار بمحاذاة النهر نحو الشمال، حتى وصل إلى المنبع الرئيسي لنهر الأردن عند قيصرية فيلبس، وهي أقصى المدن الإسرائيلية شمالا. وكان فيلبس حاكم الربع قد غيّر اسم هذه المدينة الجميلة من فينحاس إلى قيصرية فيلبس تكريما لطيباريوس قيصر ولنفسه.

تقع قيصرية فيلبس على السفح الجنوبي لجبل حرمون، حيث يوجد المذبح الشهير للإله بان (إله الطبيعة عند الإغريق). وهذا هو أعلى جبل في أرض الموعد، حيث ترتفع قمته المغطاة بالثلوج 9000 قدما فوق سطح البحر. في هذا المكان وسط أعداد كبيرة من عابدي الأوثان سأل يسوع تلاميذه: من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟ (متى 13:16). وربما كان السؤال محرجا للغاية، وذلك لأن القادة الدينيين في أورشليم واليهودية، وأهله في الناصرة، والقادة اليهود في الجليل،جميعهم قد رفضوه كالمسيا المنتظر.

منذ وقت ليس ببعيد، كان الجموع قد حاولوا أن يختطفوه بالقوة وينصبوه عليهم ملكا - ظانين أنه قادر على تحقيق الاستقلال عن الحكم الروماني. ولكن يسوع لم تكن لديه النية أن يقود ثورة أو أن يؤسس مملكة أرضية.

وإجابة على سؤال الرب، قال التلاميذ: قوم يوحنا المعمدان، وآخرون إيليا، وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء (متى 14:16). فسألهم: وأنتم من تقولون إني أنا؟ - وبدون تردّد أجاب بطرس بالنيابة عن الرسل أجمعين: أنت هو المسيح ابن الله الحي (متى 16:16). كان يعرف أن سيده هو المسيا الذي طال انتظاره، هو المسيح، الشخص الممسوح من الله، ابن الله.

عبر هذا الإنجيل، يشير متى بوضوح كيف أن يسوع الناصري تمّم "جميع" النبوات المختصة بالمسيا. فشأنهم شأن جميع رجال إسرائيل،كان هؤلاء الرجال يعرفون كتابات العهد القديم، وبالإضافة إلى ذلك فلقد راقبوا يسوع يوميا لأكثر من ثلاث سنوات. ولكن أهم من هذا كله، فإن الإعلان كان داخليا - أي كان معلنا من الله - هذا ما أكده الرب بنفسه: إن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات (متى 17:16).

وبينما ننمو وننضج في سيرنا وفي علاقتنا مع المسيح، يجب أن نزداد إدراكا، مثل بطرس، بأن يسوع هو ابن الله، أي أن يسوع هو الله. فما لم تنفتح عيوننا بواسطة الروح القدس لن نقدر أن نتلقى الإعلان الحقيقي بخصوص من هو يسوع. فإن العالم سيظل دائما في حيرة هل يسوع نبي أم هو مجرد إنسان صالح.

إن جميع الذين يعترفون بخطاياهم ويدركون احتياجهم إلى المخلص يعرفونه كالرجاء الوحيد للحياة الأبدية. وكما فعل متى، فإن الملايين عبر العصور قد تركوا كل شيء وتبعوه. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه [أي حياة البركة في ملكوت الله]؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟ (متى 26:16).

شواهد مرجعية: متى 4:15 (انظر خروج 12:20؛ 17:21 ؛لاويين 9:20؛ تثنية 16:5)؛ متى 8:15-9 (انظر إشعياء 13:29)؛ متى 27:16 (انظر مزمور 12:62؛ أمثال 12:24؛ إرميا 10:17).

أفكار من جهة الصلاة: اصرخ إلى الرب واسكب قلبك في الصلاة في وقت الضيق (إشعياء 16:26).

اقرأ متى 18 -- 20

كانت خدمة يسوع في الجليل قد كملت. ولم يظهر مرة أخرى في الجليل حتى بعد قيامته. وبدلا من أن يدخل اليهودية في طريق مباشر عبر السامرة إلى أورشليم، سلك الطريق الشمالي الشرقي المطول عبر بيرية، شرق نهر الأردن، عبر المدن العشر، وتبعته جموع كثيرة فشفاهم هناك (متى 1:19-2). وكان الحاكم على هذه المقاطعة هيرودس أنتيباس، الذي كان قد قتل يوحنا المعمدان بسبب توبيخه له على زواجه من امرأة أخيه (متى 1:14،3؛ لوقا 1:3،19).

واستمرت العداوة الشديدة من قادة الدين الذين تتبعوا يسوع شمالا من أورشليم إلى الجليل. وإذ كانوا قد وصلوا إلى منطقة هيرودس سألوه: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ (متى 3:19). ربما ظن قادة الدين أنه إذا اتفق الرب مع رأي يوحنا المعمدان، فإن هيرودس أنتيباس سوف يقتله هو أيضا. ولكنهم عرفوا أنه مهما كانت إجابة الرب فإنها على الأقل سوف تسبب انشقاقا بين أتباعه.

والاتجاه الشائع في تلك الأيام والذي كان يعلم به أتباع هليّل، وهم أصحاب مدرسة بارزة للشريعة، كان يؤيد السماح بالطلاق لأي سبب. ولكن كانت هناك مدرسة أخرى تابعة لأقلية قوية محافظة هم أتباع شماي، هذه المدرسة كانت تتمسك بكتابات العهد القديم. وفي الموعظة على الجبل، كان تعليم الرب مطابقا للرأي الكتابي الدقيق عن الزواج.

وكالمعتاد، فلقد اقتبس يسوع من المكتوب للإجابة على سؤالهم، قائلا: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى، وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا؟ ... فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان (متى 4:19-6). وتستخدم هنا أقوى الكلمات الممكنة للتعبير عن قصد الله من جهة رابطة الزواج. وبالتالي، فإن كل من يسعى إلى الطلاق يقاوم الله. إن المسيح يقاوم الطلاق، فيما عدا الحالة القصوى من الزنى المستمر، وحتى في هذه الحالة فإن من يتزوج بمطلقة يزني (متى 9:19؛ 1 كورنثوس 11:7،39؛ رومية 2:7-3).

ولم يذكر يسوع أن الطلاق والزواج مرة أخرى هو الخطية التي لا تغفر. فإن الطلاق يتضمن الفشل في إتمام مشيئة الله الكاملة من جهة طرفي الزواج. فإن كلا الطرفين في حالات الطلاق يجب أن يعترفوا بخطيتهم في عدم تحقيق خطة الله الواحدة من الزواج. أنه أمر محزن للرب أن يكسر العديد من المؤمنين عهود الزواج الذي رسمه الله.

إن علاقة الزواج تصور علاقة المسيح بالكنيسة - عروس المسيح. ولذا فإن الطلاق والزواج مرة أخرى يفسد هذه المقارنة (أفسس 22:5-25). ولهذا السبب فإن العهد الجديد يعلّم بأن قادة كنيسة المسيح، أي الرعاة والأساقفة والشيوخ والشمامسة، يجب أن يقدموا المثال: يجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امرأة واحدة [أي تزوج مرة واحدة بحسب ترجمة موفات، أو أمينا لزوجته الواحدة بحسب الترجمة الإنجليزية الجديدة] ... يدبر بيته حسنا له أولاد في الخضوع بكل وقار. وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله؟ (1 تيموثاوس 2:3،4-5،12؛ قارن مع تيطس 5:1-9).

شواهد مرجعية: متى 16:18 (انظر تثنية 15:19)؛ متى 4:19 (انظر تكوين 27:1؛ 2:5)؛ متى 5:19 (انظر تكوين 24:2)؛ متى 7:19 (تثنية 1:24-4)؛ متى 18:19 (خروج 13:20-16؛ تثنية 17:5-20)؛ متى 19:19 (خروج 12:20؛ لاويين 18:19؛ تثنية 16:5).

أفكار من جهة الصلاة: ارفع صلاة شكر من أجل روعة بركات الله(مزمور 1:18-3).

اقرأ متى 21 -- 22

قبل الأٍسبوع الأخير من حياة يسوع على الأرض بوقت قليل، وربما قبل أن وصوله إلى أريحا، أخذ الاثني عشر تلميذا على انفراد في الطريق وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم (متى 17:20-19).

لقد كان في طريقه إلى أورشليم في صباح يوم الأحد (أحد السعف)، لكي يقدم نفسه ملكاً على ملكوت السموات. وقد بدأ الطريق سيرا على الأقدام من بيت عنيا، وهي تبعد حوالي 2 ميل من أورشليم. وكما سبق أن أنبأ، ذهب إلى أورشليم وهو على علم كامل بأنه سوف يُرفض من الشيوخ والكهنة والكتبة وسوف يُسلم إلى بيلاطس لكي يحكم عليه بالموت. لقد أسلم نفسه بإرادته من أجلنا. فإن أحدا لم يجبره أن يموت على الصليب (يوحنا 15:10،17-18).

وبالقرب من بيت فاجي، التي تقع بين بيت عنيا وأورشليم على جبل الزيتون، أرسل تلاميذه ليحضروا له أتانا وجحشها. فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل: قولوا لابنة صهيون [سكان أورشليم] هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على أتان وجحش ابن أتان (متى 4:21-5). فقبل هذه الحادثة بـ 500 سنة، تنبأ النبي زكريا بأن ملك الملوك سيأتي راكبا على حمار (زكريا 9:9)، مشيرا إلى التواضع والسلام، بدلا من أن يركب على فرس، الذي يشير إلى الحرب والقوة. وحتى يومنا الحالي فإن يسوع يريدنا نحن تلاميذه أن نتبع مثاله ونخدمه بالتواضع.

وبلا شك فإن جمعا كبيرا كان قد تبع يسوع من شرق الأردن إلى أريحا، ومن هناك انضمت إليهم أعداد إضافية من المسافرين في طريقهم إلى أورشليم من أجل عيد الفصح. وكان هؤلاء المسافرين قد أتوا من الجليل ومن سائر الأماكن لأجل هذه المناسبة السنوية. فهتفوا ليسوع كالملك، وكانوا يفرشون ثيابهم في طريقه كما كان الناس يفعلون قديما مع الملوك (2 ملوك 12:9-13). وقد نثروا على طريقه أغصانا من الشجر، وكانوا يصرخون قائلين: أوصنا لابن داود [أي المسيا]! لقد هتفوا ليسوع هتاف المسيا قائلين: مبارك الآتي باسم الرب! (متى 9:21). ولكن رؤساء الكهنة والكتبة ... غضبوا. وقالوا له: أتسمع ما يقول هؤلاء؟ فقال لهم يسوع: نعم، أما قرأتم قط من أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحا؟ (متى 15:21-16). كان الفريسيون قد اتفقوا من قبل أنه إذا اعترف أحد بأن يسوع هو المسيح، فيجب أن يطرد هذا الإنسان من المجمع (يوحنا 22:9). ولكن قادة الدين كانوا في ذلك اليوم عاجزين بسبب القبول الشامل الذي تلقاه يسوع من الشعب.

وفيما بعد، في الهيكل، تصرف يسوع بسلطان. وقريبا سوف يرجع وستعجز قوات هذا العالم الشرير أمام سلطانه. فسوف يستعلن الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته في نار لهيب معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح. الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب ومن مجد قوته (2 تسالونيكي 7:1-10).

شواهد مرجعية: متى 5:21 (انظر إشعياء 11:62؛ زكريا 9:9)؛ متى 9:21 (انظر مزمور 26:118)؛ متى 13:21 (انظر إشعياء 7:56؛ إرميا 11:7)؛ متى 16:21 (انظر مزمور 2:8)؛ متى 33:21 (انظر مزمور 8:80؛ إشعياء 1:5-2)؛ متى 42:21 (انظر مزمور 22:118-23)؛ متى 24:22 (انظر تثنية 5:25)؛متى 32:22 (انظر خروج 6:3)؛ متى 37:22 (انظر تثنية 5:6)؛ متى 39:22 (انظر لاويين 18:19)؛ متى 44:22 (انظر مزمور 1:110).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من أجل احتياجاتك اليومية (متى 11:6).

اقرأ متى 23 -- 24

كان الرب يسوع قد طهر الهيكل (متى 12:21-13؛ مرقس 11:11-15 ؛يوحنا 14:2-16) وكشف الطابع الكاذب والشرير للقادة الدينيين. فإن قداسة الفريسيين المزعومة والتدقيق في التعليم لدى الكتبة كانا قد منحا لكل منهما سمعة بالتفوق الديني بين الشعب. وكان هناك أيضا الصديقيون، الذين لم يزعموا ولم يمارسوا التدقيق الكتابي.

وفي آخر يوم دخل فيه يسوع إلى الهيكل، أعلن رفضه الشديد لهؤلاء القادة الدينيين داعيا إياهم مرائين ... قادة عميان ... مملوئين من كل نجاسة ... مشحونين رياء وإثما ... كيف تهربون من دينونة جهنم؟ (متى 13:23-33). وقد ختم يسوع إدانته لهم بالقول: هوذا بيتكم يترك لكم خرابا (متى 38:23). لقد كان هذا هو أشد نطق قضائي في خدمته بأسرها، وإن كان يوازي ما قاله في الجليل عن المدن غير المؤمنة التي كان قد أجرى فيها أكثر معجزاته (متى 20:11-24).

وبينما كان التلاميذ يبدون إعجابهم بالمعمار الرائع لمباني الهيكل، قال لهم يسوع: لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض. وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين: قل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟ (متى 2:24-3).

وقد تضمنت كلمات يسوع الدمار الوشيك على أورشليم، وزمن مجيئه الأكثر بعدا، وانقضاء الدهر (متى 3:24).

ولا مجال للتساؤل بشأن دقة تفاصيل هذه النبوة؛ ولكن معلمي الكتاب المقدس يختلفون من جهة ما يشير إلى تدمير الهيكل في سنة 70 ميلادية بيد تيطس، والضيقة المزمعة أن تحدث، ورجوع المسيح لإقامة ملكه الألفي.

وقد بدأ يسوع بالكلمات: انظروا لا يضلكم أحد (متى 4:24). وقد حذر أيضا من أنه يقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين (11:24). واختتم كلامه بنداء من أجل الأمانة ومن أجل الاستعداد. إن هذا في منتهى الأهمية. لذلك كونوا أنتم أيضا مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان (44:24). إننا معرضون،مثل التلاميذ، أن نهتم أكثر من اللازم بالتفاصيل الدقيقة التي تقود إلى مجيء المسيح. ولكن يسوع يخبرنا بوضوح أن بذل الوقت والمال من أجل البحث في الأحداث المستقبلية لا ينبغي أن يكون هو شغلنا الشاغل: فمن هو العبد الأمين الحكيم الذي أقامه سيده على خدمه ليعطيهم الطعام في حينه، طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا (متى 45:24-46).

يجب أن تكون أقصى شهوتنا أن نستجيب للنداء الذي أطلقه بطرس قائلاً: فبما أن هذه كلها تنحل أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى، منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب (2 بطرس 11:3-12).

شواهد مرجعية: متى 39:23 (انظر مزمور 26:118)؛ متى 15:24 (انظر دانيال 27:9؛ 31:11؛ 11:12)؛ متى 29:24 (انظر إشعياء 10:13؛ 23:24؛ 4:34؛ حزقيال 7:32؛ يوئيل 10:2،31؛ 15:3)؛ متى 30:24 (انظر دانيال 13:7)؛ متى 31:24 (انظر تثنية 32:4؛ إشعياء 13:27؛ دانيال 2:7؛ زكريا 6:2)؛ متى 38:24 (انظر تكوين 7:7).

أفكار من جهة الصلاة: تشفع في الصلاة من أجل بلدك ومن أجل أصدقائك بروح الصوم والتضحية (إستير 16:4).

اقرأ متى 25 -- 26

بعد إقامة لعازر، تشاور قادة الدين فيما بينهم كيف يقتلون صانع المعجزات. وكان قيافا هو رئيس الكهنة في هذه السنة بتعيين من الحكومة الرومانية، وكان بالفعل قد حرض السنهدريم لكي يقتلوا يسوع. وإذا اعترض أي من الكهنة على فكرة قتل إنسان بريء، فإن قيافا كان قد أعد الإجابة وهي: أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب (يوحنا 50:11). وهذا يعني أنه لا توجد فرصة أفضل من هذه ليبرهن اليهود على ولائهم لروما وذلك بأن يصلبوا شخصا ادعى بأنه ملك اليهود. فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه (يوحنا 53:11).

ولكن الشعبية التي لاقاها يسوع منعت قادة الدين من المضي فورا في تنفيذ خطتهم لقتله (لوقا 19:20؛ 2:22). ولكن لشدة دهشتهم فلقد تطوع يهوذا، وهو واحد من الاثني عشر، بأن يسلمه إليهم.

ومقابل أجر زهيد، قاد يهوذا جمعا غفيرا وجنودا إلى بستان الصلاة، وأمامهم جميعا اقترب من يسوع وقال له: السلام يا سيدي! وقبله [متصنعا الحرارة والإخلاص] (متى 49:26). وأما هذا كله فقد كان لكي تكمل كتب الأنبياء (متى 24:26،56؛ إشعياء 7:53-10 ؛مراثي 20:4).

في تلك الليلة، انتهك السنهدريم، أي مجمع السلطة الدينية، جميع قواعد الإجراء القضائي: فلقد أجروا محاكمة سرية ليلا بدلا من المحاكمة العلنية الشرعية التي ينبغي أن تتم في وضح النهار؛ وكان القضاة هم الذين يوجهون التهم بدلا من أن يفحصوا التهم الموجهة إليه؛ وكان لابد من وجود شاهدين أو ثلاثة ويجب أن تتفق شهادتهم في كل التفاصيل لكي يؤخذ بها (تثنية 15:19). وعلى الرغم من كل هذه الانتهاكات للشريعة، إلا أنهم أصدروا حكم الموت على يسوع. وفي إصرارهم الشديد على إنهاء المحاكمة قبل الصباح، أساءوا إلى الشريعة أشد الإساءة بأن أحضروا شهودا كذبة، ولكنهم لم يجدوا اثنين منهم يتفقان في اتهاماتهما (مرقس 59:14).

وإذا برئيس الكهنة الذي يقوم بدور القاضي يتحول أيضا إلى مشتكٍ على ابن الله (مرقس 63:14)، وأخيرا، وهو في قمة الغضب والسخط، وجه الكلام إلى الرب يسوع قائلا: أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟ قال له يسوع: أنت قلت (متى 63:26-64). فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه (56:26) - وهذا بحسب الناموس محظور على رئيس الكهنة (لاويين 10:21).

وفي وقت متأخر جدا من تلك الليلة، انتهت "المحاكمة" من قبل السلطات الدينية. وإذا برب الحياة يحكم عليه بالموت. إن الحسد، وليس الدليل، هو الذي أدى إلى هذا الحكم على يسوع. وفي الصباح أخذوا سجينهم إلى بيلاطس. وتُرك يسوع فترة في أيدي الحرس والخدام. فتفلوا على وجهه، ولكموه، واستهزأوا به بكل عنف دنيء وقسوة شيطانية، وذلك أيضا لكي تتحقق النبوة القائلة: بذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين، وجهي لم أستر عن العار والبصق (إشعياء 6:50).

وفي وقت سابق من تلك الليلة، كان الرب يسوع قد قال لتلاميذه: خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضا أترك العالم وأذهب إلى الآب ... قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام. في العالم سيكون لكم ضيق؛ ولكن ثقوا! أنا قد غلبت العالم [أي جردته من القدرة على إيذائكم] (يوحنا 28:16،33).

شواهد مرجعية: متى 31:26 (انظر زكريا 7:13)؛ متى 64:26 (انظر مزمور 1:110؛ دانيال 13:7).

أفكار من جهة الصلاة: صل أن تكون كلماتك وأفكارك بحسب قلب الرب (مزمور 14:19).

اقرأ متى 27 -- 28

كان بيلاطس هو الحاكم الروماني على اليهودية والسامرة. وقد كانت سلطته مطلقة. ومع أنه كان قد وضع المسئوليات القضائية في يد السنهدريم في أورشليم، إلا أن روما وحدها كان لها الحق في تطبيق حكم الموت. وعندما طالب يهود السنهدريم بتوقيع عقوبة الإعدام على يسوع (مرقس 64:14؛ 1:15)، صرخوا قائلين: إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا أنه هو مسيح ملك! (لوقا 2:23). ومن الواضح أن هذه التهم ليست فقط كاذبة، ولكنها أيضا تختلف عن التهم التي من أجلها حكموا عليه بالموت. وبعد تداول موسع، أرسل بيلاطس يسوع إلى هيرودس، على أمل أن تنتقل المسئولية إلى شخص آخر. فاستهزأ هيرودس بيسوع، وألبسه ثوبا أرجوانيا يشبه الثياب الملكية، وأعاده مرة أخرى إلى بيلاطس وكأنه يقول له أن التهم لم تكن تستحق الاهتمام الشديد. ومرة أخرى اضطر بيلاطس أن يلتقي برؤساء الكهنة وقادة الشعب، وقال لهم: ها أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه ... ولا هيرودس أيضا ... لا شيء يستحق الموت صنع منه (لوقا 14:23-15). ومع أن البراءة كانت هي الحكم العادل الوحيد، إلا أن بيلاطس كان في مواجهة جموع غاضبة. لذلك لجأ إلى التأديب كوسيلة لحفظ ماء الوجه وفي نفس الوقت لإنقاذ يسوع من الموت، فقال لهم: أنا أؤدبه وأطلقه (لوقا 22:23). وكان ذلك أيضا إتماما لنبوتين: بذلت ظهري للضاربين (إشعياء 6:50) وبحبره [أي بجلداته] شفينا (إشعياء 5:53). لقد احتمل مخلصنا المحب أشد الآلام الجسدية والذهنية والنفسية والروحية بدلا منا. فإن الكلمات لا تستطيع أن تصف هذا الحدث الرهيب.

ولكن اليهود قصدوا أن يهددوا بيلاطس في ذات منصبه فقالوا له: كل من يجعل نفسه ملكا يقاوم قيصر! (يوحنا 12:19). فلم يستطع بيلاطس أن يطلق سراح يسوع، فأخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلا: إني برئ من دم هذا البار، أبصروا أنتم (متى 24:27).

وبعد ذلك تمت عملية الصلب - بكل ما فيها من آلام مبرحة - في موضع يُقال له جلجثة: وهو المسمى موضع الجمجمة (متى 33:27). لذلك يسوع أيضا ... تألم خارج الباب (عبرانيين 12:13).

وكما قال بطرس فيما بعد في أعمال 13:3، أن بيلاطس كان مصمما على إطلاق سراح الرب يسوع، قائلا: لست أجد فيه علة واحدة (يوحنا 38:18)، لأنه علم أنهم أسلموه حسدا (متى 18:27).

كان الذنب المتراكم لخطايا العالم يمثل حملا لا يستطيع أحد سواه أن يحمله. إن الصليب هو شهادة للحب العظيم المتناهي الذي كان لدى ربنا ومخلصنا من نحونا. إن خطايانا الشخصية العديدة هي التي جلبت عليه هذا العذاب. لذا ينبغي علينا أن نحمده يوميا بكل العرفان والحب من أجل ما قاساه لكي يحررنا من الخطية. إن التفكير المستمر في الصليب يجب أن يكون هو الواقي لنا ضد خطايانا الإرادية ونكران الجميل والتذمر والشكوى.

وحيث أن المسيح يسكن الآن في كل مؤمن، فعلينا أن نحتمل بصبر الألم والإساءة: لأنكم لهذا دعيتم [أي أن هذا ليس منفصلا عن دعوتكم] ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته (1 بطرس 21:2).

شواهد مرجعية: متى 9:27-10 (انظر زكريا 12:11-13)؛متى 34:27 (انظر مزمور 21:69)؛ متى 35:27 (انظر مزمور 18:22)؛ متى 39:27 (انظر أيوب 4:16؛ مزمور 7:22؛ 25:109؛ مراثي 15:2)؛ متى 43:27 (انظر مزمور 8:22)؛ متى 46:27 (انظر مزمور 1:22).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن يساعدك لكي تعلم أولادك كلمته؛ فهي تعطيهم الإرشاد أثناء سيرهم في الحياة (أمثال 20:6-23).

 

عودة للفهرس