الرجوع الى جامعية الله وواحديته في القرآن

لنعد الآن الى التأمل في واحدية الله وجامعيته كما أعلنت في الكتب التي نؤمن بقداستها. وعلينا إطاعتها. فالذي نقرأه في التوراة عن جامعية الله سبحانه,كذلك نقرأهُ في الانجيل . وها اننا الآن نقرأه في القرآن . فهو كثيرا ما يتكلم عن الله في صيغة الجمع . فكأني بالله سبحانه يريدُ ان يعلنَ واحديَّته الجامعة على كل الملا وفي كل الالسنة والاوقات والظروف. لذلك نقرأ في القرآن قوله عن ذات الله: "انَّا نحن انزلنا الذكر وانَّا له لحافظون"سورة الحجر ( 8 ).

ويقول ايضا: "سنَّةَ من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنَّتِنَا تحويلاً" سورة الاسراء (77). ونراه .احيانًا كثيرةيتكلم عن الله في صيغة الفرد وليس في صيغة الجمع .كقوله مثلاً في الآية (39) من سورة البقرة: "يا بني اسرائيل أُذكروا نعمتي التي أنعَمْتُ عليكم وأوفوا بعهدي أُوفي بعهدكم وإيايَ فارهبونِ". فلم يقل هنا يا بني اسرائيل اذكروا نعمتنا واوفوا بعهدنا ونوفي بعهدكم. وقوله ايضا في (سورة المائدة 2): "اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً".فلم يقل اليوم اكملنا او اتممنا عليكم نعمتنا ورضينا لكم الاسلام ديناً. فان الله هنا يتكلم في اقنوميته وليس في جامعيته. والاسلام الصحيح في القرآن هو المسيحية عينها. التي تؤمن في واحدية الله وجامعيته في آن واحد.وقد أُمِرَ الرسول الكريم مع شعبه ان يقتدي بهؤلاء ويتبع صراتهم المستقيم (راجع سورة الفاتحة وسورة الانعام (90) الخ.

وان في القرآن آيات كثيرة تتكلم عن واحديةِ الله في صيغة الفرد, وأياتٍ أخرى تتكلم عن واحديته في صيغة الجمع والفرد معاً كنظيرَيهِ كتاب موسى وعيسى.كقوله مثلاً في سورة البقرة ( 252): "تلك الرسل فضَّلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورَفَعَ بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بالروح القدس"

ومكتوب عن آدم أَب البشر بعد ان اخطأ امام الرب: "قلنا اهبطوا منها جميعاً فإمَّا يأتِيَنَّكُم مني هدًى فمن تبع هدايَ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (سورة البقرة (37) الخ.

هذه بعض الآيات التي اوردناها هنا, ويوجد الكثير نظيرها في القرآن كما في التوراة . فيها يتكلم القرآن عن ذات الله في صيغة الجمع, وهو الواحد الاحد فيقول نحن. وفي صيغة الفرد, وهو الإله الجامع فيقول انا. وبعدها نسمعه يتكلم للبشر في صيغة الواحد الفرد المجرد, مشيراً الى اقنوميتهِ كمتكلمٍ عاديٍّ بسيطٍ مع جماعته, مثال على ذلك قوله:.."يَئِسَ الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشونِ اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً "(راجع سورة المائدة آية3).

فمن المرجح في هذا, لكي يلفت انتباه العرب لتقبُّل الحقائق الالهية كما جاءت في كتب الله, مع كل صعوباتها, كما يكتبها الوحي المقدس . وليس بحسب عقول البشر المادية التي لا تمت بأيةِ صلةٍ للامور الروحية, التي هي من الله. يقول الانجيل في هذا : "ولكن الانسان الطبيعي لا يَقبَلُ ما لروح الله لانه عنده جهالة . ولا يقدر ان يعرفه لانه إِنَّما يُحْكَمُ فيه روحياً. واما الروحي فَيَحْكُمُ في كل شيء وهو لا يُحْكَمُ فيه من احد. لأنه من عرف فكرَ الرب فَيُعَلِّمَهُ.اما نحن فلنا فكر المسيح"(راجع الانجيل 1كو14:2-16).

عودة الى الصفحة الرئيسية