هل من تناقض بين الآيات القرآنية بخصوص صلب المسيح

مقدمة السلسة

مدخل

بين سورة النساء وبقية آيات الصلب

الادعاء بنفي قتل المسيح وصلبه

الادعاء بتكذيب شائعة صلب المسيح

الادعاء بنسخ الآية لبقية الآيات

التفسير السليم لآية النساء

الجانب اللغوي

الجانب الموضوعي

الجانب البلاغي

الجانب المنطقي

الخاتمة

حمل هذا الكتاب

عودة للرئيسية

الفصل الثالث

والجانب الثالث:  هو جانب علم البلاغة والبيان

 

    وعلم البلاغة في اللغة هو ببساطة: حسن البيان وقوة التأثير ومطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.

وعلم البيان في اللغة هو أيضا ببساطة: المنطق الفصيح وإيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة من تشبيه ومجاز وكناية. (المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية الجزء الأول ص70و80)

     وكلنا يعلم أن القرآن هو كتاب البلاغة والبيان والفصاحة. ولهذا جاءت تعبيراته فوق مستوى الجهلاء وأنصاف المتعلمين. ولا يمكن فهم معانيه فهما جيدا إن لم يكن الإنسان ملما بمبادئ البلاغة والبيان والفصاحة.

فدعنا إذن نفحص آية سورة النساء من هذا لجانب البياني البلاغي الفصيح.

 أولا: هناك قاعدة بلاغية تقول: أن في أسلوب المقابلة بين أمرين، يأتي أحدهما مسبوقا بأدة النفي (لا النافية) ليس لتنفي حدوث هذا الأمر ، بل لتظهر عظمة الأمر الآخر. ولنعط لذلك بعض الأمثلة ثم نطبقها على آية النساء الكريمة.

ثانيا: (سفر التكوين 45: 8) يقول يوسف الصديق لأخوته "ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا، بل الله" فهذا التعبير البلاغي لا يقصد أن ينكر أن إخوته باعوه إلى التجار الذين أتوا به إلى مصر، بل أراد أن يعظم عمل الله وخطته الحكيمة.

ثالثا: (هوشع9: 13) "إني أريد رحمة لا ذبيحة". فهل معنى هذا أن الله يلغي الذبيحة وهي قوام العبادة؟ كلا وإنما هو يعظم الرحمة مع إثبات الذبيحة.

تطبيقا على ذلك نقول أن آية النساء في مقارنتها بين القتل وبين رفع المسيح حيا في قولها "وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه"، فيعظم رفع المسيح حيا ولا ينفي فعل القتل. هذا هو الأسلوب البلاغي الفصيح.

 رابعا:  كما أن هناك قاعدة بلاغية أخرى توضح الإثبات في صيغة النفي، تماما مثل أسلوب المدح في قالب ذم أو الذم في قالب مدح الذي نعرفه جيد. فالآية تقول "وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه" فالقرآن بهذا الأسلوب البلاغي يرد على تبحج اليهود بأنهم قضوا على المسيح تماما بأنه يؤكد لهم أنه بعدما مكروا هم بقتله مكر الله برفعه إليه فهو تأكيد لرفعه بعد أن قتلوه.

    أخيرا نأتي إلى