هل حلل الله الخمر؟ ولأي شئ يرمز؟

هل الخمر محلل للمسيحيين لكي يشربوه وان كان لا فلماذا شرب الرب يسوع المسيح له المجد وأمه العذراء المطوبة وتلاميذه الخمر في ذلك العرس او بالاولى لماذا حول الماء الى خمر وهل كان يشجع الناس على شرب الخمر؟

ذكرت في الحلقة السابقة عدة شواهد وآيات من الكتاب المقدس تحرم على اليهود والمسيحيين شرب الخمر في العهدين القديم والجديد، أما لماذا شرب منها الرب يسوع المسيح له المجد وأمه العذراء المطوبة وتلاميذه الاقربين فهي ببساطة لأن ما قام السيد المسيح بعمله في عرس قانا الجليل يسمى في العربية بالخمر لكنه ليس الخمر المعروف لنا اليوم أو ما يعرف بالمسكر. فالخمر ثلاثة انواع عصير العنب الطازج وعصير العنب وقد تخمر ولذلك سمي بالخمر والخمر المقطرة وهي التي بها نسبة الكحول الذي يسكر. وما عمله السيد المسيح له المجد في عرس قانا الجليل كان النوع الثاني وهو عصير العنب وقد تخمر وهذا لا يسكر وهو غير المسكر أو الخمر المسكرة.

ما هو دليلك على ان النوع الذي صنعه الرب يسوع المسيح له المجد كان غير المسكر؟

لأن المسكر عندما يشربه الانسان الواعي الصاحي الذي لم يسكر بعد يسكر ويفقد التمييز لكن هذه الخمر التي صنعها السيد المسيح عندما شربها رئيس المتكأ تعجب منها وهو في كامل وعيه وقال للعريس" كل أنسان أنما يصنع الخمر الجيدة اولا ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما انت فقد أبقيت الخمر الجيدة الى الان. أي ان الخمر التي صنعها الرب يسوع كانت تفوق السكران وليس تسكره.

ما هو معنى هذا؟

العادة كانت في الافراح قديما أن يبدا الشراب بالخمر الجيدة الطازجة غير المسكرة وأذا ما شرب منها الاتسان كميات كبيرة فبالطبع لابد أن يسكر، فبعد أن يسكر كانوا يشربون أية أنواع من خمر أذا كانت غير جيدة لآنهم مش عارفين بيعملوا أيه لكن الخمر الذي قدمها العريس في هذا العرس لم تكن جيدة بالنسبة لما صنعه الرب يسوع المسيح له المجد لهم.

يوجد آية دائما نسمعها من المسيحيين الذين يشربون الخمر حتى يحللوا عملهم هذا دائما يقولون أن بولس الرسول قال" قليل من الخمر يصلح المعدة" ويقولوا نحن لانشرب لغاية السكر بل نحن نشرب قليل كما علمنا القديس بولس. فما رأيك في هذا؟

ليست هناك آية على الاطلاق في الكتاب المقدس لا في العهد القديم ولا الجديد تقول أن قليل من الخمر يصلح المعدة، هذا لم يرد في الكتاب الحكيم كله.

ولكن من أين أتوا بهذا الكلام؟

هذا الكلام أخذه العامة عن وصية الرسول بولس الى تلميذه تيموثاوس عندما قال له في رسالته الثانية الى تيموثاوس والاصحاح الخامس وعدد 23 حيث يقول تنزيل الحكيم العليم" لا تكن تكن فيما بعد شراب ماء بل أستعمل خمرا قليلا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة" فواضح هنا أن تيموثاوس لم يكن يستعمل الخمر على الاطلاق، وأنه كان عنده مرض في المعدة الى جانب أسقام كثيرة وكانت الخمر هنا بالنسبة له علاج لمعدته وأمراضه الكثيرة. ويلاحظ أن الرسول بولس هنا لم يقل له أشرب خمرا بل قال له أستعمل خمرا قليلا، فلم يصرح له بأن يشرب الخمر كما يطن البعض. هذه هي الآية التي أخذها البعض ورددوهاخطأ فعرفت بقليل من الخمر يصلح المعدة.

يقول تنزيل الحكيم العليم " ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر" فهل هناك دلالة للقول ولما فرغت الخمر ولو نظرنا للخمر من الناحية الروحية فبماذا تشبه؟

أنا ارى أن الخمر يشير الى الفرح والسرور، وأرى أيضا أن هناك نوعين معنويين من الخمر. النوع الاول هو خمر العالم أي ملذات وسرور وفرح العالم ، والثاني هو خمر الروح أي السرور والفرح الروحي الذي يعطيه الرب يسوع المسيح لكل من يؤمن بهسيدا ومخلصا له. وكثيرا ما قارن العهد الجديد بين الخمر والأمتلاء من روح الله سبحانه وتعالى فقال الرسول بولس أيضا" ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل أمتلئوا من الروح" فخمر وملذات العالم لا بد أن تنتهي يوما ما مهما دامت وكثرت وعندها يعرف المرء أنه بحاجة الى اسيد المسيح ليعطيه خمرا جديدا.

في قول الوحي العزيز" قالت أم يسوع له ليس لهم خمرا" ما هو دخل أم يسوع في هذه الحادثة، ولماذا لم يقل الكتاب المقدس هنا فقالت أم السيد المسيح له؟

دخل أم يسوع هنا حسب ما يقول التقليد أنه كان من الواضح أن أم يسوع له المجد أما صديقة عزيزة على الأسرة أو قريبة لهم فهي من الطبيعي أن تكون أول العارفين بأن الخمر قد فرغت. وبالطبع السيدات هن اللي كان لازم أن يعرفن قبل الرجال لأنه لم يكن مسموح لهن أن يكن. أما لماذا لم يقل أم المسيح فهذا واضح لأن علاقة القدسية العذراء مريم المطوبة كانت بابنها يسوع فهي أمه، لكن المسيح وهو الأزلي الأبدي فليس له أم. أي أن جوهر الله في السيد المسيح ليس له أم أو أخوة أو أخوات.

ما رأيك في تسمية القديسة العذراء مريم بأم الإله؟

هذه التسمية خاطئة جدا ولست أعتقد أنها هي نفسها قبلتها على الأرض، فيسوع المسيح الأله تبارك أسمه أي جوهر الله في السيد المسيح له المجد لا أم له. فالله قائم بذاته ليس له أب أو أم وهذا ما جعل البعض يؤمنون أن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة وأن السيد المسيح عيسى بن مريم قال أنه أتخذاني وأمي ألهين من دون الله. ومن هنا طن البعض أن المسيحيين مشركين بالله سبحانه وتعالى. لكن الحقيقة هي أن القديسة العذراء مريم هي أم الانسان يسوع، أي ناسوت أو جسد السيد المسيح تبارك أسمه. أما من ناحية لاهوته فهو قائم بذاته لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.

ما هو دليلك على أن السيدة العذراء مريم لم تكن تقبل ان يقال لها أم الاله أو أم الله؟

هناك عدة أدلة على ذلك، أملها أن عبارة أم الاله أو أم الله لم تذكر أطلاقا في الكتاب المقدس لا في العهد القديم أو الجديد. ثانيهما: عندما جاء جبرائيل الملاك ليبشرها بغلام زكي وجيها في الدنيا والاخرة، أي السيد المسيح يسوع له كل المجد. قالت بلسانها هذه الكلمات بعد مقابلتها لاليصابات قريبتها وأم النبي يوحنا بن زكريا قالت" تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر الى تواضع آمته" فهي في علاقتها بالله أو الرب يسوع المسيح كالله الظاهر في جسد أنسان ترى أن الله هو مخلصها كأي أنسان آخر. وترى أنه أمة أو عبدة الله سبحانه وتعالى المستوي على العرش.

ما زلنا في الكلمات التي ذكرها الوحي في أنجيل يوحنا وعدد 3 أذ يقول تنزيل الحكيم العليم" ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر" والسؤال هنا ما قالته القديسة العذراء مريم للرب يسوع تبارك أسمه مجرد كلمات بسيطة " ليس لهم خمر" فهل كانت تعلم أنه تبارك أسمه سوف يعمل معجزة في هذا الامر؟

واضح من سياق الكلام أن القديسة العذراء مريم كانت تعلم أن أبنها لابد أن يعمل معجزة حتى ينقذ هذا العرس من الخجل والعار وكلام الناس. فمسألة فراغ الخمر ليست أمرا سريا كما نطن، فالخمر كان عاملا أساسيا في العرس، ولا شك أن كثير من المدعويين وخاصة أذا كانوا سكارى سوف يواصلون السؤال عن الخمر بلا وعي أو تقدير للظروف. فكان أهل العريس والعريس نفسه سوف يوضعون في موقف حرج جدا متكرر طول مدة العرس. ورأت القديسة العذراء مريم أن أبنها لابد أن يعمل شيئا أعجازيا ليخرج به العريس واهله من هذه الورطة.

كيف عرفت السيدة العذراء المطوبة أن أبنها يمكن أن يعمل معجزة مع ان الانجيل كما دونه البشير يوحنا يقول أن معجزة تحويل الماء الى خمر التي نحن بصددها هي أول معجزة او بداءة الايات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه. أي ان الرب يسوع تبارك أسمه لم يعمل معجزة قبلها؟

لا في رأي الخاص أن المقصود بأن هذه بداءة الايات التي فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده، مقصود بها اول آية او معجزة علنية يعملها أمام الناس أو عملها ليطهر بها مجده علانية أمام الناس، لكن لابد من خلال الثلاثين سنة من حياة الرب يسوع والتي سبقت هذه المعجزة كان لا بد يعمل معجزة بسيطة متفوقة في مواقف خاصة بدليل أن القديسة العذراء مريم عرفت أن في أمكانه أن ينقذ العرس من هذه الورطة بمعجزة.

والحقيقة حياة الرب يسوع المسيح نفسه تشهد عن أنه ليس فقط صانع معجزات بل هو نفسه معجزة وأكثر الناس دراية بهذه الحقيقة كانت هي أمه ولا شك فهي تعلم كيف حل الروح القدس عليها فحبلت وولدت دون أن يمسها بشر. وأنها لم تكن بغي، وهي رأته يكبر دون أن يصنع أثما ولا معصية واحدة لها أو لزوجها يوسف النجار. ورأت كيف كان يجادل رؤساء الكهنة في الهيكل وهو أبن 12 سنة. فمعجزة المعجزات أن يصمت الله في جسد السيد المسيح لمدة 30 سنة دون أن يصنع معجزة واحدة علنية.

شيء ثاني لفت نظري من نفس العدد وهو الاية 3 من الاصحاح الثاني من الانجيل بحسب البشير يوحنا وهي أن القديسة العذراء مريم لم تتحدث كثيرا عن المشكلة؟

لم تتحدث كثيرا على المشكلة، ولم تصنع طريقة معينة لحل هذه المشكلة، أو زمانا معينا لحلها، كل ما عملته هي أنها قالت له تبارك أسمه ليس لهم خمر. وهذا عنصر الحقيقة مهم في كيفية الحصول على معجزة من الرب يسوع المسيح تبارك اسمه حتى اليوم. فتنزيل الحكيم العليم الكتاب المقدس يعلمنا قائلا " لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" أي ما علينا هو أننا نصلي عارضين المشكلة أو الاحتياج أو المجال الذي نريد حدوث معجزة به، فنعرضه أمام الله سبحانه وتعالى ونتركه له ليتدخل فيها جميعا بطريقته ووقته.

الحقيقة بعد أن قالت السيدة العذراء المطوبة للرب يسوع المسيح تبارك أسمه هذه الكلمات " ليس لهم خمر" يقول العدد الرابع " قال لها يسوع مالي ولك يا أمرأة" وهذه الكلمات أثارت كثير من الباحثين فقالوا ليس هذا أسلوب الرب يسوع المسيح تبارك أسمه الوديع الهادي، فما معنى مالي ولك يا أمرأة؟

ما لي ولك تعني ماذا يمكن أن أعمله لم ، أو اية علاقة لي بك في هذا الشأن. وهذا لا يدل على جفاء السيد الرب يسوع المسيح مع أمه بدليل أنها فهمت قصده وعلمت أنه لا يرفض طلبها بل سيعمل شيء ينقذ به الموقف فقالت للخدام " مهما قال لكم فافعلوه" وكان السيد المسيح تبارك أسمه يريد أن يقول لها بهذه المعجزة العلنية سيرى الناس مجدي وأنا من الان لابد أن أخرج الى ما هو أوسع من علاقتي الجسدية بك كأمي، فأنا أتحرك الان علانية كالله الظاهر في جسد أنسان، وهذا لا دخل لك انت به فهذا يسمو فوق علاقتي بك كأم وعلاقتك بي كأبنك لذلك لم يقل لها " ما لي ولك يا أمي".

كيف يقول الرب يسوع المسيح تبارك أسمه وهو الوديع اللطيف الرقيق لأمه " يأمرأة"اليس هذا جفاء منه وخاصة أمام المدعوين؟

لا ليس هذا جفاء بل كلمة ياأمرأة كانت تستخدم في العهد القديم لوصف السيدات الشريفات المحترمات. فكلمة أمرأة تعني سيدة وليس لها الاستخدام الدارج اليوم في اللغة العربية، وعلى كل حتى في بعض البلدان العربية كاألاردن ولبنان وفلسطين يستخدمون كلمة أمرأة في الحديث عن السيدات. أما من الناحية الروحية فكما سبقت وقلت كان طلب القديسة العذراء مريم بأن يجري معجزة لينقذ بها الموقف كان متعلقا بأطهار مجد لاهوته، أي ان السيد المسيح الله الظاهر في الجسد سبحانه هو الذي سيعمل المعجزة وكما سبقت فقلت أيضا عندما نتكلم عن لاهوت السيد المسيح تكون القديسة العذراء مريم بالنسبة له سيدة كأي سيدة، أما عندما نتكلم عن ناسوته فالقديسة العذراء مريم هي أمه كأنسان مولود من أمرأة. والمشهد كله هنا يتعلق بكون الله الظاهر في الجسد لذلك لم يكن ممكنا أن يدعوها أمي في هذا المقام.

العجيب ان الرب يسوع المسيح تبارك أسمه يقول لأمه " لم تأتي ساعتي بعد" فما هي ساعته التي نتكلم عنها، أية ساعة بالضبط؟

لكل شيء عند المسيح تبارك أسمه وقت، فهو لم يكن يعمل شيء الا في وقته، في الدقيقة والثانية التي لا بد أن يعملها فيها. ولم يكن أحد يستطيع أن يحمله أو يجبره على عمل أي شيء ليس في توقيته فهو العليم بكل شيء من يعلم الاسرار الازمنة والاوقات. فساعته هنا المقصود بها وقت أظهار مجده علانية بعد، وهذا لا يعني انه كان يرفض طلبها في أن يعمل معجزة بل هي فهمت أنه سيعمل المعجزة في التوقيت المناسب والمحدد لاجراء هذه المعجزة.

لماذا لم تكمل السيدة العذراء الحديث مع الرب يسوع بعد أن قال لها " ما لي ولك يأمرأة لم تأتي ساعتي بعد" بل نطرت الى الخدام وبدأت تتحدث اليهم وكأنها واثقة أن السيد الرب تبارك أسمه مؤكد سيصنع المعجزة؟

لأنها كانت متأكدة أنه سيصنع معجزة وسيتدخل بطريقة أعجازية لأنقاذ الموقف، فالرب يسوع له المجد ليس بحاجة الى كلام كثير أو صلوات مطولة وصراخ لمدة طويلة حتى يسمع ويستجيب لا هو يريدنا فقط أن نعلمه بالشيء كما قلنا ونتركه له ليعمل مايريد.

والحقيقة أن العذراء المطوبة عملت شيء يدل على أيمانها وثقتها في أن السيد الرب يسوع له المجد سيعمل المعجزة، والايمان هام جدا بأن المولى تبارك أسمه ما دام قد سمع لطلبتي وشكواكي لا بد أن يصنع شيء، والايمان لابد أن يظهر بأعمالي وأقوالي، فأيمانها بأن المعجزة ستتم جعلتها تكف عن الكلام له تبارك أسمه وتوجه كلماتها للخدام قائلة قولتها الشهيرة" مهما قال لكم فأفعلوه".

واضح أن الكلمات التي نطقت بها القديسة العذراء مريم كانت قليلة في عددها لكنها عمقية جدا في مغزاها ومضمونها، فهل يمكن أن تلقي لنا الضوء على هذه العبارة " مهما قال لكم فافعلوه"؟

الحقيقة أتمنى أننا كلنا نتكلم من القديسة العذراء مريم واحد من أهم الدروس في الحياة وهي أن نعرف متى نتكلم ومتى نصمت وأذا تكلمنا ماذا نقول، فلم يدون لنا الكتاب المقدس سوى مواقف قليلة جدا وكلمات معدودة تكلمت بها من أصطفاها الله وفضلها على نساء العالمين. فكأم الرب يسوع لم نسمعها تدون في الوحي حديث عن طبيعتها، أو أهميتها لأن يأتي منها سيد كل الارض ولم نتكلم عن كيف ربته وأعتنت به أو تفوقها على أترابها في ذلك الوقت. بل كانت دائما حكيمة متواضعة هادئة لايسمع لها صوت في مناسبات كثيرة، وهنا عندما نتكلم تقول للسيد تبارك أسمه ثلاثة كلمات " ليس لهم خمر" وتقول للخدام أربعة كلمات " مهما قال لكم فأفعلوه" بسبعة كلمات فقط وهو عدد الكمال أنقذت عرسا من ورطة محققة وحصلت على المعجزة التي كانت تريدها، هذه دروس رائعة من حياتها.

عودة للفهرس