مكانة المرأة في النصوص القرآنية ل"الإسلام المحمدي"

أسطورة "الإسلام الأول"

خسرو ساية
2002 / 12 / 3

                                                                                              
    إن لظهور الميل الإسلامي الفمنيستي في الحركة النسوية و المنظمات النسوية، في البلدان العربية دلالته الخاصة، ويمكن تحديد نوع المجتمع الموجود و نظامه السياسي و الاجتماعي، بمستوى التقدم و الرفاه الاقتصادي و الثقافي و ألظروف السياسية و الاجتماعية و التوازن بين القوى و الأحزاب السياسية و الدولة و كل واحد من تلك العوامل بمفرده أو بمجملها كعوامل مشخصة بهذا الخصوص. و لكن حين يتجه النظر صوب أسس التفكير عموماً و الصياغات السياسية التي تستخدمها بهذا الصدد الحركة النسوية، سنرى بوضوح ذلك التصور القائل: ينبغي الفصل و التميز بين الإسلام الذي هو بيد التيارات و الأحزاب الإسلامية، و بين الإسلام الأول، ذلك الإسلام الذي طبقه محمد بن عبد الله قبل أكثر من ألف عام في شبه الجزيرة العربية.
فتعريف العلاقة بين الإسلام و الحركة النسوية من منظار مثل هكذا تصور و رغم أنه دليل الامتثال لسياسة التقية إزاء العنف و المجازر التي قامت بها التيارات الإسلامية المختلفة ضد النساء و مطالب حركتهن، فإنه في نفس الوقت يطرح أسس تفكير يسعى في خاتمة المطاف للمزج بين الإسلام كنظام سياسي و كشريعة و قانون للدولة و كتقاليد و معتقدات مفروضة على الجماهير، و يدعو النساء للتراجع عن حقوقهن الإنسانية أياً كانت الى وقت آخر من أجل أن لا يثور الناس و الأحزاب السياسية بوجههن، و هذا في وقت لا يمكن فيه للحركة النسوية و قضايا المرأة في تلك المجتمعات التي ينتشر فيها الإسلام حضور الميدان بدون خصلتها و خاصيتها المناهضة للإسلام لتحقيق مطالبها، و بهذا فإن  الفمنستية الإسلامية و أي ركوع أمامها يعني خلق الأوهام و تمهيد الطريق للتصدي لتقدم الحركة النسوية في أهدافها… و لكن المسألة لا تنتهي عند هذا الحد و إن العمل الأكثر أساسية لاجتثاث جذور تأثيرات هذه التصورات و المواقف يتطلب دراسة و تحليل نفس أسس التصور كما هي و الرؤية الإسلامية بصدد قضية المرأة و إظهار حقائق و جوهر مواقف الإسلام نفسه كما هي حول المرأة من خلال لغة القرآن و أحاديث محمد، و لهذا سنسعى للدخول الى البحث من مدخلين.

المدخل الأول:
المرأة و المجتمع، الانتقال من "المجتمع الجاهلي" الى الإسلام:

يمتلك التأييد للإسلام الأول تبريرين بشكل عام: الأول هو أن الإسلام الحالي حصيلة انقلاب رجال في التأريخ ضد النساء و لإقامة تسلط الذكر في المجتمع، و بهذا فإن المطالبة بإعادة كتابة القرآن من قبل النساء يمثل ردةً عن ألذ كورية و يجعل من الانقلاب الذي قام به الرجال في النصوص القرآنية عقيدة راسخة، و بهذا الشكل ستمضي عملية صياغة النصوص القرآنية لتكون بين قطبي الجنس "الذكر- الأنثى". و الثاني ما يدعي بأن الإسلام كان ثورة من أجل تحرير النساء من العبودية في "المجتمع الجاهلي" و بالتالي تحقيق قطيعة تامة تؤدي بالنتيجة إلي انبثاق نظام اجتماعي جديد بصالح النساء…
و فيما يتعلق بالتبرير الأول (**) فإنه تصور غير علمي و هو على الأكثر نتيجة قفزة عرقية مقابل حقيقة تمثل خاصية جميع الأديان بشكل عام و الإسلام على وجه الخصوص، لإن إعادة كتابة النصوص الدينية، لم تكن في أي وقت من الاوقات في الصراع والعلاقة الاحادية والثنائية البيولوجية بين الذكر- الانثى.
إن مجتمع النص هو مجتمع ذكوري و بقايا البطريركية، و إن ما يجعل من "الذكورة" و "الأنوثة" صفة مسيطرة على الشخصية الإنسانية للمرأة و الرجل و يعرفها وفق ذلك هو حالة اجتماعية تحدد ارتباطاً بالحقوق، حالة تجعل من خضوع و سيادة المرأة و الرجل ضرورة اجتماعية ناجمة عن تقسيم الثروة و ملكية الفرد و انفصال الطبقات و المراتب الاجتماعية، و عن العلاقات الاقتصادية و السياسية، و النص القرآني الذي يتحدث بلغة الرجال يوجه مباشرة هذا الانقسام و الانفصال. و كما يقول ماركس " الزنجي هو زنجي، إلاّ أن ما يجعل الإنسان الأسود البشرة عبداً، ليس المكونات البايلوجية للإنسان الأسود البشرة، بل هو حالة اجتماعية محددة" و فيما يتعلق بالتبرير الثاني فإن السؤال هو أن كان الإسلام و من منظار قضايا المرأة يمثل ثورةً تامة على "الجاهلية" فما هي الأشياء التي فقدتها المرأة و المكاسب التي حققتها بمجيء الإسلام؟ و كيف هي عملية تعريف الحقوق للمرأة في الإسلام في العلاقة بالرجال و ماهي المكانة التي يرتضيها المجتمع الإسلامي للنساء؟ في الإجابة على هذه الأسئلة، ينبغي علينا النظر الى نفس "المجتمع الجاهلي".

الجانب الآخر للإسلام، "الجاهلية" بمعنى مجتمع واحد:
إن مصطلح الجاهلية (***) هو مركز التفكير في الإسلام . فالإسلام الأول الذي يعرف هويته مقابل الجاهلية صاغ فهماً أخلاقياً و صوفياً للمجتمع الذي سبقه، كي يعطي تصوراً من زاوية التقسيم التاريخي للمجتمعات عن المجتمع و مكانة البشر فيه و يمكننا القول بهذا الصدد أن الإسلام نفسه أكثر جاهلية و جهلاً بدرجات مقارنةً ب"المجتمع الجاهلي"، لأن نظرية المعرفة الإسلامية قامت في الأساس استنادا على المعتقدات الأسطورية و الروايات الإعجازية و المنطق الشكلي في تعريف المجتمع الذي سبقها، ففهم أن أساليب الإنتاج الاجتماعية ووجود حالة اقتصادية سياسية اجتماعية محددة هي التي تحدد في النهاية العلاقات الاجتماعية و المعرفية بين البشر سواء في مكوناتهم أو مع ما يحيط بهم، هو فهم غريب في الإسلام، في حين أن الانتقال من مرحلة اجتماعية الى مرحلة أخرى ، يتطلب بالضرورة انتقال اجزاء من الماضي الى المستقبل و إذن كي نعرف كيف كانت مكانة المرأة في المجتمع الذي سبق الإسلام من الضروري أن نعطي تصوراً عاماً عن نمط الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت.
إن المجتمع الذي سبق الإسلام مثل أي مجتمع آخر كان يمتلك نمط إنتاج اجتماعي محدد، و تطرح النصوص القرآنية، و روايات  محمد و أصحابه، أفضل الأدلة و البراهين للنظام الاجتماعي داخل شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام. ففي أواسط القرن السادس و حتى القرن السابع الميلادي تواجد داخل شبه الجزيرة العربية مجتمع نظم على يد الأرستقراطية المكية و السلطة الكبرى لقريش تركيباً من أسلوب الإنتاج و التجارة، في غياب الملكية الخاصة للأرض و مصادر الماء لبقايا نظام الري والزراعة داخل الواحات وتجارة العبيد و ممارسة الحرف، و كذلك فإن استمرار الصراعات القبلية كضرورة لوضع اليد على الثروة و الواردات كانت قد رسخت أسلوباً اقتصاديا. لقد كان الإعتقاد  بتعدد الآلهة و الأديان و خليط من الثقافة الأسطورية و كذلك الأخلاقيات و السلوك و خواص التعامل و الجانب المعنوي "البداوة" داخل شبه الجزيرة العربية، كان نفسه إنعكاساً واضحاً لهذا النمط الإقتصادي و الإنتاج في عصر ما قبل الإسلام، حيث أدى بعد ذلك بسبب تغيير طرق التجارة الى مركز مكة – و كانت تسمى في القرآن رحلات الصيف  الشتاء – الى فسح المجال كي يقوم بجانب ذلك نظام التبادل البضاعي و إقتراب القبائل من بعضها البعض و ظهور مدينة مكة كمركز كبير للعبادة والأديان و بالتالي إستقرار  عدد كبير من السكان و تقسيم المراتب الإجتماعية بموجب الثروة و الخروج من القالب الجامد (البداوة) الذي مهد السبيل لقيام المجتمع الحضري دفع بالضرورة المجتمع الجاهلي نحو حالة مؤقته و إنتقالية، بالشكل الذي جعل الحاجة لايجاد تغيير في العلاقات الإجتماعية لذلك العصر ظاهرة حتمية موضوعية و بذلك تهيأت الأرضية المادية و الإجتماعية لظهور الإسلام المحمدي و لكن في نفس الوقت و في إطار هذه الظروف الإقتصادية و السياسية، كان ل"المجتمع الجاهلي" مثل أية مرحلة إجتماعية معينة أخرى نظامه الخاص في العلاقة بين المرأة و الرجل. و من هناك حدد الوضع الإنساني و الشخصية و الحرية الفردية للمرأة و الرجل أرتباطاً بالسلطة و إختلاف المرتبة الإجتماعية. بمعنى آخر كان "المجتمع الجاهلي" نظاماً عائلياً و طرازاً مختلطاً، من العلاقات الجنسية و التعامل، أستطاع أن يجعل من بعض الحريات الشخصية للمرأة حقوقاً معتبرة بشكل تقاليد و اعراف يطبقها الجميع و تراقب تطبيعها الأرستقراطية المكية و لإيضاح هذه الحالة بشكل أفضل من المستحسن الحديث عن النظم العائلية في المجتمع الذي سبق الإسلام.

الكيان العائلي و النساء في العلاقات الجنسية الجاهلية:
"العائلة الأمومية" التي تكون فيها المرأة هي المسيطرة و "العائلة الأبوية" التي يسيطر فيها الرجل، كانتا شكلين عامين بقيا كحالة في المجتمع الذي سبق الإسلام نتيجة مسار تاريخي حيث نظم في ظله العلاقات الجنسية و كيفية تأسيس العائلة و الزواج و الطلاق، و حقوق المرأة و علاقة الأبناء بالآباء و قد ترسخ هذا كإنعكاس في الظروف الأقتصادية و الإجتماعية لذلك العصر في أشكال التقاليد و الأعراف الشائعة.
و هنا من الأفضل لتحليل جوانب هذا الموضوع عقد مقارنة بين هذين الشكلين:"العائلة الأمومية" القائمة على أساس زواج النساء و طلب المرأة في بيتها لإقامة العلاقة مع الرجل، هي نموذج سيطرة الأمومة. في هذا الطراز، أهلية الأم، المرأة مرتبطة بأهلية القوم أي العشيرة، في هذا الزواج ينبغي على الرجال البقاء لدى المرأة في مسكنها لإنتظار قرارها بالرضا و الموافقة، و بهذا الشكل يتخذ الزواج بينهما صفة رسمية لدى العشيرة، وفي حالة الرفض، فان تغيير المرأة لاتجاه بوابة خيمتها كافية لاعلان رفضها للزواج من الرجل وابلاغ العشيرة بذلك (بموجب ما رواه أصحاب محمد روى البخاري أن أم محمد آمنة بنت وهب تزوجب بهذا الشكل من عبدالله بن عبدالمطلب) إلاّ أن العائلة الأبوية تتأسس على زواج يكون للرجال فيه اليد الطولى فيما لا تملك المرأة إي إمكانية للقرار، ويتم طلب يد المرأة من قبل الرجل من رئيس العشيرة و الأب و الأخ و ولي الأمر وفي حالة توافق الطرفين يكون الزواج رسمياً. و في هذه الحالة فان رفض الزواج يكون من قبل الرجال و ليس للنساء دور في ذلك. في الأسلوب الأمومي يكون التقارب و الإنتماء لنفس العشيرة أطاراً للزواج و الموافقة عليه. و سيكون الإنتماء المباشر للأطفال الى جماعة و عشيرة الأم. أبوة الدم و رابطة الدم بالآباء لا تشكل معياراً في هذا الزواج و لاتملك أهمية، و هكذا يعرف النسب بعشيرة الأم دون الحاجة لمعرفة من يكون الأب، كذلك في هذا الطراز من الزواج، تكون النساء أحرارا من الناحية الجنسية، لأن هذه العائلة التي تتكون من شخصين ليست مكوناً اقتصادياً مباشراً- تعود ملكية البيت للمرأة- بل إن العشيرة هي بحد ذاتها عائلة كبيرة مختلطة و الحصول على مستلزمات المعيشة شأن عمومي و بهذا الخصوص لا تضع ممارسة الجنس من قبل النساء بالضرورة أية وظائف إجتماعية على عاتقهن، خصوصاً و أن المرأة تحظى بالحماية من قبل العشيرة و الجماعة الأثنية كذلك يكون الطلاق في هذا الطراز من الزواج بيد المرأة و ترث النساء بشكل مباشر البيت و الأولاد الاّ أنه في الطراز الأبوي فإن عائلة الرجال عائلة لشخصين وهي وحدة اقتصادية والبيت هو بيت الرجل، ويكون لجنس المرأة وظيفة اجتماعية لتحديد الابناء بالآباء كي تنتقل من خلال هذا الطريق ملكية الفرد، كذلك تمتلك رابطة الدم معنى مهما لتحديد مكانة الابوة داخل العشيرة، ويعرف الطفل في عشيرة أبيه وبابيه، وبهذا فلشرعية الابن تصبح اقامة علاقة جنسية حرة من قبل المرأة عملاً ممنوعاً، فالزواج وعائلة الشخصين هما فقط طرفان لممارسة الجنس وهذا الجنس يكون مع الزوج، وتكون مهمة الرجل في هذه العلاقة حماية المرأة، ويكون قرار الزواج والطلاق بيد الرجل.
ان مناصري الاسلام الاول كثيراً ماكانوا يقولون تجاه هذا التحليل ان التاريخ لايمتلك مصادر وأدلة كاملة لاثبات هذه الحقائق!!ومن المؤسف ان هذا المقال ليس مكاناً للبحث المطول لهذه المسألة، الا أن الاسلام نفسه أعلن بذاته أدلة ودلائل اثبات هذه الحقائق وقد روى الكثير عن وجود علاقة هذين النظامين وعن حريات النساء والعلاقات الجنسية للعصر الجاهلي وهذا أفضل الأدلة والمصادر. وبهذا نرى من الضروري ذكر العديد من الامثلة:
يروي البخاري في كتاب الجامع الصحيح:
" يروي عروة بن الزبير على لسان عائشة زوجة محمد أن عقد "النكاح" في الجاهلية كان على اربعة اشكال، أو لهما مثلما هو شائع الآن، أي أن يطلب الرجل من الرجل الآخر أن يزوجه إبنته، و بعد الرضا يتزوجها، ثانيهما أن يقول الرجل لزوجته إذا تطهرت من الحيض أرسلي الى الشخص الفلاني، و حددي إمرأة من نسائه، ترك الرجل لهذه المرأة لفترة كي يتبين الحمل، و إذا وافقت المرأة، فإنه سيتم نكاحها، ثالثهما، يقيم حوالي عشرة رجال علاقات مع نساء، وبعد مرور عدة ليال بعد الحمل، ستعلن كل أمرأة بين هؤلاء الرجال، لصاحب الحمل أن الطفل طفله، و بهذا سيضطر الرجل لعقد النكاح. الرابع أن تجتمع مجموعة من الناس و يذهبون جميعهم الى أولئك النسوة اللواتي لا يمانعن في ذلك، ثم تقوم النسوة بوضع أشارة أثناء مجيء أي شخص لديها على أبواب غرفهن كي يتم معرفة من جاء إليها، و بعد نهاية المدة و ظهور الحمل ستقول المرأة بموجب الأشارة التي لديها لصاحب الطفل منه و هنا يرضي الرجل و يتحقق الزواج. إلاّ أن محمد حين جاء ألغى جميع نكاح الجاهلية و أبقى فقط على النكاح الذي يعقد اليوم". في كلمة البخاري هذه يظهر أن إختلاطاً كان شائعاً قبل الأسلام بين شكل الزواج و أقامة العلاقة الجنسية بين المرأة و الرجل حيث تمحورا حول نظامي الزواج الأمومي و الأبوي و يظهر أيضاً في الأشكال الثلاثة الأخيرة التي جرى الحديث عنها أن الأبوية بمعناها البايلوجي لم تكن لها أهمية، في نفس الوقت كانت النساء متحررات في إقامة علاقات جنسية مع أي رجل يرغبن به. كذلك يشير البخاري في نفس المصدر الى " أن النساء، كن أحرارا في عقد الزواج المؤقت" و يبدو أن هذا كان في وقت رحلات الصيف و الشتاء، حيث لجأن إليه في وقت إنقطاعهن عن أزواجهن، فأساس زواج المتعة و أنواعه في الأسلام تعود الى الزواج المؤقت الذي كان شائعاً في مرحلة ما قبل الاسلام، ثم إتخذه محمد مكسباً و طبقه بين المسلمين، حيث صار فيما بعد موضع خلاف بين السنة و الشيعة، إلاّ أن دلالات المجتمع الجاهلي يمكن أستشفافها من خلال دلالات النصوص القرآنية و أحاديث محمد و أصحابه. و هنا و من أجل إيقاف هذه الحقائق على أقدامها سنسطر بعض النقاط لنترك البحث المفصل لهذه الحالات لاحقا:
1/ الزواج الأسلامي الذي كان زواج الرجال لإقامة عائلة و تثبيت هيمنة الرجل دليل على أن العائلة الأمومية التي تهمين المرأة فيها كانت موجودة في الجاهلية. و توجد في هذا الصدد العديد من الأدلة القرآنية و أحاديث محمد التي سنبحثها فيما بعد.
2/ كانت النسوة أحرارا في الإختلاط و الملبس و ممارسة التجارة، فخديجة زوجة محمد كانت أمرأة تاجرة و هذا دليل على حضور النساء في الميدان التجاري، "و قرن في بيوتكن و لاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى – الأحزاب، الآية 33 "و يظهر في هذه الآية أن نساء الجاهلية كن أحرارا في الإختلاط و التزين، أما الحجاب فقد كان دليل تحديد هذه الحرية.
3/ إعطاء حق الخطبة و المهر و الطلاق للرجال يعني وجود هذا الحق لدى النساء في العصر الجاهلي. و توجد بهذا الخصوص عشرات الآيات التي سنتطرق إليها فيما بعد.
4/ وضع "العدة" دليل على أن العلاقة البايلوجية بين الآباء و الآبناء الذين ولدوا خارج الزواج في الجاهلية لم يكن لها أهمية إجتماعية.
5/ إعطاء حق تعدد الزوجات للرجال المسلمين دليل على أن النساء في الجاهلية كن أحرارا في عقد علاقة تعدد الازواج.
6/ "الزنا" دليل على أن أقامة علاقة جنسية من قبل المرأة خارج الزواج لم يكن جريمة في الجاهلية.
7/ إعطاء حقوق أكثر للرجال في مسائل الميراث و الشهادة و إتخاذ الأبناء، دليل على أن النساء في الجاهلية كانت لهن حقوقهن المستقلة خصوصاً في تلك المراكز التي شاع فيها نمط العائلة الأمومية.
8/ زواج المتعة دليل على وجود حرية عقد الزواج المؤقت و إلغي في الجاهلية.
9/ ابقاء الجواري خارج الزواج ، لدى الرجال دليل على ان النساء في الجاهلية كن سلعة لانتاج الجنس، وقد ورث الاسلام ذلك التقليد.
و هنا يظهر أن الإسلام الأول بعد ترسيخ النظام الأبوي، ألغى النظام الأمومي و ألغى تلك التقاليد المستندة على الحرية الجنسية و الحريات الشخصية للنساء في نفس الوقت حمل في داخله أجزاء أخرى من هذه الأشكال و بسببها جعل شخصية المرأة ملحقاً و تابعاً للرجال و بهذا لا يمكن أن يكون الإسلام قطيعة تامة عن المجتمع الذي سبقه خصوصاً و أن المجتمع الجاهلي كان مجتمعاً في حالة تغير و إنتقال ذاتي حيث استخدمت بالضرورة بقاياه للمستقبل  و أستطاع الإسلام بالأستفادة من تقاليد العصر الجاهلي – بالطبع في بعض الحالات وفي شكلها المقلوب- تأسيس نظامه، ولإظهار جوهر و مضمون هذا النظام و رؤيته للنساء من الأفضل التطرق للمدخل الثاني من هذا الموضوع.

المدخل الثاني:
المرأة و الإسلام: مجتمع الرجال و عبودية النساء:
في العقد السابع الميلادي كانت شبه الجزيرة العربية مجتمعاً بايلوجياً – قبلياً مستندا الى العقائد الأسطورية و تعدد الآلهة، و إستطاع محمد بإبداع فكرة "مجتمع المؤمنين" و إشعال  نار حرب القبائل التي سماها "الحرب بين المؤمنين و الكافرين" تأسيس مجتمع آيديولوجي - ديني  وحيد الإله. و كانت واحدة من وسائل محمد لتأسيس هذا المجتمع فكرة العائلة المسلمة التي صاغ بسببها أساساً مختلفاً لإتحاد كلا الجنسين الرجل و المرأة .محمد كان يعتقد أن النشاط الجنسي في المجتمع الجاهلي و لكونه غير خاضع لمعيار و موازين، حوله الى مجتمع الفساد الأخلاقي الشامل و الجهل مقابل الفتنة الجنسية للنساء، و لذلك انضوت بمجيء الاسلام  العلاقة بين المرأة و الرجل بشكل عام و الحالة الجنسية بشكل خاص، في إطار التشريعات و القوانين الإسلامية و السلطة التي تطبقها، سلطة و قانون و شريعة تمثل سلطة الإله الواحد على الأرض، و بهذا نظم الجنس كواحدة من الغرائز الطبيعية للإنسان بموجب الشريعة والدين و ألبست العلاقات بين المرأة و الرجل محتوى ثابتا آيديولوجيا – دينيا، و تم القرار على أن ذلك هو من أعمال الرب و لا يجب الخروج عنه. و لكن قبل دراسة نموذج "العائلة المؤمنة" من الأفضل الحديث قليلاً في البداية حول جوهر رؤية الإسلام بخصوص المرأة.

المرأة و الجنس الإسلامي، الإنسان المقموع:
تشكل لذة الغريزة الجنسية في المعتقدات الإسلامية نعمة منحها الله للإنسان، لذا ينبغي إعادتها إليه و تنظيمها بين المرأة و الرجل بموجب الإرادة الإلهية و ممارستها كوظيفة إيمانية، و بهذا الشكل فإن "الشهوة" الجنسية طبيعة ذات جانبين سماوي و أرضي. إلاّ أن موقف الاسلام من الغريزة الجنسية للمرأة و الرجل ليس واحداً، و بهذا الخصوص فإن التصور الإسلامي و على لسان أبو حامد الغزالي، هو أنها علاقة ذات قطبين إجتماعي – طبيعي و بهذا الصدد يكون الرجل مالك العقل و القوة, و القوانين الإجتماعية قد منحت له القدرة لإدارة غرائزه في إطار المعتقدات الدينية و المراسيم الإلهية و تكون المرأة ضعيفة قليلة العقل حاملة لمتاع "شهواني" شيطاني طبيعي، و إذا لم تتم مراقبتها و لم ينظم متاعها الجنسي بموجب ميزان الرب، ستكون مصدر الوقوع في "فتنة إجتماعية كبيرة" و بالنتيجة ستعرض نظام محمد الإجتماعي لخطر الإنهيار و إذن فإن مهمة الرجال هي أن يكونوا رقيباً و مسؤولاً عن النساء و التصدي لـ"فتنهن" كعمل إلهي, بهذا الشكل ليس الجنس الاسلامي هجوماً فقط على مضمون النشاط الجنسي للمرأة وحرية التلذذ به، بل انه هجوم على نفس النساء، وقمعهن في اطار نظام سياسي، خصوصاً وأن الاسلام يعتقد أن النساء حاملات متاع جنسي هدام وفوضوي. ايجاد الزواج الاسلامي، الزنى والعرف، الشرف والشريعة..جميعها لتحديد المعايير الاخلاقية والقانونية للاسلام من اجل قمع النساء، كي يحفظ من خلال ذلك سلامة نظامه، الا أن الآثار الموضوعية لهذا التصور تتجسد في المكانة التي منحها الاسلام للنساء.

مكانة المرأة في الاسلام:
تتأسس المكانة الإجتماعية للمرأة في الإسلام على أساس سلطة الرجل و نظرته الجنسية للمرأة و بهذا فإن المرأة هي إنسان خاضع للرجل و لها مكانة متدنية في المجتمع، و ليس لها أية مساواة مع الرجال سواء في إختيار الزوج و نمط الحياة و حتى إختيار العمل و الملبس أو في ممارسة المهام الإجتماعية و إدارة المجتمع. النساء في النظام الإسلامي تابعات للرجال و كائنات لتحقيق أوامر الرجل بوصفها من مهام العبادة، و لايتساوى الرجل و المرأة أبداً في التنقل و الإختلاط، الضحك و العشق و حتى في ميادين الميراث و الشهادة و حق التصرف باثاث المنزل و بالأطفال، و الأكثر من ذلك يميز النساءالجواري والسبايا– النساء اللواتي يتم أسرهن في الحرب – عن النسوة الأحرار لدرجة أنه يتم أستلابهن بالقوة من أزواجهن و للرجال حق النوم معهن برغبتهم و ليس لهن لا أن يتزوجن و لا أن يعصين أوامر أربابهن، ففي رواة النصوص القرآنية كثيراً ما اعتبرت  المرأة عورة و خطيئة حيث أحكام الزنى و العرف و شرف الرجل، و كثيراً ما قورنت شخصية المرأة مع الحصان و الكلب و الحمار و الشيطان .إن مكانة المرأة في الإسلام تبدأ أولاً من "الزواج الإسلامي" ثم "العائلة المؤمنة" ليتم المحافظة على تلك المكانة الى أبد الآبدين و بعد ذلك يتم تنظيم منظومة المجتمع بها من خلال الشريعة و تفرض كقيم إجتماعية و عادات و تقاليد مقدسة على المجتمع و تقولب بها عقلية البشر … في "الزواج الإسلامي" ليس هناك مكان لسؤال المرأة و رأيها، حيث يتم تزويجها في طفولتها و بمعزل عن رغبتها من قبل أخيها و أبيها  و ولي أمرها، و حتى طلاقها هو بيد الرجال و ليس للنساء سوى حق الحصول على جزء من مهرها لاأكثر و هذا أيضاً حدده الرجال لها، بهذا الشكل فإن زواج و طلاق النساء الإسلامي يعتبر تبادل سلع. و حتى أن "الزواج الإسلامي" أعطى للرجال حق تزوج أربع نساء و تطليق أربع أيضاً هذا عدا انهم يستطيعون التمتع بالجواري والاستفادة من الزواج الموقت ( زواج المتعة) لأن الله راضٍ عن كل ذلك, بهذه الحالة يتم وضع النساء في "العائلة الاسلامية" خلف الستار و يتم جعلهن عبيد جدران المنزل الأربع ."العائلة الاسلامية" هي مكان لتقييد النساء بالعمل المنزلي و تربية الأطفال و إشباع رغبات الرجل الجنسية، و أي مخالفة تصدر من النساء لأزواجهن في العائلة تعني مخالفة اوامر الرب و لكن كي نكشف حقيقة هذه المكانة التي منحها الإسلام للنساء، من الأفضل أن نلقي نظرة على أحاديث محمد و النصوص القرآنية:

"النبوة" الحصول على القسم الاعظم من جنس النساء:
إن حياة و أفعال محمد تجاه النساء هي بحد ذاتها مصدر لصياغة السلوك و التعامل الجنسي و العاطفي بصدد المرأة و العائلة في الإسلام فقد تزوج محمد أكثر من 12 أمرأة و نام مع أغلبهن، إلاّ أن تعامله مع عائشة أصبح في خاتمة المطاف ثمرة موقف عام في الإسلام. لذلك قال "خذوا جزءاً من دينكم من هذه الحميراء" غير أن محمدا كان ينظر بعين "الشؤم" الى المرأة "إنما الشؤم في الثلاثة، في الفرس و المرأة والدار" و كثيراً ما قارنها مع الحمار و الكلب و الشيطان "إذا صلى الرجل قطع صلاته الكلب الأسود و المرأة و الحمار"، "المرأة تقبل في صورة شيطان و تدبر في صورة الشيطان" ، "لا يخلو رجل بإمرأة إلا و كان ثالثهما الشيطان" و جاء على لسان الغزالي "أوثق السلاح إبليس النساء" إلا أن محمدا هو نموذج أخذ القسم الأكبر من جنس النساء، مقارنة بالرجال الأخرين كأمتياز للنبوة منحها الله له و أعلنت هذه الحقيقة عن نفسها في الآيات (50 – 52) من سورة الأحزاب: "يا أيها النبي إننا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن و ما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك و بنات عمك و بنات خالك و بنات عماتك و بنات خالاتك اللائي هاجرن معك و امرأة مؤمنه أن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها….. الى نهاية الآيات". في هذه الآيات "حلل" الله لـ "النبي" تلك النسوة اللائي يمكنه إعطاءه مهراً لهن، و كذلك أولئك النسوة اللواتي تم إسترقاقهن كجوار، و بنات العم و الخال و العمات و الخالات، و البنات المؤمنات اللائي هاجرن مع محمد، و كل أمرأة وهبت نفسها للنبي كل أولئك هن نصيب النبي فقط و لسن نصيب أي شخص أخر. و كل تلك النسوة اللائي تحدثنا عنهن في أي وقت يرغب النبي أن يتزوجهن و عندما لا يرغب لا يتزوجهن أو لا ينام معهن أو بإمكانة أن يطلقهن برغبته، و على النسوة أن يقبلن ذلك.
و يظهر في معنى هذه الآية مجموعة من الحقائق:
1/ النبوة اعلى مرتبة لطلب النساء و طلاقهن.
2/ للرجل سلطة الزواج و طلاق النساء حسب غايته الجنسية.
3/ إمتلاك النقود من قبل الرجال سبيل لشراء و بيع النساء الجواري و إمهار أي أمرأة يريدونها.
4/ تبرير تعدد الزوجات.
5/ في كل ذلك لا يكون للنساء أي رأي أو قرار و ليس هناك إعتراف رسمي بأي حق في الإختيار و الطلاق.
النساء وسيلة لرغبات الرجال:

"الخروج عن قرار الرجل، ثورة ضد الرب"
إن النساء وسيلة لرغبات الرجال و قد منح الرب حقاً في النوم مع النساء و التعامل معهن بما يجدونه مناسباً، و بهذا فإن المرأة هي ملك للرجل و ليس هناك مكانة للحديث عن رغبات المرأة في علاقتها مع الرجل، فقد جاء في القرآن سورة البقرة الآية 223 "نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم… الخ الآية" كذلك ورد في الآية 24 من سورة النساء و الاية 228 من سورة البقرة أن الرجل قوام على المرأة و قد منح سلطة مطلقة على النساء، و يعتقد - البيضاوي – ان تكبر الرجل على النساء هو نتيجة لأن الرجال يملكون العقل و التفكير و القوة الجسدية و القدرة على تنظيم الحياة و كلفهم الرب بإدارة البيت و هو ما تفتقد إليه النساء، من جانب آخر فإن "النساء المسلمات" هن تلك النسوة العابدات للرب و الصاغيات للرجال خوفاً من الرب و يقمن و يجلسن بما شاء الرجل و الحفاظ خلف ذلك على إجسادهن و بيوتهن و أزواجهن و إذا لم يكن كذلك فإن من حق الرجال ضرب نسائهم و معاقبتهن كما ورد في هذه الآية "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات لغيب بما حفظ الله و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و أهجروهن في المضاجع و أضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً أن الله كان علياً كبيراً" ، فإذا لم تصغ النسوة للرجال فأنصحوهن في البداية ثم لا تناموا معهن ثانياً و ثالثاً أضربوهن. و في الأية 14 من سورة آل عمران ورد أن النساء خلقن جميلات لإرضاء قلوب الرجال."زين للناس حب الشهوات من النساء" و في الآيات 26 من سورة آل عمران و 57 – 58 – 59 – 72 من سورة النحل، و الآية 21 من سورة الروم، والآية 39 من سورة النور، و الايتين 16 و 17 من سورة الزخرف، ورد في جميعها خطاب من الرب الى الرجال يتضمن أن الرب خلق النساء من أجل الرجال و أوجد بشكل واضح إختلافاً و تمييزاً بين المرأة و الرجل.

الحجاب الإسلامي ، المرأة عيباً!
وضع المرأة خلف ستار و أسرها بين جدران المنزل الأربع هو نتيجة تلك الرؤية الجنسية التي يملكها الاسلام عن المرأة فقد ورد في الآية 33 من سورة الأحزاب "وقرن في بيوتكن و لاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى" أي إجلسن في بيوتكن و لا تتجملن مثل نساء الجاهلية و ورد في الآية 52 من نفس السورة "إذا سألتموهن متاعاً فأسئلوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم و قلوبهن" و فيما يتعلق بهذا البحث تقول الآية 31 سورة النور "وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن الاّ ما ظهرمنها و ليضربن بخمرهن على جيوبهن"  أو… و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن و توبوا الى الله… الخ الآية و هنا يظهر:
1/ على النسوة غض أبصارهن أمام الرجال و عدم النظر الى أولئك الرجال الذين لا يكونون من المحارم بموجب الأخلاق الاسلامية.
2/ أن يسترن أجسادهن و حمايتها من الفحشاء و عدم إظهار زينتهن – حتى امام النسوة غير المسلمات -  إلا الأكف و الوجه و ذلك إضطراراً.
3/ لا ينبغي أن يضربن أرجهلن بقوة على الأرض كي لا يصدر صوت الخلخال فيلفت إنتباه الرجال .
 كل تلك للتستر و حجاب النساء و سجنهن في البيت.

الزواج و الطلاق، سحق شخصية المرأة في الاسلام:
لقد منح الاسلام حق الزواج و الطلاق بشكل كلي الى الرجال في حين لم يكن للنساء أي رأي أو قرار في تقرير أسلوب الحياة و علاقاتهن الاختيارية، و الأكثر من هذا منح حق تعدد الزوجات في الزواج و الطلاق للرجال تلك السلطة حيث يعطى "ربع" رجل للمرأة‍ في العلاقة مابين المرأة والرجل،  كما ورد في الأيات التي أشرنا اليها سابقاً حيث أن للرجال حق أن يتزوجوا أربعة نساء في  وقت واحد و طلاق أربعة نساء أيضاً. "و أن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فأنحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع…" الآية 3 و 4 من سورة النساء هذا عدا أن  تقليد الزواج و الطلاق في الاسلام قد تم ربطه بالكثير من القيود و الشروط حيث لا تستطيع النسوة تأسيس عائلة أو الانفصال عنها كحق من حقوقهن المدنية. و بهذا الخصوص فإن سورة النساء، الأية 27 من سورة القصص و الآيات 36،37،40 من سورة الأحزاب كل تلك هي دلائل على أن النساء لا يسألن و لا يؤخذ رأيهن في الزواج الاّ أن ما يفضح هذا الخرق الواضح في الزواج الاسلامي هو مصير تلك النسوة اللواتي يتم أسرهن، "والمحصنات من النساء الاّ ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم و أحل ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما أستمتعم بهن فأتوهن اجورهن" أي امهار المرأة المتزوجة هو أمر محرم، الأ انكم تستطيعون إمهار تلك النسوة المتزوجات اللائي تأسروهن أثناء الحرب حتى لو كان أزواجهن على قيد الحياة. و لدى الشافعي فإن المهر و الزواج الاسلامي لا يعطي أي قرار بيد النساء. فها هو يقول "أيما إمرأة نكحت بغير إذن و ليها فنكاحها باطل" و في نفس المصدر يقول الشافعي "لا نكاح الاّ بولي، و السلطان ولي من لا ولي له" و في هذه الكلمة يظهر تزويج النساء و الفتيات دون إستشارتهن، و حتى أن هذه الكلمة تحلل  يزوج الأب و الأبن، الفتيات منذ الطفولة و حتى في  المهد. و بخصوص الطلاق تقول الأيات 229 - 230 "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف او تسريح بإحسان و لا يحل …الى آخر الآيات" و هي تقول أن حق الطلاق و عودة النساء هو بيد الرجل بشكل كلي وبمجرد ان يطلق الرجل و يدفع المهر ينتهي كل شيْ. و جاء في سورة البقرة، الآية 231 – 232 و إذا طلقتم النساء فبلغن أجهلن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف و لا تمسكوهن ضرارا. " و يظهر في هذه العملية أن الطلاق هو جزء من عقاب النساء في نفس الوقت العمل على إيجاد قيود و شروط تكون جميعها بيد الرجل, فمدة "العدة"، هي نظام وضع القيود لقرار الطلاق و إبقاء النساء في حالة مجهولة و شاقة و غامضة بخصوص ما سيحل بحياتها و في هذه الحالة فإن كل الخيارات بيد الرجل، فالرجال بإمكانهم القسم بالطلاق و هم الذين يتراجعون أيضاً في وقت لا تستطيع فيه المرأة القسم بالطلاق و لا تستطيع أيضاً التراجع عن قرارها.

الإرث و الشهادة، نموذج التمييز الواضح بين الحقوق في الاسلام:
في الإرث يحصل الذكر أي الرجل على ضعف ما تحصل عليه الأنثى أي المرأة و ليس بإمكان الإسلام إعطاء أي تبرير لهذا عدا إبقاء سلطة الرجل الاقتصادية على النساء "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل الأنثيين.. و إن كانوا أخوة رجالاً و نساء فللذكر مثل حظ الانثيين (النساء) أي أن الورثة لو كانوا أخاً و اختاً فإن للذكر ضعف ما للانثى و في الشهادة والدية يتم النظر الى النساء بإعتبارهن أقل من الرجال و في حالة قتل المرأة فإن ديتها هي نصف دية الرجل و تعلن ذلك الآية 282 من سورة البقرة بشكل واضح و أستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل و أمرأتان".

الجواري ذخيرة جنسية للرجال:
ان  الغزو و السلب هو واحدة من خصائص الاسلام المحمدي فكل  شخص يعتبر نفسه معارضاً للإسلام، لا ينتظره الموت فقط، بل و تسبى أمرأته و أطفاله، أيضاً ، و ظهور النساء الجواري و السبايا هو نتاج هذه الخصيصة من خصائص الاسلام الأول، و لكن من هي "المرأة الجارية" إنها تلك المرأة التي يتم أسرها أثناء الحرب  و تصبح سبية، ثم تخدم في المنزل كجارية و حتى أنه يتم البيع و الشراء و المتاجرة بها و قد أحل الإسلام ذلك عدا ذلك ليس بإستطاعة النساء الجواري الزواج و لسن أحراراً في مخالفة أوامر أربابهن و حتى أن ممارسة الرجال المسلمين الجنس معهن ليس أمراً مشروطاً و هو امر وارد، تلك النسوة يتم أهدائهن و تبادلهن و هن جاهزات دائماً كذخيرة لجنس الرجال. وحتى لو كن تلك النسوة مسلمات فإن ثمة إختلافا تاما لهن مع بقية النسوة اللائي لسن نتيجة السبي و الغزو و قد كان لمحمد الكثير من الجواري و أهدي اليه الكثير منهن و قد تعامل معهن في بيته بموجب النصوص القرآنية، فقد ورد في سورة الأحزاب، الآية 26 – 27 "و انزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من نواصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً و أورثكم أرضهم و ديارهم وأموالهم و أرضا لهم تطؤها" و أحل في هذه الآية الغزو و السلب و السيطرة على الأموال و المنازل و الأراضي و الذين يتم أسرهم. وورد في سورة النساء، الآية 25 "و من لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم" أي إذا لم يستطع أحد منكم دفع مهر إمرأة مسلمة حرة ليتزوج من النساء الجواري المسلمات أو السبايا و تمهر الجواري بسؤال سيدها. وينبغي عليهن ان لايمارسن الفحشاء فاذا ما مارسن ذلك ، فإنهن سيتعرضن لنصف العقوبة التي تتعرض لها النسوة الأحرار، و تزوج النساء الجواري للرجال الذين يوجد خوف من لجوئهم الى الخطيئة أي الذين لا يملكون صبراً على رغباتهم الجنسية، و من خلال ذلك  يظهر أن الإسلام المحمدي هو تمييز مطلق بين نفس النساء أيضاً ، فها هو و بكل وضوح لا يكتفي فقط بعدم النظر الى النساء الجواري بإنسانية بل و انه حتى بعد سبيهن و أسترقاقهن لا يدفع لهن مهورهن او ينظر أليهن على أنهن أقل من النسوة الأحرار، كذلك لا يحسب لهن أي حساب في الزواج و تبديلهن و إهدائهن و حتى أنه وضعهن كذخيرة للرد على الحاجة الجنسية لأولئك الأشخاص غير القادرين على الصبر و التحمل أو غير القادرين على دفع المهر لإمرأة حرة.
في نهاية كل هذه المواضيع يظهر أن الإسلام المحمدي لم يكتف بعدم إعطاء النساء أي حق، بل و أوجد نظاماً إجتماعياً بصالح سلطة الرجل تكون فيه المرأة  إنساناً من الدرجة الثانية و خاضعة لسلطة الرجال و هذه المكانة التي أوجدها الأسلام الأول على يد محمد بن عبدالله.

الاستنتاج : 
يمكن التأكيد على عدد من النقاط كنتيجة لهذا البحث :
أولاً: لقد قام جوهر الاسلام على أساس اللامساواة، فالتصورات الجنسية والذكورية هي أسس الافكار الرجولية وسلطة الرجال في المنظومة التي يديرها الاسلام وينظر الى فرض ذلك على المجتمع والانسان كعمل رباني و لا يمس. وبهذا الخصوص تعتبر الشريعة ومطبقو الشريعة والدين من الرجال نموذجاً لسلطات رجال الرب على الارض حيث منحهم هذه السلطة لابقاء أسس وركائز المجتمع من خلال انعدام المساواة واخضاع النساء.
ثانياً: في نفس الوقت جعل الاسلام من التصورات البالية والتقاليد والاخلاق الجنسية وتخلف المرأة وسائلاً معنوية وثقافية له داخل المجتمع ويسعى لفرضها  كخصائص ثقافية واجتماعية على البشر. فالقانون الاسلامي والشريعة والعقاب هي مناهضة تماماً للمرأة، خصوصاً وأن حرمان النساء من الحقوق في الاسلام، والعنف والضرب، الاهانة و رجم النساء، الحجاب ووضع المرأة بين جدران المنزل الاربع .. كل تلك لها رسميتها وألغيت كافة الحقوق الشخصية والمدنية للنساء في المجتمع وبهذا تعتبر المطالبة بحرية النساء والمساواة في المجتمع بدعة غربية وأجنبية ويرد عليها في الاسلام بالنار والحديد والاعدام والارهاب.
ثالثاً: ان الادعاء بأن الاسلام المحمدي هو حامل لراية المساواة ولكن المفسرين الاسلاميين الذين جاءوا بعده أعطوا تحليلاً خاطئاً عنه، هو تصور بعيد عن الحقيقة. فجوهر الاسلام مثل أية عقيدة دينية سبقته هو عقيدة ذكورية وبطريركية، وتعود ضرورة نشؤها الى الحاجة لالغاء النظام الامومي وتلك المجتمعات التي مازالت تمتلك النساء فيها السلطة في العلاقات الاجتماعية .ان النظام الرجولي الاسلامي ينبع من الاسس الاقتصادية وكان على الاكثر من أجل نشوء وترسيخ الملكية الخاصة والغاء الملكية المشاعية لتلك المجتمعات التي كانت ظروف الانتاج فيها طبيعية وضعيفة . في نفس الوقت فان اعادة كتابة القران وتفسيره من منظار المرأة لايمكنها تحقيق المساواة لان الاسس الاقتصادية للامساوة باقية كما هي.
رابعاً: "الجاهلية" هي تعريف أخلاقي للمجتمع الذي سبق الاسلام. فالاسلام ظهر تماماً ازاء وقبالة فهم اجتماعي للعصر الذي سبقه وبهذا الصدد فان الاسلام لم يكن ثورة بمعنى الخلاص من كيفية سلبية الى كيفية ايجابية من زاوية حقوق النساء، كذلك لم يكن الاسلام قطيعة تامة مع المجتمع الذي سبقه بل ان جذوره كامنة كلياً في الماضي وكتغيير سياسي واجتماعي، كان فقط الغاء تلك الفواصل الاخلاقية والجنسية والمعنوية للعصر الذي سبقه مع الاقتصاد الجديد ومكانة سلطة القبائل والنظام الذي جاء استمرارا لصراعات القبائل وسمي بالفتوحات الاسلامية .
خامساً: ان قضية المرأة وحركتها في "البلدان الاسلامية" تمثل مباشرة حركة وقضية مناهضة للاسلام ، فالاسلام كرؤية للعالم أو كسياسة وسلطة أو كقانون وقيم وثقافة سائدة موجه لقمع النساء وانعدام المساواة وتثبيت انعدام حقوق النساء في المجتمع. والفمنستية الاسلامية مسعى لتقريب قضايا المرأة من الاسلام ونظامه السياسي، وهذا وهم وأسطورة، خصوصاً وأن جوهر الاسلام لاينسجم ويتطابق مع ذلك. فأي خلط لقضايا المرأة وحركتها بالاسلام وتصوراته وقوانينه يعني فقدان استقلال نضال المرأة وتقليم أظافر الراديكالية والحركة الاحتجاجية للمرأة أمام الرجعيين والسلطات المعاصرة، يعني التقليل من حدة نضال المرأة من اجل مساواة و حرية البشر. مصير حركة المرأة ومطالبها في المجتمع المعاصر مرهونة تماماً بتلك الجبهة من المجتمع المتخندقة بدون مساومة في الميدان من أجل تحقيق مجتمع عصري وعلماني غير ديني وغير قومي والتي رفعت مباشرة شعار المساواة التامة بين المرأة والرجل في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية.
             
الهوامش:
*/ في كردستان استخدم مصطلح "الاسلام السياسي" و"الاسلام الاصولي" لفصله عن "اسلام الناس" ،الاسلام الذي تمسك به الاحزاب الاسلامية عن "الاسلام الاول" وهذا نموذج السعي للتمسك بجناح الفمنستية الاسلامية في الحركة النسوية والذي تقوم به الكثير من الاحزاب السياسية في كردستان. لدرجة أن يبرز كل عام أثناء صراع ومواجهات الحركة النسوية ومنظماتها ضد التيارات الاسلامية مطلب أن على النساء احترام الاسلام والشريعة الاسلامية بوصفها جزءا من "مقدسات الامة"
و لا ينبغي عليهن الوقوف بوجهها، بهذا الشكل يخرجون قضية المرأة من حلقة المواجهة و النضال لإعادة الكرامة الإنسانية للمرأة و تحقيق مطالبها المدينة و الشخصية إزاء الإسلام و شريعته و يجعلون من ذلك قضية تجاه بعض الأحزاب الإسلامية التي تتعامل بالإسلام إرتباطاً بالسياسة…
**بلا شك أن المشاركة في حوار "وضع النصوص القرآنية في علاقة بين الذكر – الأنثى" تحمل الكثير من الكلام – التبرير الأول – خصوصاً حين تشير فاطمة المرنيسي و مناصروها في كتاب "الحريم السياسي" أن محمدا كان ضد العنف إزاء النساء الاّ أن عمر بن الخطاب و أمثاله قد غيروا معنى النصوص القرآنية حول حق ضرب النساء حيث حسم الطبري و المفسرون الآخرون هذه القضية لصالح الرجال نحن و من أجل عدم الإبتعاد عن بحثنا الحالي نتخلى عن هذا المستوى من البحث لفرصة أخرى في الحديث بهذا الخصوص.
***إن عبارة "الجاهلية" إذا كان لها تبرير منطقي لدى محمد الذي عاش البداوة قبل 1200 عام حيث أعتبر المجتمع الذي سبقه جاهلاً و فاسداً أخلاقياً بشكل تام، ليس هناك من تبرير بالنسبة لأشخاص مثل سيد قطب و عباس محمود العقاد، هؤلاء المفكرون الإسلاميون الذين يريدون فرض نموذج الأسلام الأول لما قبل 1200 عام كسبيل حل على الجماهير، يستفيدون مجدداً من نفس عبارة "الجاهلية" و يضطرون للقول أن المجتمع الحالي هو مجتمع الجهل و الفساد الأخلاقي المطلق، هذا في وقت أستعرض فيه عالم العلم و العقل و التكنولوجيا أقصى درجات تطوره، في نفس الوقت أدرك المجتمع المعاصر أن الفساد التام للأخلاق الإسلامية و جهل هذا النظام نقطة سوداء في جبينه، فالمجزرة الجارية في الجزائر و الباكستان و افغانستان و ايران، وحتى كردستان على يد الاسلام، و كذلك الممارسات التي تقوم بها الحركة و الأحزاب و سلطاتها في أي بلد، ليست سوى بقايا الجهل و التخلف و القمع الأسود.
****إن نموذج الإسلام الخميني يثبت هذا الحقيقة في التأريخ المعاصر ,فالخميني أعتبر المجتمع الذي سبقه مجتمع الفساد الأخلاقي لعصر الجاهلية و بهذا دعا الى الثورة الإسلامية، ثم برهن أنه لم يعجز فقط عن المجيء بأية تغيرات بصالح المرأة و مطالبها مقارنة بالنظام الملكي، بل انه قام منذ البداية بتقييد نصف المجتمع و تحجيبه و سلب أي مكسب كان لدى النساء.فضرب النساء، الحجاب، الختان، الرجم، الضرب، الأهانة لحد منع الإختلاط ، فتح مكاتب زواج المتعة… كل تلك كانت مكاسب النساء في الثورة الإسلامية الايرانية و جرى هذا تحت أسم الصراع مع الكفر و الجهل.
المصادر:
استفاد البحث من المصادر التالية:
*/ ماركس-" العمل المأجور و رأس المال"،  الرسائل المختارة -ماركس و انجلز.
*/ نصر حامد أبو زيد- "مفهوم النص "
*/ الطيب تيزيني- " الجزء الرابع من مشروع رؤية جديدة للفكر العربي مقدمات أولية في فكر الإسلام المحمدي الباكر".
*/ أبو حامد الغزالي- "احياء علوم القرآن"
*/ سيد قطب-"معالم على الطريق"
*/ فاطمة المرنيسي- "الحريم السياسي"
*/ عبد الخالق معروف- "الأنسان في المجتمع الكردي"
*/مجموعة من أعداد صحيفة (يةكسانى\المساواة) صحيفة منظمة النساء المستقلة الصادرة باللغة الكردية.

 

النساء/  4-5/  تموز 2002

يصدرها مركز دراسات المرأة في الشرق الاوسط

الفهرس