أمن الناصرة يمكن أن يخرج شيئاً صالحاً؟
عدد 45 يقول" فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى من الناموس والانبياء" ثم يكمل القول" يسوع أبن يوسف الذي من الناصرة". فما معنى هذا الكلام ،لماذا يقول فيلبس وجدنا يسوع ابن يوسف والمعروف ان يسوع ليس ابن يوسف ولا ابن رجل من البشر لآن الجميع يعرفون أنه ولد من دون أب أرضي، فما هو تفسيرك لهذا الكلام؟
من الثابت وما لا يقبل الجدل والنقاش أن الرب يسوع المسيح تبارك أسمه ليس له أب ارضي ولذلك قيل عنه أنه أبن الله. لكن معظم الناس حول السيد المسيح تبارك أسمه لم يكونوا يعرفون هذه الحقيقة، فكانوا يظنون أنه أبن يوسف لأن أحدا لم يخبرهم عن قصة ميلاده العذراوي. لأن قصة ميلاده من عذراء كانت ستبدو غريبة على الأذهان وستثير الشك في عفة وطهارة القديسة العذراء مريم وستؤدي إلى مشكلة كبيرة وهي من لم يمسها بشر ولم تكن بغي. لذلك ووفقا لما جاء في الإنجيل بحسب البشير متى عن قصة ميلاد الرب يسوع المسيح له المجد ظهر الملاك إلى يوسف بن هالي خطيب القديسة المطوبة العذراء مريم آنذاك وطمئنه بأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. لذلك أخذها يوسف لأنه كان رجلا بارا ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر وكان له كالاب الأرضي لذلك قيل عن الرب يسوع في هذه الآية انه يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة.
ألا ترى حضرتك أن رد نثنائيل على فيلبس كان ردا جافا فيه شيء من التهكم على مدينة الناصرة والناصريين عندما قال له نثنائيل،" أمن الناصرة يمكن أن يخرج شيء صالح!"
الحقيقة أنا أرى كما يرى بعض المفسرين الإجلاء أن كلمات نثنائيل هنا لم تكن تحمل أي شيء من التهكم لعدة أسباب:
أولاً: أن الموقف لم يكن يحتمل التهكم. ففيلبس يتكلم إليه عن شخصية فذة فريدة قدمها له على أنها من كتب عنه موسى والأنبياء، وذكر الناموس لا يمكن أن يكون موضوع تهكم أي يهودي مهما كان.
ثانيا: أن نثنائيل قام وأتى إلى الرب يسوع المسيح له المجد، فلو كانت عبارته تتضمن تهكما على السيد المسيح تبارك اسمه لما جاءه نثنائيل.
إذاً فلماذا قال نثنائيل " أمن الناصرة يمكن أن يخرج شيء صالح!"؟
لأن مدينة الناصرة هي مدينة في الجليل والجليليين كانوا محتقرين في ذلك الوقت لخشونتهم وعدم تهذيبهم . وكانت الناصرة جزء منه والناصريين هم جليليون لذلك عبارة " أمن الناصرة يمكن أن يخرج شيء صالح" على سبيل التعجب والتواضع وليس على التحقير والتهكم. ولآن نثنائيل نفسه كان من مقاطعة الجليل.
ما رأيك في رد فيلبس على نثنائيل عندما قال له تعال وأنظر؟
هذا ردا جميلا جامعا مانعا، وكأن فيلبس يقول له أنت لن تصدق ما ستراه ولا يمكن أن أصفه لك بمجرد كلمات لكن ما لابد أن تعمله هو أن تأتي وتنظر شخص الرب يسوع المسيح له المجد. فلابد أنك ستدهش وتتعجب من هذه الشخصية الفريدة وخير ما تعمل هو تعال وأنظر. والحقيقة هذه دعوة أنا أقدمها لكل أخ وأخت وهي تعال وأنظر.
ماذا تقصد حضرتك بهذه الدعوة؟
أقصد أن أقول لكل مستمع كريم بغض النظر عن دينه وخلفيته وأفكاره ومعتقداته أن خير ما تعمل مع الرب يسوع المسيح تبارك اسمه هو أن تأتي إليه متفرسا ومتأملا في جماله وكمالاته وأوصافه. ولا يكفي أن تسمع عنه فقط فمهما وصفته أنا لك هذا لا يكفي. فمهما وصفت الشمس لمولود أعمى ومهما تحدثت عن جمال النور وعمله في الطبيعة لا يمكن أن يدركه إلا بعد أن تفتح عينيه ويعرف معنى النور الحقيقي. فأنا أدعو كل مستمع أن يأتي إلى المسيح الحي المبارك ويتحدث معه ويطلب منه الصفح والعفو والغفران وينظر إليه فيملأ عينيه من جماله.
في عدد 47 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا يقول تنزيل الحكيم العليم الكتاب المقدس " ورأى يسوع نثنائيل مقبلا إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي لا غش فيه" ما معنى هذه العبارة" إسرائيلي لا غش فيه" وهل هناك إسرائيلي حقيقي وإسرائيلي مزيف أو به غش؟
في كل أمة على وجه الأرض يوجد الرجال الحقيقيون أو من يعرفون الحق ويسيرون وفقا له ويبحثون عنه ويقيمونه بأغلى ما يكون التقييم ، وهناك أولئك الذين لا يسلكون حسب الحق سبحانه وتعالى . وعندما رأى الرب يسوع المسيح تبارك اسمه نثنائيل مقبلا أليه شعر بإخلاصه وبمجيئه إليه للتعرف على الحق فوصفه بإسرائيلي حقا. أما أولئك الذين فيهم غش هم من لا يخلصون النية لطلب الحق فهم يظهرون عكس ما يبطنون وألئك في الآخرة من الخاسرين.
في عدد 48 يسأل نثنائيل السيد المسيح إجابة على تعليقه له المجد قائلا من اين تعرفني، أجاب يسوع وقال له قبل ان دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك، فما رأيك في هذا الكلام؟
هذا الكلام معناه أن الرب يسوع المسيح هو فاحص القلوب ومختبر الكلى وهو علام الغيوب. فها هو يستطيع أن ينفذ إلى داخل نثنائيل ويعرفه ويوصفه بأنه إسرائيلي حقا لا غش فيه. ثم هاهو يرى نثنائيل تحت التينة جالس مع أنه كان بعيدا عنه، فمن ذا الذي يستطيع أن يفحص أعماق الإنسان إلا واحد سبحانه وتعالى. ومن يستطيع أن يرى من ليس في محيط رؤيته الطبيعية إلا هو وحده جل شأنه. فالسيد المبارك له المجد هنا هو الله سبحانه وتعالى ظاهرا في جسد إنسان.
أعتقد أن هذا الإعلان هو الذي جعل نثنائيل يجيب السيد تبارك أسمه بالقول يا معلم أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل؟
بالطبع بعد أن صرح السيد الرب يسوع المسيح لنثنائيل بحقيقته وبمكان جلوسه لم يتمالك نثنائيل نفسه فصاح قائلا له تبارك اسمه يا معلم أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل.
نثنائيل هنا يصف الرب يسوع المسيح بثلاثة أوصاف ما علاقة بعضها ببعض؟
هذا الوصف الثلاثي للسيد الرب يسوع تبارك اسمه من قبل نثنائيل يبدو وكأنه سلم ارتقاه نثنائيل في معرفة الرب يسوع له المجد. فهو كان يتعامل معه أولاً كالمعلم أي كالإنسان فحسب. لكن بعد أن أكتشف انه له المجد هو علام الغيوب أرتقي نثنائيل في أيمانه به تبارك أسمه وقال له أنت أبن الله. وهذه العبارة كما شرحنا مرات عديدة سابقة تعني أنك انت مساو لله في جوهرك أو أنت جوهر الله متجسدا في جسد إنسان. ثم يكمل نثنائيل أن كان هذا الشخص الفريد هو الإنسان يسوع المسيح له المجد وهو أيضا تعين الله أو إظهار المولى لجوهره في جسد إنسان. إذا فلا بد أن يكون هو الملك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل الذي قيل فيه "هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية".
ما هو دليلك على أن الرب يسوع المسيح رأى نثنائيل وهو يجلس تحت التينة وكان نثنائيل وقتها بعيد عن نظر الرب يسوع المسيح الطبيعي ، ما يمكن يكون نثنائيل في مكان قريب من الرب يسوع هو رآه بعينيه المجردة وفي هذه الحالة يكون الرب يسوع له المجد ليس علام الغيوب؟
دليل على أن الرب يسوع رأى نثنائيل بطبيعة معزية وليست بعينيه المجردة هو ما قاله السيد له المجد لنثنائيل في عدد 50 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا، عندما يقول تنزيل الحكيم العليم " أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك أني رايتك تحت التينة، سوف ترى أعظم" فلو كان الرب يسوع له المجد رأى نثنائيل بعينيه المجردة لما كان هناك شيء غير طبيعي أو خارق للطبيعة وما كان هذا الحدث يصلح أن يؤمن نثنائيل بناءا عليه بأن الرب يسوع المسيح هو أبن الله ظاهرا في جسد إنسان أو أنه ملك إسرائيل. ولكان كلام الرب يسوع له المجد في هذا المقام عندما قال لنثنائيل هل أمنت لأني قلت لك أني رأيتك تحت التينة بلا معنى.
ماذا كان الرب يسوع المسيح له المجد يقصد بالقول "سوف ترى أعظم من هذا" ما هو المقصود بهذا وماذا أعظم منه؟
المقصود بهذا القول سوف ترى أعظم من هذا هو حدث رؤية الرب يسوع المسيح علام الغيوب لنثنائيل قبل أن يأتي إليه وهو تحت التينة، أما ما أعظم من هذا الحدث هو إعلان الرب يسوع المسيح له المجد عن نفسه في الآية عندما قال له المجد بفمه الطاهر " الحق الحق أقول لكم من الآن سترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان". فاليهود في القديم كان لا يمكن لهم أن يدخلوا إلى قدس الأقداس في الهيكل أو الجزء الذي كان فيه تابوت العهد وهو ممثل لمحضر الله. لكن رئيس الكهنة فقط هو الذي كان يدخل إلى هذا الجزء من الهيكل مرة واحدة في السنة ليترأى أمام التابوت الخشبي. وها هو الرب يسوع له المجد يقول لهم انه " الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" فهذا إعلان يفوق إدراك اليهود في ذلك الوقت.
ليس ذلك فقط لكن الرب يسوع يقول لهم ليس فقط أنهم سيرون السماء مفتوحة لكن سيرون أيضا الملائكة، ملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان.
هذا أمر آخر عظيم وعجيب فرؤية الملائكة سواء كان في العهد القديم أو العهد الجديد شيء نادر لم يكن يحظى به سوى القلة القليلة من الأنبياء والبشر. ولكن هنا يقول لهم الرب تبارك أسمه أنهم سيرون ملائكة الله والجدير بالذكر أنه له المجد يقول في وصفه لمهمة هذه الملائكة أنهم يصعدون وينزلون على أبن الإنسان.
ماذا تقصد حضرتك بالاتجاه الطبيعي لحركة الملائكة؟
الاتجاه الطبيعي لحركة الملائكة لا بد أنها تنزل ثم تصعد لأنها ولا شك تأتي من أعلى من عند الله سبحانه وتعالى وتنزل إلى الأرض إلى الإنسان. لكن الرب يسوع هنا يقول أن الملائكة ملائكة الله يصعدون وينزلون أي أنهم أي الملائكة في صحبته تبارك أسمه على الأرض تأتمر بأمره، وتصعد من عنده إلى السماء ثم تنزل إليه مرة أخرى. وهذا يوضح من هو الرب يسوع المسيح تبارك اسمه في طبيعته.
كيف توضح هذه الكلمات طبيعة الرب يسوع المسيح تبارك اسمه؟
أنا احب أن أسألك، من هو الشخص الذي تحيط به الملائكة وتأتمر بأمره ثم من عنده تذهب إلى السماء وتنزل إليه وكأنه هو مقرها ومحطة عملها؟
الحقيقة هذا الوصف لا ينطبق إلا على المولى تبارك اسمه.
بالطبع لآن حتى السيد المسيح له المجد قال عنهم انهم ملائكة الله . فملائكة الله لابد أن تكون في خدمته سبحانه وتعالى وفي إطاعة لأوامره سبحانه. ولا يستطيع أحد أن يأخذ هذا السلطان إلا من كان هو الله نفسه تبارك اسمه وليس سواه. وهذا يوضح لنا طبيعة السيد المسيح تبارك اسمه انه هو الله الظاهر في جسد إنسان.
لماذا كنى عن الرب يسوع المسيح هنا بعبارة ابن الإنسان ولم يقل أبن الله؟
لأنه ابن الله أي الله الظاهر في الجسد تحيط به الملائكة دائما. فهو الجالس على عرشه سبحانه وليس عظيما أو عجيباً أن يقال أن ملائكته يصعدون وينزلون عليه، لكن السيد الرب يسوع المسيح كإنسان كان من العجيب والعظيم أن يعلن لنا هذا الإعلان إن الملائكة تصعد من عنده وتنزل إليه. إن هذا الأصحاح مليء بالكنوز والحقائق والدروس التي إذا ما آمن بها المرء وأخلص النية لله في دراستها فلسوف يشرح له المولى تبارك أسمه صدره بالإيمان به، ولسوف يعرف الحق الحقيقي ولسوف يصبح من آل بنيه سبحانه ويصبح من المفلحين. وإذا استهان المرء بهذه الحقائق وطرحها عنه ولم يؤمن بها فسيكتشف في الآخرة انه من الخاسرين.