أصل كلمة اللات - مسجد الطائف هو مكان صخرة اللات
هذا الفصل للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثانى 1980م ص 21 - 22 الفصل التاسع والستون - الاصنام
ملاحظة من الموقع : لم نضيف أى كلمة وقد وضعنا عناويين لكل فقرة فقط للتسهيل على القارئ والباحث الدارس
***************************************************************************************************************
نجد في كتاب الأصنام لابن الكلبي في المؤلفات الإسلامية الأخرى، أسماء عدد من
الأصنام كان الجاهليون يعبدونها، وهي على الأكثر أصنام كان يتعبدها أهل الحجاز
ونجد والعربية الشمالية،وذلك قبيل الإسلام. ومن هذه الموارد الإسلامية استقينا
علمنا عن هذه الأصنام. وقد ذكر أهل الأخبار ان بعض هذه الأصنام اناث. وهن
اللات، والعزى، و مناة. وهي أصنام ذكرت في القرآن الكريم: ) أ فرأيتم اللات
والعزى ومناة الثالثة الأخرى(. ويجب ان نضيف اليها الشمس.
اللات
و اللات من الأصنام القديمة المشهورة عند العرب. ذكر ابن الكلبي أنه كان صخرة
مربعة بيضاء، بنت ثقيف عليها بيتاً صاروا يسمرون اليه، يضاهون به ما كان في مكة
وفي بيوت الآلهة الأخرى.
ويرى ابن الكلبي ان الصنم "اللات" هو أحدث عهداً من مناة. أما نحن فلا نستطيع
ان نجرؤ فنقول بهذا القول، لأن الصنمين هما من الاصنام القديمة التي ورد ذكرها
في كتابات النبط والصفويين ثم ان هيرودوتس اشار الى اللات كما ساذكر بذلك وليس
من السهل حتى بالنسبة الى ابن الكلبي او غيره ممن تقدم عليه بالزمن الحكم على
زمن دخول عبادة الصنمين الى جزيرة العرب لان ذلك يعود الى زمن سابق لا تصل
ذاكرة الرواة اليه.
مسجد الطائف هو مكان صخرة اللات
ومكان بيت اللات في موضع مسجد الطائف،أو تحت منارة مسجد الطائف. وقد عرف البيت
الذي بني على اللات بيت الربة، ويقصدون بالربة اللات، لأنه أنثى في نظر عابديه.
ولا ندري أكان انشاء مسجد الطائف على موضع معبد اللات رمزاً لحلول بيت الله محل
بيت الربة،وبيت الأصنام، وتعبيراً عن حلول الإسلام محل عبادة اللات والأصنام،
أم كان ذلك "لسبب آخر، هو وجود أسس، سابقة وحجارة قديمة موجودة، واسهل لذلك
إقامة بناء المسجد في هذا المكان ? وقد فسر بعض المستشرقين إقامة المسجد في هذا
المكان، بأته تخليد لذكرى الوثنية في نفوس بعض من أسلم لسانه وكفر قلبه، فسرهم
قيام المسجد في هذا المكان ليبقى أثراً يذكرهم بذكرى صنمهم القديم اللات.
أصل صخرة اللات
وللاخباريين روايات عن صخرة اللات، منها أنها في الأصل، حجرة كان يجلس عليها
رجل، يبيع السمن واللبن للحجاج في الزمن الأول، وقالوا: إنها سميت باللات لأن
عمرو بن لحي كان يلت عندها السويق للحجاج على تلك الصخرة، وقالوا: بل كانت
اللات في الأصل رجلاً من ثقيف. فلما مات، قال لهم عمرو بن لحي: لم يمت، ولكن
دخل في الصخرة، ثم أمر بعبادتها، وأن يبنوا بنياناً يسمى اللات. وقالوا: "قام
عمرو بن لحي، فقال لهم: إن ربكم كان قد دخل في هذا الحجر، يعني تلك
الصخرة،نصبها لهم صنماً يعبدونها. وكان فيه وفي العزى شيطانان يكلمّان الناس،
فاتخذتها ثقيف طاغوتاً، وبنت لها الطبرى ان "اللات، هي من الله، ألحقت فيه.
التاء، واللات، كما قيل عمرو للذكر وللأنثى عمرة، وكما قيل للذكر عباس ثم قيل
الأنثى عباسة".
وورد في بعض روايات اْهل الأخبار ان الثقفي الذي كان يلت السويق بالزيت ويقدمه
للناس، لما توفي قبر في موضع أللات، فعكفوا على قبره،فعبدوه وجعلوه وثناً، وزعم
بعض آخر انه قبر عامر بن الظرب العدواني. فترى هذه الروايات ان "بيت الربة"، هو
قبر رجل، دفن، فيه فعبد وصير الهاً. وزعم قوم انه كان رجلا من ثقيف، يقال له
"صرمة بن غنم"، وكان يسلأ السمن، فيضعه على صخرة، فتْأتيه العرب، فلما مات،
عبدته ثقيف.
تفسير أسم اللات
وتفسير أهل الأخبار لاسم "اللات"، هو بالطبع من تفسيراتهم المألوفة الكثيرة
التي لا يمكن أن نثق بها، ولا يمكن أن نحملها على محمل الصدق والعلم. فالاسم هو
من الأسماء القديمة التي عرفت قبل الميلاد. ويرى بعض المستشرقين أنه ادغام وسط
بين "الالاهت"،"ال سال هت"ِ Al Alahat والإدغام التام "اللات" "ال لت" Allat،
على نحو ما حدث للفظ الجلالة: "الا لاه "ال ال ه" الذي صار "ا لله".
وفي قول أهل الأخبار أن صخرة اللات كانت ليهودي، يلتّ عندها السويق أو لرجل من
ثقيف، غمز وطعن في ثقيف، وقد غمز بها في أمور أخرى أشرت اليها في مواضع أخرى.
ويعود سبب هذا الغمز ان المنافسة التي كانت بين أهل الطائف وأهل مكة، ثم إلى
الكراهية الشديدة التي حملها اهل العراق وأهل الحجاز وغيرهم للحجاج لأعماله
القاسية، وعدم مبالاته ومراعاته للحرمات حتى بالنسبة إلى الكعبة، مما حمل الناس
على كرهه وكره قومه ثقيف، وعلى وضع قصص عن ثقيف.
صخرة اللات صخرة مقدسة مثل الحجر
الأسود
ولا يستبعد أن تكون صخرة اللات صخرة من هذه الصخور المقدسة التي كان يقدسها
الجاهليون ومن بينها "الحجر الأسود" الذي كان يقدسه اهل مكة ومن كان يأتي إلى
مكة للص ج وفي غير م وسم الحج، لذلك كانوا يلمسونه ويتبركون به. وإذا أخذنا
برأي ابن الكلبي من أن عمرو بن لحي قال للناس: "إن ربكم كان قد دخل في هذا
الحجر "، أو أن الرجل الذي كان عند الصخرة لم يمت، ولكن دخل فيها أو أن روح ميت
حلت فيها ونظرنا إلى رأيه هذا بشيء من الجد، فلا يستبعد أن يشير هذا الرأي إلى
ما يعني ب "الفتيشزم"fetichism" أي عبادة الأحجر في اصطلاح علماء الأديان.
ويعنون بها عبادة الأرواح التي يزعم المتعبدون لها أنها حالة في تلك الأحجار،
وخاصة الأحجار الغريبة التي لم تصقلها الأيدي، بل عبدت على هيأتها وخلقتها في
الطبيعة، وهي من العبادات المنحطة بالنسبة الي عبادة الصور والتماثيل والأصنام.
وذكر ان قريشاً تعبدت للصنم اللات بموضع نخلة عند سوق عكاظ، وقيل انه كان
بالكعبة. وذكر ان "اللات بيت كان بنخلةّ تعبده قريش" ويلاحظ ان من أهل الأخبار
من جعل العزى بيت كان بنخلة أي هذا البيت المذكور. ويظهر من روايات أهل الأخبار
ان منهم من رأى ان اللات بيت للصنم، الذي كان بالطائف، وان منهم من رأى انه كان
بنخلة تعبده قريش. وأما عباد البيت الأول، فهم ثقيف. ولا أستبعد وجود بيوت
عبادة اخرى. في غير هذين المكانين فيّ الحجاز وفي غير الحجاز.
شيوع عبادة
اللات
واللات من الآ لهة المعبودة عند النبط أيضاً، وقد ورد اسمها في نصوص "الحجر" و
"صلخد" و "تدمر"، وهي من مواضع النبطْ. وهو "ه ل ت" "ه لت" "ها لت" في النصوص
الصفوية، و منها "اللات"، لأن "الهاء" حرف تعريف في اللهجة الصفوية. وقد ذكر
أكثر من ستين مرة في الكتابات الصفوية. وهو أكثر آلهة الصفويين وروداً في
نصوصهم، و يدل ذلك على شيوع عبادته بينهم.
ويذكر الباحثون ان النبط عدّوا اللات أماً للالهة، وهي في نظر "روبرتسن سمث"
الإلهة الأم لمدينة "بطر"، وتقابل الإلهة Artemis عند أهل قرطاجة. وقد عبدت
اللات في تدمر، وفي أرض "مدين" عند اللحيانين. وقد وصف "أفيفانيوس" Epiphanius
معبد الإلهة اللات في مدينة "بطرا"، فذكر انه معبد "الأم العذراء Virgin
mother. كما انها كانت معبودة عند أهل "الوسة" "الوس" Elusa كذلك. و يظهر ان
عبادتها كانت قد انتقلت من النبط ومن القبائل العربية الشمالية إلى أهل الحجاز.
هيرودوتس المؤرخ
واللات
وصنم اللات، هو "أليلات" "أللات" Alilat=Alelat المذكور في تاريخ "هيرودوتس".
ذكر انه من آلهة العرب الشهيرة، والتسمية عربية النجار، وقد غيرت تغيراً
طفيفاَ، اقتضته طبيعة اللغة اليونانية، فذكره "هيرودوتس" على النحو المذكور.
فهذا الصنم إذن هو أول صنم عربي يرد اسمه في نص مؤرخ يوناني. وهو يقابل الإله
Minerva أي "أثينة" Atheneعند اليونان.
وقد ذهب بعض المستشرقين إلى أن "اللات" تمثل "الشمس"، وهي أنثى أي إلهة اًما
"رينه ديسو"، فيرى أنها لا تمثل الشمس، وانما تمثل كَوكب الزهرة، وخطأ رأي من
يقول إن اللات الشمس.
الأسماء المركبة
التى فيها أسم اللات
وقد انتهت إلينا أسماء رجال أضيفت إلى اللات، مثل: "تيم اللات"، و "زيد اللات"،
و "عائذ اللات"، و "شيع اللات". و "شكم اللات"، و "وهب اللات" وما شاكل ذلك من
أسماء. ومما يلفت النظر أننا لم نلاحظ ورود اسم "عبد اللات" بين أسماء
الجاهليين.
وقد أقسموا باللات. كما أقسموا بالأصنام الأخرى، ونسب إلى أوس بن حجر قوله:
وباللات والعزى ومن دان دينها *** وباللهِ، ان اللهَ منهـن أكـبـر
هدم اللات
وهدم اللات في جملة ما هدم من الأصنام،وأحرق البيت وقوضت حجارته، هدمه بأمر
الرسول المغيرة بن شعبة في أغلب الروايات. وكان الناس ينظرون إلى هدمه في خوف
وفزع وهلع خشية أن ينالهم شيء من أذى انتقاما منهم، لانهم لم يدافعوا عن بيت
ربتم، وكانت نساء ثقيف حسراً يبكين عليه. فلما انتهى الهدم، ولم يحدث لهن شيء،
أخذ المغيرة مالها وحليها من الذهب والجزع وأعطاه أبا سفيان، وكان الرسول قد
أرسله مع المغيرة في وفد ثقيف الذي جاء اليه عارضاً عليه الإسلام، فأخذه منه
أبو سفيان، ليقضي نت مال اللات دين عروة والأسود ابني مسعود.
ولما أصيبت ثفيف بهزيمة، واحتمت بالطائف قال الشاعر: وفرّت ثقيف الى لاتها
بمنقلب الخائب الخاسر
ويظهر من هذا الشعر الذي ينسب الى "شداد بن عارض الجشمي". وقد قاله حين هدمت
وحرقت اللات: لا تنصروا اللات ان الله مهلكها وكيف نصركم من ليس ينتصر?
ان التي حرقت بالنار فاشتعلـت، ولم تقاتل لدى احجارهـا هـدر
ان الرسول متى ينزل بساحتكـم يظعن، وليس بها من اهلها بشر
ان ثقيفا بقيت مخلصة لصنمها مؤمنة به،حتى بعد هدمه وتحريقه، فقال الشاعر شعره،
ينهى ثقيفاً عن العود اليها والغضب لها.
الإستيلاء على
كنوز اللات
ويظهر من بيت ينسب الى كعب بن مالك الأنصاري، هو قوله: وننسى اللات والعزى وودا
ونسلبها القلائد والسـيوفـا
ان الناس كانوا يعلقون القلائد والسيوف على تلك الأصنام. وروايات الأخباريين
تؤيد هذه الدعوى، إذ نذكر ان الجاهليين كانوا يقدمون الحلي والثياب والنفائس
وما حسن وطاب في أعين الناس هدية ونذوراً إلى الأصنام، فكانوا يعلقون ما يمكن
تعليقه عليها، ويسلمون الأشياء الأخرى إلى سدنة الأصنام.
وقد ذكر الرحالة الانكليزي "جيمس هاملتون" ان صخرة اللات كانت لا تزال في ايامه
بالطائف. وقد شاهدها فوصفها بأنها صخرة من الغرانيت ذات شكل خماسي، وان طولها
زهاء اثنتي عشرة قدماً.
بيت اللات
ومعبدها
ويظهر انه كان للات بيت وقبة يحملها الناس معهم حين يخرجون إلى قتال، فينصبان
في ساحة الجيش، ليشجع المحاربون فيستميتوا في القتال، وينادي المنادون بنداء
تلك الأصنام مثل: يا للات، وقد كانت لبقية الأصنام بيوت وقباب أيضاً. وعادة حمل
الأصنام إلى المعارك والحروب واشتراكها مع الناس في القتال بإحضارها ساحة
المعارك عادة قديمة،معروفة عند العرب وعند غيرهم. وقد سبق أن قلت إن الآشوريين
ذكروا أنهم أسروا أصنام "أريبي" العرب في أثناء قتالهم معهم، أسروها مراراً،
وكانوا يثبتون عليها خبر الأسر. كان أن الفلسطينيين والعبرانيين وغيرهم كانوا
يحملون معهم اصنامهم في القتال.