مقدمة
إن تجسُّد الله، أو بالحري ظهوره في الجسد، ليعلن لنا ذاته بهيئة نستطيع إدراكه بها، ويقرّبنا إليه بوسيلة نستطيع الاقتراب بها منه، والسلوك في حالة التوافق معه، هو أعظم إحسان تنازل به لنا نحن البشر. ولذلك قال الرسول بولس عنه: عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد (1تيموثاوس 3: 16).
والحق أن إحساناً عظيماً مثل هذا، كان من الواجب أن يتقبّله بل أن يتلقَّفه كل إنسان، بكل حمد وشكر، لأنه فضلاً عن توافقه مع كمال الله كل التوافق، فهو يتناسب مع حاجتنا إليه كل التناسب. ولكن مما يؤسف له، أن بعض العقليّين (أو بالحري الذين يطلقون على أنفسهم اسم العقليّين) رفضوا هذا الإحسان العظيم، بدعوى أنه لا يتفق مع العقل، وبذلك حرموا أنفسهم، كما حرموا أتباعهم، من التمتع بمزايا تجسُّد الله، التي تفوق في قدرها كل شيء في الوجود.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع وخطورته، عكفت، كما عكف ويعكف غيري، على دراسة الكتب الدينية والفلسفية الخاصة به، فوجدت أنه، على عكس ما يقول هؤلاء الناس، يتفق مع العقل المؤمن كل الاتفاق. وسيرى القارئ، في الصفحات التالية، خلاصة وافية لهذه الدراسة. لكن أشير عليه أن يقرأ مع هذا الكتاب، كتابي قضية الغفران والله - ذاته ونوع وحدانيته ، لأنهما يُعتبران في الواقع أساساً لموضوع تجسُّد الله .
والله الحكيم وحده، هو القادر أن يرافق هذا الكتاب بنعمته، لأجل مجده و خير الراغبين في معرفته.
المؤلف