سورة الفاتحة

واخيراً, اريد بنعمة الله ان الفت نظر اخي المسلم المخلص الى ما جاء في سورة الفاتحة, في بدء القرآن الكريم . هذه الصلاة الجميلة التي كتب فيها : "باسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ".

ان هذه القطعة الجميلة من الصلاة, وقد اعتاد اخي المسلم ترديدها دائماً, وفي كل المناسبات, هي عبادة لله سبحانه تعالى, وتعبير عن الرضوخ لسلطانه.وهي طلبٌ لعونهِ وهديهِ الى الصراط او الطريق المستقيم.

والواضح من قراءة الفاتحة, انها لا تمثل طلباً للارشاد الى صراطٍ مستقيمٍ جديد آخر.بل الى الصراط الواحد المعروف, الذي سار عليه الذين انعم الله عليهم (فيقول صراط الذين انعمت عليه غير المغضوب عليهم. ولا الضالين).

ان اليهود في القرآن كما في غيره من الكتب,هم من المغضوب عليهم ومن الضالين, لانهم لم يقبلوا نعمة الله, التي انعم بها عليهم ,كي يكفَّر عن خطاياهم. بل رفضوا المسيح ونعمته المقدمة لهم مجاناً, واحتقروها, واداروا لها الظهر. بذلك يقول الرسول العربي : "وضُرِبَت عليهم الذلة والمسكنة وباءً وبغضبٍ من الله ذلك لانهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغيرحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون", سورة البقرة ( 61).وجاء في سورة النساء قوله : "فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الانبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا. وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيماً" سورة النساء ( 154و155). وقد كتب ايضا في سورة المائدة عن اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح وكفارته وهم محسوبين من اهل الكتاب ايضاً قال : "ولو ان اهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفَّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل وما أُنزل اليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم. منهم امة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون "(المائدة (64و65)

ونختم هذا المقطع في الآية التي تقول: "لتجدنَّ اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا.ولتجدنَّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انَّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وانهم لا يستكبرون .واذا سمعوا ما أُنزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع ممَّا عرفوا من الحق . يقولون ربنا آمنَّا فاكتبنا مع الشاهدين (راجع سورة المائدة 81و82).الخ.

فإن اليهود بالنسبة الى القرآن,هم قوم من المغضوب عليهم ومن الصالين. لذلك, لم يبق اذا من اهل الكتاب اصحاب الصراط المستقيم, سوىالمسيحيين منهم.الذين انعم الله عليم بكفارته وقد قبلوها مع الشكر. فهم اذاً اصحاب الصراط المستقيم الذين يأتي أمر الله الى المسلمين الجدد ان يهتدوا بهديهم . ويقتدوا خطواتهم.بالسير الى الله في الصراط المستقيم. وهو الصراط اللذين انعم الله عليهم بالمحبوب وكفارته وغفرانه. وسوف لا يوجد صراط آخر غير الذي وضعه الله وقد كتبها رسول المسيح بالكتاب المنير اذ يقول: "لأنه ليس باحد غيره الخلاص.لان ليس اسم آخر تحت السماء قد اعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص" (اقرأ الانجيل سفر اعمال الرسل 12:4)الخ .

وهذه الحقيقة هي في التوراة والانجيل والقرآن. وسوف لاتتغير ولا تتبدل او تتحرف مطلقا. وذلك لأمرين مهمين

اولاً: --ان اهل الكتاب ولا سيما المسيحيين منهم , هم مسلمون اصيلون. وذلك قبل القرآن بزمن بعيد وبعده. ونستطيع ان نقول بكل اعتزاز في الله,انهم اصل الاسلام وذريته,ذلك بشهادة القرآن نفسه.وفي رأس قائمتهم ابراهيم أب المؤمنين , ويعقوب واولاده الاسباط, وموسى كليم الله وصحبهِ, والانبياء, والمسيح عيسى ابن مريم , وتلاميذه الحواريين المؤمنين بالله وكفارته. يقول في سورة ال عمران ( 52). "فلما احس عيسى منهم الكفر قال من انصاري الى الله قال الحواريون (وهم تلاميذ المسيح ) نحن انصار الله آمنا بالله واشهد بانا مسلمون". وقد أُمر الرسول محمداً ان يكون واحداً منهم الانعام ( 163) . وقد أُمر ايضاً مع شعبه ان يقتدي بهم ويهتدي بهديهم, سورة الإنعام (90) وسورة النساء (60)

فلماذا اذاً كل هذا البعد والجفاء والمقاطعة لشعبٍ مؤمنٍ هم أقربهم مودةً .للذين آمنوا.يقول القرآن : "قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا يعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا أشهدوا بأنَّا مسلمون (ال عمران 64)

ثانياً: "لانهم يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسرعون في الخيرات وهم من الصالحين". ( ال عمران 112) "واذاَ سمعوا اللغوَ (اي الكلام الباطل الذي لا يرضي الله ),اعرضوا عنه وقالوا لنا اعمالنا ولكم اعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" سورة القصص (55) "وهم ايضا على صلاتهم يحافظون (سورة الانعام" ( 91 ).

وفي سورة الانعام (88و89 ) يامر القرآن محمداً ان يقتدي باهل الكتاب,ويسير في خطاهم.اذ يقول له : "اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فان يكفر بها هؤلاء", (وعبارة هؤلاء, تعني بعض النصارى الاسميين داخل الجزيرة العربية) "فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين" (هم اهل الكتاب المسيحيون الانجيليون الحقيقيون في العالم الذين اوكلهم الله برسالته) "اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده". وفي سورة الاعراف (161) يقول له :"قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة براهيم حنيفاً وما كان من المشركين,..ويتابع: لاشريك له وبذلك أُمرت وانا اول المسلمين".ان حياة المسيحيين الانجيليين المؤمنين الذين دُعوا في القرآن باهل الكتاب تشهد لهم في كل عصورهم انهم ابناء الله بالمسيح, اذ انهم قد تابوا وقبلوا مشورة الله وكفارته لاجل سيئاتهم وخطاياهم فغفرت لهم. بهذا العمل قد اصبحوا خلائق جديدة واولاد آدم آخر هو المسيح آدم الثاني والاخير. يقول الانجيل:"ان كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة. الاشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدا" ,(راجع الانجيل 2كو 17:5)

بقي لنا ان نعلم من كتب الله , انه عندما يقترب الانسان بالصلاة الى الله سبحانه, عليه ان يؤمن اولا ان الله موجود وانه وانه يجازي الذين يطلبونه(راجع الانجيل عب6:11), وهو يستجيب الصلاة, لانه السميع المجيب. وإلاَّ ان كان الله لا يستجيب صلاتنا فلماذا علمنا ان نصلي هكذا ؟ . وتأتي استجابته لصلواتنا ولا يسأل عن اعمالنا واستحقاقنا,عندما نطلب من كل قلوبنا الهداية والارشاد الى صراطه المستقيم. الصراط الذي سار عليه الآباء والانبياء قديماً واهل الكتاب ومنهم المسيحيين وهم ما يزالون . وقد أشارالرب يسوع المسيح الى هذا الصراط , او الطريق , انه ضيق ,وقليلون هم الذين يجدونه .

ولكن عندما نشعر اننا مختارون من الله ان نكون من هذه الاقلبة, وان الروح القدس قد إبتدأ يشهد لارواحنا اننا قد اصبحنا اولاداً لله بقبولنا المسيح وكفارته, (راجع الانجيل رومية 16:8وسورة ال عمران (55 وانجيل يوحنا12:1).) ونتأكد من صدق مواعيد الله لنا, عندئذ علينا ان نوقف هذا النوع من الطلب المستمر, ونتوجه اليه بالحمد والثناء, رافعين قلوبًا ملؤها الفرح والشكر, لاستجابته لصلواتنا وهدايتنا الى الصراط المستقيم. لا ان يبقى هذا الانسان من الولادة الى الممات يطلب ويصلي ويردد الكلمات عينها قائلا :"اهدنا الصراط المستقيم, اهدنا الصراط المستقيم, صراط الذين انعمت عليهم, غير المغضوب عليهم ولا الضالين . ويبقى هذا الانسان المصلِّي متلهِّياً في اموره الارضية, وبعيداً عن الصراط المستقيم, ومن المغضوب عليهم والضالين .حيث انه لم يقبل في حياته القصيرة هذه نعمة الله,وطريقه للخلاص , وقد اجاب المسيح احد المؤمنين به عند ما سأله عن الطريق (أي الصراط) الى الله:"انا هو الطريق والحق والحياة. لا احد يستطيع ان يأتي الى الاب الاَّ بي"(الانجيل يو6:14) فان كنت يا اخي ممن يتمنون ان تكون صلاتهم مستجابة عند الله, اقبل,الذبح العظيم,عيسى ابن مريم. الوجبه في الدنيا والآخرة. الذي مات عنك وكفَّرَ عن خطاياك. وقدِّم صلاتك من الآن وصاعدا الى الآب بإسمه, فانه هو وحده الذي استطاع القول: "ومهما سألتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الآب بالابن. ان سألتم شيئاً بإسمي فإني افعله" راجع الانجيل (يو3:14-6). وقد صرح المسيح عالياً لكل من لم يزل يفتش عن (الطريق ) المستقيم:"انا هو الطريق والحق والحياة لا احد يستطيع ان ياتي الى الآب الاَّ بي".وبابه لم يزل الى الآن مفتوحا وهو ينادي ويقول:"تعالوا اليَّ ياجميع المتعبين والثفيلي الاحمال وانا اريحكم احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب.فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف"(الانجيل بحسب متى25:11-30)

عودة الى الصفحة الرئيسية