يوم قبل وفاة محمد

خاتمة الجزء الأول



يروي الغزالي في "كتاب الأربعين في أصول الدين" (1): "إن بعض علماء بني إسرائيل تاب عن ذنوبه وبدعته، فأوحى الله إلى نبي زمانه إن ذنبك لو كان في ما بيني وبينك لغفرته لك، ولكن بمن أضللت من عبادي فأدخلتهم النار". ولقد طلب نبي الإسلام محمد عليه السلام، قبل ساعات من وفاته، أن يوافوه بقرطاس وقلم ليكتب كتـابا لا تضل بعده أمته. ولكن عمر بن الخطاب منع عنه ذلك بقوله: "دعوه إنه يهجر" (أي يهذي) فقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله". (2). واختصر ابن عباس الإشكالية بقوله: " الرزية (المصيبة) ما فصل الرسول عن كتابه". (3). ولم يفسر لنا الرواة والمؤرخون ما عناه ابن عباس. فهل قصد بالكتاب، كتاب القرآن. أم عنى الكتاب الذي اعتزم محمد أن يكتب ومنع عنه. فإن كان قصده ما فصل الرسول عن القرآن. فذلك سيعني أنه رأى من محمد ارتدادا عن القرآن لأنه يهجر أو يهذي بحسب تعبير ابن الخطاب. وإن كان قصد من ذلك ما فصل محمدا عن تدوين كتاب جديد فذلك سيعني أن نبي الإسلام كان بصدد تقديم أمر جديد. والجديد المفاجيْ لن يكون توصية بخليفة كما يقول الشيعة. لأن الخطاب القرآني حسم هذه المسألة لصالح "الشورى". وبشكل صريح لقوله: "وأمرهم شورى بينهم". والشورى عرف قبلي قديم مستقر عند العرب أقره البيان القرآني، ولن يكون بمقدور نبي الإسلام أن يخرج عليه، وهو الذي لم يستطع أن يخرج عن أعراف مثيلة بل أقرها وضمنها شريعته كما رأينا في هذا الكتاب، وإذا……… ما الذي كان سيكتبه نبي العرب ومنعه أصحابه من كتابته حتى طردهم من حجرته ؟
إنه سؤال خطير لا يمكن كشف الإجابة عليه قبل استكمال رحلتنا في الفكر لكشف غوامض تلك المرحلة. ومن هذه الغوامض الغريبة ذلك التمرد الخطير الذي مارسه صحابته قبل وفاته. حيث رفضوا الذهاب في جيش تحت إمرة أسامة بن زيد إلى بلاد الشام، ومنعوه أن يكتب لهم كتابا لا يضلون بعده !
لقد وصلنا الإسلام بقرآنه وسنة رسوله عن طريق هؤلاء الصحابة المتمردين على رسولهم. فهل نقبل بما وصلنا عن طريقهم وهم غير ثقاة. أم نقبل بهم ونرفض سلوك نبي العرب ؟
حتى يومنا هذا نجد نحو مليار من المسلمين لا يدركون عمق هذا المأزق. مأزق أن ندرك مدى أخطاء الصحابة وأنهم لم يكونوا ثقاة. وأن نقبل في الآن ذاته بما وصلنا عنهم بطريق التواتر؛ وهذا ما سيكون موضوع الجزء الثاني من هذا الكتاب، وبعد ذلك سنمهّـد لذلك بلمحة عن الصراع السياسي الذي اكتنف الحياة العربية، قبيل وإبان ظهور الإسلام.

حمل هذا الكتاب

الصفحة الرئيسية

 مقدمـــــة

مدخــــل

ما هي هذه الحكمة الخفية

صورة الفكر اليهودي والمسيحي إبان ظهور الاسلام

وضع اليهود عامة إبان ظهور الإسلام

الإسرائيليات في الإسلام

الأسفار الحكمية والحديث

صورة الفكر النصراني قبيل وإبان ظهور الإسلام

مأساة الكنيسة

هل كان محمد نصرانيا

متاعب الكنيسة في الغرب

الحنيفية والكسائية

موقف نبي الاسلام من المسيحية

والقرطاس عليه الصليب

الصليب ليس وثنا

الآثار النصرانية في العبادات الإسلامية

الانجيل في الحديث والأمثال والحكم

الوثنية قبيل وإبان ظهور الإسلام

مواطن تأثر الإسلام بالوثنية

المرأة وتعدد الزوجات

تمييز العربي عن غيره

خاتمة الجزء الأول

الصفحة الرئيسية