هل حقاً تحرف الكتاب المقدس؟
لماذا لم يكتب السيد المسيح (تبارك اسمه) إنجيله الواحد قبل صعوده الى السماء؟
من قال إن الرب يسوع المسيح (تبارك اسمه) لم يكتب إنجيله قبل صعوده إلى السماء له المجد؟!
واضح أن الإنجيل كتب بأربع كتابات مختلفة، وهي الكتابة أو الإنجيل بحسب البشير متى ومرقس ولوقا ويوحنا، وليس هناك كتابة اسمها بحسب السيد المسيح مثلاً.
هؤلاء الاتباع للرب يسوع المسيح- أقصد بهم القديسين: متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا- كانوا مجرد أداة في يد المولى القدير (تبارك اسمه) لكتابة ما يمليه عليهم جل شأنه؛ لذلك فهذه الكتابات المختلفة هي مخبر واحد كما قلنا. لكن لو دقق الإنسان لعرف أن الكاتب الحقيقي والأوحد للأنجيل هو شخص الرب يسوع المسيح (له المجد). وكما قلت في المرة السابقة إنه لم يكتبه بحبر وورق، فهذه لم تكن رسالته إلى العالم، بل كتبه بمحبته ومعجزاته وأمثاله وأقواله. فمثلاً لو أني رأيت السيد المسيح (له المجد) وهو يصنع معجزة شفاء أحد المرضى مثلاً، وقال لي (تبارك اسمه) اكتب هذه المعجزة في كتاب وقمت أنا بكتابتها، وأردت أن أعرف من كاتب هذا الكتاب. أستطيع أن أقول أنا كتبت هذا الكتاب؛ لأني أنا أمسكت الورقة والقلم، وأنا الذي كتبت، وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أقول أنني كاتب هذا الكتاب لأني لست مؤلفه أو منشئه، بل أنا خاطط هذا الكتاب بخطي فقط. لكن محتوياته ليس مصدرها أنا، بل كاتبه الحقيقي هو السيد الرب يسوع المسيح (له المجد). فإذا قلنا أن السيد المسيح هو كاتب الإنجيل بنفسه قبل صعوده تكون الإجابة صحيحة، وإن قلنا إن القديسيين: متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا كتبوا نقلاً عنه هذا الكتاب تكون أيضا الإجابة صحيحة.
هل عندك دليل أو مثل واضح على إجابتك السابقة؟ وهل الكتابات الأربعة هي لأنجيل واحد مصدره أو منشئه السيد المسيح له المجد؟
لو نظرنا لمطلع الإنجيل الواحد بكتاباته الأربعة، فسنجدها كما يلي: في الإنجيل بحسب البشير متى يبدأ بهذه الكلمات: "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود"، أي أن هذا الإنجيل الذي خطه متى كان محوره أو مصدره يسوع المسيح ابن داود. في الإنجيل بحسب البشير لوقا نجده يبدأ بقصة بشارة الملاك لزكريا بغلام زكي، ثم ينتقل مباشرة على أن هذا الغلام جاء ليعد الطريق للسيد المسيح (له المجد)، موضوع هذا الانجيل. وفي الانجيل بحسب البشير مرقس أول كلمات به تقول: "بدء أنجيل يسوع المسيح" أي أن هذا هو إنجيل يسوع المسيح وليس إنجيل مرقس الرسول أو غيره من البشر. وفي مطلع الإنجيل بحسب البشير يوحنا الذي نحن بصدده يقول: "في البدء كان الكلمة" فهو يتكلم عن كلمة الله الذي هو أيضاً شخص السيد المسيح.
ما رأيك في ترجمة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد إلى الاف اللغات؟ وهل هذه الترجمات لها نفس قوة وقانونية النسخ الأصلية والمخطوطات التي هي موجودة اليوم؟ وهل يصح أن نسميها الإنجيل بحسب البشير متى أو يوحنا أو كان من الأفضل أن نسميها ترجمة معاني الانجيل بحسب البشير متى أو يوحنا؟ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد أنزله المولى (تبارك اسمه) ليكون هدى للناس ورحمة، في كافة أنحاء العالم والأزمنة والأوقات. وكان المولى (عز وجل) وهو كلي العلم يعلم أن كتابه لابد من أن ينزل بلغة واحدة فقط؛ لذلك فهو لم ينزله وحياً لفظياً لا يمكن للمرء أن يترجمه، وإلا فقد معجزة كتابته. ولذلك أيضاً فهو لم يطلَب من البشر أن يتلونه في صلواتهم بلغته الأصلية، وإلا كانت صلاتهم باطلة ولا نفع منها، بل سمح جل شأنه لكل أمة تحت السماء بأن تترجم كتابه (جل شأنه) بلغتها دون أن يفقد حلاوته أو طلاوته. بل على العكس تزيده ترجماته فهماً ووضوحاً، مادامت هذه الترجمات مطابقة للأصل الذي أخذت عنه الترجمة. ومادامت تؤدي نفس المعنى الدقيق الذي قصده المولى (عز وجل) يوم أنزل الذكر. فترجمات الكتاب المقدس بالشروط السابقة الذكر لها نفس قانونية وقوة النسخ الأصلية. أما إذا كان المقصود من تنزيل الحكيم للكتاب المقدس هو حفظه عن ظهر قلب، وتلاوته لفظاً لا معنى فقط في الصلاة، وإذا كان هذا الكتاب سيفقد معجزة كتابته أو حلاوته إذا ما ترجم الى لغة أخرى، كان لازماً على الانسان أن يلتصق باللغة التي أنزل بها الكتاب، وعليه أن يتعلمها ويتلوها في صلاته كل يوم. بل أقول أيضاً أنه يجب يتعلم هذه اللغة قبل أن يعتنق هذا الدين حتى يتأكد أولاً أنه حقاً كلام الله، وليس من صنع البشر.
بالطبع يا دكتور ناجي نحن نقدم هذه الدراسة لكل الناس على اختلاف طوائفهم وخلفياتهم أو حتى أديانهم، لكن لي سؤال مهم هو: ما الذي يجعل إنساناً غير مسيحي يستمع لهذه الدراسة؟
الحقيقة أن هذه الدراسة في غاية الأهمية ليس للمسيحيين فقط، بل لغير المسيحين أيضاً لعدة أسباب:
أولاً- هذه الدراسة تقدم من قلوب تحاول بإخلاص أن تعلم خلق المولى (تبارك اسمه) الحقيقة كاملة كما دونها لنا المولى (عز وجل) من خلال أناس لم يعرفوا التفرقة بين دين وآخر. فعلى سبيل المثال يوحنا الذي استخدمه المولى (تبارك اسمه) في كتابة الإنجيل بحسب البشير يوحنا، كان شخصاً يهودياً متمسكاً بالتعاليم والتقاليد اليهودية، لكنه كتب هذا الإنجيل كما أوحي إليه. ليس فقط لليهود بل لليونانيين أيضاً، وبالتالي إلى كل العالم دون التحييز لا لليهود، ولا لليونانيين، ولا حتى للمسيحيين. فتعاليم هذا الإنجيل كانت منشرة بين المسيحية، ومعروفة وقتئذ جيداً، وكان المسيحيون عددًا قليلاً.
ثانياً- نحن نقدم هذه الدراسة اليوم ليس هدفنا على الإطلاق هو التأثير على أي شخص غير مسيحي لكي يعتنق المسيحية، فالمسيحية مجرد تعاليم سامية لا تنفع صاحبها ولا تضره، إذا ما قرر اعتناقها والايمان بها أيماناً عقلياً بأنها الدين الصحيح. والمسيحية في الوقت نفسه لا تقوى بزيادة المسيحيين في الأرض. هذه ليست فلسفة المسيح (تبارك اسمه) في تعامله مع الإنسان، بل هدفنا الوحيد هو التعرف على شخص السيد المسيح (تبارك اسمه) كالماحي للخطايا والمعاصي، والمخلص للجنس البشري من كل مرض وفشل، وفي النهاية من عذاب القبر والنار.
هل لديك أسباب أخرى تجعل الانسان حتى لو كان غير مسيحي يستمع لهذه الدراسة؟
الحقيقة هناك أسباب كثيرة، فكثير من الإخوة غير المسيحيين، ودعيني أتكلم عن أصحاب الديانات الكبرى فقط كاليهودية والاسلام، لا يقرءون الإنجيل، ولا التوراة بالرغم من أن القول: "ولقد أتينا موسى الهدى وأورثنا بني أسرائيل هدى وذكرى لأولي الألباب. وإنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور وقفينا على أثارهم عيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة، وأتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدق لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين، وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فهؤلاء هم الفاسقون". وهكذا الحال مع اليهود، فبالرغم من ورود عشرات النبوات الواضحة الصريحة التي تمت بالكامل، وبكل دقة مع السيد المسيح (له المجد)، إلا أنهم مازالوا يرفضون الإيمان به، لا لشيء إلا لأنه لم يعمل مرضاتهم بأن يملك عليهم، ويخضع الشعوب تحت أقدامهم، غير عالمين أنه لم يأتِ ليملك على الارض. فملكه روحي سماوي على قلوب محبيه وراغبيه.
دكتور ناجي ، حضرتك تعلم أن الإخوة المسلمين لا يؤمنون بعصمة التوراة والإنجيل، ويعتقدون أنه قد تحرف، ولعبت به يد البشر بزيادة أو نقصان، فما الذي يجعل واحد من الإخوة المسلمين أو الأخوات المسلمات أن يدرسوا معنا كتاب محرف؟
ليس من الانصاف أن نقول إن كل الإخوة والأخوات المسلمين يؤمنون بتحريف الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وخاصة العهد الجديد. فمنهم من يؤمن بكتابه الكريم، ويعلم أن المولى (تبارك اسمه) أنزل الذكر، والمقصود بالذكر هنا التوراة والإنجيل كما هى الحال مع القرآن الكريم أيضاً، وإنه (جل شأنه) حافضه وضامنه من التحريف والعبث كما قال الإمام البيضاوي، وليس ذلك فقط بل قد جاء كما ذكرنا سابقاً مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل. فمجرد التفكير في هذا الأمر يعني والعياذ بالرحمن بعد استغفاره (جل شأنه) ينطوي على إهانة كبيرة للمولى (تبارك اسمه)، واتصافه بالعجز على حفظ ما أنزل من التوراة والإنجيل من أيدي البشر. وأنا أقول ماذا لو تجرب أن تدرس معنا الإنجيل، وبعدها أحكم بنفسك.
هل تود أن أعطي لك أسباب أخرى تعطي أهمية لكل المستمعين على اختلاف أديانهم أن يدرسوا معنا الإنجيل بحسب البشير يوحنا؟
نعم تفضل، ليس لي أي مانع.
واحدة من ضمن النقاط التي أرغب أن أستخدمها في الرد على سؤالك الماضي، وهو ما الذي يجعل أحد الإخوة المسلمين يدرس كتاب محرف؟ أحب أن أقول ما الذي يجعلني أنا أن أدرس وأدرس كتاب محرف؟ هل أنا أريد أن أخدع نفسي، وأتعلق بكتاب لعبت به أيدي البشر؟! وهل يضمن أحد أن قضية التحريف هذه لم تقع تحت فحص وتحقيق وتدقيق بالغ الدقة من قبل المسيحيين حتى من بعد إيمانهم وثقتهم في عدم قدرة الإنسان على تحريف كلام الله؟
دكتور ناجي، أنا أعلم أن حضرتك أستاذ الدراسات الاسلامية والبيئة في الشرق الأوسطية في إحدى جامعات جنوب كاليفورنيا؛ لذلك أنا أريد قبل أن أنهي كلامي عن هذه النقطة الشائكة أن أسألك ما نتيجة بحثك الشخصي في قضية تحريف التوراة والإنجيل؟
أنتهيت في بحثي الشخصي على مدى السنوات الطويلة الماضية إلى ما انتهى اليه الأجلاء علماء الدين الاسلامي القدامى، وبعض المحدثين من القرآن الكريم. لم يذكر صراحة أن تحريفاً لفظياً وقع على التوراة والإنجيل على الاطلاق في كل السور المكية، أي التي أتت إلى نبي الإسلام، وهو لا يزال نفراً قليلا في مكة. بل على العكس كلما جاء بهذه الصور المكية كان يحث الخلق على الايمان بما أنزل على عيسى وموسى. ويؤكد صحة ما أنزله (تبارك اسمه) بها، وحفضها من التحريف والعبث، وإلا لما طلب منهم جل شأنه الإيمان بها، والحكم بها، وحثهم على سؤال أصحابها عما يشكون فيه مما أنزل إليهم أي جعلها مرجعاً لهم.
هذا عن الصور المكية، فهل هناك صور أخرى تكلمت عن تحريف التوراة والإنجيل؟
الصور التي جاء بها ذكر تحريف التوراة سور مدنية نسبة الى المدينة، أي ما بعد الهجرة. ولم يذكر بها أن هناك تحريفاً لفظياً وقع بها، أي تحريف في أصول النسخ والمخطوطات. فهذه كانت كثيرة جداً بحيث يستحيل على أي بشر جمعها والاتفاق على الإضافة أو الحذف منها. لكن من الواضح أن القصد من الإشارة إلى التحريف في الصور المدنية هو التأويل والإخفاء والكتمان لبعض المعاني لما أنزل الله أو إنكارها شفوياً لوجودها، أو ليّ السنتهم بنطق الألفاظ بغير معانيها، وصرف اللفظ عن معناه أو موضعه الذي وضعه المولى (تبارك اسمه) فيها. ولم يجزم أحد العلماء المسلمين بحدوث التحريف أو التغيير اللفظي في النسخ الأصلية من التوراة والإنجيل أبداً؛ لأن هذا سيوقعهم في مشكلة؛ لأنه إذا كان هناك تحريف في كتاب الله (الكتاب المقدس) فلماذا لم يذكر في السور المكية، بل ذكر العكس كما قلنا؛ ثم إذا كان قد حدث بعد كتابة السور المكية، فأين ومتى ولماذا وكيف حدث؟ وأين كان المولى (سبحانه وتعالى) وقتئذ؟ ولماذا لم يدافع عن كلمته التي وعد بحفظها من التحريف والعبث؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي لا إجابة لها اذا صدق المرء بتحريف التوراة والإنجيل. وعلى كل حال ليس هناك آية واحدة فقط تتهم المسيحيين بتحريف الإنجيل، فكل الآيات منصبة على القلة من اليهود فقط.
لماذا كل هذه الضجة الكبيرة التي هي قائمة حول تحريف الكتاب المقدس؟ ألا يمكن أن يتنازل الإخوة المسلمون عن الإيمان بهذه النظرية؟
كلا، لا يمكن أن يتنازل الأحباء المسلمون بقضية التحريف الا إذا طلب الإنسان من الله (سبحانه وتعالى) أن يكشف له هو حقيقة هذا الأمر. فالموضوع ليس اقتناعاً عقلياً أو نفسانياً، والسبب في ذلك أن الكتاب المقدس والقرآن الكريم لا يمكن أن يكونا من مصدر واحد، أو كاتبهما، واقصد بكاتبهما. أي منشئهما شخص واحد، وهو المولى القدير تبارك اسمه. فإما أن يكونا كلاهما على خطأ، وإما أن يكون أحدهما على صواب، والآخر على خطأ، ولا يمكن أن يكون الاثنان على صواب.
لماذا وصلت إلى هذه النتيجة؟ لماذا لا يكون الاثنان صح؟ ماجاء في التوراة والإنجيل يخالف ما جاء في القرآن الكريم، ليس فقط في سرد بعض القصص والأحداث التي لا تؤثر على مصير الانسان الأبدي، ووروده النار فيها خالداً أبداً، أو وروده النعيم والتنعم به، بل الاختلاف فى صلب الدين ولا يمكن للمرء أن يؤمن بشيئين مضادين في وقت واحد. فلو كان الخلاف مجرد عدم الاتفاق على أحداث أو قصص لما اهتم الإنسان بها، لكن لو كان الخلاف على المصير الأبدي، إذن في الأمر جد خطير. والحقيقة هذا موضوع يطول شرحه؛ لأن الاختلافات الجوهرية كثيرة جداً.
هل ممكن أن تذكر لي مثل واحد يؤكد إجابتك على السؤال السابق، لأن أناساً كثيرة ترى أن الأديان كلها متشابهة، والوصول إلى النعيم الأبدي يمكن أن يكون من خلال أي دين؟
الحقيقة هذا موضوع يطول شرحه؛ لأن الاختلافات الجوهرية كثيرة جداً، لكن خذ على سبيل المثال في مسألة صلب السيد المسيح (تبارك اسمه). المسيحيون يؤمنون بأن الرب يسوع (له المجد) قد صلب نيابة وفداء عنهم، ليكفر عن خطيتهم، ويتوفاهم مع الأبرار. ويقول عنه (له المجد) في الكتاب المقدس: "له يشهد جميع الأنبياء أن من يؤمن به (أي بالمسيح) ينال باسمه غفران الخطايا؛ لأنه ليس اسم آخر تحت السماء أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص". سوى اسم الرب يسوع المسيح (تبارك اسمه) الى الأبد. ويقول السيد المسيح عن نفسه: "أنا هو الطريق". ويقصد هنا أنه الطريق الوحيد إلى النعيم الأبدي. "والحق"، أي أن (تبارك اسمه) هو الحق الذي ليس به أي غش، فلم يوجد في فمه غش. ويقول أيضاً عن نفسه (تبارك اسمه) "والحياة"، أي ليس بأحد غيره الحياة. كل من لم يعرفه ما عرف الحياة، بل سيذهب إلى عذاب أبدي، وموت محقق. وهذه العبارة: "أنا هو الطريق والحق والحياة" قالها السيد الرب يسوع عن نفسه وبنفسه. ثم يأتي القرآن الكريم، ويصرح أن السيد المسيح (تبارك اسمه) لم يصلب ، بل ألقى الله بشبهه على إنسان آخر، وأن فكرة أن يكفر إنسان عن البشرية جمعاء فكرة مرفوضة في الإسلام. ثم يرى الأحباء المسلمون أن من لم يمت مسلماً، خسر الحياة الآخرة وألقي في الدرك الأسفل من جهنم. بينما يقول السيد المعصوم من كل خطأ، والذي لم يستطع الشيطان أن يمسه أنه هو الطريق الوحيد للنعيم الأبدي. فهنا يوجد إشكال بسيط لكنه معقد وخطير، فأي الاثنين نصدق؟ وماذا لو صدَّقت السيد المسيح (تبارك اسمه)، واكتشفت يوم لا ينفع مال ولا بنون أنني خسرت الحياة الآخرة الى أبد الآبدين. وعلى نفس المنوال، فماذا لو صدَّقت الإسلام، واكتشفت بعد فوات الأوان أنني من الخاسرين، وعندها لن ينفع الندم بعد العدم.
ما علاقة هذا المثل بقضية تحريف الكتاب المقدس؟
علاقته ببساطة أن الأحباء المسلمين عندما وجدوا أن تعاليم الاسلام تخالف كل الاختلاف مع ما علَّمه السيد المسيح (تبارك اسمه) لتابعيه منذ أكثر من 600 سنة قبل ظهور الإسلام، لم يجدوا مفراً من القول من أن التوراة والإنجيل قد تحرفت، ولعبت بها يدي البشر. وبالتالي تخلصوا من حل هذه المشكلة.
بغض النظر عمن المصيب ومن المخطئ أو ما الكتاب النازل من عند الله (سبحانه وتعالى)، أنا كإنسان بسيط ماذا أعمل حتى لا أكتشف في الآخر أني من اصحاب النار الخاسرين كما قلت حضرتك، لأنك في الحقيقة قد أرعبتني؟
هناك حل واحد لهذه المشكلة بأن ترفعي قلبك لله (سبحانه وتعالى)، فهو الرحمن الرحيم، وهو أيضاً مالك يوم الدين، وهو الذي يعرف الحق المبين. وليطلب الإنسان منه أن يهديه إلى سواء السبيل، ويكشف له عن الحقيقة، وإن فعل ذلك الإنسان بإخلاص من القلب، فالله يهدي المخلصين إلى نعيمه الذي أعده للمتقين، وسيشرح للإنسان صدره للإيمان به، ومعرفة طريقه (جل شأنه)، وسيصبح إن شاء الله من الرابحين.
هل من الممكن أن تقودنا في دعاء؟
قل له: يا مولاي القدير، اهدي نفسي الى معرفة الحق، وأنا أثق أنك لم تخلقني لعذاب النار، فارحمني يا أرحم الراحمين. اغفر خطيتي وامحو أثمي، واهدني طريقك المستقيم. اهدني الطريق القويم، واقبلني تائباً راجعاً إليك، فأنت أرحم الراحمين. أمين.