تعليقات على الإسلام

 

الفصل الخامس

سقطات عظيمة "سورة النورين"

 

ومن التأويل الغريبة والمضحكة التي ذهب إليها أحد المفسِّرين تبياناً لضياع بعض سور القرآن قولهم :" إن ذلك الضائع إنما رُفِعَ ولم يُحْفَظ منه إلاَّ ما ثبت". ومن أمثلة ذلك

جاء في كتاب »الإتقان في علوم القرآن«[1].{عن أبي عبيده قال حدَّثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أبي حرب بن أبى الأسود عن أبي موسى الأشعري قال:" نزلت سورة نحو براءة ثم رُفِعَتْ وحُفِظَ منها : { إن الله سيؤيِّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً، ولا يملئ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ويتوب الله على من تاب}. {وأخرج بن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال كنا نقرأ سورة يشبهها بإحدى المسبحات ما نسيناها غير أني حفظت منها {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة}. وعن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أُنزل علينا {أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة}. فإننا لا نجدها . قال أُسْقِطَتْ فيما أُسْقِطَ من القرآن .وعن أبي سفيان الكلاعي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم :" أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف فلم يخبروه وكان عندهم أبو الكنود سعد بن مالك .فقال ابن مسلمة :{إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون}. {والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أُلئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرَّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون}.

التعليق على ما سبق : »مع هذه الأدلَّة الناصعة التي نطق بها علماء الإسلام على أن القرآن الحالي غير سالم من الحذف والنقصان، وعلى الرغم من ذلك ترى المسلمين في هذه الأيام يتَّهمون اليهود والمسيحيين بتحريف الكتاب المقدس؛ وسبب ذلك واضح لا يحتاج إلى تبيان، وهو أن القرآن الذي يدَّعي أنه جاء مصدِّقاً للتوراة والإنجيل يختلف في الحقيقة عنهما اختلافاً عظيماً؛ لذلك يضطر المسلمون أن ينكروا صحة التوراة والإنجيل. ولقد شُغِلُوا بهذه التهمة عن البحث فيما إذا كان القرآن الحالي هو نفس القرآن الذي خلفه لهم نبيهم محمد. ولو قلَّبوا صفحات التاريخ لوجدوا أن قرآنهم اليوم غير قرآنهم البارحة، إذا قد حدث عليه تغيير وحذف«.

هذا ولا يخفى أن الشيعة يتهمون أهل السُّنَّة بحذف عبارات فادحة في عليّ، فضلاً عن سورة النورين التي ذكرها صاحب كتاب : »تحقيق الإيمان« " صفحة 11-13. والمقصود بالنورين محمد. ولا يزال الشيعيون يعتقدون أنه متى جاء خاتم الأئمة ردَّ القرآن إلى ما كان عليه. ونحن لا نعلم أصل هذه السورة أو تاريخها إذ ليس ذلك من شأننا، كما إنه لا يقع داخل دائرة تخصصنا؛ لذلك فنحن لا نجزم بكونها جزءاً من القرآن ولا ننكر ذلك بل إن كل ما نعلمهُ هو أنها وُجِدَت في بلاد العجم. ولنا هنا سؤال قبل أن نعرض على القارئ الكريم نص السورة. هل هذه السورة من القرآن أم لا؟!  فإن قال ":لا". قلنا :" إن ذلك يلغى دعوى محمد فأتوا بسورة من مثله؛ لأنها مثل باقي سور القرآن ومن طرازه، وقيمتها دون سائر سور القرآن الحالي. وإن قال "نعم". قلنا له :" قد ثبت التحريف بشهادة شاهد من أهلها"

{سورة النورين} اثنتان وأربعون آية

 

يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذِّرانكم عذاب يوم عظيم

 {1} نوران بعضهما من بعض وإن لسميع عليم

{2} إن الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات نعيم

{3} والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يُقذَفون في الجحيم

 {4} ظلموا أنفسهم وعصوا لوصي الرسول أُولئك يُسقون من حميم

{5} إن الله الذي نور السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة والرسول وجعل من المؤمنين

{6} أولئك من خلقه الله ما شاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم

{7} قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذتهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم

{8} إن الله قد أهلك عادا وثمود بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة أفلا تتقون

{9} وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هرون أغرقته ومن تبعه أجمعين

 {10} ليكون لكم آية إن أكثركم فاسقون

{11} إن الله يجمعهم يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون

 {12} إن الجحيم مأواهم وإن الله عليم حكيم

{13} يا أيها الرسول بلِّغ إنذاري فسوف يعلمون عن آيات و حكمي معرضين

{14} مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنات النعيم

{15} إني لذو مغفرة وأجر عظيم

{16} وإن عليا لمن المتقين

 {17} و إنَّا لنوفيه حقه يوم الدين

 {18} وما نحن عن ظلمه بغافلين

{19} وكرَّمناه على أهلك أجمعين

{20} وإنه وذريته لصابرون

{21} وإن عدوهم إمام المجرمين

{22} قل للذين كفروا بعدما آمنوا طلبتم زينة الحيوة الدنيا و استعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون

{23} يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفه مؤمناً ومن يتوله من بعدك يظهرون

{24} فأعرض عنهم إنهم معرضون

{25} إنَّا لهم محضرون في يوم لا يغنى عنهم شئ ولا هم يُرحمون

{26} إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون

{27} فسبح باسم ربك وكن من الساجدين

{28} ولقد أرسلنا موسى و هرون بما أستخلف فبغوا هرون فصبر جميل فجعلنا منهم القردة و الخنازير ولعناهم إلى يوم يبعثون

{29} فأصبر فسوف يبلون

{30} ولقد آتينا بك الحكم الذين من قبلك من المرسلين

{31} وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون

{32} ومن يتولَّ عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين

{33} يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذهُ وكن من الشاكرين

{34} إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون

{35} سيجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون

{36} إنَّا بشَّرناك بذرية الصلحين

{37} وإنهم لأمرنا لا يخلفون

{38} فعليهم منى صلوة ورحمة أحياءً أو أمواتاً ويوم يبعثون

{39} وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين

{40} وعلى الذين سلكوا مسلكهم منى رحمة وهم في الغرفات آمنون

{41} والحمد لله رب العالمين

{42} آمين.


 

[1] كتاب »الإتقان في علوم القرآن« للسيوطي، المجلد الثاني، صفحة 25

الصفحة الرئيسية