الله واحد في ثالوث

 

الباب الخامس

 إشراقة النعمة

  

*برهان الـروح

*تخبط في الظلام

*نعمة الإعـلان

*جاذبية حنـان

*نـور الإيمـان

*أعظم  برهـان

الفصل الخامس

نـور الإيمـان

   عند ما تشرق النعمة في قلب الإنسان يستضئ بنور الإيمان ولا يمكن للمرء أن يصل إلى الإيمان الحقيقي بدون إشراقة النعمة كما يوضح الكتاب قائلاً  "قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك لأنه ها هي الظلمة تغطى الأرض والظلام الدامس الأمم. أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك"(أش 60: 1ـ3).

     وقال بولس الرسول "لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق فى قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" (2كو4: 6).

   

     وقد أشرقت النعمة فى حياة كثيرين نذكر منهم:

 

1ـ شاول الطرسوسي:

     وهو رجل يهودي متعصب كان يضطهد المسيحيين ويجرهم إلى السجون ويحكى هو عن نفسه قائلاً "فأنا ارتأيت فى نفسي أنه ينبغي أن أصنع أموراً كثيرة مضادة لاسم الناصري وفعلت ذلك فى أورشليم فحبست في السجون كثيرين من القديسين . . . ولما كانوا يقتلون ألقيت قرعة بذلك، وفي كل المجامع كنت أعاقبهم مراراً كثيرة واضطرهم إلى التجديف . . . وإذ أفرط حنقي عليهم كنت أطردهم إلى المدن التي فى الخارج. ولما كنت ذاهباً فى ذلك إلى دمشق بسلطان رأيت في نصف النهار في الطريق نوراً من السماء أفضل من لمعان الشمس قد أبرق حولي . . وسمعت صوتاً يكلمني ويقول شاول شاول لماذا تضطهدني . . . فقلت من أنت يا سيد! فقال أنا يسوع الذي أنت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع القديسين" ( أع 26 :9-18).

وهكذا أشرقت النعمة واستنار شاول بنور الله وأصبح فيما بعد بولس الرسول فيلسوف المسيحية.

 

2ـ الشيخ ميخائيل منصور :

(عن كتاب باسمه طبع بمطبعة المحيط بالفجالة تأليف أخيه الشيخ كامل منصور ص 9-14)

     هذا الرجل أيضاً أشرقت النعمة في حياته ونلخص لك ما كتبه عنه أخوه الشيخ كامل منصور قال :"هو م.بن.م. بن منصور ولد بمدينة سوهاج في شهر مارس سنة 1871".  تلقى علوم الدين على أيدي كبار رجال الدين. وبعد أن أتم علومه كان يصرف في العبادة أكثر ليله غارقاً في بحار البحث وراء الأسرار الإلهية  

وفي سنة 1893 قام في ذهنه أن يبحث في أمر الدين المسيحي واستأذن أستاذه في مجادلة المسيحيين، فلم يوافقه على ذلك خوفاً على تلميذه من أن يقع في الخيلاء والكبرياء

     ولكنه ابتدأ يناقش ويجادل رجال الدين وكثيراً ما كانت تطول المناقشات على غير طائل، وفي ذات يوم قال له أحدهم المسيحيين كل امرئ يطلب من ربه الهداية وأنا أنصحك أن تطلب من الله الإرشاد إلى الحق فقابل هذا الكلام بنوع من الاستهزاء قائلاً له: وهل أنا أشك فى عقيدتي ؟ معاذ الله. إلا أنه بعد مفارقته له دار في خلده ما طلبه منه هذا الرجل "أنا أنصحك أن تطلب من الله الإرشاد إلى الحق، وأخذت نعمة الروح القدس تعمل عملها في قلبه وابتدأت مرحلة الشك حتى لقد ظننا أنه قد أصيب بمرض عقلي فكان يبدو شاحب اللون ولقد عكف على قراءة الكتاب مفتشاً عن الحق الإلهي  وبعد مدة ظهرت على وجهه علامات السرور والبهجة. وما ذلك إلا لأن أنوار الفادي شملته وأشرقت على نفسه شمس النعمة بأشعة الإيمان.

      لقد تجلى له المسيح بمحبته الفائقة وسمو مبادئه وجمال تعاليمه، وعلم أنه وحده هو الطريق والحق والحياة وأن الإنسان خاطئ وجاهل وعبد لا يخلصه غير المسيح

     والحق يقال أنى كنت في أول الأمر خجلا به وكنت طوراً أطلب من البعض الدعوات من أجله ليرجع، وتارة كنت أبحث عن المشهورين بالعلم والذكاء لآخذهم إليه حتى يرجعوه وأحياناً كنت ألجأ إلى بعض الأشرار ليهددوه ولكني وجدته ثابتاً كالطود الشامخ في المسيح يسوع مستعذباً في حبه له كل عذاب. فكرت طويلا في ما هو سر ذلك؟  إني أعلم بيقين تام بأنه لم تكن له غاية عالمية، فقد بدا لعيني واضحاً إخلاصه في المسيحية فوجدت نفسي بعد هذا التفكير مدفوعاً لطلب الإنجيل منه. وأن نسيت ذاكرتي أموراً كثيرة فلم أنس ولن أنس الفرح العظيم الذي ملأ قلبه والبشر الجليل الذي تلألأ به محياة ثم الدموع التي بللت ملابسه من شدة سروره عندما طلبت منه الإنجيل لأول مرة  فقابلني هذه المقابلة البهجة ونشكر الله لأنه كان سبباً في هداية كثيرين من الخطاة الذين أولهم أنا إلى مجد الفادي.

 

عودة الى الفهرس