مقدمة لسفر اللاويين

سفر اللاويين هو تكملة للأحداث المذكورة في سفر الخروج والذي اختتم باكتمال خيمة العبادة. والمدة بين سفرَي الخروج واللاويين هي شهر واحد فقط (خروج 17:40؛ عدد 1:1).

ولاحظ المساحة التي خصصها الله لسفر اللاويين. ففي سفر التكوين لم يتطلب سوى 27 عددا لشرح الخليقة بأكملها، أما هنا فقد توجب تسجيل 27 أصحاحا لشرح الكيفية التي بها يمكن أن يعيش الشعب عيشة مقدسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا السفر يشار إليه أكثر من 80 مرة في العهد الجديد.

إن ذبائح سفر اللاويين هي الوصف الأكثر شمولا في الكتاب المقدس كله للكفارة التي صنعها الرب من أجل الخطية.

وتأتي مشتقات كلمة "قداسة" باللغة العبرية حوالي 100 مرة في هذا السفر. وعلى الرغم من أن الكهنوت اللاوي والذبائح قد انتهت، فإن نفس المبادئ تنطبق على المسيحيين اليوم، لأنه بدون قداسة لن يرى أحد الرب (عبرانيين 14:12).

ينقسم سفر اللاويين إلى قسمين أساسيين. الأصحاحات 1-17 تعبر عن أساس علاقة الإنسان مع الله - لأن نفس الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم (لاويين 11:17؛ عبرانيين 22:9). كان دم الذبائح الحيوانية يكفر مؤقتا عن خطايا الشعب وكان ينبغي تكراره عن كل خطية غير متعمدة. ولكن دم الذبائح الحيوانية كان يشير إلى دم يسوع الذي مات مرة واحدة (عبرانيين 14:9؛ 10:10-12؛ 1 يوحنا 7:1).

خمس ذبائح كانت لازمة لإدراك كامل للبركات التي كانت ستتحقق من خلال الذبيحة النهائية الواحدة - أي موت ربنا يسوع المسيح.

والقسم الثاني يشرح الأعياد السبعة في الأصحاحات 18-27. وجميع الأعياد، شأنها شأن والتقدمات.. هي رموز للمسيح.

والأعياد كانت متباعدة عن بعضها بحيث يذهب الشعب إلى أورشليم ثلاث مرات في السنة للاحتفال بالأعياد السبعة حسب أمر الرب: ثلاث مرات في السنة يظهر جميع ذكورك أمام السيد الرب إله إسرائيل (خروج 23:34).

كانت الرحلة الأولى إلى أورشليم تتم في الشهر الأول من السنة الدينية حيث يتم الاحتفال بثلاثة أعياد: (أ) عيد الفصح الذي يبدأ في مساء اليوم الرابع عشر؛ (ب) عيد الفطير ابتداء من اليوم الخامس عشر ويستمر لمدة أسبوع؛ (ج) عيد الحصاد في غد السبت من هذا الأسبوع (لاويين 1:23-44).

والرحلة الثانية يقومون بها - بعد سبعة أسابيع - للاحتفال بعيد الخمسين والذي يوافق يوم الأحد - غد السبت - بعد عيد الحصاد بخمسين يوما بالضبط.

والمجموعة الثالثة من الأعياد تقع في الشهر السابع وتعرف باسم عيد المظال. وتشمل عيد الأبواق في اليوم الأول؛ ويوم الكفارة في اليوم العاشر؛ وعيد المظال من اليوم الخامس عشر حتى اليوم الثاني والعشرين.

بالإضافة إلى الأعياد السبعة هناك السبوت، التي كانت تسمى أيضا أعياد. فلقد كان هناك السبت الأسبوعي بالإضافة إلى مجموعة من السبوت الخاصة التي تسمى محافل. وقد كانت هذه مناسبات للشركة والابتهاج بمراحم الرب ولتعليم كلمته المقدسة. وخلال هذه الأوقات لا يُعمل عمل في جميع مساكنكم - في كل أنحاء البلاد

اقرأ لاويين 1 -- 3

تسمى الذبائح الثلاث الأولى المذكورة وقود رائحة سرور (لاويين 9:1،13،17؛ 9:6) وهذا يعني أنها اختيارية. أما الذبيحتان الأخيرتان المذكورتان فهما إلزاميتان - ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم - وكان ينبغي تقديمهما أولا.

والذبيحة المذكورة أولا هي ذبيحة المحرقة على الرغم من أنها كانت تأتي في الترتيب الرابع من حيث تقديمها. وكانت تترك على المذبح لتحترق طوال الليل حتى الصباح فلا يبقى شيء منها سوى الرماد. وكانت أيضا تسمى وقود رائحة سرور وهذا يعني أنها كانت تقدمة اختيارية، وهي ترضي الرب جدا (3:1-5). وكان مقدم الذبيحة، وليس الكاهن، هو الذي يذبح الحيوان لأنه من أجل خطيته هو يموت هذا الحيوان. ثم يقوم الكاهن برش الدم مستديرا على المذبح، ويسلخ الذبيحة، ويقطعها إلى قطع، ويغسل الأحشاء الداخلية والأكارع، ويضعها كلها لتحترق على المذبح. ثم يرتدي الكاهن ثيابه المصنوعة من الكتان ويحمل الرماد إلى خارج المعسكر.

وكان ينبغي أن تفصل جميع أجزاء الذبيحة: الرأس، وهو يشير إلى الذهن؛ والأحشاء الداخلية، التي تمثل العواطف والمشاعر؛ والأكارع، التي تمثل السلوك الخارجي؛ والشحم، الذي يمثل الصحة والحياة الوافرة. فمن الرأس إلى القدمين، كانت الذبيحة تمثل الخضوع الكامل لله بلا قيد ولا شرط. والاستثناء الوحيد هو الجلد، الذي كان يعطى للكاهن. فالجلد لا يعتبر جزءا من التقدمة، ولكنه دليل على أن الحيوان كان موجودا وأنه قد تم تقديمه كذبيحة.

وتشير ذبيحة المحرقة إلى أن مقدم الذبيحة يعطي حياته ويخصصها للرب. وهي ترمز إلى تقديم المسيح نفسه لله بلا عيب (عبرانيين 14:9) - وتعبر عن حياة المسيح بأكملها وخدمته التي تمم فيها إرادة الله بالكامل، كما قال: لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني (يوحنا 38:6).

وكان ينبغي أن ذبيحة المحرقة تكون خالية من أي عيب، حيث أنها تشير إلى المسيح الذي كان خاليا من كل خطية، وهي أيضا تصور العطاء الأمثل - فأي شيء أقل من ذلك كان يعتبر إهانة. ويمكن أن تكون هذه الذبيحة من البقر أو الغنم أو الماعز أو اليمام أو أفراخ الحمام، وفقا للإمكانيات المادية لمقدم الذبيحة، ولكن الشرط الأساسي هو أن تكون ذكرا صحيحا بلا عيب (لاويين 3:1،10). ويلاحظ في جميع هذه الاختيارات أنها من الحيوانات الأليفة وليست من الوحوش.

فإذا كان المستوى الاجتماعي لمقدم الذبيحة يتيح له أن يمتلك قطعانا من الماشية فعليه أن يقدم من البقر. أما إذا كان يمتلك فقط قطعانا من الغنم فعليه أن يقدم من الغنم أو الماعز. إذا قدم أي من هؤلاء أفراخ حمام فهذه تعتبر إهانة. ولكن إذا كان مقدم الذبيحة فقيرا لدرجة أنه لا يمتلك أبقارا أو أغناما، فالتقدمة المقبولة هي التي يكون ثمنها أقل مثل اليمام أو أفراخ الحمام. وهذه التقدمة هي التي قدمها يوسف ومريم، أم يسوع، والتي تدل على مدى فقرهما (لوقا 24:2).

إن الله يتوقع منا أن نعطيه بحسب قدراتنا. فكما أعطى المسيح نفسه لله بلا تحفظ، هكذا يجب أن نقدم باستمرار كياننا بالكامل (روحا ونفسا وجسدا) في خضوع كامل للرب. يجب أن نعيش فقط لإرضاء ذاك الذي قال: إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني (متى 24:16؛ رومية 1:12-2).

إعلان عن المسيح: من خلال تقدمة الدقيق التي تكون بلا خمير (الخمير يشير إلى الخطية) (لاويين 11:2). لقد كان المسيح بلا خطية (عبرانيين 15:4).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن يعطيك اكتفاء في جميع الأحوال، سواء في الرحب أو في الضيق، في الوفرة أو في العوز (فيلبي 11:4-12).

اقرأ لاويين 4 -- 6

تقدمة الدقيق هي ثاني التقدمات المذكورة في سفر اللاويين، إلا أنها كانت الثالثة من حيث ترتيب تقديمها. وهي التقدمة الوحيدة من بين التقدمات الخمس المصنوعة من الحبوب وهي ليست ذبيحة حيوانية. وكانت الحبوب تسحق وتطحن حتى تصبح دقيقا ناعما، ثم تمزج بالزيت والملح واللبان - ولكنها لا تحتوي على الخمير الذي يرمز إلى الخطية - ثم توضع في الفرن. وهي تصور لنا حياة المسيح، المخلص الذي بلا خطية، أنه تخلى عن المجد الذي كان له بصفته الله خالق الكل، لينسحق في طاحونة الهوان. لقد احتمل الجلدات والآلام المبرحة، وكلل بالأشواك، وأخيرا حكم عليه بالموت على الصليب. لقد فعل كل هذا لكي يصبح خبز الحياة - أي القوت لشعبه أثناء رحلتهم في البرية القاحلة. كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (أي الثمن الذي يدفع من أجل تحريرهم) (متى 28:20؛ مرقس 45:10؛ يوحنا 24:12).

والكلمة العبرية لتقدمة الدقيق تعني أكثر من مجرد نوعية أو قيمة التقدمة؛ فهي تعني أن مقدم التقدمة على علاقة صحيحة مع الله العلي. فالتقدمة ومقدمها يجب أن يكونا كلاهما لائقين بالشخص الذي تقدم إليه التقدمة. فمن الأفضل عدم تقديم شيء بالمرة عن أن تقدم تقدمة أقل من إمكانياتك أو أن تُقدَّم بواسطة شخص لا تتفق حياته مع إرادة الله المقدسة. ففي هذه الحالة تصبح التقدمة إهانة لله. لأنه ليس كما ينظر الإنسان، لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب (1 صموئيل 7:16).

لا يمكن أن تقدم تقدمة بدون ملح. فالملح يعطي الطعام مذاقه الحقيقي بحيث يمكن الاستمتاع به على الوجه الأكمل. وكذلك فإن الملح مادة حافظة تمنع الفساد والتلف. ولا تخل تقدمتك من ملح عهد إلهك (لاويين 13:2). وعهد الملح لا يمكن فسخه أبدا لأن هذا يتطلب أن كل ذرة ملح من الطرفين المتعاهدين والتي اختلطت مع بعضها يجب أن ترجع للمالك الأصلي. وهذا بالطبع مستحيل! في جميع هذه التقدمات والأعياد، لا يمكن إضافة شيء وكذلك لا يمكن إلغاء شيء.

وكمسيحيين يعلمنا الكتاب قائلا: ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحا بملح لتعلموا كيف يجب أن تجاوبوا كل واحد (كولوسي 6:4). فيجب أن نسلك بالأسلوب الذي يستطيع العالم من خلاله أن يفهم أننا أناس يعيشون في علاقة عهد مع الرب.

أما اللبان، فإنه عندما يحترق مع التقدمة، تنبعث منه رائحة جميلة ومشبعة، وهذا يبين كيف أن الصلوات والتشفعات التي يقدمها جميع الداخلين في علاقة العهد مع الرب تكون مشبعة لله. فالمحرقة هي تكريس الذات، أما تقدمة الدقيق فهي تكريس الخدمة. فلا يمكننا أن نقدم خدمة مقبولة إلا إذا كنا قد قدمنا أنفسنا أولا. وهذا المفهوم نجده دائما بنفس الترتيب في جميع أجزاء الكتاب المقدس.

ولا ينبغي أن يوضع خمير (هو يرمز للخطية) في تقدمة الدقيق . ومن حيث أن الخمير يتخلل بسرعة كتلة العجين بأكملها، يذكرنا الكتاب قائلا: نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينا جديدا ... لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا. إذا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق (1 كورنثوس 6:5-8).

إعلان عن المسيح: من خلال الذبيحة التي تحرق خارج المحلة (لاويين 12:4). فهذه صورة للمسيح الذي تألم خارج الباب (عبرانيين 11:13-12).

أفكار من جهة الصلاة: ارفع يديك بالتسبيح والصلاة واعبد الرب (1 تيموثاوس 8:2).

اقرأ لاويين 7 -- 8

يأتي ذكر ذبيحة السلامة في الترتيب الثالث في قراءة هذا اليوم بعد ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم (لاويين 11:7-34)، ولكنها كانت الأخيرة من حيث ترتيب تقديمها وذلك لأن السلام يأتي فقط نتيجة لكون الإنسان أمينا لجميع متطلبات الله. وهذه الذبيحة تعبر عن علاقة السلام والتوافق مع الله وأيضا مع الآخرين. ولكن كلمة شالوم، أي السلام بالعبرية، تعني أكثر من ذلك، إنها تعني أيضا الفرح والابتهاج وراحة النفس. كانت ذبيحة السلامة تقرب من أجل التعبير عن الشكر عند استجابة الصلاة أو عند نوال الشفاء أو بالارتباط بنذر أو كعمل اختياري للتعبير عن الامتنان. ومع ذبائح السلامة كانوا دائما يقدمون تقدمات دقيق (عدد 4:15؛ تثنية 5:12-7).

وكانت ذبيحة السلامة بمثابة وليمة فرح يشترك فيها الكاهن والشعب في محضر الله الذي كان من نصيبه الشحم على المذبح (لاويين 31:7). وبعد أن يقدم الشحم للرب، ويحصل الكهنة على نصيبهم، كان الباقي كله من نصيب مقدم الذبيحة وأصدقائه وأفراد أسرته فيأكلونه في فناء خيمة العبادة، ويبتهجون جميعهم بالأشياء الرائعة التي صنعها الرب. فالكتف والساق والصدر - التي ترمز إلى القوة والرأفة - كانت من نصيب الكاهن الذي قدم الذبيحة - للتذكرة بأن قوة الله ومحبته هي من نصيب أولئك الذين يخدمونه. ويمكن أن تكون الذبيحة بقرة (لاويين 3:9-4) أو ثورا (خروج 24:20؛ 5:24) أو من الماعز أو الغنم؛ ولكنها يجب أن تكون بلا عيب، لأنها تشير إلى حياة المسيح الكاملة. والبقر يرمز إلى الرب في قوته وصبره، أما الغنم فيرمز إليه في وداعته ولطفه، والماعز يرمز إليه في كونه محتقرا ومرفوضا (لاويين 1:3،7،12).

وعلى مقدم الذبيحة أن يضع يده على رأس قربانه، ويذبحه ، ويأتي بالشحم إلى الكاهن لكي يوقده للرب. فلا ينبغي أن يؤكل الشحم. كل من أكل شحما ... تقطع من شعبها النفس التي تأكل (لاويين 2:3؛ 23:7،25).

في بعض الذبائح، كان مسموحا للفقراء أن يقدموا من أفراخ الحمام أو اليمام، ولكن هذه الطيور لم تكن مقبولة كذبيحة سلامة. يجب أن تكون هذه الذبيحة حيوانا لأن الطير أصغر من أن يقسم أو أن يكفي لإشباع الجميع. وفي بعض الذبائح كان يسمح فقط بتقديم الذكور ولكن ذبيحة السلامة يمكن تقديمها ذكرا أو أنثى (لاويين 1:3،6).

إن ذبيحة السلامة تصور حياة المسيح التي أعادت العلاقة الكاملة والدائمة بين الله والناس. فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح (رومية 1:5). ثم إن العلاقة الحقيقية مع الله تؤدي إلى سلام مع سائر المؤمنين - الذي إليه دعينا كأعضاء في جسد المسيح الواحد (كولوسي 15:3). لقد مات المسيح، ولكنه الآن حي، ونحن نحيا في شركة معه، ونبتهج بسلام الله الذي يفوق كل عقل (فيلبي 7:4) ونشاركه مع الآخرين.

عاملا الصلح (أي السلام) بدم صليبه (كولوسي 20:1)؛ لأنه هو سلامنا (رباط وحدتنا) ، الذي جعل الاثنين واحدا (اليهود والأمم)، ونقض حائط السياج المتوسط (أفسس 14:2). أي أن الله كان مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة (2 كورنثوس 19:5).

إعلان عن المسيح: من خلال موسى الذي قدس الكهنة الذين خصصوا أنفسهم للخدمة (لاويين 23:8-24). فالمسيح هو الذي يخصص المؤمن للخدمة عندما يقدم نفسه للمسيح (رومية 1:12).

أفكار من جهة الصلاة: تقدم إلى الله بالصلاة بثقة لكي تنال منه نعمة ورحمة (عبرانيين 16:4).

اقرأ لاويين 9 -- 10

كانت هناك ذبيحتان، ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم. لا يقال عنهما وقود رائحة سرور - بمعنى أنهما لا يجلبان الفرح إلى قلب الله حيث أنه قدوس ويبغض الخطية ولا يستطيع أن يسكن حيث توجد الخطية. ثم قدم هارون قربان الشعب وأخذ تيس الخطية الذي للشعب وذبحه وعمله للخطية ... ثم رفع هارون يده نحو الشعب وباركهم (لاويين 15:9،22،24).

كانت ذبيحة الخطية إجبارية، لأننا بالطبيعة أبناء الغضب (أفسس 3:2)، وكانت ذبيحة الإثم مطلوبة للتعويض عن خطايانا الكثيرة تجاه الله والناس.

كانت هاتان الذبيحتان لازمتين لاسترداد العلاقة بين الله والإنسان. ولم تكن الذبائح الثلاث الأخرى مقبولة إلا بعد تقديم هاتين الذبيحتين. ويوجد ارتباط وثيق بين هاتين الذبيحتين على الرغم من التمييز الواضح بينهما. فذبيحة الخطية تشير إلى المسيح الذي حمل الخطية - أي جُعل خطية لأجلنا (2 كورنثوس 21:5). أما ذبيحة الإثم فتشير إلى المسيح الذي مات من أجل خطايانا الكثيرة (رومية 6:5؛ 1 كورنثوس 3:15؛ 2 كورنثوس 15:5؛ 1 يوحنا 7:1،9)، وفتح الطريق الذي يتيح للإنسان الخاطئ أن يقترب إلى الله وينال القبول.

في هذه الذبائح، كان مقدم الذبيحة يتوحد مع الذبيحة بأن يضع يديه بقوة على رأس الذبيحة. وهذا يرمز إلى انتقال خطاياه - التي يستحق من أجلها الموت - إلى الذبيحة التي ستموت بدلا منه. وحيث أنه هو الذي أخطأ، فإن مقدم الذبيحة يقوم بذبحها.

فلا بد من تنفيذ القضاء على الخطية. سواء رأيناها خطية غير مقصودة، أو أنها صنعت بجهل، أو لها مبرراتها، فهي على جميع الأحوال لا يمكن تجاهلها. والإنسان يعرف الإغراءات والتجارب والسقطات والخطايا، ولكن الحيوان لا يعرف شيئا من هذا ولذلك فهو يقدر أن يكون كفارة مؤقتة عن الخطية. ولكن ذبيحة المسيح وحدها هي التي تقدر أن تمحو الخطية وتفي متطلبات قضاء الله على خطية الإنسان. فالذبائح كانت مجرد رموز للذبيحة الكاملة التي قدمها ابن الله الوحيد.

إن المسيح هو "ذبيحة الإثم" من أجلنا - مسامحا لكم بجميع الخطايا؛ إذ محا الصك الذي علينا.. مسمرا إياه بالصليب (كولوسي 13:2-14؛ أيضا 2 كورنثوس 19:5).

إن الخطية هي عصيان ضد إرادة الله الصالحة - وهي لا تشمل فقط أن يعمل الإنسان الشر بإرادته، بل أن يحجم عن عمل الخير عندما يكون في استطاعته (يعقوب 17:4). وعند تقديم ذبيحة الإثم، يجب على المذنب أن يعترف بالخطأ الذي ارتكبه. على سبيل المثال عند التعدي على أملاك الغير، كان المذنب يقدم الذبيحة اعترافا منه بالذنب. وبعد ذلك يجب عليه أن يعوض عن كل المسروقات إلى صاحبها مع إضافة خمس قيمتها.

ولم تكن ذبيحة الإثم تشمل المذنب فقط، بل تتضمن أيضا الشهود. فإن الله يطالب بتوقيع العقوبة على المذنب، ولكن أي شخص يكتم الدليل يصبح مشتركا في الجريمة - هذا ما يتجاهله الكثيرون اليوم (لاويين 1:5؛ 2 يوحنا 9:1-11). ولتوضيح هذه النقطة، عندما أسقط الله أريحا بواسطة يشوع اتضح أن عخان قد احتجز لنفسه رداء شنعاريا وأيضا بعض الذهب وأشياء أخرى (يشوع 21:7). عندئذ لم يحكم بالموت على عخان فقط، بل على أسرته بأكملها بسبب خطية الأب. والمقصود هنا هو أن الأسرة كانت على علم بالخطية فصاروا مذنبين لأنهم لم يخبروا عنها. لذا عندما كشف الرب عن فِعلة عخان، لم يُرجم وحده وإنما رجمت معه زوجته وبنوه وبناته.

لأنه ما كان الناموس عاجزا عنه ...فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ... دان الخطية في الجسد لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح (رومية 3:8-4).

إعلان عن المسيح: من خلال الذبيحة التي بلا عيب (لاويين 3:9؛ قارن مع يوحنا 29:1).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن يعطيك الكلمات المناسبة لمشاركة المسيح مع الآخرين (متى 18:10-20).

اقرأ لاويين 11 -- 13

تأتي عبارة أنا الرب إلهك 50 مرة في هذا السفر - تعبيرا عن السبب الحقيقي الذي من أجله يجب أن يكون شعب الله مقدسا. فيجب أن نكون مقدسين لأنه هو قدوس. وسواء داخليا أو خارجيا، أدبيا أو روحيا، يجب أن نتطهر من كل ما ينجس. (لاويين 44:11-45؛ انظر 1 تسالونيكي 7:4-8؛ 1 بطرس 14:1-16). يجب أن يكون هناك تمييز بين النجس والطاهر (لاويين 47:11). كان على بني إسرائيل أن يأكلوا طعاما طاهرا (ص 11)، وأن تكون أجسادهم طاهرة (ص 12-13)، وأن تكون ملابسهم طاهرة (47:13-59)، وأن تكون منازلهم طاهرة (33:14-57)، وأن تكون لهم عادات صحية طاهرة (ص 15)، وأن يكونوا شعبا طاهرا (ص 16). وتأتي كلمة نجس حوالي 100 مرة في الأصحاحات 11-16.

لقد خُلق الإنسان على صورة الله (تكوين 27:1) وهذا الشبه يشمل البر والقداسة الحقيقية (أفسس 24:4). ولكن عندما أخطأ آدم وحواء، تلوثت قداستهم وانفصمت علاقتهم مع الله ومنذ هذه اللحظة أصبح الموت هو المصير الحتمي لكل إنسان (رومية 14:5).

وعندما نقرأ سفر اللاويين نكتشف مدى كراهية الله للموت الذي بدأ فقط عندما دخلت الخطية إلى جنة عدن. فإن نتائج هذه الخطية الأولى فتحت أبواب الحزن والألم والموت الجسدي وفي النهاية الموت الروحي الأبدي. فالذبائح العديدة والشرائع والفرائض المختصة بما هو طاهر وما هو نجس وما هي الأشياء التي تنجس، تقودنا إلى فهم مدى بشاعة الموت ومدى كراهية الله للخطية.

لقد أعطيت هذه الشرائع بحكمة للإسرائيليين لأغراض صحية. ولكنها أيضا تبين لنا كيف أن الله غيور في الحفاظ على قداسته.

كانت الحيوانات المحرمة توصف بأنها نجسة ، ولكن الأسماك والطيور والحشرات والزواحف والحشرات الممنوعة والجثث الميتة كانت توصف أيضاً بأنها مكروهة (لاويين 2:11-47). فإن هذه الطيور والأسماك تشمل العديد من الأنواع التي تتغذى على الموت، إذا أنها تقتات من الحيوانات الميتة ومن القمامة. وقد كانت الحيوانات التي تزحف على بطنها مثل الثعابين والديدان واليرقات والجرذان، والمخلوقات العديدة الأرجل مثل أم أربعة وأربعين والعناكب هي أيضا مكروهة وبغيضة. فهي تنشط في الظلام وتصور حقيقة الناس الذين يحبون الظلمة لأن أعمالهم شريرة (يوحنا 19:3).

إن الهدف من كل هذه الفروق الدقيقة وهذا النظام المعقد من أجل التمييز بين الطاهر والنجس هو لضمان انعزال الإسرائيليين عن الأمم لغرض الحفاظ على سلسلة نسب نقية يأتي منها المسيح ولحفظ الإسرائيليين من التعلق بالآلهة الغريبة. وقد كان أيضا هذا النظام بمثابة تذكير يومي بأن الله يريد أن شعبه يتشبهون به في القداسة بالمقابلة مع شر هذا العالم الذي يؤدي بالضرورة إلى الموت.

وتشير هذه التشريعات إلى أهمية القول: اخرجوا من وسطهم (أي من وسط الأشرار) واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسا (2 كورنثوس 17:6-18؛ يوحنا 15:17؛ 1 كورنثوس 9:5؛ أفسس 11:5؛ 1 بطرس 15:1؛ 2 بطرس 11:3؛ رؤيا 14:22-15).

إعلان عن المسيح: من خلال الطعام الطاهر للمؤمنين (لاويين 47:11). إن ربنا يسوع هو خبز الحياة (يوحنا 35:6)، ومعطي الماء الحي (14:4)، والذي طعامه هو عمل مشيئة أبيه (34:4).

أفكار من جهة الصلاة: ارفع الشكر من أجل امتياز الاجتماع مع سائر المؤمنين في كل أسبوع (عبرانيين 25:10).

اقرأ لاويين 14 -- 15

عندما يُحكم على أحد الإسرائيليين أنه مصاب بالبرص، فإنه يشق ثيابه ويكشف رأسه للتعبير عن الحزن الشديد والمذلة العميقة. وكان أيضا يغطي شفته العليا بقطعة قماش من الكتان، كما يفعلون مع الميت، للتعبير عن أنه ميت متحرك (2 ملوك 7:5؛ حزقيال 17:24). وكان الأبرص يُعزل في الحال عن الشعب وأيضا عن جميع العبادات المستقبلية. وكان هذا الشخص البائس يعبر للمرة الأخيرة في المحلة صارخا: نجس! نجس! (لاويين 45:13-46) - وكأنه يقول: "ابعدوا عني لأني مثل الجثة الميتة النجسة".

كان البرص يفصل الزوج عن زوجته، والأب عن أولاده، والصديق عن صديقه. وكان يُطرد الإنسان من بيته ليعيش خارج أبواب المدينة الآمنة في استبعاد موحش مدى الحياة بعيدا عن الحياة الاجتماعية وعن العبادة.

وعندما يظهر البرص في البداية، فإنه يبدو أمرا بسيطا - مجرد بقعة صغيرة بيضاء أو حمراء على الجلد - وهو في مراحله الأولى لا يسبب أي ألم. وقد تستمر البقعة شهورا بل وأيضا سنينا قبل أن تبدأ في النمو، ولكنها عندئذ تسبب تشوها بشعا وشاملا في كل أجزاء الجسم، وتؤدي إلى حدوث انتفاخات تشبه الأورام على الوجه واليدين. ومع حركة المفاصل تحدث تشققات عميقة دامية ومؤلمة. فتتشوّه أصابع اليدين والقدمين وتصير خشنة ومشققة. وتنتفخ أظافر الأصابع وتصبح ملتوية ثم تسقط. ومع تدهور حالة البرص، تتكون في الجسم قرح نتنة وتصاب اللثة بالنزيف. وفي النهاية يتآكل الأنف تماما وتسقط الأصابع من اليدين ومن القدمين تاركة خلفها جذامات قصيرة من اللحم المتآكل. وبمرور الزمن يصبح الأبرص نحيفا وهزيلا، ويصاب بالإسهال والحمى الحارقة والعطش الشديد. وعلى الرغم من مظهره المقزز، فمن يستطيع أن ينظر إلى الأبرص ولا يشعر بالشفقة نحوه؟

لا يوجد مرض يحتل مثل هذه المساحة في الكتاب المقدس مثل البرص، ذلك لأنه يصور كيف أن الخطية تبدو بسيطة في البداية، ولكن نتائجها في النهاية تكون بشعة وكريهة ومميتة. إن النتيجة الخطيرة لأي نوع من أنواع النجاسة هي أنها تفصل الإنسان عن الله في الحال، كما كتب بولس إلى أهل رومية وأفسس قائلا: لذلك أسلمهم الله أيضا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم ... [أي أسلمهم لقوة الخطية المدمرة] ... لذلك أسلمهم الله إلى أهواء الهوان ... الذين إذ هم قد فقدوا الحس أسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة في الطمع (رومية 24:1-26؛ أفسس 19:4؛ أيضا 2 بطرس 19:2). إنهم يعيشون في حالة من الموت المتحرك ولا رجاء لهم في الشفاء ما لم يرجعوا إلى المسيح بالتوبة الصادقة عن خطاياهم. وليس لهم أي أمل سوى الموت - الموت الأبدي. فإن مصيرهم المحقق هو البكاء والعويل وصرير الأسنان (متى 12:8؛ 42:13،50؛ 13:22؛ 51:24؛ 30:25؛ لوقا 28:13). لكنه قال يسوع: أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يوحنا 10:10).

إعلان عن المسيح: من خلال الكاهن الذي يقدم الكفارة عن الأبرص (لاويين 20:14). لقد قام المسيح بالتكفير عن خطايانا (رومية 11:5).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده (متى 38:9).

اقرأ لاويين 16 -- 18

كان يوم الكفارة هو أقدس يوم من أيام السنة العبرية. كان يوم راحة وامتناع عن العمل لكنه أيضا كان يوم صوم؛ والأهم من هذا وذاك أنه كان يوما لفحص الذات والاتضاع الروحي (لاويين 29:16،31). في هذا اليوم من السنة - اليوم العاشر من الشهر السابع - كان على هارون رئيس الكهنة أن يتخلى عن جميع ثياب المجد الخاصة به - الصدرة والرداء والمنطقة والجبة ذات الجلاجل والرمانات الذهبية والصفيحة الذهبية التي توضع على العمامة (أي التاج) المقدسة - ويرتدي ملابس الكتان ليصبح مظهره الخارجي مثل سائر الكهنة على الرغم من أنه لا يزال رئيسا للكهنة. هذا ما فعله ربنا يسوع المسيح إذ تخلى عن كل مجده مع الله الآب وارتدى ثياب البشرية العادية ليصبح كواحد منا.

وقبل التكفير عن الشعب، كان هارون بحاجة هو أيضا إلى تطهير، مثله مثل سائر الشعب، فالجميع كانوا خطاة. لأن الدم يكفر عن النفس ... وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة (لاويين 11:17؛ عبرانيين 22:9؛ قارن مع متى 28:26). كان هارون مضطرا أن يقدم ثورا للتكفير عن نفسه قبل أن يقدم تيس الخطية عن الشعب (لاويين 11:16-14). ولكن المسيح، رئيس كهنتنا العظيم، لم يكن بحاجة إلى تقديم ذبيحة عن نفسه، لأنه قدوس بلا شر ولا دنس (عبرانيين 26:7-27). إنه فصحنا الذي ذبح لأجلنا (1 كورنثوس 7:5).

وبعد أن يتطهر هارون، كان يتقدم إلى قدس الأقداس آخذا معه ملء راحتيه بخورا وملء المجمرة جمر نار من على مذبح النحاس. وعند دخوله كان يضع البخور على النار لكي يمتلئ قدس الأقداس برائحته العطرة المشبعة. وهذا يشير إلى الأهمية القصوى للصلاة (رؤيا 8:5).

وقد ذكر الكتاب بالتحديد أنه: لا يكن إنسان في خيمة الاجتماع... من دخوله... إلى خروجه (لاويين 17:16). وهكذا فإن المسيح وحده كان معينا من الله لتنفيذ مشيئة أبيه وليصبح شفيعا لنا (يوحنا 34:4؛ 19:5،30؛ 28:8؛ 4:9؛ عبرانيين 4:5-9). إن كفارة المسيح العظيمة لم تبدأ على صليب الجلجثة بل في بستان جثسيماني عندما قدم إلى الآب صلاة رئيس الكهنة المسجلة في يوحنا 17. وحتى في أشد لحظات الألم وهو معلق على الصليب كان الرب يسوع يصلي من أجل الخطاة الهالكين.

بعد ذلك كان يؤتى بتيسين أمام رئيس الكهنة وتلقى قرعة لتحديد أيهما سيقدم ذبيحة خطية وأيهما سيؤخذ إلى البرية. ومن إلقاء القرعة على التيسين نتعلم أن آلام المسيح تعيّنت قبلا من الله لا بإرادة البشر (أعمال 24:4،28). وبنفس الطريقة، يجب أن تكون العبادة المقدمة من شعب الله بحسب وصاياه لا بحسب تقاليد البشر.

كان من الضروري استخدام تيسين للتعبير عن كفارة المسيح الثنائية الأوجه. فالواحد منهما يقدم على المذبح كذبيحة خطية . وكان هارون يضع يديه على رأس التيس الآخر ويعترف بخطايا الجماعة وبذلك تنتقل خطاياهم إلى التيس ثم يطلقه إلى أرض مقفرة ... في البرية (لاويين 22:16)، إلى حيث يختفي عن الأعين. هذا يبين لنا كيف أن خطايانا تغفر بالتمام وتنسى بالتمام - كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا (مزمور 12:103؛ عبرانيين 1:8-13).

إعلان عن المسيح: من خلال التيسين المستخدمين في يوم الكفارة (لاويين 8:16). فإن ذبح التيس الأول يشير إلى أن سلامنا مع الله قد استرد بواسطة دم المسيح. أما التيس الثاني فيشير إلى رحمة الله الفائقة التي إلى الأبد أبعدت خطايا شعبه من أمام عينيه - كبعد المشرق من المغرب (مزمور 12:103؛ قارن مع عبرانيين 17:10).

أفكار من جهة الصلاة: صلوا أيتها الزوجات من أجل روح هادئة ومحبة لكي تربحن أزواجكن للمسيح (1 بطرس 1:3-2).

اقرأ لاويين 19 -- 21

كان على كهنة الله، أكثر من أي شخص آخر، أن يمثلوا الله في السلوك الشخصي والعلاقات الأسرية، لئلا يتدنس هيكل الله. وتأتي كلمة يتدنس 12 مرة في قراءات اليوم.

وكانت عملية التقديس تتطلب ثورا من أجل ذبيحة خطية، وكبشا من أجل المحرقة، وكبشا آخر من أجل التقديس (لاويين 14:8-30). وكانت الأذن اليمنى وإبهام اليد اليمنى وإبهام الرجل اليمنى للكهنة تمسح بالدم (23:8-24). فالأذن الممسوحة بالدم تذكر بالاستماع إلى إرادة الله فوق كل شيء؛ واليد المختومة بالدم تذكر بالامتياز المقدس من جهة القيام بالخدمة في خيمة العبادة؛ والرجل التي تحمل علامة الدم تذكر بالسير بطريقة مقبولة أمام الرب.

والذبيحة المقدمة من أجل خطايا الكاهن، بصفته في مركز قيادة روحية، يجب أن تكون ثورا صحيحا - تماما مثل الذبيحة التي تقدم من أجل الجماعة كلها. كان هذا الحيوان هو الأغلى ثمنا وكان ينبغي أن يكون ذكرا، رمزا للقيادة. والسبب في هذا التمييز هو أهمية المقام الوظيفي للكاهن، إذ أنه بصفته قائدا روحيا يستطيع أن يجر الجماعة كلها إلى الخطية (3:4،22-23،27-28). وعلى عكس ذلك، فإذا أخطأ واحد من عامة الشعب ... فإنه يأتي بقربانه عنزا من المعز أنثى صحيحة - أي حيوانا أقل كثيرا في قيمته.

فجميع أبناء هارون، كبارا أو صغارا، أصحاء أو مرضى، كانوا كهنة للرب بحكم ولادتهم من هارون وعلاقتهم به. أما كل المدنسين بأي طريقة، سواء بعيوب جسمانية أو حوادث أو حتى بسبب الجهل، لا يسمح لهم بالأكل من نصيب الكهنة (16:21-24) أو الخدمة في خيمة العبادة إلى أن يتم تطهيرهم. وبعض التشريعات كانت أخطر كثيرا، ومن يكسرها من الكهنة يحرم مدى الحياة من خدمة الكهنوت، مثل الطلاق أو الزواج من امرأة مطلقة. مقدسين يكونون لإلههم ولا يدنسون اسم إلههم لأنهم يقربون وقائد الرب طعام إلههم فيكونون قدسا ... الأرملة والمطلقة والمدنسة والزانية فمن هؤلاء لا يأخذ بل يتخذ عذراء من قومه امرأة (لاويين 6:21-14؛ حزقيال 22:44). وأي كاهن لا يكترث بمواصفات الخدمة يُقطع من محضر الرب (لاويين 3:22). فليس لنا الاختيار أن نتجاهل بعض الأجزاء الكتابية لمجاراة مقاييس الرأي العام (تثنية 2:4؛ رؤيا 18:22-19).

إن المسئولية الواقعة على قادة الكنيسة والخدام والشيوخ والشمامسة هي أعظم بكثير ذلك لأن حياتهم يجب أن تقدم المثال للمبادئ الكتابية التي ينبغي على أعضاء كنائسهم أن يتبعوها. (قارن متى 31:5-32؛ 3:19-11؛ مرقس 2:10-12؛ أفسس 21:5-28؛ 1 تيموثاوس 1:3-13؛ تيطس 5:1-9؛ يعقوب 1:3).

ربما يكون لدى شخص ما العديد من الصفات الرائعة التي تؤهله للقيادة، ولكنه لا يصلح أن يكون قائدا روحيا إذا كان مطلقا أو متزوجا بامرأة مطلقة. إن التغاضي عن هذا المبدأ أمر في منتهى الخطورة. ولكن هذا لا يعفي الشخص غير المؤهل من الإخلاص والحب والأمانة. فإن خدمته في الكنيسة لا تزال مقبولة ومطلوبة في مواقع أخرى غير قيادية.

وإله السلام ... يكملكم في كل عمل صالح لتصنعوا مشيئته عاملا فيكم ما يرضي أمامه بيسوع المسيح الذي له المجد إلى أبد الآبدين. آمين . (عبرانيين 20:13-21).

إعلان عن المسيح: كمصدر للقيادة الحقيقية، بالمقابلة مع القيادة الشريرة من خلال الوسطاء الروحيين (لاويين 6:20-8).

أفكار من جهة الصلاة: صل بإصرار وستحصل على إجابة (لوقا 9:11-10).

اقرأ لاويين 22 -- 23

كان عيد الفصح هو أول عيد في السنة، ويحتفل به في الشهر الأول في الرابع عشر من الشهر بين العشائين ... وفي اليوم الخامس عشر من هذا الشهر عيد الفطير للرب (لاويين 5:23-6). كان عيد الفصح تذكارا لخروج بني إسرائيل من مصر. وهو أول عيد لأنه يمثل أول شيء في الفداء - الخروف المذبوح للتكفير عن الخطية. ويتبع ليلة الفصح سبعة أيام يأكلون فيها يوميا فطيراً بدون خمير (خروج 18:34-19). فالخمير يرمز إلى هذا العالم، ومصر، والخطية، فهو ينتمي إلى الحياة القديمة. وانقطاع الإسرائيليين عن الخمير لمدة سبعة أيام يعلمنا أن المفديين يجب أن يفصلوا أنفسهم عن كل شر - إذ أن الرقم سبعة يشير إلى الكمال. كان على الإسرائيليين أن يكونوا شعبا مقدسا، وأن ينفصلوا ليس فقط عن الخطية بل للرب إلههم. ومن لا يشترك في هذا العيد يُقطع من بين الجماعة (عدد 13:9؛ قارن مع خروج 18:12-20).

يشير الفصح إلى الفداء الذي أكمله الرب يسوع على الصليب، ويشير عيد الفطير الذي يُحتفل به يوميا على مدى سبعة أيام إلى أهمية التغذي يوميا على كلمة الله، كما قال يسوع: مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله (متى 4:4). وقال أيضا: إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي (يوحنا 31:8).ويشير الفطير أيضا إلى طبيعة المسيح التي بلا خطية. فإنه هو وكلمته لا ينفصلان، لأنه هو الكلمة الذي صار جسدا (14:1).

وفي غد السبت (يوم الأحد) يأتون بحزمة من باكورة الحصاد ويقدمونها للرب من الشعير الذي كان ينضج في ذلك الوقت من السنة في أرض كنعان (لاويين 10:23-11). وهذا اعتراف بأن نتاج الأرض هو ملك للرب.

والباكورة أيضا تشير إلى الرب يسوع، الذي قام من بين الأموات في أول الأسبوع - في غد السبت. الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين (1 كورنثوس 20:15).

وكما أن خروف الفصح يحفظ لمدة أربعة أيام قبل ذبحه للتأكد من أنه بلا عيب، هكذا فإن حمل الله (يوحنا 29:1) قد خدم جهارا أمام الجموع لما يقرب من أربع سنوات لكي يفحصوا بدقة حياته وخدمته.

وكانت النتيجة أن يهوذا قال: قد أخطأت إذ سلمت دما بريئا (متى 4:27). وأيضا بيلاطس فحصه وقال: لست أجد فيه علة واحدة (يوحنا 38:18). وقال أحد المجرمين على الصليب: هذا الإنسان لم يفعل شيئا ليس في محله (لوقا 41:23). هذه الشهادات جميعها تشير إلى أن يسوع هو حمل الله الكامل (يوحنا 29:1).

كان اليوم السابق للفصح يسمى يوم الإعداد. وفيه يتم تنظيف البيت بعناية لإزالة كل أثر للخمير. فكل شيء في البيت يتم تنظيفه - الجدران والأسقف تغسل، والأرضيات والخزانات تمسح، والأركان تكنس، وجميع أوعية الطهي تغلى في الماء وتوضع جانبا، والعديد من المهام الأخرى يتم إنجازها. ونحن أيضا يجب أن نطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله (2 كورنثوس 1:7).

إعلان عن المسيح: لاويين 23 - في الأعياد الدينية السبعة الكبيرة: الفصح، عيد الفطير، عيد الباكورة، عيد الخمسين،عيد الأبواق، عيد الكفارة، عيد المظال (جميعها تشير إلى المسيح).

أفكار من جهة الصلاة: تذكر أن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله (متى 26:19).

اقرأ لاويين 24 -- 25

بعد الفصح وعيد الفطير وتقديم باكورة حصاد الشعير، لم تكن هناك أعياد أخرى لمدة سبعة أسابيع. والعيد التالي مع أنه كان يسمى أحيانا عيد الأسابيع، إلا أن التسمية الأفضل هي عيد الخمسين، لأن هذا العيد كان يأتي بعد 50 يوما من تقديم حزمة الباكورة (لاويين 15:23-16).

كانت حزم الشعير التي تقدم في عيد الفصح هي العلامة على بدء الحصاد، وكان خبز الترديد المصنوع من القمح والذي يقدم في عيد الخمسين هو العلامة على نهاية الحصاد. وفي العهد الجديد، كان يوم الخمسين الذي جاء بعد قيامة المسيح هو التوقيت للحصول على عطية الروح القدس، كما قال بطرس: هذا ما قيل بيوئيل النبي [يوئيل 28:2] ... أسكب من روحي على كل بشر (أعمال 16:2-17).

كان يستغرق حصاد جميع المحاصيل سبعة أسابيع ابتداء بمحصول الشعير الذي ينضج في الربيع. فبمجرد أن ينتهي حصاد الشعير تكون الفاكهة قد نضجت؛ وبعد ذلك يأتي جمع الزيتون ثم الكروم، ويليها القمح الذي يحصد آخر الكل. وكما أنه كان يوجد عيد للباكورة كدليل على الإيمان بحصاد جيد، كان يوجد أيضا عيد للاحتفال بنهاية حصاد الصيف.

وعلى عكس الفطير الخالي من الخمير في الفصح، كان رغيفي خبز الترديد يخبزان بخمير في هذه المناسبة (لاويين 17:23). ويتكون رغيفا خبز الترديد من الدقيق الذي ينتج عن طحن الحبوب، ويخلط بالزيت والخمير ثم يخبز في الفرن. وهما يمثلان انسكاب الروح القدس مرتين- مرة على اليهود في يوم الخمسين والمرة الأخرى على المؤمنين من الأمم - بحيث يصبح الاثنان واحدا (أعمال 1:2-13؛ 44:10-48). وكان الخمير موجودا في هذا الخبز لأنه لا تزال توجد أخطاء ونقائص في الكنيسة. فهي ليست كاملة - كما هو الحال مع المسيح - المشار إليه بالفطير الخالي من الخمير. ونظرا لأخطاء الشعب الموجود في هذا المحفل، كانت ذبائح الخطية وذبائح المحرقة وذبائح السلامة تقدم في هذه المناسبة.

كان الهدف أيضا من خبز الترديد أن يتعلم الشعب أن بركات الرب ليست مقتصرة عليهم وحدهم. لذا كان ينبغي أن يشاركونها مع الآخرين: لا تكمل زوايا حقلك في حصادك ... للمسكين والغريب تتركه. أنا الرب إلهكم (لاويين 22:23).

في عيد الباكورة، نرى صورة للرب يسوع الذي قام من الأموات وصار باكورة الراقدين (1 كورنثوس 20:15-21). وبعد أربعين يوما من قيامته وقبل صعوده بلحظات، قال يسوع لتلاميذه: انتظروا موعد الآب (أعمال 4:1). وبعد عشرة أيام كان ما يقرب من 120 تلميذا مجتمعين في غرفة مرتفعة (تسمى علية) عندما حضر يوم الخمسين (1:2). وكان هذا اليوم بالتحديد هو اليوم الموافق لعيد الخمسين.

وامتلأ الجميع بالروح القدس كما سبق وأنبأهم المسيح قائلا: ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض (أعمال 8:1).

إعلان عن المسيح: من خلال الولي أي القريب الأقرب الذي يفك قريبه [أي يدفع الفدية عنه] (لاويين 47:25-55). فالمسيح هو ولينا (إشعياء 16:60).

اقرأ لاويين 26 -- 27

لم يكن بنو إسرائيل متكافئين عسكريا أمام أعدائهم، بل كان لديهم الرب ليعتمدوا عليه. ومع ذلك، عليهم أن يعرفوا بأن الرب لن يدافع عن عدم القداسة أو عدم الطاعة، ولذلك فإن قوة بني إسرائيل كانت مشروطة بطاعتهم لكلمته. إذا سلكتم في فرائضي وحفظتم وصاياي وعملتم بها ... تطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسيف. يطرد خمسة منكم مئة ومئة منكم يطردون ربوة ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف (لاويين 3:26،7-8).

أثناء إعداد مملكة إسرائيل، قاد الرب يشوع لكي يحارب الكنعانيين ويمتلك أرض الموعد. وقد زوده الرب بمفتاح النجاح الروحي والأدبي للأمة، فقال له: لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه (يشوع 8:1). ولكنك لا تستطيع أن تعمل كل ما هو مكتوب فيه إلا إذا كنت تعرف كل ما هو مكتوب فيه. ولمعرفة ما أعلنه الله في كلمته نحتاج أن نقرأها يوميا وأن نعتمد على قوة حضوره.

وبعد نصرته المعجزية على الكنعانيين في وقت قصير، لا يدهشنا أن نقرأ أن يشوع لم يهمل شيئا من كل ما أمر به الرب موسى (يشوع 15:11). فلقد كانت نصرته على الكنعانيين نتيجة مباشرة لحرصه، على المستويين الشخصي والقومي، أن يعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه .

وكم هو محزن أن نقرأ فيما بعد أن بني إسرائيل قد تركوا الرب وعبدوا آلهة أخرى، وبذلك جلبوا على أنفسهم التحذير المذكور في قراءة اليوم: وأجعل وجهي ضدكم فتنهزمون أمام أعدائكم ويتسلط عليكم مبغضوكم وتهربون وليس من يطردكم ... وأصيّر سماءكم كالحديد [لا تعطي استجابة، ولا بركة، ولا مطرا] وأرضكم كالنحاس (لاويين 17:26،19). فليس تاريخ بني إسرائيل سوى سجلا للنتائج المؤسفة للعصيان.

لقد حذر هوشع قائلا: قد هلك شعبي من عدم المعرفة؛ لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا (هوشع 6:4). فلو كان بنو إسرائيل قد سلكوا في طاعة كلمة الله لكانوا قد ضمنوا الانتصار الدائم.

يرمز الكنعانيون للأعداء الذين نواجههم اليوم والذين يحاولون أن يدمروا قيَمَنا الروحية والأدبية. ويشوعنا هو يسوع نفسه الذي أعلن لنا نفس مفتاح النصرة عندما بدأ خدمة الملكوت، إذ قال: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله (متى 4:4). فإن كل كلمة لازمة للانتصار على الكنعانيين في حياتنا. ولكن أمريكا قد فشلت في أخذ أقوال الله على محمل الجد واستبدلوها بالعديد من البدائل التي دمرت القيم الروحية والأدبية لهذا البلد.

ألا يمكنك أن تسمع صرخة هوشع المدوية إلى أمريكا: قد هلك شعبي من عدم المعرفة ؟ إن كلمة الله هي وحدها التي تستطيع أن تقدم الإجابة على كل المشاكل الروحية والأدبية في أمريكا. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع ... (2 تيموثاوس 16:3-17). فمن المهم جدا أن نحث المؤمنين المولودين ثانية على قراءة ما يريد الله أن يقوله لهم قبل أن نتوقع من الله أن يسمع ما نريد نحن أن نقوله - لأن الكتاب يحذرنا قائلا: من يحول أذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضا مكرهة (أمثال 9:28).

إعلان عن المسيح: كالشخص الذي يسكن في وسطنا (لاويين 11:26). إن رجاء مجدنا هو أن المسيح فينا (كولوسي 27:1).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الله بإيمان أن يعطيك حكمة لفهم كلمته فسيعطيك (يعقوب 5:1-6).

 

عودة للفهرس