من قائل، أنا لست مستحق أن أحلل سيور حذائه، وعن من قيلت؟
وهل قالها المسيح لآخر؟
لماذا كان تعريف يوحنا ابن زكريا لنفسه إجابة على سؤال رؤساء اليهود؟
كان سؤال رؤساء اليهود واضحاً عندما سألوا يوحنا ابن زكريا وقالوا له: " ماذا تقول عن نفسك؟ فأجابهم: أنا صوت صارخ في البرية، قوموا طريق الرب كما قال النبي إشعياء". وهذه إجابة غريبة يمكن أن يقال عنها إجابة نبوية. فاليهود أرادوا أن يجيب يوحنا ابن زكريا إجابة دينية بمعنى أن يقول لهم أنا نبي، أو رسول من الله أو واحد من رجال الدين. لكن أرجع يوحنا ابن زكريا اليهود إلى نبوة النبي إشعياء وطبقها على نفسه.
من هو النبي إشعياء؟ وما هي النبوة التي ذكرها يوحنا ابن زكريا؟
النبي إشعياء هو أحد الأنبياء الكبار أو العظام في العهد القديم، وهذا النبي أستخدمه المولى القدير تبارك اسمه في التنبؤ عمن هو المسيح وكيفية ولادته من عذراء، وكونه انه الله القدير، ثم طريقة موت سيدنا المسيح تبارك اسمه. وانه سيموت بين الأشرار وانه سيدفن مع غني عند موته. وتنبأ أيضاً عن إرسالية السيد المسيح تبارك أسمه وهدفها من انه يشفى منكسري القلوب ويطلق المأسورين في الحرية وغيرها الكثير من النبوات، وكلها جاءت قبل ميلاد السيد المسيح بمئات السنين.
وماذا عن هذه النبوة التي نحن بصددها؟
هذه النبوة كتبها تنزيل الحكيم العليم في سفر إشعياء والأصحاح الأربعين والعدد الثالث. وقال الوحي فيها:"صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب، قوموا في القفر سبيلا لألهنا" أما معناها فإن صوتاً ما سينادي قائلاً أعدوا طريق الرب، والرب المقصود في هذه النبوة هو الله الجالس على عرشه لكن يوم نزوله في مجده إلى الأرض وهذا قائم في شخص السيد المسيح تبارك اسمه المكتوب عنه في نفس الإنجيل بحسب البشير يوحنا: "ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب" وهذه الكلمات تم شرحها في حلقة سابقة. ويقول يوحنا ابن زكريا عن نفسه انه هو بنفسه هذا الصوت الذي يتقدم موكب الملك.
ماذا تقصد بأن يوحنا كان الصوت الذي يعد طريق الملك، ومن هو هذا الملك؟
هذه الصورة مأخوذة من مواكب الملك في القديم، فقبل أن يأتي الملك إلى مكان ما كان لا بد أن يسبقه شخص مهم في الدولة ككبير الياوران في أيامنا هذه يسير أمام الموكب وينادي: أعدوا طريق الملك. فينتبه كل من يقف في انتظار رؤية الملك، وهذه الصورة موجودة حتى اليوم. فموكب رئيس الجمهورية أو الملك يبدأ عادة بحشد الدراجات البخارية وسيارات البوليس لتعد وتفتح الطريق أمامه. أما الملك هنا الذي جاء يتقدم نبي الله يوحنا ابن زكريا فهو شخص السيد الرب يسوع المسيح المكتوب عنه في تنزيل الحكيم الكتاب المقدس: "إنه ملك الملوك ورب الأرباب".
هل السيد المسيح تبارك اسمه نبي كما قلنا في الحلقة السابقة أم هو ملك؟
الرب يسوع المسيح له كل المجد فيما يختص برسالته السماوية التي جاء ليبلغها للعالم، هو نبي ورسول. أما فيما يختص بطبيعته الإلهية، فهو ملك ومالك السماوات والأرض. وليس ذلك فقط بل فيما يختص بشفاعته وصلاته لأجل البشر فهو كاهن أيضاً.
يقول تنزيل الحكيم العليم في العدد 24 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا وكان المرسلون من الفريسيين، ويقصد بالمرسلين هم من جاءوا لسؤال يوحنا ابن زكريا عن نفسه، فما معنى كلمة فريسيين؟ ومن هم؟
الفريسيون كلمة من اللغة الأرامية ومعناها المنعزلون، وهم إحدى الفئات اليهودية الثلاث وهم الصديقيون والاسينييون. وهي أضيق الفئات رأياً وتعليماً وتعصباً للناموس أو تعاليم موسى كليم الله في العهد القديم، وكانت لهم سلطتهم القوية في أيام ظهور نبي الله يوحنا ابن زكريا، لذلك جاءوا ليسألوه ويحققوا معه فيمن يكون هو.
في عدد 25 يقول الوحي عن الفريسيين فسألوه (أي سألوا يوحنا ابن زكريا نبي العلي)، وقالوا له فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي؟ فما معنى هذا السؤال؟
كما شرحنا في حلقة سابقة أن يوحنا ابن زكريا سمي بيوحنا المعمدان لأنه كان يعمد أو يغطس في الماء كل من أعترف بخطيته لله وأقر أنه تائب عنها ويشتاق إلى غفرانها. وكان هناك تقليد يهودي في تلك الأيام وهو أن الإنسان الأممي أي غير اليهودي عندما يتهود ويدخل اليهودية يقومون بتعميده، أي يقبلوه ضمن جماعة اليهود. كما كانوا أيضا يرون أن المسيح عندما يأتي أو إيليا نبي الرحمن عندما يأتي قبل المسيح أو النبي الذي سيعد الطريق له تبارك اسمه من حقهم أن يعمدوا الناس. لذلك عندما سألوا يوحنا ابن زكريا عن نفسه، وقال إنه ليس المسيح ولا إيليا ولا النبي فبدأت لهجتهم تتغير معه، وسألوه مستنكرين: "فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي؟".
وماذا كان جواب يوحنا؟
الحقيقة لم يجبهم على سؤالهم ولم يشرح لهم لماذا يعمد، بل وضع أمامهم حقيقة ما كان يعمل دون أعارتهم أي اهتمام على سؤالهم. فلم تكن رسالته هي الدفاع عن نفسه ومعموديته بل ليفتح عيون اليهود وخاصة الفريسيين وبقية رجال الدين إلى من هو أعظم منه وهو السيد الرب يسوع المسيح له المجد. فقال لهم:" أنا أعمد بماء، ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه" أي أن يوحنا ابن زكريا أراد أن يحول أنظار الفريسيين من نفسه إلى الرب يسوع المسيح. فقال لهم في وسطكم قائم، ومع ذلك فأنتم لستم تعرفونه. ولم يرد أن يتركهم يخمنون ويضربون أخماس في أسداس ليعرفوا عمن يتكلم يوحنا ابن زكريا فأكمل حديثه لهم.
كيف أفهم يوحنا ابن زكريا الفريسيين أنه يكلم عن شخص السيد المسيح تبارك اسمه؟
قال لهم هو الذي يأتي بعدي وهذا الكلام وارد في عدد 27 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا، ويأتي بعدي يقصد بها يوحنا أبن زكريا الترتيب الزمني في بداية خدمة كل من يوحنا والسيد المسيح له المجد. فخدمة السيد الرب يسوع المسيح كان مبتداها بعد خدمة يوحنا ابن زكريا. ويكمل يوحنا فيقول: "هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي" وهنا يتكلم عن أزلية وجوده أي أن السيد المسيح رغم أنه جاء زمنيا بعد يوحنا، لكنه كان موجودا منذ الأزل، لذا فقد صار قدامه. ثم يقول فيه واحدة من أعظم الأول صفات حين قال: "الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه".
بالطبع هذه جملة عظيمة جدا أن يقولها إنسان عن إنسان آخر، لكن لماذا تعتبرها تحمل أعظم الصفات للرب يسوع المسيح؟
العبارة التي قالها يوحنا ابن زكريا عن السيد المسيح تبارك أسمه أنه أي يوحنا غير مستحق أن يحل سيور حذاء السيد المسيح خطيرة جدا لأن التقليد اليهودي كان يقول أن التلميذ كان يمكن أن يعمل أي شيء لمعلمه إلا شيئاً واحداً أن يحل سيور حذائه، فهذا العمل كان لا يعمله إلا العبد لسيده. والمعروف أن يوحنا المعمدان أو ابن زكريا كان شخصاً عظيماً جداً. قال عنه السيد المسيح نفسه أنه: "أعظم من ولد من النساء" أي انه أعظم من نبي الله موسى والملك داود وحتى خليل الله إبراهيم، وهذا الذي هو أعظم من ولد من النساء يقول أنه غير مستحق أن يكون عبدا للسيد المسيح.
إذن فمن يكون شخص السيد المسيح تبارك اسمه؟
ببساطة يكون سيداً لكل من ولد من النساء أي سيداً للجنس البشري كله، وليس سيداً للجنس البشري سوى الله تبارك اسمه الجالس على العرش فيكون السيد المسيح هو الله الظاهر في جسد إنسان. وبالمناسبة أحب أقول لكل قارئ كريم عندما نستخدم في هذه الدراسات كلمة السيد ونضعها قبل كلمة المسيح يسوع تبارك اسمه، فنحن لا نستخدمها كما نستخدمها مع بعضنا البعض عندما ننادي أحد البشر مثلاً ونقول السيد فلان أو السيد علان. لا بل نقصد بها من له حق السيادة والملك على الجنس البشري كله.
واضح أن شرح العبارة السابقة ألقى ضوءاً كبيراً أنها عبارة خطيرة فعلاً لا يقولها إلا الإنسان للمولى تبارك اسمه. لكن عندي سؤال مهم وأن كان ليس في موضوعنا مباشرة، فأنا أعرف أن في الإنجيل المعروف بإنجيل برنابا، وأنا اعلم بالطبع أننا معشر المسيحيين لا نؤمن به ونعلم انه إنجيل مزيف. لكن فيه عبارة خطيرة وهي نفسها العبارة السابقة ويقول كاتب هذا الإنجيل المزيف على لسان المسيح" يأتي بعدي نبي أسمه أحمد وأنا لست مستحقاً أن أحل سيور حذائه" فما هو رأيك في هذا القول؟
كما قلت أن إنجيل برنابا هذا إنجيل مزيف يرجع تاريخه إلى العصور الوسطى ولا يوافق الأحباء المسلمون على اعتباره الإنجيل الصحيح الذي أنزله الله تعالى على سيدنا المسيح. وهم يرفضون بالأخص هذه العبارة السابقة تكون قد قيلت على لسان الرب يسوع المسيح فيما يختص بنبي الإسلام. كما يقبلون أن يكون نبي الإسلام هو المسيا القادم إلى العالم وغيرها من الأشياء الكثيرة غير المقبولة من الأحباء المسلمين والتي وردت الكتاب المزيف.
عدد 29 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا يقول: "وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه فقال "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" أي غد الذي ذكره البشير يوحنا كاتب هذا الإنجيل؟
كلمة الغد هنا يقصد بها اليوم الثاني لذلك اليوم الذي فيه سأل الفريسييون يوحنا ابن زكريا عن من هو، والجدير بالذكر أن الرب يسوع المسيح له المجد كان يجرب من إبليس في اليوم السابق لتقابله مع يوحنا المعمدان، أي في نفس اليوم الذي كان إبليس يجرب فيه يوحنا المعمدان من خلال الفريسيين. وكان جل ما قصد إبليس في التجربتين أن يعرف إذا ما كان السيد المسيح له المجد، هو ابن الله أي الله الظاهر في الجسد أم لا. وأي منهما بالضبط يكون ابن الله هل يوحنا المعمدان أم المسيح تبارك اسمه؟
عدد 29 يقول أن يوحنا عندما رأى يسوع له كل المجد آتيا إليه قال: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" فما هي قصة حمل الله الذي يرفع خطية العالم؟
قصة حمل الله تنقسم إلى قسمين حمل أي خروف صغير ابن سنة مثلاً، وهذا يعود بنا إلى بداية ذكر هذا الحمل من الكتاب المقدس. يرجع هذا إلى قصة تقديم ابن آدم وحواء وهما هابيل وقايين تقدمة للمولى تبارك اسمه، فقدم هابيل تقدمة من الغنم من أفضلها وقدم قايين تقدمته من ثمار الأرض. لكن المولى تبارك أسمه قبل قربان هابيل وذبيحته ورفض تقدمة قايين، لا لشيء إلا لأن خطة الله لغفران الخطايا لا بد من خلال ذبيحة. المرة الأخرى الواضحة التي تكلم عنها الكتاب المقدس في قصة إبراهيم خليل المولى لأبنه ذبيحة. وهذه الحادثة مذكورة في سفر التكوين والأصحاح 22 حيث يقول تنزيل الحكيم العليم" ثم مد إبراهيم يده واخذ السكين ليذبح ابنه، فناداه ملاك الرب من السماء وقال: يا إبراهيم يا إبراهيم فقال هأنذا، فقال لا تمد يدك إلي الغلام ولا تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني. فرفع إبراهيم عينه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكاً في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم واخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن ابنه".
هل هناك ذكر لحادثة أخرى هامة في تاريخ الشعب القديم تتكلم عن حمل أو خروف لا بد من ذبحه فداءا للإنسان؟
واحدة من أهم الحوادث التي ذكر فيها أن حملاً أو خروفاً لا بد أن يذبح عن إنسان لفدائه في العهد القديم هو خروف الفصح الذي طلب المولى سبحانه وتعالى من كل بيت من بيوت بني إسرائيل أن يذبحوه عوضاً فداء عن موت كل ابن بكر في هذه البيوت، يوم كان سبحانه وتعالى يخرج شعب إسرائيل من تحت عبودية المصريين. وأمرهم جل وعل أن يقدموا خروفاً أو حملاً عوضاً عن كل بكر، وقال لهم أنهم إن لم يفعلوا فإن الملاك المهلك الذي مر على بيوت المصريين وقتل كل أبكار المصريين سوف يقتل أبكارهم لا محالة. ولكنهم قدموا وذبحوا الحملان ذبيحة واستمرت هذه الممارسة في شعب إسرائيل تحدث كل عام في يوم يعرف حتى الآن في تاريخ إسرائيل بيوم الفصح أو العبور وبالعبرية يوم كيبور.
ما علاقة هذه الأمثلة التي ذكرتها حضرتك مع شخص السيد الرب يسوع المسيح في الكلمات التي شهد بها يوحنا ابن زكريا عنه تبارك اسمه؟
علاقتها علاقة الظل بالأصل، فمكتوب عن السيد الرب يسوع المسيح في الإنجيل أنه يمثل خروف الفصح وقد تم صلبه بالفعل في عيد الفصح اليهودي. لذلك يقول عنه بولس الرسول: "لأن المسيح فصحنا قد ذبح" وحتى في العهد القديم شهد عنه نبي الله إشعياء بالقول: "كشاة تساق إلى الذبح" وقيل فيه انه قدم نفسه لله ذبيحة لأجلنا.
إن كانت الذبائح في القديم تعمل وتحل محل ذبيحة المسيح تبارك اسمه، فما الداعي لمجيء السيد المسيح وموته نيابة عن البشر، أفما كان الأسهل والأوقع أن يستمر الناس في تقديم الذبائح الحيوانية بدلاً منه؟
كانت الذبائح الحيوانية مجرد رمز أو كما يسميها تنزيل الحكيم العليم أنها ظلال لما كان المولى عز وجل يعده من فداء للإنسان بمجيء السيد المسيح له المجد للأسباب الآتية:
أولاً: لأن تقديم الذبائح الحيوانية لم يكن له فائدة في ذاته بل كانت هذه الممارسة مبنية على انه في يوم ما كان الرب يسوع المسيح تبارك اسمه سيأتي ليموت ذبيحة عن البشر، ولو لم يجيء المسيح تبارك اسمه، لما كانت هناك أهمية أو فائدة من تقديم هذه الذبائح.
ثانياً: هذه الذبائح كان يقدمها اليهود فقط وفقا لنظام معين حتى يمكن أن تقبل منهم، فكان لا بد للسيد المسيح تبارك اسمه أن يأتي ليموت كالذبيح الذي يكفر عن خطايا كل البشر يهود وغير يهود.
ثالثاً: هذه الذبائح كانت تقدم مراراً وتكراراً وتستغرق الكثير من الوقت والجهد لكن تنزيل الحكيم العليم ذكر أن السيد المسيح له المجد قدم نفسه لله مرة واحدة فوجد لنا فداءً أبدياً وغيرها من الأسباب.
لماذا قال يوحنا ابن زكريا عن السيد المسيح أنه حمل الله، أفما كان يكفي أن يقول هوذا الحمل الذي يرفع خطية العالم؟
إذن لم يقل يوحنا نبي الله أن المسيح له المجد هو حمل الله واكتفى بأنه قال عنه له المجد انه الحمل الذي يرفع خطية العالم عندما شرح لنا طبيعة هذا الحمل واختلافه عن أي حمل آخر قدم عن خطية العالم.
كيف شرحت هذه العبارة "حمل الله" طبيعة هذا الحمل؟ وما وجه الاختلاف بينه وبين أي حمل آخر؟
إلى جانب ما ذكرت من اختلافات بين الحملان والخرفان الحيوانية وبين سيدنا يسوع المسيح، نقول أن كل حمل يقدمه كاهن أرضي ويدفع ثمنه إنسان مخطئ فهو حمل الإنسان، لكن هذا الحمل هو حمل الله أي الذبيحة التي قدمها المولى تبارك اسمه عن خطية الإنسان دون تدخل من الإنسان. فلم يدفع لا فرد ولا أسرة ولا أمة ولا العالم أجمع شيئاً في هذه الذبيحة، بل هم جميعاً مستفيدين من تقديم هذه الذبيحة. فكل من يؤمن أن السيد المسيح تبارك اسمه مات فداءً عنه ليغفر آثامه ويكفر عن عقاب خطيته رفع عنه له كل المجد ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وحسب من عداد الصالحين الذين لهم نعيم أعده تعالى للمتقين.
هذه الذبيحة قدمها الله سبحانه وتعالى، فلمن قدمها أليس كل الذبائح لا بد أن تقدم لله تبارك اسمه ولو كان السيد المسيح هو الله، فهل قدم الله، ذبيحة لله، أليس هذا شيء محير في رأيك؟
كلا هذه الحقيقة ليست شيء محير فقد شرحنا أن الله سبحانه وتعالى الجالس على العرش هو ما يعرف في المسيحية بأنه الله الآب والله المتجسد أو جوهر الله الذي كان في جسد السيد المسيح هو الله الابن. وشرحنا معنى كلمة الابن وروح الله سبحانه وتعالى هو الله نفسه تبارك اسمه، وحل هذه المسألة بسيط وسهل. فالله الواحد الذي لا شريك له الزم نفسه- وهو فعال لما يريد- بقانون أنزله في الذكر ألا وهو أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة. أي أنه لكي يكون هناك غفران للخطايا لا بد من ذبيحة وسفك دم، وكان لا بد أن يتم هذا مع الإنسان. لابد أن يفديه أحد ويموت عنه بشرط أن يكون هذا الشخص مساو لله في الجوهر وفي نفس الوقت له جسد إنسان ويعيش مع الإنسان. فتجسد الله الابن وظهر في صورة إنسان وقدم نفسه نيابة عن الإنسان لذلك لم يقل عنه أنه حمل أو الحمل بل قيل عنه أنه حمل الله. والحقيقة السابقة ورد شرحها في الإنجيل بحسب البشير يوحنا والأصحاح الثالث وعدد 16 في قول الوحي المبارك: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكيلا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية".
ما معنى أن هذا الحمل يرفع خطية العالم؟ وما هي خطية العالم؟
المقصود بخطية العالم هو أصل الخطية أو ما يعرف بالخطية الأصلية والتي أورثت الإنسان الطبيعة الخاطئة الفاسدة. فالإنسان في المسيحية لا يسمى خاطئ لأنه يخطئ بل هو يخطئ لأنه خاطئ.
هل بإمكان حضرتك أن تشرح لنا هذه العبارة بالتفصيل؟
ترى كل أديان العالم أن الإنسان خاطئ، لماذا؟ لأنه يعمل الخطية، ويرتكب الذنوب، والمعاصي، ونفسه أمارة بالسوء، وقيل أن كل ابن آدم خطاء. لذلك يطلق على الإنسان أنه خاطئ ومن يؤمنون أن الإنسان خاطئ لأنه يخطئ لا يعترفون بأن الإنسان وارث للطبيعة الخاطئة الفاسدة، بل يرون أن الإنسان يولد بطبيعة خيرة ثم يرتكب هو المعاصي فيصبح خاطئ. فالخطية فعل وليست طبيعة، وهذه الطبيعة الفاسدة هي التي كنِّي عنها بكلمة خطية في العبارة "يرفع خطية العالم". ولم يقل الوحي المبارك هوذا حمل الله الذي يرفع خطايا العالم. فإذا لم يرفع السيد المسيح تبارك اسمه طبيعة الخطية من الإنسان وينقذه من فسادها، فهو مستمر في خطاياه لا محالة. وكلمة خطية العالم تتضمن أيضاً الخطايا اليومية التي يرتكبها كل الناس في كل العالم.
دكتور ناجي ، هل تود أن تقول كلمة أخيرة؟
أود أن أقول لكل قائ أن الرب يسوع المسيح جاء ليرفع عنك وزرك ويغفر لك ذنبك، وبشهادة النبي العظيم يوحنا ابن زكريا عنه تبارك اسمه أنه جاء ليرفع خطية العالم وأنت واحد من هذا العالم بغض النظر عن جنسيتك أو لونك أو دينك، فكل ابن آدم خطاء. فلماذا لا ترفع دعاء من قلبك الآن له قائلاً أرفع خطيتي يا غفار الذنوب، امح عني الغم وأشرح لي صدري بالإيمان بك رباً ومخلصاً من عذاب القبر والنار، وتوفني مع الصالحين والأبرار فأنت ارحم الراحمين. آمين.