تمموا خلاصكم

مقدمة
الباب الأول: إمكانية الارتــداد الروحي
الفصل الأول: خطـر الارتداد
الفصل الثاني: المؤمن والارتداد
الفصل الثالث: أسباب الارتداد
الفصل الرابع: تأديبات الارتداد
الفصل الخامس: علاج الارتداد
الباب الثاني: حتمية الجهاد الروحي
الفصل الأول: ضرورة الجهاد
الفصل الثاني: مفهوم الجهاد
الفصل الثالث: عناصر الجهاد
الفصل الرابع: ميـدان الجهاد
الباب الثالث: ضرورة التدريب الروحي
أولاً: ضرورة التدريبات
ثانياً: مفهـوم التدريبات
ثالثاً: ممارسة التدريبات
رابعاً: مجـال التدريبات
الخاتمة
حمل هذا الكتاب

عودة للصفحة الرئيسية

الفصل الأول ضرورة الجهاد الروحي



1ـ شـهادة الكتـاب المقدس

2ـ شـهادة آباء الكنيـسة

3ـ شـهادة مشاهير البروتستـانت

مـدخـل



ظن البعض أنه لا ضرورة للجهاد مطلقا في حياة المؤمن، فحادوا عن جادة الصواب. فإن هذا الظن في منتهى الخطورة على حياتهم الإيمانية لأنه يتعارض مع روح الكتاب ويناقض الحقيقة التي لمسها رجال الله المختبرون.

وحتى لا تفقد إكليلك يا أخي أضع أمامك الأدلة التي توضح لك ضرورة الجهاد من واقع شهادة الكتاب المقدس. وشهادة آباء الكنيسة وشهادة مشاهير البروتستانت أيضاً.



أولا: شـهادة الكتـاب:


اهتم الكتاب المقدس بإبراز ضرورة الجهاد في مواضيع كثيرة نقتصر على الآتي:-
* فبولس الرسول يوصي تلميذه تيموثاوس قائلا "جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت"(1تى12:6). وحتى لا يعترض أحد بأن الجهاد المقصود هنا هو الجهاد في الخدمة أقول أن هذه الوصية جاءت تالية لوصية خاصة بحياة تيموثاوس الروحية إذ يقول له في الآية السابقة مباشرة "أما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة"(1تى11:6).

فبولس الرسول يقول بلسان الوحي (جاهد) وصية صريحة تماما مثل وصية (توبوا) فليس فيها مجال للاختيار وإنما هي وصية لازمة للتنفيذ.

* ثم يعود بولس الرسول يؤكد لتيموثاوس ضرورة الجهاد فيقول عن نفسه "قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان أخيرا قد وضع لي إكليل البر"(2تى7:4).

ويتضح فعلا جهاد هذا الرسول من قوله "أقمع جسدي واستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا."(1كو27:9).

* ولهذا فهو يوصي أهل كورنثوس بالجهاد قائلا "هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شئ" (1كو24:9،25).

* ويوصي العبرانيين أيضا بذلك قائلا "لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاصر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكملة يسوع" (عب1:12،2). وفي قوله "ولنحاضر بالصبر في الجهاد" نص صريح بضرورة الجهاد ...



* لذلك نراه يوبخهم على عدم الصبر في الجهاد حتى الموت قائلا: "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية"(عب4:12). وفي قوله "مجاهدين ضد الخطية" قد وضح اتجاه الجهاد أنه ضد الخطية فلم يدع مجالا للشك بضرورة الجهاد ضد الخطية.



* وبطرس الرسول أيضا يتكلم عن ضرورة الجهاد فيقول "لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الأخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين لأنكم إذا فعلتم ذلك لا تزلوا أبدا."(2بط10:1). فهو ينبههم ويحثهم على ضرورة الاجتهاد للمحافظة على الدعوة والاختيار حتى لا يسقطون ويحرموا من الملكوت.



* ولعل بولس الرسول قد أدرك بروح النبوة ما سيصيب الجهاد من إهمال أو من سوء فهم وتطبيق، لهذا يحذر المؤمنين قائلا: "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا." (2تى5:2).

فقوله هذا يرينا أنه يتكلم عن الجهاد كقضية مسلم بها لا تحتاج إلى جدال أو نقاش أو إثبات وإنما الذي يحتاج إلى توضيح في موضوع الجهاد هو نوع الجهاد نفسه فلا بد أن يكون جهادا قانونيا.


ثانيا: شـهادة آباء الكنيـسة
* يقول مار إسحاق السرياني:

"محبو الراحة لا يحل فيهم روح الله بل الشيطان. يا بنى لا تمسك الرياح في كفك أعنى الأمانة (أي الإيمان) بلا عمل وجهاد".



* الأب يوحنا: "علينا أن لا نقف كسالى حتى ولو ساعة واحدة، لأن في ساعات غفلتنا وتوانينا يأتي العدو خلسة وبغيرة حادة يرمى بذار الزوان. [وفيـما الناس نياما جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة] (مت25:13).



* القديس أوغسطينوس: "المعمودية تغسل كل الخطايا عامة سواء بالفعل أو بالقول أ, بالفكر. أصلية كانت أو فعلية، بمعرفة أو بغير معرفة.

ولكن لا تنـزع الضعف البشرى الذي يظل يقاومه المتجدد في جهاده الحسن". (N. &P. Frs. 1st ser. V P. 404.)



* وقال أيضا: "لكي نهرب من إطاعة الخطية يجب أن نجاهد في صراع يومي دائم ضد الميول الدنسة غير اللائقة". [ Ibid. P 136. ]


* ومن أقوله أيضاً: "في جهادنا الحاضر، قد ارتدينا ثوب البر الذي أخذناه بالأيمان وارتديناه كدرع ... فرداؤنا في الحاضر هو بلا شك رداء حرب لا حلة سلام".

[ 1 bid P.168]


ثالثا: شـهادة مشاهير البروتستـانت


وإن كان فئات البروتستانت ينكرون الجهاد، لكننا نرى أن مشاهيراً منهم يشهدون للجهاد:



(1) شهادة د. ل. مودى:

قال "عندما تجددت حديثا سقطت في خطأ كبير، إذ ظننت أن الحرب قد انتهت، وإنني قد حصلت على النصر والغلبة وأصبح الإكليل في قبضتي. وظننت أن الأشياء العتيقة قد مضت وأن الكل قد صار جديدا. وظننت أن طبيعتي القديمة الفاسدة التي ورثتها من آدم الأول قد ماتت وانتهى أمرها. ولكن بعد مضى عدة أشهر في خدمة المسيح، وجدت أن التجديد ما كان إلا بمثابة تقييد أسمى ضمن قوى الجيش العاملة فحسب، فالمعركة ما تزال قائمة على الأبواب، ولكي أحصل على الإكليل يجب على أن أجاهد وأحارب من أجله."

(The Overcoming Life. By Moody P.5.)



ثم أكمل حديثه قائلا: "ويوجد عدد كبير من المسيحيين يقعون في نفس الخطأ فيظنون أن المعركة قد انتهت وأن النصر قد أحرز. واعتقدوا أن ما عليهم ألا أن يخلعوا المجاديف ويلقوا بها في أسفل الزورق، وعلى التيار أن يحملهم إلى محيط محبة الله الأبدية. ولكن الحقيقة هي أننا لا بد أن نخترق التيار . فنحن محتاجين أن نتعلم من السهر ومن الحرب لنحصل على الغلبة والانتصار. فالمعركة لم تنتهي بعد وإنما قد بدأت الآن وما الحياة المسيحية إلا حياة جهاد وصراع وحرب. وبقدر السرعة فـي فهم هذه الحقيقة بقدر ما تكون الفائدة أعظم"

(The Overcoming Life P.7 Moody Press)

واعتقد أن هذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق لشـدة وضوحه. فاقرأه ثانية لترى تأكيد الرجل لضرورة الجهاد لإتمام الخلاص.



(2) شـهادة متى هنري:

قال " أو ليست مسيحيتنا هي ديانة الحرب والجهاد؟! بلى، فنحن في نضال دائم مع قوات الظلمة المعادية، ومع كثير من الأعداء الذين يحاولون إبعادنا عن الرب وعن مجد السماء. ونحن لنا أعداء يجب أن نحاربهم، ولنا قائد نخضع لقيادته، ولنا راية نحارب من خلفها، ولنا قواعد حربية معينة بها نضبط أنفسنا."

(Metthew Henry’s Commentary Vol. v1 P. 718.)



وقال أيضا " إن الحرب الروحية ضرورية ... فنحن نحارب من أجل أنفسنا وحياتنا، لهذا يجب أن نكون صابرين وثابتين ... فكل مسيحي قد انضم تحت لواء المسيح لا بد وأن يجاهد ضد الخطية وضد التعاليم الفاسدة والأعمال الشريرة والعادات الدنسة سواء في نفسه أم في الآخرين."

(Matthew Henrys Commentary Vol. v1 P.955.)



ولعلك ترى توضيحه ضرورة الجهاد ضد الخطية داخل نفسك أولا...



(3) شـهادة ف.ب. ماير:

قال " قد يسألني شخص : هل أنت مخلص؟ فأجيبه : لقد خلصت عندما مات المسيح عني، وسأخلص عندما يقوم جسدي. ولكنني في كل الوقت أتمم خلاصي. آه. هل أنت تتمم خلاصك؟" (كتاب حياة الذات ص 70 ).



وقد قال أيضا "يمكن القول أن الخلاص قد تم. ويمكن القول أيضا إن عملية الإتمام جارية لقد تم عندما مات المسيح. ومع ذلك فإنه جار إتمامه بالروح القدس في قلوبنا."



ويكمل قائلاً:

"الخلاص جعالة عظمي، لها نهايتان، النهاية الأولى على الصليب حيث خلصنا الرب يسوع المسيح من إثم الخطية ومن قصاص الخطية. والنهاية الثانية هي في مجيئه الثاني عندما يقوم الجسد ويتحد ثانية بالروح، وعندئذ يكمل الخلاص.

ولكن بين الصليب حيث قضي يسوع على إثم الخطية، وبين المجيء الثاني حيث يتحد الجسد بالروح. بين هاتين النهايتين تتم عملية الخلاص من سلطة الخطية ومن محبة الخطية." (كتاب حياة الذات ص69)

فهذا الرجل يوضح أنه رغم تمام الخلاص بموت المسيح على الصليب حيث قضى على إثم الخطية إلا أنه لا زال باق علينا أن نتمم خلاصنا من سلطان الخطية ومحبتها. ولهذا فهو يتساءل : هل أنت تتمم خلاصك؟



(4) شـهادة روبرت بويد:

قال " قد يصلى المؤمن بشوق كامل ، ويغنى بمشاعر داود، ويبكى بغيرة ارميا، لكن إن لم يكن له جهاده ضد الخطية يخشى أن يكون مخدوعا في نفسه."

(الكلمات الأولي للمؤمنين الأحداث ص 79).



(5) شـهادة بلى جرا هام :

"الآن وقد اتخذت قرارك، الآن وقد تبررت، وأصبحت من أولاد الله، ماذا بقي عليك؟ هل ثمة خطوة جديده ينبغي أن تخطوها أم انتهى كل شئ؟ اعلم أنك لست الآن إلا في البداية! أنت في عالم جديد، العالم الروحي، والكل فيه جديد لك. أنت طفل، وكطفل أنت في بحاجة إلى حنان وعناية وغذاء وحماية. ليس بوسعك أن تحيا الحياة المسيحية منفرداً، إذ لا بد لك من "عائلة" تجد فيها المساعدة والشركة، وهذا أحد الأسباب التي من أجلها أسس المسيح الكنيسة".

إن لك أعداء ويالهم من أعداء ! يحاولون بشتى الوسائل أن يخنقوا الحياة المسيحية فيك. فعندما كنت تتخذ قرارك الحاسم كانوا يزأرون ويدأبون محاولين أن يجروك إلى الخطية أو يزجوك في الانهيار واليأس.

ثلاثة أعداء عليك أن تحاربهم ما حيـيت. وعليك أن تعد العدة لكي تهزمهم وتغلبهم … يعلمنا الكتاب المقدس أن أعداءنا هم : الشيطان والعالم والجسد.

(سلام مع الله ص 171)

ثم يعود فيقول " فحربنا إذن حرب روحية لا نستطيع أن نخوضها ضد أعدائنا الأقوياء بأسلحتنا الجسدية الضعيفة.

(سلام مع الله ص 181).

من كل هذه الشهادات وآيات الكتاب المقدس ترى يا أخي أهمية وضرورة الجهاد في حياتك الروحية. وفي الواقع يا أخي أنت محتاج أن تعرف ما هو الجهاد الروحي وكيفيته لأنني أخشى أن تقع فيما قد سقط فيه الكثيرون إذ ظنوا أن الجهاد هو مجرد أداء تمرينات جسدية أو القيام بأعمال تصوفية لتقوية الإرادة والعزيمة معتمدين على ذواتهم وقدراتهم ومهارتهم دون الاعتماد على قوة الروح القدس. فهم بهذا أقرب إلى جماعة "اليوجا الهندية" منهم إلى أولاد الله المؤيدين بنعمة الروح القدس.



من أجل هذا أوضح لك يا أخي فيما يلي مفهوم الجهاد السليم في الفصل التالي.