شعائر الحج الوثنية : عرفة والإفاضة

الوقوف ب "عرفة"

ومن مناسك حج أهل الجاهلية الوقوف ب "عرفة"، ويكون ذلك في التاسع من ذي الحجة ويسمى "يوم عرفة". ومن "عرفة" تكون "الإجازة" للافاضة إلى "المزدلفة". ومن "المزدلفة" إلى "منى". وقد كان الجاهليون من غير قريش يفيضون في عرفة عند غروب الشمس، وأما في المزدلفة فعند شروقها. وكان الذي يتولى الإجازة رجلاً من تميم يقال له "صوفة "، ثم انتقلت إلى "صفوان" من تميم كذلك. ولم يكن "الحمس" يحضرون عرفة، وإنما يقفون بالمزدلفة، وكان سائر الناس يقف بعرفة. ولما رأى أحد الصحابة رسول الله واقفاً بعرفة عجب من شأنه وأنكر منه ما رأى لأنه من الحمس، وما كان يظن أنه يخالف قومه في ذلك، فيساوي نفسه بسائر الناس. فأنزل الله: ) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، واستغفروا الله إن اللّه غفور رحيم (، فشمل ذلك الحمس وغيرهم. فاًخذوا يقفون كلهم موقف عرفة، ووضع عن قريش ما فعلوه من تمييز أنفسهم عن الناس.
وورد في روايات أخرى، أن قريشاً وكل حليف لهم وبني أخت لهم، لا يفيضون من عرفات، إنما يفيضون من المغمس، وورد أن قريشاً وكل ابن أخت وحليف لهم، لا يفيضون مع الناس من عرفات، يقفون في الحرم ولا يخرجون منه. يقولون: إنما نحن أهل حرم الله، فلا نخرج من حرمه، وأنهم -قالوا "نحن بنو ابراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت، وقاطنوا مكة وساكنوها، فليس، لأحد من العرب مثل حقنا، ولا مثل منزلنا، ولا تعرف له العرب مثل ما نعرف لنا، فلا تعظموا شيئاً من الحل، كما تعظمون الحرم. فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم، وقالوا: قد عظموا. من الحل مثل ما عظموا من الحرم فتركوا الوقوف على عرفة والافاضة منها ".
وذكر أن قريشاً ومن دان بدينها تفيض من "جمع" من المشعر الحرام. و "جمع" المزدلفة.
و "عرفة" أو "عرفات" موضع على مسافة غير بعيدة عن مكة. لابد وان يكون من المواضع التي كان يقدسها أهل الجاهلية، وان يكون له ارتباط بصنم من الأصنام، وإلا لما صار جزءاً من أجزاء مناسك الحج وشعائره عند الجاهليين. ويقف الحجاج موقف عرفة من الظهر إلى وقت الغروب. وقد يكون لموقف الجاهليين في عرفة وقت الغروب علاقة بعبادة الشمس. فإذا غربت الشمس اتجه الحجاج إلى "المزدلفة".
الإفاضة
ومن "عرفة" تكون الإفاضة إلى "إلمزدلفة". و "المزَ دلفة"، موضع يكاد يكون على منتصف الطربق بين "عرفة" و "منى". وفيه يمضي الحجاج ليلتهم، ليلة العاشر من "ذي إلحجة". ومنه تكون الإفاضة عند الشروق إلى "منى". وقد نعت ب "المشعر الحرام" في القرآن الكريم. ويذكر أهل الأخبار ان "قصي بن كلاب"، كان قد أوقد ناراً على "المزدلفة" حتى يراها من دفع من عرفة، وان العرب سارت على سنته هذه. وبقيت توقدها حتى في الإسلام. ولا بد وان يكون من المواضع الجاهلية المقدسة كذلك، التي كَان لها صلة با الأصنام. وقد ذكر علماء اللغة اسم جبل بالمزدلفة دعوه "قزحاً"، قالوا انه "هو القرن الذي يقف عنده الإمام"، وذكروا ان "قزح" اسم شيطان. ونحن نعرف اسم صنم يقال له "قزاح"، قد تكون له صلة بهذا الموضع.

*********************************************************************************************************

الجزء التالى للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل الثاني والسبعون - الحج والعمرة - نقلنا هذه الصفحة بدون تغيير ولكننا وضعنا لكل فقرة عنوان
***********************************************************************************************************************************

الصفحة الرئيسية