هل كان للرب يسوع المسيح أخوة حسب الجسد؟
يقول العدد الثاني عشر من الاصحاح الثاني: " وبعد هذا أنحدر الى كفر ناحوم هو وأمه وأخوته وتلاميذه وأقاموا هناك اياما ليست كثيرة" وسؤالي هو هل كان للرب يسوع المسيح تبارك أسمه أخوة حسب الجسد؟
الحقيقة لا يستطيع احد ان يجزم بهذا لأن الكتاب المقدس واقصد هنا الاناجيل لم تذكر صراحة أن احدا قد سمي أخو الرب أي المسيح، وكتب عنه من نفس الوقت أن هذا الانسان أو هذه الانسانة هي بنت يوسف بن هالي زوج السيدة العذراء مريم المطوبة وأخوته. لكن ما يذكره الانجيل هو على غرار هذه الآية. فهنا يفول أنحدر هو وأمه وهي بالطبع القديسة العذراء المطوبة وأخوته. وفي حادثة أخرى ذكر الانجيل أن الجميع جاؤا وقالوا له هوذا أمك وأخوتك قد وقفوا خارجا طالبين أن يكلموك، فأجاب من هي أمي ومن هم أخوتي، ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي وأخوتي لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي. هذه الحادثة ذكرت في أنجيل متى اصحاح 12 وعدد 46- 50 . ومرى أخرى يقول الرسول بولس في رسالة الى غلاطية 1: 18-19 " ثم بعد ثلاث سنين صعدت الى أورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده 15 يوما، ولكنني لم أرى غيره من الرسل الا يعقوب أخا الرب".
أذا كان للرب يسوع المسيح حسب النصوص التي ذكرتها أخوة في الجسد؟ ربما لم يكن له لأن في العهد القديم وأيام ظهور المبارك بجسده على الارض كانوا يسمون أولاد الخالات والاعمام أخوة الشخص. فيعقوب الذي قال عنه بولس انه أخو الرب هذا معروف من نسبة أنه لم يكن يعقوب بن يوسف بن هالي زوج القديسة العذراء مريم بل كان أبن أخت العذراء المطوبة. فهناك رأيين في هذا الموضوع رأي يقول ان الرب يسوع تبارك أسمه كان له أخوة حسب الجسد أو من الناحية الجسدية الناسوتية، وبالطبع ليس من الناحية الروحية أو اللاهوتية. لأنه بلاهوته هو الله ظاهرا في جسد أنسان وليس لله أب أو أم أو أخوة أو أخوات، جل شأنه ولا مثيل أو شريك له سبحانه من ليس له كفؤا أحد.
وما هو الرأي الثاني؟
الراي الثاني ان كل من ذكرهم الكتاب المقدس تنزيل الحكيم العليم على أنهم أخوة الرب كانوا أبناء خالاته وعمومته، وأن القديسة العذراء لم تنجب بعد ولادة السيد المبارك له المجد، بل وقد غالى البعضب وقالوا ان السيدة العذراء ظلت عذراء لم يمسها بشر حتى ماتت ولم يعرفها خطيبها الذي أصبح زوجها وهو يوسف المعروف بيوسف النجار أو يوسف بن هالي، وأنتشرت قصص كثيرة وخرافات كثيرة حول هذا الوضع.
واضح من أجابتك في السؤال السابق أن هناك خلاف كبير حول هذا الموضوع، فما أهميته على أي حال أن كانت القديسة قد أنجبت بعد الرب يسوع المسيح أو أنها عاشرت زوجها يوسف النجار معاشرة الازواج أم لا ؟
يعطي البعض لهذا الموضوع اهمية كبيرة جدا لأنهم يعتبرون أن الزواج نجاسة وهم يحاولون أن يقدسوا العذراء المطوبة من أصطفاها الله على نساء العالمين، ويرفعونها فوق الاتصال الجنسي البشري مع رجل. ونقرأ في الرسالة الى العبرانيين والاصحاح 13 والآية 4 " ليكن الزواج مكرما والمضجع غير نجس" فلن يقلل ابدا من كرامة ومكانة القديسة العذراء مريم المطوبة أنها كانت متزوجة وفي عشرة زوجية مع زوجها. ولن يقلل أبدا من حياتها المقدسة انها تكون قد أنجبت أولاد من زوجها يوسف الذي من الناصرة.
د. ناجي أنا أريد أن أعرف رأيك الشخصي أنت، هل تعتقد أن الرب يسوع المسيح تبارك أسمه كان له أخوة في الجسد؟
الحقيقة رأي الشخصي أنا لا، لم يكن له تبارك أسمه أخوة حسب الجسد وأبني رأي على شيئيين. الاول كما قلت أن الكتاب لم يذكر صراحة أن هناك أخ للرب بمعنى أنه كان أبن للقديسة المطوبة ويوسف النجار. الامر الثاني عند الصليب عندما أراد الرب يسوع المسيح أن يستودع أمه في أيدي أمينة قبل وفاته على الصليب أوصى بأمه تلميذه يوحنا. فلو كان له أخوة حسب الجسد لكنا سمعنا عنهم أن أحدهم كان عند الصليب أو أنه أعتنى بأمه. فكلمات الرب يسوع مذكورة في الانجيل كما دونه البشير يوحنا اصحاح 19 وعدد 25. يقول تنزيل الحكيم العليم: " وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية، فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه(أي يوحنا المدون هذا الانجيل) واقفا قال لأمه يأمرأة هوذا أبنك. ثم قال للتلميذ هوذا أمك ومن تلك الساعة أخذها التلميذ لخاصته". وهذا في رأيي أن السيد لم يكن له أخوة أشقاء من أمه وزوجها يوسف.
عدد 13 من الاصحاح الثاني من الانجيل بحسب البشير يوحنا يقول: " وكان فصح اليهود قريبا فصعد يسوع الى أورشليم" مامعنى عبارة كان فصح اليهود قريبا؟
يقصد بعبارة فصح اليهود، عيد الفصح عند اليهود، وعيد الفصح يحتفل به اليهود كل عام حتى اليوم تذكارا لخروجهم من أرض مصر. وكلمة فصح معناها عبور بالعبرية، فهو عيد العبور من أرض مصر خروجا منها في طريقهم الى أرض كنعان.
ما علاقة صعود السيد المبارك الى أورشليم بعيد الفصح؟
الاحتفال بعيد الفصح كان دائما في أورشليم في الهيكل، وهذا العيد يعتبر من أهم الاعياد التي كان ولا زال اليهود يحتفلون به.
عدد 14 من الانجيل بحسب البشير يوحنا يذكر قصة غريبة وهو ما كتب عن الرب يسوع المسيح تبارك اسمه أنه وجد في الهيكل الذين كانوا يبيعون بقرا وغنما وحماماً والصيارف جلوسا. فصنع سوطا من حبال وطرد الجميع من الهيكل الغنم والبقر وكب دراهم الصيارفة، وقلب موائدهم، اليس هذا غريبا على السيد الرب يسوع المسيح تبارك أسمه وهو الوديع الهاديء الصبور الرحيم؟
الحقيقة ليس هذا غريبا على شخص السيد المسيح له المجد لأن صفاته تبارك اسمه متكاملة. فنعم هو الوديع الهاديء الصبور الرحيم، لكنه هو الحق العادل المنتقم الجبار أيضا. فأذا تعطلت أحدى صفاته أي أنه أستعمل الصبر فقط أو الرحمة أو الوداعة فقط وتهاون في مواجهة الخطية، لحدث خلل في صفاته ولما صلح أن يكون هو الله الظاهر في جسد أنسان. فالمسيح يحب الخاطيء لكن لقداسته وعدالته فهو يكره الخطية.
وما هي خطية الصيارفة وباعة الحمام، هل التجارة حرام؟
لا التجارة الشريفة في مكانها الصحيح ليست حرام لكن التجارة القائمة على الاستغلال والجشع وأنتهاز الظروف، وأيضا في مكان غير صحيح هذه حرام ولا يوافق عليها المولى سبحانه وتعالى. فكم وكم لو كانت هذه التجارة الحرام تجرى في بيت الله حتى تحول بيت الله ، وبيت الله المفروض أنه بيت الصلاة والتوبة والغفران والمحبة. تحول الى بيت تجارة وجشع وحب للمال وأغضاب للرحمن. هل مطلوب من المولى عز وجل ان يسكت على فعل الحرام في بيته؟ أو أولئك الذين يتجرون في الدين؟
هل من الممكن أن توضح لي كيف كان هؤلاء الصيارفة يتاجرون تجارة حرام في بيت الله؟
كانت عبادة اليهود وزيارة الهيكل المقدس على تقديم شيئين: الاول فضة الكفارة والثاني الذبيحة التي للكاهن فيقدمها للمولى تبارك اسمه للرضا عن الانسان العاصي وغفرانا لمعاصيه. فأنتهر بعض تجار الحمام والبقر والغنم هذه الفرصة وأبتدؤا يبيعون هذه الطيور والحيوانات للقادمين للهيكل الذين يريدون تقديم الذبائح. وكانوا يبيعونها بأثمان مبالغ فيها ونوعيات غير جيدة كما يقول المؤرخون عن تلك الفترة الزمنية. ونظرا لأحتياج الناس لهذه الطيور والحيوانات فكانوا يشترونها. ثم البعض كان يأتي بفضة من الخارج ولا بد أن يغيرها بفضة الهيكل ويزنها بشاقل الهيكل، فأصبح هؤلاء التجار يمارسون جشعهم وأستغلالهم للناس داخل الهيكل. فكان أن الرب يسوع قال لهم: " مكتوب أن بيتي بيت صلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص".
واضح أن لا أحد اليوم يمكن أن يقع في مثل هذه المعصية فليس هناك أحتياج للحمام ولا لليمام ولا الغنم أو البقر، فكيف تطبق هذه النقطة على حياتنا اليوم؟
لكل عصر ولكل أمة دين اسلوبه في ممارسة طقوسه التي يمكن أن يصبح بيت الله معها بيت تجارة وفي بعض الاحيان مغارة لصوص. كثيرا ما نرى بعض رجال الدين في كل الاديان السماوية وغير السماوية يستغلون مراكزهم وسلطاتهم التي منحوها لأنفسهم وسلطوها على رقاب العباد ليجمع أكبر ما يمكن من المال والتبرعات فيقبلونها ويتجرون بها داخل بيوت الله.
هل هناك مثل عملي على ذلك؟
البعض يدفع نقود في المسيحية أو الشيوخ في الاسلام ليقرأوا لهم من كتبهم الدينية أو يطلبون لأجلهم من الله سبحانه وتعالى حتى يخفف عنهم عذاب القبر والنار وينقلهم من جهنم النار الى سماء النعيم. ويظل هؤلاء المساكين يدفعون والقادة الدينيون يقبلون من هذه الاموال. والسؤال هو حتى تخفيف ثراء هؤلاء المتجرين في الدين من عذاب الموتى أو يعجل بخروجهم من العذاب، أن كانوا سيخرجون من الاصل. والجواب هذا ما لا نجده في كتاب الله العزيز الحكيم على الاطلاق، بل يؤكد الوحي الالهي أن من دخل النار سيدخلد فيها أبدا ومن دخل النعيم فسينعم بها أبدا. مثل ثاني فقد نرى بيوت الله في الارض أو أضرحة اولئك الذين وصفهم الناس بأولياء الله الصالحين مغشاة بالذهب الخالص من قبابها ومناراتها ومكسوة بالرخام والفضة. وهذه وتلك لا شك أنها معمولة من زكاة وعشور المساكين الذين أنخدعوا فكنزوا لهم كنوزا على الارض وأنفقوا أموالهم في ما لا ينفع في الدنيا والاخرة. فلست أظن أن الرب يسوع المسيح تبارك أسمه أذا جاء مرة أخرى بجسده على الارض أنه سيتردد من أن يصنع سوطا ويدخل الى الكثير والكثير من دور العبادة، ويعمل نفس ما عمل المرة السابقة.
ما هو الدافع الذي دفع السيد الرب يسوع تبارك أسمه لهذا العمل؟
كما هو مكتوب في عدد 17 من الاصحاح الثاني من الانجيل كما دونه لنا البشير يوحنا هو ان الغيرة والحمية على قداسة بيت الله سبحانه وتعالى كانت كنار آكلة في آحشائه فلم يستطع أن يمنع نفسه عمل ما عمل.
في عدد 18 يقول تنزيل الحكيم العليم أن اليهود قالوا للسيد المسيح تبارك أسمه أية آية ترينا حتى تفعل هذا. فهل الامر كان محتاجا الى آية حتى يطهر السيد المسيح له المجد الهيكل؟ ولماذا طلبوا منه ذلك؟
في أذهان اليهود نعم، كان الامر يحتاج الى آية من العلي ليؤمن اليهود أن شخص الرب يسوع المسيح تبارك أسمه هو صاحب الحق في أن يفعل ما فعل لعدة أسباب أهمها. هو أنه واضح أن الرب يسوع لم يكن من سبط لاوي وهو سبط الكهنوت أي أنه حسب الجسد لم يكن من الكهنة أو القادة الدينين الذين يحق لهم أن يفعل ما فعل. أذا فلكي يعمل ذلك لا بد أن يبرهن انه مرسل من المولى سبحانه وتعالى للمناداة بالتوبة وتطهير الهيكل والا لكان متجاوزا لحدوده وتطاولا على رؤساء الكهنة. ولكي يبرهن أنه مرسل من الله لا بد له أن يعمل آيات وعجائب ومعجزات حتى يؤمن به الناس لذلك طلبوا منه هذا الطلب. ثانبا: كان اليهود يعلمون أن ما يعمله السيد تبارك أسمه من طرد باعة الحمام وتنظيف الهيكل كان من أختصاص المسيا وحده، ولا يقدر أحد أخر أن يعمله لذلك طلبوا منه أن يعمل آية ليثبت لهم أنه هو المسيا. وهذا واضح في ما جاء في الآية 17 من الاصحاح الثاني من الانجيل كما دونه البشير يوحنا عندما يقول " فيذكر تلاميذه أنه مكتوب غيرة بيتك آكلتني".
الحقيقة كان من الغريب جدا أجابة الرب يسوع المسيح تبارك اسمه على اليهود حينما طلبوا منه آية أنه يقول لهم ما جاء في عدد 19 من الاصحاح الثاني من الانجيل بحسب البشير يوحنا أذ يقول تنزيل الحكيم العليم: " فأجاب يسوع وقال لهم: " أنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه". فما معنى هذا الكلام؟ وعن أي هيكل كان الرب يسوع يتكلم بالضبط؟
واضح أن السيد المسيح تبارك اسمه كان يتكلم عن هيكل اخر غير هيكل سليمان الذي كان يطهره له المجد. فلا يعقل أن يدعي أنسان ما أن هذا الهيكل، أي هيكل سليمان يمكن أن يهدمه أحد. وان هدمه لا يمكن حتى لجيش من العمال أن يبنوه في ثلاثة أيام. وليس الرب يسوع بمفرده فقط وهذا ما لم يفهمه اليهود فظنوه يتكلم عن الهيكل أي هيكل سليمان.
أذا فعلى ما كان يتكلم السيد تبارك اسمه، واي هيكل كان يقصد؟
كان يتكلم عن نفسه أي عن هيكل جسده هو، أي أنه كان يقول لهم أن نقضتم أي هدمتم أو أمتم هذا الهيكل أي جسدي أنا أقيمه من الاموات في ثلاثة أيام. وهذا واضح من الآية 20و 21 حيث يقول تنزيل الحكيم العليم: " فقال اليهود في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة أيام تقيمه؟" وواضح هنا أن السيد المسيح تبارك اسمه لم يقل لهم أنه في ثلاثة أيام أنا أبنيه بل قال لهم أنقضوا هذا الهيكل و في ثلاثة ايام اقيمه. ثم يكمل تنزيل الحكيم العليم القول: " وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده".
أنا أرى أن اليهود عندهم الحق لأن يفهموا الامر كله خطأ كما فهموه. فالسيد المسيح له المجد كان في الهيكل وكانت الحادثة التي نحن بصددها هي تطهير الهيكل، وكان اليهود يسألون أن يريهم أن له الحق في أن يطهر الهيكل. أذا عندما يقول لهم أنقضوا هذا الهيكل أي شخص سامع لا بد أنه يعتقد أن السيد المبارك تبارك أسمه يقصد الهيكل الذي كانوا فيه. فلماذا كان يكلمهم الرب بالالغاز وليس صراحة؟
نعم أنا آرى معك ماترين لكن أريد أن أوضح أنهم أذ أختاروا هم بأنفسهم بأن لا يعرفوا المولى جل وعل وأن لا يستخدموا عقولهم التي منحها لهم باري الارواح في تمييز الامور الغريبة، كان لا بد للمولى تبارك أسمه أن يكلمهم بألغاز حتى يزدادون غباء وتعصبا. وهذا مبدأ ألهي سماوي يستعمله الخالق جل شأنه وأستعمله في مناسبات عديدة في الكتاب المقدس.
هل ممكن أن توضح وتشرح لنا المبدأ السابق الذي تكلمت عنه لأنه واضح أنه مهم للناس في تعاملهم مع المولى تبارك أسمه؟
المبدأ ببساطة أن كل من يريد ويشتاق الى معرفة المولى عز وجل وأموره الروحية المتعلقة بالدنيا الآخرة. ويأتي له سبحانه وتعالى بتواضع وخشوع وخضوع وطاعة له جل شأنه ويطلب منه أن يشرح ويوضح له هذه الامور الروحية، فلا بد أن الخالق تبارك اسمه يفهمه ما يعصي عليه من مسائل وأمور روحية غامضة. لكن أذا أصر الانسان على عناده وكبرياءه وظن أنه يعلم الحق كل الحق وكل من عداه يعيش في الباطل، فلسوف يخفي عنه المولى تبارك أسمه الحق ويتركه الى روح الظلال حتى أذا ما أنتهت الحياة أكتشف هذا المتعصب أنه من الخاسرين. وعندها لن ينفعه مال ولا بنون ولا الندم بعد العدم.
هل من الممكن أن تعطينا مثل أو مثلين عمليين من الكتاب المقدس يؤكد المبدأ السابق؟
أولا أراد الله أن يطلق بني أسرائيل من مصر، فأرسل كليمه الى فرعون يقول له أن المولى تبارك أسمه يقول أطلق شعبي ليعبدوني. فما كان من فرعون الا أنه أغلق قلبه وعقله وسد أذنيه عن صوت المولى تبارك أسمه الذي كلمه موسى الكليم أليه. فأضطر المولى سبحانه أن يقسي قلبه وضربه عشرة ضربات حسب رواية التوراة، وليست تسعة فقط كما جاء في كتب الاحباء المسلمين. وبعد كل ضربة كان فرعون يرى أن المولى سبحانه وتعالى هو الذي انزل عليهم من السماء بردا وناراً، وهو الذي أهاج عليهم البعوض والذباب والجراد والضفادع وهو الذي أمات مواشيهم وضرب أرضهم. وكانت الضربة تستمر حتى يصلي كليم الله موسى ويدعو ربه أن أرفع عن هذا الشعب هذا الوباء فيستجيب له المولى تبارك أسمه. ومع ذلك فقط ظل فرعون وأهله في عنادهم فأنتهت به الحال الى الغرق في البحر الاحمر هو وأفخر جنوده المركبية.
هل هناك مثل واضح في العهد الجديد يؤكد أن الله يزيد من يرفض التعرف عليه غباء، لأن واضح أن من لا يريد أن يقبل معرفة القدير جل شأنه هو أنسان غبي كما قال الكتاب المقدس قال الجاهل في قلبه ليس آله. أن الله يزيده جهل وغباء أم يكلمه بوضوح أو يعلن له ذاته سبحانه وتعالى؟
في رسالة بولس الرسول الى أهل رومية والاصحاح الاول وعدد 18 يقول تنزيل الحكيم العليم الكتاب المقدس: " لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وآثمهم الذين يحجزون الحق بالاثم. أذ معرفة الله فيهم ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم" فهنا الاية تتكلم عن أناس يمنعون الحق بالاثم ويفضلون الباطل على الحق مع أن الله سبحانه وتعالى اظهر لهم معرفته. أي اراد أن يهبهم نعمة معرفته جل شأنه وأقامة علاقة شخصية معه. ولكن يكمل تنزيل الحكيم العليم: " أنهم بلا عذر لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كاله بل حمقوا في أفكارهم، وأظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء". ثم يقول المولى سبحانه وتعالى: " لذلكك أسلمهم الله ايضا الى شهوات قلوبهم الى النجاسة لأهانة أجسادهم وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله الى ذهن مرفوض ليفعلوا ما يليق". يعني بسبب غباءهم ورفضهم لمعرفة المولى تبارك أسمه المعرفة الصحيحة أسلمهم جل شأنه الى ذهن مرفوض حتى لا يفعلوا ما لا يليق.
هل يمكن أن تعطينا تطبيق أو مثل عملي على ما قلته سابقا؟
الحقيقة ليس عند المولى تبارك اسمه من التعصب الاعمى ورفض معرفته كما أعلن عن نفسه في كتابه العزيز الكتاب المقدس. فمثلا لقد أعلن تبارك أسمه عن نفسه كالمولى المستوي على العرش القادر على كل شيء، من يقول للشيء كن فيكون. وهذا ما نعرفه نحن بأقنوم الله الآب ثم أضهر لنا كل صفاته وقدرته وعظمته في من ارسله رحمة للعالمين من خطاياهم وشرورهم وغفرانا وكفارة عن معاصي بني البشر. وهو بالطبع الرب يسوع المسيح تبارك أسمه وهو العروف بأقنوم الابن. ثم أعلن عن طبيعته أنه روح وعرف في الكتاب المقدس بالروح القدس أي روح الله نفسه. ثم ذكر لنا المولى قصة سقوط آدم وحواء وحديث المولى معهم، ثم أكد لنا أننا أصبحنا ورثة للطبيعة الفاسدة القابلة لعمل المعاصي والشرور والمرض والموت والضعف والوهن. ثم أرسل أنبياء ورسل وآمرهم بذبح ذبائح بسفك دمها للتكفير عن الانسان ثم في نهاية المطاف أرسل السيد المسيح له المجد مبشرا ونذيرا وفاديا ومخلصا للبشرية جمعاء. الذي صلب وقبر ثم قام وهو حي في السماء يشفع فينا وسيعود لنا قبل قيام الساعة ليدين الاحياء والاموات. وهذه هي رسالة المسيحية كلها. وبعد كل ما ذكرت يأتي شخص أخر بتعليم أخر يقول أن الله صمد لم يحل في جسد المسيح عيسى أبن مريم، وأن الانسان مع أنه خطاء ولكنه ليس وارث للطبيعة الفاسدة. ويؤكد على أن الله الزم كل حي أفعاله من عنقه وكتبها علنيا كتابا موقوتا. وبالتالي فلا داعي للفداء ثم لا داعي للصليب والقيامة، أي لا داعي من كل ماذكره المولى تبارك أسمه في كتابه العزيز الكتاب المقدس. ولذلك لا بد من أتهام المسيحيين واليهود بأنهم حرفوا كتبهم حتى لا يطالبنا أحد بأقامته وأكتشاف الخلافات الجوهرية بينه وبين الكتاب الجديد الذي كان لا بد أن يحل محل الكتاب القديم. وهكذا ثم قلنا للناس ياخلق لا مبدل لكلمات الله ولا تجدن لكلمات الله تبدلاً ولا مبدل لكلمات ربك. وتعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم قالوا أنتم مشركون. وهنا نرى أنه لن يعلن المولى عن مادونه عن نفسه لأولئك الا من أتى منهم اليه تبارك اسمه مستعداً أن يفهم ما دونه تعالى في الكتاب المقدس تنزيل الحكيم العليم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وألا خسروا يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون أنهم والعياذ بالله من الخاسرين.