الهلال والثور الوحشى فى الشعر العربى الجاهلى الوثنى

فيما يلى جزء من رسالة " القمر فى الشعر الجاهلى" - إعداد : فؤاد يوسف إسماعيل اشتية - إشراف د. إحسان الديك - جامعة النجاح الوطنية - كلية الدراسات العليا (قدمت هذه الإطروحة "الرسالة" إستكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجيستير فى اللغة العربية بكلية الدراسات العليا فى جامعة النجاح الوطنية ، نابلس ، فلسطين 2010م نوقشت هذه الرسالة بتاريخ 23/5/2010م وأجيزت وأعضاء لجنة المناقشة هم 1 - د. إحسان الديك / مشرفاً ورئيساً "توقيع" 2 - د. جمال غيطان / ممتحناً خارجياً "توقيع" 3 - أ . د. عادل أبو عمشة / ممتحناً داخلياً "توقيع"

***************************************************************************************************************************

القمر والثور الوحشي فى الشعر العربى
وارتبط القمر بالثور الوحشي في فكر الجاهليين، حيث"كانت عبادة الثور تجسيدًا أرضيًا . لعبادة القمر السماوي"(1)
وكان ثور الوحش يمثل في فكرهم، ذلك الحيوان الأسطوري الذي يصارع الظلام ويمارس فعلا طقسيًا، يشترك فيها القمر مع عناصر الطبيعة، والتي تتعلق بجذور أسطورية وعقائد قديمة ترتبط بالقمر في فكر الجاهليين، كما أسلفنا في الفصل الأول .
وقد وظف الشعراء الجاهليون هذا الترابط توظيفًا أسطوريًا، يغني الصورة بالدلالات والأبعاد الدينية التي تجسد تلك العلاقة، على نحو ما نرى في قول أمية الهذلي: (المتقارب)
هَجَنُ السُّرَاةِ َترَى َلوْنهُ َ كقِبْطِيَّةِ الصَّوْن بَعْدَ الصِّقَال
( حَدِيدُ القَنَاَتيْنِ عَبْلُ الشَّوَى لَهَّاقٌ تَلأْلؤُهُ َ كالهِلال (2)
من الملاحظ في هذين البيتين، ظهور الثور الوحشي الأبيض مرتبطًا بصورة الهلال ليشكلا رمزًا دينيًا حيًا، وبعدًا ميثولوجيًا راسخًا في فكر الجاهليين، في إشارة إلى العلاقة القدسية التي جمعت بينهما، لأن العرب القدماء ربطوا بين الثور الوحشي والقمر، فصار" الثور رمزًا ممثلا للإله القمر؛ حيث وجدت في معابده صور للثور قدمها عابدوه قرابين للإله أو نذورًا (ص156 من الرسالة)
كانت عليهم له، ولقد عرف القمر باسم ثور( 3) ، ذلك فضلا عن وجه الشبه الذي يجمع بين قرني الثور والهلال، وهذا ما سبق لنا الحديث عنه بإسهاب في الفصل الأول .
كما أن ظهور اللون الأبيض كلون مقدس أكسب الصورة بعدًا دينيًا أكبر، وحمل بين طياته الكثير من الدلالات والأبعاد الرمزية التي زادت من الطاقات الإيحائية للصورة،
"فغالبًا ما يكون الثور الوحشي في أشعار الجاهليين أبيض اللون( 4)، وهو اللون المقدس المرتبط بالهلال، والذي يبدو في هذه الصورة وكأنه من الشروط الأساسية التي يجب توافرها في هذا الثور المقدس لتتم له القداسة .
ولعل تشبيه الثور بالهلال هنا يجسد نظرة الشاعر للثور كحيوان مقدس، مما يشي برغبته الملحة في إظهاره وكأنه خالد كخلود الإله القمر .
ومن الصور التي تحمل أبعادًا دينية في أشعارهم ارتباط الهلال بقرون الثور، لما تحمله هذه الصورة من علاقة مشابهة بين قرني الثور والهلال، على نحو ما نرى في قول النابغة الجعدي: (الطويل)
( وَوَجْهًا كَبُرْقوع الفَتَاةِ مُلَمَّعًا وَرَوْقيْنِ لَمَّا يَعْدُوَا أَنْ َتَقمَّرَا (5)
فصورة القرون المرتبطة بالقمر تدل دلالة واضحة على ما وصل إليه الثور ذو القرون من تقديس، وبخاصة من خلال ارتباطه الوثيق بالهلال، ويكمن ذلك كما يقول الدكتور إحسان الديك في " العلاقة القديمة بين القمر والقرنين، حيث شبه نمو القرنين واستدارتهما بنمو القمر .( واستدارته في طور الهلال"(6)

*********************

المراجع

(1) (الشوري: الشعر الجاهلي تفسير أسطوري, ص 120 )
(2) الهذليون: الديوان , ج 2, ص
176

(3) جواد: المفصل,ج 6, ص 50 )
(4) الشوري: الشعر الجاهلي تفسير أسطوري, ص 112

(5) النابغة الجعدي: شعره, ص 41 . (برقوع: ثوب تلبسه نساء الأعراب. روقين: مفرده روْق, وهو قرن الثور ) .

(6) ) الديك: الوعل صدى تموز في الشعر الجاهلي, ص 37

الصفحة الرئيسية