تمموا خلاصكم

مقدمة
الباب الأول: إمكانية الارتــداد الروحي
الفصل الأول: خطـر الارتداد
الفصل الثاني: المؤمن والارتداد
الفصل الثالث: أسباب الارتداد
الفصل الرابع: تأديبات الارتداد
الفصل الخامس: علاج الارتداد
الباب الثاني: حتمية الجهاد الروحي
الفصل الأول: ضرورة الجهاد
الفصل الثاني: مفهوم الجهاد
الفصل الثالث: عناصر الجهاد
الفصل الرابع: ميـدان الجهاد
الباب الثالث: ضرورة التدريب الروحي
أولاً: ضرورة التدريبات
ثانياً: مفهـوم التدريبات
ثالثاً: ممارسة التدريبات
رابعاً: مجـال التدريبات
الخاتمة
حمل هذا الكتاب

عودة للصفحة الرئيسية

الفصل الأول خطر الارتداد


أولاً:- شهادة الكتاب المقدس

ثانياً:- شهادة أباء الكنيسة

ثالثاً:- شهادة مشاهير البروتستانت


مما لا شك فيه أن الطريق المؤدي إلي الحياة الأبدية محفوف بالأخطار وعلي السائر فيه أن يحذر منها حتى لا يرتد ويعرض نفسه للهلاك. ولتوضيح هذه الحقيقة نورد لك شهادة الكتاب وآباء الكنيسة ومشاهير البروتستانت حتى نعرف جليَّة الأمر.


أولاً: شهادة الكتاب المقدس


ماذا يقول الكتاب المقدس عن حقيقة الارتداد الروحي؟

دعنا نوضح ذلك بدءاً مما صرح به رب المجد يسوع.

1- من أقوال السيد المسيح:

+ عندما ضرب للسامعين مثل الزارع وضح نوعا من المؤمنين المعرضين للارتداد فقال "الذين علي الصخر هم الذين متي سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلي حين وفي وقت التجربة يرتدون" (لو8: 13)

+ وقد حذر مريض بيت حسدا الذي أبرأه من مرض الجسد والروح حذره من خطر الارتداد والهلاك بقوله : " ها أنت قد برئت. فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر." (يو14:5)

+ وقد اكتفى السيد المسيح بأن يلفت أنظارنا إلى هلاك امرأة لوط بعد خلاصها من سدوم وعمورة لأن قلبها كان متعلقا بالخطية فقال "اذكروا امرأة لوط" (لو32:17).

كم أخشى عليك يا أخى أن تكون مثل هذه المرأة، تـتبع المسيح ولكن قلبك غير كامل نحوه بل تـتبعه مظهرياً أما قلبك فلازال في سدوم الخطية وعمورة الآثام!!

2- من أقوال بولس الرسول :

+ كما اتخذ السيد المسيح من امرأة لوط مثالا للتحذير، اتخذ بولس الرسول من إسرائيل مثالا آخر فقال:

"لست أريد أيها الاخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجميعهم اجتازوا في البحر، وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر، وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً، وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح. لكن بأكثرهم لم يسر الله لأنهم طرحوا في القفر".

ويستكمل معلمنا بولس كلامه قائلا: "وهذه الأمور حدثت مثالا لنا حتى لا نكون مشتهين شرورا كما اشتهى أولئك. فلا تكونوا عبدة أوثان كما كان أناس منهم فسقط في يوم واحد ثلاثة وعشرون ألفاً. ولا تجربوا المسيح كما جرب أيضا أناس منهم فأهلكتهم الحيات ولا تتذمروا كما تذمر أيضا أناس منهم فأهلكهم المهلك.

فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالا. وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور. إذن من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط. (1كو1:10-12)

ولعلك ترى الامتيازات التي عددها بولس الرسول إذ وضح أنهم:

¨ كانوا تحت السحابة.

¨ اجتازوا في البحر

¨ اعتمدوا لموسى في السحابة والبحر

¨ أكلوا طعاماً روحياً

¨ شربوا شرابا روحياً

ورغم هذه الامتيازات نراه يعدد شرورهم التي أودت بهم إلى الهلاك:-

v اشتهاء الشرور

v عبادة الأوثان -------- فهلك 23000

v تجربة الرب -------- فهلكوا بالحيات

v التذمر عليه -------- فأهلكهم المهلك


ثم بوضوح تام يقول أن هذه الأمور قد كتبت لإنذارنا، لهذا يختم الحديث بهذا الإنذار والتحذير " إذن من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط."


+ يعود بولس الرسول ويقتبس هذا المثال عينه ليحذر العبرانيين أيضاً فيقول: "لذلك كما يقول الروح القدس اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في الإسخاط يوم التجربة في القفر، حيث جربنى آباؤكم، اختبروني وابصروا أعمالي أربعين سنه، لذلك مقتُّ ذلك الجيل، وقلت أنهم دائما يضلون في قلوبهم ولكنهم لم يعرفوا سبلي، حتى أقسمت في غضبي لن يدخلوا راحتي. انظروا أيها الاخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي … لأننا قد صرنا شركاء المسيح إن تمسكنا ببداءة الثقة ثابتة إلي النهاية." (عب3: 7-14).


فبولس الرسول يحذرنا من الارتداد كما حدث لبني إسرائيل. فإن كنت بالحق مؤمنا وشريكا للمسيح فإن مظهر ذلك الإيمان هو تمسكك ببداءة الثقة ثابتة إلي النهاية.


+ ولإيضاح هذه الحقيقة يضرب أيضاً بولس الرسول مثلاً آخر فيقول "إن كان قد قطع بعض الأغصان وأنت زيتونة برية طعمت فيها فصرت شريكاً في أصل الزيتونة ودسمها، فلا تفتخر … لا تستكبر بل خف، لأنه إن كان الله لم يشفق علي الأغصان الطبيعية فلعله لا يشفق عليك أيضاً. فهذا لطف الله وصرامته:

أما الصرامة فعلي الذين سقطوا. أما اللطف فلك إن ثبت في اللطف، وإلا فأنت أيضاً ستقطع". (رو17:11ـ22).



فإن كنت مؤمنا حقيقياً فإن مظهر ذلك الإيمان هو ثباتك في اللطف، أما إن كنت غير ثابت في اللطف فأنت لست مؤمنا حقيقياً ولهذا تحكم علي نفسك بالقطع.

+ ويضرب أيضاً مثلاً ثالثاً في هذا الصدد فيقول: "لأن أرضا شربت المطر الآتي عليها مراراً كثيرة وأنتجت عشبا صالحاً. . . تنال بركة. ولكن إن أخرجت شوكاً وحسكاً فهي مرفوضة وقريبة من اللعنة التي نهايتها للحريق." (عب6: 7،8)



ولعله استمد هذا التشبيه من مثل الزارع الذي ضربة السيد المسيح، فهذه هي الأرض المليئة بالأشواك التي إذ تسقط عليها البذار تنمو ولكن الشوك يخنقها. وقد فسر السيد المسيح ذلك قائلا "هؤلاء هم الذين يسمعون الكلمة، وهموم هذا العالم، وغرور الغنى، وشهوات سائر الأشياء تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر" (مر19:4). ونحن نعلم أن "كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار" (مت10:3). والسيد نفسه قال "كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه … فيجف فيجمعونه ويطرحونه في النار فيحرق." (يو2:15-6).



من هذا استعار بولس الرسول ذلك التشبيه في صدد حديثه عن أولئك "الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة، وقوات الدهر الآتي وسقطوا" (عب4:6،5).

فاحذر من أشواك الهموم العالمية والشهوات والملذات القلبية وغرور الغنى الباطل.



+ ثم يذكر بولس الرسول والحزن يمزق قلبه أناسا مرتدين فيقول "لأن كثيرين يسيرون ممن كنت اذكرهم لكم مرارا والآن أذكرهم أيضا باكيا وهم أعداء صلب المسيح الذين نهايتهم الهلاك." (فى18:3،19).



+ ويقول عن أحد الخدام العاملين معه وهو "ديماس تركني إذ أحب العالم الحاضر" (2تى10:4). ونحن نعلم " أن محبة العالم عداوة لله فمن أراد أن يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله" (يع4:4) وهكذا صار ديماس عدوا لله!! هذا الذي كتب عنه بولس الرسول يوماً في خطابه إلى فيلمون "يسلم عليك أبفراس … ومرقس وأرسترخس وديماس ولوقا العاملون معي." (فل24:23)



+ ولهذا يقول بولس الرسول "في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة وتعليم شياطين" (1تى1:4)



3- من أقوال بطرس الرسول:

لقد تعرض بطرس الرسول أيضا لهذا الموضوع فقال:

"لأنه إذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح يرتكبون أيضا فيها فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشـر من الأوائل. لأنه كان خيراً لهم لو لم يعرفوا طريق البر من أنهم بعد ما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم" (2بط20:2،21).



وقد ضرب مثلا توضيحياً فقال " قد أصابهم المثل الصادق: كلب عاد إلى قيئه وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحمأة" (2بط22:2).



قال هذا عن أناس عرفـوا الرب والمخلص ثم عادوا إلى النجاسـة. فاحذر يا مبارك من نداءات الخطية . واثبت في الرب.



4_ من أقول يهوذا الرسول:

فقد كتب رسالته كلها عن الارتداء وقد استشهد بعدة أمثلة لجماعات وأفراد مرتدين.



جماعات مرتدة:

+ شعب إسرائيل : إذ يقول " أريد أن أذكركم ولو علمتم هذا مرة أن الرب بعدما خلص الشعب من أرض مصر أهلك أيضا الذين لم يؤمنوا" (يهوذا 5)

وهو بهذا يتفق مع بولس الرسول في قوله "فلنخف أنه مع بقاء وعد بالدخول إلى راحته يرى أحد منكم أنه قد خاب منه" (عب1:4).

+ الملائكة الذين اخطأوا : وهذا مثل آخر ضربه يهوذا الرسول عن الجماعات المرتدة إذ قال "والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام" (يهوذا 6).

وبهذا قد اتفق مع بطرس الرسول في قوله "لأنه إن كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء يعلم الرب أن ... يحفظ الآثمة إلى يوم الدين معاقبين" (2بط4:2ـ9)

 أفراد مرتدون :

وعلاوة على ذكره أمثلة من الجماعات المرتدة، ذكر أيضا بعض الأمثلة لأفراد مرتدين في قوله "ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين، وانصبوا إلى ضلالة بلعام لأجل أجرة، وهلكوا في مشاجرة قورح" (يهوذا 11).

*قايين : يمثل المرتدين المتجاهلين كلمة الله، إذ يلمح بولس الرسول عنه في قوله "بالأيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. فيه شهد له أنه بار إذ شهد الله لقربانه." (عب4:11).

فمما لا شك فيه أن كل من قايين وهابيل قد تعلم من أبيه أنه لا يمكن الاقتراب إلى الله إلا بذبيحة دموية. ولكن قايين لم يصدق ذلك وقدم من ثمار الأرض، وبهذا قد تجاهل كلمة الله.

* بلعام : يمثل المرتدين المعترضين على كلمة الله، فقد كان نبياً محباً للمال فاستأجره بالاق ملك موآب ليلعن شعب إسرائيل، ورغم أن الله حذره قائلا: "لا تذهب معهم ولا تلعن الشعب لأنه مبارك" (عدد12:22).

إلا أنه حاول مراراً أن يعترض على كلمة الله وأخيرا أشار على بالاق أن يضع معثرة أمام الشعب حتى يخطئوا فيغضب الرب عليهم، وهذا ما دونه سفر الرؤيا في قوله: "تعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق أن يلقى معثرة أمام بنى إسرائيل أن يأكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا." (رؤ14:2).

وقد نجحت فعلا مشورته إذ قامت بنات موآب "فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجد لآلهتهن، وتعلق إسرائيل ببعل فغور. فحمى غضب الرب على إسرائيل" (عدد2:25،3). وهكذا "فإن هؤلاء (أى بنات موآب) كن لبنى إسرائيل حسب كلام بلعام سبب خيانة للرب في أمر فغور فكان الوبأ في جماعة الرب." (عدد16:31).

ثم ماذا كانت نهاية بلعام المرتد؟ انتصر شعب إسرائيل ولكن "بلعام بن بعور العراف قتله بنو إسرائيل بالسيف مع قتلاهم." (يش22:13)

* قورح: يمثل المرتدين المتمردين على نظام الرب، فقد كان من بنى لاوى. ولكنه بالاشتراك مع داثان وأبـيرام قاوم موسى وهرون، ونالوا جزاء شرهم إذ فتحت الأرض فاها وابتلعتهم فهبطوا إلى الهاوية أحياء" (عدد31:16ـ33).

وهكذا نرى شهادة يهوذا الرسول وقد لخصها هو بقوله "لأنه دخل خلسة أناس قد كتبوا منذ القديم لهذه الدينونة فجار يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة، وينكرون السيد الوحيد الله وربنا يسوع المسيح" (يهوذا 4)


ثانياً: شهادة آباء الكنيسة

1- القديس هرماس قال:

[إن من يصنع الشر قبل أن يعرف الرب ينال عقاباً شديداً أما من عرف الرب فيجب ألا يفعـل الشر بل الصلاح، فإن هو فعل الشر عوض الـبر أفلا يكون شره أعظم من ذاك الذي لم يعرف الله؟ لهذا فالذي يفعل الشر دون معرفته للرب ينال حكم الموت أما أولئك الذين عرفوا الرب ورأوا أعماله العظيمة واستمروا في حياة الشر، سينالون عقاباً مضاعفاً ويهلكون إلى الأبد] (لو47:12،48).

( Ante . N. Fars Vol. 11 P. 50.)


2-القديس يوحنا ذهبي الفم قال:

[لقد حذر السيد المسيح مريض بيت حسدا بعـد أن شفاه قائلاً "ها أنت قد برئت فلا تخطئ أيضا لئـلا يكون لك أشر" (يو14:5) ولم يكن هذا التحذير لـه فحسب وإنما كان للخليقة كلها فلنردد هذه الكلمات في نفوسنا دائما، وحتى بعد أن خلصنا بدم المسيح من عقوبة الخطية فليحذر كل منا نفسه قائلاً "ها أنت قد برئت فلا تخطئ لئلا يكون لك أشر]

(N. & P. Fars 1st Sers. Vol. X1V. P. 132)


3-القديس أوغسطينوس قال:

[إنه لا سبيل لنا إلى النجاة من الرجوع إلى الـوراء إلا بالاجتهاد الدائم في الارتقاء والتقدم إلى الأمـام لأننا حينما نقف فالواقع أننا نرتد إلى الوراء. فعـدم التقدم يعنى التقهقر. فإن أردنا ألا نرجع إلى الوراء علينا أن نسرع راكضين على الدوام بلا راحة إلى الأمام] (الحب المقدس جزء 1 ص 33).

4-القديس اغريغوريوس قال:

[إن الذين يسيرون في سبل الفضيلة يشبهـون إنسانا موجوداً في وسط نهر سريع الجريان. فإنه إذا رام أن يقف قليلا في الوسط ولا يجتهد دائما مقاوماً الماء، يوشك أن يسحب بالماء قهـراً إلى الخلـف. وهكذا الطريق التي يلزمنا السلوك فيها يضاد جريان ميل طبيعتنا الفاسدة بالخطية. فإذا غفل السالك فيها ولم يجاهد على السير إلى الأمام، فإنـه بلا شـك سيسحبه جريان شهواته إلى الوراء.وقد قال المخلص "ملكوت السموات يغصب والغاصبون يختطفونه].

(المرجع السابق الحب المقدس جزء 1 ص 33).


ثالثاً: شهادة مشاهير البروتستانت

يعترض البروتستانت على خطية الارتداد للمؤمن ولكن يوجد شهود من بينهم يشهدون للحق الكتابي الذي تتمسك به الأرثوذكسية. ونقدم أقوال بعض هؤلاء الشهود:

1- و. جونز: W. Jones.

يتساءل جونز قائلا: "هل يمكن حدوث الارتداد؟" ثم يجيب على السؤال قائلا [لا يسعنا أمام تعليم الكتاب وطبيعة الإنسان، إلا أنه نقول أن ذلك ممكن جداً]

ودلل على ذلك قائلا:

أ - إن ما كتبه بولس الرسول في (عب4:6ـ8) عن سقوط الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح المقدس … ليس هو مجرد فرض

بلا معنى، إذ ليس من المعقول أن الروح القدس يوحي لكاتب الأسفار أن يذكر مثل هذا السقوط المخيف إن كان حدوثه أمرا مستحيلاً.

ب - إن تحذيرات الكتاب المقدس العديدة الموجهـة للمسيحيين ضد الارتداد، تشهد بإمكانية حدوثه. فإن ما ذكر في الرسالة للعبرانيين (عب4:6ـ8) هو مـن أطول وأقوى الإنذارات والتحذيرات من خطر الارتداد عن المسيح.

ج - كما أن تركيب طبيعتنا يظهر إمكانية الارتداد. فنحن نملك حرية الإرادة لنخدم الله بأمانة أو نرفضه في حماقة].

(Pulpit commentary Vol. 21. Heb. P. 169.)


2- س . نيو : C. New.

يتكلم عن موضوع عنوانه "التحذير من خطر الارتداد وجرمه" (عب6). فيقول:

أ - لقد كان أولئك الناس (العبرانيون) معرضـين لخطر الارتداد، وإلا فما كان هناك معنى لكلمات الرسول هذه. فإن لم يكن قد خشي عليهم مـن ذلك (الارتداد) ما كتب لهـم هذه الرسـالة ... ولكن أشار إلى إمكانية ارتدادهم، إذ أنه لم يكن متأكدا من امتلاكهم للتقوى الحيوية فالمثابرة هي محك الإيمان الحي. فقد يكون لنا المظهر الخارجي للصفات المسيحية، ومع ذلك قد نسقط في خطية الارتداد وتصير لنا دينونة.

ب - هذا الارتداد في الحقيقة هو رفض للمسيح وبهذا يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية. (عب6:6)

ج - هذا الرفض يستوجب دينونة الله الأخيرة لأن أرضا قد شربت المطر ... وأنتجت عشبا صالحا ... تنال بركة. ولكن إن أخرجت شوكا وحسكا فهي مرفوضة وقريبة من اللعنة التي للحريق (عب7:6،8) فما هو رجاء من رفض ابن الله؟ أي شر أعظم من ذلك؟ وأي دينونة هي أرهب؟ لذلك فإن أعظم إثم في الوجود هو رفض المسيح.

( I bid P. 173,174 )

3- متى هنرى: M. Henry

يظهر بولس (في رسالته للعبرانيين 4:6،5) كيـف أن بعض الأشخاص قد يتعمقون كثيراً في الدين ورغم كـل هذا يرتدون ويهلكون إلى الأبد، إن عقوبة الارتداد هي النار الأبديـة التي لا تطفـأ، هذه هي النهاية المحزنة التي يوصل إليها الارتـداد. لهـذا يجب على المسيحيين أن ينموا في النعمة وبالنعمة خشيـة أنه عوض أن يتقدموا إلى الأمام يتراجعـون إلى الخلـف فيصلون إلى تلك النهاية المخيفة المحزنة ...

(Matthew Henry Cmmentary Vol. V1 P.P. 913.)

4- يوناثان ادواردز : Yonathan Edwards.

قام جون. جرستنر John H. Gerstner. ببحث دقيق في رسالة يوناثان إدواردز التبشيرية واستخلص منها مبادئه وآراءه بخصوص المواضيع الخلاصية. وإليك بعض ما كتبته عنه بخصوص الارتداد فيقول: [ذكر يوناثان ادواردز ستة أنواع للارتداد في عظـة واحدة (مز57:78).


النوع الأول: أخطر أنواع الارتداد وهو ارتكاب الخطية التي لا تغتفر ودلل على ذلك بما كتب في (عب6) (مر3: 28). واقتبس جريستنر من أقوال يوناثان ادورداز العبارة الآتية: "الارتداد في كماله هو الخطية التي لا تغتفر. وكل ارتداد هو اقتراب منها".

النوع الثاني: البعض يرتـدون عن الدين ويصبحـون ملحدين كفرة لا يؤمنون بوجود الله، أو يصبحون عالميين.

النوع الثالث: وآخرون يسقطون في هرطقات وتعاليـم باطلة رغم أنهم لا يفصلون أنفسهم عن الكنيسة.

النوع الرابع: يشمل أولئك الذين يسقطون في ممارسات شريرة.

النوع الخامس: هم الخطاة الذين استيقظوا مرة ثم عـادوا فسقطوا في نوم روحي أدى إلى الموت مثل امرأة لوط وبنى إسرائيل في البرية (مز36:78).

النوع السادس: يشمل ارتـداد أولئك الذين كانت لهم أشواق ملتهبة وكان لهم مظهـر التقـوى (مز12:106) فأولئك هم أصحـاب القلـوب الحجرية (مت13) الذين قبلوا الكلمة بفرح ولكنهم ارتدوا عند التجربة. ويذكر يهوذا (عدد4) آخرون من هذا النوع. أما أوضح مثل لذلك فهم الفريسون. وشاول الملك يمثل صورة ارتداد الأفراد. لذلك فقد كان يوناثان إدواردز دائما يحـذر شعبه من خطر خطية الارتداد.

( Steps to ellevation, by John H. Gerstner P. 110 111.)

5- القس عاموس يني:

تحت عنوان "الحفظ في النعمة والارتداد" كتب قائلاً: [ إنه من واجبات كل ابن لله ليس أن يطهر فقط من كل خطية في هذه الحياة بل أن يحفـظ نفسه بلا دنس مـن العالم فلا يغيظ خالقه فيما بعد (مز37:37،عب5:11) غير أن أحسن المؤمنين معرضين للارتـداد فيهلكـوا إلى الأبد ويتضح ذلك من تاريخ:بعض الملائكة (أى18:4) (2بط4:2،يه6) تاريخ آدم (تك3:1،جا29:7) تاريخ اليهود (1كو10،عب17:3،يه5) تاريخ شاول الملك (1صم9:10،23:15 ،14:16) تاريخ يهوذا (مز9:41،يو18:13،مت24:26) (يو12:17،أع25:1) هذا والأوامر العديدة والتحريضات على الاستمرار والحفظ والتحذيرات من الارتـداد كلها أدلـة لإثبات هذا التعليم(1أى9:28)، (خر24:18)، (مت13:5)، (لو62:9) (يو1:15ـ6).

[ مختصر نظام اللاهوت لكنيسة نهضةالقداسة الكندية ص122،123]

من كل ما تقدم نستطيع أن ندرك خطورة ارتداد من يدعون أنهم مؤمنون في حين أنهم لا زالوا يسلكون حسب الجسد!! فالكتاب يحذرنا في مواضع عديدة من هذا إذ يقول: "لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رو8:1).

فلا يصح مطلقاً أن نبني إيماننا على الشطرة الأولى من هذه الآية متناسين حتمية السلوك وفق الشطرة الثانية منها أي السلوك حسب الروح.

ولأهمية ذلك عاد بولس الرسول فقال: "إنكم إنما دعيتم للحرية أيها الاخوة. غير أنه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد." (غل13:5).

وفي هذا المعنى عينه قال بطرس الرسول "كأحرار وليس كالذين الحرية عندهم سترة للشر" (1بط16:2).

فإني أتعجب جداً من أناس يدعون أنهم مؤمنون في حين أنهم لا زالوا عبيداً لعادات لا تليق بأولاد الله كالخمر والسجاير والتلفزيون والموضات العالمية، والزينة الخارجية، وثياب الخلاعة ... الخ .

والأعجب من هذا أنهم يبررون أنفسهم باختراع تعبير يخدرون به ضمائرهم فيقولون أنهم "مؤمنون جسديون." !!

صدقوني يا أحبائي ما رأيت في الكتاب المقدس مثل هذا التعبير بل على العكس تماما إذ يقول الكتاب "إن الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون، ولكن الذين حسب الروح فبما للروح. لأن اهتمام الجسد هو موت … اهتمام الجسد هو عداوة لله… فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله … وإن كان المسيح فيكم فالجسد ميت … فإذاً أيها الاخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد. لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون." (رو5:8ـ13).

أفبعد كل هذه التصريحات الواضحة نقول أنه يوجد ما يسمى "مؤمنون جسديون". ألعل يهوذا الرسول (ليس الاسخريوطي) كان يقصد هذه الفئة في قوله "لأنه دخل خلسة أناس قد كتبوا منذ القدم لهذه الدينونة، فجَّار يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة." (يهوذا4)

والواقع أنه لا أحد يستطيع أن يبرر تصرفاته بما قاله معلمنا بولس الرسول لأهل كورنثوس: "وأنا أيها الأخوة لم أستطع أن أكلمكم كروحيين بل كجسديين كأطفال في المسيح … لأنكم بعد جسديون فإنه إذ فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم جسديين وتسلكون بحسب البشر. لأنه متى قال واحد أنا لبولس وآخر أنا لأبلس أفلستم جسديين" (1كو3: 1ـ4).

والواقع أن لنا بعض الملاحظات على هذا الكلام حتى لا يساء فهمه:

1- يتضح من عدد3 أن الذي يسلك بحسب الجسد إنما يسلك بحسب البشر أي كغير المؤمنين.

2- ويلاحظ أن بولس الرسول لم يمتدح المؤمنين في هذا التصرف بل كان يوبخهم لأنهم لا زالوا جسديين أي يتصرفون مثل غير المؤمنين.

3- ويفهم أيضا من هذا الكلام الذي قاله الرسول للمؤمنين في كورنثوس أن تصرفاتهم هذه التي تشبه تصرفات غير المؤمنين قد تظهر في حياة المبتدئين (الأطفال في الإيمان) كبقايا الماضي والتي يجب أن يتخلصوا منها، لا أن يتخذها البعض تبريرا لحياتهم الهزيلة المرتدة.

لهذا ليتنا نحذر من خطر الارتداد فنسلك بالروح ولا نكمل شهوة الجسد (غل16:5). آمين.