هل يمكن أن يطلب المولى سبحانه وتعالى من إنسان أن يعمل شئ غريب أو صعب أو غير مقبول أو مفهوم قبل أن يصنع معه معجزة؟
قالت القديسة العذراء مريم للخدام:" مهما قال لكم فأفعلوه" والكلام هنا عن الرب يسوع المسيح. ما هي مدى وأهمية هذه العبارة في أنجاز هذه المعجزة أو حدوث معجزة في حياة أحد السامعين الأن؟
الحقيقة هذه الكلمات القليلة وبالضبط عددها أربعة كلمات هي المقتاح للحصول على اي معجزة من المولى سبحانه وتعالى، وهذه الكلمات هي التي نطقت بها القديسة العذراء مريم وقالتها للخدم بعد أن فرغ الخمر من العرس قالت لهم: " مهما قال لكم فأفعلوه"
أولا: كلمة مهما ، وكلمة مهما تعني أي سيء يطلبه منكم أيها الخدام الرب يسوع المسيح له المجد لابد ان تفعلوه لكي تتم المعجزة وكلمة مهما تتضمن في طياتها حتى أن كان طلبه منكم غريب أو صعب أو غير مقبول أو حتى غير مفهوم لكم مهما قال لكم.
هل ممكن أن يطلب المولى سبحانه وتعالى من أنسان أن يعمل شيء غريبا أو صعبا أو غير مقبول أو مفهوم قبل أن يصنع معه معجزة؟
ليس من الضرورة أن يطلب المولى سبحانه وتعالى شيء له الصفات السابقة لكنها قد تحدث ويطلب جل شأنه من الانسان شيء غريب أو صعب أو غير مقبول أو مفهوم قبل أن يعمل معه معجزة.
هل ممكن أن تعطينا أمثلة للتدليل على هذه الاجابة؟ خذي على سبيل المثال عندما أراد الله أن يبارك ابونا أبراهيم في القديم قال له خذ أبنك وحيدك الذي تحبه وقدمه لي محرقة على أحد الجبال التي أريك. هذا أمر غريب وصعب وغير مقبول أو مفهوم من المولى سبحانه وتعالى بأن يطلب من احد عباده أن يذبح أبنه، لكن عندما أطاع خليل المولى أبراهيم أمر الله سبحانه وتعالى قال له القدير جل شأنه ساباركك وأجعلك بركة.
خذي مثلل ثاني عندما أراد الرب يسوع المسيح تبارك أسمه أن يشفي أحد العميان في القديم، يقول الكتاب أنه تفل على الارض وصنع من التفل طينا وطلى عيني الاعمى، وقال له أذهب أغتسل في بركة سلوام. فمضى وأغتسل وعاد صحيحا بصيرا. فهذا أمر غريب وصعب وغير مقبول أو مفهوم أن يوضع على عيني الاعمى طين. أيضا المثل الذي نحن بصدده في هذه المعجزة، فالمشكلة كانت أن الخمر فرغت من العرس وها هو لسيد المسيح يقول لهم أملئوا الاجران ماء، لماذا ، لدينا مياه كثيرة، نحن لا نريد ماء بل خمر فهذا أمر غريب وغير مفهوم ولكن لما أطاعوا كلمة مهما وملئوا الاجران ماء، حول السيد له المجد الماء الى خمر. وغيرها الكثير من الأمثلة.
الكلمة الثانية هي "قال" في عبارة مهما " مهما قال لكم فأفعلوه" فما هي دلالة هذه الكلمة؟ عندما نقع في مشكلة أو ضيقة أو نحتاج الى معجزة من العلي تبارك أسمه لا بد أن نسمع صوته ماذا يريد أن يقول أو يطلب منا لإتمام هذه المعجزة. فكل حالة وكل معجزة لها ظروفها الخاصة بها فخذي مثلا معجزات الشفاء التي عملها يسوع المسيح تبارك أسمه، عندما شفى عشرة مصابين بداء البرص قال لهم " أذهبوا أروا أنفسكم للكهنة" وكانوا مازالوا مرضى يقول الكتاب " وفيما هم منطلقون طهروا".عندما شفى السيد تبارك أسمه المفلوج الذي كان يحمله الاربعة ودلوه أمامه له المجد من السقف قال للمفلوج" مغفورة لك خطاياك" وثم قال له قم أحمل سريرك وأذهب الى بيتك. عندما شفى حماة بطرس لم يتكلم اليها بل تكلم الى مرضها وهو الحمى. ويقول تنزيل الحكيم أنه أنتهر الحمى. عندما شفى الرجل الابرص الذي سجد له تبارك أسمه وقال له " أن أردت تقدر أن تطهرني" قال له " أريد فأطهر". أذا كلمة قال تؤكد على أننا لابد أن نسمع صوت المولى تبارك أسمه يتكلم الينا قبل عمل المعجزة.
وماذا عن كلمة " لكم" في عبارة " مهما قال لكم فأفعلوه"؟
كلمة لكم تدل على أن القول الذي يقوله السيد المسيح تبارك أسمه أو القدوس جل شأنه لا بد أن يكون موجه لي أنا. فلا يمكن أن أمشي أو أتوقع معجزة بناء على ما قاله السيد الرب الى شخص أخر. فأذا كنت أعمى مثلا وقلت أن السيد الرب قال لللاعمى أذهب أغتسل في بركة سلوام، وذهبت أنا وأغتسلت هناك فبالطبع لن تحدث معي نفس المعجزة، لماذا لأن السيد قال هذا الامر اشخص أخر وليس لي. وتحضرني قصة قرأتها في كتاب سلطان المؤمن، عن ثلاثة فتيات كن يردن أن يحضرن أحد الاجتماعات الكنسية الانعاشية وكان لا بد أن يعبرن نهر ممتليء بالماء، ولم تكن هناك مركب يمكن أن يعبروا فيه النهر. فقالت أحداهن أنا أتذكر أن السيد المسيح أمر تلميذه بطرس بأن يمشي على اماء وفوق الامواج يوما ومشى التلميذ بطرس بالفعل على الماء ، فلماذا لا نمشي نحن على الماء؟
وفعلا مشوا على الماء؟
بناء على قول الرب يسوع لبطرس أن يمشي على الماء، مشي أملئك القتيات على المياه.
والنتيجة؟ النتيجة غرقوا طبعا والسبب بسيط لأن الرب يسوع تبارك أسمه قال لبطرس أن يمشي على المياه وليس لهن. فليس فقط ينبغي أن أسمع صوت الله يتكلم بخصوص حالتي أو مشكلتي لكن أن لا بد أن يكون الكلام موجه لي أنا شخصيا وليس كلاما عاما ذكر في الكتاب.
وماذا عن كلمة " أفعلوه " في عبارة " مهما قال لكم فأفعلوه" ؟
كلمة أفعلوه تعني أن هناك دورا أنسانيا لابد أن يعمله الانسان لكي يحصل على المعجزة.
ماذا يمكن أن يعمل الانسان للحصول على معجزة، فكلمة معجزة كما عرفتها حضرتك في حلقة سابقة هي عمل خارق للطبيعة يعجز المرء عن عمله ولا بد من قوة خارجية تفوق قوة الانسان تعمل له هذه المعجزة. والأن جنابك تقول يجب أن يعمل شيئا؟
أنا لا أقصد أن يعمل الانسان المعجزة والالما صارت معجزة، لكن هناك دورا أنسانيا في كل معجزة لكي تتم. فعندما يطيع الانسان المولى سبحانه وتعالى في تنفيذ وصيته وما يطلبه منه يقوم هو جل شأنه بعمل المعجزة.
هل ممكن أن تعطينا أمثلة على ما يمكن أن يعمله الانسان أو الدور الانساني في عمل هذه المعجزة؟
خذي على سبيل المثال عندما أراد السيد المسيح تبارك أسمه أن يشبع الجموع التي كانت تسير وراءه وكتن عددهم نحو خمسة الأف عدا النساء والأطفال ماذا عمل؟ سأل عما لدى التلاميذ من طعام فقدموا له خمسة أرغفة وسمكتين، فبارك ووزع على الجميع، فأكل الخمسة الأف وشبعوا. مثال أخر عندما أراد السيد الرب يسوع تبارك أسمه أن يقيم لعازر الميت من الأموات قال لمن حوله " أرفعوا الحجر" الذي كان يجثم على باب القبر. مأن كان للسيد المسيح تبارك أسمه القدرة على أقامة الميت أفلم يكن يستطيع أن يقول للحجر تحرك فيتحرك. وهنا في المعجزة التي نحن بصددها، عندما أراد السيد تبارك أسمه ان يعطي خمرا للحاضرين طلب من الخادمين أن يملئوا الاجران ماء.
هل يمكن تطبيق هذا على مشاكلنا اليومية في وقتنا الحاضر؟ وكيف؟
بالطبع فمثلا قد أكون محتاج لبعض النقود لآشتري شيء معين ضروري ولايكون معي الا قروش قليلة وأصلي أن يرسل لي الرب المبلغ الذي أريده. فيقول لي السيد الرب أن أعطي معي لأحد الفقراء مثلا. وهنا تتوفر عناصر هذا المفتاح الذي من خلاله أستطيع أن أحصل على معجزة. فأن أعطي ما معي من نقود لأحد الفقراء وأنا أحتاج اليها لشراء شيء أساسي مهم في حياتي، فهذا أمر صعب وغريب وغير مقبول أو مفهوم. لكن ما أعرفه ان المولى تبارك اسمه تكلم الي بطريقة أو أخرى، وتكلم الي انا شخصيا وطلب مني أن أفعل هذا الامر. وعندما أفعله يرسل المولى سبحانه وتعالى كل أحتياجي. قد أكون محتاج لمعجزة شفاء مثلا، فيتكلم المولى تبارك أسمه لي أنا قائلا ينبغي أن تغفر لأخيك الذي أساء اليك أولا وأن لم أفعل ذلك فلن أحصل على معجزة. أو أن يقول لي رد الذي سرقته من جارك، أو قد يقول لي أذهب الى الطبيب وأنا سأعطي حكمة للطبيب ليعرف داءك ومن خلاله أشفيك.
هل هناك مثل عملي في ألكتاب المقدس يؤكد اجابتك السابقة؟
عندما حدثت مجاعة في أيام نبي الله أيليا بسبب أن السماء لم تمطر لمدة ثلاثة سنين ونصف وجفت مياه الأنهار، كان لابد أن يتدخل المولى تبارك أسمه فينقذ نبيه أيليا من هذه المجاعة. ولكي تتم هذه المعجزة أرسله تبارك أسمه الى أمرأة أرملة لكي تعوله، وذهب اليها ووجدها تجمع بعض القش والحطب فسألها ماذا تعملين ، قالت له لدي حفنة من الدقيق ودهنة زيت سنعملها فطيرة لي ولأبني نأكلها ثم نموت. أذا فهذه الارملة كانت تحتاج أيضا الى معجزة لكي تعيش هي وأبنها، فقال لها نبي الله أيليا أعملي لي كعكة أنا أولا. وهذا شيء غريب ولا يصدق فكيف وهي ليس عندها ألا حفنة دقيق ودهنة زيت لا تكفي ألا لعمل كعكة واحدة لها ولأبنها أن يطلب منها نبي العلي أن تعمل له هو أولا كعكة صغيرة.
هذا شيء عجيب فعلا وعملت له كعكة أولا ؟
صدقيني عملت له هو كعكة أولا من حفنة الدقيق ودهنة الزيت.
والنتيجة؟
النتيجة أنه قال لها هكذا قال الرب أن كوز الزيت لا ينقص وكوار الدقيق لا يفرغ. وبالفعل لم يفرغ كوار الدقيق ولم ينقص كوز الزيت حتى أنتهت الازمة وعاشت هي وأبنتها ورجل الله.
القصة أو المعجزة التي نحن بصددها تقول ان بعد أن قالت القديسة العذراء مريم للرب يسوع تبارك اسمه ليس لهم خمر ثم أجابها مالي ولك ياأمرأة، لم تأتي ساعتي بعد. وعندها قالت للخدام" مهما قال لكم فأفعلوه " يقول في العدد السادس " وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة" ممكن أن تشرح لنا هذا العدد؟
نحن الان سندخل في طريقة حل الرب يسوع المسيح تبارك أسمه للمشكلة أو الورطة التي نتجت عن فراغ الخمر من العرس، والقصة تتحدث عن ستة أجران. والجرن هو أناء كبير كان يصنع من فخار وكان هذا الاناء يسع ما بين مطرين أو ثلاثة أي يسع حوالي 35 لتر من الماء تقريبا، كان فيه 6 منهم.
الكتاب المقدس يقول عنهم أنهم كانوا موجودين هناك حسب تطهير اليهود، فما معنى ذلك؟
اليهود كما هو معروف عنهم وخاصة في القديم كانوا لا يأكلون أو يشربون الا بعد غسل أيديهم وتطهيرها ومن يأكل دون غسل يديه كانت يداه تعتبر نجسة. أيضا عندهم عادة غسل الارجل من التراب العالق بأرجلهم من الطريق هذا المقصود بحسب تطهير اليهود.
ألا ترى جنابك أن ستة أجران يسع كل واحد تقريبا خمسا وثلاثين لترا، معنى هذا أن الماء المتحول الى خمر كان تقريبا 210 لتر. فل تخيلنا بقياس اليوم أن كل زجاجة للخمر تحتوي على لتر واحد هذا معناه أن الرب يسوع المسيح عمل لهم مئتين وعشرين زجاجة خمر، اليست هذه كمية كبيرة جدا؟
الرب يسوع المسيح له المجد عندما يعطي يعطي بسخاء ولا يعير، كما قال الكتاب أكثر جدا مما نطلب أو نفتكر. ليس بحسب أحتياجنا بل بحسب غناه في المجد. وهذا واضح لما عمل معجزة أشباع الجموع بالخمسة أرغفة والسمكتين، الانجيل يقول أن الجميع أكلوا وكان عددهم كما قلنا خمسة الأف رجل عا النساء والاطفال . وليس هذا فقط بل جمعوا الكسر فكانت أثنا عشر قفة مملؤة.
وماذا حدث بعد ذلك؟
بعد ذلك طلب الرب يسوع المسيح من الخدام أن يملؤا الاجران بالماء، فأطاعه الخدام وملؤا الاجران الى فوق. وهذا دلالة على طاعتهم وتصديقهم أن الرب يسوع سوف يعمل معجزة، وبعدها قال لهم الرب يسوع له المجد مباشرة أستقوا الأن وقدموا لرئيس المتكأ.
اليس غريبا أن الرب يسوع له المجد لم يلمس الماء مثلا بيديه أو يصلي عليه على الاقل ليثبت للخدام أنه عمل شيء في الماء لكي يتحول الى خمر، لكنه تبارك أسمه قال لهم أستقوا وقدموا لرئيس المتكأ الماء الذي وضعوه بأيديهم في الاجران؟
هذا ليس غريبا على الرب يسوع لأنه ليس مجرد أنسانا عاديا، فلو كان الرب يسوع مجرد أنسان أو نبي فحسب كما يظنه البعض كان لا بد أن يصلي الى الله سبحانه وتعالى لكي يؤيده بهذه المعجزة ويطلب اليه سبحانه أن يحول اماء الى خمر. وكان ممكن أيضا أنه ذاق الخمر الامل بنفسه قبل تقديمه لرئيس المتكأ لكي يتأكد أن الماء فعلا أصبح خمر. لكن الرب يسوع المسيح تبارك أسمه وهو القدير على كل شيء وهو القدير على كل شيء وهو العليم بكل شيء وهو الذي يقول للشيء كن فيكون لا يحتاج لكل هذا فهو يعلم أن الماء يطيعه فيتحول من نفسه الى خمر. فمجرد رغبته أن يصير الماء خمر يحول الماء الى خمر، وهو لأنه العليم بكل شيء كان يعلم أن الماء قد تحول بالفعل الى خمر فلم يذقه أولا ولا طلب من الخدام أن يذوقوه ليتأكدوا من المعجزة بل أمرهم أن يقدموا الماء المتحول خمر الى رئيس المتكأ نفسه وليس لأي شخص أخر.
الحقيقة أنا معجبة جدا بهؤلاء الخدام لأجل طاعتهم وثقتهم في السيد المسيح. فهم كانوا في موقف صعب يمكن أن يكون قد فكر أحدهم أه لو الماء لم يكن قد تحول الى خمر، والأن ماذا سيصنع له رئيس المتكأ؟
الحقيقة أن حضور الرب يسوع المسيح تبارك أسمه في المكان نفى كل سؤال أو حيرة أو عدم أيمان وحتى لو شك أحدهم فالسيد المسيح له المجد يعلم أنهم بشر وفي موقف صعب. لكن هذاين مفتاحين أساسيان في الحصول على معجزة وهما الطاعة والأيمان.