طريق الحج القديم عبر سيناء
طريق الحج القديم عبر سيناء حيث يعد أقصر الطرق
للربط بين القاهرة ومدينة العقبة, ويرتبط بعدة طرق فرعية تجارية وحربية لها
والطريق التاريخي استخدمه حجاج المغرب العربي وغرب افريقيا القادمون للاسكندرية
بحرا, أو برا علي الطريق الساحلي علي شاطيء البحر المتوسط حتي الاسكندرية,
وعبر غرب الدلتا حتي محافظة الجيزة عن طريق واحة سيوة ووادي النطرون وكرداسة,
وكان الطريق وقتها في مرحلته الزمنية الأولي من شمال شرق الفسطاط إلي جبل عيرة
أو كما يطلقون عليه بركة الحاج والتي كانت بداية الطريق علي مدي التاريخ.
وكما يقول عبدالرحيم ريحان مدير منطقة آثار نويبع: الريدانية أو كما يطلق
عليها العباسية حاليا كانت نقطة الانطلاق لبركة الحاج ثم السويس ثم منطقة عيون
موسي من اجل تزود الحجاج بالمياه العذبة, ثم بعد ذلك منطقة وادي سدر التي تضم
ثلاث عيون طبيعية للمياه العذبة واشجار النخيل الكثيفة, وهناك يأخذ الحجاج
قسطا من الراحة ثم يواصلون رحلتهم إلي مدينة العقبة الأردنية وبعدها إلي
الأراضي المقدسة. وفي المرحلة الثانية في العصر الايوبي تراجعت الوظيفة
الدينية لهذا الطريق ليتحول إلي طريق حربي تسلكه الجيوش لقتال الصليبيين شرق
نهر الأردن وقد أنشأ عليه الناصر صلاح الدين الايوبي القلاع الحربية منها قلعة
الجندي وقلعته الشهيرة بجزيرة فرعون بطابا... وفي أوائل حكم المماليك سيطر
الصليبيون علي مدينة العقبة الأردنية ولكن حرص الظاهر بيبرس عام665 هجرية
و1267 ميلادية علي استردادها مرة أخري, وبذلك يعتبر نهاية الفترة الزمنية
الثانية لطريق الحج, وفي عام666 هجرية استعاد الطريق سابق عهده كطريق للحج,
ثم أخرج بيبرس قافلة علي هذا الطريق عام667 هجرية وزار مكة المكرمة من خلال
مدينة العقبة الأردنية. وكان يتجمع الحجاج في بركة الحاج
لمدة تتراوح من ثلاثة إلي خمسة ايام وتنصب بها سوق تجارية كبيرة لتجارة الجمال
والملابس وما يحتاج اليه الحجاج من مأكل وملبس وتتم بالسوق اعمال التبادل
التجاري بين ما تحمله القوافل المغربية والافريقية من سلع جاءوا بها للمقايضة
بما يلزمهم طوال الرحلة واثناء السير علي الطريق. وخلال الفترة من698 وحتي741
هجرية انشأ الناصر محمد بن قلاوون بئرا للمياه وساقية وجددها السلطان الغوري
عام915 هجرية وبني احواضا لسقي الحجاج ودوابهم... ونظرا لاتصالها بركة
الحاج الوثيق بمدينة بلبيس وشرق الدلتا وموانيء مصر علي خليج السويس اصبحت
وقتها ذات شهرة كبيرة وانشئت بها سوق لقوافل الحج والتجارة حيث كانت تنقل
الغلال من شرق الدلتا لموانيء التصدير.
وقد دعم الطريق وقتها بـ24 عمودا حجريا يبلغ ارتفاع الواحد حوالي مترين وعد
بمثابة علامات ارشادية لتوجيه الحجاج للسير بالطريق الصحيح حتي لا يضلوا الطريق...
كما تم تشييد سوق ضخمة بمنطقة نخل بوسط سيناءالتي تبعد حوالي240 كيلو مترا من
القاهرة وتضم السوق أفرانا للخبز ومبيعا للفواكه المنتجة من منطقة سيناء وتحوي
آبارا للمياه واحواضا لمياه الشرب والدواب وخانا لمبيت الحجاج وقلعة وحواصل
للذخائر ومسجدا وجميعها في مبني واحد, ويعود تاريخ هذه المنشآت من عصر
السلطان بيبرس وحتي العصر العثماني وكان طريق الحجاج السبب الرئيسي في احياء
منطقة وسط سيناء تحديدا نخل والتي كانت من المفترض ان تكون المركز الاداري لكل
سيناء شمالا وجنوبا والذي انتقل لمدينة العريش بعد هجر الطريق الأثري المهم
للحج وتشييد خط لسكك حديد ولفلسطين عام1916 ميلادية... ومن نخل إلي بئر
التمر ومنها إلي دبة البغلة والتي تحوي علامات مهمة تحدد معالم هذا الطريق وهي
عبارة عن نقوش للسلطان الغوري الذي يحوي نصوصا قرآنية وركن خاصا به ومنه قلعة
العقبة التي أنشأها السلطان الغوري عام914 هجرية علي بعد50 مترا من شاطيء
خليج العقبة وتضم مخازن للحبوب ومخبزا وبئرا للمياه
ومسجدا وتستغرق كل هذه المسافة من بركة الحاج والتي كانت بداية طريق الحج حتي
قلعة العقبة تسعة أيام يتجه الحاج بعدها للأراضي المقدسة بمخازاة ساحل البحر
الأحمر
****************************
المراجع
المصدر : جريدة الأهرام 10/12/2008 السنة 133 العدد
44564 عن خبر بعنوان [ يحكي تاريخ القلاع والأسواق القديمة.. ويعيد إحياء وسط
سيناء التوثيق الأثري لطريق الحج القديم ] جنوب سيناء ـ من هاني الأسمر: