الإتقان في تحريف القران

الجمع الثاني للقرآن

والجمع الثاني كان لتوحيد المسلمين على مصحف واحد يتم جمعه ويسمى بالمصحف الإمام يلتزم به الجميع ولا يتجاوزون خطه ورسمه ، وتلغى المصاحف الأخرى ، وهذا حدث في زمن عثمان .

 

سببه

قال ابن جرير الطبري في تفسيره بسنده عن أبي قلابة : " لـما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل و المعلم يعلم قراءة الرجل فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين ، قال أيوب : فلا أحسبه إلا قال :  حتى كفّر بعضهم بقراءة بعض "[1].جامع البيان للطبري ج 1/21.

 

وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : " وفي رواية عمارة بن غزية أن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال : يا أمير المؤمنين أدرك الناس ! قال : وما ذاك ؟ قال : غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرؤون بقراءة أبي ابن كعب فيأتون بـما لم يسمع أهل العراق و إذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بـما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا ".

وقال أيضا " ومن طريق محمد بن سيرين قال : كان الرجل يقول لصاحبه : كفرت بـما تقول . فرفع ذلك إلى عثمان فتعاظم في نفسه ، وفنده ابن أبى داود أيضا من رواية بكير بن الأشج أن ناسا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال : ألا إني أكفر بـهذه ففشا ذلك في الناس  . فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 9/22 حديث 4702 .

روى البخاري عن أنس :« أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال لعثمان: أدرك الاَُمّة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى . فأرسل إلى حفصة : أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن ، فأكتبوه بلسان قريش فإنّه إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق !.

 

اخرج ابن ابي داود من طريق محمد بن سيرين عن كثير بن افلح قال: لما أراد عثمان ان يكتب المصاحف جمع له أثنى عشر رجلاً من قريش والأنصار، فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها، وكان عثمان يتعاهدهم ، فكانوا إذا أند راءوا في شئ أخروه . قال محمد: فظننت إنما كانوا يؤخرونه لينظروا أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة فيكتبونه على قوله  راجع الاتقان 1/79.

 

وعن انس بن مالك قال: اختلفوا في القران على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون ، فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال: عندي تكذبون به وتلحنون فيه،000يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما ، فاجتمعوا فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا وتدا رءوا في آي آية قالوا هذه  اقرأها رسول الله فلانا، فيرسل أليه  وهو على راس ثلاث من المدينة ، فيقال له كيف أقرأك رسول الله آية كذا وكذا فيقول كذا وكذا ، فيكتبونها وقد تركوا لذلك مكانا.

لقد اعتمد زيد بن ثابت رجلاً واحداً في الشهادة على الآية، وهو أمر باطلٌ ؛ لاَنّه مخالف لتواتر القرآن الثابت بالضرورة والإجماع بين المسلمين.

قال زيد : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنتُ أسمع رسول الله  يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) (الأحزاب: 23) فألحقناها في سورتها في المصحف» . راجع : صحيح البخاري 6 : 315 9 .

أن جمع زيد بن ثابت للقران في زمن أبي بكر لم يكن تاما ! فقد أنقص ذلك الجمع آية من القرآن لم تكتب فيه ، وبقي كذلك ناقصا مدة ثلاث عشرة سنة في غفلة من جميع الصحابة ! ، فلم يجد زيد بن ثابت ذلك النقص إلا مع خزيمة بن ثابت من بين الصحابة وهو من وجد معه آخر سورة التوبة في جمع أبي بكر ! والآن قد وجد معه آية من سورة الأحزاب ! ، فاقتصر زيد على شهادة خزيمة لأن شهادته كانت تعدل شهادة رجلين ، فدمجها في المصحف ، وتمت العملية بنجاح تام !

سؤال: كيف تفقد آية من سورة الأحزاب ، وقد اعتمد عين الصحف المودعة عند حفصة ، والكاتب في الزمانين هو زيد بن ثابت ؟ وقد كانت النسخة المعتمدة أصلاً كاملة إلاّ آخر براءة ـ كما تقدم ـ فهل كان الجمع الاَوّل فاقداً لهذه الآية التي من الأحزاب ولسواها ؟ أم أنّهم لم يعتمدوا النسخة التي عند حفصة ؟

وهل ليس ثمة مصاحف وحفاظ لهذه الآية إلاّ رجل واحد ؟!.

لا أدري هل من قبيل المصادفة أنّ الآية تضيع في زمان أبي بكر وتوجد عند خزيمة بن ثابت ، وتضيع غيرها في زمان عثمان اي بعد مرور ما يقارب أربعة عشر سنة وتوجد عند خزيمة أيضاً ؟ وهل كان خزيمة معدوداً في الذين جمعوا القرآن، أو الذين أمر النبي  بأخذ القرآن عنهم؟.        

سؤال : كيف يوثق بجمع سقط منه قرآن مدة ثلاث عشرة سنة  !

 

مَن يضمن لنا عدم خفاء آيات أخرى على زيد لم يقف عليها ؟ ففقدان آية طويلة نسبيا لمدة تربو على الثلاث عشرة سنة ليس بالأمر الهيّن

 

بعد أن صحا عثمان للخطر الداهم قرر أن يحذف الأحرف السبعة التي أنزلها الله عز وجل على  الرسول صلى الله عليه وسلم ويُبقي حرفا واحدا حتى يتخلص من رحمة الله التي انقلبت نقمة ! وهذا الحرف الواحد هو القرآن الذي بين أيدينا .



[1] جامع البيان للطبري ج 1 ص 21 ، المقنع للإمام الداني ص 6 .

الصفحة الرئيسية