الرحمان أو الرحمــــن او الرحمنن
وأما عبادة "الرحمن" "رحمنن"، فهي عبادة توحيد، ظهرت من جزيرة العرب فيما
بعد الميلاد. وقد وردت كلمة "رحمنن"، أي "الرحمن"، في نص يهودي كذلك وفي كتابات
"ابرهة"، وردت في نصوص عربية جنوبية أخرى وفي نصوص عثر عليها في أعالي الحجاز.
وقد كان أهل مكة على علم بالرحمن، ولا شك، باتصالهم باليمن وباليهود. ولعلهم
استخدموا الكلمة في معنى اللّه. وإن ذكر علماء اللغة أو علماء التفسر أن اللفظة
لم تكن معروفة عند أهل مكة في الجاهلية.
وقد جاء في النص اليهودي المذكور: "الرحمن الذي في السماء واسرائيل وإلهَ
اسرائيل رب يهود". وقد حمل هذا النص بعض الباحثين على القول بأن العرب
الجنوبيين قد أخذوا هذه الكلمة وفكرتهم عن الله من اليهودية، وان فكرة التوحيد
هذه إنما ظهرت بتأثر اليهودية التي دخلت إلى اليمن. غير ان من الباحثين من رأى
خلاف هذا الرأي. رأى ان افتتاح النص بذكر الرحمن، ثم اشارته بعد ذلك إلى إلهَ
يهود،
تعليق من الموقع : لم يورد الدكتور جواد على المرجع الذى جاء فيه النص اليهودى السابق فلقد بحثنا عنه ولم نجد له أصل
وورود كلمة "الرحمن" في نص آخر يعود إلى سنة "468" للميلاد. كتبه صاحبه شكراً للرحمن الذي ساعده في بناء بيته: كل هذه وأسباب أخرى، تناقض رأي القائلين بأن عقيدة الرحمن عقيدة اقتبست من اليهود.
أشعار ورد فيها أسم الرحمن قبل الإسلام
وقد ذكر بعض علماء اللغة ان "الرحمن" اسم من أسماء الله مذكور في الكتب الأول،
وأن اللفظة عبرانية الأصل، وأما "الرحيم" فعربية. وذكروا ان "الرحمن" اسم مخصص
باللَه، لا يجوز أن يسمى به غيره. وقد أنشدوا للشنفرى أو لبعض الجاهلية
الجهلاء:
ألا ضربت تلك الفتاة هجينهـا *** ألا قضب
الرحمن ربي يمينهاْ
فيظهر من هذا البيت أن الشاعر كان يدين بعبادة الرحمن. ونجد مثل هذه العقيدة في
قول سلامة بن جندل الطهويّ:
عجلتم علينا عجلتينا عليكـم *** ومايشأ الرحمن يعقد ويطلق.
العرب الوثنيين كانوا يطلقون على أولادهم أسم عبد الرحمن
فإن ذلك يعني أن قوماً من الجاهليين كانوا يدينون بعبادة "الرحمن". ومما
يؤيد هذا الرأي ما ورد من أن بعض أهل الجاهلية سموا أبناءهم عبد الرحمن، وذكروا
أن "عامر بن عتوارة" سمى ابنه "عبد الرحمَن".
وقد وردت لفظة "الرحمن" في شعر ينسب إلى "حاتم الطائي" هو: كلوا اليوم من رزق
الإلهَ وأيسروا وإن على الرحمان رزقكم غـداَ
وحاتم من المتألهة، ويعده اليعض من النصارى و "الرحمن" نعت من نعوت الله في
النصرانية، من أصل "رحمونو"، Rahmono، فهل عبر شاعرنا بهذه اللفظة عن هذا
المعنى النصراني ؟
أهل مكة والرحمن
"وقد زعم بعضهم أن العرب لا تعرف الرحمن حتى ردّّ الله عليهم ذلك بقوله: قل
ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى. ولهذا قال كفّار
قريش يوم الحديبية لما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لعلي: اكتب: بسم
الله الرحمن الرحيم. فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم. رواه البخاري. وفي بعض
الروايات: لا نعرف الرحمن إلاّ رحمن اليمامة".
وذكر أن المشركين سمعوا النبيّ يدعو ربه، يا رينا الله ويا ربنا الرحمن، فظنوا
أنه يدعو إلهين، فقالوا: هذا يزعم أنه يدعو واحداً، وهو يدعو مثنى مثنى. وأن
أحدهم سمع الرسول يقول في سجوده: يا رحمن يا رحيم فقال لأصحابه: انظروا ما قال
ابن أبي كبشة دعا الرحمن الذي باليمامة. وكان باليمامة رجل يقال له الرحمان.
هل الرحمان هو مسيلمة الكذاب ؟
ولم يذكر أهل الأخبار شيئاً عن ذلك الشخص الذي زعموا انه كان يُعرف ب "رحملن
اليمامة". لكنهم ذكروا ان "مسيلمة الكذاب"، كان يقال له رحمان اليمامة. فهل
عنوا ب "رحمان اليمامة" مسيلمة نفسه، أم شخصاً آخر كان يدعو لعبادة "الرحمان"
قبله ? وورد ان قريشاً قالوا للرسول: "انا قد بلغنا انك إنما يعلمك رجل
باليمامة، يقال له الرحمن ولن نؤمن به أبدا". فنزل فيهم قوله: "كذلك أرسلناك في
أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا اليك، وهم يكفرون بالرحمن، قل
هو ربي لا إلهَ إلا هو عليه توكلت واليه متاب". وذكر بعض أهل الأخبار: كلن
مسيلمة بن حبيب الحنفي، قد تسمى بالرحمن في الجاهلية، وكان من المعمرين، وذلك
قبل أن يولد عبد الله أبو رسول الله.
وورد في بعض أقوال علماء التفسير ان اليهود قالوا: "ما لنا لا نسمع في القرآن
اسماً هو في التوراة كثير. يعنون الرحمان، فنزلت الاية".
ويرى المستشرقون ان عبادة "الرحمن" "رحمنن"، إنما ظهرت بين الجاهليين بتأثير
دخول اليهودية والنصرانية بينهم
وقد ذكر "اليعقوبي" أن تلبية "قيسى عيلان"، كانت على هذا النحو:
"لبيك اللهم لبيك، لبيك أنت الرحمان ، أتتك قيس عيلان، راجلها والركبان"
وأن تلبية عك والأشعرين، كانت: نحج
للرحمان بيتاً عجباً مستترا ًمغبباً محجباً
وفي التلبيتين المذكورتين دلالة على اعتقاد القوم بإلهَ واحد، هو الرحمان. ولم
ترد لفظة "الرحمان" إلاّ مفردة، فليس لها جمع، لأنها تعبير عن توحيد،
**************************************************************************************************************
الفقرة التالية للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل السبعون أَصنام الكتابات ص 736
ونقرأ في النصوص العربية الجنوبية اسم إله جديد، هو الإله "رحمنن"، أي
"الرحمن". وهو إله يرجع بعض المستشرقين أصله إلى دخول اليهودية إلى اليمن
وانتشارها هناك. وهذا الإله هو الإله "رحمنه" Rahman-a "رحمنا" في نصوص تدمر.
وورد في نص: "رحمنن بعل سمين" "رحمنن بعل سمن"، أي "الرحمن رب السماء"، أي انه
إله السماء. فصار في منزلة الإله "ذ سموى". ثم لقب ب "رحمنن بعل سمين وارضن"،
أي "الرحمن رب السماء والأرض" في نصوص أخرى. فصار إله السماوات والأرضين.
وقد نشر نص بالمسند، وردت فيه جملة: "الرحمن الذي في السماء واسرائيل رب يهود".
وهو نص، إن صح نقله عن الأصل بدقة وعناية، وإن صح انه نص صحيح غير مزيف، يشير
إلى تأثر صاحبه باليهودية وبعبارة الرحمن. وقد استشهد به من قرأه على تهود
صاحبه.
ويرد اسم الإله "بعل سمن" "بعل السماء" "بعل السماوات" في الكتابات الصفوية،
وفي كتابات تدمر، حيث ورد "بعل شمن" "بعل شمين"، وفي كتابات بعلبك، وفي كتابات
اللحيانيين. وقد ظهرت عبادته قبل الميلاد. ويظهر لذلك انه من الآلهة المعروفة
عند الساميين وعند العرب الشماليين قبل الميلاد، ومن الجائز ان يكون قد انتقل
إلى العرب الجنوبيين من العرب الشماليين.
الفقرة التالية للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل السبعون أَصنام الكتابات ص 737
في نص متأخر، يعود عهده الى ما بعد الميلاد، وورد معه اسم: "رحمنن بعل سمن"، أي "الرحمن رب السماء ". وقد أرخ النص بشهر "ذ دون" "ذ داون" "ذي دوأن" لسنة "574" من التأريخ الحميري. المقابلة لسنة "9 5 4" للميلاد.
****************************
إن معنى الرحيم أي بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن، فـ(الرحيم) نعت محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نعته تعالى بذلك فقال: رءوف رحيم فكأن المعنى أن يقول بسم الله الرحمن وبالرحيم، أي وبمحمد صلى الله عليه وسلم وصلتم إلي، أي باتباعه وبما جاء به وصلتم إلى ثوابي