تعليقات على الإسلام

 

 

الباب الرابع

في قول عائشة لمحمد :] إنّ ا لله يُسْرِع لَكَ في هَوَاكَ[

 

أولاً: مصادر البحث

 

1. جاء في »صحيح مسلم« الجزء، الثاني صفحة 121 ما يلي ]رُوى عن عائشة زوجة محمد أنها قالت:"كنتُ أغارُ على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله-الهبة زواج بدون صداق، أي أن المرأة تقبل أن تتزوج الرسول بدون صداق-[.

2. وفي »صحيح مسلم« الجزء الثالث صفحة 364 ]لما نزل الوحي )تُرجي من تشاء من تشاء ..إلخ((سورة الأحزاب 33 : 51)، )ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك(. قالت عائشة:"والله ما أرى ربك إلاَّ يسارع لك في هواك"[.

3. ورد في ((سورة الأحزاب 33 : 50 )) )وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لهُ من دون المؤمنين(.

4. ]أخرج بن سعد عن منير بن عبد الله الدؤلى، أن أم شريك الدوسية عرضت نفسها على النبي، وكانت جميلة فقبلها. فقالت عائشة":ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خيرٌ"، قالت أم شريك:"فأنا تلك". فسمَّاها محمد مؤمنة. فقال:"وامرأة مؤمنة ... الخ"، فلما قال محمد هذا قالت عائشة:"إن الله يسرع لك في هواك"[.

5.  وهذا أيضاً مذكور بالنص في »صحيح البخاري« الجزء الثالث صفحة 164

ثانياً: التعليق على ما سبق

 

علاقات زوجية تفتقر إلى الاتزان

1. من تفسير »الفخر الرازي« لنص (سورة الأحزاب 33: 50، 51)،المجلد السادس ص792»إن من ينظر في الأحاديث السابقة لا يرى النص )ترجى من تشاء منهن وتؤوى من تشاء... الخ ( (الأحزاب 33 : 51)، كان لقمع غيرة عائشة على اللواتي وهبن أنفسهن لرجلها. ودفعاً لاعتراضها حتى تقول على أثره:]والله ما أرى ربك إلاَّ يسارع لك في هواك[. بل الذي يُرى هو أن النص بهذا الخصوص وهو)وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، وإن أراد النبي أن يستنكحها خالصه له من دون المؤمنين، قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم، وما ملكت إيمانهم؛ لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفوراً رحيماً((سورة الأحزاب 33 :50). فلما سمعت عائشة من فم زوجها هذا النص، قد اعتبرتهُ وحي الله إليه قالت بتعجُّب:]إن الله يسرع لك في هواك!![. لأن كلمة تُرجى من تشاء منهن إلى آخره،كانت على نبي الإسلام بخصوص معاشرته لنسائه والاضطجاع معهن. وخلاصته إنه لا يجب على النبي أن يُقسِّم بين نسائه بالعدل من هذه الحيثية، بل حقَّ له تأخير من شاء منهن، وإيواء من شاء منهن إليه. وذلك لتسكيت تذمُّر نسائه عليه؛ لكونه لا يساوى ويعدل بينهن في هذا الأمر}[1]

وحيٌ أم هوى؟!

لاشك في أن عائشة كانت أذكى زوجات محمد، وأوفرهن دالة وجراءة. كثيراً ما وقفت له بالمرصاد وحجَّتهُ، لولا تخلُّصهُ منها بالوحي، أو الدعوى كما رأيت بسِّبه ولعنه للمسلمين. فحين سمعت من فمه ما سمعت كوحي الله إليه بخصوص الواهبات أنفسهن لهُ، كانت قد لاحظت وقوع مثل ذلك كثيراً فيما سبق، وهو نزول عدة آيات وفقاً لهواهُ وميوله، وذلك بعد أن يهوى الشيء ويرغبهُ، ولم يسعها إلاَّ أن قالت بلهجة التعجٌّب والسخرية مقولتها الشهيرة:)إن الله يسرع لك في هواك(. لاعتقادها أن الأقوال وحيٌ من الله إليهِ، وإنها رأت الآتي:

v حين تمنّى أن يكون حرم مكة قبلة للمسلمين، وحجَّهم عوضاً عن بيت المقدس في أورشليم، الذي كان قد اقتبلهُ هو وأصحابه في صلواتهم وسجودهم زمناً طويلاً، كان الوحي إليه وفق هواه:)قد نرى تقلُّب وجهك في السماء فلنولِّينَّك قبلة ترضاه، فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام، وحيثما كنتم فولُّوا وجوهكم شطرة((البقرة 2 : 144)

v كذلك حين رأى زينب الجميلة امرأة زيد بن الحارثة، وعشقها بقلبه حتى قال على مسمع منها":سبحان الله مقلِّب القلوب". أيضاً كان الوحي إليه وفق هواه)إذ تقول للذي أنعم الله، عليه، وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك، واتَّقِ الله، وتخفي في نفسك ما الله مبديه، وتخشى الناس والله أحق أن تخشاهُ، فلما قضى زيدٌ منها وطرا ًأزوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذ قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً((الأحزاب 33 : 37).

v كذلك تحريم محمد زوجتهُ مارية القبطية عليه إرضاء لامرأته حفصة بنت عمر؛ لأنه كان قد اضطجع مع مارية في بيت حفصة وهي غائبة، وإذ شقَّ ذلك كثيراً عليها، فقال لها:"قد حرَّمت عليَّ مارية، وأنه ما عاد يقربها، بشرط أن تكتم عليه؛ ولما لم تبقَ حفصة على عهد الكتمان، وأطلعت عائشة على ما كان، طلَّقها قصاصاً لها. ثم ندم على ما كان منه من تحريم مارية، وطلاق حفصة؛ وتمنّى مسوِّغاً لتحليل ذلك المحرَّم، وإرجاع تلك الطالق. فكان الوحي وفقاً لهواه ومبتغاة:)يا أيها النبي لم تحرِّم عليك ما أحلَّ الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم، قد فرض لكم تحلة إيمانكم والله مولالكم وهو العليم الحكيم((سورة التحريم66: 1)وإذ رأت أيضاً ما لم يخطر لها ببال، وهو أن هذه المرأة من هنا، وتلك من هناك ممن رغب فيهن زوجها، يهبن أنفسهن له كزوجات؛ أنكرت ذلك قائله:"لا خير في امرأة تهب نفسها لرجل".

كان نص (الأحزاب 33 : 50) قمعاً لإنكارها ذلك. فلم يسعها إلاَّ أن أقسمت وقالت إن الله يجيبك سريعاً إلى ما تهوى وتبتغي نفسك الأمَّارة بالسوء، وكأنها بذلك تقول له: *هويت تحويل قبله السجود من بيت المقدس إلى مكة، فأسرع الله لك في هواك.*وهويت امرأة زيد بن حارثة ورغبت فيها، فأسرع الله لك بالوحي أنه زوَّجك إيَّاها.*رغبت مارية التي حرَّمتها عليك، واسترجاع حفصة المطلَّقة منك. فعَّجل ربُّك بتحليل ما حرَّمت، واسترجاع ما طلقت.*وددت غزو المشركين والكفّار الأمر الذي قد نهاك عنهُ القرآن بآيات بينّات، مثل )لا إكراه في الدين(، )أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين(، )وما أرسلناك إلاَّ مبشراً ونذيراً(، )وعليك البلاغ وعلينا الحساب(. إلى غير ذلك مما قرأته على الناس. فأسرع الله لك في هواك.*ورغبت في نزول آيات القتال ناسخاً تلك الآيات السلمية.*وهنا أيضاً أسرع الله في هواك في إباحة هبة المرأة لك نفسها.

قُرآن خاص بمحمّد !!

إن هذه المقولة لا تحلُّ محل القبول عند عقلاء المسلمين وأذكيائهم؛ لما فيها من لائحة الدلالة على اختلاق القرآن. لأنها تشفُّ على أن القرآن أو كثيراً منه كان على ما يهوى محمد ويرغب من الأهواء النفسية والجسدية. وطبعاً إن سرعة إيجاب محمد إلى ما يهوى ويرغب (كما في النصوص المتقدم ذكرها) يلقي الشبهة عليه أنه من عند الله الذي ليس عنده تغيير ولا ظلِّ دوران.

دفع الضرر مقدَّم على جلب المنفعة .

هل جاء مثل ذلك عن نبي من أنبياء الله؟! لقد درست سير أنبياء الله القديسين، ولم أجد أن أحدهم أتى مثل ما أتى نبي الإسلام. وأغرب ما جاء في هذا الصدد القول:)النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم((الأحزاب 33: 6). ومن تفسير »الفخر الرازي« لهذه الآية:{إن هذه الآية تقرير لصحة ما صدر عن الرسول من تزوجه بزينب امرأة زيد بن حارثة}. وكأن هذا جواب عن سؤال قائل:"هب أن الأدعياء ليسوا بأبناء كما قلت، ولكن إذا كان لدعيِّه شيء حسن، لا يليق بمرؤته أن يأخذه منه، لأن هذا يطعن فيه شرعاً. فقال الله تعالى هذه الآية (الأحزاب 33 : 6) جواباً عن ذلك السؤال. ثم يستطرد الرازي في القول ويقول:]"إن ذلك كان دفعاً لحاجة نفس النبي، والنفس تُقدَّم على الغير لتفرغها لعبادة الله تعالى."[[2]. وخلاصة ذلك الشرح عزيزي القاريء أن محمداً أولى بامرأة زيد منه؛ لأنها وقعت في قلبه موقع الحب واحتاجته نفسه، ونفس النبي مقدَّمة على نفوس الآخرين من المؤمنين، فوجب أن زيداً يتنازل عنها بالطلاق، لتتفرَّغ نفس محمد إلى عبادة الله. وكأن حبّ محمد لامرأة زيد صار شغلهُ الشاغل عن عبادة الله، فوجب أن يُزال ذلك الشاغل بتزوجه إياَّها، لتفرغ نفسه إلى عبادة الله؟!

مطاردة غرامية

أيعجبك ذلك يا عزيزي القاريء؟! أيوافق ذلك جانب الحق والعدل؟! أيخلق بالنبي أن ينشغل عن عبادة الله بعامل الغرام واللذات الدنيوية؟! فإن كان محمد كنبي الله يشغله حب امرأة زيد عن عبادة الله، فماذا تكون حالة عامة أصحابه إذا ابتلوا بعامل الغرام بنساء غيرهم؟! أهذا يا تُرى سبب إباحته لزواج المتعة؟! عزيزي القاريء، ماذا تكون حاله الزوج الذي نُزِعت زوجته المحبوبة منه بنص شرعي؛ لتكون زوجة لنبيه، ألا يكون فصلها عنه كفصل الروح عن الجسد، وألا يكون ذلك له شاغل عظيم ينسيه كثيراً من واجباته لربِه، ومن يا ترى وهو ذو عقل لا يرى جور وظلم هذا التأويل وسخافته، الذي لم يكن إلاَّ محاولة لستر هذا الأمر المعيب. وعلى افتراض إذا كان زواج محمد بامرأة زيد كان لتتفرغ نفسه إلى العبادة، فوجب على هذا المبدأ أن يتزوج باِمرأة أي كان من أصحابه ، إذا وقعت في قلبه موقع الحب والغرام. وليس لأحد من أُمَّتِه أن يعترض على ذلك كما يقول أيضاً في ذلك الشرح:]فتبين أن النبي إذا أراد شيئاً، حُرِّم على الأُمَّةِ التعرُّض إليهِ[. فهل ذلك يوافق الأُمَّة؟! وأين جاء مثل ذلك عن نبي من أنبياء الله في الكتاب المقدَّس!؟ فقد جاء في القرآن:)لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدِّل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن( (الأحزاب 33 :52)  ومن تفسير »الفخر الرازي « لهذه الآية] ظاهر أن هذا ناسخ لما كان قد ثبت للرسول من أنّهُ إذا رأى واحدة، فوقعت في قلبه موقعاً كانت تحرَّم على زوجها، ويجب عليه طلاقها؛ ليتزوجها الرسول. وهذه المسألة حكيمة، وهو أن النبي وسائر الأنبياء في أول النبوَّة تشتد عليهم رحى الوحي، ثم يستأنسون به فينزل عليهم وهم يتحدثون مع أصحابهم لا يمنعهم من ذلك مانع، ففي أول الأمر أحلَّ الله له من وقع في قلبه من النساء تفريغاً لقلبهِ، وتوسيعاً لصدره لئلا يكون مشغول القلب بغير الله، ثم لما استأنس بالوحي وبمن على لسانه الوحي نسخ ذلك إمّا لقوته للجمع بين الأمرين، وإمّا أنه بدوام الإنزال لم يبقَ له مألوف من أمور الدنيا فلم يبقَ له التفات إلى غير الله، فلم يبق له حاجة إلى إحلال التزّوج بمن وقع بصره عليها. وقالت عائشة:"ما مات النبي إلاَّ وأحلَّ له النساء"، وعلى هذا الناسخ قوله:)يا أيها النبي إنَّا أحللنا لك أزوجك( إلى أن قال:)وبنات عمك وامرأة مؤمنة( على قول من يقول لا يجوز نسخ الكتاب بغير الواحد، إذ الناسخ غير متواتر إن كان خبراً"[3].

فنقول بناء عليه:"ما كان على الزوج المسكين من المسلمين إذا علم أن النبي يحب زوجته إلاَّ أن يطلّقها في الحال؛ ليتزوج بها النبي كما حدث مع زيد. وأي شيء أمرّ على الفتى الهائم بحب زوجته الحسناء من مفارقتها بالطلاق الجبري لكي يتزوجها آخر؟ فلابد أن هذا الأمر الشاذ المألوف ثقل للغاية القصوى على قلوب معظم أصحابه وأتباعه، ولاسيما أزواج الفتيات الجميلات، واحتاروا كيف يتصرفون، ربما أخفى كل منهم زوجته عن نظر النبي الهائم بحب النساء؛ حذراً من وقوعها في قلبه موقع الحب فتُحرَّم عليه شرعاً، ويضطر إلى طلاقها رغم أنفه وقلبه وعاطفته. وكذلك كل غادة حسناء محبة لزوجها أليف صباها كانت تلتزم حذرها أثناء ذهاب النبي نحوهم محاذرة أن يهواها. فيدعوها في الحال إلى تجرّعها كأس فراق زوجها المحبوب. ويظهر لنا من النص (الأحزاب 33 : 52). تفاقم الأمر وصيرورته إلى الارتباك المزعج، كأن الأمر أو النص وضع حداً لذلك الأمر المقلق، بحيث لا يعود يدعو إلى فصل المرأة عن زوجها وضمّها إلى جيش زوجات محمد.

محاكمة خارج على القرآن.

فكأني بمخاطب لمحمد قائلاً:»"لا يحلّ لك النساء من بعد ولو أعجبك حسنهن "يقول الله لك يا محمد:"لقد طفح الكيل وفاض الميزان، كفاك التفريق بين الأزواج والزوجات؛ لتنعّم نفسك بمن أحببت من نساء المسلمين، الأمر الذي بلغ من أكثرهم مبلغ الحيرة والارتباك، الممهد سبيل الشك في دعواك النبوّة الرسالة من عند الله. فمن الحكمة الرجوع عن ذلك؛ لأن الاستمرار عليه لا تُحمد عواقبه"«.

فلك أيها القاريء العزيز مما تقدَّم ثلاثة تعليقات

التعليق الأول :

 الكتاب المقدَّس أم القرآن؟!

 

إن محمداً شذَّ بهذا الأمر شذوذاً كلياً عن أنبياء الله ورسله، لأنه لا يوجد نبي من أنبياء الله نهج مثل هذا النهج، ولم يجيء قط في الكتاب المقدس عن أحدهم أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ولا تحريم امرأة صاحبة لتكون له من دونه، والله نهى عن ذلك بما كتبه على لوحيِّ الوصايا العشر التي أعطاها لبني إسرائيل بيد كليمه موسى »لا تشته امرأة قريبك« ((خر 17:2)). ولماذا يُحرَم العبد –ولاسيما وهو مؤمن- من امرأته الحسناء ليتزوجها نبي قد اشتهاها في قلبه، أليس ذلك ظلماً لا يفوقه ظلمٌ؟! وهل الله بظالمٍ حتى يفعل هذا؟ حاشا، هل يحق بالأنبياء أن يضمّوا إليهم حسَّان نساء أصحابهم؛ ليتنعّموا بهن أنفسهم من دون أزواجهن؟ يُقال إنهم صالحون ويعلمون الصلاح، فهل مثل هذا العمل من أعمال الصلاح؟ لا، إنه لا يصلح في عيون أهل التقوى؛ فكم بالأحرى لا يصلح في عيون الأنبياء والله القدوس. ولتنظر قليلاً إلى سمو شريعة المسيح له المجد وكمال عقيدته بشأن هذا لموضوع :»إن كل َّمن ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه« ((مت 28:5)) وقول الرسول بولس :»ليكن لكل واحدة رجلها« ((1كو 2:7))، والخلاصة إن الله سبحانه لم يبح مثل ذلك لأحد من أنبيائه، ولا أحد قبل محمد ادَّعى حق ذلك أو أتاه كأمر حلال. وإذا هوى بعضهم أمراً لا يوافق إرادة الله وناموسه، كان الله يبكِّته عليه ويردعه عنه بواسطة نبي آخر، ومن أغرب ما جاء في التوراة أن النبي داود هوى بقلبه أن يبني البيت لاسم الرب وقيام العبادة فيه حسب المرسوم؛ ليكون ذلك أعظم وأجمل وأفخر ما بُنِي في الأرض. وقد هيَّأ له أدوات البناء والزينة شيئاً كثيراً من الذهب والفضة والنحاس والحجارة الكريمة، هوى أمراً جليلاً وودَّ أن يختم حياته بمثل هذا العمل الصالح لله؛ ومع ذلك لم يحبه الله إلى ما ودَّ وهوى، بل منعه من ذلك على لسان النبي ناثان قائلا:»اذهب وقل لعبدي داود أنت لا تبني لي بيتاً، بل ابنك بعدك« ((أي17)) والقصة معلومة.[4]

عزيزي القاريء، إن كان الله تعالى لم يجب عبده داود إلى ما هوى وودَّ أن يعمله، وهو عملاً صالحاً فكم بالأحرى لا يُجب الأعمال التي تنافي قداسته ووصاياه، نعم كثيراً ما استجاب الله وسارع في الاستجابة على صلوات وأدعيات أنبيائه الصالحين وخائفي اسمه، إمَّا لأجل إنقاذهم من البغاة الظالمين، أو للإفراج عن شعبه المتضايق، كما استجاب لصلاة عبده يعقوب أثناء رجوعه من عند خاله لابان إذ صلَّى وتضرَّع أن ينجِّه الله من يد أخيه عيسو؛ فحوَّل عداوة عيسو وقصده إلى سلام وحب. ((تك 33)). وصلاه النبي صموئيل من أجل إسرائيل فنصرهم الله على الفلسطينيين على الرغم من أعدادهم الكثيرة ((أمم 7: 8-11))، وصلاة آسا ملك يهوذا عندما غزاه زارح الكوشي بجيش كبير ألف ألف محارب وثلاث مائة مركبة حربية، فكسر الرب الكوشيين أمام شعبه، ولم يبق لهم حيّ ((1أي14: 9-15))، وصلاة حزقيا ملك يهوذا المحاصر في أورشليم بجيوش سنحاريب ملك آشور، فأرسل الرب ملاكه، وأهلك في الليلة التالية لتلك الصلاة كل أبطال وجبابرة ذلك الجيش 185 ألفاً فهرب، سنحاريب في الصباح إلى أرضه بالذل والخزلان. ((2مل 35:36:19))، وصلاة دانيال وأصحابه في بابل ((دا16:2-18))، وصلاة رُسُلِ السيد المسيح ((أع 24:4-31))، ومثل ذلك كثير في الكتاب المقدس ممالا يسعنا الإشارة إليه، ولكن لم نرَ في الكتاب المقدس أن أحداً هوى امرأة بني شعبه فوافقه الله وسارع له في هواه. أو أن النبي موسى أويشوع أوصموئيل أولى بالمؤمنين من أنفسهم!!

التعليق الثاني

النساء في دنيا محمد

 

شذوذ محمد عن الأنبياء في أمر الإكثار من الزوجات والشغف الزائد بالنساء، الأمر الذي دفعه إلى التطاول على زوجات المسلمين بوجه شرعي كما يدّعى، والخلاصة إن محمداً لم يماثل أنبياء الله الصالحين في الزهد وانصراف القلب عن ملذات الدنيا وشهواتها. فإن الزهد في الدنيا والاقتصار على زوجة واحدة كان من خصائص كثيرين من أنبياء الله ورسله، كموسى، وصموئيل، وإشيعاء، وحزقيال، وبعضهم لا يُعرف من الكتاب المقدس أمتزوجون أم لا كدانيال، وإرميا. لأن التاريخ المقدس لا يشير إلى ذلك، لأن غايته وغاية الوحي ليست هي إعلان ما يختص بالأنبياء من حيث الأمور العالمية وميولهم الجسدية، وما فيهم من القوة الجنسية، بل هي فيما يختص بواجباتهم النبوية وإرساليتهم من ربهم للإنذار والتبشير، وبعضهم لم يتخذوا لهم زوجات كيوحنا المعمدان وأليشع وإيليا وذلك تفرُّغاً منهم للقيام بما كُلِّفوا به، وناهيك عن كلمة الله وروحه آية العفاف والطهارة والقداسة الذي لم يعبأ بالدنيا ولذاتها؛ فعاش صارفاً همَّه باذلا قصارى جهده في عمل الخير والإحسان، غير طالب ما لنفسه بل ما للخير وسعادة والآخرين، فيا للفرق الشاسع بينه وبين محمد الذي كان مشغوفا دائماً بحب النساء وعشقهن حتى قال يوماً لأصحابه:]حبب الله إليَّ في دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عيني الصلاة[. فأنا لا أرى الأخيرة إلاَّ موضوعة من الآخرين، لأنك لا ترى لها محلا مع الاثنين الذين قبلهما؛ لأن محمد قال حبب الله إليَّ من دنياكم، والمراد بذلك من أشياء الدنيا ولكن الصلاة ليست من أشياء الدنيا، ولا مقارنة لها مع الطيب والنساء، وكل مفكّر عاقل يرى أنها وُضِعت بدل شيء كان مكانها. فبحثت عن هذا الأمر وتحققّت حتى رأيت النص الصحيح:"أن عائشة زوجة محمد قالت:]كان يعجب نبي الإسلام من ثلاث الطيب والنساء والطعام[ [5]. أليس هذا الحديث أصحّ من السابق.

التعليق الثالث

 مأزق من معادلة صعبة .

عدم موافقة حال الأمة الإسلامية اليوم أمر نبيهم، لأننا إذا سألنا اليوم مفكِّري الإسلام أو سألوا هم أنفسهم:"لو قام بيننا اليوم نبي كمحمد و أراد الجري على الخطة التي جرى عليها محمد في أمر النساء، وهى أن كل امرأة اشتهاها حُرِّمت على زوجها، وأُحلّت له، حتى يُرْغَم على طلاقها، أنقبل ذلك ونصادق عليه؟" أيقبل الرجل أن يتنازل عن زوجته للنبي لأنه رآها واشتهاها، وإذا قَبِلَ أيكون ذلك عن طيب خاطر منه؟ هل يرى ذلك من الحق واللياقة والشرف؟ بل هو امتهاناً للنظام العائلي المقدس وظُلْمَاً لا يحتمل. وإذا قيل لا يوافق حال الأمة؛ لذلك نهاه الله من البقاء عليه الأحزاب (52:33)، قلنا:"إذا كان محمد مُنِع من الاستمرار على هذا بداعي عدم موافقته وصلاحيته للأُمَّة، فكيف وافقها قبل ذلك المنع؟! وكيف كان له حقاً وواجباً؟! وهل الحق والواجب يبطل أن يكون حقاً وواجباً؟! وإذا كان حلالاً للنبي من قبل فلماذا لا يكون له حلالاً من بعد؟!، وإذا كان حراماً عليه من بعد فكيف كان حلالاً له من قبل؟! أيحلل الله الحرام ويوجب غير الواجب مجاراة لأهواء الإنسان الجسدية، ثم ينتبه إلى ذلك الخطاء ويتداركه؟!.


[1] (تفسير »الفخر الرازي«، المجلد السادس، صفحة 792)

[2] تفسير»الفخر الرازي«، الجزء السادس ، صفحة 772.

[3] تفسير »الفخر الرازي« لهذه الآية، المجلد السادس، ص 792.

[4] ((راجع كتاب»النبي داود وابنة سليمان« للدكتور القس : منيس عبد النور))

[5] كتاب»الأنوار المحمدية« صفحتي 239 ،260

الصفحة الرئيسية