خمس خلافات جوهرية بين الفكر الإسلامى والعقيدةالمسيحية
1. عقيدة الثالوث عند المسيحيين :-
تؤمن المسيحية بأن الله شخص
حى ،ليس جسما ماديا ،يمكن ان يرى ويلمس ،او يدرك بالحواس .لكن الله كما قال السيد
المسيح : روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى ان يسجدوا (يو4 : 24 )
وهوايضا ابو الارواح ،اذ ابدع الانسان على صورته كشبهه .هكذا نقرأ فى الكتاب
المقدس : قال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا (تكوين 1: 26 )
وهذا الاله الواحد يتميز بانه
ذو ثلاثة اقانيم متمايزة: الآب والابن والروح القدس وهؤلاءالثلاثة هم واحد فى
الجوهر
ويمكن تلخيص هذه
العقيدة فى النقاط الآتية :-
1 - ان لكل من الاقانيم
الثلاثة ما للاخر من الالقاب والصفات الالهية وان كل من الآب والابن والروح القدس
يستحق العبادة والاكرام
2 -من الكتاب المقدس نجد
انه كما للآب من كرامه كذلك الابن ( ليكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب )
يو5
: 12 كما ذكر لنا الكتاب ايضا عن لاهوت الروح القدس (الله روح والذين يسجدون له
فبالروح والحق ينبغى ان يسجدوا ) يو 4: 24
3- فى التمايز الثالوثى نجد ان
كلا من الآب والابن والروح القدس يقول عن ذاته (انا ) كما ان كلا منهم يقول
للاخر( انت ) ويقول عنه فى الغيبة (هو) كما ان الآب يحب الابن والابن يحب الآب
والروح القدس يشهد للابن ويمجده
وقد شرح لنا القديس اثناسيوس
الرسولى هذا الفكرقائلا (يجب علينا الا نتصور وجود ثلاثة جواهر منفصلة عن بعضها
البعض فى الله لئلا نصير كالوثنيين الذين يملكون عديدا من الآلهة ولكن كما ان
النهر الخارج من الينبوع لا ينفصل عنه وبالرغم من ذلك فان هناك بالفعل شيئين
واسمين لان الآب ليس هو الابن كما ان الابن ليس هو الآب فالآب هو اب الابن والابن
هو ابن الآب وكما ان الينبوع ليس هو النهر والنهر ليس هو الينبوع لكن لكليهما نفس
الماء الواحد الذى يسرى فى مجرى الينبوع الى النهر وهكذا فان لاهوت الآب ينتقل فى
الابن بلا تدفق او انقسام ) وقد شرح لنا نيافة الانبا بيشوى سكرتير المجمع
المقدس ومطران دمياط وتوابعها فى مذكرة اللاهوت العقيدى (ان هذه الاقانيم تشترك
معا فى جميع خواص الجوهر الالهى الواحد وتتمايز فيما بينها بالخواص الاقنومية
0فالآب هو الاصل او الينبوع فى الثالوث وهو اصل الجوهر واصل
الكينونة بالنسبة للاقنومين الآخرين 0والابن هو مولود من
الآب ولكنه ليس مجرد صفة بل اقنوم له كينونة حقيقية وغير منفصل عن الآب لانه كلمة
الله ؛ والروح القدس هو ينبثق من الآب ولكنه ليس مجرد صفة بل اقنوم
له كينونة حقيقية وغير منفصل عن الآب لانه روح الله
الآب هو الينبوع الذى يتدفق
منه بغير انفصال الابن الوحيد بالولادة الازلية قبل كل الدهور وكذلك الروح القدس
بالانبثاق الازلى قبل كل الدهور )
وحينما نتأمل هذه العقيدة
نجد انفسنا امام سر من اعمق اسرار الوجود والحياة . ونجد اللغة لعاجزة عن التعبير
عن عمق هذا السر .
والامر المتيقن ان المسيحين
، لم يأخذوا عقيدة الوحدانية والثالوث من بشر . اى لم تأتهم من انتاج فكر بشرى .
بل آمنوا بها كحقيقة معلنة من الله من خلال كتابه المقدس .
ولقد كان المسيحيون فى أيام
الرسل ، وحتى بداية القرن الثانى الميلادى لا يفكرون فى وضع صيغة معينة للعقائد
المسيحية ، اذ كانوا يتعلقون بهذه العقائد ويمارسون مبادئها ،كما جاءت فى الكتاب
المقدس ،دون ان يضعوا لها شكلا معينا وموحدا . وحين كانت تعترضهم مشكلة او صعوبة
ما، كانوا يرجعون الى الرسل ، والى تلاميذهم من بعدهم . الى ان قامت بعض البدع،
واثارت خلافات حول بعض النقاط ، اهمها مركز المسيح ، او الروح القدس من اللاهوت ،
فصارت الحاجة ماسة الى ان تقول الكنيسة كلمتها الفاصلة فى هذا النزاع الخطير .
وخصوصا حينما انتشرت آراء سابليوس و آريوس . فالاول قال : ان وحدانية الله مجردة
من الثالوث . اما الكلمة الآب والابن والروح القدس فليست سوى تجليات ومظاهر لله .
اما الثانى ، فقد نادى بعدم مساوات الابن والروح القدس بالآب . لان كلاهما حسب
ادعائه مخلوق . وعلى هذا الاساس ، يكونان اقل منه ، وان كان الآب جعلهما مشابهين
لطبيعته الالهية .
فرفضت الكنيسة هذه الآراء
بسبب مناقضتها للكتاب المقدس ، الذى يعلم صراحة بأنه لم يكن هناك زمن ، لم يكن
فيه كل من الآقانيم قائما بذاته . اذ كان الابن قائما مع الآب منذ الازل . اذ
نقرأ فى ( المزمور 110: 1 ) قال الرب لربى اجلس عن يمينى . ونقرأ فى المزمور (16:
8 ) ماقيل بلسان الابن : جعلت الرب أمامى فى كل حين ، لأنه عن يمينى ، فلا أتزعزع
.هذا بخلاف آيات كثيرة سوف نذكرها فيما بعد
ولقد تصدى لهذه الافكار كثير من
الاباء الاوائل ومن اكثر هؤلاء الآباء الذين شرحوا هذه العقيدة القديس اثناسيوس
الرسولى فى مقاومته لاريوس ويمكن اجمال تعاليمه فيها الى ما يلى :-
1.
كل من ابتغى الخلاص وجب
عليه قبل كل شىء ان يتمسك بالايمان الجامع ، للكنيسة المسيحية .
2.
هذا الايمان الجامع ،هو
ان نعبد الها واحدا فى ثالوث ، وثالوثا فى توحيد .
3.
لانمزج الاقانيم ولا نفصل
فى الجوهر .
4.
ان للآب اقنوما ، وللابن
اقنوما ، وللروح القدس اقنوما ، ولكن الآب والابن والروح القدس لاهوت واحد ، ومجد
متساو وجلال ابدى معا .
5.
كما هو الآب ، كذلك الابن
، وكذلك الروح القدس .
6.
الآب غير مخلوق ، والآبن
غير مخلوق ، والروح القدس غير مخلوق ، ولكن ليسوا ثلاثة غير مخلوقين بل واحد غير
مخلوق .
7.
الآب غير محدود ، والابن
غير محدود ، والروح القدس غير محدود ، ولكن ليسوا ثلاثة غير محدودين بل واحد غير
محدود .
8.
الآب سرمد ، والابن سرمد
، والروح القدس سرمد ، ولكن ليسوا ثلاثة سرمديين ، بل سرمد واحد .
9.
الآب ضابط الكل ، والابن
ضابط الكل ، والروح القدس ضابط الكل . ولكن ليسوا ثلاثة ضابطين الكل ، بل واحد
ضابط الكل .
10.
الآب اله ، والابن اله ،
والروح القدس اله ، ولكن ليسوا ثلاثة آلهة بل اله واحد .
11 - الآب رب ، والابن رب ،
والروح القدس رب . ولكن ليسوا ثلاثة ارباب بل رب
واحد .
1.
وكما ان الحق المسيحى
يامرنا بان لا نعترف بان كلا من هذه الاقانيم بذاته اله ورب هكذا الدين الجامع
ينهانا عن القول بوجود ثلاثة الهة وثلاثة ارباب
2.
فاذ لنا اب واحد لا ثلاثة
آباء وابن واحد لا ثلاثة ابناء وروح قدس واحد لا ثلاثة ارواح قدس ؛
3.
ليس فى هذا الثالوث من هو
قبل غيره او بعده ولا من هو اكبر او اصغر منه ولكن جميع الاقانيم سرمديون معا
ومتساوون .
4.
لذلك فى جميع ما ذكر يجب
ان نعبد الوحدانية فى ثالوث ونعبد الثالوث فى وحدانية
5.
الايمان المستقيم هو ان
نؤمن ونقر بان ربنا يسوع المسيح هو اله من جوهر الآب مولود قبل الدهور وانه انسان
من جوهر امه مولود فى هذا الدهر .
6.
وهو وان يكن الها وانسانا
انما هو مسيح واحد لا اثنان وقد صار انسانا ليس باستحالة لاهوته الى جسد بل
باتخاذ الناسوت الى اللاهوت .
وقد نسال ما هو المرجع الذى
بنيت عليه تفسير هذه الوحدانيه ؟
ان المرجع الوحيد والاوحد فى
تفسير هذه الوحدانية هو الكتاب المقدس فقد شهد بانها وحدانيه شاملة تكشف لنا عن
طبيعة هذا الثالوث الاقدس
ان من يدرس الكتاب المقدس
يدرك ان الله متصف بصفات كالسمع والبصر والكلام والعلم والارادة والمحبة لانه
تعالى ذات له علاقة بمخلوقاته التى تتصف بهذه الصفات وانه من المؤكد ان هذه
الصفات لم تكن معطلة فى الازلية اى قبل ان يخلق هذه الكائنات وهذا يفيد ان له
المجد كان يمارس هذه الصفات ولكى يمارسها فلا يمكن ان تقوم الا بين اكثر من كائن
عاقل وهذا يؤكد وجود الاقانيم الثلاثة منذ الازل فى وحدانية الله
وحدانيه الاقانيم فى
الجوهر :-
1:- فى الالوهيه :-
جاء فى الكتاب المقدس عن
الآب انه الله ابونا (وربنا يسوع المسيح نفسه والله ابونا الذى احبنا واعطانا
عزاء ابديا ورجاء صالحا بالنعمة ) 2تس 2: 16وايضا فى يو8 : 41 (لنا آب واحد وهو
الله ) وفى افسس 4 : 6 (اله آب واحد للكل الذى على الكل )
كما جاء عن الابن انه الله (واما
عن الابن كرسيك يا الله الى دهر الدهور قضيب الاستقامة قضيب ملكك ) عب 1 : 8
كما جاء عن الروح القدس انه
الله ( يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس ....انت لم تكذب
على الناس بل على الله ) اع 5 : 3 –5
2 – فى كلمة رب :-
جاء فى الكتاب المقدس عن اآب انه رب ( فى تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال :
احمدك ايها الآب رب السماء والارض ) لوقا 10 : 21
كما جاء عن الابن انه رب (
الكلمة التى ارسلها لبنى اسرائيل بالسلام يسوع المسيح هذا رب الكل ) اع 10 : 26
وجاء عن الروح القدس انه رب
(واما الرب فهو الروح وحيث روح الرب فهناك حرية)
3- فى الازلية :-
ذكر الكتاب المقدس عن الآب انه ازلى ( الآب اله دانيال لانه الاله الحى القيوم
الى الابد ) دانيال 6 : 26
والابن ازلى ( انا هو الالف
والياء البدايه والنهاية يقول الرب الكائن والذى كان والذى ياتى ) رؤ 1 : 8
والروح القدس ازلى (فكم
بالحرى يكون دم المسيح الذى بروح ازلى قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم عن
اعمال ميتة لتخدموا الله الحى ) عب 9 : 14
4- الحضور فى كل زمان
ومكان :- الاب (اله وآب واحد للكل الذى على الكل وبالكل وفى كلكم ) افسس 4 :
6
الابن ( حيثما
اجتمع اثنين او ثلاثة باسمى فهناك اكون فى الوسط )
الروح القدس (الى
اين اذهب من روحك اين اهرب ؟ ان صعدت الى السماء فانت هناك وان فرشت فى الهاوية
فها انت ان اتخذت جناحى الصبح وسكنت فى اقاصى البحر فهناك ايضا تهدينى ) مز 139
: 8 – 10
5- استحقاق السجود :-
الآب (تاتى ساعة وهى الان حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق )
يو 4 : 23
الابن (لكى تجثوا
باسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الارض ومن تحت الارض ويعترف كل لسان ان
يسوع الكسيح هو رب لمجد الله الاب
الروح القدس يعين
المؤمنين لتقديم السجود ( وكذلك الروح ايضا يعين ضعفاتنا لاننا
لسنا نعلم ما نصلى لاجله كما ينبغى ولكن الروح نفسه يشفع فينا بانات لا ينطق بها
) رومية 8 : 26 – 27
6- فى صفه الحق
:- الآب حق ( اليها الآب
قدسهم فى حقك كلامك هو حق )يو 17 : 7
الابن حق ( قال يسوع انا
هو الطريق والحق والحياة ليس احد ياتى الى الاب الا بى ) يو 14 :6
الروح القدس حق (قال يسوع
وانا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد روح الحق الذى لا
يستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه واما انتم فتعرفونه لانه ماكث
معكم ويكون فيكم ) يو 14 : 16 – 17
7- فى المحبة :-
الآب محب (قال يسوع لان الآب نفسه يحبكم لانكم قد احببتمونى وآمنتم انى من عند
الله خرجت ) يو 16 : 7
الابن محب ( انتم احبائى ان
فعلتم ما اوصيكم به لااعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكنى قد
سميتكم احباء لاننى اعلمتكم بكل ما سمعته من ابى ) يو 15 : 14- 15
الروح القدس محب ( لان الله لم
يعطينا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح ) 2 تى 1 :7
8- القداسة :-
الآب قدوس ( ايها الاب القدوس احفظهم فى اسمك ) يو 17 : 11
الابن قدوس ( الروح القدس يحل
عليك وقوة العلى تظللك لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله )
لوقا 1 : 35
الروح القدس قدوس ( ولا
تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء ) افسس 4 : 30
ب- عقيدة الثالوث
الاقدس فى الاسلام :-
يتهم
الاسلام المسيحيين بانهم يعبدون ثلاثة آلهة بل انهم فى بعض نصوصهم يتهكمون على
هذه العقيدة حيث وجدها تخالف الوحدانية التى نادى بها وإتهم النصارى بالشرك بالله
والغلو فى دينهم بعد أن كان يمدحهم وقد هاجم الاسلام هذه العقيده قائلا:-
1- فى سورة "المائدة 73"
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من آلة إلا إله واحد وأن لم ينتهوا
عما يقولون ليمسسن الذين كفروا منهم عذاب آليم).
ويستعرض الرازى هذه العقيدة
قائلا ( حكوا عن النصارى انهم يقولون جوهر واحد وثلاثة اقانيم آب وابن وروح قدس
وهذه الثلاثة اله واحد كما ان اسم الشمس يناول القرص والشعاع والحرارة وعنوا
بالاب الذات وبالابن الكلمة وبالروح الحياة ......وقالوا ان الكلمة التى هى كلام
الله اختلطت بجسد عيسى اختلاط الماء بالخمر واختلاط الماء باللبن وزعموا ان الاب
اله والابن اله والروح اله
ويختم الرازى كلامه : واعلم
ان هذا معلوم البطلان ببديهية العقل فان الثلاثة لا تكون واحدا والواحد لا يكون
ثلاثة )
2 – وايضا فى سورة المائدة
116 ( وإذ قال الله يا عيسى أبن مريم أأنت قلت للناس أتخذونى وأمى إلهين من دون
الله قال سبحانك ما تكون لى أن أقول ما ليس لى بحق أن كنت قلته فقد علمته تعلم ما
بنفسى ولا أعلم ما بنفسك أنت علام الغيوب)
ويعلق البيضاوى (أن الألهة ثلاثة: الله والمسيح ومريم ويشهد عليه قوله أأنت قلت للناس إتخذونى وأمى آلهين من دون الله أو الله ثلاثة إن صح إنهم يقولون: الله ثلاثة أقانيم الآب والإبن والروح القدس ويريدون بالآب الذات وبالأبن العلم وبروح القدس الحياة ونحن نقول وإن صح أن المسيحيين يقصدون بالآب الذات وبالإبن العلم وبالروح القدس الحياة فذلك لا يدل على تعدد الذات الإلهية لأن العلم والحياة فى الله هم ذات الله بعينها.)
ويقول الرازى (قوله ثلاثة خبر
مبتدأ محذوف ثم إختلفوا فى تعيين المبتدأ هل هو : الأقانيم الثلاثة. أم آلهتنا
ثلاثة. أم هم ثلاثة. سيقولون ثلاثة وذلك لأن ذكر عيسى ومريم مع الله بهذه العبارة
يوهم كونهما إلهين. ثم يعرض رآيه عن (أن الله واحد بالجوهر ثلاثة بالأقانيم)
قائلا :-
(أعلم أن مذهب النصارى مجهول
جدا والذى يتحصل منه أنهم اثبتوا ذاتا موصوفة بصفات ثلاثة إلا أنهم وأن سموها
صفات فهى فى الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها فلهذا المعنى قال "ولا تقولوا ثلاثة
أنتهوا ")
كما يستعرض الرازى قائلا :- (
فى هذا القول مسائل:-
المسألة الأولى:
أنه معطوف على قول الله:
"ياعيسى أبن مريم أذكر نعمتى عليك" (المائدة 110).فهو يذكره هنا بوجاهته يوم
القيامة.
المسألة الثانية:
أن الله وهو علام الغيوب كان عالما بأن عيسى لم يقل ذلك فليس لائقا بعلام الغيوب
أن يسأله فلماذا يخاطبه؟ إن قلتم أن الغرض من توبيخ النصارى وتقريعهم ،هو انهم
يدعون بالوهية عيسى ومريم من دون الله فنقول أن أحدا من النصارى لم يذهب إلى هذا
القول فكيف يجوز أن ينسب هذا القول لهم ، مع أن أحدا لم يقل به؟.
والجواب
عن السؤال الأول انه أستفهام على
سبيل الإنكار. والجواب على السؤال الثانى: أن الآله ، هو الخالق والنصارى يعتقدون
أن خالق المعجزات التى ظهرت على يد عيسى ومريم ، هو عيسى ، والله ما خلقها البته.
وإذا كان كذلك فالنصارى قد قالوا أن خالق تلك المعجزات هو عيسى ومريم ، والله
تعالى ليس خالقها. فصح أنهم أثبتوا فى حق بعض الأشياء كون عيسى ومريم إلهين له.
مع أن الله تعالى ليس إلها. فصح بهذا التاويل هذه الحكاية والرواية).
وعلى
أى حال ، فقد أختلف مفسرو القرآن فى تحديد الوقت الذى فيه طرح الله هذا السؤال
على عيسى. فالسدى مثلا يقول أن الله لما رفع عيسى أبن مريم إليه ساله: أنت قلت
الناس أتخذونى وأمى آلهين؟ أما قتادة فيقول: أن السؤال لم يطرح بعد ، وإنما سيطرح
فى القيامة ويوافقه فى راية أبن جريح وميسرة.
3 - كما ذكر الاسلام ايضا فى
سورة النساء 170 ( يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق
إنما المسيح عيسى أبن مريم رسول الله وكلمته القاها إلى مريم وروح منه فآمنوا
بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة أنتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد.)
قال
أبو جعفر الطبرى فى تفسيرهذه الآيه : يا أهل الأنجيل من النصارى لا تجاوزوا الحق
فى دينكم فتفرطوا فيه ، ولا تقولوا فى عيسى غير الحق... انتهوا أيها القائلون:
لله ثالث ثلاثة ، عما تقولون من الزور والشرك بالله. فإن الأنتهاء عن ذلك خير لكم
من قوله ، لما لكم عند الله من العقاب العاجل لكم.
والمشكلة المعقدة فى الإسلام هو
الأعتقاد بأن التثليث يعنى ثلاثة آلهة: الله والمسيح ومريم مع أن المسيحية (سواء
قبل الإسلام أم بعده) لا تؤمن بهذا ولا توجد آيه واحده بالانجيل تدعوا الى عباده
الله والمسيح ومريم العذراء كما ان موضوع كلمة تثليث لم ترد أبدا بمعنى ثلاثة
آلهة كما شرحنا سابقا ولا نؤمن بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة ولكن هذه أفكار
بعض المبتدعين والذين رفضتهم الكنيسة فالتصقوا بعرب الجاهلية ومنه أخذ الإسلام
الفكر المشوه عن المسيحية.
ونتيجة للمفهوم الخاطىءعن
الثالوث ظهرت مشكلة اخرى وهى مفهوم البنوه لله